الجارديان»: 10 أسئلة تجيبك عن كل ما تود معرفته عن العبودية في عصرنا

في الخميس ٠٧ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

تؤثر العبودية على أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم – أكثر من أي وقت سابق على مر التاريخ.

1- كم يُقدر عدد العبيد في العالم اليوم ومن هم؟

تستحضر كلمة «العبودية» في الذهن صورًا للأغلال والسفن المبحرة عبر المحيط الأطلسي مملوءةً بالعبيد، وهي صور مرتبطة بشكل كبير بالماضي. لكن عدد البشر الذين يُستعبدون في وقتنا الحالي أكثر من أي وقت مضى في التاريخ.

وفق إحصائيات الخبراء فإن ما يقرب من 13 مليون شخصًا تم أسرهم وبيعهم عبيداً بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر؛ أما اليوم فيُقدر عدد الذين يعيشون في بعض أشكال العبودية الحديثة بحوالي 40.3 مليون شخص – أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف العدد خلال عصر تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي – وهذا وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن منظمة العمل الدولية (ILO) التابعة للأمم المتحدة ومؤسسة (ووك فري) Walk Free كما ذكرت كيت هودال في مقدمة مقالها الذي نشرته صحيفة «الجارديان».

تقول هودال: «إن النساء والفتيات تُشكل 71% من مجموع ضحايا العبودية في عالمنا المعاصر. أما الأطفال فيشكلون 25% من مجموع العبيد في أنحاء العالم بعددهم البالغ مليون طفل».

2- ما الذي يتم إجبار العبيد على فعله؟

وفقًا للمنظمة الدولية المناهضة للعبودية يُعتبر الشخص مستعبدًا في الوقت الحالي إذا أُجبر على العمل رغمًا عن إرادته، أو إذا كان مملوكًا أو يتم التحكم به من قبل مستغل أو «صاحب عمل»، أو إذا كانت لديه حرية محدودة في الحركة، أو إذا كان يتم التعامل معه بطريقة غير آدمية، أو إذا كان تتم معاملته كسلعة أو يُباع ويُشترى كممتلكات.

على الصعيد العالمي فإن ما يزيد على نصف ضحايا العبودية البالغ عددهم 40.3 مليون ضحية (أي 24.9) يعملون بشكل قسري؛ مما يعني أنهم يعملون رغمًا عن إرادتهم ويتعرضون للتهديد أو الترهيب أو الإكراه. أما عدد الأشخاص الذين يعيشون في زواج قسري فيُقدر عددهم بحوالي 15.4 مليون شخص إضافي.

من بين 24.9 مليون شخص يعملون بشكل قسري فإن غالبيتهم (16 مليون شخص) يعملون في القطاع الخاص. يقوم العبيد بتنظيف المنازل والشقق وإنتاج الملابس التي نرتديها ويحصدون الفاكهة والخضروات التي نأكلها ويجوبون البحر لاصطياد الجمبري الذي نأكله في المطاعم ويحفرن لاستخراج المعادن المُستخدمة في الهواتف الذكية والماكياج والسيارات الكهربية وكذلك يعملون في أعمال الإنشاءات مثل أعمال إنشاء البنية التحتية في قطر من أجل كأس العالم 2022.

وهناك ما يُقدر بـ24.8 مليون شخص من الذين يعملون بشكل قسري يتعرضون للاستغلال الجنسي، وكذلك هناك حوالي 4.1 مليون شخص يعملون بشكل قسري في أعمال تفرضها الدولة والتي تتضمن إساءة استخدام الحكومات للتجنيد العسكري وأعمال الإنشاءات والزراعة القسرية. في بعض البلدان مثل موريتانيا يولد الشخص في عبودية «وراثية» إذا كانت أمه عبدة.

مرة أخرى تتحمل النساء والفتيات العبء الأكبر من هذه الإحصاءات، حيث يُشكلن 99% من إجمالي ضحايا التجارة الجنسية و 58% من باقي القطاعات طبقًا لمنظمة العمل الدولية.

3- أين يحدث هذا؟

من الناحية الإحصائية فإن أكثر الأماكن من حيث انتشار العبودية الحديثة هي أفريقيا تليها آسيا ومنطقة المحيط الهادئ طبقًا لمؤشر العبودية العالمي الذي ينتشر ترتيب الدول وفق أرقام العبودية الحديثة واستجابات الحكومة لمعالجة هذه القضايا.

