مترجم: المثالية قد تدمر حياتك العملية.. فكيف تتحكم في الأمر؟

في الإثنين ٣٠ - سبتمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 لكن على الصعيد الآخر.. فالمثالية Perfectionism هي نزعةٌ يضع فيها الإنسان لنفسه معايير عالية للغاية لا يمكنه بلوغها، أو يمكنه بلوغها ولكن بصعوبة كبيرة.
 

أغلب الناس يعتبرون امتلاكهم لمعايير وطموحات عالية شيء جيد، فالسعي نحو المثالية سيظهرهم بأخلاق عمل راقية ويبرز قوة شخصياتهم، كما أنه سيدفعهم للوصول إلى أقصى درجات الأداء، لكن على الصعيد الآخر.. فالمثالية (Perfectionism) هي نزعةٌ يضع فيها الإنسان لنفسه معايير عالية للغاية لا يمكنه بلوغها، أو يمكنه بلوغها ولكن بصعوبة كبيرة.

كذلك فالمثاليّون يميلون إلى الاعتقاد بأنهم لا ينبغي عليهم أن يقعوا في أخطاءٍ على الإطلاق! بل إن الوقوع في الأخطاء سيجعلهم أشخاصًا سيّئين للغاية لأنهم أحبطوا غيرهم! وللأسف.. فإن التفكير بهذه الصورة سيجعل الوقوع في الأخطاء بالنسبة للمثاليين أمرًا مرعبًا، كذلك فالسعي نحو المثالية سيجعلهم يشعرون أغلب الوقت بالإجهاد والتعب، وأحيانًا الإحباط المتكرر لعدم استطاعتهم بلوغ معاييرهم العالية، ومع الوقت يتحول الأمر إلى شعور بالعجز وعدم القدرة على القيام بما يمكن للأشخاص العاديين فعله!

مترجم: تبحث عن الكمال في كل عمل تقوم به؟ غالبًا ستصيبك هذه الأمراض

نشر موقع «Anxiety Canada»، المتخصص في مساعدة الكنديين على تخطي القلق وما يتعلق به من اضطرابات نفسية أخرى، تقريرًا حول المثالية وخطوات لتتخلص من جوانبها التي تؤثر على حياتك سلبًا، وفيما يلي الترجمة الكاملة لنص التقرير:

الخطوة الأولى: تعلّم كيف تميّز المثالية في سلوكك!

«»هذه هي الخطوة الأهم، حيث تساعدك على اكتشاف ما إذا كانت لديك مشكلةً مع المثالية أم لا، وتذكّر أنه ليس من الخطأ امتلاك معايير عالية، ولكن عندما تكون معاييرك عالية للغاية، قد تكون هذه المعايير بالفعل عقبة كبيرة في حياتك الأسرية والدراسية والعملية وفي استمتاعك بحياتك عمومًا.

على أي حال.. إذا كنت لا تزال مترددًا فيم إذا كانت لديك مشكلة مع المثالية أم لا، فستساعدك الإجابة عن هذه الأسئلة:

– هل لديك مشكلة في بلوغ معاييرك الخاصة دائمًا؟

– هل تشغر غالبًا بإحباط، أو قلق، أو اكتئاب، أو غضب أثناء بلوغ معاييرك الخاصة؟

– هل أخبرك أحدهم من قبل أن معاييرك الخاصة عالية للغاية؟

– هل تعيقك معاييرك؟ مثال: هل تسبب معاييرك تأخير تسليم العمل في موعده؟

إذا كانت إجابتك «نعم» على أيًا من هذه الأسئلة، فربما يكون لديك مشكلة مع المثالية.

أمثلة لأنماط تفكير تصاحب المثاليّين

– الأفكار المتضادة: «أي شيء أقل من المثالي يُعتبر فشل». «إذا احتجت إلى المساعدة، فأنا ضعيف».

– التفكير الكارثي: «إذا أخطأت أمام زملائي في العمل، فلن أكون قادرًا على تحمل هذه الإهانة». «لا أستطيع أن أتعايش مع وجود أحد مستاءً مني».

– التفكير الاحتمالي: «بالرغم من أني قضيت طوال الليل في التحضير للعرض التقديمي، إلا أني أدرك أني لن أقوم بالعرض جيدًا»! «رئيسي في العمل سيراني كسولًا إذا طلبت يومين إجازة»!

– التفكير الإلزامي: «عليّ ألا أقع في أخطاءٍ أبدًا». «يجب ألا أشعر أبدًا بالقلقٍ أو التوتّر». «يجب عليّ أن أتوقع المشاكل قبل أن تحدث».

أمثلة لسلوكيات تصاحب المثاليّين

– التسويف المستمر وصعوبة في إنهاء المهمّات والانسحاب بسهولة.

– حذر بالغ أثناء القيام بالمهام، مثال: استغراق ثلاث ساعات في مهمّة تتطلب فقط 20 دقيقة.

– الفحص المفرط، مثال: قضاء 30 دقيقة لمراجعة بريد إلكتروني من الأخطاء قبل إرساله لرؤسائك.

– المحاولة الدائمة لتحسين الأشياء عن طريق إعادة عملها، مثال: كتابة ملف عمل عدة مرات حتى يصبح مثاليًا.

– التركيز على التفاصيل الصغيرة.

– القيام بكتابة قائمة مهمات واضحة ينبغي عملها.

– تجنّب القيام بأمور جديدة والمخاطرة بعمل أخطاء.

 

 

الخطوة الثانية: أسلحة فعالة لتتخلص من المثالية

الأداة الأولى: تغيير التفكير المثالي

1- التفكير الواقعي

لأن البالغين أصحاب المثالية غالبًا ما يكونون قساةً على أنفسهم، فمن أكثر الطرق المؤثرة للتغلب على مثاليتهم هي تبديل الأفكار المثالية أو الأفكار المؤذية للنفس بأفكار أكثر واقعية، وأفضل تأثيرًا، والتدرّب عليها بانتظام، حتى وإن لم تكن تعتقدها بعد. ولكن التكرار سيحول هذه الأفكار الواقعية الإيجابية إلى عادات لتساعد على إخفاء الكلام السلبي.

أمثلة لجمل إيجابية واقعية

– لا أحد كامل.

– لا أستطيع أن أبذل سوى قصارى جهدي.

– القيام بأخطاء لا يعني أنني غبيّ أو فاشل، إنه يعني فقط أنني كبقية الناس، فالجميع يقترفون الأخطاء.

– لا بأس في ألا أكون سعيدًا طوال الوقت، الكل يأتيهم يوم سيئ غالبًا.

2- النظر من زاوية أخرى

البالغون ذوو المثالية يميلون أيضًا إلى قضاء أوقات صعبة في النظر من وجهة نظر شخص آخر، لكنّهم لا يفكرون في كيف سينظر الناس عمومًا لنفس الأمر، كمثال: قد تفكر أنك كسولٌ لأنك قادر على التمرن لساعة واحدة فقط يوميًا بدلًا عن ساعتين، لكن عندما تفكر في النظر للأمور كما ينظر الناس عمومًا فذلك من المؤكد سيساعدك في تغيير المعتقدات الخاطئة.

بالعودة إلى مثال «أنا كسول»، فيمكنك مثلًا تحدي أفكارك بأن تطرح على نفسك هذه الأسئلة:

– كيف سينظر شخص آخر (أحد أصدقائك كمثال) إلى نفس الأمر؟ أغلب الناس مثلًا لن يعتقدوا أبدًا أنهم كسالى لأنهم لا يمارسون الرياضة ساعتين يوميًا.

– هل هناك طرق أخرى للنظر إلى الأمر؟ فعدم القدرة على التريض لمدة ساعتين يوميًا قد يكون مفهومًا بالنظر إلى جدولك المزدحم، فعدم القدرة على بلوغ معيارك لا يعني أنك كسول! أغلب الناس لا يمكنهم ذلك.

ماذا سأقول لصديقي المُقرّب إذا واجه الأمر نفسه؟ يمكنك أن تقول له «لا بأس بالتريض ساعة واحدة يوميًا أو أقل، فقط التريض بانتظام مرتين أو ثلاث أسبوعيًا سيكون كافيًا».

