أنشطة السعودية النووية والصاروخية تدق ناقوس الخطر في طهران

في الجمعة ١٧ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

في إعلان مفاجئ في 21 أبريل/نيسان، عيّن المرشد الأعلى الإيراني "آية الله علي خامنئي" اللواء "حسين سلامي"، النائب السابق لقائد الحرس الثوري الإسلامي، كرئيس جديد للحرس.

وكان "خامنئي" قد مدد فترة ولاية القائد الأعلى السابق للحرس الثوري الإيراني، الجنرال "محمد علي جعفري"، لمدة ثلاث سنوات أخرى - بعد أن خدم في هذا المنصب لمدة عقد - في يوليو/تموز 2017، لذلك كان استبداله سابقًا لأوانه المقرر.

البرنامج النووي السعودي

وبالنظر إلى أن "سلامي" أكثر تشدداً في النهج وعدوانية في الخطاب من سلفه؛ يبدو أن تغيير قيادة الحرس الثوري الإيراني هو أحدث إجراء لإيران للتكيف مع بيئة التهديد الخارجي الناشئة. في الواقع، جاء ذلك بعد أسبوعين من تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية وقبل فترة وجيزة من قرار إدارة "ترامب" بوقف الإعفاءات من العقوبات والاستثناءات لمشتري النفط الإيراني.

ولكن هناك عنصر يقل ذكره في الأخبار بخصوص البيئة الجديدة التي تراها طهران مصدراً للتهديد طويل الأمد - مع كونه ربما أكثر استراتيجية - وتضعه طهران في اعتبارها عند صنع قراراتها بخصوص الأمن القومي؛ ألا وهي برامج السعودية الصاروخية والنووية التي لا تزال في مهدها.

ويجعل النمو السكاني السعودي السريع - من 20 مليون في عام 2000 إلى 34 مليون في عام 2019 - وبالتالي زيادة الطلب على استهلاك الطاقة في السعودية من المفهوم أن تصبح الطاقة النووية المدنية خيارًا جذابًا لتلبية الاحتياجات المحلية، حيث يزداد الطلب على الطاقة في المملكة بنسبة تتراوح من 8% إلى 10% سنويًا، مما يتطلب زيادة قدرها 80 جيجاوات في توليد الطاقة بحلول عام 2040.

مع وضع ذلك في الاعتبار، أنشأ السعوديون مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في عام 2010 لتقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية وإنتاج المياه المحلاة. وبعد ما يقرب من خمس سنوات، في يناير/كانون الثاني 2015، أعلن السعوديون عن استهدافهم إنتاج 17 جيجاوات من الطاقة النووية تشكل 15% من الطلب.

ولكن ما يثير المخاوف بشأن الخطط النووية السعودية، هو استراتيجية المواجهة الإقليمية التي يتبعها ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" وعدم وجود ضمانات ومراقبة كافية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان بقاء البرنامج مدنيًا فقط دون التحول إلى التسليح العسكري.

وأكدت صور الأقمار الصناعية من "جوجل إيرث" في أوائل أبريل/نيسان أن السعودية على وشك الانتهاء من أول مفاعل نووي في مدينة عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في الرياض.

التواطؤ الأمريكي

الأهم من ذلك بالنسبة لطهران، أن الولايات المتحدة منخرطة في عمليات نقل التكنولوجيا النووية الخفية إلى المملكة - على ما يبدو بضوء أخضر إسرائيلي - بينما تتبع سياسة "أقصى قدر من الضغط" ضد الجمهورية الإسلامية في نفس الوقت، وهو مسار عمل كان تم تبنيه بعد انسحاب الرئيس "ترامب" من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار 2018 وإعادة فرض عقوبات شاملة على البلاد. وفي أواخر مارس/أذار، كشفت وكالة رويترز عن موافقة إدارة "ترامب" السرية على منح تراخيص لست شركات أمريكية لبيع تكنولوجيا الطاقة الذرية إلى الرياض.

في الوقت نفسه، يسعى السعوديون إلى تطوير برنامج صاروخي باليستي خاص بهم، على ما يبدو بمساعدة صينية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة "بلانيت لابز" الأمريكية، ما يبدو أنه اختبارات صاروخية لمحركات الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية في قاعدة عسكرية بالقرب من بلدة الدوادمي، على بعد حوالي 230 كيلومتراً إلى الغرب من الرياض.

وبالنظر إلى تحذيرات "بن سلمان" من أن السعودية سوف تسعى إلى امتلاك أسلحة ذرية إذا فعلت ذلك عدوتها الرئيسية إيران، فإن هذه الأنشطة الصاروخية والنووية المتزامنة والسرية في معظمها تدق ناقوس الخطر في طهران.

توجس وتصعيد إيراني

وجاء أول رد فعل كبير على السلوك السعودي من القائد الأعلى الإيراني "خامنئي" في خطابه بمناسبة السنة الفارسية الجديدة في 21 مارس/أذار.

وفي خطبة لاذعة غير مسبوقة تقريبًا في حدتها وصف "خامنئي" السعودية بأنها "أسوأ دولة في المنطقة وربما في العالم"، متعهداً بأنه إذا قامت السعودية ببناء قدرات نووية بمساعدة أمريكية، فسوف تقع في أيدي المحاربين الإسلاميين في وقت قريب".

وبعد أقل من أسبوع، حذر "علي شمخاني"، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، من أن الجمهورية الإسلامية قد تضطر إلى تعديل موقفها الدفاعي واستراتيجيتها للأمن القومي رداً على السلوك السعودي.

وقال "شمخاني": "إن بعض دول المنطقة تنفق بترودولاراتها على مشاريع نووية مشبوهة يمكن أن تعرض أمن المنطقة والعالم للخطر. تهديدات جديدة كهذه ستجبرنا على مراجعة استراتيجيتنا القائمة بالنظر طبيعة وجغرافيا التهديدات الجديدة".

في حين أن امتلاك السعوديين للقدرة الذرية المسلحة من شأنه أن يشكل تحديًا "للاحتكار النووي" لـ(إسرائيل) في الشرق الأوسط، إلا إنه يبدو أن القيادة الإيرانية ترى أن تسليح السعودية يمثل امتدادًا بالوكالة للدفاعات النووية الإسرائيلية.

وقال "سجاد عابدي"، المحلل الكبير في مركز الأبحاث للدفاع والأمن الوطني الإيراني - الذي يرتبط بشكل وثيق بمكتب المرشد الأعلى الإيراني - لموقع "إنسايد أرابيا": "في ضوء التحالف الناشئ بين الرياض وتل أبيب ضدنا، فإن المقصود بالقدرة النووية السعودية أن تكون درعًا بالوكالة لإسرائيل، وهذا هو السبب الأساسي وراء الترخيص بها من الأساس".

ليس واضحا واضحًا تمامًا كيف يمكن للجمهورية الإسلامية "مراجعة" إستراتيجيتها الأمنية لمواجهة التهديد النووي السعودي. فعلى الرغم من الضغط الاقتصادي والسياسي المتزايد على إيران بسبب سلوكها الإقليمي "المزعزع للاستقرار"، امتنعت طهران حتى الآن عن التخلي عن الاتفاق النووي، على الرغم من أن النداءات بين المتشددين والإصلاحيين الإيرانيين على حد سواء لإلغاء الاتفاق واستئناف العمل النووي على مستوى متقدم.

وأدت المخاوف من احتمال تشكيل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد الجمهورية الإسلامية واحتمالات الصراع العسكري التي ستعقب ذلك إلى ردع الجمهورية الإسلامية حتى الآن عن الانسحاب من الاتفاق.

ومع ذلك، إذا تخطت الأنشطة الذرية السعودية عتبة معينة، فإن رد إيران سوف يتضمن على الأرجح مبادرات نووية من المستوى العسكري. ويبدو أن هذا مع التهديدات الأمنية المحتملة الأخرى جزء من الأساس المنطقي وراء تعيين شخص أكثر تشددًا على رأس الحرس الثوري.

اجمالي القراءات 539