فن التطنيش لمن أراد أن يعيش

عثمان محمد علي   في الثلاثاء ٢٦ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً


أبو الطيب المتنبي،

يقول:

فعشت ولا أبالي بالرزايا .......... لأني ما انتفعت بأن أبالي

وأنت إذا ذهبت تدقق خلف كل جملة وتبحث عن كل مقولة قيلت فيك وتحاسب كل

من أساء إليك، وترد على كل من هجاك، وتنتقم من كل مَنْ عاداك، فأحسن الله

عزاءك في صحتك وراحتك ونومك ودينك واستقرار نفسك وهدوء بالك، وسوف تعيش

ممزقاً قلقاً مكدراً، كاسف البال منغص العيش، كئيب المنظر سيئ الحال،

عليك باستخدام منهج التطنيش،

إذا تذكرت مآسي الماضي فطنش،

إذا طرقت سمعك كلمة نابية فطنش،

وإذا أساء لك مسيء فاعف وطنش،

وإذا فاتك حظ من حظوظ الدنيا فطنش،

لأن الحياة قصيرة لا تحتمل التنقير والتدقيق، بل عليك بمنهج القرآن:

(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).


وأعلم أن الكلام الخبيث السيئ القبيح الذي قيل فيك يضر صاحبه ولن يضرك،

فعليك أن تأخذ الأمور بهدوء وسهولة واطمئنان ولا تُقِم حروباً ضارية في نفسك

فتخرج بالضغط والسكري وقرحة المعدة والجلطة ونزيف الدماء،


لقد علمتنا الشريعة الإسلامية أن نواجه أهل الشر والمكروه والعدوان بالعفو

بالتسامح والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه، والهجر الجميل الذي لا أذى فيه،

والصفح الجميل الذي لا عتب فيه، إذا مررت بكلب ينبح فقل: سلاما، وإذا رماك شرير

مارد بحجر فكن كالنخلة أرمه بتمرها، إن أفضل حل للمشكلة أن تنهيها من أول

الطريق، لا تصعّد مع من أراد التصعيد، انزع الفتيل تخمد الفتنة، صب على النار ماءً لا

زيتاً لتنطفئ من أول وهلة، ادفع بالتي هي أحسن وتصرف بالأجمل وأعمل الأفضل

وسوف تكون النتيجة محسومة لصالحك؛ لأن الله مع الصابرين ويحب العافين عن

الناس وينصر المظلومين،

إننا إذا فتحنا سجل المشكلات وديوان الأزمات ودفتر العداوات فسوف نحكم على

أنفسنا بالإعدام.

انغمس في عمل مثمر مفيد يشغلك عن الترهات والسفاهات والحماقات،

إذا رفع سفيهٌ صوته بشتمك فقل له: سلام عليكم ما عندنا وقت،

إذا نقل لك غبي تافه كلاماً قبيحاً من شخص آخر فقل له: سلام عليكم ما سمعنا شيئاً

إذا تذكرت أنه ينقصك مال أو عندك أزمة أو عليك دين فتذكر النعم العظيمة والكنوز

الكبيرة التي عندك من فضل الله من سمعٍ وبصر وفؤاد وعافية وستر وأمن ودين

وذرية وغير ذلك لتجد أن الكفة تميل لصالحك، وأن المؤشر الأخضر يبشرك أن النتيجة

تدل على أرباحك ونجاحك وفوزك،

أفضل رد على النقّاد والحسّاد هي الأعمال الجليلة والصفات النبيلة والأخلاق

الجميلة

أما المهاترات والسباب فهذا شأن كلاب الحارة

والله يقول في وصف النبلاء الأبرار:

(وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا

نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)،

ونعود إلى أبا الطيب المتنبي ليقول لنا:

لو كل كلب عوى ألقمته حجراً ......... لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ

فلو ذهبنا نرمي الكلاب إذا نبحتنا بحجارة فسوف يرتفع سعر الحجارة ولا نستطيع

شراءها،

اجمالي القراءات 10329
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الأربعاء ٢٧ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45299]

المتنبي يصف الأغلبية بــــــــالحنق .....

قال المتنبي :


لو كل كلب عوى ألقمته حجراً ......... لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ


لندرت الأحجار وأصبحت تباع كالسلع :ومثله قول شاعر آخر :


إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى


                                            ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه         


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق