وثائق الانتقام والتشهير بخصوم الإخوان

في السبت ٢٤ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

وثائق الانتقام والتشهير بخصوم الإخوان

محمد الباز

وثائق الانتقام والتشهير بخصوم الإخوان
يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين أنهت مرحلة الدفاع عن النفس، ودخلت إلي مرحلة الانتقام، وهو ما يؤكد أن محمد بديع ليس بالوداعة التي يبدو بها وعليها، فهو علي عكس مهدي عاكف تماما، يعمل في صمت دون أن يشعر به أحد، كان مهدي مثل الطبل الأجوف نسمع صوتا دون أن نجد لذلك أثرا، لكن بديع رجل أفعال لا أقوال.

الملاحظة الأولي بالالتفات إليها أن خصوم الإخوان الذين قرروا الانتقام منهم وضربهم تحت الحزام، ليسوا الخصوم السياسيين في النظام أو في الأحزاب، فهم لا يستطيعون الاقتراب من النظام، وفي الوقت نفسه سعوا للأحزاب وألقوا بأنفسهم في أحضانها، لكن الخصوم الذين أعلن الإخوان الحرب عليهم هم نقاد الجماعة ومعارضيها فكريا وتنظيميا.

الانتقام له أشكاله المختلفة، لكن الهدف في النهاية واحد، وهو القضاء علي الخصوم وطرحهم أرضا من ناحية، ثم من ناحية أخري وهذا هو المهم، تقوم الجماعة بإرهاب الآخرين فلا يقترب منها أحد بعد ذلك.

 

 

 

 

 

أول طريقة للانتقام من الخصوم هي جرجرتهم إلي المحاكم، والقضية التي تشهد علي ذلك، تظهر في الدعوي القضائية التي رفعها القطب الإخواني الكبير عبد المنعم أبوالفتوح علي الباحث عبد الرحيم علي، الدعوي أقامها عصام الإسلامبولي واختصم فيها إلي جانب عبد الرحيم الزميل محمد إسماعيل الصحفي بنهضة مصر وعماد الدين أديب رئيس مجلس إدارة الجريدة بصفته المسئول عن الحقوق المدنية.

الغريب أن أبو الفتوح يقاضي عبد الرحيم بسبب حوار أجرته معه جريدة «نهضة مصر» في 17 أكتوبر الماضي، كان عنوانه"الحكومة تفرج عن عبدالمنعم أبو الفتوح خلال أيام في إطار صفقة مع الإخوان"، ومن بين ما قاله أبوالفتوح علي لسان محاميه أن عبد الرحيم علي تعدي حدود النقد المباح إلي التشهير بأبو الفتوح، فقد أظهره بمظهر الواشي الانتهازي الذي يزج بأصدقائه ورفاقه في السجن، ويقوم بالوشاية لأجهزة الأمن بمن وثقوا فيه شأنه شأن المنافق الذي لا عهد له ولا يؤتمن ولا يؤمن جانبه.

عبد المنعم أبو الفتوح انزعج كما تقول نص الدعوي القضائية من أن عبد الرحيم علي نسب إليه كونه متآمرا متواطئا مع أجهزة الأمن ولا مبدأ له ولا تضحية وأنه صاحب صفقات ومؤامرات يزج بالأبرياء في السجون لهوي أو غرض خاص دون وازع من ضمير أو الالتزام بعهد أو وفاء بثقة، وأن حبس عبد المنعم لم يكن مبدأ أو قضية بل كان تغطية علي أدوار ضد أصحابه يقوم بها في الخفاء.

هاجم أبو الفتوح تعبير ومنطق «الصفقة»، فهو بالنسبة له تعبير يشير إلي سلوك مستهجن في الحياة السياسية والعمل العام، لأنها تعبر عن مسلك انتهازي ينم علي عدم وجود مبدأ ثابت لدي صاحبه، وأنه يمكن أن يبيع أو يتنازل عن مبدأ أو عقيدة مقابل منافع شخصية أو عارضة، أما عن الاتفاق والحكومة أو محاولة تقريب وجهات النظر بين القوي السياسية، أو بين المعارضة والحكومة، هو مما يستخدم فيه عبارات مثل مفاوضات، اتفاق، مناقشة، أو ما شابه ذلك من عبارات.

