عجائب فتاوى الأفراح والمدافن

عثمان محمد علي   في الجمعة ٢٣ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


 

عجائب فتاوى الأفراح والمدافن

  بقلم   د. وحيد عبدالمجيد    ٢٣/ ٧/ ٢٠١٠

ربما لاحظ بعض القراء الذين تلقوا دعوات لحضور حفلات زفاف فى الأسابيع الأخيرة أن اسم العروس ليس مذكوراً فى بعضها بل مشار إليه بالحرف الأول فقط، فقد سار أصحاب هذه الدعوات مغمضين وراء فتوى عجائبية جديدة تزعم أن ذكر اسم العروس أمر مكروه يحسن تجنبه.

وهكذا تنهال علينا فتاوى ينهل قائلوها من عالم خرافى لا علاقة له بالإسلام الذى يسيئون إليه بمقدار جهل بعضهم به وإمعان بعض آخر فى استغلاله والتجارة به من أجل تحقيق مكاسب شخصية ومنافع خاصة، وهذا خطر كبير على المجتمع كما على الإسلام، ولكنه لا يعتبر جديداً إلا على المستوى الكمى. فالمتاجرة بالدين معروفة منذ القدم، ولكنها تزداد الآن بمعدلات فلكية مخيفة.

غير أن الخطر الأكبر هو فى انسياق الناس مغمضى العين مغلقى العقل وراء فتاوى يسهل تماماً إدراك أنها ليست أكثر من خرافة لا تمت إلى الإسلام بصلة، وسيرهم وراء «شيوخ» يتاجرون فى دين الله ويقبضون الثمن عبر نسبة يحصلون عليها من قيمة الاتصالات الهاتفية سواء بشكل مباشر أو خلال برامج تليفزيونية يقدمونها أو يستضافون فيها.

وإذا كان هذا عجيباً، فما أشد عجائبية الانسياق وراء الفتوى الخاصة بعدم ذكر اسم العروس فى بطاقات الدعوة إلى حفلات الزواج بالرغم من أن المنساقين يعلمون بالضرورة أسماء زوجات رسول الله عليه الصلاة والسلام وبناته.

فهل يعرف هذا «الشيخ» العجيب، الذى أفتى بعدم ذكر اسم العروس، أكثر مما يعلمه الرسول الكريم من أصول الدين الحنيف وتعاليمه، أم أن تراكم عوامل التدهور فى مجتمعنا بلغ مبلغاً يجعلنا عاجزين عن استعادة القول المأثور الذى يفيد معناه بأنه إذا كان المتكلم مجنوناً فليكن المستمع عاقلاً.

ولكن العيب ليس فى أبناء شعبنا المقهورين الذين ينساقون وراء مثل هذه الفتاوى، بل فى أولئك الذين أفرطوا فى التضييق على المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً، فهذا التضييق هو الذى دفع معظم المصريين مسلمين ومسيحيين إلى الانغماس فى الدين، أو بالأحرى فيما يظنونه ديناً. فقد غرقت أعداد متزايدة منهم فى خرافات يحسبونها من دين الله، بينما هى من صنع المتاجرين به والمستفيدين من تحويل الإسلام الذى أُنزل نوراً وتنويراً للعالمين إلى وسيلة لنشر ظلام مبين.

فليس من يستدرجون إلى هذا الظلام إلا ضحايا سياسات عمياء أدت تراكماتها إلى تجريف المجتمع وإطفاء أنواره ضماناً لاستدامة السلطة واحتكار الثروة.

ومع ذلك يتحمل من انساقوا، وينساقون كل يوم، وراء فتاوى الخرافة والظلام قسماً من المسؤولية لا يمكن إعفاؤهم منه. كما يعتبر بعضهم شركاء كاملين فى المأساة التى نعيشها الآن، خصوصاً أولئك الذين يدفعهم الانسياق فى هذا الاتجاه إلى التنكر لمبادئ الدين والتجرد من إنسانيتهم فى آن معاً.

