ميدل إيست مونيتور»: كيف استخدمت أمريكا عملاء الموساد للسيطرة على أفريقيا؟

في الأربعاء ١٦ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

«إن أحد الجدالات المستمرة حول طبيعة اللوبي الإسرائيلي في الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا تتناول مدى تأثيره في السياسات الخارجية لهذه الدول. وغالبًا ما يتلخص هذا الأمر في السؤال عما إذا كان الذيل الإسرائيلي هو الذي يهز الكلب الأمريكي أو البريطاني (في إشارة إلى انقلاب الوضع وتحكم القوة الصغيرة في القوى الكبرى). وتحليلي هو أن إسرائيل هي أساسًا دولة عميلة للإمبريالية الأمريكية، ولذا تحتفظ الولايات المتحدة بالسيطرة الشاملة».

هكذا استهل آسا وينستانلي، المحقق الصحافي والمحرر المشارك في موقع «ذي إلكترونيك انتفاضة»، تقريره على موقع «ميدل إيست مونيتور»، الذي يكشف فيه عن الدور الذي لعبته إسرائيل في ترسيخ الاستعمار الأمريكي الجديد في أفريقيا.

الفرق بين اللوبي الإسرائيلي وجماعات الضغط الأخرى

ويستدرك الكاتب قائلًا إنه ومع ذلك لا يوجد شك في أن اللوبي الإسرائيلي مختلف في بعض النواحي عن جماعات الضغط التابعة للدول الأخرى التي تمارس نشاطها في واشنطن، ولندن، والعواصم الغربية الأخرى. فعلى سبيل المثال: هناك لوبي سعودي في الغرب، إلا أنه لا يهاجم بالدرجة نفسها التي يهاجم بها اللوبي الإسرائيلي نيابةً عن إسرائيل، التي تعتمد على المساعدات العسكرية والدعم السياسي الخارجي بدرجة أكبر بكثير من دول أخرى مثل المملكة العربية السعودية.

ويتابع الكاتب قائلًا إن اللوبي الإسرائيلي أيضًا لديه قدر هائل من التمويل تحت تصرفه، فقد كشف التحقيق السري لقناة الجزيرة حول اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا أن جاسوس السفارة الإسرائيلية شاي ماسوت، كان يحمل معه موافقة من الحكومة الإسرائيلية على مبلغ قدره مليون جنيه إسترليني لتمويل نواب حزب العمال –ويُفترض أن هذا التمويل قد شمل نوابًا من أحزاب أخرى أيضًا– لكي يسافروا في رحلات فاخرة إلى إسرائيل تنظمها مجموعات مناصرة لإسرائيل.

كيف يستخدم اللوبي الإسرائيلي تهمة معاداة السامية لقمع كل من ينتقد إسرائيل؟

ويرى الكاتب أن السياسات البريطانية إزاء إسرائيل ربما كانت ستصبح مشابهة لما هي عليه الآن حتى لو لم يكن هناك لوبي إسرائيلي في بريطانيا. ومع ذلك ففي بعض الأحيان يكون اللوبي الإسرائيلي فعالًا جدًّا في الهجوم علي النشطاء المؤيدين لفلسطين بالاتهامات الباطلة لتشويه سمعتهم، خالقًا بذلك خوفًا من حتى مناقشة القضية الفلسطينية؛ وبالتالي يغلق الباب أمام أي فرصة لنقاش مفتوح حول القضية الفلسطينية.

 

حركة ناطوري كارتا اليهودية المناهضة لإسرائيل

فعلى سبيل المثال: لعبت جماعات الضغط الموالية لإسرائيل دورًا فعالًا في القصة المبالغ فيها إلى حد كبير عن «أزمة معاداة السامية داخل حزب العمال»؛ بل واصطنعتها صراحةً في بعض الأوقات. ولطالما كانت الحركة اليهودية في حزب العمال في عهد جيريمي نيومارك -رئيسها السابق الذي تلطخت سمعته بعد أن ذاع نبأ ارتكابه مخالفات مالية وسلوكية- منبعًا لهذه السردية الكاذبة. وتدير الحركة الآن إيلا روز، الضابط السابق في السفارة الإسرائيلية التي حافظت على علاقتها بالسفارة حتى بعد أن شغلت منصبها الجديد. إضافة إلى أن حركة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال، التي اعترفت في تسجيلات سرية أن لديها علاقات وثيقة مع السفارة الإسرائيلية، قد ثبت تلفيقها اتهامات بمعاداة السامية.

وينقل الكاتب عن جيني مانسون من جماعة «الصوت اليهودي في حزب العمال» اليسارية الداعمة لنيومارك، قولها: «إن النتيجة الفعلية لهذا… كانت توقف الحديث بشكل أو بآخر حول إسرائيل وفلسطين، وحقوق الفلسطينيين داخل حزب العمال، فالناس الآن قلقون للغاية من التفوه بأية كلمة غير مناسبة. وأعتقد أن هذه أزمة أخرى يجب أن نتحدث عنها الآن».

ويضيف الكاتب: «بإمكاننا القول إن اللوبي الإسرائيلي يجيد الكذب والتلفيق والتحريف الذي يحدِث الضغينة والانقسامات بين أنصار اليسار. ويصح أيضًا أن نقول إن اللوبي الإسرائيلي خصوصًا ودولة إسرائيل عمومًا، غالبًا ما تعمل ضد (المصالح الوطنية) للداعمين الرئيسيين لها في الغرب. فعلى سبيل المثال: كشفت لنا تسريبات إدوارد سنودن أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تعتبر إسرائيل خطرًا جاسوسيًّا أساسيًّا في المرتبة نفسها التي تضع فيها الولايات المتحدة بعض ألد أعدائها».

هل سيعُض الكلب الشرس اليد التي تطعمه؟

ويرى الكاتب أن أفضل مثال لوصف علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة هو العلاقة بين كلب شرس، وسيده الذي يستطيع تسليطه على أعدائه عندما يحتاجه، إلا أن هناك مخاطرة مرتبطة بالاحتفاظ بالكلب متمثلة في احتمالية عضه اليد التي تطعمه.

ويلفت الكاتب إلى أنه ومع ذلك كانت إسرائيل في حقيقة الأمر مفيدة للمخططين الإمبرياليين في واشنطن؛ ليس فقط بصفتها عميلًا لهم في المنطقة التي تحتوي على أكبر احتياطيات نفطية في العالم؛ بل في بقية أنحاء العالم أيضًا. فقد قدم النظام الإسرائيلي تحت كل من حكومتي حزب الليكود اليميني، وحزب العمل اليساري السلاح والتدريب لبعض أسوأ الحكومات والجماعات التي تنتهك حقوق الإنسان في العالم، بما في ذلك بعض الحكومات والجماعات في أمريكا اللاتينية.

 

ويقول الكاتب إنه في كتاب أندرو ولِزلي كوكبرن الصادر عام 1991 تحت عنوان «علاقة خطرة»، عن العلاقة الاستخباراتية العسكرية بين إسرائيل والولايات المتحدة، يسرد المؤلفان الدور الإسرائيلي المهم في تغيير الحكومات والانقلابات التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) في أفريقيا. ويشرحان كيف أنه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، عندما كانت أفريقيا تحرر نفسها من نار الاستعمار الأوروبي وتؤسس دولًا مستقلة، أرادت الولايات المتحدة أن تملأ الفراغ، وتكمل من حيث توقف الأوروبيون.

ومع ذلك، فقد واجهت «سي آي إيه» مشكلة: فالأفارقة كانوا مرتابين بحقٍّ من النوايا الأمريكية. وكما يشرح مسؤول سابق في «سي آي إيه» في الكتاب دون ذكر اسمه، فإن السوفييت قد «أجادوا إجادة كبيرة في نشرهم أننا كنا مثل الاستعماريين تمامًا».

يد واشنطن الخفية

ثم يشير الكاتب إلي أن وكالات التجسس الإسرائيلية –التي كانت تبني علاقات سرية مع «سي آي إيه» منذ خمسينيات القرن الماضي– كانت على أتم استعداد للمساعدة. وكما يشرح رئيس الموساد إيسر هاريل في الكتاب: «كنا نعلم جيدًا كيف نتحدث مع الأشخاص السود… غادر الأوروبيون أفريقيا وكانت البوابة مفتوحة أمام الجميع للدخول، لم يستطع الأشخاص البيض الدخول باستثنائنا. لقد نجحنا في ذلك لأنهم لم يشكوا في كوننا إمبرياليين. كنا الوحيدين في ذلك الوقت الذين كان لديهم موطئ قدم هناك».

ويستطرد الكاتب قائلًا إن العملاء الإسرائيليين قد أمدوا «سي آي إيه» بمعلومات من أفريقيا والاتحاد السوفيتي لم يكن «سي آي إيه» سيقدر على الحصول عليها بدونهم، وكان ذلك في إطار برنامج سري للغاية يُسمَّى «كي كي ماونتن». وفي المقابل، تلقت وكالات التجسس الإسرائيلية مكافآت تراوحت قيمتها بين 10 و20 مليون دولار سنويًّا من الوكالة.

ثم يذكر الكاتب أن بعض الدول الأفريقية المستقلة حديثًا قد رحبت بإسرائيل في البداية، ولكن سرعان ما تغير ذلك بعد أن اتضح دورها الحقيقي. فقد لعبت إسرائيل و«سي آي إيه» دورًا أساسيًّا في كسب ولاء حكام مستبدين معادين للشيوعية من أمثال ديكتاتور أوغندا عيدي أمين، وديكتاتور زائير (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليًا) موبوتو سيسي سيكو.

وقد تغيرت علاقة الدول الأفريقية بإسرائيل أيضًا –بحسب الكاتب– بعد أن «أصبحت علاقة إسرائيل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا واضحة صريحة». وتدهورت بدرجة أكبر بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 بين مصر وإسرائيل، عندما قطعت العديد من الدول الأفريقية علاقاتها بإسرائيل.

ويختتم وينستانلي مقاله قائلًا: «ومع ذلك، تظل إسرائيل بطرق متعددة رأس حربة الإمبريالية الأمريكية في كل أنحاء العالم. ولا تزال تحاول نشر هباتها وعطاياها في أفريقيا، ولكن لمصلحة من؟».

اجمالي القراءات 2308