تجار الحرب.. ماذا تعرف عن «اقتصاديات الصراع» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

في السبت ٢٠ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

لم يكن الصراع متكررًا أو عنيفًا في أي مكان في العالم على مدى السنوات الخمسين الماضية كما كان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ فقد شهدت دول المنطقة في المتوسط شكلًا من أشكال الحرب كل ثلاث سنوات، ونادرًا ما يمر يوم الآن دون وقوع أعمال عنف أو حدوث معاناة إنسانية واسعة النطاق أو حتى دمار كبير.

ناهيك عن الآثار الاقتصادية المدمرة لهذه الصراعات، سواء في شكل تدهور الإنتاج، أو تراجع الاستثمار، أو انخفاض النمو. والتداعيات غير المباشرة على البلدان المجاورة، مثل: الأردن، ولبنان، وتونس، التي تستضيف عددًا غير مسبوق من اللاجئين، وتعاني في الوقت ذاته من تقويض حركة التجارة والسياحة وتدهور الأوضاع الأمنية.

لتفسير موجة العنف التي ضربت المنطقة على مدار العقدين الماضيين، ركز معظم الباحثين والمحللين والصحافيين وحتى صناع السياسات على الدوافع الأيديولوجية والعوامل المرتبطة بالهوية. لكن على الجانب الآخر من الصورة لا تزال العوامل الاقتصادية تؤجج الصراعات في العراق، وليبيا، وسوريا، واليمن، وتسهم في إطالة أمد الحرب، وزيادة المعاناة الإنسانية.

صحيحٌ أن بعض المجموعات تقاتل من أجل الترويج لهوية معينة أو الدفاع عن أيديولوجية بعينها، إلا أن هناك مجموعات أخرى تقاتل من أجل البقاء الاقتصادي أو الإثراء المالي. وبدون سبر أغوار هذه الدوافع، الفردية منها والجماعية؛ يتعذر فهم الصراعات التي اجتاحت هذه الدول، ناهيك عن الخروج من دوامة العنف التي ضربت المنطقة.

أضف إلى ذلك اختلاط الدوافع الأيديولوجية والاقتصادية لدى العديد من الجهات الفاعلة، حتى بات الفصل بين «الجشع» و«المظالم» أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا. وحتى إذا لم تكن الدوافع الاقتصادية هي التي قدحت زناد الحروب في العراق، وليبيا، وسوريا، واليمن في بادئ الأمر، فمن الجليّ أن هذه العوامل أصبحت تلعب الآن دورًا حاسمًا في استمرار القتال المفتوح وتأجيج العنف المحلي.

مخاطر النظر إلى تطورات الصراع من عدسة الطائفية

طالما يُنظَر إلى التطورات في هذه الدول من خلال عدسة السياسة الإثنية الطائفية، ويولَى اهتمام كبير في ليبيا لتطور الحركات الإسلامية والسلفية الجهادية منذ عام 2011، ويُفَسَّر الصراع في العراق منذ عام 2003 على أنه معركة طائفية بين الشيعة والسنة؛ فإن بعض الحقائق المهمة والتي من أبرزها الدوافع الاقتصادية، ستتوارى على الأرض.

هذا ما يُفَصِّله تقرير نشره «المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)» في يونيو (حزيران) 2019، استنادًا إلى عمل ميداني وتحليل متعمق استمر لمدة 18 شهرًا، من يوليو (تموز) 2017 وحتى فبراير (شباط) 2019، شارك فيه تيم إيتون، وكريستين تشينج، وريناد منصور، وبيتر ساليزبري، وجهاد يازجي، ولينا خطيب.

بيد أن هذا الاختزال ليس حِكرًا على صراعات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل كانت الهوية أيضًا محور التحليلات السائدة للحروب الأهلية في التسعينيات، سواء عقب التطهير العرقي في يوغوسلافيا السابقة، والإبادة الجماعية في رواندا، ونهاية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والنزاعات العشائرية في الصومال.

