انخفاض منسوب النيل ورفع الدعم نهائيًّا.. 7 أزمات تنتظر المصريين في 2018

في الثلاثاء ٠٩ - يناير - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

للمرة الرابعة يقوم الرئيس عبد الفتاح السيسي بمد فترة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى منذ أبريل (نيسان) العام الماضي، رغم عدم صلاحية القرار دستوريًا لأن الدستور يحظر مدّ حالة الطوارئ أكثر من مرتين، ومع ذلك، فإن الفقيه الدستوري الدكتور صلاح فوزي، عضو اللجنة التشريعة بمجلس النواب أعلن قبل قرار الرئيس أن إلغاء حالة الطوارئ يهدد انتخابات الرئاسة القادمة، وهي نية صريحة لمخالفة الدستور، في الوقت الذي تقول فيه المعارضة أنّ مدّ حالة الطوارئ لها بُعد أكبر من ذلك؛ فالزيادة الأخيرة للأسعار التي تنوي الحكومة تطبيقها بعد موافقة البرلمان هي الأصعب على الإطلاق لأنها سترفع الدعم نهائيًا عن بعض الأسعار الأساسية.

ويمنح قانون الطوارئ للدولة الحقَّ في مراقبة الرسائل أيًّا كان نوعها، ومراقبة الصحف وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، والقبض على المشتبهين لفترات قد تكون غير محدودة دون توجيه اتهام لهم.

في هذا التقرير الفصل الأخير، لأبرز الأزمات التي تنتظر المصريين في العام الجديد.

1- انخفاض منسوب النيل وتوقيع اتفاقية عنتيبي

في الوقت الذي يعترف النظام المصري بالآثار السلبية لمشروع سد النهضة الإثيوبي، إلا أنه يرفض الإعلان عن الأضرار التي لحقت بالنيل أو بالسد العالي منذ شرعت الحكومة الإثيوبية في بنائه عام 2011؛ وبعدما قامت وكالة رويترز بنشر صورة لانخفاض منسوب مياه النيل مستشهدة بصور من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وأخرى من شهر نوفمبر 2017،علّقت وزارة الموارد المائية بأنه أمرٌ طبيعي، لكنّ الأوضاع ازدادت سوءًا بعدما تكررت حوادث «شحوط» البواخر والسفن، الأمر الذي أدى لعدم استكمال رحلاتهم، أما الشيء الوحيد الذي أعلنت عنه الحكومة فكان إمكانية خروج السد العالي من الخدمة، وهي المفاجأة التي فجّرها وزير الكهرباء السابق، أمام السيسي، قبل أن يُشير إليه الأخير بالصمت.

 

(انخفاض منسوب النيل في أسوان -جنوب مصر-) المصدر : رويترز

 اللافت للنظر أنّ وزير الخارجية المصري قد انطلق قبل أيام في زيارة رسمية لأديس أبابا، من أجل بحث فشل مفاوضات سد النهضة، ويبدو أنّ الزيارة لم تكن مثمرة للجانب المصري؛ لأن الوزير التزم الصمت لدى عودته التي لم يُعلن عنها، وكانت الزيارات قد تكررت بعد إعلان إثيوبيا البدء فى تخزين مياه النيل خلف سدّ النهضة مع بداية موسم الفيضان في يونيو (حزيران) الماضي، لكنها لم تفعل حتى الآن، وفي حال شرعت في ملء الخزان في العام الحالي، كانت هذه الخطوة  ستؤدي فعليًا إلى انخفاض منسوب النيل بعد 40 يومًا من التنفيذ، وتستهدف الخطة  تخزين 75 مليار متر مكعب من المياه، وهو مجموع ما تحصل عليه مصر والسودان في حصة النيل، وتجدر الإشارة إلى أن الجانب السوداني يدعم بناء السد بعدما حصل الرئيس عمر البشير على ضمانات وامتيازات لم تحصل عليها مصر حتى الآن برغم الزيارات المتبادلة، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي زار القاهرة عقب إعلان بلاده ملء السد، وكان من المتوقع أن تأخذ مصر ضمانات وتطمينات أكثر تجنبًا للتصعيد، إلا أن اللقاء انتهى وديًا دون الإعلان عن أية حلول للأزمة.

المثير للاهتمام أن ما نشرته رويترز واعترضت عليه الحكومة المصرية سبق للقمر الصناعي «جاسون2» (المتخصص في تجميع منسوب مياه البحيرات والأنهار في العالم) في الإعلان عنه، إذ كشف أنّ منسوب بحيرة ناصر انخفض أربعة أمتار في عام 2015 – وهو الخبر الذي تكتمت عليه السلطات المصرية – كما توقع أن تفقد بحيرة ناصر 16 مترًا من منسوبها خلال عملية حجب المياه؛ وهو ما ينعكس سلبًا على سد أسوان الذي أفقده السد العالي نصف طاقته الإنتاجية، ومن المتوقع أن يخرج من الخدمة خلال أربع سنوات.

 

لمعرفة القصة كاملة اقرأ ألتقرير التالي: إثيوبيا بدأت تخزين المياه.. 5 مخاطر ستواجه المصريين في «أيّام العطش»

وبعيدًا عن سدّ النهضة، فإن مصر قد دعمت جنوب السودان بالمال والذخيرة، ومنحتها مؤخرًا 5 مليون دولار في ظل أزمتها الاقتصادية، كي لا توقع على اتفاقية عنتيبي التي ستحرم مصر من حصتها من مياه النيل؛ وبالرغم من تعهد السودان بعدم التوقيع؛ إلا أنها أعلنت عن نيتها الانضمام للاتفاقية. وبموجب القانون الدولي؛ فإن الاتفاقية تدخل حيز التنفيذ في حال «مصادقة ثلثي دول حوض النيل، أي سبع دول من أصل 11 دولة»؛ وهذا النصاب القانوني لن يكتمل حاليًا إلا بتوقيع دولة واحدة، وبحسب تصريحات سفير جنوب السودان في القاهرة لجريدة «المصري اليوم»، فإن ما يؤخر بلاده عن التوقيع، هو الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها بلاده حاليًا، ومن الجدير بالذكر أن إثيوبيا تعمل حاليًا على إنهاء العنف في «جوبا» من أجل تمرير الاتفاقية سريعًا، تمهيدًا لإقامة انتخابات رئاسية في العام نفسه.

2- هروب الاستثمارات من مصر للسودان

بعد وساطة سعودية، قررت الولايات المتحدة أخيرًا، رفع الحظر الاقتصادي عن السودان، المفروض عليها منذ عام 2009، لكنّ هذه الخطوة التي سعت إليها الخرطوم، قد تكون بداية سيئة للجانب المصري الذي ربما يصبح أكبر المتضررين من نهضة السودان، خاصةً بعدما أصبحت قيمة الجنيه السوداني ضعف قيمة الجنيه المصري مرتين ونصف، فكيف ذلك؟

 

أدركت القاهرة مبكرًا خطورة رفع الحظر الاقتصادي عن السودان، وسارعت لإقرار قانون الاستثمار الجديد خوفًا من هروب المستثمرين في ظل أزمتها الاقتصادية، فيما أعلنت مؤخرًا انتصارها على  العجز التجاري في الأشهر الـ 11 الأولى من 2017 بعدما  انخفض 26% على أساس سنوي بقيمة بلغت 12 بليون دولار، وصرحت الوزارة في البيان نفسه، بأن الواردات انخفضت الأشهر الـ 11 الأولى من 2017 إلى 51 بليون دولار مقارنة مع 61 بليون دولار في الفترة نفسها من 2016، في حين زادت الصادرات إلى 20.4 بليون دولار من 18.4 بليون، لكنها مع ذلك؛ لا تزال تعاني من تضخم يصل إلى 30.8%، وفي حال مدت الحكومة قانون الطوارئ، فإن ذلك من الممكن أن يتسبب في أزمة اقتصادية بالرغم من قيام الحكومة بتعويم الجنيه.

على الجانب الآخر، فإن السودان وبمجرد إعلان رفع الحظر نهائيًّا، أصبحت مطمعًا كبيرًا في السوق الدولية، وخاصةً بعد فكّ أرصدتها المُجمدة في البنوك الأوروبية، وعودة حركة التحويلات – التي لا تزال محرومة منها -، فيما سبقت الصين، الولايات المتحدة، في الاستحواذ على استثمارات الخرطوم، بعدما أعلنت أن السودان أهم أهدافها الاستثمارية في أفريقيا، وكانت الحكومة السودانية  قد اتجهت مؤخرًا  إلى تعديل القوانين التي تسمح بتسهيلات واسعة لجذب المستثمرين الأجانب.

وتجدر الإشارة إلى أن السعودية تحتكر 50% من استثمارات النظام الزراعي في السودان، علاوة على تمويلها لمشاريع إنشاء سبعة سدود على النيل، فيما تُعد تركيا أول دولة أعلنت عن سعيها لإحداث قفزة تجارية مع الخرطوم، وبلغت عددالاتفاقات الموقعة خلال زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان الأخيرة؛ 22 اتفاقية تستهدف رفع حجم التجارة بينهما إلى 10 مليارات دولار أمريكي.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى الخلافات السياسية بين مصر والسوادن، والتي ترجع أهم أسبابها إلى النزاع الحدودي حول مثلث «حلايب وشلاتين»، إضافة إلى اتهام الخرطوم للقاهرة بأنها تتجسس عليها لصالح المعارضة السودانية، وأعلنت مرارًا عن كشفها خلايا تجسس مصرية، إضافة إلى استحواذها مؤخرًا على آليات وأسلحة مصرية، كانت في قبضة المعارضة السودانية، وهو التصريح الذي رفضته الخارجية المصرية جملةً وتفصيلا، ونفت أن يكون لها صلة بالأحداث، ونتيجة لهذا التوتر المحتدم؛ فمن الممكن أن توقع السودان على اتفاقية «عنتيبي»، كما سبق وأن أيدت مشروع بناء سد النهضة.

اقرأ أيضًا: كيف ستتضرر مصر من نهضة السودان؟ 5 أسباب تشرح لك

اقرأ أيضًا: «إخوة أم أعداء؟»: التفاصيل شبه الكاملة للصراع المحتدم بين مصر والسودان

3- رفع أسعار الكهرباء

زادت الحكومة بعد موافقة البرلمان أسعار الكهرباء في يوليو (تموز) الماضي بنحو 40% في إطار خطة تدريجية لرفع الدعم كُليًا عن الكهرباء عام 2022، والتصريح الأخير جاء على لسان وزير الكهرباء، الذي سبق له أن أعلن في يوليو (تموز) الماضي، أن الزيادات تراعي مصالح محدودي الدخل، بحيث تحصل الشريحة الأولى من المستهلكين على نسبة دعم تصل إلى 430% حتى بعد تطبيق الزيادة الجديدة، لكنّ عددًا كبيرًا من المشتركين فوجئوا عند موعد سداد الفواتير بأنّ الحكومة لم تكن دقيقة في تصريحاتها، ويجب التوضيح أن خريطة الزيادات كانت تشمل:

 

1- الشريحة الأولى: من 51 كيلو وات إلى 100 كيلو وات، سعر الكيلو وات كهرباء 11 قرشًا، دون زيادة.

2- الشريحة الثانية من 51 كيلو وات إلى 100 كيلو وات، سعر الكيلو وات 19 قرشًا، دون زيادة.

3- الشريحة الثالثة من 101 كيلو وات إلى 200 كيلو وات، سعر الكيلو وات 21 قرشًا دون زيادة.

ورغم تعهدات الحكومة، فإن شريحة الطبقة الوسطى يبدأ استهلاكها بين (150: 220) كيلو وات؛ أي أن جزءًا كبيرًا من شريحة محدودي الدخل وقعوا تحت طائلة الزيادات، ومن المتوقع أن تكون الزيادات القادمة بعد انتخابات الرئاسة، حتى لا تتضرر شعبية الرئيس الحالي الذي أعلن خوضه الانتخابات.

4- رفع أسعار البنزين والمواصلات

يرجع ذلك إلى التزام مصر حتى الآن ببنود صندوق النقد الدولي؛ الذي اشترط على الحكومة رفع أسعار المحروقات وإخضاعها لقوى العرض والطلب، إلا أنّ هناك عاملًا آخر سيتدخل في رفع الأسعار؛ فقانون التأمين الصحى الجديد الذي ستطبقه الحكومة بداية من يوليو القادم، يشمل بصفته قانونًا إجباريًا يُطبق على الجميع؛ كل المواطنين وليس شرائح معينة، لذا فالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقوم حاليًا بتحديد طريقة الاشتراك الإجباري في المشروع، وذلك بالتعاون مع وزارة المالية والتضامن، لتحديد الفئة المعفاة نهائيًا من قيمة الاشتراك المتمثل في زيادة إجبارية للأسعار والمواد.

