من التحذير للتلويح بالعقاب.. هل تستطيع أمريكا منع مصر من شراء مقاتلات «سو 35» الروسية؟

في الثلاثاء ٠٩ - أبريل - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى واشنطن، حيث يلتقي نظيره الأمريكي ، حولت واشنطن تحذيراتها المبطنة إلى تعهدات بالعقاب في حال شراء مصر مقاتلات روسية من طراز "سو-35".

ودأبت الولايات المتحدة على تهديد الدول الأخرى التي تريد شراء السلاح الروسي، بفرض عقوبات عليها بموجب "قانون التصدي لأعداء أمريكا عبر العقوبات"، الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 3 أغسطس 2017، ويهدف لتشديد الضغط على روسيا.

تلويح بالعقاب

تعهد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الثلاثاء، بفرض عقوبات على مصر حال شرائها المقاتلات الروسية .

جاء ذلك خلال إفادة قدمها بومبيو أمام اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية بمجلس الشيوخ بشأن مشروع ميزانية وزارة الخارجية لعام 2020، التي بثتها شبكة "سي سبان" الأمريكية المخصصة للتغطية المستمرة لاجتماعات الحكومة والأمور العامة.

ولدى سؤاله بشأن الإجراءات الذي ستتخذها الإدارة لإيقاف مصر من شراء المقاتلات الروسية، قال بومبيو: "لقد أوضحنا أنه في حال شراء هذه المنظومات، بموجب القانون سيتطلب هذا فرض عقوبات على النظام".

وأضاف: "لقد تلقينا تطمينات من جانبهم أنهم يتفهمون ذلك، وأنا آمل بشدة ألا يقرروا المضي قدمًا في الحصول عليها".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسئول رفيع في الإدارة الأمريكية (لم تسمّه) قوله: "ليس لدينا الكثير من المرونة في إطار القانون حول مواجهة أعداء أمريكا عبر العقوبات (CAATSA)، وإن الدول التي تتخذ مثل هذه القرارات، يجب أن تعرف أننا محدودون للغاية فيما يخص احتمال التخفيف" (تخفيف عواقب استخدام القانون).

وتابع المسئول قائلاً إننا "نواجه حالة مماثلة حاليا مع الصين والهند وتركيا التي تعد أيضا حليفا لنا في حلف الناتو، لذلك نريد أن ندعو الدول التي ترغب في توسيع علاقاتها مع الولايات المتحدة في المجال العسكري إلى أن تتخذ موقفا جديا تجاه القانون المذكور أعلاه".

العلاقات الوثيقة

 وبدأ السيسي، الإثنين ،زيارة غير محددة المدة هي الثانية إلى البيت الأبيض، إذ زاره في أبريل 2017، بعد أشهر من تولي ترامب الرئاسة.

وحسب "رويترز" تشعر الحكومة والنواب الأمريكيون بقلق بشكل خاص بشأن ما ورد عن توقيع مصر صفقة بقيمة ملياري دولار مع روسيا لشراء أكثر من عشرين مقاتلة "سوخوي" (إس.يو-35) وأسلحة لهذه الطائرات. وعلى الرغم من ذلك رحب ترامب بحرارة بالسيسي.

واستهل السيسي اليوم الأول من زيارته إلى العاصمة الأمريكية واشنطن باستقبال وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو، وذلك بمقر إقامة الرئيس المصري في "بلير هاوس".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز " عن سئول أمريكي قوله أن "الرئيس الأمريكي سيناقش خلال لقائه مع نظيره المصري الثلاثاء بالبيت الأبيض التوترات في الشرق الأوسط، والملف الأمني، والإصلاح الاقتصادي، إلى جانب حقوق الإنسان في مصر".

وتوصف العلاقات المصرية – الأمريكية بـ"الوثيقة والاستراتيجية" ، خاصة على المستوى العسكري، حيث تقدم واشنطن للقاهرة نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، عام 1979.

اتفاقية "سو-35"

وكانت صحيفة "كومرسانت" الروسية ذكرت في 18 مارس الماضي أن روسيا ومصر وقعتا عقدا لتوريد مقاتلات "سو-35" إلى القاهرة.

وأفدت الصحيفة نقلا عن مصادرها أن سريان مفعول الاتفاق بهذا الخصوص الذي يقضي بتوريد أكثر من 20 طائرة ووسائل الإصابة الجوية بمبلغ نحو ملياري دولار، بدأ نهاية عام 2018، مضيفة أن توريد هذه المقاتلات إلى مصر قد يتم في الفترة ما بين عامي 2020 و2021.

من جهتها، نقلت وكالة "نوفوستي" عن الدائرة الفدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني مع الدول الأجنبية أن روسيا ومصر لم توقعا في النصف الثاني من عام 2018 أي عقد حول توريد معدات جوية.

هل تخلق "سو-35" أزمة بين البلدين؟

القرار المصري بشأن شراء أسلحة من روسيا أو غيرها من الدول لا يخضع لأية إملاءات خارجية، وقانون العقوبات الخاص بخصوم "أمريكا لا مجال له في الحالة المصرية"، بحسب رأي عدد من الخبراء المصريين.

قال اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب المصري في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك" الثلاثاء، إن "مصر صاحبة قرار وتستطيع أن تضع سياستها الخارجية وفق مصالحها".

 وأضاف رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، تعتز مصر أن لها قرارها وفي إطار الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وفق مصالحها ودون المساس بأي طرف.

