جيل اكتوبر:
جيل أكتوبر

المحرر   في السبت ٢٥ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


جيل اكتوبر

تراودني في شهر اكتوبر من كل عام , والمحتفلين
بانتصاره من كل حدب وصوب ، يدبجون المقالات
والتهليلات والتحليلات في ذكراه ، فكرة من هم
وأين هم ، أبناء هذا الجيل من المصريين
العاديين ، المجندين لأداء الواجب الوطني ،
الساعين دون تهرب أو تبرم ، لاستعادة كرامة
الوطن المهدرة ،والمراقه علي رمال سيناء منذ
يوليو 1967 ، بدون أي تقصير من أي منهم ، فلم
يكونوا قبلا من صناع السياسة ، أو من محترفي
الحرب والقتال ، والذين كما نوقن الآن ، كانوا
السبب الرئيسي في هذه النكسة المخجلة .
ولقد أطبقت هزيمة يوليو علي هذا الجيل ، في
مرحلة شبابه وعطاؤه ، مابين حديث التخرج من
مدرسته أو معهده أو كليته ،أو فلاح وحرفي يسد
حاجة اهله ، أو من فلول المجندين ،العائدين من
حرب لم يشاركوا فيها والذين تم استبقاؤهم
بالخدمة ، بعد النكسة مباشرة .
وكان مؤكدا لدي الجميع ، أن هذا الواجب
المقدس ، ليس له نهاية منظورة ، سوي استعادة
الكرامة والأرض ،وعليه كان صرف النظر عن
المستقبل أو التخطيط له لكل منهم ، أمرا
حتميا.
ولاننسي أيضا ، أن هذا الجيل ، قضي ردحا في
صراع مع النظام ، بسبب حرصه علي المشاركة في
أدارة شئون بلده ، بعد أهانته بمهزلة النكسة
ومحاكماتها ، ثم الضغط الذي مارسه هذا الجيل ،
في عهدي ناصر والسادات ، من أجل حشد الوظن كله
، للدفاع عن الأرض والعرض. ولا يخفي أن الحرص
علي المشاركة ، تكلف اضرابات ومظاهرات
وأعتقالات ، الي آخر منظومة المعاناة والعذاب
، المطبقة في بلادنا .
وأدرك هذا الجيل عمليا ، وأثناء انخراطه
بالتجهيز للمعركة ، اتساع الهوة التي باعدت
بين القوات المسلحة وبين حسن استخدام وتفعيل
الأسلحة المتوافرة لدينا قبل هزيمة 1967, كما
تبين المسافة القائمه والمحسوسة , بين
الأمكانات العسكرية والتكنولوجية المصرية ,
وبين أمكانات الطرف الآخر.وتعجب من تبجح
دعاية النظام،في دعابة مؤسفة، بقدرته علي
القاء اسرائيل في البحر قبل يوليو 1967. ولعلنا
لم نبرأ بعد من مرض المبالغة ، وكما نطالع
الآن ويوميا عن حديث الأنجازات !
المهم أن المعركة قد انتهت بمحادثات الكيلو
101 الشهيرة , والتي عارضها الكثير من جيل
أكتوبر , كونها تمت بواسطة العسكريين من كل
جانب , وعلي الأرض المصرية , وتنبئ بأن كل طرف
جلس يحادث الآخر في الموضع الذي استطاع
الوصول اليه والمحافظة عليه.
وأدرك جيل أكتوبر ، أن الصراع لابد سيستمر ،
ولكن في ميادين التقدم والأنتاج والأخذ
بأسباب القوة.
وبدأ تسريح جيل مقاتلي أكتوبر علي دفعات ,
لينضم مرة أخري الي حياته المدنية , ليتفاجأ
وهو مازال بغبار رمال سيناء وخط القنال ,
بمفاجأة أثقل من عيار كل المدافع التي أطلقت
عليه , وكان العيار من وزن سياسة الأنفتاح
الأقتصادي , والتي تسببت في تعثر هذا الجيل في
العثور علي مسكنه وتكوين أسرته وبناء حياته.
وأخذ جيل أكتوبر يرصد ظهور فئات جديدة أخذت
في احراز الثروات المفاجئة , من تجار الشنطة
السابقين , ومن العائدين من مهجرهم أو من
المتهربين من أداء الخدمة الوطنية , ومن الذين
لم يشاركوا في أي أعباء تخص الوطن.
ومع التعثر في بدأ حياة كريمة ، ومع استفزاز
معايير الأستهلاك الجديدة ، بلغ هذا الجيل
ذروة اعتراضه ، مع باقي الطبقات التي مثلها
نظريا نظام ثورة يوليو ، وذلك بالأعتراض
العلني والتظاهر العارم في 1977, والتي أدت
بالنظام وقتها ،الي استدعاء الجيش الذي فرغ
من معاركه، للنزول الي الشوارع للسيطرة
عليها،
وتم وصم جيل اكتوبر ، بمحاولة سرقة الوطن! حيث
وصفها الرئيس السادات بانتفاضة الحرامية ،
تأكيدا لتبرؤ نظام العلم والأيمان ، من هؤلاء
اللصوص .
وأخذ النظام يمرر فكرة أن السلام سيلد رخاءا
، وأن الرخاء لن يجعل اي مواطن مضطرا لمد يده
لسرقة الوطن.وفهم مقاتلوا أكتوبر بأنه آن
أوان البناء والتقدم في جميع المجالات عند
استقرار السلام ،حيث الصراع الحقيقي، وان
عليه اللحاق بالأعداء ، ولنطبق بعض النظم
التي برعوا فيها ، ليس ابتداءا بزراعة
الصحراء ، وليس انتهاءا بنظمهم الديمقراطية.
وكما الزوج المخدوع ، والذي ماأن يبتلع
الكذبة الأولي ، حتي يستسيغ بلع كل مايلقي
اليه من كذب ، فقد تم أبتلاع مشروع السلام ،
حتي انشات في ربوع الوطن كله ، أحياء باسم
السلام ، وكلها للأسف في المناطق المعدمة ،
لأعطائها الأمل في رخاء السلام.وهي المناطق
التي أفرزت أفكار العنف السلفي لتفشي الجهل
والفقر معا فيها.
وبتوالي الخداع والكذب ، وبامتداد العهد
الماضي بالواجهة اللامعة التي جاء بها العهد
الحاضر\" الكفن ليس له
جيوب\" ، واضطرار الجيل للعمل جاهدا
ومجهدا ، لسد الفجوة الغذائية في منازله ،
والفجوة الحضارية في وطنه ، مرت كذبة من وزن
أن جيل أكتوبر هو جيل المرحلة والقيادة ،
ليتبين بعدها مقاتلوا أكتوبر ، أن المقصود هو
توزيع غنائم سلام أكتوبر علي أحباب نظام
أكتوبر ، وبالشكل الذي أدي بمقاتل أكتوبر الي
عدم تمكنه من دخول ورؤية الأراضي التى نزف من
عمره لتحريرها،لنقص الوجاهة الأجتماعية
لديه.
وأحكم حصار جيل أكتوبر، برجال أعمال أغلبهم
فاسدين ومفسدين ارتهنوا ثروات الوطن من
ناحية، ومن الأخري تواترت أجيال القادة، أهل
الثقة وأحباب النظام، علي كل المناحي، في
العام والخاص، ومن الحكم المحلي الي القري
السياحية، ومن التربية والتعليم الي الفن
والموسيقي، وترخصت قواعد الأنتقاء والكفاءة
، حتي وصل الي مجالس التشريع من تهرب من
التجنيد ، ومن لايتجنس بجنسية الوطن.
وتم تجميد القيادات من أحباب النظام في
أماكنهم لايبرحونها، كما تم استحضار قيادات
وسيطة،من تابعي أحباب النظام، نشأت وسط ثقافة
الأستباحة والأستحلال، ولا تعرف عن أكتوبر
ألا الضربة الجوية ومن خلال الفيديو، ولتحجب
عن جيل أكتوبر مواضع ترقيه في كل
المجالات،ولتصاب أجهزة الدولة ومؤسساتها
بالأمراض العضال، وليخسر جيل أكتوبر وبشكل
صارخ ، صراع البقاء في الوطن، وصراع التقدم مع
العدو.
وبمضي 35 عاما علي المعركة ، فأن جل جيل أكتوبر
الحقيقي ، في طريقهم للتقاعد ، أو تقاعدوا
فعلا ، ولسان حالهم يقول \"حسبنا
الله ونعم الوكيل\". ويبقي حكم
التاريخ في وطن ضحي مجبرا بجيل كامل من أبناءه
، ويدفع عن ذلك الآن ولاحقا.
أحمد عبيد
15/10/2008
اجمالي القراءات 7231
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ٢٥ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28875]

جيل أكتوبر من المساكين وأبناء السبيل ::

الكاتب الكريم الأستاذ - احمد عبيد - شكرا على مقالتك الكريمة . وأتسائل معك ،أين جيل أكتوبر ؟؟؟ يا صديقى العزيز لقد اضاع مبارك أجيال أكتوبر ونوفمبر وديسمبر ورجب ورمضان وذوالقعدة، وأجيال 37 و 83 و93 و2003 , كل اجيال مصر وحولهم إلى مساكين وأبناء سبيل فى سبيل رفعة ولديه صاحب السلطة وصاحب المال ، ولا عزاء لجيل أكتوبر .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more