ابتعدوا عن شؤوننا».. السودانيون يخشون أن تقع بلادهم فريسة للقوى الإقليمية المتنافسة

في الأحد ٢٨ - أبريل - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

في ثورة السودان التي لا تزال منتعشة، ليس الحرس العسكري القديم المرتبط بالرئيس السابق المخلوع عمر البشير وحده هو ما يتطلَّع إليه المتظاهرون بشكٍّ عميق.

في الأسبوع الماضي كانت السفارة المصرية في العاصمة السودانية الخرطوم مسرحاً للاحتجاجات والهتافات، التي استهدفت الرئيس عبدالفتاح السيسي. هتفت الحشود «قول للسيسي دا السودان، إنت حدودك بس أسوان».

وعُزِّزَت رسالة الحشود بخطاب صريح وصل إلى السفارة واستهدف القوى الإقليمية الأخرى: «ابتعدوا عن شؤون السودان».

مخاوف من تعرض الثورة للاستغلال

تقول صحيفة The Guardian البريطانية، إنه ومع استمرار المحادثات الجمعة 26 أبريل/نيسان، بين حركة الاحتجاج والمجلس العسكري الانتقالي حول شكل المستقبل السياسي للسودان، كانت المظاهرة دليلاً صارخاً على تزايد المخاوف من أن الاضطرابات السياسية المستمرة في السودان، معرضة للاستغلال من قبل القوى الإقليمية المتنافسة.

 

يتشارك الدبلوماسيون الغربيون والمتظاهرون قلقاً مُلِحاً، من أن السودان قد يُستَقطَب أكثر فأكثر إلى المواجهة المتصاعدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر من ناحية، ومن ناحية أخرى تركيا وقطر، حيث سارع المذكورون سريعاً للتحرُّك بالفعل.

في أعقاب سقوط البشير هذا الشهر، وصل وفدٌ سعودي-إماراتي مشترك إلى الخرطوم، بعرض معونات قيمتها 3 مليارات دولار، بما في ذلك مبلغ نقدي كبير لإيقاف أزمة العملة في السودان.

أجندة الرياض أبوظبي هي الأكثر إثارة للجدل

لكنها كانت، كما يقول النقاد، حلوى لجذب السودان إلى أجندة أكثر إثارة للجدل، على رأسها ضمان الدعم السوداني المستمر للحرب في اليمن، حيث قُتِلَ المئات من السودانيين خلال معارك التحالف الذي تقوده السعودية. ويرى محللون أن البلدين يريان أيضاً فرصة لتجنيد السودان في حملتهما الإقليمية ضد جماعة الإخوان المسلمين.

البَلَدان ليسا الوحيدين اللذين اتَّخذا المبادرة. فمن جانبه، قام السيسي، جنرال الجيش السابق الذي نصَّب نفسه زعيماً لمصر بدعم عسكري، بتدخُّلاته الخاصة في اجتماعٍ للاتحاد الإفريقي مؤخراً، مدعياً أنه يساعد الانتقال السياسي السريع، رغم أن الكثيرين يشكون في أن ما يريده السيسي حقاً هو استمرار نفوذ الجيش في السودان كما في بلده.

 

كلُّ هذا يثير قلق العديد من المتظاهرين، الذين لم يُسقِطوا زعيماً كي يخضعوا لآخرين خارجيين.

في حديث مع صحيفة Observer البريطانية بمقهى على الشارع تفوح منه رائحة الشاي والصمغ العربي المحترق، داخل الاعتصام المستمر منذ أسابيع وسط مدينة الخرطوم، حذَّر محمد صلاح، وهو أحد المُنظِّمين الشباب لمظاهرة السفارة المصرية، من محاولات الدول المتنافسة دعم فصائل مختلفة.

قال صلاح: «يوم 24 (من الشهر الجاري)، وهو اليوم الذي أدلى فيه السيسي بتعليقاته للاتحاد الإفريقي حول الانتقال السياسي في السودان، جلسنا وناقشنا ما يجب أن نفعله».

وأضاف: «قرَّرنا توصيل رسالة إلى السفارة، تطلب منهم عدم التدخل في شؤون السودان. يبدو واضحاً أن هناك مجموعتين في الجيش».

وتابَع: «إحداهما، وهي الأكثر تحكماً، قريبة من الإمارات والسعودية، في حين أن بعض الآخرين أقرب إلى قطر وتركيا. المجموعة الأولى أقوى، وهي المجموعة التي تتلقى دعماً مالياً من السعودية والإمارات، فضلاً عن الدعم السياسي من مصر».

البشير ترك وضعاً معقداً للسودان إقليمياً

في صحيفة التيار السودانية، التي أُغلِقَت مراراً بسبب معارضتها للبشير، يعكس الكاتب البارز شمائل النور مخاوف صلاح، مشيراً إلى الروابط بين الجنرالات البارزين في المجلس العسكري الانتقالي واللاعبين الإقليميين لمصالحهم الخاصة.

قائد المجلس العسكري السوداني عبدالفتاح برهان
 
قائد المجلس العسكري السوداني عبدالفتاح برهان

قال شمائل: «ترك سقوط البشير وضعاً معقداً في السودان فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية. كانت مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة آخر تحالفات للنظام القديم، حتى لو توقف الدعم السعودي لنظام البشير في الأشهر القليلة الماضية».

وأضاف: «ومع ذلك قال في تصريحاته الأخيرة، إنه يدعم بقاء القوات السودانية في اليمن. المهم أن نلاحظ أنه بعد سقوطه، فإن الناس (في الجيش والمخابرات) الذين عزلوه من السلطة وكانوا وراء الانقلاب، لا يزالون موالين للإمارات ومصر والسعودية».

تأكدت حساسية القضية الأسبوع الماضي، عندما اعتُقل محمد الجزولي، زعيم حزب سياسي إسلامي، لفترة وجيزة، فور إقامته مؤتمراً صحفياً ينتقد فيه تدخل الإمارات العربية المتحدة في السودان.

على الرغم من أنه يقول إنه لم يُخبَر بسبب اعتقاله، كما أشار البعض، إلا أنه لاحظ حدوث ذلك فوراً بعد تصريحاته. وفي حديثه لصحيفة Observer قال: «لا نريد أي تدخل من أي جانب، سواء كانت تركيا أو قطر، أو من جانب السعودية ومصر والإمارات. «ما حدث هنا هو ثورة سودانية، لكننا نرحب بأي دولة إذا كانت تريد الدعم اقتصادياً، لا سياسياً».

اجمالي القراءات 1030