ويري أبو الفتوح أن تعبير الصفقة في الحياة السياسية تشهيرا أو تعييبا، وقد يكون مقبولا في بعض الحالات استخدامه لنقد سلوك تيار سياسي أو تنظيم أو حركة أو حزب، دون إلصاقه لشخص معين أو نسبه لشخص معين.

ويخلص أبو الفتوح في دعواه إلي أنه أضير في مشاعره بالغ الضرر وأسيء إليه بالغ الإساءة مما تعرض له من قذف وسب وتشهير وخدش سمعة وحط من كرامة، وقد أصيب بضرر بالغ لا يعوضه أي مال، وحيث يحق له قانونا طلب تعويض يجبر قدرا مما تعرض له من ضرر معنوي ومادي، فهو يلجأ للمحكمة طالبا الحكم له ضد عبد الرحيم ومحمد إسماعيل وعماد الدين أديب بمبلغ مليون جنيه مصري ضامنين متضامنين فيما بينهم.

الدعوي غريبة جدا، فهي المرة الأولي التي يقوم فيها أبو الفتوح برفع دعوي قضائية علي أحد معارضي الجماعة، كانت المواجهة لا تتعدي الهجوم من خلال المقالات ومواقع الجماعة الإلكترونية، لكن هذه المرة الأمر مختلف، فالجماعة من خلال واحد من أحد أبنائها وكوادرها تقوم بجرجرة الخصوم إلي المحاكم، والهدف من ذلك التنكيل بهم وشغلهم عن المواجهة الحقيقية مع الجماعة.

لكن الأغرب من ذلك أن عبدالمنعم أبو الفتوح قدم نفسه في هذه الدعوي بكل الأوصاف الممكنة، فهو رئيس اتحاد كلية طب قصر العيني سنة 1973، ورئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة سنة 1975، وأمين عام لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء في مصر من عام 1986 وحتي عام 1989، وأمين عام نقابة أطباء مصر من عام 1988 إلي عام 1992، أمين عام اتحاد المنظمات الطبية الإسلامية منذ تأسيسه حتي الآن، الأمين العام المساعد وأمين صندوق اتحاد الأطباء منذ عام 1992 حتي عام 2004، رئيس لجنة الإغاثة والطوارئ منذ إنشائها حتي الآن، مدير عام مستشفيات الجمعية الطبية الإسلامية حتي عام 2004، أمين عام اتحاد الأطباء العرب من مارس 2004 وحتي الآن، عضو بالهيئة العليا للمجلس العربي للاختصاصات الطبية بصفته، عضو مراقب بمجلس وزراء الصحة العرب وعضو مجلس الأمناء بمؤسسة القدس وعضو المؤتمر القومي العربي، وعضو المؤتمر القومي الإسلامي.

قال عبد المنعم أبو الفتوح كل شيء عن حياته، قدم نفسه بكل الأوصاف والأعمال التي قام بها، ويبدو أنه نسي أو تناسي أنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين، وعضو سابق في مكتب الإرشاد، ولا ندري لماذا فعل ذلك، هل كفر بالجماعة بعد أن تآمرت عليه، أم أنه لا يريد أن يزج باسم الجماعة في المحاكم لأن الإخوان لا يعترفون بها؟.

إن ما قاله عبد الرحيم علي عن عبد المنعم أبو الفتوح لم يكن إلا وصفه ووضعيته كعضو في جماعة الإخوان المسلمين، لكن أبو الفتوح ذهب ليقاضيه بصفاته الأخري، وخلع علي باب المحكمة صفته السياسية الحقيقية.

