رقم ( 6 )
الفصل الثالث : هجص مالك فى تقديس النبى محمد وتقديس المدينة

 

القسم الأول : تقديس النبى محمد  

أولا : الصلاة فى مكان صلى فيه النبى

هى نوعية أخرى من هجص تقديس النبى بدأ بها مالك فى هذا الحديث : (  وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ، كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ وَهُوَ أَعْمَى وَأَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالْمَطَرُ وَالسَّيْلُ وَأَنَا رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذْهُ مُصَلًّى ‏.‏ فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ‏"‏ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ ‏"‏ ‏.‏ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏ ). فى هذا الهجص يزعم مالك أن النبى صلى فى مكان محدد فى بيت رجل ضرير ، حتى يصلى الناس فيه مع هذا الرجل الضرير. أى هو تقديس لمكان وقف فيه النبى يصلى .. !

ثانيا : مالك وهجص ( جعل الصلاة على النبى عبادة ).

1 ـ  وهذه جريمة يتحمل مالك وزرها ـ فهو البادىء فيها ، وأتبعه بلايين ( المسلمين ) حتى الآن .  ويهاجموننا حتى الآن لاننا لا نكتب ( صلى الله عليه وسلم ) .

 تحت عنوان ( باب مَا جَاءَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم )، يفترى مالك : ( - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ ‏"‏ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ‏"‏ ‏.‏ ) و : ( - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ ثُمَّ قَالَ ‏"‏ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ ‏"‏ ‏.‏ ). وما لبث أن جعلوا هذا جزءا من التشهد أو ما أسموه بالتحيات ، مع إختلافاتهم فى صيغها .

2 ـ وإفترى مالك أن عبد الله بن عمر كان يقف على قبر النبى فيصلى عليه، ويصلى على ابى بكر وعمر: ( - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ‏.‏ ).

3 ـ  ويبدو أن إفتراء مالك هذا لم يُعجب بعضهم فإفترى حديثا يرد به على (مالك ). والعجيب أن مالك يروى هذا الحديث،وهو: (  وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ‏"‏‏.‏ ) . الطريف هنا أن من إفترى هذا الحديث زعم أن عطاء بن أسلم سمعه من النبى محمد عليه السلام . وهذا محض كذب ، لأن عطاء هذا من التابعين ، وأبوه ( يسار ) كان من أطفال السبى فى الفتوحات والذين جىء بهم للمدينة فعاشوا فيها وأنجبوا. وإشتهر ابنه عطاء بالتدين والاعتكاف فى مسجد المدينة . وقد مات عطاء عام 103 .  فمتى رأى النبى محمدا عليه السلام ؟.

أخيرا : نعيد هنا نشر مقال ( الصلاة على النبى ) للتذكرة :

(   الصلاة على النبى عند المحمديين

1 ـ حين يقال " النبى " فالمقصود دائما لدى المسلمين هو النبى محمد فقط ، وحين يقال الرسول فهو محمد لا غير . وإذا قيل الصلاة على النبى فالمفهوم أنها عبادة وتقديس للنبى محمد ، أى صلاة له وليس صلاة عليه . ومن المتعذر أن يذكر شخص أسم النبى محمد دون أن يقول " صلى الله عليه وسلم " ولابد أن يتسابق السامعون فى قول " صلى الله عليه وسلم " بكل خشوع وخضوع إذا سمعوا اسم النبى محمد.. 2 ـ أما إأذا ذكر الخطيب اسم الله تعالى فلا يهتم أحد بأن يقول ( سبحانه وتعالى) . هذا مع أن الأمر بتسبيح الله جل وعلا هو فريضة ولكن منسية ، أنساها لنا تركيزنا فى تقديس النبى محمد ، ذلك التقديس الباطل الذى سلب جزءا كبيرا من التقديس المفروض أن يكون خالصا لله تعالى وحده ـ وقام بتوجيهه نحو محمدلذلك لا ينبغى للمسلمين ان يغضبوا إذا وصفهم الغرب بانهم ( محمديون ) فذلك وصف دقيق يعبر عن أديانهم الأرضية التى تدور وتتمحور حول محمد بنفس ما تتمحور عقائد النصارى حول المسيح فأصبحوا (مسيحيين  ) . ولكن يظل الفارق فى أن المسيحيين يفخرون بهذه الصفة ، ويرونها متسقة مع عقائدهم ، بينما يأنف المسلمون من وصف (المحمديون ) مع أنهم محمديون أسلموا عقائدهم لإله وهمى اسمه محمد ، فهو الذى يشفع فيهم ويدخلهم الجنة و يخرجهم من النار ، وهو الذى تعرض الملائكة أعمالهم عليه وهو فى قبره ، لذا فقد بات أهم أمنية لكل (محمدى ) متدين أن يحج الى قبر محمد وأن يتمسح بشباكه وأستاره طالبا الغفران ونعيم الجنانويوم القيامة سيحمل مفاجأة أليمة للمحمديين ،فلن يأتى الرسول محمد عليه السلام شفيعا فيهم ولكن سيأتى خصما لهم جميعا يتبرأ منهم وينكر عليهم أنهم اتخذوا القرآن الكريم مهجورا ، وبأنهم أعدى أعدائه الذين عبدوه رغم أنفه : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) ( الفرقان ـ 03  .). وفى لفتة واقعية لحال المحمديين تصور خطيبا فى مسجد أو فى محفل ، وهو يستشهد بآيات من القرآن ويقول قال الله ، فلا يهتم بقوله أحد طالما لا يهاجم عقائدهم ،فإذا استشهد بآية قرآنية وهو ينفى شفاعة النبى محمد (مثلا ) نظروا اليه باشمئزاز ،إن لم يثوروا عليه .أما إذا استشهد بأحاديث الشفاعة وذكر اسم النبى محمد عندها تراهم يستبشرون ويهللون بالصلاة والسلام على (الشفيع المشفع سيد الأنبياء والمرسلين ) حسب زعمهمالله جل وعلا يصور هذا الموقف فى كتابه العزيز فيقول ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) ( الزمر 43 : 45 )أرجو من القارىء الكريم أن يتدبر قوله تعالى (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) فسيراها تنطبق على المحمديين الذين لا يؤمنون بالاخرة كما جاءت فى القرآن الكريم
3
ـ ومن عجب أن الأمر بالصلاة على النبى محمد جاء مرة واحدة فى القرآن ـ وبمعنى مخالف لما يعتقده المحمديون فى اديانهم الأرضية ـ ومع ذلك أصبحت الصلاة على النبى محمد من اهم شعائر الأديان المحمدية الأرضية ، وبمفهوم مخالف للاسلام كما سيظهر فى هذا المقال . وفى نفس الوقت تجاهل المحمديون فريضة التسبيح ، مع أن الأمر بتسبيح الله جل وعلا تكرر عدة مرات كاحدى الفروض التعبدية المذكورة فى مفتتح عدد من السور القرآنية كقوله جل وعلا : (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )( الحديد 1 ) (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ( الاسراء 1 )وذكرها سبحانه وتعالى فى داخل بعض السور كقوله جل وعلا : (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا )( الاسراء 43 : 44). وأمر رب العزة جل وعلا النبى محمدا نفسه بالقيام بهذه الفريضة فقال له (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) (الأعلى 1 .)  ، وجعل الله تعالى لها توقيتا مستمرا طيلة يقظة الانسان ، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ) (طه 130 ) (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ )( ق 39 : 40) (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) ( الطور 48 : 49)
4
ـ والمفهوم لدى المحمديين أن الصلاة نوعان ، فرض لله تعالى وهى الصلوات الخمس ، ثم صلاة سنة وهى صلاة تطوعية يقدمونها للنبى محمد ، وهم يستعملون مصطلح سنة فى التعريف بهذه الصلاة غير المفروضة  . وفى المصطلح القرآنى فإن الصلاة غير المفروضة يطلق عليها " نافلة "، فالنوافل تشمل الصلاة وقراءة القرآن والتفكر فى آلاء الله جل وعلا، وأفضل أوقات النوافل هى الليل ، وبهذا جاء الأمر للنبى محمد نفسه أن يقوم بهذه النوافل تطوعا حتى يستحق دخول الجنة وهى المقام المحمود الموعود به كل من أسلم وجهه خالصا لله تعالى ، يقول تعالى يأمر خاتم الأنبياء : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ) ( الاسراء 78 : 80)وكل الأوامر التى جاءت للنبى محمد عليه السلام باقامة الصلاة ـ أى عدم الوقوع فى المعاصى بعد أداء الصلاة ـ و بأداء النوافل والتسبيح ـ كلها موجهة أيضا لكل مؤمن مسلم
5
ـ هناك فرق بين (صلى ل ) و ( صلى على  .) 
( صلى ل ) تعنى العبادة ،فنحن نصلى لله جل وعلا أى نعبده ، يقول تعالى للنبى محمد (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) ( الكوثر 2 ). ولكن (صلى على ) تفيد الرحمة أو طلب الرحمة ، وسيأت تفصيل ذلك
والواضح أن تحريفا حدث ، تحولت فيه (الصلاة على النبى) إلى (صلاة للنبى ) بمعنى العبادة والتقديس ، وأن هذا التحريف فى الصلاة كان متسقا مع تحريف آخر فى الحج ، تم على أساسه تقديس القبر المنسوب للنبى محمد ، ووضعت الأحاديث فى تسويغ هذا الحج للقبر ، وتناسوا أنه لا مجال فى إضافة عبادات لم ترد فى الأسلام ولم يعرفها محمد عليه السلام ، فلا يستطيع عاقل او مجنون أن يقول إن محمدا عليه السلام كان يحج الى قبره وهو لا يزال حيا يرزق ، فكيف نخترع عبادة لم يعرفها النبى فى حياته ؟ وكيف نضيف عبادة بعد أن اكتمل الاسلام بانتهاء القرآن الكريم نزولا ؟ . لا يمكن تصور ذلك إلا فى إطار الأديان الأرضية التى تشرع لأصحابها ما لم ينزل به الله تعالى سلطانا ، والتى تقدس البشر والحجر ، وتبدأ بتقديس الأنبياء ـ رغم انوفهم ـ ثم تتوسع فى التقديس ليشمل عبادة المستبدين والمجرمين والمعتدين وناهبى الشعوب ومسترقى الأطفال والذرية والنساءولكن من حقنا أن نتعجب من مقدرة الشيطان على خداع المسلمين وتحويلهم الى (محمديين ) . لقد جاهد محمد عليه السلام وعانى فى مواجهة عقائد الشرك وتقديس البشر فاذا بالشيطان يجعل المسلمين ـ أقصد معظمهم ـ محمديين يعبدون محمدا نفسه ويقعون فى الشرك الذى كان محمد عليه السلام يجاهد ضده

  بين الصلاة والسلام والتسليم 
1
ـ أن الله تعالى قد حيا الأنبياء السابقين بالسلام ،أى (سلّم عليهم ) . وتجد هذا فى سورة الصافات وهى تسرد قصص بعض الأنبياء وتقول (سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) (سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ( الصافات 79 ، 109 ، 120 ، 130 ) وفى نهاية السورة يقول رب العزة (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
هذا هو سلام الله تعالى على الأنبياء والمرسلين ، وكان السلام عليهم يأتى بتقرير أن ذلك النبى الذى يسلم الله تعالى عليه يستحق جزاء المحسنين وأنه كان من عباد الله المؤمنينوالسلام هنا يعنى التحية من الله تعالى لهم ، وهذه التحية الالهية ستكون أيضا من نصيب اهل الجنة ، أى ستكون تحية الله جل وعلا لهم بالسلام ، يقول جل وعلا عن أهل الجنة (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ) ( يس 57 ـ ) ويقول أيضا عنهم : (أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا ) ( الفرقان 75 )( وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) ( ابراهيم 23 ) (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا) ( الأحزاب 44 ) (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)( يونس 10). 
2
ـ وإذا كان الله جل وعلا قد سلّم (على ) الأنبياء جميعا فنحن المؤمنين مفروض علينا أن نسلم أيضا عليهم ، وهنا يأتى الأمر للنبى محمد خاتم الأنبياء – عليهم جميعا السلام – ولنا معه بأن نحمد الله تعالى وبأن نرسل السلام إلى عباده الذين اصطفى ، وهم الأنبياء (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) ( النمل 59 )
3
ـ وهنا فالسلام غير " التسليم " ، السلام تحية ، أما التسليم فاعتقاد فى الله جل وعلا واستسلام له . وهذا هو معنى الاسلام فى العقيدة ، يقول تعالى يأمر خاتم النبيين : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ( الأنعام 162 ـ ) وعن ارتباط التسليم بالايمان الاعتقادى يقول الله جل وعلا يصف بعض الصحابة فى غزوة الأحزاب : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) ( الأحزاب 22 ) فالتسليم هنا مرتبط بالايمان

