مراجعة منظومة القيم خطوة على طريق مجابهة التطرف في أوروبا

في الإثنين ٠٦ - أبريل - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

مراجعة منظومة القيم خطوة على طريق مجابهة التطرف في أوروبا
الهجمات الإرهابية الّتي وقعت في باريس وصعود تنظيم 'الدولة الإسلامية'، وضعا قيم التسامح والاختلاف والاندماج الأوروبية تحت الاختبار.
العرب  [نُشر في 06/04/2015، العدد: 9879، ص(7)]
 
دعوات اليمين المتطرف الاستئصالية تزيد من منسوب التشدد والإرهاب
 
ستراسبورغ - أضحى التطرف معضلة تحير العالم بأسره في جميع المجالات والاختصاصات، والغريب أن أهل السياسة يسارعون إلى اتخاذ إجراءات أمنية وعسكرية ظنا منهم بأنها الحل الكفيل باستئصال التطرف والقضاء عليه.

وقد يخفى على العديد من الساسة أن العنف يولد الإرهاب، وأن مقاومة التطرف قبل الوصول إلى العمليات الإجرامية والإرهابية، تبقى ممكنة إذا ما توفّرت الأرضية التي تسمح بذلك، من خلال إجراء عملية فحص دقيقة للأسباب التي تؤدي إلى ظهور التطرف والسعي إلى الوقاية منها قبل انتشار وباء التشدد، والخوض في متاهات البحث عن علاج له.

ولا تعدّ أوروبا بمعزل عن هذا المسار، وفق مقال لعضو البرلمان الأوروبي عن بريطانيا جولي وارد، نشر بالمجلة التابعة للبرلمان، تعرّضت فيه إلى هجمات باريس وكوبنهاغن التي تستدعي مراجعة القيم الأوروبية عموما.

وأفادت وارد بأنّ الهجمات الإرهابية الّتي وقعت في باريس وكوبنهاغن وصعود تنظيم “الدولة الإسلامية”، وضعا قيم التسامح والاختلاف والاندماج الأوروبية تحت الاختبار. لافتة إلى أنّه في الغالب يتمّ عرض النقاش حول مسألة التّطرف من خلال العدسة الأوروبية وعبر وسائل إعلام “منحرفة” تسهم إلى حدّ ما في تأجيج نيران الخوف، غير أنّ الحل في نظرها يكمن في الاستئناس بتجارب المجتمعات والعلماء والناشطين المسلمين الّذين يعدّون في طليعة صنّاع الخطاب العام، ويجب أن يكون الغرب أكثر انفتاحا على وجهات نظرهم وأن يحترم خطاباتهم وأن يشركهم في التصدي لهذه الظاهرة.

 
جولي وارد: الغرب مطالب بالاستئناس بآراء المثقفين المسلمين لكي تتسنى له مقاومة التطرف
 

وتشير وارد إلى أنه سبق لها أن فتحت نقاشا مع الباحثة الجزائرية كريمة بن نون، والناشطة اليمنية إلهام مانع، حول كيفية معالجة المثقفين والنشطاء المسلمين للرؤية الأصولية “الشريرة” التي أدت إلى الهجمات الأخيرة في أوروبا، فكان حديث بن نون ومانع يجري في سياق أنّهما ليستا عالمتين مسلمتين، بل على العكس من ذلك فقد كانتا طالبتين تقدّميّتين، وقد شدّدتا على أنّ التعليم يعدّ مفتاحا لعالم أكثر أمنا وأكثر عدلا وازدهارا والعلاج الشافي لأي تطرف. واعتبرتا أنّ أفضل السبل هي تزويد الأبناء بالذكاء العاطفي والقيم الإنسانية اللازمة للمشاركة في مجتمع متعدد الثقافات.

وبالعودة إلى عرض طرائق معالجة التطرف في أوروبا، أوضحت عضو البرلمان الأوروبي، أنّه يجب على الأوروبيين المستميتين في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، أن يقفوا بفخر ويقولوا بصوت عال إنّ “كل المذاهب والألوان والمعتقدات والأجناس لديها مكان في مجتمعنا”، وأن يعملوا على حماية القيم والهويات الأممية والثقافات المتعددة.

وفي مقابل هذه النظرة التقدّمية، أشارت إلى وجود يمين متطرّف يرفض “الوافدين”، ويسعى إلى الرّد على الجهاد المتطرف بطريقة غير متسامحة من خلال شيطنة كل المجتمعات. ولذلك فإنّ كل القوى التقدمية، مطالبة بالتعاون على رفض تلك الدعوات والعمل على نشر الحوار والتفاهم والاستئناس بآراء الآخرين، لأن رسالة تسامح بإمكانها أن تهزم كره التطرف سواء كان جهاديا أو فاشيا.

وأوضحت أنّ تمزّق النسيج الاجتماعي جراء الاغتراب والإقصاء والتقشف والخراب، يمكن أن يؤدي بالشباب المسلم في بعض الأحيان إلى الوقوع في شراك التطرف، أو اتباع طريق الإجرام، ومن ثم التورط في الإرهاب. وهناك شعور سائد أن حالة الضياع التي يعيش الشباب المسلم هي انعكاس لتفتت المجتمعات الحاضنة لهم.

ولذلك فإنّ الرد الغربي على الإرهاب، الذي يؤكد على التعريف الضيق للقيم “‘الأوروبية”، عوضا عن القيم الإنسانية، يمكن أن يؤدي، وفق رأيها، إلى إهمال”الآخر”و تصويره على أنه “متطرف”، من خلال رسم صورة ثنائية الأبعاد تؤدي فقط إلى زيادة الاغتراب، ويمكن أن تؤدي إلى سوء المعاملة. كما أنّ إجراءات مكافحة الإرهاب، تسمح بتغذية صورة مبسطة عن المسلمين مع تعريفات فضفاضة حول من يمثل التهديد الحقيقي. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى عملية شيطنة، وتنامي شعور بعدم الثقة تبلغ ربما إلى حدّ الاعتداء وحدوث انتهاكات لحقوق الإنسان باسم حفظ الأمن.

وتأكّد وارد على أنّ المثقفين المسلمين مطالبون بدورهم بالنزول إلى الشوارع لإقناع الناس بتبني رؤية تقوم على التسامح والانفتاح، مشيرة إلى أن جهودهم تلك يجب ألاّ تكون معزولة، بل ويجب أن ينضم إليهم نشطاء من جميع مناحي الحياة للدفاع عن القيم الإنسانية العليا.

اجمالي القراءات 2110