العراقيون يترقبون ثورة العبادي على الفساد

في الإثنين ١٠ - أغسطس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

العراقيون يترقبون ثورة العبادي على الفساد
مراقبون يرون أن حزمة القرارات المعلنة لا تقترب من الحل وتبقي الأزمات على وتيرتها.
العرب  [نُشر في 10/08/2015، العدد: 10003، ص(1)]
 
دولة العبادي أمام معضلة دولة الحشد الشعبي الخارجة عن إرادته
 
بغداد – يرى مراقبون أن حزمة القرارات التي أقرها مجلس الوزراء العراقي خلال جلسة استثنائية عقدها أمس بطلب من رئيس الحكومة حيدر العبادي، لا تقترب من الحل الذي تريده الأوساط السياسية العراقية، ولا تُلبي طموحات الشعب العراقي الذي تظاهر بالآلاف للاحتجاج على الفساد ونقص الخدمات الأساسية، بقدر ما تبقي على الأزمات في البلاد على وتيرتها.

وخلافا للضجة التي رافقت الإعلان عن حزمة القرارات المذكورة في مسعى لتسويقها على أنها تأتي استجابة لانتظارات الشعب العراقي، ثمة شبه إجماع على أن ما أقدم عليه العبادي ليس سوى استجابة لتعليمات المرجعية الدينية ممثلة بآية الله علي السيستاني بعد تحذير المتحدث باسمه أحمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة الماضي، العبادي بأن يكون أكثر “جرأة” و”شجاعة” في خطواته الإصلاحية لمكافحة الفساد المالي والإداري.

وأقر مجلس الوزراء العراقي أمس القرارات التي طالب بها العبادي، حيث وافق بالإجماع على الحزمة الأولى من تلك القرارات قبل إحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها، باعتبار أن البعض منها يتطلب تعديلا دستوريا وبالتالي من المرجح أن يستغرق تطبيقها بعض الوقت.

وتشمل قرارات العبادي بحسب مكتبه، إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وتقليصا شاملا وفوريا في أعداد عناصر وأفراد الحماية الشخصية لكل المسؤولين في الدولة، ومن بينها الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب.

كما تنص على إبعاد جميع المناصب العليا في العراق عن المحاصصة الحزبية والطائفية، ودمج الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات، إلى جانب وضع ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد، ومحاكمة الفاسدين.

وأعرب السياسي العراقي غسان العطية في هذا السياق، عن أمله في ألا يقف أعضاء البرلمان العراقي عقبة أمام الإصلاح بعد موافقة مجلس الوزراء على قرارات رئيس الحكومة حيدر العبادي.

 
غسان العطية: الورقة الأخيرة للإصلاح انتقلت من يد العبادي إلى البرلمان
 

وقال في تصريح لـ”العرب”، إن الورقة الأخيرة للإصلاح انتقلت من يد العبادي إلى البرلمان ومطلوب من أعضائه تبني هذه الورقة وعدم التسويف والعرقلة بالمقايضات، لأن مجرد رفض المقترحات سيضع أمام رئيس الحكومة خيار إعلان حالة الطوارئ أو الاستقالة لتحقيق مطالب المتظاهرين.

وأكد العطية الذي عرف بموقفه الناقد لحكومة نوري المالكي أن الإصلاح لم يكن ممكنا قبل ذلك بسبب التكتلات والمحاصصة الطائفية، أما بعد انتفاضة أبناء محافظات الجنوب والفرات الأوسط وبغداد في تظاهرات ترفع شعار الإصلاح المجرد من الطائفية، إضافة إلى المرارة التي تملكت المرجعية الشيعية من الأحزاب الدينية التي صعدت إلى الحكم باسمها، فإن الوقت حان لإصلاح حقيقي في البلاد.

ومع ذلك، تباينت الآراء والمواقف في توصيف تلك القرارات، حيث قال حميد فياض، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إن العبادي “اختار الوقت الصحيح لاتخاذ هذه القرارات”.

وأضاف “المعركة الحقيقية خلال الأيام المقبلة ستكون داخل البرلمان، لكن المرجعية الشيعية وكلمة الشعب هما من سينتصر في النهاية”.

وفي المقابل، أعرب غلين رانسوم، المحلل المتخصص في الشأن العراقي، عن اعتقاده بأن العبادي “يستعمل هذه القرارات من أجل ترسيخ سلطاته على المسرح السياسي في العراق”.

وبالتوازي، يذهب البعض من المراقبين إلى القول إن هذه القرارات التي جاءت في أعقاب مطالبة آية الله علي السيستاني رئيس الحكومة العراقية “باتخاذ خطوات إصلاحية تبرهن على “جرأة وشجاعة”، إنما هي استجابة لمطالب السيستاني، الأمر الذي من شأنه تعميق الخشية من تحويل العراق إلى دولة دينية تخضع لمرجعية النجف بصفتها الزعيم الأعلى وليس نظاما سياسيا برلمانيا.

ويرى المتابعون للشأن العراقي أن تلك القرارات تحمل في طياتها أكثر من مغزى، فهي من ناحية يمكن النظر إليها على أنها عملية التفاف قام بها العبادي للتخلص من غريمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي بقي يشاغب ويحرض عليه.

وتكمن المشكلة الأخطر التي واجهت العبادي في تمكن الدولة الثالثة الموازية، أي دولة الحشد الشعبي الذي خرج بفتوى المرجعية وبات يشكل دولة داخل الدولة بالموازاة مع دولة العبادي ودولة المرجعية، الأمر الذي دفع بالمراقبين التحذير من عملية استنساخ لما يجري حاليا في لبنان.

ويستند هذا التحذير إلى قراءة تقول إن القرارات التي تشمل أشخاصا لا تعني الكثير طالما لا تغير شيئا على الأرض، مع عجز المرجعية التي تدخلت لأن الحشد الشعبي صار دولة خارج سيطرتها. وهو بالضبط ما يحدث في لبنان الذي يفرض فيه حزب الله الموالي لإيران ما يريده.

 
 
اجمالي القراءات 2591