هل يمنح تغيير القيادة السياسية آمالا جديدة للمرأة السعودية

في الأحد ١٧ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

هل يمنح تغيير القيادة السياسية آمالا جديدة للمرأة السعودية
  • لم تتضح إلى الآن ملامح صورة مستقبل المرأة السعودية في العهد الجديد. الأشهر القليلة الماضية شهدت عدة تطورات لمشاركتها سياسيا واجتماعيا إضافة إلى عدة إنجازات فردية مبهرة. وبالنسبة لمشاركتها في الحياة السياسية وفي الشأن العام ما زالت الصورة غير واضحة.
العرب عبدالله العلمي [نُشر في 17/05/2015، العدد: 9920، ص(20)]
 
لم تيأس المرأة السعودية وواصلت حركاتها الاحتجاجية مطالبة بحقوقها
 
هذا لا ينفي وجود أمثلة إيجابية قليلة عددا ولكنها كبيرة مضمونا. المثال الإيجابي الأول هو ارتفاع عدد الموظفات في وزارة الخارجية من 60 موظفة عام 2008 إلى 284 موظفة عام 2014، أي بزيادة فاقت أربعة أضعاف العدد. هذا تطور إيجابي ولكنه لا يكفي علينا مضاعفة عدد المنتسبات للسلك الدبلوماسي وتجاوز الجدل في قضايا عمل “الجوهرة المصونة” في المحافل الدولية.

المثل الإيجابي الثاني هو موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشورى على فوز عضو المجلس الدكتورة ثريا عبيد بمقعد رئيس لجنة حقوق الإنسان في المجلس.

المرأة تشغل 20 بالمئة من مقاعد الشورى وتتأهب لدخول الانتخابات البلدية كناخبة ومنتخبة، ولكن لا يزال عليها الاستئذان من وليها ليسمح لها بالسفر. ما زالت الخصوصية الثقافية للمجتمع السعودي تفرض نظرته الإقصائية المتعالية على المرأة.

كذلك أسقط المجلس للأسف توصية بتعيين نساء في منصب “سفيرة” لأن التعيين -حسب التبرير العبقري- يتم “وفق ضوابط جدارة محددة”، أعتقد أن هذا التبرير غير منطقي، كيف تحمل المرأة 9 أشهر ثم تولد وترضع وتربي وتسهر الليل إذا مرض طفلها، وهي “غير جديرة” بأن تصبح سفيرة؟ تقول الكاتبة أمل زاهد “تثبت قضايا المرأة السعودية مرة بعد مرة أنها الأقدر على حرف انتباه الشارع وتوجيه دفته، لتخفت حتى أصوات الحروب والخطوب الجلل أمام ضراوة أم المعارك: المرأة “.

أيضا في مجلس الشورى اقترح عضو المجلس عبدالعزيز الحرقان مؤخرا، على وزارة الخدمة المدنية رفع قيمة بدل النقل للموظفات السعوديات.

هذه بلا شك مطالبة محقة ومشروعة تساعد على تمكين المرأة الموظفة. من غير العدل أن يتساوى بدل النقل بين الموظف والموظفة، فالمرأة الموظفة تلتزم بتكاليف مالية إضافية، للاستعانة بسائق خاص وكل ما يتضمنه هذا العبء من عقبات إدارية. وتتحمل أيضا تكاليف استقدام السائق الخاص، وراتبه، وتكاليف تأشيرات الخروج والعودة، مما يزيد العبء المالي والمسؤولية عليها. الحل في رأيي، وفي ظل غياب مواصلات عامة ونظيفة وحديثة وآمنة، هو حصولها على الحق في حرية التنقل بنفسها، مثلها مثل جميع نساء العالم.
من الأمور المحبطة، رفض موقع وزارة العدل قبول المرأة كـ"شاهدة" أو "معرفة"، مع أن هذا الرفض يتناقض مع النظام الأساسي للحكم والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السعودية

مشاركة المرأة السعودية في الشأن العام تجلت في تعيين الدكتورة تمارا طيب قائدا لفريق التصدي لخطر إيبولا في وزارة الصحة السعودية. مهمتها التنسيق مع جميع المنصات التابعة لمركز القيادة والتحكم والوكالات الخارجية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، ومراكز مكافحة الأمراض الأميركي، لتطوير الحلول وتنفيذها. الهدف إنساني ووقائي ونبيل: خدمة وحماية المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية.

أما على المستوى الاجتماعي، فالسوق السعودي يتطلع لتخرج 25 مخرجة سينمائية سعودية من جامعة عفت في عام 2017، فيما تنتظر 95 طالبة تخرجهن في الأعوام المقبلة ليساهمن في التعبير وتغيير الصورة النمطية لدى الغرب عن المجتمعات العربية. الخبر الإيجابي الآخر هو تزايد إقبال السعوديات على دراسة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني وصناعة السينما بصفة عامة.

ولكن من ناحية أخرى، تفاجئ المجتمع بمطالبة أحد الدعاة بطمس صورة المرأة في بطاقة الأحوال لأن “بطاقة المرأة من البلاء”. إضافة لذلك، يدور الجدل حاليا في ما نسب لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن كشف وجه المرأة “معصية”. هذا ليس كل شيء، بل جاء التعليل أن الخلاف في هذه المسألة لا يدخل في باب “ترك الإنكار”، لكون ضرر الكشف لا يختص بالمرأة وحدها، وإنما يصل إلى غيرها لأن ذلك “فتنة”.

لم تيأس المرأة السعودية، اقتحمت 10 آلاف فتاة مجال العمل بالأفران والمخابز في كل مناطق السعودية، منهن 5 آلاف فتاة في المنطقة الوسطى، و2000 في الشرقية، والباقي في المنطقة الغربية. علينا أن نجتاز المعوقات الاجتماعية التي تواجه عمل “الدرة المكنونة” في الأفران من ناحية التصميم مثل فصل الجانبين الذكور والإناث. هناك قضية أهم وهي حل مشكلة بطالة المرأة.

 
أحد الدعاة طالب بطمس صورة المرأة في بطاقة الأحوال.. لأن كشف وجه المرأة "معصية"
 

 

صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتنمية المرأة كشف خلال ورشة عمل قدمها في جامعة الدمام مؤخرا عن أن تطوير الذات وتحديد الرؤى للخريجات يسهمان في حل مشكلة البطالة وتغيير مفهومها.

هل بإمكان المرأة السعودية التفوق في مجال التسويق العقاري؟ لم لا؟ انضم عدد لا بأس به من الفتيات مؤخرا إلى وظائف في قطاع العقار. لدي -ولدى كثيرين غيري- اقتناع أن المرأة تتميز بأسلوب مهني ومقنع في التسويق.

ماذا عن مهنة المحاماة؟ المحامية والمستشارة القانونية فاطمة يوسف مليباري، طالبت بكل شجاعة وزارة العدل بإعادة النظر في قرار منع المرأة المحامية من الحصول على رخصة توثيق الخاصة بأعمال كتابات العدل.

وزارة العدل كانت قد أوضحت أن التوثيق من الاختصاصات الواردة في نظام القضاء، والتي تدخل في إطار “الولاية العامة”، وبالتالي لا يجوز للمرأة المحامية أن تحصل على رخصة توثيق. لم تفقد مليباري الأمل، فأجابت -أيضا بجرأة وشجاعة- أن التوثيق ليس من أعمال الولاية القضائية، وإنما الولاية التوثيقية.
نجاح المرأة السعودية في العمل الإنساني تجلى في مشاركتها في برامج ومجالات تطوعية مختلفة

لم تقتنع المرأة السعودية باقتحام السينما والأفران والعقار والمحاماة فقط، صحيفة “الوطن” نشرت تقريرا مؤخرا عن تمكن 20 سعودية من اجتياز دورة مدتها 13 أسبوعا، خولتهن الحصول على رخصة اعتماد للعمل كمساعد طيار أرضي في شركات الطيران العاملة في السعودية.

أعتقد أن هذه فرصة ذهبية لإتاحة المزيد من فرص العمل للمرأة السعودية. أكاديمية روّاد الطيران في السعودية تأسست قبل ست سنوات، وتهتم بمجال الطيران في شكل عام للجنسين من الذكور والإناث، وتحوي جميع مستلزمات الطيران والطيارين، وتمنح دروسا متعددة في هذا المجال من خلال دورات عدة، من بينها دورة المرحّل الجوي. تخرجت أول دفعة للشابات من الأكاديمية عام 2013 وضمت 12 خريجة، أعقبتها الدفعة الثانية العام الماضي التي تخرجت فيها ثماني طالبات.

هذه التطورات جيدة ولكنها غير كافية، يجب تحديد ملامح الخطة المستقبلية لخروج المرأة إلى سوق العمل. يجب تمكينها من العمل لأن هذا يساعد على تنمية الاقتصاد المحلي ويدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

على المستوى الفردي، نجحت المرأة السعودية مؤخرا في تحقيق عدة إنجازات يشار لها بالبنان. فقد نجحت نسرين الحقيل، طبيبة الأسنان بمستشفى الملك عبدالعزيز بالحرس الوطني، في تسلق قمة إيفرست، هادفة إلى لفت الانتباه إلى مرض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في السعودية وتسليط الضوء على معاناة المصابين به، كذلك شاركت العداءة السعودية سارة عطار (22 عاما) في سباق بوسطن للجري.

  "> ولكن مع ذلك، ما زالت الكثير من التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية تواجه المرأة السعودية. من الأمور المحبطة، رفض موقع وزارة العدل قبول المرأة كـ”شاهدة” أو “معرفة”، مع أن هذا الرفض يتناقض مع النظام الأساسي للحكم والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السعودية.

 

خلاصة الموضوع، ما زالت الصورة عن المستقبل القريب للمرأة السعودية غير واضحة في ظل تغييب دور المرأة الفاعل في التنمية الشاملة، وربط تمكينها بطوق ولي الأمر والكفيل الحصري على مستقبلها. الواضح (مجتمعيا على الأقل) أن المرأة السعودية ناضجة وجاهزة للزواج في سن العاشرة، لكنها في سن الأربعين قاصر وتحتاج لولي أمر لإدارة شؤونها.

اقتحمت السعوديات عديد مجالات العمل ومنها العمل الصحفي
اجمالي القراءات 3130