تعرف إلى أشهر الأسواق الشعبية لبيع الكُتب في الدول العربية

في الأربعاء ١١ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مع صعود موجة الربيع العربي، شهد العالم العربي حالة أشبه بالشبق بالمعرفي وبالأخص بين صفوف الشباب. رغم حالة الركود المعرفي العام وانخفاض الاهتمام بمعدلات القراءة في العالم العربي مقارنة بالغرب، فقد انتشرت الأسواق الشعبية لبيع الكُتب في أماكن شعبية نسبيًّا في البلدان العربية، بحيث صارت هذه المناطق تمثل ظل المثقف العربي.

خلال السطور التالية، تحاول “ساسة بوست” التعرف على أبرز الأسواق الشعبية لبيع الكُتب في الدولة العربية، وسمات كُل سوق، وأنواع الكُتب فيها.

«نهج الدباغين».. سوق الكتب التونسية الشهيرة

في شارع صغير يُسمّى “نهج الدَبَّاغين”، بقلب الحي الأوروبي الذي شيدته فرنسا على مدى سبعين عامًا من استعمارها تونس، وعلى مسافة ليست ببعيدة عن مدينة تونس العتيقة، يشتهر هذا السوق كونه السوق الشعبية الأكثر شهرة في تونس الذي تُباع فيه الكتب والمجلات القديمة، حيث صار البوصلة الدائمة للمثقفين والأدباء والطلبة وعامة الشعب.

تعود تسمية هذا الشارع لكونه أحد الأزقة التي كانت تضم عددًا من الدكاكين المُتخصصة في دباغة جلود الحيوانات. فقد كانت الدولة تُقصي بعض الصناعات والحرف، كالحدادة والدباغة، خارج سور المدينة أو إلى أطرافها.

 

بدأت ترتسم ملامح الشارع كوجهة للمثقفين بعد استقلال تونس عام 1956، حيث بدأ يتحول شيئًا فشيئًا إلى مكان يتجمع فيه باعة الكتب القديمة، وترافق ذلك مع افتتاح عدد من المكتبات في الشارع تبيع كُتبًا قديمةً وجديدةً، ليتحول المكان مع مرور الوقت إلى سوق خاصة بالكتب.

في الفترة الأخيرة، أخذت بسطات من السلع الصينية في التمدد في الشارع مقابل انحسار في بسطات الكتاب في الشارع، وتحولت بعض المكتبات والدكاكين التي كانت مخصصة لبيع الكتب المستعملة إلى مطاعم ومحالّ لبيع الوجبات الخفيفة، وهو ما يرجعه المثقفون التونسيون إلى وطأة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والتطور التكنولوجي الهائل خصوصًا مع انتشار الإنترنت وتدهور أوضاع الناس الاقتصادية.

شارع المتنبي .. جزيرة المُثقف العراقي المعزولة

على الضفة الشرقية لنهر دجلة يقع شارع “المتنبي” في منطقة باب المعظم التي يخترقها شارع الرشيد الشهير وسط العاصمة بغداد، حيث يتوسط الشارع بناية القشلة المطلة على دجلة والتي كانت ثكنة عسكرية في أيام الدولة العثمانية.

يقع على يمين الشارع سوق السراي، والمعروف بسوق الوراقين والذي يعمل به عدد من بائعي القرطاسية واللوازم المكتبية، وعلى يساره يقع مقهى الشابندر، المنتدى الأشهر في بغداد للكتاب والشعراء ورواد الفكر، والذي تأسس عام 1917، وتزينه صور بغداد منذ أيام العهد الملكي، وصور أشهر الشعراء والكتاب والسياسيين في العراق.

أضحى هذا المَعلم الثقافي مجرد ركام والتهمت النيران الكُتب المُسالمة على أرصفة الشارع بعد تعرضه لاعتداء بسيارة مفخخة في 5 مارس 2007 مما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 100 شخص وتدمير أشهر مكتباته التي التهمتها النيران، وفقد صاحب مقهى الشابندر أولاده الخمسة ضمن ضحايا التفجير.

وبقيت حينها ولأكثر من يومين سحب دخان الحرائق التي التهمت المكتبات التاريخية تغطي سماء شارع المتنبي بعد أن تحول إلى ركام وأنقاض، وأعيد افتتاحه من جديد رسميًّا عام 2008.

الشاعر والناشر الأمريكي والجندي السابق بو بوسولي، أطلق مشروع “شارع المتنبي يبدأ من هنا”، وهو تجمع ثقافي أسسه الشاعر ومقره مدينة سان فرانسيسكو، دعوة لكل الفنانين والأدباء في العالم أن يعملوا سوية من أجل إصدار 130 كتابًا فنيًا جديدًا، يتضمن كل واحد منها بين دفتيه رسومًا تعبيرية وأعمالًا فنية ترمز إلى حادث التفجير، وتؤبن الضحايا وبائعي الكتب الذين سقطوا.

 سوق الأزبكية .. عاصمة الثقافة المصرية

بمنطقة العتبة بمحافظة القاهرة، وعلى جسر ممتد تتقاطع أضلاعه، تتراص المكتبات الخشبية ذات طراز موحد وفريد تزخر بكتب عن تاريخ الثقافة المصرية، روايات لكبار الكتاب المصريين والعالميين، كتب دراسية تُقبل عليها الأسر المصرية لأسعارها الزهيدة، قواميس لمختلف لغات العالم، ومجموعة كُتب نادرة تتنوع أفكارها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار يصل عمر بعضها إلى أكثر من 150 عامًا، وأخرى تُعد نادرة لا توجد في أفخم مكتبات القاهرة، مؤلفات في علم النفس والفلسفة والفلك والرياضيات والميتافيزيقا.

يؤرخ لبداية تأسيس السور مع تجوال لمجموعة من باعة الكتب القديمة، كانوا يتجولون على مقاهي وسط المدينة، وفي وقت الظهيرة كانوا يتجمعون في ميدان الأوبرا في العتبة للاستراحة تحت ظل الأشجار، ومن هنا صاروا يعرضون كتبهم في شارع يفصل بين حديقة الأزبكية والأوبرا القديمة، وكان ذلك عام 1907.

مع قيام ثورة 1952، عرف السور أزهى فترات ازدهاره الحقيقي خصوصًا مع منح الرئيس جمال عبدالناصر تراخيص لأصحاب الأكشاك والمكتبات.

يتمتع السوق بشهرة عالمية كبيرة، فالكثير من المستشرقين الذين أقاموا في مصر كانوا يأتون لشراء الكتب من “الأزبكية”، ومن أبرزهم المستشرق الفرنسي ريشار جاكمون والإسباني خوان غويتيسولو”.

حي أكدال .. منصة المعرفة في المغرب

في أول شارع فال ولد عمير، قرب محطة الحافلة رقم أربعة، ينزوي في أحد الأركان الصغيرة عدد من المحلات المشهورة ببيع الكتب القديمة والمستعملة، وأرشيف من المجلات الفرنكوفونية والإنجليزية، والتي انقطع بعضها وأخرى لا تزال تصدر في عز المد الإلكتروني.

أغلب محلات بيع الكتب القديمة لا تحمل اسمًا، بل تعلو بابها فقط كلمة “كتبي” بالفرنسية، فأغلب هذه المحلات تعود إلى فترة الاستعمار، وهذا المحل الموجود في أول الشارع يعود فتحه إلى بداية السبعينيات، من طرف كتبي اسمه عبد الله العماري.

الفئة الغالبة في هذه المحلات الفترة الحالية هم من طلبة الجامعة، وتلاميذ المؤسسات التعليمية الثانوية والإعدادية، إذ تعرف المقررات الدراسية، والكتب، والروايات، ضمن المقرر الدراسي رواجًا في بداية كل موسم دراسي وجامعي، ويعمل صاحب المحل على وضعها قرب الباب، وبترتيب جيد يسهّل عليه الوصول إليها.

في مقاهي “فال ولد عمير”، يكتظ جموع الصحافيين والكتاب، وعشرات من بائعي الصحف الليليين الذين كانت نقطة تواجدهم في الفترة السابقة في شارع فرنسا وهو الشارع الذي يتوسط «أكدال».

تعود تسمية هذا الشارع بهذا الاسم، تيمنًا باسم أحد الوجوه المغربية الوحدوية، حيث يقع في قلب العاصمة، ويتميز ببناياته الجميلة وشوارعه النظيفة، ويتسم بالهدوء والأمن، والبعد عن ضوضاء وسط المدينة. وبفضل الازدهار الكبير الذي عرفه الشارع، عرفت الشوارع الأخرى المتفرعة عنه نهضة لافتة خلال السنوات القليلة الماضية، مثل شوارع: فرنسا، والأبطال، والأطلس.

اجمالي القراءات 2450