طريق الحرير الجديد في عمان.. نقطة وصل بين الشرق والغرب

في الثلاثاء ١٠ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

مع اكثر من ألف كيلومتر على الخط الساحلي، لا يمكن للبحر أن يكون بعيداً في عمان. إنه جزء لا يتجزأ من تاريخ البلاد وثقافتها وشعبها.

سومنيما أوداس، صور، عمان.

نحن نتجه الى ولاية صور الساحلية، المعروفة بصناعة السفن وهي صناعة عمانية تقليدية شهيرة. 

شهيرة لأن هذه السفن الخشبية مكّنت البحار العماني من خوض البحار وبناء امبراطورية بحرية في بدايات القرن التاسع عشر. وصور، على بعد ساعتين جنوبي العاصمة مسقط، كانت مركزاً لصناعة السفن.

هذا الشاطئ كان ذات يوم مليئاً بأحواض بناء السفن. إلا أن سفن الألياف الزجاجية الصينية الأرخص ثمناً أغرقت السوق. وانتقل صانعو السفن إلى أعمال أكثر ربحاً في الحكومة أو في القطاع النفطي.

هذا آخر حوض متبق لصناعة السفن. مع مجموعة صغيرة  من النجارين أغلبهم من ولاية كيريلا الهندية.

أحدهم ابيش كاكادث، تجري صناعة السفن في دمه، "كان والدي وجدي يصنعان سفناً مشابهة في كيرالا، وها أنا أصنعها اليوم في عمان، إنه عمل صعب جداً، فألواح الخشب كبيرة وثقيلة... وهو يتطلب الكثير من الوقت.

مع عشرين عاملاً يعملون ستة أيام في الأسبوع يتطلب الأمر عاماً لصناعة واحدة من هذه السفن الكبيرة

إنه عمل يدوي يستخدم تقنيات متوارثة عبر الأجيال. 

إنها سفينة مصنوعة بطريقة تقليدية، كما كانت تصنع منذ قرون. ولكنها تتماشى اليوم أكثر مع العصر نوعاً ما، فهي مجهزة بنظام تحديد المواقع GPS، كما أنها مكيفة وفيها ماء وكهرباء وما إلى ذلك. إلا أن شكلها وطريقة صنعها يتسمان بالتقليدية

كانت السفن الخشبية ذات يوم أساساً للاقتصاد العماني، حيث كانت تنقل البضائع والمسافرين من قارة الى قارة. أما الآن فإن عمان تبحث عن طرق أخرى، ليس عبر البحار وإنما جواً. يمكن تسميتها طريق الحرير عبر السماء

مثل أسلافه البحارة، يحاول الطيران الوطني العماني الاستفادة من موقع البلاد الاستراتيجي، لتصبح خياراً للنقل لأولئك المسافرين بين الشرق والغرب

بول غريغوروفيتش، المدير التنفيذي للطيران العماني:نحن نتكلم عن خمسة ملايين مسافر العام الماضي وستة ملايين هذا العام. ونحن في طريقنا الى عشرة ملايين راكب بحلول العام 2020 مع 70 طائرة و75 وجهة.  

انضم بول غريغوروفيتش الى الطيران العماني عام 2014، ليكون على رأس مرحلة توسع قياسية.

يستوعب المطار الحالي أربعة ملايين شخص، ما يساوي عدد سكان عمان. ومع امكانية زيادة عدد الزائرين، يسعى الطيران العماني لتوجيه استثماراته نحو مواكبة الطلب المتنامي

هذه رحلة الى لندن، وهذه الى دبي، وفي المرحلة المقبلة ستصلون إلى الصين. هل تسعون للتوسع نحو الصين؟

نعم، وسيكون عندها لدينا في الشرق الأقصى كل من بانكوك، كوالالامبور، سنغافورة، مانيلا، جاكارتا، ومن ثم الصين: شانغهاي، بكين... ضمن شبكة رحلاتنا

خلال العام الماضي أضاف الطيران العماني إلى أسطوله طائرة جديدة كل شهر، وهو الآن بانتظار الدريملانر.

كما تم مؤخراً بناء أربعة مطارات جديدة في البلادوإذا ما تمت مقارنة ذلك بالشركات المجاورة مثل القطرية والإتحاد وخطوط الإمارات، يقول المسؤولون إن النمو هنا أكبر بكثير.

بول غريغوروفيتش: “نحن لا نريد أن ننسخ نموذج الشركات المجاورة المرتكز إلى خطط توسع كبيرة. كل ما يحصل في عمان، يتم بطريقة مدروسة، خطوة بخطوة، تماماً كالتطور الحاصل في البلاد، حيث لا توجد ناطحات سحاب هنا

إنها وجهة نظر غالباً ما نسمعها في عمان، حيث أن البلاد ترغب بالحداثة مع المحافظة على تقاليدها

هذا ما تعتقد مضيفة الطيران منيرة الجابري أنه يحدث فرقاً.

"نحن عمانيون، ونحن معروفون بحسن ضيافتنا الجميلة واللطيفة. ونحن نقدم ذلك لزبائننا ومسافرينا. إننا نعكس تقاليدنا وكل ما اكتسبناه من أهلنا وأجدادنا

على طريق الحرير الخاص بها، مكنت السفن البحرية العمانية البلاد ذات يوم من بناء امبراطورية واسعة، واليوم تعيد عمان تجسيد هذا الماضي الريادي بخوضها مجالات أخرى، تصل هذه المرة أيضاً الشرق بالغرب للتجار والسائحين.

اجمالي القراءات 3087