على النقيض من ذلك، أكدت دراسة اقتصاديات الحرب الكميّة، التي تطورت لاحقًا في أواخر التسعينات وأوائل العقد الأول من القرن العشرين، أن الدوافع الاقتصادية – خاصة في المناطق الغنية بالموارد – وليس الهويات الجماعية، يمكن أن توفر تفسيرًا أوضح لبداية الصراع المسلح، وبالتالي حلولًا أنجع لإنهاء الحرب.

تأثير التباينات الديموجرافية والتنموية على اقتصاديات الصراع

لدى العراق وليبيا وسوريا واليمن إرث من الحكم الديكتاتوري المزمن الذي يضرب بجذوره في التاريخ حتى حقبة الستينات، وقد لعبت هذه الموروثات الاستبدادية دورًا مهمًا في تشكيل الصراعات السياسية والاقتصادية الحالية.

لكن هناك اختلافات كبيرة في حجم السكان بين العراق (38.27 مليون في عام 2017) وليبيا (6.38 مليون في 2017) وسوريا (18.27 مليون في 2017 – أقل من 21.96 مليون في 2011) واليمن (28.25 مليون في 2017).

كذلك يختلف مدى تأثر السكان المحليين في كل بلد بالصراع العنيف مباشرة اختلافًا ملحوظًا؛ حيث تأثر أكثر من 90% من السوريين مباشرة بالنزاع، بينما انخفضت هذه النسبة في اليمن والعراق إلى حوالي 55%، وفي ليبيا إلى 10%، وفقًا لتقديرات البنك الدولي لعام 2016.

وبينما يمر النزاع في كل بلد من الدول الأربعة بمراحل مختلفة في هذه الأثناء، توجد اختلافات كبيرة في مؤشرات التنمية (حلت ليبيا في المرتبة 108 من بين 189 دولة في عام 2017، وحل العراق في المرتبة 120، وسوريا في المرتبة 155 واليمن في المرتبة 178) والتباينات في البنية الاقتصادية (بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا الغنية بالنفط 5.978 دولار في عام 2017، بينما في العراق كان 5.017 دولار، ولأن سوريا واليمن لا تمتلكان موارد طبيعية بالحجم ذاته، فقد بلغ إجمالي الناتج المحلي للفرد في الأولى 910 دولارات فقط، وفي الثانية 1.106 دولارا).

كان لهذه الاختلافات تأثير كبير على طبيعة اقتصاديات الصراع في الدول الأربع؛ ذلك أن عائدات النفط هي المصدر السائد في العراق وليبيا، أما في سوريا واليمن، فقد أجبر نقص التمويل المجموعات المتنافسة على تبني مجموعة من استراتيجيات المواجهة، والبحث عن موارد بديلة، لا سيما من الجهات الفاعلة الخارجية.

والمقصود باقتصاديات الصراع: «مجموعة التركيبات الاقتصادية التي تنشأ في فترات النزاعات المسلحة، وتستمر حتى بعد انتهائها»، على حد قول لورانت غوتشل، مدير «المؤسسة السويسرية للسلام»، أو بشكل أكثر تحديدًا: «الأموال التي تأتي من تجارة السلاح والتعاملات المرتبطة بالحروب، مثل الإتجار في المواد الخام أو السلع الضرورية؛ استغلالًا للظروف الصعبة التي تمر بها تلك الدول أو المناطق»، بحسب تعريف جونتر باختلر، خبير منع النزاعات في «الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية».

اقتصاد الصراع في العراق

العراق هو الدولة الأكثر اعتمادًا على النفط في العالم؛ ففي عام 2015، استحوذ قطاع النفط والغاز على 58% من الناتج المحلي الإجمالي العراقي، و99% من صادرات البلاد، وأكثر من 90% من إيرادات الحكومة المركزية.

وفي حين يتمتع القادة السياسيون بعلاقات مع الجماعات المسلحة التي تجمع الإيجارات والضرائب من المهربين ورجال الأعمال غير الرسميين، تستغل الأحزاب السياسية السائدة (الشيعية والسنية والكردية) علاقاتها بهذه الجماعات المسلحة التي تضفي عليها الدولة نوعًا من الشرعية – مثل البشمركة الكردية، والحشد الشعبي، والقوات القبلية – لإحكام قبضتها على اقتصاد الصراع.

