الأرض التي يتبرأ منها الجميع.. قصة منطقة بير طويل التي ترفض مصر والسودان ضمها

في الإثنين ٠٩ - سبتمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

تعودنا دائماً أن تتصارع الدول على قطعة أرض حدودية بينهما، إلا مصر والسودان كلتاهما تتبرأ من منطقة تقع بينهما تدعى بير طويل أو الجبل الأصفر، ويقول كل طرف إنها ليست ملكاً له بل ملك للآخر.

فما هي قصة بير طويل ولماذا يتبرأ منها الجميع وما هي علاقتها بحلايب وشلاتين؟

أين تقع؟، وما وضعها القانوني؟

بير طويل (بئر طويل) منطقة صغيرة المساحة بين مصر والسودان تماثل شبه منحرف، ضلعه الطويل هو حدها الشمالي الذي يتماس مع خط عرض 22° شمالاً بطول 95 كم، وضلعها الجنوبي طوله 46 كم، ويتراوح طولها من الشمال إلى الجنوب ما بين 31 كم و26 كم ومساحتها 2060 كم².

وهي تقع جنوب خط عرض 22 شمالاً الذي يطابق الحدود السياسية بين مصر والسودان، وفقاً للتفسير المصري الذي ترفضه الخرطوم.

لفهم الطبيعة الغريبة لبير طويل يجب فهم التاريخ المشترك لمصر والسودان، والأهم أزمة حلايب وشلاتين.

كان السودان تابعاً إدارياً لمصر بعد فتوحات أسرة محمد علي التي وصلت لذروتها في عهد الخديوي إسماعيل، ولكن مصر نفسها أصبحت خاضعة للحكم البريطاني عام 1882، الذي استعاد السيطرة على السودان بعد القضاء على الثورة المهدية، لتبدأ مرحلة الحكم الثنائي البريطاني المصري للسودان، علماً بأنه كان واقعياً استعماراً بريطانياً للبلدين.

في 1899 حددت سلطات الاحتلال البريطاني خط العرض 22 شمالاً بأنه الحدود السياسية بين مصر والسودان.

أي أنه وبحكم «اتفاقية السودان«، الموقعة عام 1899 بين مصر وبريطانيا (باعتبارهما قائمتين على الحكم الثنائي في السودان آنذاك)، أُطلق لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوبي دائرة عرض 22 شمالاً، وتسند مصر لتلك الاتفاقية في إقرار سيادتها.

ولكن حدث تغيير سيثير الخلاف لمدة مائة عام قادمة وأكثر.

ففي عام 1902، أصدر ناظر الداخلية المصري آنذاك، وزير الداخلية قراراً بالتبعية الإدارية لمنطقة حلايب وشلاتين التي تقع شمال خط عرض 22 للسودان لأن سكان تلك المنطقة في ذلك الوقت كانوا امتداداً لجماعات يتمركز أغلبها في السودان.

 كما تضمن القرار أن التبعية الإدارية لبير طويل التي تقع جنوب خط عرض 22 تؤول لمصر لأنها كانت في ذلك الوقت مرعى لجماعة من قبائل العبابدة يتمركزون قرب أسوان.

يستند السودان لهذا القرار في ادعائه بأحقية حلايب وشلاتين، بينما ترد مصر، بأن القرار كان لأبعاد إنسانية لتسيير حياة قاطني المنطقة، ولا يترتب على إدارة عارضة لفترة أي سيادة، كانت لظروف محددة.

ولكن ما علاقة حلايب وشلاتين بالوضع الغريب لبير طويل؟

بالعودة للتاريخ فإن القرار الذي منح السودان السيطرة الإدارية على حلايب وشلاتين هو ذاته الذي منح مصر السيطرة الإدارية على بير طويل.

أي أن اعتراف أي من الدولتين بتبعية بير طويل لها يعني تخليها عن أحقيتها في حلايب وشلاتين.

حلايب وشلاتين كانت دائما سبباً للتوتر بين مصر والسودان/رويترز

تتمسك مصر بحدود عام 1899 السياسية الممثلة في خط عرض 22° شمالاً، وهو ما يضع مثلث حلايب داخل الحدود المصرية ويضع بير طويل داخل الحدود السودانية، بينما يطالب السودان باتفاقية الحدود الإدارية لعام 1902 وهي التي تضع مثلث حلايب داخل الحدود السودانية وتضع بير طويل داخل الحدود المصرية.

وبالمقارنة بين المنطقتين سنجد أن حلايب وشلاتين أكبر وأهم من بير طويل.

إذ تبلغ مساحة بير طويل عُشرَ مساحة مثلث حلايب وهي أرض داخلية منعزلة غير مأهولة بعيدة عن البحر الأحمر عكس حلايب وشلاتين التي تقع على البحر، والمنطقتان تتماسان في نقطة واحدة.

أرض الملوك الزائفين

نظراً للحالة الفريدة لبير طويل التي تجعلها المنطقة الوحيدة في العالم على الأرجح غير التابعة لأي دولة، فإنه كل بضعة أعوام يعلن مغامر أنه قد أسس دولة في بير طويل، آخرهم السيدة نادرة ناصيف، وقبلها جرمايا هتون الذي أعلن في 2014 ابنته إميلي أميرة بير طويل.

ونادرة ناصيف سيدة أمريكية من أصل لبناني، أثارت جدلاً واسعاً بعد أن أعلنت، قيام ما أسمته «مملكة الجبل الأصفر» بالمنطقة، وسط صمت رسمي من مصر والسودان.

وفي مقطع فيديو متداول تبلغ مدته نحو 6 دقائق -لم يتسن التأكد من صحته من مصدر مستقل- نصَّبت السيدة نادرة عواد ناصيف، نفسها رئيسة وزراء تلك المملكة، من مدينة أوديسا في أوكرانيا، بعد «قمة» قالت إنها عقدت هناك لإعلان المملكة.

وفي كلمتها، قالت ناصيف التي كانت تتحدث بالعربية، إن: «مملكة الجبل الأصفر ستكون دولة نموذجية.. لأن قضيتنا وضع حل لأزمة النازحين والمهجرين سنحقق حلم كل عربي يفكر عن سبيل لمساعدة المهجرين».

ولم توضح ناصيف تفاصيل القمة التي عقدت في أوكرانيا بإعلان قيام المملكة المزعومة، أو الملك الذي سيتم تنصيبه، ولا المسؤولين عنها.

وأعلنت ناصيف عبر حسابها -غير الموثق- بتويتر «استقبال طلبات المواطنة»، مشيرة إلى وجود «إجراءات وشروط رسمية أساسية سوف يتم الإفصاح عنها خلال أيام».

اجمالي القراءات 2172