سألت عبد الرحيم علي عن هذه الدعوي، لقد كتبت في نفس التوقيت تقريبا عن صفقة أبوالفتوح، وخرج ليكذب الخبر بعد ساعة واحدة من نزول الجريدة إلي الأسواق، فما الذي جعل أبو الفتوح يتأخر كل هذه الشهور حتي يقاضيك؟

لم أجد عند عبد الرحيم علي إجابة عن السؤال، لكنني وجدت لديه رؤية كاملة عن الدعوي القضائية، وهذه الرؤية تتحدد في عدة نقاط كما يقول عبدالرحيم:

أولا: الجماعة تريد أن تعطل معارضيها وناقديها عن مواصلة التصدي لأفكارها، وهذه فكرة جديدة تقوم بها، بحثت في دفاترها القديمة فوجدت هذا الحوار، فأغرت عبد المنعم أبوالفتوح بأن يرفع دعوي ضدي مطمئنة إلي أن أبو الفتوح لا يزال يحظي بتقدير لدي القواعد الإخوانية، وهو ما يجعلها تتعاطف معه وتقف إلي جواره.

ثانيا: اعترض أبو الفتوح علي تعبير الصفقة السياسية، واعتبر أنها انتهازية، فهل يعتبر مرشده السابق الذي يدين له بالولاء والطاعة مهدي عاكف الذي أعلن في 24 أكتوبر 2009 أنه عقد صفقة مع النظام في انتخابات 2005 انتهازيا، لماذا يدين الصفقات وهو يعرف أن جماعته تعقدها؟.

ثالثا: قصد أبو الفتوح جريدة «نهضة مصر» تحديدا، ولم يقصد صحف أخري تحدثت عن هذه الصفقة مثل «الفجر» و«المصري اليوم» اللتين نشرتا الصفقة هي الأخري، لأن من يجلس علي رأس الجريدة هو عماد الدين أديب، والإخوان يعرفون أن عماد قريب من النظام، ويمكن لو جلسوا معه علي خلفية تهدئة القضية المرفوعة ضده أن يطلبوا وساطته للجلوس مع النظام وهو ما يسعون إليه بحرص شديد.

رابعا: يري عبد المنعم أبوالفتوح أنني صادق لا أكذب وهو ثابت في مواقف سابقة وبالوثائق التي يعرفها أبوالفتوح جيدا فلماذا يتقلب علي عقبيه الآن ويقول إنني لا أقول الصدق؟

 

 

 

 

تصفية المعارضين لا تتوقف علي رفع القضايا ضدهم في المحاكم، وهو أسلوب جديد علي الجماعة، لم تتبعه من قبل، إلا فيما ندر، لكنها تمتد إلي حصار من يخالف الجماعة في الفضائيات، وهو ما يظهر من تقرير عن لقاء المتحدثين إلي الإعلام من أعضاء الجماعة.

لقد اختارت الجماعة من بين أعضائها ورجالها 28 عضوا هم الذين يتحدثون للإعلام فقط، يجتمعون في اجتماعات دورية لتقييم ما أدلوا به من أحاديث إلي الصحف أو الفضائيات، التقرير الذي معنا عن اجتماع عقد يوم 2 فبراير 2010، وحضره كل من محمد بديع المرشد العام، محمود عزت، محمد مرسي، محمد سعد الكتاتني، سعد الحسيني، عبد الرحمن عبد البر، محمد البلتاجي، حمدي حسن، جمال حشمت، حازم فاروق، جمال تاج، علي عبد الفتاح، وليد شلبي، خيري عمر، عبد الجليل الشرنوبي، مسعد محمد، جمال نصار.

ولم يحضر من الأعضاء المتحدثين مع الإعلام كل من عصام العريان، ومحمود حسين أمين عام الجماعة أنه كان مرتبطا بتسجيل لإحدي القنوات الفضائية، وأحمد دياب، وحسين ابراهيم، وأحمد أبو بركة، وأشرف بدر الدين الذي اعتذر عن الحضور، وأكرم الشاعر، وصبحي صالح، ومحمد السروجي، وعبد المنعم عبدالمقصود المحامي الذي اعتذر عن الحضور لانشغاله في النيابة.