3- رؤية الصورة كاملةً

البالغون ذوو المثالية يميلون بطبعهم إلى الانغماس في التفاصيل ويقضون وقتًا طويلًا في القلق حول التفاصيل الصغيرة (كمثال: الخط الذي سيستخدمه في كتابة البريد الالكتروني)، إستراتيجية واحدة تساعدك على التخفيف من قلقك حول التفاصيل، وهي أن تسأل نفسك هذه الأسئلة:

– هل الأمر يستحق حقًا؟

– ما الأسوأ الذي قد يحدث؟

– إذا حدث الأسوأ، هل يمكنني أن أتخطاه؟

– هل الأمر سيظل يهمني غدًا؟ ماذا عن الأسبوع القادم؟ السنة القادمة؟

4- المساومة

وهي وسيلة تساعدك جزئيًا على التعامل مع التفكير المتضاد والذي سبق ذكره، فهي تشمل التقليل من معاييرك العالية مع مرونة أكثر في التعامل معها، كمثال: إذا كنت تعتقد أن اقتراف خطأٍ خلال عرض تقديمي يعني أنك أحمق! فمن الممكن أن تسأل نفسك: «أي مستوى من اللا مثالية يمكنني تحمله؟».

 

 

من هنا.. يمكنك المحاولة بتخفيض معاييرك وجعلها أكثر واقعية يمكنك تحمّلها؟ ولأن الأمر قد يكون مقلقًا خلال محاولتك الأولى لتقليل معاييرك، فيمكنك القيام بالأمر تدريجيًا، كمثال: الخطوة الأولى لكي تكون معاييرك أكثر واقعية أن تقضي ثلاث ساعات بدلًا عن خمس لإعداد عرضك التقديمي، كذلك السماح لنفسك بالخطأ في محاضرة من خمس محاضرات، كذلك أن يكون الأمر لا بأس به عندما يُعجب بأدائك أقل من خمسة أفرادٍ فقط!

وبمجرّد أن تكون مرتاحًا مع تقليل معاييرك ولو بدرجة بسيطة، يمكنك تقليلها أكثر فأكثر، فالخطوة القادمة كمثال أن تقضي ساعة واحدة فقط في الإعداد لعرضك التقديمي بدلًا عن ثلاث، أو السماح باقتراف خطأ واحد خلال محاضرة واحدة من اثنتين، أو عدم الاكتراث بم قد يعتقده الناس عن أدائك خلال العرض.

الأداة الثانية: تغيير السلوكيّات المثالية

وجود مشكلة مع المثالية تشبه كثيرًا امتلاك فوبيا من اقتراف الأخطاء أو كونك لست مثاليًا! ولذلك فإن مواجهة خوفك تدريجيًا وتحويله إلى سلوك ثابت من أكثر الطرق الفعالة للعلاج من الفوبيا، كمثال: الطريقة الأفضل للتغلب على فوبيا الكلاب هي قضاء الوقت تدريجيًا مع الكلاب، حتى يتعلم الفرد أن الأمر ليس مخيفًا وليس خطرًا كما كان يعتقد.

كذلك.. فإن تغلّبك على فوبيا اقتراف الأخطاء أو كونك لست مثاليًا تشمل القيام تدريجيًا بأخطاءٍ عنوةً، والمرور عليها كعدم كمال، هذه الطريقة تشمل أيضًا وضع نفسك تدريجيًا في مواقف غالبًا ما تتجنبها نتيجة لخوفك ألا تسير الأمور بصورة مثالية، وهذه بعض الأمثلة التي تساعدك على القيام بهذا الأمر:

– توجه إلى ميعادك اليوم متأخرًا بـ15 دقيقة!

– اترك مكانًا صغيرًا في منزلك غير مُرتّب!

– أخبر الناس عندما تكون متعبًا (أو مشاعر أخرى تعتبرها ضعفًا).

– ارتدِ قطعة من ملابسك بها عيب واضح!

– تعمّد السماح بعدّة مرات صمت غير مريحة مع زملائك في العمل.

– تعمّد امتلاك أموال قليلة عند ركوب سيارة أجرة.

– امنع نفسك من السلوكيات المتكررة التي تمنع المثالية، فمثلًا إذا كنت تميل إلى فحص الملفّات المكتوبة من الأخطاء بصورة مستمرة، فامنع نفسك من الفحص أكثر من مرة واحدة فقط، أو اسمح لنفسك بـ30 دقيقة مثلًا بدلًا من ساعتين في إعداد عرضك الذي لا يتجاوز 15 دقيقة.

– اقطع حبل أفكارك خلال عرضك التقديمي.

– أرسل خطاب أو بريد إلكتروني يحتوي على بضعة أخطاء.

– تكلّم في الاجتماع بصورة عفوية دون مراجعة ما ستقوله في عقلك.

– جرّب مطعمًا جديدًا دون البحث في مدى جودته.

