بلال فضل يكتب :- إنها الحرب

في الثلاثاء ٠٧ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

أيها الإخوة المواطنون ننتقل الآن إلى إذاعة خارجية من ميدان المنشية فى مدينة الإنتاج الإعلامى لننقل لكم الخطاب التاريخى الذى طال انتظاره، فإلى هناك.

«بسم الله الرحمن الرحيم (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) صدق الله العظيم. يا أبناء شعبنا العظيم لقد اتخذت قرارا وأرجو أن تعينونى عليه. (صوت من داخل القاعة: لا تتنحى.. لا تتنحى) ومين جاب سيرة التنحى.. استنوا شوية.. الخطبة طويلة، لسه طويلة.. لقد قررت أن أقطع جميع العلاقات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن فاض بنا الكيل بعد تدخلاتها فى شؤوننا الداخلية.. لقد كنا كرماء للغاية مع الولايات المتحدة على مدى الثلاثين عاما الماضية.. سَلّمنا بأن تسعة وتسعين فى المائة من أوراق اللعبة فى يدها.. وقعنا كل اتفاقيات السلام التى دعت لها ووافقنا على كل الشروط المجحفة التى بها.. تخلينا عن السياسات الاشتراكية فى الاقتصاد وتحولنا إلى نظام رأسمالى رسمت لنا معالمه.. دعتنا إلى حرب الخليج فلبينا وأرسلنا خيرة أبنائنا إلى هناك، متحملين هجوما شرسا لم يسبق له مثيل، وقمعنا المظاهرات التى قامت احتجاجا على ذلك.

. سنة بعد سنة استجبنا لكل الطلبات الأمريكية فى مناهج التعليم.. فتحنا بلادنا على مصراعيها للمطاعم الأمريكية والملابس الأمريكية والأفلام الأمريكية والأغانى الأمريكية والمسلسلات الأمريكية وجميع رموز الثقافة الأمريكية.. بدأنا تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية على أوسع نطاق، فألغينا الاستفتاءات الرئاسية التى كنا ننجح بها آمنين مطمئنين واستبدلناها بانتخابات ينافسنا فيها اللى يسوى واللى ما يسواش.. فعلنا كل هذا راضين طائعين صابرين قانتين وحريصين على ألا نقف ضد أقوى قوة فى العالم لأنه لم يعد مكان فى عالمنا للعنتريات الفارغة.. لكن للصبر حدود..

 ويبدو أننا قد بلغنا آخر الصبر مع أمريكا التى لم يكفها أننا قمنا بكل ما سبق من أجلها فى زمن قياسى لم تقم به أى دولة فى العالم.. فأخذت تارة تحتج على أننا نقوم بتزوير الانتخابات، وتارة تحتج على قيامنا بضرب أبناء وطننا بالأحذية وسحلهم فى الشوارع وتعرية بنات جلدتنا من ملابسهن وهتك أعراضهن وسوقهن إلى البوكسات كما تساق النعاج، والذى زاد وغطى أنها تحجب عنا بعض معونتها لأننا لم ندعم استقلال القضاء والعياذ بالله.. خسئت والله وخسئ قادتها.. لقد تعدت أمريكا بمثل هذه الاحتجاجات خطا أحمر لا يمكن لنا أن نقبل به أبدا.. إننا يمكن أن نفتح قناة السويس لما شاءت أمريكا من حاملات وطائرات وبوارج لتضرب إخوتنا فى العراق.. يمكن أن نسمح لها بأن تملى علينا كل ما تريد من إجراءات اقتصادية وتجبرنا على توقيع اتفاقية الكويز للتعاون القسرى مع إسرائيل.. يمكن أن نسمح لها بأن تفعل ما تشاء فى المنطقة، وأن تستخدمنا لكى نكون شرطيها الخاص فنخلص لها ما أرادت ونقف حيث تريد لنا أن نقف..نُسَفِّه حزب الله إن أرادت ونضرب حماس تحت الحزام إن أحبت ونُعذِّب لها ما شاءت من متهمين بالإرهاب ترسلهم إلينا عبر البحار.. كل هذا لا غبار عليه..

 لكن للصبر حدود.. ونحن لا يمكن أبدا أن نسمح لأمريكا ولا للى خلفوا أمريكا بأن تعترض على سحلنا لمواطنينا.. لأن سحل الدولة لأبنائها قرار وطنى سيادى.. لقد تجاوزت حدك أيتها الدولة الغاشمة.. هل وصل بك الأمر لأن تمنعينا من ضرب مواطنينا بالأحذية وفرق الكاراتيه والعصى الكهربائية.. لا.. أفيقى من غفلتك يا أمريكا، فوالله لن نقبل أبدا تدخلك هذا ولن نسمح أبدا بأن تمنعينا من لذة عظيمة مثل هذه.. خذى ما شئت من امتيازات سياسية وسيادية واقتصادية واجتماعية وثقافية..

خذى السماء والأرض والموارد والمصادر والثروات بل وخذى أعيننا إن شئت.. لكن اتركى لنا مواطنينا نسحلهم كيفما شئنا وانتخاباتنا نزورها على كيفنا وقضاءنا ننتهك حرمته كلما عزنا.. خلى بيننا وبين شعبنا نفعل به ما شئنا، فنحن وحدنا نعرف مصلحته ونحن وحدنا نعرف ما يسعده وما يشقيه.. إننى أوجه تحذيرا نهائيا للولايات المتحدة الأمريكية أن تتوقف عن أى تدخل فيما تقوم به قوات الأمن تجاه أبناء بلادنا وتكتفى بالتدخل فى كل شىء آخر.. وإلا فإننا سنشن عليها حربا لا هوادة فيها، والله أكبر فوق كيد المعتدى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ويا خيل الوطنى اركبى». (هذا المقال التخيلى سبق نشره للأسف فى هذه الصحيفة عام 2005 ويبدو أنه سيظل صالحا للنشر عقب كل انتخابات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله).

اجمالي القراءات 5936