  المساواة بين الصلاة على النبى والصلاة على المؤمنين
ا ـ يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (الأحزاب 56 ) وفى الأية الكريمة ثلاث حقائق
1 :-
أن الله والملائكة يصلون على النبى
2 :-
أن المؤمنون مأمورون بالصلاة على النبى
3 :-
 أن معنى الصلاة هنا اعتقادى مرتبط بالدعاء بالرحمة لأن معنى (صلى على ) أى طلب له الرحمة من الله جل وعلا ، أو رحمه الله جل وعلا ، ولكن المهم هنا أن الصلاة على النبى جاءت مرتبطة بالتسليم ، والتسليم أيضا هو الإعتقاد . فلم يقل صلوا عليه وسلموا سلاما إنما قال ( صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) والإسلام فيما يخص التعامل مع الله تعالى هو التسليم والإنقياد لله تعالى وحده، وهذا هو جوهر عقيدة الاسلام ومبنى القرآن
ب ـ ويقول تعالى فى نفس السورة :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ) ( الأحزاب 43)
وفى الاية الكريمة الحقائق التالية
1
  ــ المساواة بين النبى و المؤمنون ،فالله تعالى يصلى هو وملائكته على النبى وعلى المؤمنين ، ولنضع قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) فى مقابل قوله جل وعلا (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) لتجد التساوى
و جاء الأمر للمؤمنين بالصلاة على النبى فى هذه السورة (الأحزاب )( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وجاء الأمر للنبى محمد بأن يصلى على المؤمنين فى سورة التوبة ؛ يقول تعالى يأمر النبى محمدا عليه السلام متحدثا عن نفر من المؤمنين من الذين خلطوا عملا وصالحا وآخر سيئا ، ويريدون التوبة : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ( التوبة 103 )والمستفاد هنا هو التساوى بين النبى والمؤمنين ، فالله تعالى يصلى هو وملائكته على النبى على المؤمنين ، ويأمر الله تعالى المؤمنين بالصلاة على النبى ، كما يأمر النبى محمدا ـ فى حياته ـ بأن يصلى على المؤمنين
 2     ـ فى معنى ان الصلاة على المؤمنين والنبى تعنى الرحمة ، علينا أن نتدبر قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ) ( الأحزاب 43 ) فالواضح هنا فان الله جل وعلا يأمر المؤمنين بأن يذكروا الله ذكرا كثيرا وان يسبحوه بكرة وأصيلا ، وفى المقابل فإن جزاءهم هو أن يرحمهم ، وتعبير الرحمة جاء بمعنى انه جل وعلا يصلى عليهم أى يرحمهم ، وأن الملائكة تصلى عليهم أى تدعو لهم بالرحمة و المغفرة ، وهذا كله يكون باخراجهم من ظلمات الكفر و الشرك و العصيان الى نور الحق والايمان ،ويتحقق عمليا حين يلقون الله جل وعلا يوم القيامة حيث أعد لهم أجرا كريما ، وحيث سيحييهم بالسلامفالله وملائكته يصلون على المؤمنين والصلاة هنا طلب الرحمة وهدف الرحمة هى أخراجهم من الظلمات إلى النور وتؤكد الأية الكريمة فى نهايتها أن الله تعالى رحيم بالمؤمنين . ثم تأتى الأية التالية تتحدث عن ثمار رحمته تعالى بهم يوم القيامة حين يدخلون الجنة وعندها يحظى المؤمنون بسلام الله تعالى وتحيته لهمونفس المعنى مع المؤمنين الصابرين المجاهدين الذين يتعرضون للابتلاء والمحن فيصبرون قائلين انهم ملك لله تعالى ، وانهم اليه يوم القيامة راجعون ،أولئك يشملهم الله تعالى برحمته أى يصلى عليهم ، يقول تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) ( البقرة155 : 157). 
والمستفاد من هذا إن صلاة الله تعالى وملائكته على النبى والمؤمنين هى رحمة بهم ، وستتجلى هذه الرحمة يوم القيامة

  كيف كان النبى محمد يصلى عليهم فى حياته ؟
1
ـ الله تعالى أمر النبى بأن يصلى على بعض المؤمنين فى عهده ، أى كان يستغفر لهم ويدعو لهم بالرحمة ، فقال جل وعلا عن مؤمنى الأعراب أن صلاته عليه السلام عليهم ستكون قربة لهم يدخلون بها الجنة بعملهم واستغفار الرسول لهم : (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( التوبة 99 ) . فالصلاة من النبى هى طلب الرحمة لهم ، وهم مستحقون للرحمة بعملهم وايمانهم
2
ـ وفى نفس السورة منع الله تعالى النبى محمدا من الإستغفار للمنافقين المعاندين ومنعه من الصلاة عليهم إذا ماتوا، يقول تعالى عنهم : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ) أى سيظلون على النفاق الى يوم القيامة ولقاء الله عز وجل . والذى يخبر بذلك هو من يعلم السرائر ،يقول تعالى ( أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ) ثم ...بعدها يوجه الله تعالى الكلام لخاتم النبيي فيقول له ( .. اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ .. ) ثم يأتيه عليه السلام نهى آخر بألا يصلى عليهم ، والصلاة هى طلب الرحمة :( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ) ( التوبة77 : 80: 84 ) فأولئك أناس أستحبوا الضلالة على الهدى وظلوا على إعتقادهم حتى الموت، والله تعالى هو الأعلم بهم فمنع النبى محمد عليه السلام من الدعاء لهم أوالصلاة عليهم
3
ـ وفى نفس السورة أمر الله جل وعلا خاتم النبيين ان يصلى على نفر من المؤمنين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ويريدون التوبة ، فقال تعالى عنهم للنبى محمد (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . ) ( التوبة 102 : 103)
ولزيادة التوضيح نقول
ا ـ إن استغفار النبى محمد عليه السلام لبعض أصحابه هو نفس صلاته عليهم ، والمقصود هو الدعاء لهم بالرحمة. واستجابة الله جل وعلا بالرحمة مرتبطة بايمان أولئك الناس وعملهم ، والله جل وعلا هو علام الغيوب ، ومن هذا المنطلق جاءت الآيات الكريمة تصف الأنواع المختلفة للصحابة من تائبين مخلصين ومنافقين مخادعين
ب ـ استغفار النبى جاء فى سياق الحديث عن تآمر المنافقين عليه فى المدينة، وكان القرآن الكريم ينزل يفضح تآمرهم ، وكان مطلوبا منهم أن يتوبوا ، والتوبة تعنى الاعتراف بالذنب و الاقرار به والتعهد بعدم الوقوع فيه ثانيا، ولكنهم كانوا يكتفون بالحلف كذبا بأنهم ما قالوا ، ويسوقون الأعذار الكاذبة. ومن السهل مراجعة الآيات الكريمة الخاصة بذلك فى سورة النساءوالمنافقون والتوبةوغيرها .كانت المكافأة لهم إن تابوا علانية وجددوا ولاءهم للدولة الاسلامية و استغفروا علانية عما وقعوا فيه من أخطاء أن يقوم النبى علنا أيضا بالاستغفار لهم كشهادة لهم تعطيهم الثقةوالاعتبار فى المجتمع
ج ـ ولنأخذ مثلا عن جرائم بعضهم
كانوا يتحاكمون الى أعداء الله جل وعلا ، ويرفضون الاحتكام الى رسول الله ،وهم يعيشون فى ظل دولة لها نظامها القضائى ، ويقوم رسول الله عليه السلام بينهم يحكم بما أنزل الله جل وعلا. يقول تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ) الى أن يقول تعالى عنهم فيما كان ينبغى عليهم عمله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) أى كان يجب عليهم التوبة واعلانها فى حضور النبى وعلى رءوس الأشهاد ، وعندها يستغفر النبى عليه السلام لهم (أو يصلى عليهم )، ويستحقون غفران الله جل وعلا ورحمته . ثم يقول جل وعلا بعدها يخاطب شخص النبى محمد فى حياته : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) ( النساء 60 ـ ) أى لا يمكن أن يكونوا مؤمنين حقا إلا إذا احتكموا اليك فى النزاع الذى شب بينهم ، ثم يتقبلون الحكم الذى تصدره ، ويسلموا أمرهم لله جل وعلا تسليماونلاحظ كلمة التسليم هنا قد جاءت مرتبطة بالايمان .. وهى غير السلام الذى يعنى التحية
د ـ من الطبيعى أن كل ذلك كان مرتبطا بحياة النبى محمد عليه السلام ، ليس لنا منه سوى العبرة ومعرفة حقائق الاسلام. وبموته عليه السلام وموت أولئك الصحابة من مؤمنين تائبين ومنافقين مخادعين فقد انتهت صلاة النبى على الناس ، فقد مات النبى محمد ومات أولئك الناس
ولكن المحمديين يصممون على ان النبى محمدا لايزال يعيش فى قبره ولا يزال يستغفر لأمّته حيث تعرض عليه أعمال الناس فيستغفر لهم ويشفع فيهم ..أى يحكمون على النبى محمد أن يظل مسجونا فى حفرة تحت الأرض وتحت أقدام الناس القادمين للتبرك به ،وأن يظل يعمل 24 ساعة يوميا فى مراجعة أعمال بلايين المسلمين ، وأن يعمل وحده دون سكرتارية ومساعدين ، وكل ذلك كى يستغفر لهم .!!. ولذلك يقول المحمديون (يا بختنا بالنبى ) . وشر البلية ما يضحك.. 

  كيفية صلاة المؤمنين على النبى محمد فى حياته وبعد مماته 
1
ـ فى محنة غزوة الأحزاب تجلت العقيدة الاسلامية الحقيقية النبيلة لبعض أصحاب النبى محمد فى المدينة ،وهم تحت الحصار والخوف من الاستئصال. ظهر معدن المؤمنين الصادقين وأتضحت (صلتهم ) الوثيقة بالنبى محمد واعتقادهم القوى فى الاسلام ، وتسليمهم أمورهم لله جل وعلا ، فقال فيهم رب العزة : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا ) ( الأحزاب 22: 23 ).أى زادتهم المحنة (إيمانا وتسليما )،أو بمعنى آخر توثقت صلتهم بالرسول عليه السلام فازدادوا تصديقا له وتسليما لله جل وعلا ، فصدقوا فى الفعل بعد أن صدقوا فى الايمان و التسليم
هنا نأتى الى معنى آخر من معانى الصلاة ، وهو (الصلة ) أى العلاقة الوثيقة فى أسمى صورها بين طرفين ، حين تقوم على الصدق والايمان ، ويجمع الطرفين ( النبى والمؤمنين ) صلة مشتركة ،أو عروة وثقى وهو التمسك بالقرآن الكريم والتصديق به ، كلاهما تمسك بالعروة الوثقى حين كفر بالطاغوت وآمن بالله جل وعلا ليخرج من الظلمات الى النور بفضل الله تعالى ورحمته وهو ولى الصالحين المؤمنين (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) ( البقرة 256 ـ  )
والقرآن الكريم هو كتاب الله جل وعلا فى الهداية الذى أنزله على الرسول محمد عليه السلام ليكون هذا الكتاب للعالمين نذيرا ، وليكون أيضا نبراسا للهداية للناس إذا أرادوا الهداية (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا )( الزمر 41 ) فاذا اهتدوا بمحض اختيارهم فقد خرجوا من ظلمات الضلال الى نور الهداية،وحققوا أكبر صلة لهم بالله جل وعلا وبرسوله، واستحقوا الرحمة من الغفور الرحيمهذه الصلة تحققت فى حياة النبى محمد وهو وسط المؤمنين الصادقين ، فهو عليه السلام استمسك بالقرآن الكريم (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )(الزخرف 43 ) وكذلك السابقون وأصحاب اليمين من أصحابه.. 
2
ـ ولكن هل انقطعت هذه الصلة بالمؤمنين بعد موته عليه السلام ؟ 
لم تنقطع لأنها ترتبط بالقرآن الكريم المحفوظ من لدن الله جل وعلا الى قيام الساعة
هنا نعود لمعنى " يصلى عليه " والتى تعنى الرحمة
فالنبى محمد هو الذى نزلت عليه هذه الرحمة . وبينما مات النبى فإن الرحمة مستمرة بعده إلى قيام الساعة إلى كل العالمين لأن الله أرسلة بالقرآن رحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (الأنبياء 107)
وهنا يكون كل مؤمن متمسك بالقرآن الكريم بعد موت النبى محمد على صلة مستمرة بالنبى بعد موته عن طريق القرآن الذى هو رحمة للعالمين ،أى لمن يشاء منهم أن يرحمه الله تعالى ويهتدى بالقرآن
ليس فقط معنى (الرحمة ) ولكن أيضا معنى (الصلة)، فالصلة قائمة بين النبى والمؤمنين حق الايمان برغم موت النبى محمد
ولتوضيح ذلك نقول
المؤمن حق الايمان حين يقرأ القرآن فإنه يقرأ ويتلفظ وينطق نفس الكلمات والحروف والآيات التى نطقها بها النبى محمد فى حياته ، وتظل كلمات القرآن وحروفه وآياته أروع صله بين النبى محمد والمؤمنين إلى قيام الساعةمع اختلاف الزمان والمكان واللهجة و اللسان فكل من يتلفظ بآية قرآنية باللغة العربية ويتعقلها ويعيش فى اريجها إنما يعيش صلة حية وجدانية مع الرسول النبى محمد عليه السلامومع اختلاف الزمان والمكان واللسان فإن كل من يعيش معنى قرآنيا حقيقيا وهو يقرأ ترجمة للقرآن فإنما يعايش معنى نبيلا مرّ ذات يوم على قلب الرسول النبى محمد عليه السلامهذه هى الصلة.. وما أروعها من صلة.!! 
بإيجاز فإن القرآن الكريم هو أساس صلاة الله تعالى على النبى وأساس صلاته تعالى على المؤمنين ، وأساس صلاة الملائكة على النبى وعلى المؤمنين ، وهو أساس الصلة بين النبى والمؤمنين ، كلهم شركاء فى الهداية والنور ، والقرآن الكريم هو الهداية والنور وهو الصلة القائمة والمستمرة بين المؤمنين والنبى إلى يوم تقوم الساعة ، مات النبى ويموت المؤمنون ويظل القرآن هو الصلة الإلهية التى تجمعهم
3
ـ النور هو المعنى الثالث المرتبط بالصلاة على النبى
فالقرآن الكريم هو النور وهو الذى يخرج الناس من الظلمات الى النور ( المائدة 15-16.).  
والله تعالى هو الذى أنزل القرآن ليخرج الناس من الظلمات الى النور ( البقرة 257)
إذن رحمة الله تعالى تتجلى فى إخراج الناس من الظلمات إلى النور أو بتعبير القرآن الكريم (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) ( الأحزاب 43)
أى أن صلاة الله تعالى على المؤمنين هو أنزاله القرآن رحمة بهم ليخرجوا من الظلمات إلى النورويستحق هذه الرحمة المؤمنون بالقرآن فقط لأنهم كما صلى الله تعالى عليهم برحمة القرآن فهم أمنوا بالقرآن بينما كفر به غيرهم ممن اتبع وحى الشيطان وأحاديثه الضالة الكاذبة
القرآن الكريم هو نور الهداية فى الدنيا (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ( المائدة 15 : 16)
وهو النور الذى يتبعه أتباع الرسول محمد عليه السلام (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ )( الأعراف 157).
وهو النور الذى سيجمع النبى محمدا بكل المؤمنين يوم القيامة بينما يكون ذلك النور محرما على المنافقين (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) ( الحديد9 ، 12 )( يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( التحريم 8
فالنورالقرآنى يكون هداية فى الدنيا ويتحول الى رحمة وجنة فى الآخرة
وهذا أيضا معنى ثالث من معانى الصلاة على المؤمنين والصلاة على النبى محمد عليه الصلاة والسلام

