هل تلعب السياسة دورا في تحديد يوم العيد في الدول العربية؟

في الأربعاء ٠٥ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

ارتباك وحيرة والكل يتساءل: متى العيد؟ هل طلع الهلال؟ هكذا اختلفت الدول العربية في رؤية هلال شوال، وتحديد أول أيام عيد الفطر ما بين يومي الثلاثاء والأربعاء. فما أسباب هذا الاختلاف؟لا يعتبر الاختلاف في رصد هلال العيد أمرا جديدا في الدول الإسلامية، إذ لم يسبق لها أن اتفقت في تحديد بداية المناسبات الدينية.

كما للمذاهب دور في ترجيح أسلوب معين لرصد الهلال على آخر. ولكن هذا العام شهد انقساما غير مسبوق بين الدول العربية.

حسمت بعض الدول العربية، بينها السعودية وقطر والإمارات والجزائر، أمر رؤية هلال شوال باكرا معلنة الثلاثاء أول أيام العيد.

في المقابل، أكدت دول تضم الأردن ومصر وتونس وفلسطين أن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان، معلنين بذلك الأربعاء أول أيام عيد الفطر، لتشتد بعدها الحيرة بين العرب عن أسباب هذا الاختلاف في تحديد موعد العيد.وتواصل الالتباس والجدل بعد أن انقسم مواطنون في نفس الدولة حول تحديد يوم العيد، إذ بدأ بعضهم الاحتفال به يوم الثلاثاء فيما قرر البعض الآخر استكمال صيامه.

بلد واحد وعيدان

في اليمن، أفادت وزارة الأوقاف، التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، بأن الثلاثاء هو أول أيام العيد.

ولم تمض دقائق حتى أعلنت "لجنة الأهلّة" التابعة لجماعة الحوثي أن الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر.

ولم يتخلف الأمر كثيرا في العراق، حيث أكد مكتب المرجع الشيعي أن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان ما يعني أنّ العيد سيحل يوم الأربعاء.

في حين أعلن ديوان الوقف السني في العراق بأنه سيحتفل الثلاثاء بعيد الفطر.

ويتشابه الأمر في السودان وسوريا، إذ يبدو أن الخلافات السياسية ألقت بظلالها حتى على الاحتفالات الدينية.

فقد تباينت آراء السودانيين إزاء دعوة تجمع المهنيين السودانيين للاحتفال بأول أيام عيد الفطر الثلاثاء، مخالفة بذلك قرار "مجمع الفقه" الذي أعلن الأربعاء يوم عيد.

وفي الوقت الذي رحب فيه ناشطون بإعلان التجمع معتبرين إياه "خطوة في طريق مقاومة المجلس العسكري فاقد الشرعية"، رفضه آخرون بوصفه "دعوة للفرقة".

أما في سوريا، فقرر المجلس الإسلامي السوري، التابع للمعارضة، الاحتفال بالعيد يوم الثلاثاء نسجا على منوال الدول المجاورة لسوريا كالخليج.

غير أن وكالة الأنباء السورية الرسمية، أعلنت تعذر رؤية هلال العيد الاثنين، وأن الأربعاء هو أول أيام العيد.

لا عيد حتى الفجر

في الساعة الرابعة فجرا، اضطر الليبيون إلى تغيير مشاريعهم لليوم التالي، بعد أن تراجعت دار الإفتاء عن إعلانها السابق بأن الأربعاء هو أول أيام العيد.

وجاء التغيير بعد ساعات من الإعلان بأن الثلاثاء هو المتمم لشهر رمضان وأن أول أيام العيد سيكون الأربعاء.

وسادت حالة من الجدل في ليبيا في أعقاب انتشار بيانين، أحدهما للهيئة العامة للأوقاف، التابعة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، والآخر لدار الإفتاء التابعة للحكومة المؤقتة بشرق ليبيا.

وأكدت الهيئة العامة للأوقاف في بيان لها على فيسبوك ثبوت رؤية هلال شهر شوال استنادا لشهود عيان في عدد من المدن والمناطق الليبية.

