التنظيم الشيعي الحركي في الخليج الرمضاء أم النار؟

مهنا الحبيل   في الإثنين ٠٧ - يوليو - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


حالة التوتر التي شهدتها الأطراف الشيعية الحاكمة في العراق منذ بدء التداول السياسي للاتفاقية الأمنية الدائمة مع واشنطن دخلت مدارا حادا في إعادة برمجة أو توزيع هذه العلاقة التي أصبحت ملتبسة للإتلاف الحاكم بين واشنطن وطهران وخاصة المجلس الأعلى وحزب الدعوة ولقد تجسد هذا الأمر بوضوح في تسريب بعض شخصيات الائتلاف لنتائج زيارتهم لطهران في محاولة لإقناع الإيرانيين بقدرتهم على مباشرة العمل السياسي مع واشنطن باستقلال لكنه يضمن مصالح طهران العليا في نهاية الأمر , غير أن ما تعرض له الوفد من تقريع حاد ورفض لأي خروج عن قواعد اللعبة التي دشنتها طهران في الملف العراقي ثم إعلان المالكي بعد الزيارة رفض المسودة الأولى للاتفاقية نقل هذه الحالة المزدوجة والشديدة التداخل إلى وضع جديد في علاقة التنظيمات الشيعية الحركية في المنطقة مع واشنطن وطهران لمرحلة فقدان التوازن الخطير .

مقالات متعلقة :


هذه الهزة قُرأت في دول الخليج وكان هناك حالة من الاختلاف في التعامل مع حالة الصراع أو حتى التوافق الأمريكي الإيراني بعد التوتر الشديد الذي سيؤدي تلقائيا لحرق بعض الأطراف الصغيرة في اللعبة والحديث عن العلاقة الأيدلوجية العميقة بين طهران وفصائل الثقافة الطائفية عبر هذه التنظيمات يحتاج إلى دراسة عميقة شاملة ومن ثم نقل هذه الدراسة إلى تطور العلاقة بين التنظيمات الحركية ومشروع الولايات المتحدة لدمقرطة الحالة الخليجية التي تركز على النمط السلوكي الغربي وحقوق الأقليات وفرزهم عن الجسم الوطني الموحد ومضاعفة الفجوة في ملتقى الهوية الوطني الجامع هذا البرنامج التي اندفعت فيه التنظيمات الحركية خاصة مع التشجيع الإيراني ومن ثم مابدى لها نجاحا في النسخة العراقية أصبح من الصعب بالفعل على هذه التنظيمات تحديد مساراتها بدقة والأخطر من ذلك قوة طهران على اختراق أي عملية مناهضة أو توقف أو مراجعة لهذا التنظيم أو ذاك يترتب عليها إعادة صياغة الفكرة والموقف لحالة الخليج ومن ثم قد يتطور الأمر إلى استقلال ولو جزئي للحالة الطائفية عن برنامج طهران في صياغة المسار لهذه الطلائع والقوى في الخليج.

وبالنسبة لي وربما للكثيرين لم اتفاجا من الحملة التي شنّها البعض في البحرين على الائتلاف حين بدا انه يقترب أكثر من واشنطن باعتبار أن هذه الأقلام والأصوات لطالما سبحت بحمد الديمقراطية التي يغار منها العرب في العراق الجديد المحرر أمريكيا !!

لكن هذا الصوت كان من الصعب بالفعل أن يُقنع الناس بهذا الهجوم على الاتفاق الأمني وكأنه نزل من السماء ولم يكن وليدا لعملية الغزو الكبرى التي دافع أولئك الكتاب عن روادها وصناع عمليتها السياسية ثم إذا به يوبخهم لو صدّقوا أن ديمقراطيتهم التي بشر بها ممكن أن تمارس على آيات طهران غير أن الخلق الفكري والمهني المنزوع الحياء أصبح معتادا عند أنصار الديمقراطية الطائفية حينا والاحتلال وحينا آخر المقاومة بحسب تقلبات الولاء المركزي .

على كل حال تبقى القضية تثير إشكالا واضحا فمع وجود مايُسمّى أيدلوجيا بخط الإمام في التنظيم وسياسيا يعتبرون مجموعة الأدوات المرتهنة في يد طهران اختياريا باستقالة إرادية من العقل والرأي المستقل , ففي مناطق أخرى في الخليج أو في نفس المنطقة هناك عملية تغير فعلي لشخصيات ومجوعات مهمة أصبح لديها تاريخ في العلاقة مع واشنطن وتقييم مستقل عن جماعة خط الإمام .

فإذا أضفنا إلى هذه التشكيلات التي قد يبرز رأيها تلميحا أو تصريحا الناشطين العاملين في لندن وواشنطن والبرنامج المشترك الذي عقدوه مع الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد في طأفنة الحالة الحقوقية وتبنيها في السياق المركزي لخطاب واشنطن الإصلاحي يبدو لنا أن التنظيم بالفعل قد يكون مُعرّض للانشقاق والحالة في الخليج مختلفة عن العراق فالتصفيات الدموية التي نفذتها طهران للراغبين بالتمرد عن طريق فصائل الولاء ليست متيسرة في الخليج لاختلاف الظروف ووجود الدولة والنظام لكن ذلك قد يُستعاض عنه بالتحشيد المرجعي وحصر مخالفيه في دائر الخيانة وضبط التسلسل المرجعي أسهل على طهران من الدخول في نقاش أو تهديد لجماعات تعدد التداخل الفكري السياسي مع الخطاب الطائفي لديها .

وقد يُراهن البعض على أن هذه الحملة المتبادلة ستنتهي إلى توافق جديد أو تهدئة بين واشنطن وطهران لكن تصريحات جعفري وغيره من رموز طهران والحال كذلك في واشنطن تشير إلى أن القضية ستحتاج إلى حرب تصفيات صغيرة من الطبيعي أن هذه الجماعات التي حشرت نفسها بين الطاحونتين سيكون بعضها ضحية للمرحلة .

على كل حال مايعنينا هو التساؤل عن الحد الأدنى من الإدراك لدى هذه التنظيمات من خطورة استخدامها إيرانيا كرسالة تحفيز متقدمة لتوتير السلم الأهلي والى أي مدى تدرك هذه التنظيمات أن وقوع صفقة في منتصف الطريق أمر وارد وعليه فما هو مصيرها بعد أن أضحت هي في منتصف لا تعرف الرجوع منه , وفي المحصلة نحن مقبلين على صيف ساخن ستتجلى فيه الأمور بصورة ابرز ولا ادري من سيحمد عند الصباح السُرى.

اجمالي القراءات 7477
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق