بين دماء المصريين وكلاب الأمراء

بقلم : علي عبدالعال   في الأربعاء ٢٨ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


بات النفوذ الذي يتمتع به أصحاب المال والجاه من السعوديين ــ أمراء و مواطنين ــ في مصر، كبيراً، لدرجة تحولت معه البلاد إلى ضيعة في أيدي رعايا آل سعود، يسيرون فيها حسبما يحلو لهم.. وبعيداً عن أي لغة يفهم منها التحريض ضد أشقائنا السعوديين، نقول : إن جزءاً غير قليل من الرأي العام المصري مشغول الآن بقضية الطفلة حبيبة، ابنة السبع سنوات التي اتخذ كلاب الحراسة التابعين لأسرة الأمير تركي بن عبدالعزيز، من وجهها وجسدها وجبة شهية لهم، بحديقة أحد الفنادق.
 
وهي الحادثة التي وقعت في فندق "موفمبيك" بمدينة 6 أكتوبر، يوم 14/2/2007م، حيث كان الطبيب المصري، سعيد محمد السيد (36 سنة) يقضي يوم أجازته، مع زوجته وأطفاله الثلاثة حبيبة (7 سنوات) وفرح (5 سنوات) وعلي (9 شهور).
 
وفي تفاصيل الواقعة : أن السيدة (منار) ــ أم الأطفال ــ كانت تجلس وتحمل طفلها الرضيع، بإنتظار عودة زوجها من صلاة العصر، عندما طلبت حبيبة اصطحاب شقيقتها الصغيرة فرح، للعب بالأرجوحة، ولم تمض دقائق حتى هاجم ثلاثة كلاب أشداء مفترسين الطفلتين اللاتين تمكنت إحدهما ــ فرح ــ من الفرار، لأنها رأتهم قبل حبيبة التي أوقعوا بها على الأرض ونهشوا وجهها وجسدها، حتى فقدت الوعي.
 
لم ينقذ الطفلة أحد من أفراد أمن الفندق، بينما أسرع إليها النزلاء الذين لولاهما لتمكنت الكلاب من قتل الطفلة التي لا تملك ــ بطبيعة الحال ــ القدرة علي الدفاع عن نفسها.
 
وبعد أن قام الأب المكلوم ــ بمساعدة نزلاء الفندق ــ بنقل طفلته إلى المستشفى، تكرم الأمير تركي بن عبدالعزيز، بالاتصال به تليفونياً لمعرفة تطورات الحادثة، مؤكداً استعداده للإنفاق على الطفلة حتى يتم شفاؤها، كما ألمح إلى الأب بأنه أعطى أوامره إلى مساعديه بتقديم كل ما يلزم.
 
وفي اتصال مع قناة "المحور" الفضائية، روى الطبيب سعيد محمد سعيد، ألوان الفظاظة والمعاملة السيئة التي لقيها عندما عاد إلى الفندق لمقابلة مساعدي الأمير، الذين فاجأؤه بالتأنيب على أهماله وتركه الأطفال يتعرضون لمضايقة الكلاب العزل، الذين لم يهاجموهم إلا دفاعا عن النفس.. حتى خشي الأب من أن يهب الأمير ــ من خلال مساعديه ــ بتقدم دعوى قضائية تطالبه بالتعويض، على ما جنت أيدي أطفاله بحق الكلاب.
 
الحادثة كان ينبغي لها أن تمر، كغيرها من عشرات الحوادث التي يتعرض لها المصريون وأطفالهم ــ في ظل حالة من الاهمال الجثيم، تهيمن على كل مجلات الحياة في هذا المجتمع المثقل بهمومه ــ إلا أن بشاعة خلفيات الواقعة أعطت لها أبعاد أخرى.. خاصة وأن الحراس الأمريكيين للأمير تركي ــ شقيق العاهل السعودي ونائب وزير الدفاع الأسبق ــ لم يتحركوا، بل ــ وامعاناً في اللامبالاة ــ اكتفوا بالفرجة على ما يجري من أحد الشرفات.
 
ومن المعطيات التي تستحق أيضاً الوقوف أمامها، أن الكلاب التي هاجمت الطفلة حبيبة كلاب مفترسة، وهاجمتها في فندق عام، وليس داخل منزل الأمير أو في حديقته الخاصة. ولعله من الشاذ أن تترك هذه الكلاب المسعورة داخل فندق سياحي فاخر، من المفترض أن عمليات من التفتيش تجري عليه ــ بشكل دوري ــ من قبل وزارة السياحة، حفاظاً على أمن النزلاء وراحتهم.
 
من المحزن لكل المصريين أن لا تستطيع أسرة صغيرة قضاء يوم أجازة الأب، في فندق ببلدها، ومن المؤلم أيضاً أن تأتي طفلة صغيرة لتلهو وتلعب فتنهشها الكلاب وتفترس براءتها، وينتهي الحال بتشويه وجهها وتمزيق جسدها.. وأشد من هذا وذاك أن تنتهك حرمات المواطنة، ويغيب القانون، ويستغفل القضاء في مصر، على أيدي ضيوف الثراء والسلطان. 
 