 المنافقون فى عهد النبى كانوا يؤذونه بدلا من الصلاة عليه 
1
ـ ولأن القرآن الكريم ( نور الهداية ) هو جوهر صلاة الله تعالى على النبى والمؤمنين وجوهر صلاة وصلة النبى بالمؤمنين وصلة المؤمنين بالنبى فإن النقيض للصلاة على النبى هو إيذاء النبى
وجاء فى القرآن الكريم الاشارة الى قيام المنافقين بايذاء النبى محمد ، يقول تعالى (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )( التوبة 61)
وقبلها جاءت تفصيلات فى سورة الأحزابوالسياق فى سورة الأحزاب جاء فيه الموقفان المتناقضان بين الصلاة على النبى من المؤمنين و إيذاء النبى محمد من المنافقينونراجع الايات لنفهم بعض ملامح الواقع الذى كان يعيش فيه محمد عليه السلام فى المدينة
2
ـ فى البداية يقول تعالى للمؤمنين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ) وقد عشنا مع هذه الايات الكريمة من قبل . ثم يقول تعالى للنبى محمد(
  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلا كَبِيرًاوَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ) ( الأحزاب 41 : 48) ، أى هو السراج الذى يحمل النور القرآنى وهو الشهد (على ) قومه والداعى الى ربه جل وعلا ، وعليه أن يبشر المؤمنين وينذر المعاندين ، وعليه أن يعرض عن أذى المنافقين
3
ـ فكيف كانوا يؤذونه ؟ 
يأتى الجواب فى قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ) ( الأحزاب 53) . أى يأمر الله تعالى المؤمنين فى عهد النبى بألا يدخلوا بيوت النبى إلا بعد الأذن لهم بالطعام غير منتظرين وقته ونهاهم عن الجلوس فى بيوت النبى للثرثرة ، لأن ذلكم كان يؤذى النبى ، ونهاهم عن سؤال نساء النبى إلا من وراء حجاب أى ستارة وقال له (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا)وبعدها ( الأحزاب 54 : 55 ) أكد الله أنه تعالى يعلم سرهم ونجواهم وعلانيتهم وأباح لمحارم أمهات المؤمنين الدخول عليهم بدون حجاب أى ستارة
ثم قال بعدها : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ( الأحزاب 56)أى إن هنا موقفين متناقضين : إيذاء النبى وهتك حرمة بيته الشريف ، والصلاة على النبى أى التمسك بالعروة الوثقى القرآنية ، ومنها ذلك النهى عن دخول بيت النبى إلا بإذنه والنهى عن هتك حرمة بيته الكريموالمعنى الأشمل والأعم هو أن التمسك بالقرآن وبما جاء به من أوامر والتسليم بها هو جوهر الصلاة على النبى محمد وفى المقابل فإن إيذاء النبى هو عصيان تلك الأوامر
ثم يتأكد الأمر ويزداد وضوحا بقوله جل وعلا فى الاية التالية (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) (الأحزاب 57 )، جاءت الأية الكريمة التالية التى تتحدث عن إيذاء النبى كمناقض للصلاة على النبى ولأن إيذاء النبى هو إيذاء للمؤمنين أيضا فإن الأية التالية قالت (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) ( الأحزاب 58)
وحتى يتضح للقارىء العزيز ان الصلاة على النبى المأمور بها تناقض إيذاء النبى المنهى عنه فاننا نقرأ الآيات الثلاث معا (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) (الأحزاب 56 : 58)فكما يصلى الله تعالى على النبى فانه جل وعلا يلعن الذين يؤذون النبى ، وكما يصلى المؤمنون على النبى فهم يتعرضون للأذى شأن النبى
4
ـ وواضح أن الأية الكريمة تتحدث عن عصر النبى محمد وتضع تشريعا خاصا بالزمان والمكان مثل عدم دخول بيوت النبى محمد بغير أذن وعدم الزواج من نسائه ... فهل إيذاء النبى محمد مقصور على هذه الحالة فقط ؟ أو بمعنى أخر ، فإذا كانت الصلاة على النبى محمد مستمرة بإستمرار القرآن إلى قيام الساعة فهل إيذاء النبى محمد مستمر إلى قيام الساعة أيضا ؟.. 

الجواب بالإيجاب فإيذاء النبى مستمر بالعموم بما يعنى التكذيب بالقرآن وبما يعنى تقديس النبى محمد رغم أنفه ، ويكفى أنه ـ وهو الذى جوهر دعوته لا إله إلا الله ـ قد جعلوه هو إلاها مع الله ، وأكبر إيذاء للنبى أن يتم الإنحراف عن الإسلام عبر أحاديث منسوبة له كذبا وأن يتم الدخول فى الشرك والكفر العقيدى والسلوكى بإختراع أحاديث تسوغ وتشرع هذا الكفر وأن يتم هجر القرآن أو جوهر الصلاة على النبى محمد فى سبيل تدوين تلك الأحاديث والإختلاف حولها طيلة تاريخ المسلمين . ولهذا فإن النبى محمد عليه السلام سيأتى يوم القيامة يعلن براءته مما اتخذوا هذا القرآن مهجورا ( الفرقان 30-31) هؤلاء هم أعداء النبى فى حياته وبعد مماته ، وذلك هو الأذى العام له عليه السلام
ولكن الأذى الخاص للنبى موجود أيضا ،بل قد أصبح أهم المقدسات لدى المحمديين ، وهو انتهاك حرمة بيته ـ ايضا ـ بعد موته ، خلال أحاديثه الضالة. وهذا الايذاء للنبى بهتك حرمة بيته الشريف هو الصلاة الفعلية التى يصلى بها المحمديون على النبى حتى الان

  كيف يصلى المحمديون على النبى محمد الان ؟ 
كما أن أنصار النبى الذين يصلون عليه كانوا فى حياته وبعد مماته إلى قيام الساعة فكذلك فإن أعداء النبى الذين يؤذونه هم فى استمرار ما استمر الشيطان فى الغواية
هذا عن الإيذاء العام للنبى
فماذا عن الإيذاء الخاص للنبى ؟ وماذا عن إيذائه بإقتحام بيته وانتهاك حرمته ؟
النظرة السطحية تقول أن ذلك كان يحدث فقط فى عصر النبى عندما كان بعضهم يدخل بيوت النبى بغير أذن ويظل يجلس يثرثر بالحديث مؤذيا النبى
ولكن النظرة المتعمقة الفاحصة تقول أن بيت النبى محمد ليس مجرد بناء وبيوت عادية ، أنه كيان عقلى وتاريخ ناصع شريف.ومن يقوم يتلويث بيت النبى بالأكاذيب والإفتراءات فهو أعظم أذى للنبى بعد موته
وقد يستغرب أحدهم ويتساءل : وهل يستطيع مسلم مؤمن أن يفعل ذلك ؟
ونقول له : هذا ما فعله البخارى وغيره فى أكاذيبه التى لوثت سمعة النبى محمد عليه السلام والتى انتهك فيها حرمة النبى وحرمة نسائه... 
ومنها تلك الأحاديث
( إن النبى كان يطوف على نسائه فى ليلة واحدة وله تسع نسوة".وفى حديث آخر لأنس أكثر تفصيلاً يقول "كان النبى يدور على نسائه فى الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة". قال الراوى: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين..)(  كنت أغتسل أنا والنبى من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرنى فأتّزر فيباشرنى وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلى وهو معتكف فأغسله وأنا حائض ) . ورواية أخرى عن عائشة: ( كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد الرسول أن يباشرها أمرها أن تتزر فى فور حيضتها ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبى يمك إربه ) . ومنها حديث ميمونة (كان رسول الله إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهى حائض) (كان النبى يتكىء فى حجرى وأنا حائض ثم يقرأ القرآن)، إن أم سليم كانت تبسط للنبى نطعاً فيقيل عندها- أى ينام القيلولة عندها- على ذلك النطع، فإذا نام النبى أخذت من عرقه وشعره فجعلته فى قارورة ثم جمعته فى سك ) ( كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن أبى الصامت فدخل عليها رسول الله فأطعمته وجعلت تفلى رأسه فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟...  ) ( خرجنا مع النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى انطلقنا إلى حائط- أى بستان أو حديقة- يقال له الشوط ، حتى انتهينا إلى حائطين فجلسنا بينهما فقال النبى: اجلسوا هاهنا ، ودخل وقد أُتى بالجونية فأنزلت فى بيت نخل فى بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتها حاضنة لها ، فلما دخل عليها النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: هبى نفسك لى. قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة، فأهوى بيده عليها لتسكت فقالت: أعوذ بالله منك ) ..والتفاصيل فى كتابنا ( القرآن وكفى..) 
لا يرضى أحد أن يقال مثل هذا الأذى عن أبيه .. و لا يرضى أحد أن ينتهك الناس حرمة أبيه وأمه بمثل ما فعل البخارى وبقية أحبار الدين السنى
ولكن ذلك الأذى أصبح مقدسا يدافع عنه المحمديون بكل ما أوتوا من قوة
ومن أنكر هذا الأذى اتهموه بالكفر .. لماذا؟ لأن هذا الموقف هو عداؤهم الحقيقى للنبى محمد عليه السلام. وبنفس القوة التى ننكر هذا فهم بنفس القوة يتمسكون بهذا
صحيح أن بيت النبى محمد (المادى ) قد اندثر ، ولكن لم يتركه أعداؤه فى حاله فانتهكوا حرمة هذا البيت الكريم وتسللوا له بأكاذيبهم وافتراءاتهم ..وعلى أساسها يقوم الدين المحمدى بكل ألوانه

وتبقى نقطة أخيرة .. أو نكتة أخيرة.. 
1
ـ لقد اتضح مما سبق ان قوله تعالى "أن الله وملائكته يصلون على النبي" ..لا يعني إلا أن يتخذ المؤمنون مؤقفا من النبي محمد يتلخص فى التمسك بما كان يتمسك به النبي ( القرآن الكريم ) ويرفض ايذاءه والطعن وفى بيته ونسائه. بمعنى آخر أن صلاة المؤمنين على النبي هى موقف فعلى وليس كلمة يقولها قائل :"اللهم صلى عليه" . . لو اراد الله تعالى أن تكون الصلاة على النبى مجرد قول يقال لقال للمؤمنين (قولوا ) ،فهناك أوامر جاءت للمؤمنين بأن يقولوا أشياء محددة مثل (قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )( البقرة 136 ) وهناك اوامر ليست بالقول ولكن بالفعل مثل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) فلم يقل (قولوا الصلاة والسلام عليك أيها النبى ) ولكن أمرهم بفعل الصلاة على النبى. فهنا فعل وموقف وليس مجرد قول يقال
 2  ـ ومن الازدراء بالله تعالى والعصيان لأوامره تحويل الصلاة على النبي من موقف وفعل الى مجرد كلمة تقال
كيف ؟.. دعنا نتعقل الموضوع ونفكر فيه
الآية الكريمة تبدأ بجملة خيرية تؤكد ان الله تعالى وملائكته يصلون على النبي ..( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) وهذا هو الجزء الأول من الآية. الجزء الثاني فيه أمر للمؤمنين بالصلاة على النبي و التي والتسليم تسليما: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) لم يقل : قولوا الصلاة عليه ، وقولوا السلام عليه ، وانما أمر بالصلاة و التسليم تسليما. أى هو فعل وليس أمرا بالقول
حين تجعله قولا : ويكون ردنا "اللهم صلى عليه" فالمعنى اننا نرفض ان نصلى نحن عليه ونطلب من الله تعالى ان يصلى هو عليه. مع ان الشطر الأول من الآية يؤكد ان الله تعالى وملائكته يصلون عليه. بمعنى آخر ان الله تعالى أخبرنا أنه وملائكته يصلون على النبى ويأمرنا أن نصلى عليه فنرفض الأمر ونقول بل صلى عليه انت يارب . مع إنه أخبرنا إنه فعلا يصلى عليه.. 
تخيل أن رئيسك فى العمل يقول لك: اننى قمت بتكريم فلان ، فعليك أنت أن تكرمه . فترد أنت على رئيسك قائلا : يا سيدى أرجوك أن تقوم بتكريم فلان ..وترفض أنت تكريمه فعليا . الا يعد هذا عصيانا للأمر ؟) انتهى المقال .

 

ردا على هجص المحمديين  فى زعمهم حياة النبى محمد فى قبره : 

مقدمة : رسالة من أحد الأحبة يقول فيها : ( في كل ليلة ويوم الجمعة والذي اسميه يوم محمد.. تتوالى الاحاديث وتحث الصلاة على النبي بالاضافة لحديث فان صلاتكم معروضة....ارجو من حضرتكم صياغة مقال للرد على هذا الحديث بالذات واثبات ان الرسول ميت ولا يسمع وقد ارم وبلي منذ موته  . .. فارجو منكم الرد الموجز على هذا الحديث..) . وأقول :

أولا : روايات عن هجص حياة النبى فى قبره :

 منشور على الانترنت أن لهذا الهجص 22 رواية ، مع إختلاف الإسناد وبعض الكلمات ، منها  حياتي خير لكم تحدثون وتحدث لكم ووفاتى خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر إستغفرت الله لكم . )  (  قال : الحارث : ، ثنا : الحسن بن قتيبة ، ثنا : جسر بن فرقد ، عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : قال رسول الله (ص) : حياتي خير لكم ، تحدثون ونحدث لكم ، وموتي خير لكم ، تعرض علي أعمالكم ، فما كإن من حسنة حمدت الله عليها ، وما كإن من سيئة إستغفرت الله لكم . )  (حدثنا : الحسن بن قتيبة ، ثنا : جسر بن فرقد ، عن بكر بن عبد الله المزني قال : قال رسول الله (ص) : حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم ، فما كإن من حسن حمدت الله عليه ، وما كإن من سيئ إستغفرت الله لكم.) ( حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، فإذا أنا مت كانت وفاتي خير لكم ، تعرض علي أعمالكم : فإن رأيت خيراًًً حمدت الله ، وإن رأيت شراً إستغفرت لكم.)     (  حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، فإذا أنا مت كانت وفاتي خيراًًً لكم ، تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيراًًً حمدت الله ، وإن رأيت غير ذلك إستغفرت الله لكم.) ( حدثنا : الحجاج بن المنهال قال : ، ثنا : حماد بن سلمة ، عن كثير أبي الفضل ، عن بكر بن عبد الله ، أن رسول الله (ص) قالحياتي خير لكم ، ووفاتي لكم خير ، تحدثون فيحدث لكم فإذا أنا مت عرضت علي أعمالكم ، فإن رأيت خيراًًً حمدت الله وإن رأيت شراً إستغفرت الله لكم.  )  ( حدثنا : يوسف بن موسى ، حدثنا : عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد ، عن سفيان ، عن عبدالله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله هو إبن مسعود ، عن النبي (ص) قالإن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام قال : قال رسول الله (ص) : حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، ووفاتى خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر إستغفرت الله لكم  . ) . فى هذا الهجص أن النبى مات ، أو توفى ، ومع ذلك فهو يحيا فى قبره لم يمت ولديه مهمة هى أنه تُعرض عليه أعمال (أُمّته ) (أمة محمد ) فإن وجدها سيئة إستغفر لها ، وإن وجدها حسنة حمد الله . )

ثانيا : تساؤل عن هذا الهجص :

1 ـ كيف يكون ميتا قد توفى ثم يكون حيا فى قبره ؟

2 ـ كيف يتمكن وحده من مراجعة أعمال كل أفراد (أُمّة محمد ) من وقت وفاته الى قيام الساعة ؟

3 ـ من الذى يقوم بعرضها عليه ؟

4 ـ هل يتم عرض أعمال الأحياء منهم أم من مات منهم فقط ؟

5 ـ هل لعمله هذا جدوى ؟ بمعنى لو إستغفر هل سيقبل الله جل وعلا إستغفاره ؟ لم يقل الحديث هذا . إذن ما الداعى لهذا العناء طالما لم ترد فى الحديث أن إسغفاره مُستجاب .

6 ـ هل له سكرتارية تساعده فى هذا العمل الشاق ؟ وهل له مكتب وأجهزة إتصال وانترنت ؟

7  ـ  هل تسع مقبرته لهذا الغرض ؟

8 ـ هل يقوم بهذا العمل وهى حىُّ فى قبر تحت الأرض وفوقه أقدام المتبركين به ؟ وهل هذا يجوز أن يكون أسفل أقدام الناس ؟

9  ـ وهل يجوز أن يظل مسجونا وهى حىّ فى حفرة تحت الأرض من موته والى أن تقوم الساعة ؟

ثالثا : هذا الهجص يدلُّ على إحتقار المحمديين للنبى محمد عليه السلام

1ـ الذى يحب النبى محمدا  هو الذى لا يتصوره سجينا فى زنزانة تحت أقدام الناس.

2 ـ الذى يحب النبى محمدا عليه السلام لا يؤمن ببقاء جسده فى قبره حتى الان . الذى يحب النبى محمدا عليه السلام هو الذى  لا يجعله مثل فرعون موسى ، لأن من العقوبات التى نزلت بفرعون أن الله جل وعلا ابقى جثته لتكون آية للناس من بعده . (  فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)  يونس ) . وصدق الله العظيم : ( وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)يونس ) . فالمحمديون الذى ورثوا الكتاب القرآنى أغلبهم غافلون عن آياته ، وأكثرهم ظالم لنفسه كما قال جل وعلا عنهم مقدما : (  وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر )

3 ـ  مع الأسف الشديد فإن بلايين المحمديين من اكثر من عشرة قرون قلوبهم معلقة بالرجس المسمى بقبر النبى فى المدينة ، يحجون اليه ـ ويزدحمون عليه تبركا به ، وعندما يحجون الى البيت الحرام تكون قلوبهم معلقة بقبر (الحبيب النبى ) ومن لا يحج  اليه يصلى له من على البُعد صباحا ومساءا . صلاتهم له هى عبادة للنبى . وفى كل هذا يؤمنون بهجص أن النبى حىُّ فى قبره ، يشعر بهم ويستغفر لهم . وهم فى الحقيقة يعبدون وثنا صنعوه من دماغهم لا وجود له فى الحقيقة ، ولا شأن للنبى محمد به على الاطلاق .

4 ـ  والى كل من يعبد قبرا ويقدس المدفون فيه يقول جل وعلا : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)  فاطر  ) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِاِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6)  الاحقاف  )

5 ـ الذى يحب النبى محمدا عليه السلام هو الذى يستمسك بالقرآن الكريم الذى كان عليه السلام يستمسك به طاعة لقول رب العزة جل وعلا : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)الزخرف )  .  ومن الاستمساك بالقرآن الكريم الايمان بقول رب العزة للنبى محمد عليه السلام : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر )

رابعا : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30). الزمر )

ونعطى بعض التدبر فى الآية الكريمة :

1 ـ قال له ربه جل وعلا : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ )، وكان وقتها حيّا يُرزق وفى مكة . وهذا تأكيد على موته مقدما .

2 ـ   قال له ربه جل وعلا : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ )، وجاء هذا باسلوب التأكيد ، اى (إنّ ) التى تفيد التأكيد ، وبإسمية الجملة : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ )،لم يقل إنك ستموت بل قال له ربه جل وعلا : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ ).

3 ـ قرر جل وعلا موته وموت خصومه فقال :( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30). الزمر ) أى الذين  سيختصمون معه يوم القيامة : ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر ).

4 ـ النظرة السطحية تفيد أن الله جل وعلا قد ساوى بين النبى وخصومه أعدائه فى إستحقاق الموت : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر) ولكن بقليل من التدبر نرى أن التأكيد على موته عليه السلام أكبر من التأكيد على موت أعدائه :

4 / 1 :  لأنه عليه السلام فى كفّة ( وهو فرد واحد ) وهم جميعا فى الكفة الأخرى.

4 / 2 :الخطاب جاء له فى المقدمة ثم هم بعده.

4 / 3 : جاء الخطاب له شخصيا فهو المُخاطب : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ (30) الزمر) ، اما عنهم فكان بالغائب : ( وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر). وبلاغيا فإن ضمير المخاطب (إنك ) أكثر تعريفا وتأكيدا من ضمير الغائب ( وإنهم ) .

5 ـ هذا التأكيد على موت النبى محمد يعنى :

5 / 1 : أنه نفس الموت للنبى محمد ولخصوم النبى  ( ولنفترض أن خصومه هم ابو جهل وعقبة بن معيط والوليد بن المغيرة وأُمية بن خلف .) .  والموت هو رجوع النفس الى البرزخ وأن يتحول جسد الانسان الى جيفة وتنتهى الى عظام نخرة . محمد عليه السلام كان جسدا يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق ، ومصير هذا الجسد بالموت الى تحلل . لا فاارق بين جسد نبى او جسد فاسق .  فإذا كان أبو جهل ــ لعنه الله جل وعلا ــ ميتا فى قبره فهو نفس الحال للنبى محمد عليه ــ سلام الله جل وعلا  .

5 / 2 : هنا إعجاز . فالذى يعلم الغيب والشهادة جل وعلا ردّ مقدما على المحمديين الذين سيزعمون حياة النبى محمد فى قبره . لذا أكّد للنبى نفسه ومقدما موته ، نفس الموت لخصومه . 

خامسا :  الاية التالية : ( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) الزمر )

  هنا تأكيد آخر على أن النبى محمدا سيتخاصم يوم الحساب مع أعدائه الذين خاصموه فى حياته . ونعطى بعض التدبر فى الآية الكريم :

1 ـ ليس فى الآية الكريم مزية أو تفضيل للنبى محمد على خصومه ( ولنفترض أن خصومه هم  ابو جهل وعقبة بن معيط والوليد بن المغيرة وأُمية بن خلف .). هو وهم معا يجمعهم قوله جل وعلا (ثُمَّ إِنَّكُمْ ).

2 ـ هذا يعنى أنه سيدافع عن نفسه يوم الحساب ، وهم بنفس الميزان سيدافعون عن أنفسهم .

3 ـ إنه نفس التساوى بين كل الأنفس البشرية فى الموت : يقول ربى جل وعلا : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل عمران ) (  كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)  الانبياء ) (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)  العنكبوت )، ونفس التساوى فى المسئولية على العمل : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)  المدثر  )، ومجىء كل نفس يصحبها سائق وشهيد :(وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق )، ونفس التساوى فى جدال كل نفس عن نفسها يوم الحساب ثم توفية كل نفس عملها  : (  يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل  )، لا ميزة لأى نبى إذا عصى ، يقول جل وعلا : (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161) آل عمران ).

سادسا : ويقول ربى جل وعلا : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف )

1 ـ هنا نفس التأكيد الثقيل للنبى محمد على أن القرآن الكريم ذكر له ولقومه ، وأنه وهم سوف يُسألون يوم القيامة . فيه نفس التدبر السابق فى موضوع الموت والتخاصم ( الزمر 30 : 31 ) .

2 ـ وقبل الاية الكريمة يقول جل وعلا يأمر النبى محمدا بالاستمساك بالقرآن الكريم : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) الزخرف  ).

3 ـ وفى سورة الزمر يأتى السياق يربط التأكيد على موت النبى  وخصومته مع أعدائه بآية تالية عن مصير المكذبين بآيات القرآن الكريم ، وبعدها آيات عن نعيم الذى جاء بالصدق ( الأنبياء ) والذين آمنوا بهذا الصدق . يقول جل وعلا : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) الزمر ) .

4 ـ نحن نعظ المحمديين بهذه الآيات الكريمة ( الزمر 30 : 35 ) . ونعظهم بالايات بعدها ، يقول جل وعلا : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر )

ودائما : صدق الله العظيم ..!!

