لا تقل لزوجتك: يا حكومة.. قل لها: يا بالوظة!

محمد فهمي   في الخميس ٠٤ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً



الزوج الذي يخلع علي زوجته صفة حكومة.. في الصباح.. هو الزوج الذي يغمض عينيه في المساء كي يتصور أنه يحتضن الدكتور نظيف.
بقلم: محمد فهمي
لا تقل لزوجتك: يا حكومة.. قل لها: يا بالوظة!
أعلنت الشيخة آمنة نصير.. أستاذة بالعقيدة جامعة الأزهر.. أن إطلاق بعض الأزواج علي زوجاتهم لقب «حكومة».. يعد إهانة للمرأة!.. وهي تقصد حكومتنا.. طبعا لأننا لم نسمع أن زوجا نادي زوجته بـ «يا حكومة ماليزيا» أو «يا حكومة موريتانيا» أو حتي يا «حكومة الظل» ومفهوم طبعا أن الزوج عندما ينادي زوجته بـ «يا حكومة» فهو يريد التعبير عن مشاعره بالكناية.. كما يحدث عندما تحمل سيدة جميلة ملفوفة القوام.. سوداء العيون طفلا علي ذراعيها.. فإن العادة جرت علي أن كل من يلقاها يحرص علي تقبيل الطفل.

مقالات متعلقة :

والطفل الذي تحمله المرأة الجميلة.. هو طفل محظوظ.. لأنه يحاط بالعناية والاهتمام من كل الأطراف.. علي أساس أن تقبيل الطفل.. إشارة إعجاب بالأم.. وبالتالي فإن الناس تسعي لتقبيل ما هو ممكن ومتاح.. وهو الطفل.
ولذلك فإن الزوج الذي يخلع علي زوجته لقب حكومة.. ثم يقبلها.. فإنه في الواقع يغمض عينيه كي يتصور في خياله أنه يقبل عاطف عبيد.. وربما نظيف.. أو صفوت الشريف أي يقبل الحكومة.
ولذلك يبدو تصريح الشيخة آمنة مثيرا للدهشة.. لأن المفروض أن يكون إطلاق صفة الحكومة علي الزوجة.. محل تقدير واحترام.. يصل إلي حد الغزل.
وبدلا من أن يغني الزوج لزوجته «الهوي.. آه منه الهوي» ويلحن لها «ويقول للشمس تعالي بعد سنة.. مش قبل سنة» فإنه يختصر المشهد ويقول لها:
يا حكومة.. وترد عليه الزوجة اللبيبة.. بالتصفيق وجملة «قول كمان».
لعمري.. ما العيب في ذلك؟!
ما هي الإهانة التي تحملها كلمة «حكومة»
أليست هذه الحكومة.. هي التي توفر لنا رغيف الخبز.. وتدفع من جيبها ومن حر مالها مليارات الجنيهات لتوفيره لنا.. في عششنا ونحن في «الكوندشن» بعد أن نرش «الفليت»؟
أليست هذه الحكومة هي التي تبعث برجال «المصيلحي» للتفتيش علي كل طابونة.. للتأكد من انتظام الطوابير.. والتأكد من وجود طوابير للمرأة.. باعتبارها نصف المجتمع وطوابير كبار السن الذين تنتظر الحكومة خروجهم من الحياة الدنيا إلي الآخرة خروج السهم من القوس؟
أليست هذه الحكومة.. هي التي أعلن وزيرها المصيلحي.. بأنه لن يكون في مصر فقير واحد.. خلال سنوات قليلة.. وأنه سيقضي عليهم قضاء مبرما لتصبح مصر دولة بلا فقراء تستورد الفقراء من أمريكا؟
أليست هذه الحكومة.. هي التي تنازلت عن 8 مليارات من الجنيهات.. بددها الأصدقاء من القيادات الصحفية القديمة في مشروعات تجارية وصفقات أدوية.. وأبراج عملاقة.. ومطابع.. وأكاديميات وحمامات جاكوزي.. لحماية حرية الصحافة؟
أليست هذه الحكومة.. هي التي شنت الحرب الشعواء علي نقابة الصحفيين طوال ربع القرن الماضي.. حتي أضعفتها وشلت قدرتها وحطت من شأنها وهيبتها لصالح القيادات الصحفية التي كانت تستقل طائرة الرئاسة في كل «رحلات الخارج من أجل الداخل»؟
أليست هذه الحكومة هي التي ألقت بكل أخطاء 25 سنة علي كاهل.. مواطن واحد هو جلال عارف نقيب الصحفيين حتي نقلته للمستشفي الفرنساوي؟
أليست هذه الحكومة.. هي التي أغلقت أبواب الرزق أمام شبابنا وألقت بهم في بحار الظلمات تارة وفي سجون جميع الدول العربية تارة أخري لإيمانها بحرية السفر والتنقل؟
ما العيب في «الحكومة» يا شيخة آمنة؟
ما الخطأ عندما يطلق الزوج علي زوجته لقب حكومة.. إلا إذا كنت تقصدين.. أن لنا حكومة فاسدة.. استبدادية.. مصابة بعقدة السيطرة والغطرسة.
وأنها حكومة تسير علي حل شعرها.. وفي هذه الحالة فالشيخة آمنة.. عندها حق.. وأن إطلاق صفة الحكومة علي الزوجات إهانة بالغة لهن.. مع الأخذ في الاعتبار أن المواطن المصري لا يختار حكومة بينما يستطيع اختيار زوجته.
فالحكومة عندنا قضاء وقدر.. ولا نعرف أشكال الوزراء إلا عندما تنشر الصحف صورهم وهم يؤدون القسم.. في طوابير متراصة.. وحال كل منهم ينطق بأغنية أسمهان «آدي الحبايب ع الجانبين.. إيه اللي فاضل ع الجنة»
وبالتالي فإن المواطن المصري يتمتع بحرية اختيار زوجاته.. ولا يتمتع بحرية اختيار حكامه.
أنت تري زوجتك قبل أن يعقد المأذون القران.. وهذا حقك الشرعي ولكن ليس من حقك أن تري الوزير أو أن تختاره لأن ذلك ليس من حقوقك الشرعية.
أنت تستطيع أن تطلق زوجتك.. وتحرمها من رؤية الأطفال إلا في قسم الشرطة بينما لا تستطيع أن تطلق الحكومة التي في موسوعها استضافتك في أقسام الشرطة وأن تضعك مع إبراهيم عيسي ووائل الإبراشي في تخشيبة واحدة.
ولا تنسي أنك تستطيع أن تجمع بين 4 زوجات.. وربما 9 زوجات وفق تفسير البعض قوله تعالي «مثني وثلاث ورباع» بينما لا تستطيع أن تجمع بأكثر من حكومة واحدة فقط.. وإلا دخلت السجن بتهمة الخيانة العظمي وتوضع في تخشيبة واحدة مع عادل حمودة.
ومن ثم فليس أمام الأزواج الذين يخلعون علي زوجاتهم لقب «حكومة» سوي أن يحددوا الحكومة التي يقصدونها كيلا تحول الصفة إلي إهانة.. وفقا لما رأته الشيخة آمنة نصير.. كأن يناديها بجملة:
يا حكومة إيطاليا!