إمارة (تركي ــ الفاسي) في مصر
 
لم تكن تلك هي الحادثة الأولى في سجل أسرة تركي بن عبدالعزيز، فقد ظلت هذه الأسرة وحاشيتها ــ منذ قدومهم إلى مصر، منتصف التسعينات ــ تتحدى القانون وأجهزة القضاء والشرطة، دون أن يستطيع أحد مساءلتها أو تقديم أحد أفرادها إلى العدالة، على عشرات الجرائم التي ارتكبت ــ ولازالت ــ بحق مواطنين مصريين.
 
فقد شهد العام 1998م ما يشبه المذبحة التي وقعت بحق عمال مصريين وفلبينيين، على أيدي الأميرة هند الفاسي ــ زوجة تركي ــ وحراسها وأفراد حاشيتها، عندما احتجزوا هؤلاء العمال وعذبوهم داخل فندق "رمسيس هيلتون" ــ الذي كانت الأسرة تسكن بالطابقين الأخيرين منه، إضافة إلى طابق ثالث مخصص للحراس الشخصيين الذين تتراوح أعدادهم بين 40 و120 من جنسيات مختلفة (أمريكان وبريطانيين وزنوج أفارقة) ــإثر شكاوى تقدم بها العمال اتهموا فيها الأمير وأسرته، بعدم تسديد رواتبهم واساءة معاملتهم.
 
كما قضت المحاكم المصرية ــ في العام نفسه ــ بسجن حارس شخصي (أمريكي) للأمير، بعد اعتدائه بالضرب على طباخ مصري، وسجن خمسة آخرون من الحاشية لاعتدائهم بالضرب أيضا على ضابط شرطة مصري. كما حكم القضاء على اثنين من أقارب، هند الفاسي، هما فهد وتركي الفاسي، في سبتمبر 1999 بالسجن بسبب ضربهم أحد عناصر الشرطة.
 
وكانت محكمة "جنايات أبو العلا" أصدرت حكماً غيابياً بسجن الأميرة، هند الفاسي، ثلاث سنوات مع الاشغال الشاقة، بتهمة سرقة مجوهرات قيمتها أكثر 6 مليون جنيه مصري، وحكمت المحكمة غيابياً ــ في نفس القضية ــ على طباخ الأميرة اللبناني، بالسجن ثلاث سنوات مع الاشغال الشاقة، بينما نال مرافقها، أحمد عواد، حكماً بالسجن لمدة سنتين. وذلك على خلفية استيلاء الأميرة على مجوهرات من الذهب والماس قيمتها (3،1 مليون دولار)، من أحد المحال دون أن تدفع ثمنها.
 
وحققت النيابة المصرية مع الأمير أحمد ــ نجل الأمير تركي (21 سنة) ــ وعدد كبير من مرافقيه وحراسه في فندق "موفمبيك"، على خلفية مشاجرة جرت بين الأمير وحراسه ورجال أمن الفندق بمدينة أكتوبر، اسفرت عن إصابة صحفي مصري ومدير أمن الفندق، واثنان من أفراد الأمن، ومرشد سياحي، وأكدت التحقيقات أن الأمير قام بتحطيم الزجاج بعصا بها صاعق كهربائي، كما حطم الأثاث واعتدى بالسب علي العاملين والمسئولين، وأصاب المرشد السياحي الذي تصادف وجوده مع أحد الأفواج السياحية.
 
وفي العام 2004م ألزمت محكمة "شمال القاهرة الابتدائية" الأمير تركي، بدفع ما قيمته 500 ألف جنبيه، وذلك على خلفية الدعوى رقم 2829 المرفوعة من عيد سيد بسيوني (تاجر لحوم) وزميله محسن رمضان (تاجر طيور) وهما موردان الحوم والطيور لأسرة الأمير الذي لم يسدد قيمة ما حصل عليه، وعلي الرغم من أن المحكمة قالت إن حكمها قد صدر في مادة تجارية، وبالتالي يكون نافذاً بقوة القانون، إلا أن هذا القانون ــ كسابقيه ــ لم ينفذ وأصبح الحكم القضائي حبيس الأدراج.. وطاف المواطنان المصريان علي جميع المسئولين الذين لديهم علاقة بتنفيذ الأحكام، إلا أنه لم يستمع أحد لهم، ولم يتدخل أحد من أجهزة الدولة لإنقاذهم.
 
إنها مستعمرة أو قل دولة داخل الدولة
 
وتقيم أسرة الأمير تركي بن عبدالعزيز ــ الذي يحتل المنزلة الثالثة لإعتلاء العرش بين أمراء السلالة السعودية ــ في مصر، منذ ما يقرب من عقدين (العام 1992)، وذلك بعد أن منعت الأسرة الحاكمة في الرياض زوجته الأميرة هند الفاسي ــ المغربية الأصل ــ وابنتها سماهر من دخول الأراضي السعودية.
 