 

 

 

 

هجص أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء

أولا : الاختلاف فى الموضوع :

1 ـ  روى النسائى وأبو داود وابن ماجة أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء  زاعمين أن النبى قال : ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت، أي يقولون: قد بليت، قال: إن الله عز وجل قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام.). ثم إختلاف  هجصى حول هل تاكل الأرضى أجساد الأولياء والبشر المقدسين .؟

2 ـ رفض آخرون هذا الهجص  فقابلوه بحديث يقول إنه لما دخل  العباس عم النبى حين مات النبى ، ومكث ثلاثة أيام قبل أن يدفن ( حيث إنشغلوا عن تجهيزه ببيعة السقيفة ) وكان العباس واضعاً يديه على أنفه، وقال له: (عجلوا بدفن صاحبكم والله إنه ليأسن كما يأسن سائر البشر). 

ثانيا : القول الفصل من القرآن الكريم :

1 ـ إن الأنبياء بشر مثلنا : يقول ربى جل وعلا عن الأنبياء إنهم كانوا جسدا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين بل ماتوا : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)  الانبياء ).

2 ـ بل كانت بشرية الأنبياء حجة للمستكبرين فى رفض الحق لأنه جاء من بشر مثلهم يأكلون ويتبولون ويتغوطون ، وكل المستكبرين قالوا هذا لكل الرسل مع إختلاف المكان والزمان ، وردّ عليهم الأنبياء فى كل زمان ومكان بنفس الرد بأنهم فعلا بشر مثلهم . يقول ربى جل وعلا ( قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ  ) (11) ابراهيم )

3 ـ وتكرر هذا فى قصة نوح عليه السلام ، يقول ربى جل وعلا  عن قوم نوح : (فَقَالَ الْمَلأ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) (24)  المؤمنون )، ويقول ربى جل وعلا عن قوم هود (  وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) المؤمنون )، ويقول ربى جل وعلا  عن كفار العرب ورفضهم للقرآن ورسالة خاتم النبيين : (  هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)الانبياء ) .

4 ـ وكان كل نبى يحرص على تأكيد بشريته ، بهذا أمر رب العزة جل وعلا خاتم النبيين ،  أمره رب العزة جل وعلا أن يقول لهم : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ  )(6)  فصلت ) (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) (110) الكهف )

5 ـ  بالتالى فالأنبياء عليهم السلام كلهم ماتوا كما مات وكما يموت وكما سيموت كل البشر . يقول ربى جل وعلا  عن خاتم النبيين عليهم جميعا السلام : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ (144) آل عمران )، ويقول جل وعلا لخاتم النبيين ويقول عن قومه:( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30). الزمر ) . إنه نفس التساوى بين كل الأنفس البشرية فى الموت : يقول ربى جل وعلا : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل عمران ) (  كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)  الانبياء ) (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57)  العنكبوت )،

5 ـ يقول ربى جل وعلا  عن مصير الأرض وكل من عليها (  كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (27)  الرحمن  ) فالأنبياء وغير الأنبياء من الصالحين والفاسقين والمستكبرين والمستضعفين فانون ، سينتهون الى تراب ، والأرض نفسها سيتم تدميرها بقيام الساعة  ، ولا يبقى الا الرحمن جل وعلا  ، وهو وحده جل وعلا (الحى الذى لا يموت ) ، يقول ربى جل وعلا لخاتم النبيين وللمؤمنين : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً (58) الفرقان ).

ثالثا : معنى الموت للبشر جميعا بما فيهم الأنبياء :

 1 ـ الموت هو رجوع النفس الى البرزخ وأن يتحول جسد الانسان الى جيفة وتنتهى الى عظام نخرة . محمد عليه السلام كان جسدا يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق ، ومصير هذا الجسد بالموت الى تحلل . لا فارق بين جسد نبى او جسد فاسق .  فإذا كان أبو جهل ــ لعنه الله جل وعلا ــ ميتا فى قبره فهو نفس الحال للنبى محمد عليه ــ سلام الله جل وعلا  .

2 ـ يقول جل وعلا عن الأرض : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) طه  ) . جسدنا مخلوق من العناصر الطبيعية فى الأرض ، بالموت يعود جسدنا الى الأرض ، ومنها يكون بعثنا . فهذه الأرض عند قيام الساعة تتدمر وتلقى ما فيها وتتخلى عنه الى الأرض القادمة الخالدة التى ستشرق بنور ربها . يقول ربى جل وعلا  : (وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)  الانشقاق )

 3 ـ جسد الانسان مخلوق من التراب مع الماء ـ أى الطين . يأكل الرجل والمرأة من النبات والحيوان ويتنفس الأوكسجين ، ويتحول الغذاء الى طاقة وبروتينات تتجدد بها خلايا الانسان ، ومنها تتكون الحيوانات المنوية للرجل والبويضة للأنثى .وعند التقاء الحيوان المنوى بالبويضة يتخلق جنين ، ينمو بالغذاء ، ويخرج طفلا رضيعا ثم ينمو جسده ويكبر الى أن يموت . فى حياته يكون قد إستهلك قدرا من الماء والغذاء والاوكسجين ، تأتى اليه وتخرج منه فى عمليات من الأكل والبراز والشرب والتبول والعرق والزفير والشهيق . ثم يموت الانسان وترجع نفسه الى البرزخ ، ويتحلل الجسد الميت الى نفس العناصر الطبيعية من تراب وغازات وبخار ماء . مكتوب ومسجل ومدون كل ما إستهلكه الفرد من عناصر الأرض وكل ما يعود منه اليها فى حياته وفى تحلل جسده . يقول ربى جل وعلا ردا على من أنكر البعث من تراب الجسد : ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) ق ).

رابعا :مراحل تحلل أجساد الأنبياء والبشر : ( منقول )

1 ـ  برودة الموت:  تحدت مُباشرة بعد الوفاة، حيث تتدنّى درجة حرارة الجسم بشكل سريع بمقدار درجة أو درجتين لكل ساعة حتى تتساوى درجة حرارة الجسم مع درجة حرارة الغرفة. ويُعتبر نزول درجة حرارة جسم الإنسان أحد الأدلّة على وفاة الإنسان.

2 ـ ازرقاق الجثّة: وهي عملية تُحوُّل أحد أجزاء الجسم للون الأزرق، وذلك نتيجة ترسّب الدّم في الجزء المُتدلي من الجسم، فيتحوّل لون الجلد للأرجوانيّ ثم الأزرق. تبدأ هذه المرحلة بعد ثلاث ساعات إلى ستّ ساعات من الوفاة، ويعتمد الطّبيب الشرعيّ وكاشفو الجرائم على هذه الحالة كثيراً لتحديد وقت وفاة الإنسان، ومعرفة إذا تمّ نقل الجثّة من مكانها أم لا. تحدث هذه المرحلة بسبب توقّف عضلة القلب عن العمل، وركود الدّم وعدم تحرّكه داخل الجسم.

3 ـ التخشّب: نتيجةً لتوقّف الدم عن الحركة في العضلات فإنّها تتصلّب وتتيبّس وتُصبح غير قابلة للحركة. يبدأ الجسم بالتصلّب تدريجيّاً حتى يُصبح بأقسى حالات التصلّب بعد 12 ساعة من الوفاة.

4 ـ  تراكم الحشرات: وهي مرحلة مُتقدّمة من التحلّل وبداية التحلّل الفعليّ للجسم، حيث تبدأ الكائنات الحيّة الدّقيقة الهوائيّة باستنزافٍ سريع للأكسجين، ويُصبح الجسم بعدها مُهيّئاً لتكاثر الكائنات الدّقيقة غير الهوائيّة بشكل سريع وكثيف، وخلال مرحلة التعفّن هذه تبدأ الحشرات بوضع بيوضها في الثّغور الجسديّة للجسم، مثل الفم، والأنف، والأذن، والأعضاء التناسليّة، وخلال فترة قصيرة تفقس هذه البيوض لتنتج ملايين اليرقات الصّغيرة التي تتغذّى على الجسم، حيثُ تنجذب للرّوائح المُنبعثة من الجسم. يعتمد الطبّ الشرعيّ على نوع وعدد الحشرات في الجسم لمعرفة وقت الوفاة، وهو يُعرف بعلم الحشرات الجنائيّ.

5 ـ الانتفاخ: ينتفخ جسم الإنسان نتيجة تكاثر الكائنات الحيّة المُختلفة داخله، حيث يمتلئ الجسد بالغازات، مثل الميثان، وثاني أُكسيد الكربون، والأمونيا، وكبريتيد الهيدروجين، ويحدث الانتفاخ بمنطقة البطن والأمعاء.

6 ـ التحلّل الذاتيّ:  وهي العمليّة النّاتجة عن التّدمير الذاتيّ للخلايا، حيث تبدأ الخلايا بتحليل نفسها بنفسها.

علامات تحلل الجسم : تبدأ البقع الخضراء بالظّهور في منطقة البطن بعد أن يمرّ يوماً كاملاً على الوفاة، كما أنّ الأوعية الدمويّة الموجودة في البطن والصدر تُصبح ظاهرةً بشكلٍ أكبر، وتُصاب العين ببعض التغيّرات فتُصبح القرنية مُعتمة، وبعد أن يمرّ ما بين يومين إلى خمسة أيام فإن الانتفاخ يُصيب منطقة البطن ومنطقة الصَّفَن بشكل كبير، ويخرج من الفم والأنف الزَّبَد المخلوط مع الدم والمُسمّى بالزَّبَد المُدمّى، كما أن النّقاط الخضراء تنتشر لتُغطّي منطقة البطن والصّدر، وتبدأ الغازات بالتجمّع تحت الجلد، ممّا يُسبّب انتفاخ الوجه والجسم بشكلٍ كامل، وتبرز العينان إلى الخارج ويخرج اللّسان، وتصبح معالم الوجه غير واضحة، كما أنّه نتيجة وجود الغازات في الجثّة فإن رائحةً كريهةً تنبعث منها.  

7 ـ ترتيب أجزاء الجسم المتحللة بعد مرور خمسة إلى عشرة أيام :

 يبدأ الجلد بالتّساقط، ويتّساقط الشّعر من جميع أجزاء الجسم، وتتساقط الأظافر، وتتحلّل جميع خلايا الجسم نتيجة تغذية الدّيدان والميكروبات الموجودة فيها بشكل هائل على أعضاء الجسم، وهذه العملية تُسمّى الاضمحلال النّشط، بحيث لا يبقى بعدها أيّ عضو مُميّز من أعضاء الجسم.

8 ــ وبعد تحلّل مُعظم أجزاء الجسم يبدأ تحلّل العظام الذي يستغرق وقتاً أطولَ من باقي أجزاء الجسم الأُخرى، إذ يستغرق ليتحلّل وقتاً مُتفاوتاً بين جثّة وأخرى، فمنها ما يستغرق عدّة أشهر، ومنها عدّة سنوات؛ وذلك بسبب اختلاف عدّة عوامل، مثل: الضّغط، ودرجة الحرارة، والعمق. فمثلاً في المناطق الباردة قد لا تتحلل الهياكل العظميّة، أما في المناطق الاستوائية قد لا تستغرق شهراً واحداً.

9 ـ  عمليّة تحلّل الكائنات الحية تُعتبر أمراً ضروريّاً لاستمرار الحياة على سطح الأرض،   فمن أهمّ فوائدها : تَشكُّل التّربة وزيادة خصوبتها، وتزويدها بالعناصر الضروريّة لنموّ النّباتات. وعدم تراكم الجُثث على سطح الأرض، فلو لم تتحلّل الكائنات الحيّة لكان سطح الأرض الآن مُكدّساً بالجثث. والمُحافظة على السلسلة الغذائية في الطّبيعة ،والحد من التلوّث والأمراض النّاتجة عن تكدّس الجثث ، وإعادة العناصر الأساسيّة إلى التّربة والهواء والماء، وتكون جاهزة للاستخدام مرّة أُخرى.

أخيرا :

1 ـ هذا التحلل هو ما حدث لجسد النبى محمد عليه السلام من أكثر من 1400 عام ، وهو نفس ما حدث من تحلل لأجساد كل الأنبياء السابقين عليهم السلام من آلاف السنين ، وهو نفس ما حدث لكل الشخصيات التاريخية التى تحظى بتقديس البشر ، من الخلفاء الراشدين ومن يُطلق عليهم آل البيت ، والأئمة والأولياء و( القديسين ) والأحبار والرهبان والفراعنة والمستبدين والمستكبرين والمستضعفين والأمراء والفقراء والمساكين .. كل ينتهى جسده بالتحلل ثم يتحول الى رماد وعظام .

 وفى الريف المصرى يتم دفن الأقارب فى مقبرة واحدة . حين يؤتى بميت جديد يفتحون مقبرة الأسرة ويزيحون عظام الميت السابق الى ركن فى المقبرة المظلمة يسمى ( المعضمة ) أو ( المعظمة ) التى تحوى عظام الميتين السابقين ، ويوضع جسد الميت الجديد ، وفيما بعد يوضع ميت آخر ليكون الميت السابق قد تحول الى تراب وعظام . وتتكرر القصة .

 ومع ذلك لا يعتبر الانسان بالموت الذى ينتظره . ولو إعتبر الانسان بالموت لتخلصت الانسانية من شرور كثيرة .!

2 ـ من هجص الأزهر : أنه فى عام 1985 كنتُ مُحالا لمحكمة التفتيش فى جامعة الأزهر ( مجلس التأديب ، بسبب كتابى ( الانبياء فى القرآن الكريم : دراسة تحليلية ) ، وكان رئيس لجنة التحقيق معى الشيخ محمد سيد طنطاوى الذى أصبح مفتيا بعدها ثم شيخا للأزهر . ومن أسئلة الاعتراض على الكتاب أننى قلت فيه أن : ( الأنبياء يموتون كما يموت بقية البشر، ولا عبرة بالخرافة التى تقول إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ، فكيف للأرض علم بأجساد الأنبياء أو غيرهم ) . إعتبروا ذلك كفرا .

3 ـ من هجص الأزهر : ماجاء فى كتب الفقه الذى كان مقررا علينا : تحريم دفن المرأة مع أجنبى عنها ، أى يحرم ان يُدفن معها من ليس زوجا أو أبا أو أخا أو إبنا لها . فى تخلفهم العقلى يخافون من إجتماع جثة إمرأة بجثة رجل غريب عنها حتى لا يكون الشيطان ثالثهما .

4 ـ آه يا  .. بقر ..!!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

القسم الثانى : تقديس المدينة ( المنورة ) .؟!!

هجص ( موطأ مالك ) فى ( تقديس المدينة ):

 مقدمة :  فى إعتبار مسجد المدينة ( مسجدا للنبى ) والصلاة للنبى فيه :

 1 ـ حين كان عليه السلام فى مكة إعترض على القبور المقدسة داخل المساجد ، واعلن لهم أن " المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ." فتكالبوا عليه فأعلن لهم أنه يدعو الله جل وعلا وحده ولا يشرك به أحدا ، وأنه لا يملك لهم ضرا ولا رشدا ، وأنه لن يجيره من الله جل وعلا أحد ولا نجاة له من عذاب الاخرة ألا تبليغ الرسالة القرآنية : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) الجن ). ليس فى الاسلام تسمية مسجد بإسم بشر ، او يقول شخص ( مسجدى ) لأن : (الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ). يمكن أن تسمى مسجدا باسم المكان أو البلد ، ولكن من علامات الشرك / الكفر أن تسمى مسجدا بأنه مسجد فلان : ( مسجد النبى / المسجد النبوى )( مسجد الفاروق عمر ) ( مسجد ابو بكر الصديق ) ..الخ . لا بأس أن تقول ( مدرسة عمر بن الخطاب ) ( مستشفى أبو بكر الصديق ) ( حارة عثمان بن عفان ) ( مدينة على بن أبى طالب ) . ولكن المسجد وحده يجب أن يكون لرب العزة وحده :  (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) الجن )

2 ـ وكالعادة بدأ مالك هجص تقديس النبى بإعتبار المدينة حرما يضاهىء به الحرم الالهى فى مكة ، وجعل مسجد المدينة  مقدسا على أنه هو ( مسجد محمد )  وأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. يقول فى الموطأ رواية يحيى  تحت عنوان:( باب ما جاء فى مسجد النبى (ص): (   حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، سَلْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ‏"‏ ‏.) . معنى هذا ان تلك الصلاة فى ( مسجده ) هى صلاة له وليست لرب العزة جل وعلا .

 3 ـ وعزّز مالك هذا الهجص بحديثين بإسنادين مختلفين : 

   ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي ‏"‏ ‏. ) (  وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ‏"‏ ‏.).

ونقول :

1 ـ  فى الاسلام هناك ( حرم ) واحد هو البيت الحرام ( الكعبة ) واليها يتجه المؤمنون فى الصلاة واليها يحج المؤمنون فى الأشهر الحرم . وحيث أنه ( لا إله إلا الله ) فليس فى الاسلام ( حرم ) إلا ( حرم ) واحد ، هو بيت الله الحرام .

2 ـ  بدأ مالك الكفر فى هذه الناحية بجعل المدينة ( ومسجدها وقبر المنسوب للنبى ) حرما ثانيا ، ثم اضاف حرما ثالثا هو ( المسجد الأقصى ) والذى بناه عبد الملك بن مروان وأتمه ابنه الوليد لن عبد الملك . وقد تعرضنا لهذا من قبل فى مقال من مقالات مسلسل الدم ،عن خلافة عبد الملك بن مروان ، وقلنا فى مقالات كتاب عن أن ليلة القدر هى ليلة الاسراء :  أن المسجد الأقصى الحقيقى هو جبل الطور فى سيناء.

3 ـ  ( مالك بن أنس ) كان ـ كعادته ـ سبّاقا فى الكفر . وفى مقالات كتابنا عن الفتنة الكبرى الثانية ، وكتابنا الآخر عن مذبحة كربلاء تعرضنا بالتفصيل لموقعة ( الحرة ) التالية لمذبحة كربلاء فى خلافة يزيد بن معاوية ، وكيف إستباح الجيش الأموى المدينة قتلا وسلبا ونهبا وإغتصابا ، وظلت المدينة مركزا لكراهية الحكم الأموى ، إلى أن شغلها الأمويون بالجوارى والغناء وحولوها الى ماخور كبير . ثم عاد للمدينة نشاطها السياسى ضد العباسيين حيث ثار فيها العلويون بقيادة محمد النفس الزكية ، وآزره مالك ابن أنس ، وكان من كبار أهل المدينة ، وبهزيمة محمد النفس الزكية تعرض مالك للضرب والاهانة وإعتزل الناس . هذه الظروف هى التى أثرت على مالك وهو يؤلف من دماغه أحاديث ، إعتاد أن يرويها لتلاميذه ، وإعتاد تلاميذه أن يكتبوها عنه فى نسخ مختلفة فيما سُمّى ب ( موطأ مالك ) والذى تعددت رواياته الى أكثر من عشرين رواية مختلفة، كل منها يحمل عنوان ( موطأ مالك ) .

4 ــ الظروف السياسية السيئة للمدينة هى الحاضر الغائب فى تأليف موطأ مالك  ـــ  إنتقال الأضواء عنها وتحول العاصمة الى الكوفة ( فى خلافة على ) ثم الى دمشق الأموية ، ثم الى بغداد العباسية ــ  جعلت المدينة ترتبط بمجدها القديم تعويضا عن حاضر بائس؛ فقد نزح عنها الكثيرون من أهلها الى العواصم والحواضر الجديدة ( الكوفة والبصرة والفسطاط والمدائن والقيروان ..الخ ) ثم تعرضها الى الاهانة فى موقعة الحرة وذكرياتها التى ظلت فى ذاكرة أهلها أجيالا بعدها ، ثم هزيمتها على يد جيش أبى جعفر المنصور . كل هذا كان الخلفية التى جعلت مالك بن أنس ، يعتبر (عمل أهل المدينة ) مصدرا للتشريع ، وجعلته ينسب الأحاديث للنبى والصحابة والتابعين وتابعيهم من سكان المدينة ، ثم جعله أخيرا يجعل المدينة حرما يضاهىء به الحرم الالهى لرب العزة فى مكة ، وبالتالى يجعل القبر المنسوب اليه ( كعبة ) أخرى يحج اليها المؤمنون ، ويجعل مسجد المدينة تاليا للمسجد الحرام . 5  ـ وبعد مالك سار على دينه وسُنّته الشافعى والبخارى ، فزادوا وأضافوا وأفاضوا فى الكفر ، ولكنه يظل لهم الإمام. ونستعرض الأحاديث التى صنعها مالك ( رواية يحيى ) فى تقديس المدينة وجعلها حرما .

أولا :   تقديس مسجد المدينة  

1 ــ إنتهك الأمويون المسجد الحرام بعد أن إستحلوا المدينة قتلا وسلبا ونهبا وإغتصابا . ربما كان هذا مبررا لجعل المدينة حرما وتقديس مسجدها : وتحت عنوان :  ( باب مَا جَاءَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ) نقرأ : (حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ  مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، سَلْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ‏"‏ ‏. ) ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي ‏"‏ ‏. )( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ‏"‏ ‏. ). 2 ــ نلاحظ هنا أن مالك لا ينسب هذه الأحاديث الى الصحابة ، بل يرفعها مباشرة للنبى ، ينسب فيها للنبى علم الغيب كذبا وبهتانا .

 ‏ثانيا  : جعل المدينة كلها حرما :

1 ــ  ( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ ‏"‏ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأَنَا أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا ‏"‏ ‏. )( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا حَرَامٌ ‏"‏ ‏. )   2 ــ وفى  تحريم الصيد فى ( كل ) المدينة . ( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ وَجَدَ غِلْمَانًا قَدْ أَلْجَئُوا ثَعْلَبًا إِلَى زَاوِيَةٍ فَطَرَدَهُمْ عَنْهُ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ أَفِي حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصْنَعُ هَذَا ؟ ) ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَنَا بِالأَسْوَافِ، قَدِ اصْطَدْتُ نُهَسًا فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِي فَأَرْسَلَهُ ‏. )3 ــ ثم هذا الحديث الذى يعقد مقارنة بين حرم مكة وحرم المدينة ليؤكد حُرمة المدينة :( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ أَسْلَمَ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، زَارَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشٍ الْمَخْزُومِيَّ فَرَأَى عِنْدَهُ نَبِيذًا وَهُوَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَقَالَ لَهُ أَسْلَمُ إِنَّ هَذَا الشَّرَابَ يُحِبُّهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَحَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ قَدَحًا عَظِيمًا فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَضَعَهُ فِي يَدَيْهِ فَقَرَّبَهُ عُمَرُ إِلَى فِيهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ هَذَا لَشَرَابٌ طَيِّبٌ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ رَجُلاً عَنْ يَمِينِهِ ‏.‏ فَلَمَّا أَدْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ نَادَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ أَأَنْتَ الْقَائِلُ لَمَكَّةُ خَيْرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقُلْتُ هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ ‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ لاَ أَقُولُ فِي بَيْتِ اللَّهِ وَلاَ فِي حَرَمِهِ شَيْئًا ‏.‏ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَأَنْتَ الْقَائِلُ لَمَكَّةُ خَيْرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ فَقُلْتُ هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ ‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ لاَ أَقُولُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَلاَ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا ثُمَّ انْصَرَفَ  ) .

ثالثا :  ردا على هجرة معظم أهل المدينة الى الأمصار ما بين خراسان وما بعدها شرقا الى الاندلس غربا وضع مالك أحاديث متنوعة تواجه هذه الظاهرة . منها :

 ــ   الدعوة لأهل المدينة بالبركة :     ـ ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ ‏"‏ ‏.‏ يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ ‏. )   ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ ‏"‏ ‏.‏ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ ‏. )

  ـ ومنها إستنكار الهجرة من المدينة وهجاء من يتركها والدعوة الى البقاء فيها : 

  -   ( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ الأَجْدَعِ، أَنْ يُحَنَّسَ، مَوْلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، كَانَ جَالِسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْفِتْنَةِ فَأَتَتْهُ مَوْلاَةٌ لَهُ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَقَالَتْ إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الزَّمَانُ ‏.‏ فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ اقْعُدِي لُكَعُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ لاَ يَصْبِرُ عَلَى لأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‏"‏ ‏. )   ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا، بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي ‏.‏ فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي ‏.‏ فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي ‏.‏ فَأَبَى فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا ‏"‏ ‏. ) (  وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ، سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ ‏.‏ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ‏"‏ ‏. )( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ لاَ يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا إِلاَّ أَبْدَلَهَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ ‏"‏ ‏. )( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ‏"‏ ‏. )     ( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَبَكَى ثُمَّ قَالَ يَا مُزَاحِمُ أَتَخْشَى أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ نَفَتِ الْمَدِينَة ُ  )   ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّال . ) . 

  البخارى ومسلم يتابعان ( مالك ) فى هجص تقديس المدينة

 مقدمة :

1 ـ أئمة الأديان الأرضية كائنات تتنفس الكذب زفيرا وشهيقا ونهيقا.!! اتباعهم ـ مثلهم ــ  يدمنون الكذب . ويتنوع الكذب ، من إفتراء الأحاديث الى مزاعم بأنهم تعبوا فى جمعها ، والزعم بأسنادها بالعنعنة : أن فلانا أخبرهم عن فلان عن فلان عن علان عن تركان ..عبر السنين والقرون ،كما لو كانوا قد خرجوا من قبورهم يتكلمون .!!هذا الاسناد وتلك العنعنة مجرد ضحك على الذقون .

2 ــ كان مالك هو الرائد بكتابه ( الموطأ ) ثم جاء تلميذه الشافعى فسار على سنته فى الكذب والافتراء ، نقل هجص مالك وزاد عليه ، ووضع عنعنات لا تخلو من ( لخبطة ) واختلاف عن عنعنات مالك ، وبعد أن كانت أحاديث الموطأ تزيد على الألف ـ فى رواية الشيبانى مثلا ـ تضاعف عدد الأحاديث فى (الأم ) للشافعى الى عدة آلاف ، مع الفارق الضئيل بين وفاة مالك ( ت 179 ) ووفاة الشافعى ( ت 204 ) . ثم تكاثرت مصانع إنتاج الأحاديث خلال نصف قرن فقط  لتصبح  حوالى مليون فى عصر البخارى ت 256 ومسلم ت 261.، ثم أصبحت ملايين فى القرون اللاحقة . 