كما انخرط تنظيم الدولة في ممارسات اقتصادية مشابهة لتلك التي بدأت خلال العهد البعثي، حتى أنه وظف العديد من الخبراء الموالين للنظام البعثي مستشارين اقتصاديين. وبحلول عام 2014 أصبح التنظيم «أغنى منظمة إرهابية في التاريخ»، بعد احتلال ما يقرب من ثلث أراضي العراق في غضون أشهر وأضحى حجم أعماله السنوي يعادل ملياري دولار.

هذه الشبكات الاقتصادية ليست صنيعة «تنظيم الدولة»، بل تمتد جذورها إلى فترة ما بعد الحرب بين إيران والعراق، وكل ما فعله التنظيم هو السيطرة على بيئة التشغيل، وتوظيف البعثيين والتجار ذوي الخبرة في استخدام طرق التهريب والتجارة.

ومنذ انهيار التنظيم توزعت السيطرة على هذه الشبكات بين القوى التي شاركت في هزيمة «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)»؛ الحشد الشعبي والبشمركة والقوات القبلية وأفراد القوات المسلحة بوزارتي الدفاع والداخلية، وتحوَّلت موارد التجارة والتهريب إليهم.

اقتصاد الصراع في ليبيا

يعتمد الاقتصاد الليبي اعتمادًا كبيرًا على المواد الهيدروكربونية؛ فقد استحوذت مبيعات النفط والغاز على نحو 96% من إيرادات الدولة في عام 2013؛ مما ترك الاقتصاد معرضًا بدرجة كبيرة للتقلبات الدولية في أسعار النفط والغاز.

اللاجئين

تضافرت هذه التقلبات مع عرقلة إنتاج النفط نتيجة الحصار الكبير على الحقول الشرقية لإحداث فجوة بين الإنفاق الحكومي وإيرادات الدولة. ولتغطي الدولة هذا العجز؛ لجأت إلى احتياطي العملات الأجنبية، لكنها في الوقت ذاته أدت إلى انخفاض احتياطات ليبيا من 115 مليار دولار في عام 2011 إلى حوالي 75 مليار دولار في عام 2017، وفقًا لبيانات البنك الدولي.

ولأن توزيع معظم ثروات ليبيا من النفط والغاز يمر عبر القنوات الرسمية؛ أصبحت السيطرة على الدولة نفسها هي الهدف الرئيس للجهات الفاعلة المتنافسة، وأضحت معظم الجماعات المسلحة مدرجة على قوائم الرواتب التي تدفعها الدولة.

وباتت آثار اقتصاد الصراع واضحة في ميزانية ليبيا لعام 2018، فقد شكلت رواتب القطاع الحكومي 57% من الميزانية (باستثناء إنفاق السلطات المنافسة في شرق البلاد)، مقارنة بنحو 17% في عام 2010، قبل الإطاحة بنظام القذافي.

حتى نظام الدعم السخي للوقود الذي تتبناه ليبيا؛ طالته يد الاستغلال، فنهبت حوالي ثلث المنتجات النفطية المكررة من شبكة توزيع الوقود الرسمية، وفقًا لديوان المحاسبة الليبي، ما كلف الدولة 5 مليار دينار (3.3 مليار دولار)، حسب تصريح رئيس مكتب تحقيقات النيابة العامة في يناير (كانون الثاني) 2017، وهي الأنشطة التي أصبحت الجماعات المسلحة على الساحل الشمالي الغربي ضالعة فيها بشكل مباشر.

ولمَّا صلت إيرادات تهريب البشر ذروتها في عام 2016، في حدود مليار دولار، وفقًا لتقديرات «تشاتام هاوس»، أصبح مهربو البشر مضطرين لدفع أموال للجماعات المسلحة مقابل الحماية، أو سداد رسوم على حركة الأفراد، وهو ما يمثل أيضًا شكلًا مهمًا من أشكال الدخل للجماعات المسلحة في جنوب ليبيا.