من جانبه قال اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري لـ"سبوتنيك" ، ليس هناك اتفاقيات أو قيود تمنع مصر من شراء الأسلحة الروسية، وننتهج سياسة تنويع مصادر السلاح، ومنذ عدة عقود كان الاتحاد السوفييتي السابق هو المصدر الرئيس لتسليح مصر.

وأضاف الخبير العسكري، مازالت نسبة كبيرة من الأسلحة الروسية متواجدة في الجيش المصري وليس هناك ما يمنع الشراء من روسيا في الوقت الراهن.

وأشار مظلوم هناك بالفعل لدى الولايات المتحدة قانون يختص بالنقاط الخلافية بين أمريكا وروسيا، وأتصور أن مصر بعيدة كل البعد عن هذا الموضوع، ولديها حرية في شراء السلاح أو تعاون اقتصادي مع أية دولة أخرى.

وأكد الخبير العسكري على أن العلاقات ما بين مصر وروسيا، هي "علاقات استراتيجية" امتدت إلى عشرات السنين، ومصر قادرة على أن تنتهج السياسة التي تراها ولا تتأثر بأي قيود تضعها أية دولة أخرى. 

مشيرا إلى أن العلاقات بين مصر وروسيا تاريخية ولا يمكن أن تتأثر بالقوانيين الأمريكية.

ما هي ممزات "سو 35"؟

"سو 35" مقاتلة ثقيلة مُصممة لتحييد طيران العدو من مسافات بعيدة لفرض السيطرة الجوية الكاملة Air Supremacy فوق مسرح العمليات في مختلف المهام والسيناريوهات الهجومية والدفاعية كنظيرتها الأمريكية " النسر F-15C Eagle ".

وهي مقاتلة ضاربة Strike Fighter قادرة على حمل الصواريخ الجوالة والذخائر الثقيلة عالية الدقة لضرب وتدمير الأهداف الأرضية والبحرية عالية القيمة المتواجدة على مسافات بعيدة عن أراضي الدولة كنظيرتها الأمريكية "النسر الضارب F-15E Strike Eagle ".

وبالتالي فإن تلك المقاتلة ستمنح القوات الجوية المصرية القدرة على الآتي:

– الغطاء الجوي الثقيل والشامل للمقاتلات القاذفة والمسئولة عن الهجوم على الاهداف البرية والبحرية للعدو كالإف-16 في المقام الأول ( الرافال يمكنها العمل باستقلالية نظراً لقدراتها الفائقة ) وحمايتها من الطيران الاعتراضي المُعادي. وذلك أثناء مهام الهجوم كالاجتياح الجوي Air Sweep والهجوم المضاد Offensive Counter Air OCA أو مهام الدفاع الجوي المضاد Defensive Counter Air DCA وحماية الأهداف عالية القيمة كالمدن الرئيسية.

– مرافقة وحماية الأهداف الجوية عالية القمية High Value Air Asset Escort HVAAE كالطائرات القاذفة او طائرات الانذار المبكر ( أواكس AWACS ) وطائرات الحرب الإلكترونية او طائرات النقل الاستراتيجي وطائرات التزود بالوقود جوا ( Tanker ).

– التشويش المُرافق Escort Jamming ويُقصد به حمل مستودعات الإعاقة والشوشرة الإلكترونية Jamming Pods المتوسطة والثقيلة للتشويش على رادارات الدفاع الجوي لغرض حماية المقاتلات متعددة المهام اثناء تنفيذها المهام الهجومية المختلفة.
 

 

 

 

– الدورية الجوية المُسلحة Combat Air Patrol CAP حيث يمكنها الطيران لساعات طويلة ( نظرأ للحمولة الكبيرة من الوقود ) لتأمين وحماية هدف أو مجموعة من الأهداف عالية القيمة وتحييد أية محاولات من طيران العدو للاقتراب وضرب تلك الأهداف.

– المسح الجوي بعيد المدى بفضل رادارها القوي طراز Erbis-E ذو مصفوفة ازاحة الطور السلبي Passive Electronically Scanned Array PESA وكذا منظومتا الرادار N036L-1-01 ذات مصفوفة أزاحة الطور النشط Active Electronically Scanned Array المتموضعتان في الحافتين الأماميتين لجناحي المقاتلة والعاملاتان على النطاق الموجي L-Band لكشف الشبحيات، إلى جانب منظومة الرصد الكهروبصري/ الحراري OLS-35، فضلاً عن حزمة الحرب الإلكترونية المتطورة “Khibiny M” والتي توفر قدرات الرصد السلبي -دون الحاجة لتشغيل الرادار- والاستخبار الإلكتروني والوعي الإدراكي المحيط والإعاقة والشوشرة الإلكترونية ، بحسب موقع "الأمن والدفاع العربي".

– ضرب كافة الأهداف الجوية والبحرية والبرية عالية القيمة من مسافات بعيدة بفضل التنوع الهائل في التسليح الثقيل (الصواريخ جو-جو وجو-أرض/سطح) ومستشعرات الرصد بعيدة المدى، وذلك في مختلف ظروف الطقس والأجواء والتضاريس.

أخيراً، ستزيد الـ "سو 35" من مستويات التعقيد والصعوبة على أية قوات جوية معادية ستدخل في سيناريو قتالي دفاعي/هجومي ضد القوات الجوية المصرية في ظل هذا التنوع في الطائرات المقاتلة الغربية والشرقية بمدارس القتال المختلفة، والتي ستُجبر الطرف المُعادي على التفكير والتخطيط المُعقدّين للتعامل مع سلاح جوي مُزوّد بتلك القدرات الغير مسبوقة.

اجمالي القراءات 1837