3 ـ مالك يكذب حين يقول إنه سمع تلك الأحاديث من سبعين شخصا أفتوا بصلاحيته للفتوى . ولم يذكر لنا أسماء هؤلاء الأشخاص ، وهو فى روايته فى الموطأ يخترع الاسناد ويتناقض فى الهجص الذى يفتريه بعد هذا الاسناد . و زعم البخارى أنه أمضى 16 عاما فى تأليف كتابه ، وبسببه طاف البلاد من خراسان الى العراق ومصر . ونفس الزعم تقريبا قيل عن ( مسلم ). والواقع يؤكد أن هذا كله إفك . فمن الهجص أن يقال عن البخارى ـ مثلا ـ (وما كان يضع فيه حديثا إلا بعد استكمال سبل البحث فيه سندا ومتنا للتأكد من صحته، ثم يغتسل ويصلي ركعتين، ويستخير الله في وضعه في كتابه  ). ذلك أنه من السهل أن يجلس البخارى فى قعر داره ، وأن يضع أمامه ( الموطأ ) وسيرة ابن إسحاق ت 158 و ( الأم ) للشافعى ومسند ابن أبى شيبة ت 235 ، وينقل منها نفس الافتراءات الهجصية ، ويغير من الاسناد والعنعنة ما شاء ، ويخترع هجصا جديدا بنفس الاسناد أو بإسناد جديد ، ثم يكرر نفس الأحاديث الهجصية تحت عناوين مختلفة ليقتنع القارىء أنها أحاديث ( صحيحة ) .

 4 ـ الفارق بين البخارى ومالك أن مالك جمع أحاديث أقل ، وكان يسند بعضها للنبى ، ويسند بقيتها الى بعض الصحابة وبعض التابعين ، ثم إنه  ـ مثل الشافعى ـ لم يكتب كتابه بيده ـ بل أملاه على اشخاص مختلفين ، فاخنلفت كتب ( الموطأ ) . أما البخارى فقد حرص على أن يسند أحاديثه الى النبى رأسا ، وأن يكتب كتابه هذا بنفسه ، وهى جرأة واضحة أن سمى كتابه الهجصى : ( الجامع المسند الصحيح المختصر من امور رسول الله (ص ) وسنته وأيامه ) ، أى كتابه هو الصحيح ، وما عداه فباطل ، ثم جاء ( مسلم ) وزايد على شيخه البخارى ، فزعم ايضا أن الهجص الذى ملأ به كتابه هو (  الجامع المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل الى رسول الله (ص ). ) . اى أصدر مسلم قرارا بإعتبار الرواة الذين زعم أنهم قالوا هذا الكلام ، هم عدول ، أى معصومون من الكذب والخطأ. جرأة على الكذب يحسدها عليهم استاذهم ابليس .!

5 ــ وحتى لا يقال إننا نتجنى  على البخارى ومسلم فإننا فيما يخص موضوعنا عن هجص تقديس المدينة نستشهد بما سرقه البخارى ــ ومسلم ــ من موطأ مالك ، دون أن يذكرا كتاب الموطا ، مع إضافة هجص جديد لم يقله مالك . 

اولا : البخارى ومسلم ينقلان الهجص من موطأ مالك عن تقديس المدينة

الدعوة لأهل المدينة بالبركة

الموطأ 

 ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ ‏"‏يَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ ‏. )

البخارى : ينقل نفس الحديث بنفس الاسناد : (  حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم ومدِّهم). يعني أهل المدينة.).

  عن مسجد المدينة :

1 ـ فى الموطأ : تحت عنوان :  ( باب مَا جَاءَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ) : (حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ  مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ رَبَاحٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، سَلْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ‏"‏ ‏. )

ينقل البخارى نفس الحديث مع (لخبطة فى الاسناد ) : ( حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن زيد بن رباح، وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام).

وذكره (  مسلم )  في الحج، باب: فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة .

2 ـ فى الموطأ : ( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي ‏"‏ ‏. )( وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ ‏"‏ ‏. ). نفس الحديث بإسنادين مختلفين

وفى البخارى : يردد نفس الحديثين فى باب: فضل ما بين القبر والمنبر.:   (حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن عبيد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة. ). ( حدثنا مسدد عن يحيى، عن عبيد الله قال: حدثني خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي).

وذكره مسلم في الحج، باب: ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة.

  جعل المدينة حرما :

فى الموطأ :

( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ ‏"‏ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأَنَا أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا ‏"‏ ‏. )‏

 فى البخارى تكرار لنفس التحريم للمدينة بأساليب مختلفة :

( حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن عبيد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حرم ما بين لابتي المدينة على لساني).  (  أبواب فضائل المدينة.- باب: حرم المدينة.( حدثنا أبو النعمان: حدثنا ثابت بن يزيد: حدثنا عاصم أبو عبد الرحمن الأحول، عن أنس رضي الله عنه،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المدينة حرم من كذا إلى كذا. لا يقطع شجرها، ولا يحدث فيها حدث، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).

 أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة .

وفى البخارى أيضا :

(  حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الرحمن: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرم، ما بين عائر إلى كذا، من أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. وقال: ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. ومن تولى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل).( حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال: ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المدينة حرام ما بين عائر إلى كذا، فمن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف، وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل. ومن والى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل).   - باب: إثم من تبرأ من مواليه.( حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: قال علي رضي الله عنه: ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله غير هذه الصحيفة، قال: فأخرجها، فإذا فيها أشياء من الجراحات وأسنان الإبل، قال: وفيها: (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل. ومن والى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل. وذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل).  ( حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثني إبراهيم التيمي: حدثني أبي قال: خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجرٍّ، وعليه سيف فيه صحيفة معلَّقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يُقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها: (المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً). وإذا فيه: (ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً). وإذا فيها: (من والى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ).أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة. وفي العتق،  باب: تحريم تولي العتيق غير مواليه. ( حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا عبد الواحد: حدثنا عاصم قال: قلت لأنس: أحرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؟ قال: نعم، (ما بين كذا إلى كذا، لا يُقطع شجرها، من أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) .( قال عاصم: فأخبرني موسى بن أنس: أنه قال: (أو آوى محدِثاً. )

تحريم الصيد فى المدينة

 فى الموطأ :

( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا حَرَامٌ.)(وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ وَجَدَ غِلْمَانًا قَدْ أَلْجَئُوا ثَعْلَبًا إِلَى زَاوِيَةٍ فَطَرَدَهُمْ عَنْهُ ‏.‏ قَالَ مَالِكٌ لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ أَفِي حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصْنَعُ هَذَا ؟ )( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَنَا بِالأَسْوَافِ، قَدِ اصْطَدْتُ نُهَسًا فَأَخَذَهُ مِنْ يَدِي فَأَرْسَلَهُ . ) 

فى البخارى :

نقل نفس الحديث الأول فى باب: لابتي المدينة.( حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كان يقول: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما بين لابتيها حرام).

أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة

المدينة تنفى الخبث ( من الناس )

 فى الموطأ :

 ( وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا، بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي بَيْعَتِي ‏.‏ فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي ‏.‏ فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ أَقِلْنِي بَيْعَتِي ‏.‏ فَأَبَى فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا ‏"‏ ‏. )

(  وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ، سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ ‏.‏ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ‏"‏ ‏).

فى البخارى

تكرار للحديثين بصيغ مختلفة مختلقة وتحت عناوين مختلفة :

 (حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا الحباب، سعيد بن يسار، يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد) 

( حدثنا عمرو بن عباس: حدثنا عبد الرحمن: حدثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه: جاء أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محموما، فقال: أقلني، فأبى، ثلاث مرات، فقال: (المدينة كالكير تنفي خبثها، وينصع طيبها).

( حدثنا إسماعيل: حدثني مالك، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله السلمي: أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فجاء الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها، وتَنْصَعُ طيِّبها)

.باب: بيعة الأعراب.( حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَّ أعرابيًّا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصابه وعك، فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثمَّ جاءه فقال : أقلني بيعتي، فأبى، فخرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المدينة كالكير، تنفي خبثها، وتصنع طيِّبها).[

(  باب: من بايع رجلاً لا يبايعه إلاَّ للدنيا.( حدثنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن عمر بن المنكدر: سمعت حابراً قال: جاء أعرابيّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بايعني على الإسلام، فبايعه على الإسلام، ثم جاء الغد محموماً، فقال: أقلني، فأبى، فلما ولَّى، قال: (المدينة كالكير، تنفي خبثها وتنصع طيِّبها)

.باب: من بايع ثم استقال البيعة.  ( حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن محمد بن المنكدر، عن جابر ابن عبد الله: أنَّ أعرابيًّا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله، أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها وتنصع طيِّبها).

ذكره مسلم في الحج، باب: المدينة تنفي شرارها .

فى الحثّ على البقاء فى المدينة وعدم الهجرة منها :

 الموطأ :

 ( وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ تُفْتَحُ الْيَمَنُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الشَّامُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ‏"‏ ‏.

البخارى : نقل الحديث كما هو :

حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن عبد الله ابن الزبير، عن سفيان بن أبي زهير رضي الله عنه أنه قال:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تفتح اليمن، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. وتفتح الشأم، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. وتفتح العراق، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)

وذكره مسلم في الحج، باب: الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار .

ثانيا : إضافة هجص جديد لم يقله مالك

توسع البخارى فى هجص تقديس المدينة وتابعه (مسلم ) . ونعطى أمثلة سريعة :

 باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة.

( حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الملك، عن قزعة قال: سمعت أبا سعيد رضي الله عنه أربعا قال: سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة، ( حدثنا علي: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى).

 أخرجه مسلم في الحج، باب: لاتشد الرحال إلا لثلاثة مساجد،   

-(باب: مسجد بيت المقدس.: ( حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن عبد الملك، سمعت قزعة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه: يحدث بأربع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأعجبني وآنفنني، قال: (لا تسافر المرأة يومين إلا معها زوجها، أو ذو محرم، ولا صوم في يومين: الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين: بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب. ولا تشد الرحال إلا ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي).

باب: المدينة طابة.

(حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا سليمان قال: حدثني عمرو بن يحيى، عن عباس بن سهل بن سعد، عن أبي حميد رضي الله عنه: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك، حتى أشرفنا على المدينة، فقال: (هذه طابة ).

باب: من رغب عن المدينة.( حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يتركون المدينة على خير ما كانت، لا يغشاها إلا العواف - يريد عوافي السباع والطير - وآخر من يحشر راعيان من مزينة، يريدان المدينة، ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع، خرا على وجوههما).أخرجه مسلم في الحج، باب: في المدينة حين يتركها أهلها .)

باب: الإيمان يأرز إلى المدينة.

( حدثنا إبراهيم بن المنذر: حدثنا أنس بن عياض قال: حدثني عبيد الله، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحية إلى جحرها) .

أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا.

  باب: إثم من كاد أهل المدينة.( حدثنا حسين بن حريث: أخبرنا الفضل، عن جعيد، عن عائشة قالت: سمعت سعدا رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع، كما ينماع الملح في الماء).

 أخرجه مسلم في الحج، باب: من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله،  

باب: آطام المدينة.(حدثنا علي: حدثنا سفيان: حدثنا ابن شهاب قال: أخبرني عروة: سمعت أسامة رضي الله عنه قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آكام المدينة، فقال: (هل ترون ما أرى، إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر)

.أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة، باب: نزول الفتن كمواقع القطر.

( حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله ابن يزيد قال: سمعت زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، رجع ناس من أصحابه، فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فنزلت: {فما لكم في المنافقين فئتين}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد. ) أخرجه مسلم في أوائل صفات المنافقين وأحكامهم .

(حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا وهب بن جرير: حدثنا أبي: سمعت يونس، عن ابن شهاب، عن أنس رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة).

   أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة.

  ( حدثنا قتيبة: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر، فنظر إلى جدرات المدينة، أوضع راحلته، وإن كان على دابة حركها، من حبها.)

 باب: كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة.( حدثنا ابن سلام: أخبرنا الفزاري، عن حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال: أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة، وقال: (يا بني سلمة، ألا تحتسبون آثاركم). فأقاموا.).

 ( حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم.)

 ( حدثنا أبو نعيم: حدثنا ابن عيينة، عن الزُهري. وحدثني محمود: أخبرنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزُهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال: (هل ترون ما أرى). قالوا: لا، قال: (فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر.)

 

 

النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟  سؤال لمن يؤمن بأن زيارة قبر النبى من شريعة الاسلام

 أولا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟ 

1 ـ هو سؤال محورى ، ليس فى موضوع الحج فقط ، وليس فى موضوع الشريعة فقط ، ولكن هو سؤال محورى حول ما هو الاسلام ( الدين الالهى ) وماهى الأديان الأرضية التى يملكها البشر ويملكون التشريع فيها بأهوائهم ، وينسبون هذا لله جل وعلا ورسله كذبا وإفتراءا .