من بين ما توصل إليه المرشد ورجاله نصا في هذا الاجتماع: عدم الظهور الإعلامي مع كل من المهندس أبوالعلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط، والدكتور السيد عبد الستار المليجي وعصام سلطان وثروت الخرباوي المحامين وعبدالرحيم علي الصحفي والباحث ومدير المركز العربي للبحوث والدراسات.

هؤلاء الخمسة يمثلون قائمة سوداء من الإخوان، وحتي الآن ومن خلال التوصية فالأمر عادي جدا، فمن حق الإخوان ألا يظهروا مع الضيوف الذين لا يريدونهم، دع عنك أن هذا يكشف ضعفا وخواء لدي الجماعة، فهي تعجز عن المواجهة خاصة أن هؤلاء الخمسة تحديدا ألهبوا ظهر الجماعة بالوثائق والحقائق التي عرفوها من داخل الجماعة.

لكن ما قامت به الجماعة في كواليس الصحف والقنوات الفضائية كان عجيبا وغريبا في الوقت نفسه، فقد أجرت الجماعة اتصالات مكثفة من خلال أعضائها البارزين بعدد كبير من معدي البرامج الحوارية وطلبوا منهم ألا يستضيفوا معارضي الجماعة، وإذا اضطروا إلي ذلك، فمن الأفضل أن يتم في أضيق الحدود.

اختراق الجماعة لعدد كبير من القنوات الفضائية- فعدد كبير من المعدين ينتمي فكريا وتنظيميا للجماعة، أي أنه لن يكون عليهم إلا السمع والطاعة- سهل مهمة تكسير أجنحة المعارضين، وفي هذا السياق جرت وقائع حادثة لها الكثير من الدلالات.

الأسبوع الماضي استضاف برنامج «مانشيت» الذي يعده ويقدمه الزميل جابر القرموطي علي قناة size =-3>ontv عبد الرحيم علي ليناقش معه استقالته من حزب التجمع، وهي الاستقالة التي أشرت إليها الأسبوع الماضي، والتي جاءت علي خلفية اقتحام الإخوان لحزب التجمع، لم يكتف عبد الرحيم بالحديث عن استقالته ولكنه هاجم الإخوان بشراسة.

رأت الجماعة أنه ليس من المناسب أن يمر حديث عبدالرحيم وهجومه دون رد أو وقفة، وكان أن أجري الجناح الإعلامي للجماعة اتصالاته المكثقة، التي نجح من خلالها في أن يستضيف القرموطي الدكتور محمد البلتاجي في حلقة خاصة ليرد علي اتهامات عبد الرحيم علي لجماعة الإخوان، أعلنت القناة عن الحلقة أكثر من مرة، وحرص القرموطي أن يروج لحلقته من خلال المواقع الإخبارية والفيس بوك.

وأصبح مستقرا أن يكون البلتاجي ضيف قناة نجيب ساويرس الفضائية التي تأخذ موقفا مناقضا ومناهضا للإخوان المسلمين، لكن وقبل ساعتين فقط من الحلقة التي تذاع يوميا ما عدا الجمعة والسبت في الساعة السابعة مساء، تلقي البلتاجي اتصالا من القناة يخبره بإلغاء الحلقة معه، حيث تم استبدالها بحلقة أخري مع حافظ أبوسعدة الذي استضافه القرموطي ليعلق علي أزمة بعض المصريين في الكويت وترحيلهم بعد تأييدهم للبرادعي في مظاهرات علنية.

ربما لم يعرف محمد البلتاجي أن الاتصالات التي تجري مع القنوات الفضائية لمنع معارضي الجماعة من الظهور أصبحت تقابلها الآن مكالمات من جهات عديدة لمنع ظهور أعضاء الجماعة في برامج بعينها، فهي الحرب إذن التي بدأها الإخوان ولابد أن يتحملوها، بل إن من منع البلتاجي من الظهور في فضائية ساويرس أرسل برسالة إلي الجماعة مفادها أنه : وإن عدتم عدنا.

