الإعلام الديني لم يسمع بخطاب الاعتدال والتسامح

في الأربعاء ٢٣ - ديسمبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

الإعلام الديني لم يسمع بخطاب الاعتدال والتسامح
  • يحتاج الخطاب الديني إلى إعادة صياغة واستراتيجية جديدة تواجه الطريقة التي تعرض بها وسائل الإعلام العربية القضايا الدينية، والتي تفتقد أي تأثير إيجابي على الجمهور حول الإسلام المعاصر، ودون تخطيط مهني علمي، ستبقى الخطابات أحادية النظرة تغزو الشاشات العربية وتبث الفتنة والفتاوى الشاذة وتؤجج التعصب.
العرب  [نُشر في 23/12/2015، العدد: 10136، ص(18)]
 
غير الصورة وابق على الخطاب
 
بيروت – يتساءل المراقبون والمتابعون الإعلاميون، أين هو الإعلام الديني المعاصر القادر على مواجهة سيل الانحرافات المهنية في الخطاب الديني بجميع أنواع وسائل الإعلام وأهمها القنوات الفضائية؟ ومن يتحمل مسؤولية غياب استراتيجية دينية معتدلة تواجه التطرف والتشدد الإسلامين في الإعلام العربي؟

يرى المفتي العام للأردن عبدالكريم الخصاونة، أن الحاجة اليوم ماسة إلى إعلام إسلامي معاصر يواكب تطورات العصر، وقال في بدأ مؤتمر “الإعلام الديني في تعزيز قيم التسامح والاعتدال”، في بيروت أول أمس، إن “الكلمة أصبحت في وسائل الإعلام تقوم مقام الجيوش والأسلحة، فنحن بحاجة ملحة إلى إعلام إسلامي يقدم للناس كل وظائف الإعلام المعاصر في إطار أخلاقيات الإسلام وأحكامه المبنية على التسامح والاعتدال وقول الحق والعدل”.

وأضاف الخصاونة خلال المؤتمر في دار الفتوى اللبنانية عن دور الإعلام الديني في تعزيز التسامح وقيم الاعتدال، “أمتنا اليوم بحاجة ماسة إلى إعلام إسلامي معاصر يرتكز على أسس علمية، وتخطيط سليم ومعتدل، ومهارة عالية، لكي تستطيع مواجهة التحديات التي تحيط بنا من كل جانب كما أننا اليوم بحاجة إلى زيادة المساحة المخصصة للخطاب الإسلامي الوسطي في الفضائيات الرسمية وغير الرسمية لمواجهة التطرف والإرهاب، وترك الواجهة الرسمية التي لا تتم عن تخطيط أو مهنية متخصصة”.

وأثار مفتي الأردن قضية الخطابات الدينية أحادية النظرة في الفضائيات العربية وركز على خطورتها، قائلا “لا بد لنا جميعا من الوقوف ضد الإعلام الذي ينطلق من الفضائيات التي تتبنى خطابا أحادي النظرة وبث الفتنة ويؤجج التعصب ويبث الفتاوى الشاذة. ولا ننسى ضرورة الاهتمام بالمضمون الإعلامي الذي تحتويه الرسالة الإعلامية اليوم، فيجب أن يكون المضمون مؤثرا ومقنعا وواضحا، وصادقا، وهادفا، ليؤثر في الناس وليجذب المتلقي وإلا كان كصيحة في واد”.

لا بد أن تتوفر في لفظ الخطاب آلية معينة لطرحه، وأركان أساسية: الوسطية والاعتدال، واللين في الكلام

وأكد أن علينا ألا ننسى رسالة المسجد الإعلامية وأهميتها، ففي العالم الآن ما يزيد عن مليون مسجد بالإضافة إلى الزوايا والمصليات ودور القرآن الكريم وهي في الواقع مليون مركز إعلامي، لو أحسن استخدامها في خطاب إسلامي صحيح ضمن الشروط الصحيحة لخدمت الإنسان في العالم، والجماهير الإسلامية التي ترتادها على أحسن وجه، فالمساجد تشكل سلعة إعلامية رابحة للإعلام.