اقتصاد الصراع في سوريا

قبل الصراع، كان الاقتصاد السوري من بين أكثر الاقتصادات تنوعًا في الشرق الأوسط؛ بالاعتماد على مزيج من القطاعات مثل الطاقة والزراعة والتجارة والنقل والصناعة.

لكن الصورة اختلفت بعد سنوات من الصراع العنيف؛ فأصبحت الخدمات الحكومية والزراعة مجتمعة تسهم الآن بنسبة تصل إلى 47% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ30% في عام 2010، بينما تسهم صادرات النفط، التي كانت تمثل حصة كبيرة من الإيرادات الحكومية (حوالي ثلث ميزانية عام 2010) وإيرادات العملات الأجنبية (حوالي 25%)، في الاقتصاد الآن بنسبة أقل بكثير مما كانت عليه في الماضي، وأدى الصراع كذلك إلى انخفاض كبير في إيرادات الصادرات، التي انخفضت من 13 مليار دولار في عام 2010 إلى أقل من 900 مليون دولار في عام 2017.

وتراجع الناتج المحلي الإجمالي في سوريا إلى 25 مليار دولار، أي أقل من نصف مستواه (60 مليار دولار) في عام 2010، وفق تقدير تم تقدير «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (ESCWA)» في عام 2016.

وبنهاية عام 2016 كانت سوريا قد تكبدت خسائر اقتصادية إجمالية تقدر بحوالي 328 مليار دولار. وبينما لا تعكس هذه الأرقام نبض العنف على أرض الواقع، إلا أنها توفر لمحة سريعة عن مدى تأثر سوريا الشديد نتيجة الصراع.

وتقلصت ميزانية الحكومة السورية بشكل كبير في الأعوام السبعة الماضية، من حوالي 18 مليار دولار في عام 2011 إلى 9 مليارات دولار في عام 2018. وكانت النفقات الحكومية الفعلية أقل من ذلك؛ حيث أنفقت نصف الميزانية فقط في السنوات الأخيرة.

لتغطية هذا النقص في التمويل، وفَّر النظام للشخصيات الموالية إمكانية الوصول إلى العقود الحكومية والأراضي والاستيراد والتصدير في مقابل الحصول على الدعم المالي والعسكري، وهو ما مكَّن الأفراد (حتى الأشخاص المقيمين في لبنان) من تجاوز العقوبات الغربية.

ومن أجل الوصول إلى الموارد في المناطق التي لم تعد خاضعة لسيطرة النظام؛ جندت الحكومة وسطاء جدد لإدارة العلاقات مع (داعش) وغيره من المجموعات المسلحة، لضمان تدفق إمدادات ثابتة من الطاقة والمنتجات الغذائية من الشمال الشرقي.

وأطلق النظام يد ميليشياته لنهب المناطق التي استولت عليها من المعارضة، واستغل المساعدات الإنسانية، التي بلغت نحو 2.2 مليار دولار في عام 2018، لتعويض النقص في التمويل والإمدادات، ولضخ أموال في شرايين الشركات المملوكة للدولة.

في المقابل أصبح الاختطاف بهدف الحصول على فدية من المصادر الهامة لإيرادات الجهات الفاعلة الإجرامية. ولا غروَ أن تُحَوِّل الحرب الموارد المالية بعيدًا عن الاقتصاد الرسمي إلى الاقتصاد غير الرسمي، وإن تراجعت أنشطة مثل النهب والخطف والاتجار في الآثار بموازاة انخفاض حدة الصراع.

اقتصاد الصراع في اليمن

كان اقتصاد اليمن قبل الصراع يعتمد على مبيعات النفط والغاز، التي شكلت ما يقرب من 70% من عائدات الدولة في عام 2014. لكن الناتج المحلي الإجمالي انخفض إلى النصف منذ ذلك الحين، وبات أكثر من 80% من الشعب يعيشون تحت خط الفقر.