التضييق علي الجماعة كان له صدي ليس في الشهور الأخيرة فقط ولكن منذ فترة طويلة وهو ما يظهر من رسالة أرسل بها إخواني اسمه خليل الجبالي يعمل في الإمارات إلي الدكتور جمال نصار بوصفه أحد المسئولين الكبار عن الملف الإعلامي داخل الجماعة.

يقول البلتاجي موجها كلامه إلي نصار نصا في الرسالة الوثيقة: أكتب إليكم (وأنا حاليا خارج مصر في عمل بدولة الإمارات) في نقاط تخص الجانب الإعلامي للجماعة، فقد اتضح أننا نحتاج إلي نصائح أري أنها قد تكون صحيحة وتقلل الذلل من قيادات الجماعة أو بث الإحباط والتثبيط في أفراد الصف، وتبعد البوق حتي لا ينفخ فيه أصحاب الهوي والمصالح ممن يستغلون مثل هذه المواقف فينفخون في الكير علي صفحات الجرائد ووسائل الإعلام، حتي يدب الخلاف وتشتعل النار في العلاقات الأخوية والتنظيمية للجماعة.

ويضع الإخواني المصري الذي يعمل في الإمارات عدة نصائح للتعامل الإعلامي منها:

أولا: الاستفادة من الفضائيات المتاحة لنا حاليا في نشر الوعي الفكري لأفراد الجماعة (بشرح بعض الرسائل، بيان أدبيات الأفراد داخليا، وسائل التربية المختلفة..)ومن هذه الفضائيات قناة الأقصي والحوار أو أي فضائية تسمح بذلك مع طرق كل الأبواب ما أمكن.

ثانيا: عدم الخضوع للواقع الإعلامي من حيث حجب الإخوان عن المجتمع بتواجد وسيلة مقروءة (جريدة مثلا)علي أن يتم تأسيسها أو صدورها خارج مصر.

ثالثا: إعادة التفكير الإيجابي في إنشاء فضائية تبث برامجها من الخارج وتبث ارسالها علي أقمار صناعية استثمارية، حيث إنه توجد الآن الكثير من أصحاب الأفكار الأخري والدعوات المختلفة فضائيات مثل الصوفية والشيعة والأزهريين وخلافهم.

رابعا: التوصية بعدم ظهور المرشد الجديد في وسائل الإعلام بكثرة ما أمكن إلا لضرورة ملحة.

هذه الرسالة بدون تاريخ، لكنها في الغالب كانت في الفترة الانتقالية بين مهدي عاكف ومحمد بديع، لأن صاحبها يقول من بين نصائحه: أن يحدد المرشد الجديد ومكتب الإرشاد متحدثاً إعلامياً للجماعة، فهي كانت في فترة قريبة، ويبدو أن الجماعة أخذت بكثير مما جاء في هذه الرسالة، وطبقته.

ولو كان هذا صحيحا فإن معناه أن الجماعة ماضية في تنفيذ بقية الأفكار تحديدا في إنشاء قناة فضائية في الخارج تبث من علي أي قمر آخر غير النايل سات، وكذلك إصدار صحف في الخارج تكون معبرة عنها.

 

 

 

 

 

 

 

من بين ما اتفقت عليه الجماعة أيضا هو حرمان الصحف التي تنقدها أو تكشف أفكارها - أو علي الأقل لا تسير علي الهوي الإخواني الكامل- من أن يجري معها المرشد شخصيا أو أي من نوابه حوارات مباشرة، لكن حديث المرشد إلي الصحف من وجهة نظر الجماعة يعتبر تشريفا، وظهر في هذا السياق تحديدا جريدتين هما «الفجر» التي لا تخفي موقفها من الجماعة، وإن كانت في مواطن كثيرة أفسحت صدرها لما يريد أن يقوله الإخوان، وجريدة «المصري اليوم»، وهناك مصادر من داخل مكتب الإرشاد أكدت أن رئيس تحرير جريدة «المصري اليوم» طلب منذ 35 يوما أن يجري حوارا مع المرشد بنفسه، إلا أنه ومنذ أيام قليلة جاءه الرد بالرفض التام.