وشارك في المؤتمر الذي نظم بالتعاون مع مؤسسة بيرغهوف الألمانية مفتي لبنان عبداللطيف دريان ومفتي مصر شوقي علام، بالإضافة إلى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، ورئيس المجلس الإسلامي العلوي أسد عاصي.

من جهته شدد ممثل مؤسسة بيرغهوف الألمانية في لبنان فراس خير الله، على “أهمية تعزيز التعاون مع دار الفتوى”.

وشارك المستشار القاضي محمّد عساف بكلمة في المؤتمر أكد فيها أن للإعلام دورا كبيرا وهاما في إبراز الخطاب الديني، فهو من الوسائل السريعة في نقل الخبر أو الحدث إلى أكبر شريحة من المجتمع البشري، وذلك عبر الإعلام المرئي، أو المقروء، أو المسموع، فالقنوات الفضائية التي تصل إلينا عبر الأقمار الصناعية، تساهم مساهمة كبيرة في نقل الخطاب الديني، وذلك عبر قنوات متخصصة في البرامج الدينية، أو غيرها من القنوات التي تبث البرامج المتنوعة.

وأضاف أن الخطاب باعتباره التحدث مع الغير بغية إفهامه ما يدور من كلام بين المخاطب والمخاطب، لا بدّ من أن تتوفر فيه آلية معينة لطرحه، ليكون خطابا ناجحا، هادفا، ولا يكون ذلك إلا بالاعتماد على أركان أساسية في لفظ الخطاب، وهي: الوسطية والاعتدال، واللين في الكلام.

 
عبدالكريم الخصاونة: إننا اليوم بحاجة إلى زيادة المساحة المخصصة للخطاب الإسلامي الوسطي
 

وأشار إلى وجهة نظرة أخرى في هذا الموضوع، بأننا عندما نتحدث عن التجدد في الخطاب الديني لا نقصد به فحوى الخطاب وما يتضمنه من مسائل ثابتة، بل نقصد به طريقة نقل الخطاب إلى الآخرين، ففحوى الخطاب ليس بحاجة إلى تجديده بل كيفية الخطاب هي التي بحاجة ملحة إلى تجديدها، خاصة ونحن في عصر الحداثة والتكنولوجيا، وقد أصبحت وسائل الاتصال متنوعة، فالخبر والخطاب يصلان إلينا وكأننا نعيشهما أمامنا، فينبغي علينا أن نستغل وسائل الاتصال الحديثة لنقل الخطاب الديني المعتدل، وأن نظهر للذين لا يعرفون الإسلام الصورة الحقيقية له. واختتم بالقول نحن بحاجة إلى منهج جديد يدرس في الكليات والمعاهد الشرعية عن كيفية المخاطبة، ونحن بحاجة إلى دعاة علماء في حقل الدعوة وإيصال الفكر الإسلامي المعتدل، لا إلى قضاة يحكمون على النّاس بالكفر والزندقة والقتل.

وبعد النقاشات أعلن محمد السماك رئيس لجنة الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، توصيات المؤتمر، ومما جاء فيها، “التأكيد على ضرورة اعتماد استراتيجيات للإعلام الديني بين دور الإفتاء في العالم العربي تركز على وحدة الإسلام والمسلمين والتضامن بين أتباع المذاهب، ووحدة الأوطان والأمة، والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، وقبول الآخر المختلف.

وتطوير برامج إعلامية تكون فيها هذه المعاني والشراكات. ودعوة وسائل الإعلام المختلفة إلى التعاون والتشارك مع جهات الإعلام الديني، في مجالات نشر الفكر المعتدل.

ووضع استراتيجية إعلامية لمواجهة التطرف والإرهاب بالتعاون بين دور الإفتاء في العالم العربي لا تكتفي بإدانة المتطرفين بل تعرض أيضا بدائل وخيارات تجتذب الشبان، وتفتح آفاقا للعيش المشترك في المجتمعات، مستخدمة في ذلك الإعلام الإلكتروني وإعلام التواصل الاجتماعي.

 
 
 
 
اجمالي القراءات 2350