بعد رحيل الزوج| الحاجة سعاد تستبدل أدوية الاكتئاب بكتابة المصحف كاملًا

في السبت ٠١ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

بات المنزل فارغًا وخاليًا من تلك الروح التي كانت تؤنس وحدتها، فلم يتبق بالبيت سوى ذكريات جمعتها مع رفيق دربها، وسندها في تلك الحياة بعد الله، وها هي  تُكمل عامها الـ 71 ولكن دونه، بعدما صعدت روحه إلى بارئها.

نوبة اكتئاب حادة تصيبها، لم تكن تعلم أنها ستكون سببًا  في كتابتها للمصحف كاملًا خلال أربع سنوات، وهي التي لا تجيد القراءة والكتابة إذ تركت المدرسة بعد ثانية ابتدائي، فضلًا عن كبر عمرها وضعف نظرها وارتعاش يدها - حسبما روت لنا حفيدتها مروة هاني-. 

قصة الحاجة سعاد صاحبة الـ 75 عامًا، التي انهت كتابة المصحف كاملًا بخط يدها، وجابت صورها مواقع التواصل الاجتماعي، نسرها لكم في السطور التالية، على لسان حفيدتها. 

 

تقول مروة لـ (مصر العربية): كانت جدتي تعيش بصحبة جدي القعيد، وكانت تربي اثنين أيتام، إلا أن الجميع رحل جدو توفاه الله  واليتيمان تزوجا، وبات لكل واحد منهما حياته، فتحولت حالة الونس لوحدة وأصيبت بإكتئاب، كانت تعالج منه بإحدى مستشفيات العجمي بالإسكندرية،  وكتب لها الطبيب على حبوب مضادة للإكتئاب. 

 

إلا أن مسار الأحداث وحياتها تحول بزيارة حفيدها الذي يعمل مهندسًا، فحينما رأى كم الأدوية التي تأخذها، قال لها: "مينفعش كده لازم نشوف طريقة تانية، بشوف ناس بيكتبوا القرآن وهم في السن بتاعك".

لم  تستوعب الجدة الفكرة خاصة وأنها لا تجيد القراءة والكتابة، كونها خرجت من التعليم وهي في الصف الثاني الابتدائي. 

وتابعت  مروة: "تيتا قالت لابن خالى مقدرش احفظ القرآن كله، فقالها خلاص اكتبيه، وصدقيني لو شغلتي وقتك به هتنسي الاكتئاب وترمي الأدوية". 

"كنت حينها أقيم مع جدتي وفوجئت بها عقب صلاة الفجر تفتح سورة الفاتحة وتكتب بسم الله الرحمن الرحيم"؛ بتلك العبارة استكملت مروة حديثها. 

ظلت حينها منذ الفجر وحتى العصر تكتب في سورة الفاتحة فقط، يدها كانت ترتعش بحكم عمرها، فضلًا عن أن تلك كانت  المرة الأولى للجدة التي تمسك فيها بالقلم منذ توقفها عن التعليم في الصف الثاني الابتدائي.

 

  

منذ ذاك التاريخ، لم تتوقف الحاجة سعاد البالغة من العمر حينها 71 عامًا،  عن مواصلة كتابة باقي سور المصحف في دفترها، حتى انتهت منه العام الماضي، تخللها عام كانت طريحة الفراش، اي أنها انهت كتابته كاملًا خلال 3 أعوام. 

تقول مروة: "تيتا كانت بتقلد الحروف والتشكيل زي ما بتشوفه، حتى الألوان، فمثلا  لفظ الجلالة الله كان باللون الأحمر".

مكتبة معينة وأقلام بعينها كانت تحب الجدة أن تكتب بها، وهو ما كانت تعكف العائلة على إمدادها بأي شئ تحتاجه من أجل هذا الغرض. 

بات القلم والمصحف والدفتر رفقاء لها؛ حيث أخبرتنا الحفيدة أنه في اي زيارة عائلية أو سفر أو أي شئ، كانت جدتها تحرص أن  تأخذهم معها، وتظل من بعد صلاة الضحى إلى بعد العصر تكتب في صفحة واحدة. 

انهت الجدة كتابة القرآن في دفترها بنفس عدد صفحات المصحف، وذات التخطيط، كما أخبرتنا الحفيدة أنها استهلكت في كتابته ما يزيد عن الـ40 قلمًا. 

ولفتت أنه حينما كان أحدنا ينصحها بأن تأخذ قسطًا من الراحة ليوم واحد فقط، كانت ترفض وتقول: "ده علاجي من الاكتئاب".

الآن لم تعد الجدة بحاجة لأدوية الإكتئاب، بعد اتباعها للروشتة التي وصفها لها حفيدها، بإجتهاد منها ابهره هو وأفراد العائلة.

تورتة من الحفيد في أجواء احتفالية من العائلة، بما انجزته "تيتا"، خلال تلك السنوات الأربع.

الآن الجدة البالغة من العمر 75 عامًا، بعد انتهائها من كتابة المصحف منذ عام، باتت تشغل نفسها بمراجعة اي تشكل ربما سقط منها عن طريق السهو، حيث تقول حفيدتها: "تيتا دلوقت بتراجعه عشان توديه للأوقاف يصدقوا عليها، وبعدين تطبعه وتدي لكل واحد مننا نسخة".

واختتمت مروة قائلة:السبب الذي دفعنى في الأساس لكتابة قصة جدتي على وسائل التواصل الاجتماعي، حينما وجدت حالات كثير تنتحر نتيجة الاكتئاب، في حين أن جدتي الكبيرة في العمر تمكنت أن تجتازه بطريقتها. 

اجمالي القراءات 1920