إندبندنت: «الحكم بالخوف».. مصر تُخفي 1840 شخصًا خلال عام

في الجمعة ١١ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

نور خليل ومها مكاوي

لينة الشريف
نشر فى : الجمعة 11 مارس 2016 - 12:30 م | آخر تحديث : الجمعة 11 مارس 2016 - 2:59 م

«كنت نائمًا عندما جاءوا، استيقظت وأحدهم يُبعد عني غطاء سريري ويوجه بندقية إلى وجهي، وكُبلت يداي وعُصبت عيناي في الحال، وتم احتجازي في الحبس الانفرادي لأربعة أيام» يحكي المحامي والناشط «نور خليل» لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.

بحسب الصحيفة، حطّمت قوات الأمن الوطني باب منزل الأسرة في محافظة الغربية، واقتادت إلى السجن في تلك الليلة من شهر مايو من العام الماضي كل من نور وشقيقه إسلام ووالده السيد.

يقول نور، عند وجودهم هناك حقق مسئولو الأمن في كل تفصيلة عن حياته وأصدقاءه وعلاقاته «كل شيء.. دون أمر قضائي أو وجود محام أو أي تهم.. لم يكن لي أي حقوق».

أشارت الصحيفة إلى أن قصة «نور» - البالغ من العمر 22 سنة - واحدة من آلاف القصص المسماة بـ«الاختفاء القسري» وهي سياسة اعتقال وخطف الناس تتبناها الدولة، إلى جانب رفض الإفصاح عن أماكنهم أو مصائرهم، بحسب الصحيفة.

ومرر البرلمان الأوروبي بالإجماع أمس الخميس، قرارًا لإتخاذ إجراء ضد مصر «لحملتها واسعة النطاق بشأن الاعتقال التعسفي»، التي حسب التقديرات المتحفظة تركت أكثر من 22 ألف شخص في السجن منتظرين المحاكمة. يقر الاقتراح بوجود «قائمة طويلة من الاختفاء القسري وقع في مصر منذ يونيو 2013».

وبحسب الجماعات الحقوقية في مصر، فإنه منذ تولي اللواء مجدي عبدالغفار منصب وزير الداخلية في مارس 2015، أصبح الاختفاء القسري سياسة أمنية غير رسمية للحكومة ردًا على الاضطراب الاقتصادي وتمرد الإسلاميين في سيناء، على حد قولهم.

وتقول «التنسيقية المصرية للحقوق والحريات» إنها سجلت 1840 حالة من حالات الاختفاء القسري في 2015، وأشار تقرير لمركز النديم -المعني بإعادة تأهيل ضحايا العنف- إلى 66 حالة اختفاء في يناير الماضي.

يعترف اقتراح البرلمان الأوروبي بدور مركز «النديم» في «تقديم معلومات عن التعذيب والقتل ووقوع أسوأ الانتهاكات أثناء الاعتقال»، وينتقد إغلاق السلطات المصرية للمركز «على خلفية اتهامات باطلة متعلقة بوقوع انتهاكات صحية».

وقال نشطاء، إنه مع إعطاء الكارت الأخضر لتثبيط المعارضة سعيًا نحو الاستقرار، تتصيد القوات الأمنية المواطنين مع الإفلات من العقاب. مع ذلك، يقول وزير الداخلية إنه لا يوجد حالة واحدة حتى من حالات الاختفاء القسري، موضحًا «نحن 90 مليون واختفاء 200 شخص أمر طبيعي».

وبحسب الصحيفة، فالحكومة المصرية لم تكن متاحة للمزيد من التعليق على الأمر هذا الأسبوع، أثناء إعداد هذا التحقيق.

وبعد أربعة أيام من اختطافه ومع عدم وجود أي أدلة تربط بينه وبين أي جريمة، أُطلق سراح نور ووالده، أما شقيقه فنُقل إلى المقر الرئيسي للأمن الوطني في لاظوغلي، وكتب في رسالة مهربة من السجن «منذ لحظة دخولي هذا المكان ولم أشهد سوى انتهاك آدميتي» واصفًا التعرض للصعق بالكهرباء والضرب والبقاء لساعات في أوضاع مجهدة.