إعلان فتراجع فنفي

وفي وقت سابق مساء الاثنين، أعلن مفتي مصر أنه لم تثبت رؤية هلال شهر شوال، لذا فإن الثلاثاء هو المتمم لرمضان، والأربعاء هو أول أيام العيد، وفق بيان متلفز.

غير أن وسائل إعلام موثوق بها، ذكرت أنه سيتم استطلاع هلال شهر شوال عقب صلاة العشاء، ما أثار موجة سخرية عبر مواقع التواصل.

وتفاديا للشائعات، أصدرت دار الإفتاء بيانا جديدا أكدت فيه أن يوم الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر.

"الهلال السياسي"

وتساءل رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخالفة بعض الدول العربية للسعودية في تحديد أول أيام العيد.

ولكن هذا الجدل حول تحديد يوم العيد، دفع البعض إلى إطلاق هاشتاغ بعنوان "الهلال السياسي".

وحذر معظم المتفاعلين مع الهاشتاغ من إدخال هلال العيد في التجاذبات السياسية.

لماذا الاختلاففي تحري هلال العيد؟

ويرجع الاختلاف في تحري هلال شوال إلى الوسيلة المتبعة في تحديده. فالبعض يتبع الحسابات الفلكية بينما يعتمد آخرون الرؤية بالعين المجردة في حين يستند آخرون إلى المناظير الحديثة. وتأخذ بعض الدول بأكثر من وسيلة.

فعلى سبيل المثال تعتمد دول كالسعودية وليبيا على رؤية الناس بالعين المجردة وهي طريقة تقليدية في استطلاع الهلال.

وتتبع دول أخرى الحسابات الفلكية كما الحال في ماليزيا وتركيا فضلا عن المجلس الفقهي الشمالية ، إذا يعتبرون ظهور قمر جديد في الأفق يعني بداية شهر جديد.

كما تختلف الدول حول التوحيد في ثبوت رؤية هلال شوال. فبينما أجمعت كثير منها على وجوب التوحيد إذا اشتركت أكثر من دولة في جزء من الليل، تتبع أخرى الرأي القائل بوجوب اتباع نتيجة التحري في كل بلد بشكل منفصل. وهناك رأي ثالث يرجح التوحيد بين الدول المتجاورة والاختلاف بين الدول البعيدة.

وفي ذات السياق، يقول وكيل وزارة الأوقاف المصرية سابقا سالم عبد الجليل لبي بي سي: "في بداية الألفية اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر جدة على تأسيس مرصد إسلامي موحد لتحديد رؤية الهلال".

ويتابع عبد الجليل:" لكن ذلك لم يتحقق لتفضيل بعض الدول الاحتفاظ بسيادتها في تحري رؤية الهلال بشكل مستقل. وفي حال اختلاف نتيجة تحري هلال العيد بين الدول، يتعين على المقيمين في كل دولة الالتزام بنتيجة تحري الهلال فيها".

وفي حوار مع بي بي سي قال حنا صابات، أستاذ الفيزياء الفلكية في الأردن: "يمكن تحديد بداية الأشهر القمرية وثبوت أهلتها بكل سهولة لآلاف السنين لا لعام أو لعامين فقط".

وأضاف: "علوم الفلك تعتمد في رؤية الأهلة على الاقتران المركزي بين السماء والأرض قبل غروب الشمس، والاقتران المركزي أمر لا يختلف عليه اثنان في إثبات رؤية الهلال".

وأوضح أن الخلاف "يكمن في النصوص الشرعية التي تنص على لفظ الرؤية البصرية. ولا تأخذ الرؤية المجردة عوامل مثل حالة الجو والأتربة في الحسبان".

ومن جهة أخرى، أكد مركز الفلك الدولي في بيان رسمي نشر قبل أيام أن عدد أيام شهر رمضان 29 يوما باعتماد الحساب الفلكي، أو ثلاثين يوما باعتماد رؤية الهلال. وأشار المركز إلى تعذر رؤية الهلال يوم الاثنين في مختلف دول العالم الإسلامي والعديد من دول العالم الأخرى، سواء بالعين المجردة أو بالتلسكوب وحتى باستخدام تقنية التصوير الفلكي الرقمي الفائقة القوة.

اجمالي القراءات 998