لكن منظمة العمل الدولية ومؤسسة Walk Free يحذران من أن هذه الأرقام يُحتمل أنها أقل من الواقع نظرًا لنقص المعلومات حول مناطق رئيسية. وعن ذلك يقول ميشيل دي كوك الخبير الإحصائي الرفيع في منظمة العمل الدولية: «نعتقد أن الرقم العالمي المُقدر بـ40.3 مليون هو الأكثر موثوقية حتى الآن، على الرغم من أننا نعتقد أنه أقل من الواقع، حيث أن هناك الملايين من البشر الذين لم نتمكن من الوصول إليهم في مناطق النزاع أو مسارات اللجوء أو الأماكن التي لا يمكننا التحقق من صحة البيانات الواردة حولها مثل دول الخليج حيث منعتنا حواجز الوصول واللغة من الوصول إلى مجتمعات العمال المهاجرين».

أكثر من 70% من ضحايا الاستغلال الجنسي البالغ عددهم 4.8 مليون شخص يوجدون في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، أما الزواج القسري فهو الأكثر انتشارًا في أفريقيا. لا يوجد بلد واحد في العالم خالي من العبودية: 1.5 مليون شخص من ضحايا العبودية يعيشون في دول متقدمة، حيث يُقدر عدده المُستعبدين في المملكة المتحدة على سبيل المثال بحوالي 13 ألف شخص.

4- لماذا يوجد الكثير من العبيد في الوقت الحالي؟

العبودية تجارة كبيرة ومربحة. على الصعيد العالمي تدر العبودية ما يصل إلى 150 مليار دولار (116 مليار جنيه أسترليني) من الأرباح كل عام، وأكثر من ثلث هذا المبلغ (46.9 مليون دولار) يأتي من البلدان المتقدمة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. وفي حين أن تجار العبيد كانوا يواجهون قبل قرنين من الزمان الرحلات المكلفة وارتفاع معدلات الوفيات، إلا أن المُستغلين المعاصرين يواجهون تكاليفًا أقل بفضل التقدم الهائل في التكنولوجيا ووسائل النقل. كما أن تدفقات الهجرة الحديثة تعني أنه يمكن استغلال عدد كبير من الأشخاص المستضعفين والقابلين للاستغلال في سلاسل الإمداد العالمية في قطاعات الزراعة والجمال والأزياء والجنس.

وفقًا للخبير في شؤون العبيد سيدهارث كارا فإن تجار العبيد المعاصرين يربحون ما يصل إلى 30 ضعف أرباح نظرائهم من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. فالعبد يُكلف في الوقت الحالي 450$ تُدفع مرة واحدة حسب تقديرات كارا. بينما يُدر العامل بالعمل القسري حوالي 8000 دولار ربحًا سنويًا لمستغله، أما تجار الجنس فيربحون ما متوسطه 36 ألف دولار مقابل كل ضحية سنويًا.

يقول كارا: «لقد تبين لي أن العبودية في عصرنا الحالي أكثر ربحية مما كنت أتخيل؛ فالربح مقابل العبد الواحد يتراوح من آلاف الدولارات إلى مئات الدولارات سنويًا، ويُقدر إجمالي أرباح العبودية السنوية بحوالي 150 مليار دولار».

من المهم أن نعترف أن معدلات السكان العالمية تؤثر كذلك على التقديرات: أكبر 10 دول في العالم من حيث العدد التقديري المطلق لضحايا العبودية هي أيضًا من بين أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان. هذه الدول العشرة مجتمعة ـ وهي الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية والهند وإندونيسيا وإيران ونيجيريا وكوريا الشمالية وباكستان والفلبين وروسيا – تضم 60% من مجموع الأشخاص الذين يعيشون في العبودية الحديثة، وهي في الوقت ذاته تضم أكثر من نصف سكان العالم، وهذا وفقًا لمؤشر العبودية العالمي.

كذلك أدت زيادة الصراعات العنيفة في أنحاء العالم على مدار الثلاثين عامًا الماضية إلى زيادة عدد الأشخاص المعرضين لخطر العبودية وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، حيث تتحول الجماعات المسلحة والإرهابيون إلى الاتجار بالبشر «لإظهار سيطرتهم على المجتمع أو لزيادة قوتهم، إما من خلال تجنيد الأطفال، أو إعطاء عبيد الجنس كمكافأة للمُجندين لديهم».

