شيخ الأزهر :
لا وجود للدولة الدينية في الإسلام

في الثلاثاء ٢٠ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كتب الدكتور جابر عصفور سلسلة مقالات أسبوعية متتابعة بجريدة الأهرام أولها بتاريخ‏15‏ يناير‏..‏ وخلاصة هذه المقالات‏..‏ أنها دعوة حارة إلي التحذير من مخاطر ما يسمي الدولة الدينية‏,‏ ومن المصائب المتعددة التي ستصيب الأمة إذا ما قامت فيها تلك الدولة الدينية‏...!!‏ حيث قال سيادته‏..‏ من بين ما قال‏:‏ الدولة الدينية هدف لمجموعات الإسلام السياسي من ناحية‏,‏ وشعار لمجموعات التطرف الديني من ناحية موازية‏..‏ وقال أيضا‏:‏ الواقع أن مثقفي المجتمع المدني‏,‏ والمدافعين عن الدولة الدينية‏,‏ هم أكثر الناس رفضا لمفهوم الدولة الدينية‏,‏ والدعوة لها‏,‏ وهم الأكثر تنبيها إلي كوارثها‏..‏ ثم ذكر سيادته ألوانا من بطش المجموعات الداعية إلي الدولة الدينية‏,‏ ومن احتكارهم لتفسير الدين علي حسب هواهم‏,‏ ومن إلغاء الاجتهاد الذي يحل محله الاتباع‏,‏ وإحلال النقل محل العقل‏..‏ ثم قال‏:‏ ولا تقتصر مخاطر الدولة الدينية علي إلغاء الحريات بكل لوازمها فحسب‏,‏ وإنما يمتد الخطر إلي إلغاء معني المواطنة‏,‏ وتحويل الانتماء من الوطن إلي المعتقد‏..‏ الأمر الذي يؤدي إلي الاحتقان في العلاقة بين أبناء الديانات المتعددة في الوطن الواحد‏,‏ وتحل العصبية البغيضة محل التسامح‏..‏ ثم خلص سيادته إلي قوله‏:‏ فتحدث الفتنة‏,‏ وتتحول العلاقة بين الأديان إلي علاقة حروب وصراعات‏,‏ علي نحو ما يحدث في العراق الآن بين السنة والشيعة‏,‏ أو ما حدث في الجزائر بين طوائف المتطرفين‏,‏ الذين تحولوا إلي إرهابيين قتلة‏..‏ والخلاصة أن المقالات تدور حول التنفير الشديد من قيام ما سماه الدولة الدينية‏,‏ كما يتصورها سيادته لأنها الدولة التي تقوم علي احتكار السلطة‏,‏ وعلي كبت الحريات‏,‏ وعلي عدم الوضوح‏,‏ وعلي التعصب الأعمي‏..‏ كما تدور هذه المقالات حول تشجيع الدولة المدنية‏..‏ وإني أرجو من الأستاذ الدكتور جابر عصفور‏,‏ أن يتسع صدره لمناقشته في أمور من أهمها‏:‏ أولا‏:‏ ما مقصوده بالدولة الدينية؟ إن كان مقصوده بالدولة الدينية‏,‏ الدولة التي ينادي بها من ذكرهم من المتعصبين‏,‏ ومن المتطرفين‏,‏ ومن المحتكرين لتفسير الدين علي حسب أهوائهم‏,‏ ومن المفسدين في الأرض‏..‏ إن كان هذا هو مقصود سيادته‏,‏ فالعنوان الذي وضعه لمقالاته‏,‏ تنقصه الدقة‏,‏ ويشوبه الخطأ‏,‏ لأن كثيرا من القراء يتوهمون أن صاحب هذه المقالات يحارب كل دولة لها صلة بالدين‏,‏ وهذا التوهم شيء منكر وباطل وخطير‏..‏ وكان من الأوفق والأسلم بل الواجب أن يكون عنوان هذه المقالات ـ مثلا ـ مخاطر الدولة التي يتستر المنادون بها بالدين أو‏:‏ مخاطر من يتستر بالدين ويعمل بخلافه‏,‏ وإذا كان مقصود سيادته بهذا العنوان وهو‏:‏ مخاطر الدولة الدينية‏:‏ التنفير والتحذير والمحاربة لكل دولة تأخذ أحكامها وآدابها وتشريعاتها من هدايات الدين‏,‏ فالأمر يكون أشد إنكارا وبطلانا وخطرا‏..‏ لأن العقلاء في كل زمان ومكان متفقون علي أن الدين هدايات ربانية‏,‏ أنزلها الله ـ تعالي ـ علي جميع أنبيائه‏,‏ وأمرهم بأن يبلغوها لأقوامهم‏,‏ لكي يسعدوا في دنياهم وآخرتهم‏,‏ وهي هدايات تعطي كل إنسان حقه سواء كان مسلما أم غير مسلم‏..‏ ولفضيلة أستاذنا وشيخنا الدكتور محمد عبدالله دراز ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ كتاب قيم عنوانه‏:‏ الدين ذكر فيه جملة من التعاريف للدين فقال‏:‏ أما الإسلاميون فقد اشتهر عندهم تعريف الدين بأنه وضع إلهي سائق لذوي العقول السليمة‏,‏ باختيارهم إلي الصلاح في الحال‏,‏ والفلاح في المآل‏..‏ ويمكن تلخيصه بأن نقول‏:‏ الدين وضع إلهي يرشد إلي الحق في الاعتقادات‏,‏ وإلي الخير في
اجمالي القراءات 3782