كتيبة الردع لصاحبها الشيخ حسان

في الإثنين ٠٨ - نوفمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

كتيبة الردع لصاحبها الشيخ حسان

 الصفحة رقم   17

كتيبة الردع لصاحبها الشيخ حسان
 
 

متدينون لا يعرفون الدين وأتباع لا يعرفون الأدب

كتيبة الردع لصاحبها الشيخ حسان

تعودت منذ سنوات طويلة أن أضع يدي في عش الدبابير ولا أهتم بلدغها، تعودت أن أمسك جمرات النار بيدي ولا ألتفت إلي أذاها، تعودت أن أقف أمام الغولة لأقول لها في وجهها: عينك حمرا، دون أن يشغلني غضبها أو غضب من يقف خلفها.

ولذلك نظرت إلي كل الرسائل التي وصلتني عبر الإيميل (أكثر من 800 رسالة) وعبر المحمول (أكثر من 500 رسالة) في يومين فقط، ممن حاولوا أن يدافعوا عن الشيخ محمد حسان، بعد أن نشرت تقريرا مطولا عن ثروته وممتلكاته، بكثير من الهدوء وكثير من التأمل.

دع عنك أن معظم هذه الرسائل يمكن أن توقع أصحابها تحت طائلة القانون بتهمة السب والقذف، فلست ممن يذهبون بخصومهم إلي غرف التحقيق في النيابات وقاعات المحاكم، لكن الأهم أن هذه الرسائل تعكس حالة من التدين الزائف.

فبالله عليكم كيف تتخيلون شابا يغضب - كما يقول- لله، ويستنفر كل طاقاته من أجل الدفاع عن رجل الدعوة الأول في مصر الشيخ حسان، وهو الرجل الذي يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، وإذ بهذا الشاب يسب الدين لمن كتب ومن نشر ومن وزع.

قد ألتمس لمثله العذر فهو فتي جاهل، ثم إن الذي رباه من دعاة السلفية لم يقل له إن سب الدين حتي لو كان لمن تختلف معه في الرأي حرام شرعا.

عكست رسائل الغضب التي لا تزال تتوالي علي أننا أمام متدينين لا يعرفون الدين، وأتباع لمشايخ يأخذون منهم قدوة، لكنهم لا يعرفون شيئا لا من الأدب ولا عنه، ولذلك فإن مضمون هذه الرسائل لا يشغلني ولا يهمني، وإن غضب من أرسلوها مني إذا قلت لهم أنني وضعتها تحت حذائي، فأرجو منهم أن يغضبوا إلي النهاية لأنني بالفعل وضعتها تحت حذائي.

الجريمة الحقيقية ليست جريمة هؤلاء الأتباع الذين يؤكد كثير منهم أنهم ليسوا من مريدي الشيخ، وأنهم لا يستمعون إليه، لكنهم لا يرضون أن ينشر مثل هذا الكلام عن الشيخ، وهو كلام علي طريقة يكاد المريب أن يقول خذوني، إنهم يرفعون شيخهم إلي مرتبة ألا يسأل عما يفعل، وهي مرتبة لله وحده لا شريك له.

أعتقد أن الشيخ محمد حسان ومن يدير له أعماله ويشرف علي إدارة ثروته لن ينكر أنه يشرف علي ما يطلق عليه "كتيبة الردع"، وهم مجموعة من الشباب الذي يتصدي لكل من يقول كلمة يمس بها من قريب أو بعيد الشيخ محمد حسان، لا يتورعون عن سبه وشتمه وقطع طريقه إذا لزم الأمر، لكن لو كانت هذه بضاعتهم. فإنني أقول لهم بارت وخربت هذه التجارة.

لا أستطيع أن أدعي أن شباب هذه الكتيبة يحصل علي أي عائد مادي من الشيخ حسان أو من شقيقه محمود، فقد يكون هناك من بينهم وهم كثيرون بارك الله فيهم متطوعون، لأنهم مقتنعون أن الشيخ محمد حسان لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، فهو رجل رباني لا يخطئ أبدا، ولهم الحرية فيما يعتقدون. لكن ليس معني ذلك أن نسلم لهم بما يرون أنهم الصواب.

إن من يحرك هذه الكتيبة يعتقد بسذاجة - ليست غريبة عليه - أنه يمكن أن يدافع عن محمد حسان بهذه الطريقة، أو يدفع عنه الأذي، هذا إذا كان ما فعلته معه أذي، رغم أن العكس تماما هو ما يجري، لقد تركت أحدهم عبر الشات يكيل الشتائم والاتهامات والسباب بما يليق وما لا يليق، ووجدتني أقول له كلمة واحدة: يا زين ما ربي الشيخ محمد حسان. فهؤلاء تربيته نبت يديه. وليس له أن ينكرهم أبدا.

هذه حقيقة، فإذا كان من يستمعون لمحمد حسان وغيره من شيوخ السلفية علي هذه الشاكلة من الأخلاق، والتعامل مع الآخرين، فإنني أقول للشيخ وأنا مرتاح الضمير، لقد خاب مسعاك يا مولانا، فلم تخرج لنا إلا مهاويس ومتطرفين ودعاة فتنة، وهؤلاء لن يستفيد منهم الإسلام في شيء.

لقد خرب الشيخ محمد حسان
ورفاقه عقل وإحساس جيل كامل من الشباب، ولذلك تراهم لا يفكرون فيما يقولونه، ويقعون في مغالطات عديدة، إنني عرضت لثروة الشيخ حسان، دون أن أقل إنه حصل عليها من حرام حاشا لله، لكن هل يمكن أن يقول لنا الشيخ من أين حصل علي ثروته؟ كيف استطاع في سنوات قليلة وهو ابن الثامنة والأربعين أن يكون هذه الثروة بارك الله له فيها؟

لقد تطوع الكثيرون قائلين إن كل ما نشر ليس صحيحا، فهل كتيبة الردع التي تولت الدفاع عن حسان وعائلته تعرف كل شيء عن ثروة الشيخ، أم أن هناك من لقنهم إجابة واحدة. فجعل منهم مجموعة من البغباءات التي لا تعقل ما تقول. لكنها تتحدث والسلام.

الآن أطرح السؤال بوضوح وبصراحة علي الشيخ محمد حسان ومن يتصدون ويتصدرون له: من أين لك هذا يا فضيلة الشيخ؟

ولماذا لا تخرج علي جمهورك - وأدعوك لأن تتحدث معنا هنا في «الفجر» وإن رغبت عنا فإننا نرغب عنك - وأعتقد أن هناك من يرحب بك في صحفه وقنواته، وتقول لجمهورك من أين حصلت علي ثروتك.. وكيف كونتها؟

إنني لا أشكك فيك. ولا أدعي أن بيتك دخله مليم من حرام، ولكنك لست فوق السؤال أو المساءلة، فلا أنت معصوم من الخطأ ولا أنت نبي مرسل من السماء، وإنما أنت داعية ومن حقنا أن نعرف: من أين لك هذا؟ إذا كان الـ«هذا» كثيرا.

أعرف أنك لا تخاف من شيء، وليس علي رأسك بطحة، فلماذا لا تتكلم، بدلا من أن تدعو علي من كتب ومن نشر ومن وزع الجريدة، وكأننا افترينا عليك كذبا، أو أننا اتهمناك بما ليس فيك.

إن من يدافعون عنك، قالوا لنا ولماذا لا تفتشون في ثروات الراقصات والفنانين ولاعبي الكرة، فهل ترضي بهذه المقارنة، أن نضع علماءنا الكبار في مقارنة مع الراقصات ولاعبي الكرة، إن المجتمع يقبل أن ينفق رجل أعمال علي راقصة، لأننا نعرف ما الذي يأخذه منها وهي حرة فيما لديها، لكننا لا نرضي بأن ينفق رجل أعمال علي عالم دين، لأنه في هذه الحالة لن يعطيه شيئا يملكه، ولكن سيعطيه دين الله وعلي بياض.

إنني أتوقع أن يصمت الشيخ محمد حسان، يعتصم بعيدا عنا - وكفاه ما جري له بعد إغلاق قناته الفضائية - لكن صمته لن يفيده، لأنه إن لم يعلن عما لديه ومن أين حصل عليه، فإن الله سوف يحاسبه علي ما جمعه، ووقتها لن يستطيع الشيخ أن يخفي شيئا بين يدي الله.

لكن الحساب الأكبر الذي سيجد حسان وآخرون من شيوخ السلفية أنفسهم في مواجهته، هو حسابهم عن اختطاف دين الله بعيدا عن مقاصده، عن إلهاء الأمة بتفاهات الأمور، وإغراقها في فتاوي تخاصم الحياة، وليتهم يشاركون الناس أوجاعهم، فهم ينصحون الشباب أن يعفوا أنفسهم إن لم يستطيعوا أن يتزوجوا، غير أن الشيخ منهم لا يستطيع أن يعف نفسه، رغم أن لديه زوجة، فهل من لديه زوجة يعجز عن أن يعف نفسه، والشاب الذي لا يملك زوجة يستطيع أن يفعل ذلك؟

إن شيوخ السلفية وعلي رأسهم محمد حسان وأبو اسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب وغيرهم، مطالبون باعتذار علني وعام وشامل للأمة الإسلامية كلها، لأنهم صنعوا لنا جيلا بلا أخلاق ولا أدب ولا تدين حقيقي، جيل يكفر من يختلف معه بجهل أعتقد أن أحدا لن يحسده عليه، جيل يحرم كل شيء دون أن يعمل عقله. وهو الجيل الذي من المفروض أن يقود الأمة في مستقبلها. لكن والله أعلم فإننا لن ننتظر مستقبلا. لأن من سيعبرون بنا إليه تم تشويههم ومسخهم فأصبحوا بلا عقل. وحسبي الله ونعم الوكيل.

-----

محمد الباز

 

اجمالي القراءات 5014