واشنطن بوست»: كيف يستغل الطغاة حقوق المرأة لترسيخ سلطاتهم؟

في الإثنين ٢٦ - نوفمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

قالت كل من دانييلا دونو وآن كاثرين كريفت في مقال لهما في صحيفة «واشنطن بوست» إن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عيّن حكومة جديدة نصف وزرائها هم من الإناث. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى عائشة محمد وزيرة للدفاع وموفريات كميل أول وزيرة للسلام، في وقت بدأت فيه إثيوبيا تلين العلاقات مع إريتريا المجاورة.

وأوضحت الكاتبتان أنه بعد يومين من إعلان آبي، أعلن زعيم رواندا، الميجور جنرال بول كاجامي، أن بلاده ستعين حكومة جديدة نصفها من الإناث؛ إلى جانب أن أغلبية أعضاء البرلمان هم من النساء منذ الإبادة الجماعية.

ويرى بعض المراقبين بأن الديكتاتوريين يجرون إصلاحات كهذه لتحسين صورة بلدهم، آملين أن ينظر المستثمرون والمقرضون نظرة أكثر إيجابية إلى «المستبد المتحضر». لكن الكاتبتين تشيران إلى بحث أجرتاه في الدراسات السياسية المقارنة، يظهر أن هذه الإصلاحات يمكن أيضًا أن تعزز الاستقرار السياسي المحلي. تستثمر أنواعًا معينة من الأنظمة الاستبدادية بفاعلية أكبر في الإصلاحات الاجتماعية – لأنها بذلك تفوز بقاعدة دعم أكبر تساعدها على البقاء في السلطة.

ما نوع المستبدين الذين يرسخون سلطاتهم بإصلاحات كهذه؟

إنها الأنظمة الديكتاتورية التي يحكمها حزب له امتداد عميق في المجتمع، ويتغلغل في كل مفاصل الدولة، من المستوى المحلي إلى الوطني. وكثيرًا ما يكون للحزب روابط وثيقة مع المنظمات غير الحكومية وحركات المجتمع المدني أو يسيطر عليها. وهذا ما يحدث في كل من إثيوبيا ورواندا. في حين أن معظم الحكام الاستبداديين ينشئون نوعًا ما من الأحزاب أو الحركات السياسية لإخفاء سلطتهم، إلا أنه في حالات قليلة فقط تكون لهذه الأحزاب قوة تنظيمية مستقلة عن الحاكم. وهذا يعتمد على ما إذا كان بإمكان الحزب تغيير القادة مع الاحتفاظ بالسلطة؛ قامت الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي «EPRDF» بهذا في عامي 2012 و2018.

كيف تعزز حقوق المرأة من نفوذ الحزب الاستبدادي؟

على عكس الدول التي تحكمها أنظمة عسكرية أو ملكية – تشير الكاتبتان – التي تعتمد على نخبة صغيرة من أجل البقاء السياسي، تحتاج الدول التي تحكمها الأحزاب إلى دعم أوسع في المجتمع من أجل البقاء. من المرجح أن توفر هذه الأحزاب السلع والحقوق لبعض مواطنيها على الأقل، حيث إن ذلك يساعد الحزب في البقاء في السلطة. ويمكن أن يساعد دعم المساواة بين الجنسين الحزب على كسب دعم المرأة.

 

 

الرئيسان الإثيوبي آبي أحمد (يمين) والإريتري بول كاجان (يسار)

لقد اهتزت إثيوبيا بعد عامين من الاضطرابات المناهضة للحكومة. وقد وعد رئيس الوزراء الجديد، آبي أحمد، بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة لضمان بقاء نظامه. يعد توسيع تمثيل النساء في الحكومة أحد خطواته الأولى. فهو يدرك بأن دعم المرأة السياسي سيساعد في ترسيخ قبضته على السلطة.

ﯾﻣﮐن آﺑﻲ ﺗﻌﯾﯾن ﻣﺟﻟس وزراء ﻣﺗوازن ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن ﻷن الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي ﻗﺎﻣت بتعيين ﻗﯾﺎدات ﻧﺳﺎئية. وتؤكد الكاتبتان أن الديكتاتوريات ذات الأحزاب الحاكمة القوية غالبًا ما تكون لديها أجنحة نسائية أو روابط مع الحركات النسائية. فهذا يساعد في نشر سياسات النظام ورؤيته للبلد. وفي الوقت نفسه، فإنه يوفر السياسيات المواليات لشغل المناصب البرلمانية والحكومية.

في إثيوبيا، قامت رابطة نساء الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي بهذه المهام. فقد شغلت وزيرة السلام الجديدة العديد من المناصب الحزبية، بما في ذلك وزيرة شؤون المرأة ورئيسة للبرلمان.

كما تدعم الأحزاب الدكتاتورية المرأة من خلال تحديد الحصص بين الجنسين في المجالس التشريعية. في عام 2004، أعلنت الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي أن 30% على الأقل من المرشحين الذين يشغلون مناصبهم في الحزب يجب أن يكونوا من الإناث. وحاليًا تشغل النساء 39% من مقاعد الهيئات التشريعية الوطنية.

تتمتع رواندا بأعلى نسبة من النساء في مجلسها التشريعي الوطني بنسبة 61%. وشدد الحزب الحاكم على حصة إلزامية قدرها 30% يحصل عليها النساء من المقاعد المضمونة في الهيئة التشريعية على كل مستوى من مستويات الحكومة في عام 2003 – وهي نسبة جرى تخطيها في الجمعية الوطنية. وفي رواندا، أسهم إرث الإبادة الجماعية في عام 1994 في تحويل الأدوار السياسية للمرأة، مما يساعد على تفسير الأداء الاستثنائي للبلد مقارنة بالبلدان الأخرى.

وتؤكد الكاتبتان أن الأحزاب الحاكمة في إثيوبيا ورواندا تستفيد سياسيًا من دعم حقوق المرأة إذ يمكن أن يساعد ذلك الحزب في تعبئة الناخبين. وخلال الحملة الانتخابية لعام 2015، قالت رئيسة رابطة نساء إثيوبيا إن التصويت لصالح الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي هو السبيل الوحيد للحفاظ على مشاركة المرأة في الحكومة.

لماذا إذن لا تحذو بقية الدكتاتوريات حذو رواندا وإثيوبيا؟

على النقيض من ذلك، ففي الأنظمة الاستبدادية التي يحكم فيها حاكم واحد أو زمرة صغيرة، فإن الإصلاحات المتعلقة بالمرأة تخاطر بزعزعة استقرار النظام لأن قادة الحركة النسائية هن في نظر النظام «خائنات» يسعين إلى تغيير الوضع السياسي الراهن. ولتفادي ذلك، تواجه الأنظمة الاستبدادية أي تحرك نحو حقوق المرأة بالقمع. ويساعد هذا في تفسير سبب اقتران إجراءات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لزيادة حرية المرأة في المملكة العربية السعودية بشن حملة شرسة على الحركة النسائية.

فهل ستتحرك الأنظمة المستبدة الأخرى لتبييض سمعتها الدولية من خلال وضع النساء في مناصب السلطة؟ تتساءل الكاتبتان، وتجيبان بأن هذا سيعتمد على ما إذا كان هناك حزب قوي هناك لاستيعاب فوائد الحصول على دعم المرأة.

اجمالي القراءات 612