اقتلوهم حرمونا من العطلة"... فيديو صادم للقوات الأمنية في السودان

في الأربعاء ٠٥ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

المجلس العسكري الانتقالي وتجمع المهنييين في السودان يعلنان وقف التفاوض بعد يوم من فض قوات الأمن بالقوة اعتصام المحتجين أمام مقر القيادة العامة مما أدى لسقوط أكثر من 30 قتيلا. فمن يتحمل مسؤولية العنف؟ وإلى أين يسير السودان؟

فيديو صادم للقوات الأمنية في السودانمصدر الصورةTWITTER

لا تزال الصدمة تخيم على الشارع السوداني بعد فض الاعتصام، وهذا ما عكسته تعليقات رواد مواقع التواصل التي غلبت عليها سمة الخوف من المستقبل وما قد يحمله من تهديد لحراكهم.

برز شعار "#مدنية_خيار_الشعب" خلال أغلب الاحتجاجات التي جابت شوارع السودان يوم الاثنين، قبل أن يتحول إلى هاشتاغ رافق معظم تغريدات الناشطين، ومنشورات المتضامنين معهم عبر العالم.

كما أعاد مغردون تفعيل هاشتاغات قديمة من قبيل #مدن_السودان_تنتفض و #تسقط_تالت ، أكدوا من خلالها إصرارهم على مواصلة الاحتجاجات حتى تسلم السلطة للمدنيين.

وتبين مقاطع مصورة صادرة من السودان أن المحتجين ظلوا متمسكين بحراكهم رغم فض الاعتصام، إذ نشروا المتاريس وأغلقوا الطرق استعدادا للخروج في مظاهرات كبيرة بعد صلاة العيد.

وتحدى كثيرون انقطاع الإنترنت باللجوء لوسائل بديلة لإيصال صوتهم للعالم وكسر ما وصفوها بمحاولات المجلس العسكري بتغييب العالم عما يحدث في السودان.

عصي وسياط

وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي يوم الاثنين بفيديوهات تظهر حالة الخوف والهلع التي صاحبت الساعات الأولى لفض الاعتصام.

وأظهر أحدها شيخا مسنا وهو يحاول الهرب من سياط عناصر أمنية أجبرته على ترديد شعارات مناوئة للحراك وتشيد بالمجلس العسكري. وحاول الشيخ مقاومة العصي والسياط التي انهالت على جسمه قبل أن يسقط على الأرض.

ويكشف مقطع آخر رجلا بزي عسكري وهو يحث زميله على إطلاق النار على المتظاهرين لأنهم "حرموهم من عطلتهم الأسبوعية".

في حين وثق مقطع آخر حوارا بين سيدة سودانية وأحد عناصر الجيش. فتسأله السيدة أنا أختك هل ستحميني؟ لكن العسكري رد عليها بإطلاق الرصاص فولت السيدة هاربة وهي تردد قائلة: لقد انتهى الجيش انتهى!

كما تحدثت تغريدات البعض عن تعرض فتيات للتحرش. ولم تتمكن بي بي سي من التأكد من صحتها.

وأحالت كل هذه المقاطع المصورة المغردين إلى التساؤل عن المسؤول عن هذه التطورات "الخطيرة"، هل هي القوات الأمنية والمجلس العسكري أم أن قوى التغيير تتحمل جزءا مما حدث؟

من المسؤول: الجنجاويد أم القوى السياسية؟

أنحى قطاع واسع من المدونين السودانيين باللائمة في تدهور الأوضاع على المجلس العسكري و"الجنجاويد" قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي، والتي كانت تعد سابقا أحد أبرز دعائم النظام السابق.

وتداول نشطاء فيديوهات قالوا إنها تظهر عناصر من قوات الدعم السريع وهي تضرب وتنكل بالمحتجين.

ويرى قطاع واسع من الناشطين أن المجلس العسكري يسعى للاستحواذ على السلطة بأساليب نظام البشير القمعية معتمدا على قوات الجنجاويد في فض الاعتصامات وترهيب الناشطين.

لذ يطالب الكثير منهم بحلها محذرين من "خطورتها على الأمن والاستقرار في البلاد".

وتشكلت النواة الأساسية لقوات الدعم السريع "الجنجاويد" من أبناء إقليم دارفور، وأسندت إليها مهام قتال الحركات في الإقليم الملتهب في عام 2003 حيث تمكنت القوات من هزيمة الحركات المناهضة لنظام البشير في وقت وجيز. ومنذ ذلك الحين تعاظم الدور السياسي والأمني لتلك القوات ولا يزال محل خلاف حتى اليوم.