وأضرب على ذلك مثلاً مؤلماً من موقف صادم جعل الحزن لرحيل الناقد المبدع الشجاع فاروق عبدالقادر مضاعفاً. فقد رفض أقاربه أن يدفن فى مقابر العائلة لأنهم سألوا شيخاً فأفتاهم بعدم جواز دفنه مع المسلمين بدعوى أنه لم يكن يصلى ويصوم!

فقد أدى ثقل الخرافة وشدة وطأتها إلى التنكر لمبادئ الدين الذى يضع صلة الرحم فى أعلى موضع ويحض على ذكر محاسن الموتى، فضلاً عن التجرد من أبسط مقومات الإنسانية.

وهكذا تتوالى الفتاوى العجيبة التى تعبر عن المدى الذى بلغه تجريف المجتمع فى لحظة يزداد فيها القلق من مجهول ينتظر البلاد، وتشتد وطأة الغموض الذى يكتنف مستقبل العباد

اجمالي القراءات 4339
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأحد ٢٥ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49655]

موضوع واقعى ويساير الحدث

بالنسبة للفتاوى العجيبة والغريبة التى تزداد كل لحظة وأصبح المسلمون يعيشون حالة من الهوس الديني ، جوهذا يرتبط ارتباطا وثيقا بالتدين السطحى المبني على الخرافة والجهل بالدين الحقيقي ، المسلم اليوم يستفتى غيره فى أبسط وأتفه الأمور الدنيويه ، لدرجة قد تجعل سيدة تسأل شيخا عن كمية السمن التى يمكن وضعها على صنية البطاطس لكى لا تكون مبزرة وهى تعلم ان المبزرين اخوان الشياطين ، هوس ديني مسطح يبين جهل الامة وانعزالها التام عن ركب التطور والحضارة ، ويقيس مدى التخلف الذي لحق بالأمة العربية بسبب هذا التدين السطحى الذي تسببت فيه الوهابية بادواتها الاعلامية .


وموضوع عدم كتابة ايم العروسة فى كارت الدعوة هو قديم ، وليس بجديد فهو حدث فى قريتنا أبوحريز من سنوات عدة ، وفى بعض أفرح المتشددين يتم الفصل بين السيدات والرجال فى مكان الفرح ، لا يري العروسة أى رجل غريب على الاطلاق ، ولا يري الرجال النساء وكأن الرجال ذئاب بشرية ستقوم باغتصاب النساء فى قاعة الفرح او المكان الذي تقام فيه ليلة العرس ، هذه هى عقلية أبناء وهاب السلفية المتعصبة التى تبين نهم هؤلاء الرجال فى النساء ، وتبين صفاتهم الحيوينة التى تجعل من الغريزة مركزا للتحكم فى الانسان.


فهذا التدين وهذا الدين الأرضي مبني كلية على الخرافة لأن دين الله جل وعلا الحق المنزل فى القرآن الكريم جاء للقضاء على الخرافة أصلا ، فهؤلاء بنوا دينهم وتدينهم الارضى على نشر الخرافة بين المسلمين ، ومن أقوى الامثلة على هذا ما فعلوه فى جثة إنسان ميت برفضهم دفنه وسط اقاربه لأنه كان لا يصلى ، معتقدين أن هذا حرام ولا يجوز شرعا ، ولا يعلم هؤلاء أن هذه الجثة لا قيمة لها على الاطلاق ، كما انه ليس من حقيهم ولا من حق أى غنسان أن يحاسب غيره على عمله فى الدنيا ، فهم وأهل الميت يؤمنون بخرافات لذلك سئل أهل الميت عن شيء ليس من حقهم التدخل فيه فهو شأن خاص بين الميت وخالقه ، وكذلك أفتى لهم من أفتى بحرمة دفنه مع المسلمين لأنه كان لا يفعل كذا وكذا .


2   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الأحد ٢٥ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49663]

رأي مخالف

الأخ الدكتور وحيد عبد المجيد


أشكرك على مقالتك هذه. ولكني أخالفك الرأي ,وكما أخالف العزيز رضا .