لقد كانت الجماعة فيما مضي تتسول اهتمام الصحف والإعلام بها، فإذا بها الآن تحدد وتشترط، إن الجماعة وبأمانة لا تبخل ببعض أعضائها من نجوم الصف الثاني، فهي تجعلهم يصرحون للصحف أو يجرون معها حوارات، لكن كل شيء محدد له سلفا، وهو ما يتضح من تقرير صادر عن مكتب الإرشاد عنوانه "كيفية تحاشي متاعب الصحافة".

يوصي التقرير الإخوان بالآتي: عدم إبداء آراء خاصة أو كلام لغير النشر حتي لو كان المسجل مغلقا، الأخذ بقاعدة ليس كل ما يعرف يقال كما أن لكل حادث حديث، اللجوء للتعميم وعدم التخصيص كما أن الاستثناء يفتح باب للمراجعة فلا يقال مثلا : النظم العربية كلها لا استثناء غير ديمقراطية، الاختصار في الإجابة وعد الإسهاب إلا عند شرح وجهة نظر الإخوان ويمكن الاكتفاء بقول نعم أولا أو ليس ذلك صحيحا بالضبط، اللجوء إلي أسلوب التسريب علي لسان مصدر موثوق أو مصدر رفض ذكر اسمه، فتبعات مثل هذه التصريحات أخف وطأة.

أما بالنسبة للحوارات المطولة فتقول عنها ما يمكن أن نطلق عليه بروتوكولات حكماء الإخوان: يفضل أن يكون اتصال وسائل الإعلام غير مباشر بالمسئول، بمعني أن يتلقي أحد الموظفين الاتصال ويسأل عن موضوع الحوار، كما يسأل إن كان الصحفي قد أعد الأسئلة لأن حوار الأسئلة المكتوبة يكون جامدا غير حيوي، كما أن الصحفي يحتاج لطرح أسئلة إضافية أثناء الحوار.

قد يكون من حق الجماعة أن تحمي نفسها، وأن تضع خطة للتعامل الإعلامي، تتحدث مع من تشاء وترفض من تشاء، لكن ليس عليها أن تشكو بعد ذلك أو تتألم مما يكتب عنها.

 

 

 

 

 

من بين ما كان يعرف عن جماعة الإخوان المسلمين أنها تمتلك جهازا كاملا لإطلاق الشائعات علي الخصوم، وهو جهاز ينفي كل ما يقال عن التزام الجماعة بالإسلام أو بأي قيم أو أخلاقيات، هذا الجهاز كانت مهمته تحطيم الشخصية المعنوية لدي الخصوم، وترويج شائعات في الغالب غير أخلاقية عنهم.

لكن الجديد الذي تتبعه الجماعة هو رسائل التهديد غير المباشرة لمن يكتبون ضدها، فخلال مقالات كتاب الجماعة التي تنشر سواء في الصحف أو علي موقع الجماعة، فإن هناك استخداما ملحوظا لألفاظ بعينها، كأن يكتب أحدهم أن أبوالعلا ماضي تجاوز كل الحدود، أو أن عبد الرحيم علي يعادي كل ما هو إسلامي، أو أن عصام سلطان تعدي علي حرمة المرشد، أو أن ثروت الخرباوي ينفذ بهجومه علي الجماعة أجندة خصوم الإسلام.

إن الجماعة لا تكفر أحدا بشكل مباشر، لكن ماذا ننتظر بعد أن يقول كتاب الجماعة إن فلانا يعادي الإسلام أو علانا يعمل ضد كل ما هو إسلامي، إن الجماعة تهدر دم

اجمالي القراءات 2904