و"الجنجاويد" مصطلح سوداني يعني الرجل الذي يمتطي جوادا ويحمل سلاحا.

وبالمقابل، يرفض البعض تحميل المسؤولية كاملة لقوات الجنجاويد ودعوا فقط للحد من الاستقلالية التي تتمتع بها ودمجها في المؤسسة العسكرية.

وظهر فريق آخر من المغردين يتهم قوى الحرية والتغيير بمحاولة إقصاء الأحزاب السياسية والجيش واحتكار العمل الثوري.

ويناشد مغردون قوى التغيير بالوصول إلى اتفاق يشمل كل الأحزاب السياسية الثورية، قائلين إن ذلك يرجع بالنفع على الحراك ويقطع الطريق أمام أصحاب الثورة المضادة.

فغرد أحدهم قائلا: "الصراع الحالي بين العسكر وما يسمى قوى التغيير هو صراع حكم سلطوى وهذا الصراع سيتغدى على دم السودانيين في ظل عدم وجود طرف في معادلة التفاوض يمثل الشعب وخياراته ويدافع عن حقه .. هكذا سيستمر الوضع إلى أن تحكم بينهم القوى الدولية .. #مجزرة_القيادة_العامة".

ظاهرة العسكرة والمحاور الإقليمية

وكان مغردون قد جددوا تحذيراتهم من مغبة وقوف محاور إقليمية ضد إرادة الشعب السوداني، فربطوا فض الاعتصام يوم الاثنين بالزيارات المتتالية التي أجراها كل من حميدتي ورئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان إلى السعودية والإمارات ومصر.

ويسوق هؤلاء المغردون مبررات عديدة لتخوفهم من الدور الذي قد تلعبه الدول الثلاثة في السودان ما بعد البشير.

فمنهم من يرى أن مصر تهدف لنسج تجربتها في السودان ومنهم من يتوجس من مساعدات قدمتها الإمارات والسعودية كوديعة في البنك المركزي السوداني.

وقدرت تلك الودائع بنحو ثلاثة مليارات دولار، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس".

ويخشى النشطاء السودانيون أن يصب هذا الدعم الخليجي المصري في مصلحة المجلس العسكري الانتقالي مما قد يحول دون تسلم المدنيين للسلطة وإجهاض ثورتهم، على حد تعبيرهم.

في حين يتوسم آخرون خيرا في المساعدات الخليجية لبلدهم ويرون أن تجربة "السيسي هي الخيار الأفضل للتخلص من المحور الداعم للحركات الإسلامية كتركيا وقطر".

ولم ينته الجدل عند هذا الحد، إذ يتسع ليشمل ظاهرة الحكم العسكري في العالم العربي.

وعلقت المغردة رانيا قدور: "أشكك في الأهداف العاجلة التي دعت إلى عقد قمة عربية طارئة بمكة المكرمة .. وأكاد أجزم أن أولى تلك الأهداف هي إحباط نجاح التفاوض بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير .. مصالح تلك الدول أعظم من أن يسمحوا للثورة السودانية بالنجاح".

ولكن أين يتجه السودان؟

ميزان القوة يميل إلى مجوعة قوى الحرية والتغيير خاصة بعد فض الاعتصام الذي يكاد يكون حرق فرص المجلس العسكري الانتقالي في الاستمرار في الحكم.

ويشير الصحفي والمحلل السياسي السوداني عثمان الميرغني في حوار لمدونة بي بي سي ترند إلى "أن ما وقع الاثنين لم يحدث حتى في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير الذي قتل أكثر من 60 شخصا في أربعة أشهر، في حين قتل نصف هذا العدد أمس خلال أربع ساعات فقط".

ويرى الميرغني أن السيناريو الأفضل للخروج من هذه الأزمة هو هدوء الأوضاع بإعلان المجلس العسكري أنه أخطأ وإقراره بمدنية السلطة وتسليمها للمدنيين بطريقة سلمية، لكنه يتوقع أن تشهد الأحداث مزيدا من التصعيد.

ويضيف: "الشارع في أقصى حالات ثورانه وهيجانه، فالمتاريس في كل مكان والاحتجاجات متواصلة حتى في العيد".

ويستبعد الميرغني عودة أي طرف لطاولة المفاوضات بعد فض الاعتصامات قائلا إن "ما سنراه في الأيام القادمة هي مجرد قرارات".

اجمالي القراءات 1207