الإندبندنت»: هذه الأسباب وراء مذبحة نيوزيلندا

في الجمعة ١٥ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

قال مايك ستاتشبري في مقال له على موقع صحيفة «الإندبندنت»: «إن الجرأة بلغت بمنفذ مذبحة المسجدين في نيوزيلندا – التي وصل عدد ضحاياها حتى الآن إلى 49 قتيلًا – إلى حد بث تنفيذ العملية مباشرة على الإنترنت، وسط حفاوة كبيرة من أنصار اليمين المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي».

وأوضح ستاتشبري أن الجريمة تفتح الباب أمام العديد من الأسئلة، ليس من بينها لماذا أو كيف حدث هذا. إن شيطنة الإسلام وزيادة مستويات الهجرة هي موضوع أساسي لدى السياسيين اليمينيين المتطرفين ومراكز البحوث على جانبي المحيط الأطلسي.

إن وصف المسلمين «بالغزاة» هو استراتيجية أثبتت فعاليتها بشكل موثوق في حشد الناخبين ضد عدو مشترك، وخوض حرب بالوكالة على المصالح الشرق أوسطية، «لا سيما بالنسبة للرجل الذي يسكن البيت الأبيض حاليًا». وقد سلط النشطاء وقادة المجتمع الضوء على هذه الحملات المتضافرة منذ سنوات.

إنه أيضًا عمل مربح جدًا ـ ينوه ستاتشبري ـ إذ لا يحتاج المرء إلا إلى النظر إلى نجاح العديد من الناشطين مثل «تومي روبنسون» ومقلديه في المملكة المتحدة لفهم أن رسم صورة عن المجتمع تحت الحصار من قبل سيل من المهاجرين المسلمين يساعد في جمع التبرعات باستمرار.

ويؤكد ستاتشبري أننا نرى الآن عددًا متزايدًا من الشخصيات التي تحاول التظاهر «بقول الحقيقة» عن الإسلام هنا في بريطانيا. أظهرت دراسة حديثة لمنظمة Hope Not Hate لمكافحة العنصرية أن خمسة من أشهر عشر شخصيات في وسائل التواصل الاجتماعي اليمينية المتطرفة في العالم اليوم ينحدرون من هذه الشواطئ.

كان من المفترض على العالم أن يتوقع أن التصريحات العنصرية تجاه الإسلام، والتي تصدر مرارًا وتكرارًا من قبل عدد لا يحصى من الناس حول العالم، ستترجم في نهاية المطاف إلى عمل عنيف. ومن الحكمة أن يتذكر الخبراء هذا الأمر اليوم وهم يتابعون أنباء المذبحة.

عشرات المصلين قُتلوا في الهجوم

لا يحتاج المرء إلا إلى النظر إلى المنشورات السامة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي لفهم سبب حدوث المجزرة – يضيف ستاتشبري. فعلى مدى سنوات، كانت المجتمعات عبر الإنترنت مثل «8chan» بمثابة حاضنة للأفكار المتطرفة للعنصريين البيض، والتي غُلفت في قالب من الفكاهة والسخرية. إن استخدام الصور الساخرة لإثارة الضحك أولًا، ثم إثارة الكراهية ثانيًا، موثق جيدًا من قبل الباحثين الذين يتتبعون هذا الخطاب عبر الإنترنت.

إن هذه الفضاءات، التي تلتقي فيها الأفكار المتطرفة بالحديث العادي عن ألعاب الفيديو والجوانب الأخرى لثقافة الإنترنت، تعمل أيضًا على تجريد المجتمعات من إنسانيتها وإنكار تأثير العنف ضدها. لنلقي نظرة فقط على المقطع المصور الذي بثه منفذ المجزرة، سنجده يحث مشاهديه على «الاشتراك في قناة PewDiePie» الشهيرة على الإنترنت، قبل أن يفتح النار على المصلين. بشكل ما أظهر القاتل الهجوم وكأنه شيء غير واقعي تقريبًا.

على غرار الشبكات الجهادية التي يزعمون احتقارها – يقول ستاتشبري – تستخدم مجتمعات الإنترنت هذه العزلة التي يشعر بها الشباب كوسيلة للتطرف. لقد برزت ثقافة مجتمع العزوبة غير الطوعية – المعروفة باسم «Incel» – في العامين الأخيرين كبوابة للأفكار المتطرفة.

ويشدد ستاتشبري على أنه لو كانت هذه الخطابات المتطرفة تصدر من سوريا، وليس سياتل أو ستوك نيوينجتون، فإنها بلا شك كانت ستخضع لرقابة ضخمة من قبل الأجهزة الأمنية. ولكن لأن معظم مرتاديها من الشباب البيض، فقد تم إهمالها. بمجرد أن يصبح المرء متطرفًا، فإن وسائل التواصل الاجتماعي توفر له مكانًا مناسبًا لكي يعبر عن معتقداته.

لقد بث منفذ مجزرة المسجدين في نيوزيلندا مباشرة هجومه على الآلاف من المشاهدين عبر «فيسبوك». وُنشر بيانه عبر «تويتر»، وخلال ساعات من المجزرة، ظهرت تعليقات – معظمها مؤيد للهجوم – على قنوات اليوتيوب اليمينية.

لقد استُخدمت هذه الوسائط الاجتماعية لغرض صريح وهو تحويل عمليات القتل إلى مشهد للتداول على نطاق واسع – يؤكد ستاتشبري. وعلى الرغم من أن حسابات القاتل سيتم إغلاقها في غضون ساعات، فإن طبيعة هذه الشبكات تعني أن الفيديو يمكن أن يتم تحميله مرارًا وتكرارًا. ستكون المشاهد المروعة متاحة إلى الأبد، بغض النظر عن مدى محاولة السلطات التضييق عليها.

إن معرفة الدوافع وراء الهجوم ليست أحجية. فالكلمات المحرضة، والأفكار التي يتبناها القاتل والأدوات التي استخدمها لتنفيذ هجومه هي على مرأى من الجميع. وأي تكهنات تبدو زائدة عن الحاجة في مواجهة الأدلة المقدمة.

ما نحتاج إلى إجابة عليه هو السؤال عما سيحدث بعد ذلك. بما أن هؤلاء المحرضين يعيشون بيننا، كجزء من مجتمعاتنا، هل سنختار تجاهلهم؟ يتساءل ستاتشبري ختامًا. وهل سنتحدث عن التأثيرات على القاتل، وسنسعى لرسمه على أنه مريض عقليا، أو «ذئب منفرد»؟ أم يمكن أن نبدأ أخيرًا في إجراء بعض المحادثات الصعبة حول ضرورة أن لا نتقاعس عن مواجهة تهديد ناشئ ومتزايد؟ يمكننا فقط أن نسوق الأعذار لفترة طويلة.

اجمالي القراءات 1005