تموت الحرة من الضحك ولا تأكل بـ >الممارسة

جمال فهمى   في الإثنين ٠٤ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً


المعنى الذى ستقرأه فى السطور التالية سبق أن كتبه العبد لله بدل المرة مائة مرة على الأقل، ومع ذلك مازلت أشعر بالحاجة لتكرارالاعتراف بحقيقة أن نظام الرئيس حسنى مبارك لم يقصر أبداً - والشهادة لله - فى توفير وابتكار فرص الموت المجانى السهل لسكان هذا البلد، وعليه فسيادته (أى النظام) ليس مسئولاً عن أن بعض المصريين مافتئ يعاند ويراوغ ويبدى تتيساً لا مبرر له فى التمسك بالحياة الدنيا، رغم أنه يعلم علم اليقين أن الحياة الآخرة خير وأبقي. وإذا كان المصريون المحدثون الباقون على قيد الحياة حتى الساعة لا يكاد أغلبهم يتذكر حكم غير حكم مبارك ولا عصر غير عصره، الذى يظنونه بدأ قبل ظهور تلال المقطم وميدان الجيزة، فالكل صار يعرف أن فرص الموت زائدة وفائضة ومتنوعة تنوعاً لا يسمح لأى مواطن بالشكوى من أن فرصة موت قد فاتته، فالذى أفلت من الموت مسموماً بطعام أو شراب فاسد ليس صعباً أن يصبر قليلاً حتى يموت من الجوع أو المرض، ومن لم يسعفه الموت غرقاً فى عبارة أو وهو على متن قارب ضائع فى بحر ظلمات الغربة فبإمكانه أن يتذوق طعم الموت حرقاً فى قطار أو مركز شرطة، لكن الخلاص الأبدى قد يأتى مواطناً آخر وسط غبار وأنقاض عمارة شيدت وقدت من زبالة، كما أن فرصة الموت مرجحة كلما أخلص المواطن الصالح النية وهو يستخدم الطرق ووسائل النقل العمومية إلى الآخرة. ويبقى من بعد ذلك كله إمكانية دائمة ومستمرة لكى تتحقق الإبادة الجماعية للمصريين ويموتوا من الضحك عن بكرة أبيهم لو تفاعلوا بإيجابية وجدية مع عروض المسخرة الفاقعة التى لا يكف النظام عن إبداعها وإنتاجها كل يوم. مثلاً .. كم منا بذل جهداً فى متابعة وتأمل الزمجرات والتجعيرات الغاضبة الصاخبة التى صدرت عن كبار المسئولين وتوابعهم وتوابع توابعهم الأسبوع الماضى بعدما أصدر البرلمان الأوروبى بياناً عدد فيه مظاهر الديكتاتورية والقمع وانتهاك حقوق الإنسان والعدوان على الحريات التى ترسم كلها ملامح نظام مبارك؟.. وقد يقول قائل باستخفاف، يشى بسقم الوجدان وفقر الحس والذوق الفنيين، أن لا جديد فى حملة التجعير الوطنى التى تفجرت بمناسبة بيان البرلمان الأوروبي، غير أن الحقيقية هى عكس ذلك تماماً فالحملة المذكورة بدت نموذجاً للقدرة المتجددة على التفوق واجتراح المعجزات فى إنتاج المسخرة والهزل المميت. فالسادة المجعرون لم يكتفوا هذه المرة باستدعاء الست وطنية الرقاصة لكى تقدم نمرها المعتادة وتهز مفاتنها على مسرح الكباريه الوطنى مرددة غنوة >السيادة والاستقلالالممارسةالممارسةممارسة< أكثر لذة وإثارة.. وكل سنة وأنت طيب!!

اجمالي القراءات 7609
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق