السلطات المصرية تستبق ذكرى 25 يناير بحملة اعتقالات

في السبت ٢٣ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً

السلطات المصرية تستبق ذكرى 25 يناير بحملة اعتقالات
الأجهزة الأمنية المصرية تقوم بحملة اعتقالات، تمت بعد استئذان القضاء، قبل احتفالات ذكرى 25 يناير بهدف تفويت الفرصة على مثير الفوضى والشغب.
العرب محمد وديع [نُشر في 24/01/2016، العدد: 10164، ص(6)]
 
خطوة استباقية مصرية مع ذكرى 25 يناير
 
القاهرة- قامت الأجهزة الأمنية المصرية بحملة اعتقالات ومداهمات واسعة طوال الأيام الماضية في خطوة استباقية لأي نشاط محتمل في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير.

وذكر مصدر أمني رفيع المستوى لـ”العرب” أن الشرطة المصرية أغلقت مراكز ثقافية ثبت أنها تتلقى تمويلا من جهات أجنبية لتقوم بتدريب الشباب على أعمال الشغب، كما نفذت حملات تفتيش واسعة لشقق سكنية خاصة في وسط القاهرة، قرب ميدان التحرير، وضبطت عشرات الأجانب الذين انتهت إقامتهم.

وأكد المصدر أن كل الإجراءات التي قامت بها الشرطة محسوبة وتمت بعد استئذان القضاء، كما يقضي القانون المصري، مشيرا إلى أن الحملة تهدف إلى تفويت الفرصة على مثيري الفوضى والشغب.

وقال اللواء عبد الله الوتيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق لـ”العرب”، إن قانون الإجراءات يشدد على أنه في حالة القبض على المواطن متلبسا في جريمة ما، تكون النيابة العامة مسؤولة عن تكليف محام لحضور التحقيقات مع المقبوض عليه وفى هذه الحالة تصبح مسؤولية إبلاغ أسرة المقبوض عليه ومكان ووقت القبض وتفاصيل الجريمة مسؤولية المحامي والنيابة.

وأشار الخبير الأمني إلى أنه لا يمكن التحقيق مع أيّ متهم أمام النيابة إلا بحضور محام، منتقدا ما ورد في تقرير “هيومان رايتس ووتش” من ادعاءات بوجود حالات اختفاء قسري، لافتا إلى أن التقرير يفتقد للدقة ولا يستند إلى أيّ جهة رسمية.

وبرأي الوتيدي فإن مصطلح الاختفاء القسري انتشر على وجه الخصوص منذ ثلاثة شهور فقط، وأرجع بعض حالات الاختفاء إلى الهجرة غير الشرعية لعدد من الشباب وبعضهم يلقى حتفه.

وأوضح أن وزارة الداخلية ليس من مصلحتها التعتيم على اختفاء عدد من المواطنين، واحتجاز بعض المتهمين قد يكون لساعات قبل الخضوع للتحقيقات داخل أقسام الشرطة وبعدها تتم الإحالة إلى النيابة العامة.

لكن مراقبين سياسيين محايدين لفتوا إلى أن الحملة تسيء لسمعة مصر في الخارج، بعد فترة حاولت فيها الدولة جاهدة تجاوز الأحداث الدموية التي شهدتها عقب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي.

لكن، المصدر الأمني برر الحملة، في تصريحات لـ”العرب”، بأن الوضع لا يحتمل قلاقل جديدة، معترفا بأن مصر تتعرض لتحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة، لكنه شدد على أن ما يكتب يحمل كثيرا من سوء القصد، خاصة في شيوع استخدام مصطلح “الاختفاء القسري” لوصف حالات القبض على مجرمين مدانين، أو احتجاز مشتبه بهم، رغم أن الاحتجاز لا يستمرّ أكثر من ساعات قليلة قبل أن يفرج عنهم، التزاما بالقانون.

القبض على العشرات من الشباب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي هدفه التحكم في حجم الدعاية المضادة التي تداوم كثير من الصفحات على القيام بها للتشهير بالنظام المصري دون وجه حق

وشدد على أن قانون الإجراءات الجنائية نص على عدم جواز القبض على إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة، وعدم جواز حبس مواطن إلا في السّجون، مع تكليف أعضاء النيابات العامة بالإشراف على السجون لضمان سير تلك القوانين، بالإضافة إلى انتدابهم للتحقيق في الشكاوى المتعلقة بهذا الإطار، مشيرا إلى وجوب المعاملة الكريمة للمواطنين.

ولفت إلى أن قانون العقوبات المصري في المادة 280 نص على معاقبة المخالف لشروط القبض على المواطنين، وغيرها من المواد المتعلقة بضمان حرية وأمن وكرامة المواطن المصري، ووجوب التزام الدولة بتوفيرها للمواطن ومعاقبة المتسبب في حرمانه من تلك الحقوق المنصوص عليها.

وقال المصدر إن القبض على العشرات من الشباب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي هدفه التحكم في حجم الدعاية المضادة التي تداوم كثير من الصفحات على القيام بها للتشهير بالنظام المصري دون وجه حق، وتنشر قصصا خيالية عن نشطاء تدّعي أنهم يختفون لأيام أو أسابيع.

بعض المراقبين اعترفوا لـ”العرب” بانخفاض شعبية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نسبيا عمّا كانت عليه يوم 3 يوليو 2013 حين أعلن تصدي الجيش لتنفيذ إرادة الشعب والقوى السياسية المختلفة بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي.

ومع إخفاق النظام الحالي في تحقيق إنجازات ملموسة لرفع مستوى معيشة قطاعات كبيرة من الشعب، وخفض معدلات البطالة وغيرها من الإنجازات الاقتصادية التي تنعكس آثارها على الشارع، تراجع حماس الشعب للسيسي، لكنه يبقى في الحدود الآمنة التي لا تكفي لدفع الملايين للخروج في مظاهرات للمطالبة بتنحّيه عن الحكم مثلما حدث مع الرئيس الأسبق مبارك.

واعترف الناشط الماركسي علي الخولي في تصريحات صحفية مؤخّرا بأن معظم المصريين لا يشكلون معارضة نشطة للسيسي، متوقعا ألا تشهد الذكرى الخامسة لثورة يناير زخما كبيرا في الشوارع لتلبية دعوات التظاهر التي أطلقتها جماعة الإخوان وبعض الحركات الثورية اليسارية.

وأوضح المصدر الأمني لـ”العرب” أن هناك نوعا من الاختفاء أظهرته واقعة تفجير القضاة المشرفين على الانتخابات بالمرحلة الثانية بالعريش حيث تغيب أحد منفذي التفجير عن ذويه قبل ثلاثة أشهر من العملية ولم يعلم الأهل، وانضم إلى تنظيمات حملت أفكارا متشددة، للمشاركة في أعمال إرهابية. وطالب الأهل بضرورة رعاية أبنائهم حتى لا يترك لهم المجال مفتوحا للانضمام للجماعات المتطرفة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهته، قال صبرة القاسمي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والجهادية لـ”العرب”، إن هناك علاقة وثيقة بين عمليات الاختفاء القسري والإرهاب، حيث أن هناك عمليات اختفاء متعمد من البعض للإيهام باختفائهم قسريا، بهدف الانضمام إلى تنظيمات إرهابية كما حدث مع أحد منفذي عملية اغتيال القضاة في سيناء.

اجمالي القراءات 1516