لماذا يلحد الشباب في مجتمع «متدين بطبعه»؟ /

في الأربعاء ١٧ - ديسمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

لماذا يلحد الشباب في مجتمع «متدين بطبعه»؟

 
 
 
كتب – مصطفى ندا نشر فى : الأربعاء 17 ديسمبر 2014 - 1:09 م | آخر تحديث : الأربعاء 17 ديسمبر 2014 - 1:15 م



«الإلحاد في مصر» كلمة تجدها عالقة بشكل ملفت في خيوط الشبكة العنكبوتية، من خلال تقارير معاهد بحثية متنوعة لرصد أعداد الملحدين، حيث استندت مؤسسات الدولة الدينية وكذلك مركز ريد سي التابع لمعهد جلوبال، إلى أن مصر تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية في نسبة الملحدين بأعداد وصلت إلى 866 ملحدًا، على الرغم من عدم وجود بطاقة رقم قومي واحدة في مصر تحمل في خانة الديانة كلمة «ملحد»، فالشعب المصري يشتهر بأنه دائمًا «متدين بطبعة».

مقهي صغير في شارع الفلكي، تحول إلى حديث جميع وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، بعد أن أمر مُحافظ القاهرة، بإغلاقه، وتولي رئيس حي عابدين التنفيذ بنفسه، بسبب اعتباره «بؤرة للمُلحدين»، ليتحول هذا المقهى الشعبي إلى ملتقى «الكفرة والملحدين»، ومن هنا ألقى هذا الحادث الضوء على ظاهرة الإلحاد، التي خرجت من شكلها التقليدي كاعتقاد شخصي، وصولًا إلى اعتبارها قضية رأي عام تهدد المجتمع في سلمه واستقراره.

رحلة الباحثين لتعريف هوية الملحد

"ما حدث في شارع الفلكي في وسط العاصمة وما صدر من تصريحات على لسان رئيس حي عابدين في وسائل الإعلام ليس لها علاقة بأزمة المحال والمقاهي المخالفة هناك أو التي لا تحمل تصاريح وإنما تستجيب لنزعة شعبية واعتقاد خاطئ بأن أي تجمع في شارع مصري لمجرد مناقشته لفكرة معينة يمثل تهديد على الأمن القومي ويصبح عدوا للفطرة الدينية التي شب عليها المصريين"، بحسب عمرو عزت الباحث والمسئول حقوقي في مجال حرية الدين والمعتقدات في «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية».

وأشار الباحث الحقوقي، لـ«الشروق»، إلى أن "حرية الاعتقاد كفلها الدستور المصري، فضلا أن الملحدين يعبرون عن أفكار خاصة بهم ولا يمارسون أي شعائر دينية أو رقصات شيطانية كما أثير عنهم مؤخرا، لأنهم لا يتبعون أي ديانة، واتخاذ إجراءات قانونية تعسفية معهم وإلقاء القبض عليهم ليس له إلا معنى واضح وهو أن الدولة تتحرك خارج المسار الديمقراطي الذي تم الاتفاق عليه في خارطة الطريق بعد 30 يونيو" ، وفقًا لقوله.

وقال "هناك قصور في رؤية المؤسسات الدينية فيما يتعلق بحرية الاعتقاد لأنهم يؤكدون على أن الشخص الغير مؤمن من حقه الاعتقاد فيما يشاء؛ ولكن داخل بيته والغرف المغلقة وألا يعبر عن أفكاره أمام الراي العام أو في الشارع، وأن هذا الأمر يتعارض تماما مع حقوق الانسان وحرية الاعتقاد التي كفلها الدستور رمز الديمقراطية في أي دولة".

وتابع "أتعجب من تبني مجلس الوزراء فكرة مواجهة الإلحاد وكأنه مرض في المجتمع المصري مؤكدا على ضرورة فتح مجال للنقاش في الدين بشكل متحضر دون التعرف لفكرة الاغتيال المعنوي لهؤلاء وثقافة إحنا نروح القسم، كما أن المنظمات الحقوقية مهما اتخذت من إجراءات للدفاع عن هؤلاء لن تلقى أي تأثير لأن هناك سلوك معادي للمنظمات الحقوقية في مصر في الآونة الأخيرة من مؤسسات عدة مضيفا أن التقرير المجهول مصدره بشأن اعداد الملحدين في مصر هو تقرير هزلي ".

وأضاف عزت، أن "الدولة يجب أن تفرق بين فصيل غير مؤمن وفصيل آخر يمثل مجموعات نشطة مهتمة بالجدل الديني بين الإلحاد والإيمان"، مضيفًا أن "الإلحاد شكل من الاعتقاد الأكثر فردية على الإطلاق لأنه أبعد ما يكون عن أي تجمع، فكيف لشخص غير مؤمن يمارس أي شعائر".

الأوقاف: الإلحاد ظاهرة غير طبيعية

"عندما يكون 800 شخص ملحد في مصر من أصل 90 مليون تعتبر ظاهرة غير طبيعية»، هكذا تحدث الشيخ صبري عبادة وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية ومنسق عام نقابة الدعاة في تعليق منه على البيان الصادر عن مركز الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء، والذي ذكر أن "مصر بها أعلى معدل للملحدين في الدول الإسلامية بنحو 866 ملحدا" كما جاء في البيان.

وأضاف عبادة لـ«الشروق»، أن " الإلحاد متواجد منذ بداية الخلق، ولكنه تفشى في مصر خلال الفترة الماضية، مهددًا الأمن القومي، بالتزامن مع الحرب التي تخوضها الدولة ضد التطرف الفكري وعصابات داعش الملقبون بأنصار بيت المقدس في سيناء ".

وأوضح وكيل وزارة الأوقاف، أن "حرية الاعتقاد هي حق لكل إنسان وأن الدين الإسلامي قد ترك حرية العقيدة لكل شخص في الكون دون أن يتعدى بالسلب على أفكار الآخرين أو يشوه الدين الإسلامي" .

وأشار الشيخ صبري عبادة الى أن "الملحدين تنقسمون إلى فئة مغرر بها من قبل بعض النشطاء والحركات المنظمة التي لا تريد الخير لمصر، وفئة أخرى لديهم قناعة تامة بمعتقداتهم حتى لو تم مناقشتهم بالحجة والبرهان، وفئة أخيرة تمثل الداعين لهذه الرزيلة ويجب على الدولة أن تجفف منابعهم حفاظا على الأمن القومي المصري وسلم المجتمع".

الجبهة السلفية: الدستور فتح الباب للإلحاد

واعتبرت الجبهة السلفية، في بيان سابق لها، أن "الدستور أضعف مرجعية الشريعة الإسلامية، وجعل السيادة للشعب بالمخالفة لشرع الله، ولم يحظر الإساءة للذات الإلهية ولا الصحابة وأمهات المؤمنين؛ مما يفتح الباب لحرية الإلحاد"، بحسب البيان.

المادة 64 من الدستور.. وحرية الاعتقاد الطلق

تنص المادة 64 من الدستور المصري على أن "حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون".

القانون يمنع التصنيف وهناك قضايا أكبر تشغل الدولة

قال محمد زراع مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، لـ «الشروق» إن "الدستور ينص على أن مصر الدولة المدنية لا يميز فيها المواطن على أي أساس؛ سواء النوع أو اللون أو العرق أو الدين، وأي تمييز يحدث مخالف للدستور"، مشيرًا إلى أن "هناك قضايا أكبر على الدولة الاهتمام بها، معتبرا الحديث في هذا الأمر يروج للطائفية في التصنيف".

«حرقان» نجم الفضائيات.. ورحلة للبحث عن غير المألوف

ساهمت القنوات الفضائية في الترويج لقضية الإلحاد، علي طريقة الاتجاه المعاكس، من خلال إعداد مناظرات بين ملحدين وشيوخ وجهًا لوجه، انتهاءً بعمل شو إعلامي جذاب يستعرض الإشكالية ولا يقدم لها حلول عملية، ليعيد نفس التجربة برنامج أخر، ويبقى الوضع كما هو عليه.

إضاءة خافتة وجو يشوبه الغموض وتحت عنوان للكبار فقط ناقش برنامج "أسرار من تحت الكوبري" للإعلامي طوني خليفة، قضية الملحدين في حلقة بعنوان «الملحدين في الشوارع العربية» حيث قام بعرض قصة الشاب أحمد حرقان الشاب السلفي المتشدد الذي ترك الدين الإسلامي وأصبح ملحدا، في مواجهة ساخنة مع أحد شيوخ الأزهر الشيخ سيد زايد عضو لجنة الافتاء بالأزهر الشريف

 

اجمالي القراءات 1786