فى اليوم العالمى للمرأة : "ام ابراهيم".. امرأة قاومت التعذيب
" أنا مش هتنازل عن حق ابني وعمره اللي ضاع لآخر لحظة في عمري علي قد ما أقدر، عشان عيالي التانيين ما يضيعوش مني"
"عايزة آخد حقي.. عايزة أجيب كل ضباط مصر وأولع فيهم واحد واحد في ميدان عام، وياريت ده يقدر يشفي غليلي"..
تعرف قضية "قتيل شها"، لكنك ما كنت لتعرفها لولا هذه الأم التى قدمت بلاغا الى المحامى العام لنيابات المنصورة بها، تعرف ان الضحية طفل محمد ممدوح عبدالرحمن تعرض بالفعل الى التعذيب والصعق بالكهرباء، لكنك ماكنت لتعرف ذلك، لولا هذه السية التى وقفت امام الكاميرا تروى قصة تعذيبه، وتكشف ما تبقى من جسده، لتظهر اثار الحروق والتعليق.
"أنا خدامة، بخدم في البيوت عندك وعند غيرك، لكن بحس بضنايا، ضنايا اللي شيلته في بطني وكبرته لحد ما بقي عنده 12 سنة وفي الآخر قتلوه، بحس بوجعه، كان بيصرخ، بيعيط بيقول لهم إرحموني، حاسة بكل ضربه خدها،حاسه بيه ميت، قتلوه لإننا فقرا، بيسيبوا الأغنيا، ويمسكوا في الغلابة، مش كفاية إننا فقرا كمان بيحاسبونا علي فقرنا بالقتل"
سعيدة ابراهيم سرور ، والدة الطفل قتيل شها، لا تملك مالا ولا وظيفة او حرفة، وتوفى زوجها ولا عائل لها، تعمل فى تنظيف البيوت، ولا تعرف مسئولا كبيرا او صغيرا. سعيدة تحدت ضباط مركز المنصورة، حيث قتل ابنها، وتحدت وزارة الداخلية، عنما تقاعست عن معاقبة هؤلاء الضباط. ونفذت سعيدة ثلاثة اعتصامات أمام مكتب النائب العام، ومجمع المحاكم وأمام نقابة الصحفيين للمطالبة بالقصاص لابنها
-"حاسة بحقد كبير قوي ناحية كل واحد لابس بدلة ضابط، عذبوا ابني العيل وقتلوه وخطفوا جثته ودفنوه من ورانا كأنه كلب ومات"..
تقدمت ام قتيل شها بشكوي الى المحامي العام بالمنصورة، تطالب فيها باستخراج الجثة، وندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي لإعادة التشريح.وتابعت سعيدة هذه الشكاوى، وفى التقارير الاعلامية التى تناولت جريمة تعذيب ابنها، تجدها تتحدث بطلاقة عن "تضارب تقريري الطبيب الشرعي ومفتش الصحة"، و"اعادة استخراج كل الخطوات اللازمة لاستعادة حق ابنها الضحية.
"مفيش ضابط واحد وقف معايا وقال لي كلمة كويسة، كلهم وقفوا ضدي، وقالوا لي مالكيش حق عندنا، ابنك مات لوحده، لحد دلوقتي بألف في المحاكم عشان أجيب حقي ومش عارفة، بس دايما بقول يارب"
قاومت سعيدةضغوطا شديدة تعرضت لها هي وابنها الأكبر إبراهيم، للتنازل عن اتهامهما الشرطة بتعذيب محمد، وللتنازل عن استخراج الجثة وإعادة تشريحها.وتم القاء القبض على ابراهيم، وايداعه الحبس، وتلفيق قضية له.
"قلبي محروق عليه قوي، جوايا نار آيدة مش هتطفي أبدا، مركز المنصورة ده سلخانة، مجزرة مش قسم، أنا رفضت أستلم جثته من المشرحة عشان كنت عارفة إنهم قتلوه من التعذيب، لكن هم استلموه من نفسهم ودفنوه من ورايا، بعد ما اتفقوا مع العمدة بتاعنا، اللي هددني إني لازم أسكت وألم الموضوع"
قوة هذه السيدة فى الدفاع عن حق ابنها لم تتوقف عند ذلك، فقد هددت ام قتيل شها باستخراج جثته من المقبرة، وحملها إلي النائب العام في القاهرة، ليشاهد بنفسه آثار التعذيب، وأدى تهديد هذه النحيلة الى حصار قوات الأمن مقابر القرية، خوفاً من تنفيذها تهديداتها.
" كل ضباط المركز قتلوه، كل ضباط مصر قتلوه ومشيوا في جنازته ومحدش فيهم كان في قلبه رحمة ورحمه قبل مايموت..شايفاهم كلهم حاجة واحدة، مش طايقه ولاضابط فيهم، كلهم ظلمه، مش ممكن يكون فيه بينهم واحد بس يكون بني آدم"
وأمام ذلك كله (قتل ابنها تحت التعذيب وحبس الابن الاخر والضغوط الشرطية والحصار الامنى..)، لم تضعف سعيدة، وواصلت متابعة شكواها، واستعجلت النظر فيها بشكوى اخرى الى المحامي العام، لاستعجال الاستماع لشهود الإثبات، الذين سبق للمحامي التقدم بأسمائهم