ومع ذلك، أفرزت المنافسة العنيفة بين الجهات الفاعلة المختلفة نشاطًا اقتصاديًا صاخبًا منذ عام 2014؛ إذ يتعاون الخصوم في الظاهر مع بعضهم البعض تحت الطاولة لتسهيل التجارة المشروعة وغير المشروعة. حتى أن تجارة الأسلحة ازدهرت بين جانبي الصراع، وباتت الأسلحة التي يوفرها التحالف بقيادة السعودية تعرض للبيع في أسواق الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون. ومثلما يتداول القات بحرية عبر الحدود الداخلية، يتوفر الحليب والعصائر القادمة من السعودية في أسواق صنعاء.

في الوقت ذاته خاض الحوثيون والحكومة اليمنية معركة للسيطرة على المؤسسات التي تدير الاقتصاد اليمني، وأهمها البنك المركزي. وحين سيطر الحوثيون على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، أحكموا سيطرتهم على مؤسسات الدولة الرئيسة، خاصة تلك التي لديها تدفقات مالية يمكن استخدامها لدعم المجهود الحربي.

وسعى الحوثيون مؤخرًا للسيطرة على روافع الاقتصاد اليمني الرئيسة، بما في ذلك قنوات استيراد وتوزيع السلع الأساسية، خاصة الوقود، عن طريق التجار، مع منح امتيازات خاصة للقيادة الحوثية، التي استولت أيضًا على الأصول، وأجبرت الشركات على دفع ضرائب باهظة إلى سلطات الأمر الواقع في صنعاء.

لا يوجد نشاط تجاري في مأمن، سواء في القطاعات ذات الدخل المرتفع مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والأدوية أو السوق المحلية حيث تباع الفواكه والخضروات والقات. وبمرور الوقت تعلم رجال الأعمال داخل اليمن وخارجه أنهم بحاجة إلى تطوير علاقات تجارية مع القيادة السياسية أو العسكرية، لتسيير أعمالهم.

ودشن التجار المحليون علاقات مربحة مع قيادات الجيش؛ لتوفير الوقود والغذاء والنقل. وتشير التقارير إلى أن هؤلاء التجار، وكذلك القادة العسكريين المحليين، يضخّمون قيمة هذه العقود لتحقيق مكاسب شخصية، فيما تباع المواد الغذائية والوقود إلى السوق المحلية بأسعار مرتفعة، غالبًا لصالح الحوثيين.

دور السياسات الغربية في تشكيل ديناميات الصراع

عبر أشكال مختلفة من المشاركة والتدخل- الأمني والسياسي والإنساني- تلعب السياسات الغربية دورًا رئيسيًا في تشكيل ديناميات اقتصاديات الصراع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

عند استكشاف تأثير هذه السياسات، خلُصَ تقرير «تشاتام هاوس» إلى أن «الأطراف الخارجية – الدول الغربية والمنظمات الدولية – لا تقوم بدور محايد أو خيري في حروب العراق، وليبيا، وسوريا، واليمن، كما تروج لنفسها».

وفي العديد من الحالات، دعمت الدول الغربية فاعلًا بعينه، أو مجموعة من الفاعلين؛ بغرض مساعدة طرف واحد على الفوز، بدلًا عن السعي لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع.

نتيجة لذلك غالبًا ما تترجم أهداف السياسة الغربية إلى انتصار أو تسوية تصب في مصلحة الفريق الذي تفضله على الأرض، لكن النهج الليبرالي المتمثل في التعاون مع أمراء الحرب لنزع فتيل الصراع يتسامح مع الأنشطة الإجرامية باعتبارها عرضًا جانبيًا حتميًا (ماذا كان بمقدور الدولة البوسنية فعله بدون الدور الذي لعبه المقاتلون وتجار السوق السوداء ومنتهكو حظر الأسلحة؟)، ويتجاهل حقيقة أنه لا يمكن القضاء على الأعمال غير المشروعة التي نبتت أثناء الصراعات على الفور بعدما تضع النزاعات أوزارها.

 

اجمالي القراءات 1875