في هذه الطرق، ستحتاج إلى ممارستها عدة مرات قبل أن تشعر بالراحة مع اقتراف الأخطاء، ولا تكن خائفًا إذا لم يصبك قلق في المرة الأولى، فهذا عادي ومتوقع، فقط استمر بالمحاولة وبتكرار هذه التمرينات بقدر المستطاع.

المزيد حول وضع معايير واقعية

هل تخشى تقليل معاييرك لأنك قلق من ترك معايير كثيرة تذهب سدى؟ ومن اقتراف الأخطاء طوال الوقت؟ هذه بعض التعليمات التي تساعدك في التقليل من مخاوفك.

– تذكر أن تقليل معاييرك لا يعني إطلاقًا عدم امتلاك معايير من الأساس

فالهدف ألا تصبح أبدًا غير مبالٍ بأمور الحياة، وألا يكون أداؤك ضعيفًا طوال الوقت، المعايير الواقعية هي معايير ستساعدك وتدفعك لبذل قصارى جهدك بدون أن تكلفك أشياء قد تكون مكلّفة بالنسبة إليك، مثل الحياة الأسرية، والصحة العقلية والجسدية، وكذلك وقت المرح.

وإذا كنت تشعر بالتردد حول تقليل معاييرك، أو بعدم التأكد ما إذا كان ينبغي عليك تقليل معايير معيّنة، فمن الجيّد أن تكتب قائمة بتكلفة وعواقب تقليل هذه المعايير، وضع هذه التكلفة في الحسبان سيساعدك على اتخاذ الخطوات الشجاعة نحو التغيير.

– من الجيّد أن تطلب المساعدة

في بعض الأحيان.. يكون من الصعب معرفة كم عليك تقليل معيار غير واقعي لدرجة أكثر واقعية، لذلك سيساعدك أن تسأل شخص داعمًا لك – ليس لديه مشكلة مع المثالية – على وضع معايير جديدة وواقعية.

 

 

الأداة الثالثة: التغلّب على التسويف

العديد ممن يعانون من المثالية غالبًا ما يتأقلمون مع خوفهم من ارتكاب الأخطاء عن طريق التسويف، فعندما تضع معايير مثالية لك. أحيانً يكون من الأسهل أن تؤجل تنفيذ المهمّة على أن تقضي ساعات معدودة في تنفيذها، كمثال: قد تجد منزلك فوضويًا دائمًا بالرغم من أنك لديك معايير عالية للغاية من النظافة والتنظيم، أو قد تؤجل كتابة تقرير عمل فقط لأنك خائف ألا تكتبه بالشكل الأمثل، أو أنك قلق للغاية من حجم العمل الذي عليك أن تبذله في عملٍ ما لكنك لا تدري من أين تبدًا.

على أي حال، التسويف هو حلٌ مؤقت فحسب، وبه تميل إلى الشعور بقلقٍ أسوأ طوال الوقت، لذلك إليك هذه الطرق التي تساعدك في التغلب على التسويف:

عمل جداول زمنية واقعية

قم بتكسير المهمّات الأكبر إلى خطوات يمكنك إدارتها وتنفيذها، فمثلًا قم بكتابة أهدافك على تقويمك اليومي وكذلك الموعد النهائي والعمل الذي ستقوم به مع وضع أهداف صغيرة طوال الطريق، وقد يساعدك أيضًا أن تقرر كم من الوقت ستقضي لتنفيذ كل مهمّة، ولا تنسَ مكافأة نفسك عند بلوغ كل هدف، ولا تنسَ أن الهدف هو إتمام المهمّة، وليس جعلها مثالية.

ترتيب الأولوّيات

المثاليّون أحيانًا يواجهون مشكلة في اتخاذ قرار في أي موضعٍ عليهم أن يبذلوا فيه قصارى جهدهم، لذلك رتّب مهمّاتك بمعرفة أيّهم أكثر أهميةً للتنفيذ وأيّهم أقل أهمّية، لا بأس في النهاية إذا لم تبذل 100% من كل مهمّة.

الخطوة الثالثة: كافئ نفسك

إنه لعملٌ شاق أن تواجه مخاوفك وأن تغيّر طرقك القديمة في التعامل مع الأمور، لذلك احرص دائمًا على استغلال الوقت لكي تكافئ نفسك لمجهودك الشاق الذي بذلته، هذه المكافأة قد تكون الخروج من أجل وجبة لذيذة، أو من أجل نزهة قصيرة، أو الخروج مع الأصدقاء، أو قضاء بعض الوقت للراحة فحسب.

اجمالي القراءات 510