عامل ثالث سيتدخل في رفع أسعار البنزين؛ فمشروع الموازنة العامة للدولة حدّد فاتورة دعم المواد البترولية بقيمة 110 مليارات جنيه، بناءً على سعر صرف متوقع للدولار عند 16 جنيهًا، لكن الدولار الآن في حدود 17.85 جنيه، والعجز لن يتحمله سوى المواطن، ويجب التوضيح أن ارتفاع الأسعار عالميًا يتدخل أيضًا في تحديد الزيادة.

5- رفع أسعار تذكرة المترو 

 أراد السيسي أن يمهد لزيادة سعر تذكرة المترو، قبل الإعلان عنها، بقوله : «أنا بتكلم بصراحة، إحنا هناخد 20 أو 30 مليار من البنوك علشان نعمل خط مترو أنفاق بس من غير معدات، ولما نضيف المعدات هنضيف 10 أو 20 مليار، وكدا مش هينفع نعمل التذكرة بالسعر الموجود دلوقتي ولا ضعفه ولا ثلاثة أضعافه كمان».

 

وبحسب المتحدث باسم وزارة النقل، فإن بدء تطبيق الزيادات سيكون مع قرب دخول محطات جديدة، ومن المقرر أن تنتهي الحكومة من المشروعات في الربع الأخير من العام المقبل، وهي نفس الفترة التي من المتوقع فيها الإعلان عن زيادات ونظام جديد يربط التذكرة بعدد المحطات.

6- رفع أسعار السجائر

ترغب الحكومة في تحصيل 8.5 مليار جنيه سنويًا بعد زيادة أسعار السجائر الشهر الماضي، إلّا أنّ بلدًا يُدخن فيه نحو 20% من السكان دفع الحكومة إلى زيادات جديدة ربما لن تكون الأخيرة؛ الزيادة الأولى ستكون في يوليو المقبل مع بدء تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخرًا؛ والذي سيشمل فرض 75 قرشا للشريحة الأولى لتصل قيمة الضريبة إلى 3.5 جنيه للعلبة بدلا من 2.75 قرشًا للعلبة، كما تم زيادة الضريبة القطعية بنحو 125 قرشًا للشريحة الثانية لتصل إلى 5.5 جنيه للعلبة، بدلا من 4.25 جنيه، وبنحو 125 قرشًا للشريحة الثالثة لتصل إلى 6.5 جنيه للعلبة بدلا من 5.25 جنيها، لتتراوح أسعار السجائر ما بين نحو 17 إلى 31 جنيهًا.

وربما لن تكون تلك الزيادة الأخيرة في ظل وجود قانون القيمة المُضافة.

7- ارتفاع سعر الدولار

عدة عوامل من المقرر أن تؤدي إلى هبوط الجنيه المصري أمام الدولار العام الجديد، منها قيام محافظ البنك المركزي المصري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بإلغاء سقف الإيداع والسحب بالعملة الأجنبية للمستوردين، ضمن الخطة الإصلاحية لصندوق النقد الدولي، أي أن الحكومة لن تتدخل في حجم السحب والإيداع للدولار مثلما كان يحدث سابقًا وكان يؤدي لاعتماد التجار على السوق السوداء، ومن المتوقع أن يزداد الطلب على الدولار بعدما قررت الحكومة عدم التدخل في التحويلات للخارج.

وتعد الديون أكبر عدو لخطة الحكومة للإصلاح الاقتصادي، إذ ارتفع الدين العام (الخارجي والمحلي) إلى 124.7% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2016/ 2017، مقابل 113.3% في العام المالي السابق له، أي أنه مؤشر خطر على قيمة الجنيه الذي قابله من الناحية الأخرى، قيام البنك المركزي الأمريكي برفع سعر الفائدة للدولار، الأمر الذي سيؤثر سلبًا على العملات الأخرى ومنها الجنيه.

بالإضافة لعوامل أخرى من شأنها أن تتسبب في رفع سعر الدولار منها: هروب الاستثمار، والديون الخارجية المستحقة للحكومة بالعملة الصعبة، وازدياد معدلات التضخم في ظل خفض فائدة الجنيه.

اجمالي القراءات 2382