5- ما الذي تفعله الحكومات للقضاء على العبودية؟

العبودية غير قانونية في كل دولة من دول العالم إلا أنها لا تزال منتشرة. في عام 2018 وعلى الرغم من أن أكثر من 170 دولة قد قطعت تعهدات علنية بالقضاء على العبودية إلا أن 122 منها فقط قامت بتجريم الاتجار بالبشر بما يتوافق مع بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بالاتجار بالبشر، بينما قامت 38 دولة فقط بتجريم الزواج القسري، وهذا وفقًا لمؤشر العبودية العالمي. تم تصنيف الولايات المتحدة ودول اسكندنافية وأوروبية كأكثر 10 حكومات تجاوبًا مع العبودية، إلا أن أحكام الإدانة قليلة في الواقع؛ حيث انخفض عدد الإدانات في أوروبا في عام 2016بنسبة 25% مقارنة بعام 2011 على الرغم من زيادة عدد الضحايا.

على الصعيد العالمي ارتفع عدد ضحايا العبودية المعاصرة المُحددة هوياتهم بنسبة 40% من عام 2012 إلى عام 2016 ليصل إلى 24000، وهو جزء ضئيل من عدد الضحايا المقدرين. ويعتقد الخبراء أن انخفاض معدلات الإدانة يعكس الإخفاق في تحديد الضحايا، فضلًا عن الصعوبات التي تواجه السلطات إقامة قضايا بموجب قوانين العبودية والاتجار بالبشر الحديثة.

6- ما الفرق بين العبودية والإتجار بالبشر؟

الإتجار بالبشر هو أحد طرق العبودية المتعددة. في حين أنه منذ قرون مضت كان تاجر العبيد يقوم ببساطة بشراء إنسان و«يمتلك» ذلك الشخص كأحد ممتلكاته (وهذا لا يزال يحدث حتى الآن)، إلا أنه اليوم أصبحت الممارسات المتعلقة بالعبودية أوسع وأكثر خبثًا.

يتضمن الإتجار بالبشر تجنيد أو نقل أو الحصول على شخص من خلال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو القوة لاستغلاله. هذا الاستغلال يتراوح من العمل القسري إلى الزواج القسري أو العمل الجنسي التجاري، ومن الممكن أن يكون المستغل أي شخص بما في ذلك الغرباء، أو الجيران، أو أفراد الأسرة. معظم الأشخاص يتم الإتجار بهم داخل بلدانهم، على الرغم من إمكانية الإتجار بهم في الخارج، وفي معظم الأحيان يتم الاتجار بالبشر من أجل العمل القسري.

في كثير من الأحيان يتم إيهام الضحية بأنه معروض عليه عمل ذو أجر جيد في مدينة أو دولة أخرى ليجد بعدها أن هذه الوظيفة غير موجودة وأنه مدين لـ«رب عمله» أو تجار البشر ويجب عليه دفع تكاليف انتقاله وسكنه، وأي «رسوم» أخرى يطلبها المستغل؛ مما يُجبر الضحية على عبودية الدين.

على سبيل المثال، كشفت تحقيقات الجارديان عن سلسلة من الانتهاكات من قطر إلى تايلاند ومن الهند إلى الولايات المتحدة. اضطرت قطر إلى اتخاذ إجراءات بعد الكشف عن الممارسات المسيئة تجاه العمال المهاجرين للمساعدة في بناء بنيتها التحتية من أجل كأس العالم 2022.

ولا يزال الإتجار بالبشر في قوارب الصيد منتشرًا على نطاق واسع، وخاصة في جنوب شرق وشرق آسيا، حيث يتم إغراء الرجال بوعود الحصول على وظائف في الزراعة أو البناء ثم يتم تخديرهم أو ضربهم ليستيقظوا ويجدوا أنفسهم في عرض البحر. كذلك تم الكشف عن استغلال العمال المهاجرين في ماليزيا، وكمبوديا، والصين، وإيطاليا، وفيتنام، والمملكة المتحدة.

يعتقد النشطاء مثل كارا أنه يمكن القضاء على العبودية إلى الأبد، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية وقدرًا كبيرًا من البحث.

أولًا نحتاج إلى محققين متفرغين يقومون بتحديد كل مستوى من مستويات سلاسل إمداد السلع الغامضة في الغالب من أجل تحديد أماكن حدوث انتهاكات لحقوق العمال واستغلالهم.

بعد ذلك يجب إجراء عمليات اعتماد مستقلة لكل سلعة بحيث يمكن للمستهلكين اتخاذ قرارات واعية بخصوص المنتجات التي يشترونها وأعمال العبودية أو الانتهاكات التي تنطوي عليها سلاسل إمداد تلك المنتجات.

وأخيرًا يقول كارا: «إن الصناعات تحتاج للاستثمار في المجتمعات التي تستخدم العمالة منخفضة التكلفة من أجل صناعة المنتجات». ويضيف: «لهذا فإن القيام بذلك سيساعد في تخفيف التعرض للإتجار بالبشر والاستغلال. قد يضطر المستهلكون إلى دفع مبالغ أكبر قليلًا مقابل سلع معينة وقد تضطر الشركات متعددة الجنسيات إلى القبول بأرباح أقل قليلًا، لكن في المقابل سيتم توفير بيئة أكثر حرية وعدالة للعمال، وهذا من شأنه تعزيز الإنتاجية، وهذا قد يؤدي إلى تعويض بعد هذه النفقات».

9- لمحة تاريخية عن العبودية

تقول الكاتبة: إنه يمكن إرجاع ظهور العبودية إلى العديد من أقدم المجتمعات في تاريخ الإنسان، من «مهد الحضارة» في بلاد الرافدين ومصر القديمة إلى اليونان وروما، فضلًا عن إمبراطوريتي المايا والأزتك.

تحول أسرى الحروب من المحاربين والملاحين إلى عمال، وأصحبت النساء القادمات من المناطق المنهوبة محظيات أو خادمات منازل. كما تم استخدام الأطفال كعمال مزارع أو مساعدين في المنزل. وظهرت القنانة ـ والتي يرتبط فيها الشخص بممتلكات، بدلًا عن ارتباطه بـ«سيد» – في أوروبا القرون الوسطى، بينما ازدهرت تجارة العبيد في القارة الإفريقية بواسطة العرب.

في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر ظهرت وانتشرت ممارسة عُرفت باسم «شانجهاينج (shanghaiing)» وتعني خداع الرجال أو اختطافهم للعمل على مراكب صيد السمك، بينما كان يتم إجبار الرجال ذوي الأجسام القوية على الانضمام إلى البحرية الملكية. لقد استعمر الأوربيون الأمريكتين بمساعدة تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي وأسواق العبيد التي ظهرت لاحقًا، حيث كان يتم فحص الأفارقة وبيعهم وشراؤهم في الساحات العامة خلال فترة عُرفت باسم «عبودية المتاع (chattel slavery)».

بدأ دعاة إلغاء العبودية في المملكة المتحدة حملة لإنهاء العبودية في ستينات القرن التاسع عشر، إلا أنها لم يتم إلغاؤها فعليًا حتى عام 1833، وتبعتها الولايات المتحدة في عام 1865. كانت آخر دولة في العالم تقضي بإلغاء العبودية هي موريتانيا في عام 1981، ومع ذلك يعتقد بعض النشطاء أن ما يصل إلى 20% من سكانها ما زالوا مستعبدين حتى اليوم.

10- ماذا أفعل إذا اعتقدت أن شخصًا ما ضحية للعبودية الحديثة؟

وفقًا للمنظمة الدولية المناهضة للعبودية فإن العبودية منتشرة لدرجة أنه من الممكن أن تصادف الضحايا «بشكل عابر». أهم الأشياء التي ينبغي البحث عنها هي ما إذا كان الشخص يتمتع بحرية الحركة وما إذا كان يبدو خائفًا أو يظهر عليه سوء المعاملة وما إذا كان يحمل عددًا قليلًا من المتعلقات الشخصية أو وثائق تحديد الهوية وما إذا كان يبدو تحت سيطرة شخص آخر وخائف من التحدث. إذا كنت تعتقد أن شخص ما تنطبق عليه بعض هذه المعايير فمن الأفضل أن تتصل بالسلطات مباشرة بدلًا من الاقتراب من ذلك الشخص لأن الاقتراب منه قد يعرضه للخطر. وتقترح الكاتبة أن يتم الاتصال في السلطات مباشرة في حال تحققت الشروط المذكورة أعلاه على أحدهم.

اجمالي القراءات 1194