بحسب الصحيفة، يتم انتزاع الاعترافات من خلال التعذيب، وهو الأمر الذي تنفيه السلطات. ولكن يقول إسلام إنه منذ اليوم الأول كانوا يسألوه عن أشخاص لم يقابلهم من قبل ويصرون على معرفته لهم، وفي بعض الأوقات عندما شعر إسلام بالتعب من التعذيب أخبرهم عن استعداده لقول كل شيء يريدون منه قوله.

تشير الصحيفة إلى أن مناخ القمع يصل إلى الجامعات، فالطالب الجامعي «إسلام عطيتو» كان في أحد الامتحانات في مايو 2015، عندما طلب رجل زعم أنه مسئول جامعي مقابلته بعد ذلك، وفيما بعد شوهد عطيتو وهو يركض في مطاردة مع رجلين داخل الجامعة قبل الزج به في إحدى السيارات.

وفي الصباح التالي أعلن بيان لوزارة الداخلية أن عطيتو كان إرهابيًا وتُوفي أثناء تبادل لإطلاق النيران مع الشرطة، وبحسب الصحيفة وُجد جسده على جانب إحدى الطرق وقد تعرض لطلقات الرصاص مرارًا وتكرارًا.

المرة الأخيرة التي شوهد «أشرف شحاتة» فيها حيًا كانت في ردهة المدرسة الخاصة التي أنشأها في غرب القاهرة في 13 يناير 2014، وكانت المدرسة مهجورة تقريبًا عدا من وجود شحاته وبعض زملاءه.

وأثناء دخولهم المبني دق هاتفه، فتراجع إلى الخارج لتلقي المكالمة ولم يعد نهائيًا، تقول زوجته مها مكاوي «لم تُجرَّ أي تحقيقات».

تحدثت مكاوي مع رئيس المركز في الفرع المحلي لوزارة الداخلية، الذي أخبرها بدوره «ربما يكون مسافرًا.. ألا يمتلك جواز سفر؟»، تستكمل مكاوي «في هذه اللحظة أدركت أن زوجي فقد بطاقته وكان يحمل جواز سفره في يوم اختفائه».

تؤمن «مكاوي» أن زوجها اختُطف بعد نزاع مع زميل له اتصالات عسكرية، وتقول إن «المسئولين منحوها خطابًا فيما بعد يؤكد أنه خارج البلاد»، ثم بعد ذلك أخبرها المسئولون «لن تحصلي على إجابة أبدًا».

عندما ظهر «إسلام خليل» في المحكمة في سبتمبر الماضي، كان ضعيفًا ويرتدي ملابس لم تتغير منذ ثلاثة أشهر، وبحسب التقارير أُبلغ القاضي أنه تم اعتقال إسلام في اليوم السابق للمحاكمة.

يقول نور «كان شقيقي ضحية الاختفاء القسري لـ121 يومًا، ولكن يوم ظهوره في المحكمة لم يعُد ضحية بل كان مجرمًا مع توجيه اتهامات متعددة ضده».

يقول «جو ستورك» نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن فشل النيابة العامة في إجراء تحقيقات جدية في هذه القضايا يعزز من سياسة الإفلات من العقاب التي تمتعت بها القوات الأمنية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحسب وصفه.

وأضافت الصحيفة، أن «الخطر لم يعد مقصورًا على المصريين فقط»، مشيرة إلى أن نقاش البرلمان الأوروبي كان مدفوعًا بمقتل الطالب الإيطالي «جوليو ريجيني» الذي وُجد جسده معرضًا للتعذيب في إحدى الطرق في يناير الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى دخول «إسلام خليل» في إضراب عن الطعام منذ الأيام الأولى من فبراير الماضي، واحتمالية وفاته داخل السجن، ويقول مدافعون إنه «مع استمرار كفاح الإدارة العسكرية لاحتواء المتمردين الإسلاميين في سيناء والتخلص من الركود الاقتصادي، ستستمر قواتها الأمنية في اعتقال المواطنين والفتك بهم باسم الاستقرار»، بحسب تعبيرها.

اجمالي القراءات 1873