والمثير في الموضوع أنه بعد ساعات من تصريحات الشيخة آمنة خرج علينا علي الدين هلال.. أمين الإعلام في الحزب السرمدي.. بتصريحات قال فيها إن الحكومة عندنا مثل البالوظة.. وهو توصيف عبقري لأحوالنا بالفعل.
وكي نقترب من الصورة التي رسمها الدكتور هلال تعالوا نتأمل طبق البالوظة.
الملاحظة الأولي.. أن البالوظة ليس لها أي فوائد صحية.. ولا تشبعك.. ويمكن الاستغناء عنها.
ولن تشعر بأي ألم إذا لم تتناول البالوظة.
طعمها حلو ولكنها لا تحل مشاكل الجوع فهي لا تشبع ولا تسمن.
البالوظة.. لا تلعب أي دور في حياتك.
البالوظة شيء ليس له لازمة مثل الحكومة.
نحن نسمع كثيرا عن أزمات الرغيف وأزمات الصرف الصحي و«الجراكن» ولكننا لم نسمع عن أزمة بالوظة.
الملاحظة الثانية.. أن صفة البالوظة التي أطلقها الدكتور هلال علي حكامنا يكشف لي عن عبقرية لم ألمسها فيه خلال اللقاءات العابرة التي جمعت بيننا.
وتكفي العبقرة أنه اختار.. مادة غذائية لا تلعب أي دور في حياة المواطنين.. علاوة علي أن شكلها يتحدد بناء علي «القالب» الذي توضع فيه.
فإذا وضعوها في قالب.. مربع أصبحت مربعة.. وإذا وضعوها في قالب مستدير أصبحت مستديرة.. وهكذا.
والقالب هنا.. هو التعليمات والتوجيهات.. ودردشات لجنة السياسات.. وربما إشارات من مؤسسات عالمية.. وبنك دولي.. أو سيرا في ركاب سياسات العولمة.
كل ذلك لا يهم.
المهم.. أن البالوظة.. لا تأخذ شكلا.. إلا بعد وضعها في قالب ويتحدد شكلها بما يحدده القالب المصنوع في الغالب من الألومنيوم.
هي ليست لها قوام ذاتي تستند إليه.. وبالتالي فهي في حالة رجرجة.
شكلها من الخارج جذاب.. وألوانها زاهية.. أحمر زاعق وأخضر زاعق وأصفر زاعق.. وتتصور للوهلة الأولي أنك أمام طهاة من الأجانب حققوا هذه المعجزة الهلامية.
وعندما تقترب منها بملعقتك.. يهتز قوامها.. وتقاوم الوصول إلي الملعقة.. وبالتالي إلي الطبق وهي عندما تهتز وتقاوم، أنت تخشي أن تسقط منك علي الأرض.. أو علي ملابسك ولذلك يتحاشي العقلاء الاقتراب من أطباق البالوظة في ألوانه الرسمية.
وهو ما ينطبق علي الحكومة أيضا.. لأن الاقتراب منها يلوث الملابس علاوة علي أنها بلا فائدة ويمكن الاستغناء عنها ودون الإحساس بأنك قد فقدت فرصة العمر.
وعندما نقترب بملعقتك من طبق البالوظة الرئيسي فلست أنت الذي تحدد الكمية التي تود تناولها.. وإنما البالوظة هي التي تحدد لك القدر الذي تسمح لك به.. فهي تهتز وتتمايل.. وتتمنع.. إلي أن تحصل بطلوع الروح علي ما سمحت به البالوظة.
المواطن الشريف يقف مسلوب الإرادة أمام البالوظة.. ولا يستطيع التعامل معها أو أن يأخذ حقه منها لسبب بسيط.. وهو أنها بالوظة.. وهو ما ينطبق علي الحكومة أيضا.. فهي تعطيك من طرف اللسان حلاوة.. بالقدر الذي تريده هي وليس بالقدر الذي تحتمله أنت.
ولعل من أكثر ملامح التشابه بين الحكومة والبالوظة.. أنهما بلا ملامح ثابتة ومستقرة.
ملامح حكومة عاطف الأول تختلف عن ملامح حكومة عاطف الثاني.. وعن ملامح حكومة الجنزوري.. وتراها في كل مرة بلون وطعم وقوام مختلف.. وفي كل مرة بمذاق جديد.. وسياسة جديدة ووجوه جديدة.
كل مرة بالوظة جديدة.
مرة بطعم الجمبري.. ومرة بطعم الفراولة.
والطريف في الموضوع أن كل حكومة بالوظية.. تجمع حولها عدداً هائلاً من التوابع والزوابع الذين يسيرون خلفها بالدفوف والمزاهر وينشدون لها «أتمخطري يا حلوة يا زينة» وهي تترجرج.
والتوابع.. هي العفاريت التي تعشق النساء.. وتتبعهن في الأماكن المغلقة وفي الظلام الدامس.. وفقا لما جاء في كتاب «التوابع والزوابع» للشاعر الأندلسي ابن شهيد.. رحمة الله عليه.. أما الزوابع فهي العفاريت المؤنثة التي تظهر للرجال وتطاردهم في غير أوقات الصيام.
المهم أن لكل «بالوظة» عندنا توابع وزوابع.. تهتف باسم البالوظة الحاكمة ليلا ونهارا.. علي النحو الذي نراه في البرامج الحوارية التي لا تستضيف سوي التوابع والزوابع.
وبالتالي فإن ما ذكره علي الدين هلال.. صحيح.. باعتباره من رجال المطبخ.. ويعرف الفرق بين البالوظة.. والمهلبية.. وأم علي.
وبما أن الحزب السرمدي.. قد اختص المرأة بنصيب هائل من التكريم.. بما عرف عنها من حلاوة اللسان ورقة القلب.. ودقة الوجدان باعتبارها مناط شرف الرجل.. وموطن عرضه.. وبما أن وصف المرأة بالحكومة فيه الكثير من الإهانة لها.. فليس أمامنا سوي الحل الذي ابتدعه الدكتور هلال.. وهو أن يشير كل رجل لزوجته بـ «البالوظة» وعندما يناديها وهو علي باب الشقة يقول لها: يا بالوظة!


 

اجمالي القراءات 14636
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق