ذا دايلي بيست»: لماذا أعلن «داعش» الحرب على تركيا؟

في الأربعاء ٠٤ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

سابقًا، غضت تركيا الطرف عن تنقلات مجندي داعش عبر الحدود التركية، خاصة أثناء سيطرة التنظيم على بعض المدن الحدودية، فضلًا عن أن التنظيم ترك مدينة حدودية تركية بلا قتال. وعلى صعيد آخر، على مر الهجمات الإرهابية في تركيا، لم يسبق أن أعلن داعش عن تبنيه أي هجوم على الرغم من أن العديد من الهجمات نسبت بالفعل إلى التنظيم. ربما يتساءل البعض ما الذي تغير؟ لماذا قرر تنظيم داعش إسقاط تركيا، أو حسب وصفها في بيانها عقب الحادث الأخير «تركيا حامية الصليب»؟

في تقرير نشرته «ذا دايلي بيست» كتبه «روي جاتمان» يحاول استعراض كيف تطورت الأحداث، مصحوبًا بتحليل رد فعل الحكومة التركية إزاء الأحداث الأخيرة.

حرقٌ وتفجير وتدمير

يقول «روي» إن تنظيم الدولة الإسلامية، قبل الهجوم على الملهى الليلي الذي تبنته داعش بعشرة أيام، نشر مقطعًا مروعًا على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر قواتها تحرق جنديين تركيين وهما على قيد الحياة، مصحوبًا بوعيد بأسوأ الفظائع مستقبلًا.

كما أعلن مجند تركي تابع لداعش يطلق على نفسه «أبو حسن» أن تركيا «صارت أرض الجهاد»، وحث المتعاطفين مع التنظيم داخل تركيا على أن «يحرقوها ويفجروها ويدمروها»، ربما كانت تلك إشارة مباشرة قبل الهجوم في صباح الأحد، والذي أسفر عن مقتل 39 شخصًا على الأقل، وإصابة 65 آخرين بجراح.

أعلن التنظيم في رسالة عبر تطبيق تيليجرام، صباح الاثنين، أن «جنديًا من جنود الخلافة الأبطال دك أحد أشهر الملاهي الليلية التي يحتفل فيها النصارى بعيدهم الشركي»، و«أحال أفراحهم أتراحًا».

يذكر الكاتب أن الرسالة تعد مثالًا «نادرًا» لتبني التنظيم أي هجومٍ في تركيا، إذ أدانت التدخل التركي في شمال سوريا حيث طوقت قواتها، بالتعاون مع المعارضة السورية، مدينة الباب التي تقع تحت سيطرة داعش. وأضاف البيان: «ولتعلم حكومة تركيا المرتدة أن دماء المسلمين التي تسفك بقصف طائراتها ستستمر نارًا في عقر دارها بإذن الله تعالى».

ومن جانبها، جاء رد الحكومة التركية، التي ضيقت الخناق على التغطية الإعلامية بشأن الهجوم، متعهدةً بمواصلة العمليات العابرة للحدود، في تحدٍ واضح.

وفي تصريح له، قال «نعمان كورتولموش»، نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة، إن «القوى التي لم تستطع تقبل نجاحاتنا الميدانية لا سيما في الآونة الأخيرة لجأت إلى تنفيذ الأعمال الإرهابية»، وذلك عقب اجتماع كبار مسؤولي الأمن في تركيا.

وأضاف: «سنواصل العمليات خارج الحدود بحزم»، ذاكرًا في حديثه مدينة جرابلس التي تقع على الحدود التركية، والتي دخلتها القوات التركية في أغسطس/ آب الماضي، ومدينة الباب التي تأمل القوات التركية دخولها قريبًا، ومدينة منبج التي تنوي تركيا طرد الميليشيات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية منها، والتي فرضت سيطرتها عليها منذ أغسطس/ آب الماضي.

لكن تصريحات كورتولموش كانت مصحوبةً بتعهد تركيا بمواصلة الهجوم البري على داعش، وكذلك الهجوم على القوى التي قال إنها تدعم المجموعات الإرهابية، إلا أنه لم يذكر اسم أي بلد محدد.

وأضاف أنه إذا توقفت تلك القوى عن تقديم الدعم لهم لمدة أسبوع واحد، ستنهار تلك الجماعات الإرهابية.

إضافة إلى أنه أشار إلى داعش، التي منذ منتصف عام 2013 تجولت بحرية في سوريا، وفرضت سيطرتها على قطاعات كاملة من البلد دون أي معارضة من الحكومة السورية. كما أشار إلى حزب العمال الكردستاني الذي يتحالف الجانب السوري منه مع الحكومة السورية التي تدعمها إيران، وتتعاون الآن مع الولايات المتحدة الأمريكية في مقاتلة داعش.

وفي تلك الأثناء، شن حزب العمال الكردستاني تمردًا مسلحًا في شمال تركيا، وقد تبنى بالفعل عمليات إرهابية في تركيا من قبل.

تعجب الكاتب من أن كورتولموش لم يذكر في حديثه الكثير بشأن الحادث، على الرغم من أن وسائل الإعلام التركية قالت إن الهجوم خططه رجل مسلح من «قرغيزستان» في آسيا الوسطى. وأن الرجل المسلح وصل إلى الملهى في سيارة أجرة، وأخرج سلاحه شبه الآلي من حقيبة في صندوق السيارة، ثم دنا من الملهى الواقع في الجانب الأوروبي من البوسفور الذي يفصل بين آسيا، وأوروبا.

قتل على الأقل رجل شرطة واحد من الحراس خارج الملهى، ثم اقتحم الملهى واستمر في إطلاق النار لمدة سبع دقائق متواصلة، على زبائن الملهى المجاورين للمدخل، وفي الطابق الثاني، وعاد مرة أخرى للدور الأرضي مع استمرار إطلاق النار. يقول أحد رجال الشرطة أنه استخدم حوالي ستة خراطيش، وأطلق 180 رصاصة. ثم استبدل ملابسه وفر من المشهد مستقلًا سيارة أجرة خرج منها في حي مجاور مدعيًا أنه لم يكن لديه أي أموال.

حالة طوارئ

يقول «روي» إن قدرة منفذ الهجوم على تنفيذ عمليته، والهروب، تركت العديد من الأتراك في حيرة، خاصةً وأن المدينة خصصت عشرات الآلاف من رجال الشرطة في دوريات؛ مما أضاف إلى الأزمة في بلد يقاتل في حروب على جبهات متعددة، ويتعافى من محاولة انقلاب فاشلة اتهم فيها حليف سابق للرئيس رجب طيب أردوغان، وما تزال البلاد بصدد تحقيقات في أعمال عنف أخرى مثل اغتيال السفير الروسي في التاسع عشر من ديسمبر/ كانون أول. جدير بالذكر أن تركيا كانت في حالة طوارئ منذ يوليو/ تموز الماضي، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، ومن المرجح الآن أن تمتد حالة الطوارئ حسب ما ذكره مسؤولون حكوميون.

أحد مقاييس التوتر كان الحظر المفروض على وسائل الإعلام التركية من تداول أي تفاصيل عن الهجوم على الملهى الليلي، مصحوبًا بتهديدات لأي شخص ينشر أي شيء من المفترض أن يدعم الأفعال الإرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما حذر رئيس الوزراء «بن علي يلدريم» من «العواقب» التي سيواجهها منتهكو الحظر. وأضاف في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر أنه «يجب أن يكون معروفًا أن الأفعال التي تثني على الإرهاب هي جرائم، وستواجه فرض عقوبات جنائية».

كما حذر وزير العدل «بيكير بوزداغ» من أن «الترويج للأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية يعد جريمة».

يقول الكاتب إن وسائل الإعلام الأجنبية التي لها مراسلون داخل تركيا لم تسلم هي الأخرى من تلك التحذيرات، فقد احتُجز «ديون نيسينبوم» -مراسل صحيفة وول ستريت جورنال-، وأودع لمدة يومين ونصف في حجز انفرادي، بعد أن كتب تغريدة تحتوي على رابط صور داعش أثناء حرقها الجنديين التركيين. كما لم يرد أي رد من وزارة الخارجية التركية، أو مكتب الرئيس التركي بشأن طلبات تفسير الاحتجاز، والمعاملة التي تلقاها مراسل الشرق الأوسط المخضرم.

كما التزمت الحكومة التركية الصمت، ولم تصدر أي تصريح عن احتجازه، وهو ما يعد تطورًا غير عادي في تركيا.

اجمالي القراءات 1693