الحكومة المصرية تطعن في بطلان نقل تيران وصنافير

في الأربعاء ٢٢ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

الحكومة المصرية تطعن في بطلان نقل تيران وصنافير

 
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام خيار تقوية العلاقات مع السعودية أو تعميق محتمل للانقسامات في الداخل.
العرب أحمد حافظ [نُشر في 22/06/2016، العدد: 10314، ص(1)]
 
الحكم يمثل ضربة سياسية قوية لنظام السيسي
 
القاهرة - أعاد القضاء المصري الجدل مجددا بعد الحكم ببطلان اتفاقية نقلت مصر بموجبها السيادة على جزيرتين في البحر الأحمر إلى السعودية، وتسببت في احتجاجات واسعة في مصر، فيما قالت الحكومة المصرية إنها ستطعن على الحكم.

واحتدم النقاش مرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط سعادة عارمة من قبل معارضين قالوا إن حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية يثبت أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان.

وقالت مصادر قضائية لـ”العرب” إن هيئة قضايا الدولة، وهي جهة حكومية تمثل الحكومة أمام القضاء المصري، ستطعن في الحكم.

وأرجعت المصادر قرار الحكومة بالطعن في الحكم إلى أنه “من المفترض ألا تثار قضايا سيادية تخص صميم عمل السلطة السياسية، ومنها الحدود، أمام الجهات القضائية”.

وقبل نحو عامين شهدت مصر جدلا أقل صخبا بشأن اتفاقية مماثلة مع قبرص، انتهت بحكم القضاء الإداري بعدم اختصاصه في نظر الدعوى.

وقضت المحكمة الثلاثاء “بقبول الدعوى شكلا وبطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل 2016 والمتضمنة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية”.

وقال مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، في بيان “الحكومة المصرية تحترم الأحكام القضائية انطلاقا من مبدأ سيادة القانون الذي هو أساس الحكم في الدولة”.

وأضاف “الحكومة تعكف على دراسة أسباب الحكم لاتخاذ الإجراءات القانونية بالطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة لطلب وقف تنفيذه وإلغائه”.

وأثارت الاتفاقية التي وقعها البلدان في أبريل الماضي على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة، احتجاجات كبيرة في مصر، واتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن الجزيرتين مقابل استمرار المساعدات السعودية.

 
تهاني الجبالي: أتوقع أن تؤيد المحكمة الإدارية العليا الاتفاقية بين مصر والسعودية
 

ودافعت الحكومة المصرية سياسيا وقانونيا عن الاتفاقية، وقالت إن الجزيرتين الواقعتين عند مدخل ميناء العقبة الجنوبي كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.

لكن حجج الحكومة لم تكن كافية. وفي 25 أبريل الماضي اندلعت احتجاجات في وسط القاهرة طالبت بإلغاء الاتفاقية، واستعادت لأول مرة منذ الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في عام 2013 شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”. وألقي القبض على العشرات من المتظاهرين.

ويعتبر غالبية المصريين نقل السيادة على الجزيرتين غير المأهولتين، مسألة “كرامة وطنية”، رغم حاجتهم إلى المليارات من المساعدات المالية تلقتها مصر من السعودية خصوصا، ودول خليجية أخرى لمساعدتها على إعادة اقتصادها للوقوف على قدميه.

وتسببت القضية لأول مرة في ظهور صراع خفي بين مؤسسات الدولة النافذة في مصر إلى السطح.

وأفرج عن العشرات من المتظاهرين الذين تلقوا أحكاما قضائية لاحقا، وتم إطلاق سراح بعضهم بعد تسديد كفالة مالية.

ويقول عبدالمنعم سعيد، مدير المركز الإقليمي للدراسات بالقاهرة، والمؤيد لحكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إنه من المرجح أن “يتم استغلال الحكم ضد النظام والدولة بأكملها من جانب المعارضين، سواء جماعة الإخوان أو الأحزاب والنشطاء، وكل هؤلاء سوف يسعون إلى تصدير فكرة أن النظام غير جدير بالحكم، وانه يعاني من توتر سياسي يدفعه لاتخاذ قرارات خاطئة”.

وأوضح سعيد لـ”العرب” أن “مصر ستظهر كأنها بلد متداخل السلطات ليس به نظام مؤسسي يحكمه، وهو ما يكشف عن خلل في النظام السياسي المصري، سوف تتحمل الدولة برمتها عواقبه الوخيمة، إقليميا ودوليا”.

وتحافظ السعودية، التي أقر مجلس الشورى فيها الاتفاقية بالإجماع مطلع مايو الماضي، على صمتها إزاء القضية التي كادت تؤثر على العلاقات الوثيقة بين البلدين الحليفين.

وتدرك الرياض مأزق نظام الرئيس المصري الذي شهدت شعبيته تراجعا غير مسبوق منذ الإعلان عن الاتفاقية التي لا تصبح نهائية إلا بعد تصديق البرلمان المصري عليها.

ويمثل الحكم ضربة سياسية قوية لنظام السيسي الذي طالب المصريين في منتصف أبريل الماضي بالكف عن الحديث عن مسألة الجزيرتين.

وقالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقا، إنه “من المتوقع أن تصدر المحكمة الإدارية العليا حكما بقبول طعن الحكومة، وتصدر حكما مغايرا لما أصدره القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، وسيكون حكمها نهائيا وباتا، والمبرر عدم اختصاص القضاء بقضايا سيادية، خاصة أن هناك سلطة تشريعية (البرلمان) بالبلاد”.

اجمالي القراءات 1933