ماذا يعني انسحاب مصر من الناتو العربي؟

في السبت ١٨ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بحسب ما ورد، انسحبت مصر من التحالف الاستراتيجي في الشرق الأوسط (ميسا)، أو ما يسمى بـ "الناتو العربي" في 10 أبريل/نيسان. ومن المفترض أن القاهرة قد انسحبت من التحالف لأنها شككت في "جدية المبادرة"، وكانت قلقة بشأن "الخطر من أن الخطة ستزيد التوترات مع إيران".

ويقال إن القاهرة نقلت قرارها بالانسحاب من التحالف الأمني ​​إلى الولايات المتحدة والمشاركين الآخرين في التحالف المقترح قبل أيام فقط من اجتماع تم عقده في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية. ولم ترسل مصر وفدا إلى التجمع، والذي كان يهدف إلى "دفع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإلزام الحلفاء العرب السنة بالوصول إلى اتفاق أمني وسياسي". وإذا تأكد انسحاب مصر، فمن المحتمل أن تتعرض جهود إدارة "ترامب" لاحتواء القوة المتنامية لطهران في الشرق الأوسط لضربة أخرى.

التحالف الاستراتيجي

تم الإعلان عن "ميسا" أو "الناتو العربي" لأول مرة خلال زيارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للمملكة العربية السعودية في مايو/أيار 2017. ووصف إعلان الرياض التحالف بأنه هيئة "ستسهم في السلام والأمن في المنطقة والعالم" عبر توحيد دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات)، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والأردن ومصر، في كتلة أمنية جديدة. ومنذ عام 2017، كان كبار المسؤولين في إدارة "ترامب" يضغطون من أجل تأسيس التحالف العسكري الإقليمي.

وبالإضافة إلى تحقيق الاستقرار الذي تمس الحاجة إليه في الشرق الأوسط، أعرب مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون"، ووزير الخارجية "مايك بومبيو"، عن أملهما في أن يساعد "الناتو العربي" في الحد من الوجود الأمريكي العسكري في المنطقة. وأبرزت وثيقة سرية للبيت الأبيض، اطلعت عليها "رويترز" العام الماضي أن واشنطن تأمل في أن تحد الكتلة الأمنية من "النفوذ الإقليمي المتزايد لروسيا والصين".

وبطبيعة الحال، اعتقد الكثير من أنصار "الناتو العربي"، مثلما الأمر في "الناتو الأصلي"، أن المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة والخوف المشترك من إيران ستكون عوامل كافية لجمع الدول العربية في تحالف واحد. ومع ذلك، قد يكون انسحاب أكبر دول شمال أفريقيا سكانا وأحد أقوى الجيوش في العالم العربي من الكتلة الأمنية سببا في انهيار المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة قبل إطلاقها.

ميت قبل أن يولد

ولم تواجه مبادرة "الناتو العربي" سوى النكسات منذ طرحها لأول مرة في مايو/أيار 2017. وظهرت العقبة الأولى في يونيو/حزيران 2017، عندما قطعت السعودية والبحرين والإمارات ومصر العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وفرضت عليها حصارا بريا وبحريا وجويا. وبررت دول الحصار الحظر الذي فرضته بادعاء بأن الدوحة كانت تدعم المنظمات الإرهابية وسياسات إيران في المنطقة.

ومثل الغضب الدولي لمقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، عقبة أخرى أمام مبادرة "الناتو العربي" بقيادة الولايات المتحدة. وتوترت العلاقات بين الرياض وواشنطن منذ الحادث. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأتراك، وبعض المشرعين الأمريكيين، يتهمون ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بإصدار أوامر القتل، إلا أن الرياض نفت باستمرار وبشدة جميع المزاعم.

وأحبطت هذه المشكلات جهود واشنطن المستمرة لجمع الأعضاء المحتملين في "الناتو العربي" لحضور قمة في الولايات المتحدة لتوقيع اتفاق مبدئي يؤسس التحالف. كما قيل إن مصر استشهدت في تقييمها بأنها تستبعد انتخاب "ترامب" لفترة ولاية ثانية، وتشك في ما إذا كان خليفته سيدعم مبادرة "الناتو العربي"، وفقا لـ"رويترز".

طهران ترحب بانسحاب القاهرة

وقال "بهرام قاسمي"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إنه إذا تم تأكد انسحاب القاهرة من "الناتو العربي"، فسوف ترحب طهران بهذه الخطوة. وقال "قاسمي" لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية: "مصر بلد مهم وقوي في العالم العربي وفي العالم الإسلامي، وقد تلعب دورا رئيسيا في إحلال السلام والاستقرار والأمن في المنطقة".

كما أعرب المتحدث عن شكوكه حول النجاح المستقبلي للمبادرة الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة فى المنطقة. وأخبر "قاسمي" الوكالة الإيرانية أنه على الرغم من تأسيس "حلف الناتو" في العالم الغربي، "في ظل ظروف تاريخية وجغرافية معينة، بناء على سلسلة من القيم والضروريات المعينة"، فمن غير المرجح أن يعاد إنتاج تحالف مماثل في العالم العربي.

وعلى الرغم من انسحاب مصر المزعوم من "الناتو العربي"، يبدو أن بقية أعضاء الكتلة الأمنية يتقدمون في هذه المبادرة، وفقا لمصادر "رويترز". كما أشارت المصادر إلى أنه من المرجح أن يضغط الأعضاء الباقون على مصر دبلوماسيا لإلغاء انسحابها.

ومع ذلك، في الوقت الذي تكافح فيه الرياض مع شبح قضيو "خاشقجي"، ويتصاعد التنافس بين الملكيات في الخليج بشكل مستمر، يبدو أن هناك حافزا ضئيلا لأن تظل القاهرة جزءا من التحالف العسكري لواشنطن على ما يبدو.

اجمالي القراءات 1044