وكانت تلك الأسرة ــ المكونة من تركي وهند الفاسي وأبناؤهما سماهر وعبدالرحمن وأحمد ــ غادرت السعودية العام 1989م، دون أن تعد إليها.. ومن ثم انتقلت إلى تونس التي يقال إنها خرجت منها أيضاً بعد ارتكاب عدد من المخالفات الجثيمة، لتستقر بعد ذلك في مصر. وبعد جولة طويلة على كبرى فنادق القاهرة، وجدت الأسرة ــ أخيراً ــ في مدينة 6 أكتوبر وفندق "موفمبيك" التابع لمدينة الإنتاج الإعلامى، المكان الملائم، تجنباً للدخول في صراعات مع رجال الصحافة والقضاء في مصر، إذ يتميز المكان بطابع شديد الخصوصية لابتعاده عن المدينة، فضلاً عن إمكانيات تأمينه واستيعابه للعدد الهائل من الحراس الشخصيين للأمير وحاشيته.
 
وتعد الأميرة هند الفاسي، العضو الأكثر إثارة للجدل في هذه الأسرة، إلى جانب ابنتها "سماهر"، وغالباً ما تشير الصحافة المصرية إلى السهرات الباذخة التي تقيمها هذه الأميرة المغربية الأصلس.
 
والدها هو المغربي، شمس الدين الفاسي، الذي كان بدوره بطلاً لعدد من الفضائح في بريطانيا، وشقيقها هو "محمد الفاسي" الذي كان قد هرب من الولايات المتحدة بعد ارتباط اسمه بعدد من الفضائح الأخلاقية، لعل أهمها قصره في (لوس انجلوس) الذي تعرض للحرق من قبل السكان بعد أن وضع فيه الفاسي تماثيل عارية كانت تطل عليهم. ولهند الفاسي شقيق آخر كان متزوجا من الممثلة شريهان، وكان موضوعاً للكثير من القيل والقال بعد وصول خلافاته معها إلى المحاكم.
 
وتزعم هند الفاسي أنها "سعودية من الحجاز (..) لكن جدي الكبير (كما تحكي هي) توجه إلى فاس، فأطلق عليه لقب الفاسي.. أما والدتي، فهي مصرية من أصول تركية". وتصف الأميرة ــ التي يعمل في خدمتها أكثر من 100 شخص، وتنتقي ثيابها من أرقى دور الأزياء في أوروبا ــ نفسها بأنها : "امرأة سعودية ليبرالية منفتحة في سلوكها وتصرفاتها"، وتقول إنها متمسكة بتعاليم والدها الشاذلي، مشيرة إلى أن رسالته تكمن في ما تسميه بـ "توحيد الديانات، إذ لا نفرق بين الأديان".
 
وعلى مدار السنوات الماضية لا صوت يعلو ــ في القاهرة ــ فوق ضجيج حفلات "هند" التى تمتد بعضها إلى ثلاث ليال كاملة، وخلال هذه المدة شارك في تلك الحفلات معظم نجوم ونجمات العالم العربي تقريباً. كما أن حفلات الفاسي هى تقريباً أهم حدث ينتظره نجوم الغناء، إذ من حفلات الفاسي عموماً تتحدد أسعار المغنين والراقصات، على الرغم من أن السعر دائماً يأتي حسب مزاج الأميرة، لكنه في معظم الأحوال يكون هو الأعلى. وحفلاتها هي المفضلة لدى نجوم الغناء لأنها بداية "البيزنس" الحقيقى لهم.. وتبقى تفاصيل هذه الحفلات ــ رغم الإجراءات الأمنية ــ هي الأكثر إغراءاً لرجال الصحافة والمصورين، بالرغم من أن التصوير فيها لا يكون إلا بأمر الأميرة نفسها، وسط حراسة أمريكية!.
 
وقد شهدت هذه الحفلات عدداً غير قليل من التجاوزات، أغلبها كانت تفاصيله مزعجة، ووصلت إلى القضاء. وكان آخر هذه الحفلات الدورية، حفل عيد ميلاد ابنتها الأميرة "سماهر" الذي امتد 3 أيام متتالية، وهو الاحتفال الذي حمل تفاصيل خاصة.
 
ومن الجدير بالذكر هنا، أن شعبان عبدالرحيم ــ المطرب الشعبي ــ له أغنية كان قد قالها في إحدى حفلات الأمير والأميرة، تعبر عن مدى ولع هؤلاء بالأسرة الملكية وحفلاتها الفياضة. فقد غنى (شعبولا) قائلاً  :
باحب الأمير ترك
وباحب قعدته
وكل الناس بحالها
والنعمة حبته
وإيييييييييه
اجمالي القراءات 7541
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق