الإعلام في مصر- موسم العودة إلى زمن «الخطوط الحمراء»
شهد الإعلام في مصر في الآونة الأخيرة تراجعاً غير مسبوق ليس فقط في هامش الحرية الضئيل، بل أيضاً على المستوى المهني. وخبراء يحذرون من عودة سياسة "الخطوط الحمراء" واستغلال الأعمال الإرهابية لتكميم الأفواه.
مازال الإعلام المصري يثير الكثير من الجدَل، من وجهة نظر الكثيرين، بسبب الانفلات في الأداء الإعلامي، والتناقضات الفجة التي يسردها إعلاميون بعد أن بات بمثابة أداة في يد صاحب القناة المرتبط بتوجهًات خاصة تخدم النظام، وما يتعرض له من ضربات متتالية، بدأت بغلق برنامج باسم يوسف، وصولاً إلى تضييق الخناق على إعلاميين مؤيدين للنظام، مثل مقدم برنامج العاشرة مساءاً وائل الإبراشي، ومحمود سعد مقدم برنامج آخر النهار، مما يثير تساؤلات عديدة حول حدود استقلالية الإعلام والمهنية في الموضوعات التي يطرحها، وكذلك مدى ارتباطه بالنظام السياسي، بعد أن كان له دور أساسي في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فهل بات رأس الإعلام الحر مطلوبا إخماده من قبل السلطة الحالي؟
تداعيات أحداث الإرهاب على حرية الإعلام
عقب ثورة 30 يونيو، وما شهدته مصر من عدم إستقرار وأعمال إرهابية طالت مناطق عديدة من البلاد، تركز الجدل حول العلاقة بين الحرية والأمن. الأستاذ ياسر عبدالعزيز، الباحث في شؤون الإعلام، يقول في حوار مع DWعربية، أن أي دولة تواجه تحدي الارهاب من الدرجة التي تشهدها مصر حالياً، تجد نفسها تحت وطأة ضغوط وبشكل خاص على مستوى الحريات العامة وحرية الإعلام بشكل خاص. ويتابع:"معظم الدول المتقدمة تواجه تحدى الإرهاب، مثل ما تشهده مصر، تتعرض لضغوط، ومنها على مستوى حرية الإعلام". ومع ذلك، فان "مكونات الحقل الإعلامي والصحافي في مصر تريد أن تنتظم في عمل جماعي، من أجل تفعيل الحريات المنصوص عليها في الدستور، وضمان تطبيقها في الواقع عبر قوانين فعالة".
ويتوقع عبدالعزيز أن تشهد الفترة المقبلة أزمات متكررة في المجال الإعلامي، بسبب صعوبة الفصل بين تشجيع الإرهاب أو التحريض عليه من جهة، وبين الحفاظ على الرأي والتعدد والتنوع من جهة أخرى. وبالتالي، سيحدث اشتباك بين حرية الرأي وبين المخاوف من دعم الإرهاب. وهو ما يتفهمه عبدالعزيز، ولكنه لا يقبله.
صبحي عسيلة: الإعلام المصري يواجه مشكلة المهنية بالأساس
شدًد الدكتور صبحي عسيلة، رئيس وحدة الرأي العام والإعلام بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في حواره مع DWعربية على أهمية مهنية الإعلام، والتي تسبق موضوع الحرية. ويبرًر ذلك بالقول: "مطلوب أن يؤدي الإعلامي دوره بمهنية، وهو كيفية معارضة النظام". فالمشكلة، حسب عسيلة، أن الخطأ الذي يرتكبه، مقدمو برامج مثل وائل ابراشي ومحمود سعد أو حتى عبدالرحيم علي، وهم مؤيدون للنظام ولثورة 30 يونيو، مرتبط بالمهنية وليس الحرية.
واٌستبعد عسيلة وجود رقابة على الإعلام بشكل رسمي. وفسَر ذلك بقوله: "هم يعملون في قطاع خاص، وعلاقتهم بصاحب المؤسسة وليس الدولة".
وحذًر من خلط السياسية بالإعلام، من قبل مقدمي البرامج والمحاورين سواء المؤيدين أو حتى المعارضين للنظام. واٌستشهد بمقدمة برنامج الصورة الكاملة ليليان داؤود، التي رأى أنها مهنية وموضوعية، لذلك لا تتعرض لأية مضايقات. وطالب عسيلة في ختام الحديث بتسريع إنشاء المجلس الوطني للإعلام، طبقا للدستور ومواثيق الشرف.