هذه الفتاوى  العجيبة والغريبة التي   انتشرت  في مجتمعاتنا الإسلامية . أنا شخصياً أؤيد انتشارها وظهورها  في المجتمعات وعلى الفضائيات ,وعلى صفحات الانترنيت ....لسبب واحد ,وه أن وجودها وانتشارها سيحدث في عالمنا الإسلامي إلى جانب  الأراء التنورية حالة من التفاعل ,حالة تكشف كل يوم عن عقم فكر هؤلاء سدنة فقه النكد ,وسوف تجعل مجتمعاتنا الإسلامية , شاء مشايخ الحسبة أم لم يشاؤا   يعملون العقل ,ويفكرون ....ستجعلهم يعودون إلى كتاب الله ,وسوف يخسر أصحاب هذه الفتاوى كل امتيازاتهم الدينية ,وهذا ما يقلقهم ...لأن المعرفة والمعلومة أصبحت بمتناول الجميع.


فمزيداً من هذه الفتاوى ....وسأكون لهم من الشاكرين


3   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الأحد ٢٥ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49665]

رأى يحترم ووجهة نظر صحيحة

الأستاذ الفاضل/ زهير


ما قلته جميل ومقنع وأحترمه ، لن فعلا وجود هذا الصخب من الفتاوى ، وهذه الخرافات الظلامية جنبا إلى جنب مع الفكر التنويري سيخلق مع الوقت نوع من الوعى مهما طال زمن لكنه أعتقد سيحدث عن الناس نوع من الوعى والتفريق بين هذا وذاك وبذلك سيكون هؤلاء كتبوا نهايتهم بأيديهم ، لكن ما اعتقده أن هذا سيأخذ وقتا ..


وتقبل مودتى


4   تعليق بواسطة   نعمة علم الدين     في   الإثنين ٢٦ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49680]

نعيب زماننا والعيب فينا .. وما لزماننا عيب سوانا

"ولكن العيب ليس فى أبناء شعبنا المقهورين الذين ينساقون وراء مثل هذه الفتاوى، بل فى أولئك الذين أفرطوا فى التضييق على المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً، فهذا التضييق هو الذى دفع معظم المصريين مسلمين ومسيحيين إلى الانغماس فى الدين، أو بالأحرى فيما يظنونه ديناً."


أتفق تماما مع هذه الجزئية من المقال ، حيث أن الشعوب العربية ذات الحكومات المستبدة ، لا يتم السماح لها بالتدخل فى الشئون السياسية على وجه الخصوص والشئون الفكرية والثقافية التى من شأنها رفع مستواهم الفكرى والعقلى ، فالحكومات المستبدة تريد لشعوبها الانغماس فيما هو حلال وحرام والجرى وراء شيوخ الفضائيات وشيوخ الدجل والخرافات إما لمعرفة الحلال والحرام أو لأستخراج الشياطين كما يدعون ، فإلهاء الشعب وابعاده بكم من الخرافات والفتاوى والمشاكل عن شئون الحكم والسياسية والمطالبة بكافة حقوقه هو الهدف الاسمى لهذه الحكومات ، ومن أجل هذا زاد انتشار الفضائيات الدينية وشيوخ التليفونات والفتاوى وتم فتح المجال لنشر الوهابية السلفية دون قيود ، ومع ذلك لا يمكن أعفاء هذه الشعوب من المسئولية ، فالله سبحانه وتعالى أعطى لكل أنسان عقل وكذلك أعطاه القدرة على الاختيار ، فهو بذلك مسئول عن اختياراته ويحاسب عليها وعلى هدره لحقوقه  وكرامته وانسياقه وراء هؤلاء الشيوخ ، وهجره لكتاب الله عز وجل 


{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }النحل89


{وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف52


{وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ }الأنعام126


5   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ٣٠ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49808]

سياسة تغييب العقل

تلك  الفتاوى النكدية نتيجة طبيعية لغياب العقل وتغييبه ، والتعامل مع كل القضايا بتغييب عقلي واضح يهدف إلى شل العقل إيذانا بتعطيله إلى الأبد شأنهم في ذلك  شأن الموتى ، وقد وصف رب العزة من لا يستعمل عقله ولا يرى الحقيقة الواضحة مرة بالبهائم ومرة بالموتى وأخرى بسكان القبور ..


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more