2 ـ هو سؤال محورى حول الاسلام الذى اضحى مهجورا منبوذا يؤمن به أقلية الأقلية فى مواجهة أكثرية البشر الذين يحترفون الاضلال عن سبيل الله جل وعلا ( الأنعام 116 ) . بلايين المحمديين ـ من أكثر من عشرة قرون ــ لا يعتبرون الحج الى البيت الحرام كاملا بدون زيارة القبر المنسوب للنيى . ويثورون غضبا إذا قيل لهم إن هذه الزيارة لذلك القبر خروج عن الاسلام وأن هذا القبر ليس سوى رجس من عمل الشيطان .  هذه الأكثرية الساحقة تتيه بكثرتها وتتخذ من كثرتها الكاثرة حُجة على الأقلية المؤمنة ، وهم ينسون أن الأكثرية البشرية فى القرآن الكريمة متهمة بالكفر والضلال وعدم التعقل وعدم التبصر . وهم ينسون أن المؤمنين الأقلية هم اصحاب الجنة يوم القيامة من السابقين وأصحاب اليمين ( الواقعة 10 : 40 )، وينسون أنه مهما بلغت كثرتهم فإن جهنم ستسعهم وستطلب المزيد (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) ق ). 

ثانيا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟ 

1 ـ هو السؤال المحورى الوحيد الذى يفصل بين الحق والباطل بحيث لا يستطيع من يخالفنا فى الدين أن يجادل فيه . يستحيل أن يقول (نعم . كان النبى فى حياته يزور قبره ) . من الممكن أن يجادل فى أسئلة أخرى . فقد نسبوا للنبى محمد عليه السلام بعد موته تشريعات بقتل المرتد والزنديق ورجم الزانى والخارج عن الجماعة وأنه مأمور بأن يقاتل الناس حتى .. ونسبوا القول بعقائد تخالف الاسلام مثل تفضيله على الأنبياء وعلمه بالغيب وشفاعته يوم الدين وأنه لو إعتقد أحدهم فى حجر لنفعه ، والمعجزات والكرامات .. هجص من التشريعات والعقائد الرجسية تملأ الكتب المقدسة مثل ( الكافى ) للكلينى الشيعى و( صحيح البخارى ) السنى ،و(إحياء علوم الدين ) للغزالى الصوفى . قد يتبجح أحدهم فيقول : وما المانع أن يقول النبى هذا الكلام فى حياته . ولكنه مهما بلغت بجاحته ووقاحته فيستحيل أن يقول أن النبى فى حياته كان يزور قبره . إذن ، لا مفر من أن يقول أن النبى محمدا لم يكن له قبر فى حياته ، وبالتالى فيستحيل أن يزور قبرا له وهو حىّ يرزق .

2 ـ هذا يقود الى سؤال آخر .. طالما أن النبى لم يكن له قبر فى حياته وطالما أنه لم يزر قبره فى حياته فلماذا تعتبرون زيارة القبر المنسوب للنبى جزءا من الدين ، وجزءا من فريضة الحج لا يتم الحج بدونه ؟ إنكم بالفعل تعتبرون هذا جزءا من الدين ، وعبادة تحرصون عليها أكبر من حرصكم على تأدية مناسك الحج الى بيت الله الحرام .

3 ـ وهذا يقود الى سؤال آخر .. إذا كان هذا جزءا من الدين لم يفعله النبى ولم يفعله معه الصحابة (أى لم يزوروا قبره معه وهو حىُّ ) فالمعنى أن النبى محمدا عليه السلام لم يبلّغ الرسالة كاملة ، وأنه  عصى أمر ربه جل وعلا حين أمره بتبليغ الرسالة وقال له : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)المائدة ). أى إنكم تتهمون النبى محمدا عليه السلام بعصيان ربه جل وعلا وعدم تبليغ رسالته وتركه جزءا من الدين دون تبليغ .

ثالثا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟ 

1 ـ هو السؤال المحورى الذى به يتحدد المؤمن أو الكافر بقول رب العزة جل وعلا : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ) (3) المائدة ).

2 ـ المؤمن بالله جل وعلا وبرسوله يوقن إن الاسلام إكتمل دينا وتشريعا بإنتهاء القرآن الكريم نزولا . وعليه فإن إى تشريع دينى بعد إكتمال الاسلام ليس من الرحمن بل من الشيطان . القرآن الكريم ليس تأليف مخلوق من البشر . المخلوق من البشر حين يؤلف كتابا يضع عليه إسمه مثل البخارى والشافعى ومالك وابن حنبل والكلينى والغزالى وابن تيمية وابن عبد الوهاب ..الخ . صحيح أنه يملؤها بأكاذيب ينسبها بهتانا لله جل وعلا ولرسوله ، ولكن يظل كتابه منسوبا اليه . يعنى هو المؤلف ، وطالما يتكلم فى الدين فهو صاحب هذا الدين . وطالما هو بشر مخلوق من تراب الأرض فإن الدين الذى يكتبه هو ( دين أرضى ) . وطالما هو بشر مثلنا لا يملك لنا موتا ولا حياة ولا نشورا فإن المحمديين الذين يعبدون مخلوقات بشرية ينطبق عليهم قول رب العزة جل وعلا : (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا ) الفرقان 3  ). يقينا فإن البخارى أو الكلينى أو الغزالى أو حتى النبى محمدا لن يحاسبنا يوم القيامة ، بل سيأتى كل منهم يوم الحساب يدافع عنه لينجو من عذاب يوم عظيم .

3 ـ القرآن الكريم ليس له مؤلف من البشر ، لأنه من  لدن رب العزة جل وعلا ، هو الذى أنزله وهو الذى تولى حفظه وقراءته وتلاوته وبيانه . الله جل وعلا هو الذى سيحاسبنا جميعا وهو مالك يوم الدين ، وهو صاحب هذا الدين .

4 ـ والمؤمن بهذا يوقن بأن رب العزة صادق حين قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ) (3) المائدة ). وحين تُتلى عليه هذه الآية أو حين يقرؤها يقول بإخلاص : ( صدق الله العظيم.! ). وبالتالى إذا جاءته موعظة بأن زيارة قبر النبى إبتداع ليس فى الاسلام ، وأنه أُكذوبة حدثت بعد موت النبى محمد وبعد إكتمال الاسلام ـ هنا يكفر بهذا الابتداع ويتبرأ منه .

5 ـ الكافر بالله جل وعلا وبرسوله يختلف موقفه هنا من ناحية القول . يكون من آل (بسّ ). و ( بسّ ) فى اللهجة المصرية تعنى ( ولكن ). يعنى سيقول : ( فعلا النبى فى حياته لم يزر قبره ، ولم يكن له قبر وهو حىُّ ) ثم يكمل ( بس .. ) أو ( لكن  ) ... ويلجأ الى معاذير وحجج واهية ، مؤداها فى النهاية أنه لا يقول بقلبه :( صدق الله العظيم ) بل التكذيب بما أنزل الله جل وعلا والايمان بالمفتريات ، أى أن يكون مجرما وظالما ممن قال فيهم رب العزة : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الانعام 21  ) (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ) يونس 17 ) .

6 ـ الكافر بالله جل وعلا وبرسوله قد يختلف موقفه هنا من ناحية الفعل . قد يرد بالموافقة القولية عجزا عن الاجابة أو خجلا ، ولكنه إذا سافر الى الحج فسيغلبه شيطانه ويجعله يزور القبر الرجسى المنسوب ظلما للنبى محمد عليه السلام . بهذا هو يثبت على نفسه الحُجّة يوم الدين بأنه من المنافقين الذين قد إستحوذ عليه الشيطان فأصبح من حزبه . يقول جل وعلا عنهم ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) 18 : 19 المجادلة  )>

رابعا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟ 

1 ـ هذا هو السؤال المحورى الكاشف الفاضح لأديان المحمديين الأرضية . أو ما يعتبرون أنفسهم (أمة محمد ) . مع إختلافاتهم ونزاعاتهم وحروبهم فهم جميعا يعبدون إلاها وهميا صنعوه بأهوائهم وأسموه ( محمدا ) ، لا صلة له على الاطلاق بخاتم المرسلين محمد عليه السلام . هذا الاله الذى أسموه محمدا جعلوه محور دينهم ، بل جعلوه اكبر من الله جل وعلا ، فإذا ذكرت إسم الله جل وعلا فلن تسمع أحدا منهم يقول (سبحان الله جل وعلا ) ولكن إذا قلت ( قال النبى ..) جأروا بالصلاة عليه . جعلوا إلاههم المزعوم هذا متحكما فى يوم الدين ، ثم حكموا بحبسه فى زنزانة ( قبر ) تحت الأرض ، تحت أقدام من يأتى ليتوسل به ، وحكموا ان يظل سجين هذه الزنزانة الى قيام الساعة ، وجعلوه متفرغا لمراجعة أعمالهم والاستغفار لها ، ثم إذا سلّم عليه أحد المحمديين أو قال الصلاة عليه هبّ وترك عمله ليردّ عليه السلام . ثم يعود يراجع اوراق / أعمال المحمديين فردا فردا ويستغفر لمن يجده مذنبا منهم . يقوم وحده بخدمة البلايين من (أمة محمد ) ليل نهار بلا كلل ولا تعب . هنا ( إله ) مصنوع بطريقة مضحكة وصنعة رديئة . ومع ذلك يؤمن بهذه الصنعة الرديئة المحمديون وينبذون من أجلها الاسلام والقرآن والعقل .

2 ـ ولو فاجأت أحدهم بالحقيقة الدامغة  : ( أن هذا القبر المزور المنسوب ظلما للنبى محمد ليس إلا رجسا من عمل الشيطان ويجب إجتنابه وليس الحج اليه والتبرك به ، ومن يفعل ذلك فهو عدو لرسول الله ولرب العزة جل وعلا ) ــ لو قلت له هذا لالتقط أقرب سلاح وهاجمك به . ليس مهما أن معك العقل والقرآن والبرهان .. إنه لن يرى ولن يتعقل لأنه فى الحقيقة قد إحتنكه الشيطان وسيطر عليه وأراه الحق باطلا والباطل حقا ، وزين له الشيطان أنه بقتلك سيقابل الحور العين وقد فتحن له سيقانهن .

3 ـ إذا كنت شجاعا بدرجة كافية جرّب أن تقول لأحد المحمديين : (  هذا القبر المزور المنسوب ظلما للنبى محمد ليس إلا رجسا من عمل الشيطان ويجب إجتنابه وليس الحج اليه والتبرك به ، ومن يفعل ذلك فهو عدو لرسول الله ولرب العزة جل وعلا.  ) . ولكن ارسل لى قبلها عنوان ( قبرك ) لأرسل ـ مقدما ـ  اليه باقة زهور .!

خامسا : النبى  ــ فى حياته ـ هل كان يزور قبره ؟ 

1 ـ هذا هو السؤال المحورى الذى يضع فاصلا بين ما هو إسلام ، ومن هم ( المسلمون ) .

2 ـ الاسلام دينا ـ إكتمل بالقرآن الكريم ، وهو أوامر ونواهى ، من يقوم بطاعتها يدخل الجنة ومن يعصاها يدخل النار. ولأنه أوامر ونواهى من لدن الخالق جل وعلا فإنه لا يوجد بشر يمثّل هذا الاسلام حتى النبى محمد عليه السلام . فهو عليه السلام كان يعلن إتباعه للقرآن الكريم وخوفه من عذاب يوم عظيم ، وكان يأتيه اللوم والتأنيب والعتاب ، وسيأتى يوم القيامة ليجادل عن نفسه وسيعلن براءته من قومه الذين إتخذوا القرآن مهجورا . لو كان النبى محمد تجسيدا للقرآن أو ممثلا له لأصبح إلاها معصوما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولكن عصمته فى تبليغ الوحى القرآنى وقد أبلغه ومات . وبموته إكتمل الاسلام . 

3 ـ صلة هذا بموضوعنا أنه مع اكتمال الاسلام بالقرآن فإن ما يأتى بعده لا شأن للاسلام به ، إنما ينتمى للمسلمين . المسلمون بشر لهم تاريخهم البشرى وتراثهم البشرى وأديانهم البشرية ، منهم من سيكون من السابقين ومنهم من سيكون من أصحاب اليمين والأغلبية ستكون من المغضوب عليهم الضالين ، نفس التقسيم الثلاثى لأهل الكتاب وللبشر يوم القيامة .

4 ـ  هناك نوعين من أعداء الاسلام . عدو ظاهرى ينتمى الى أديان أرضية تخالف أديان المحمديين الأرضية . ثم عدو أخطر ينتسب ظاهرا الى الاسلام بينما هو بعقيدته وشريعته يناقض الاسلام ، وتحت شعار الاسلام يشوّه الاسلام ، إذ يسعى فى الأرض بالفساد والارهاب كما يفعل الوهابيون اليوم . هنا يكون الانصاف للإسلام وأتباعا للحق وللموضوعية أن نضع فاصلا بين الاسلام و( المسلمين ) ، وأن نتمسك بقوله جل وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً )(3)المائدة ). ولكن هذا الانصاف مرفوض . وليس عجيبا أن يتفق الغرب المسيحى والوهابيون على مصطلح ( الحركة الاسلامية ) ( الاسلام الراديكالى ) ( الجهاد الاسلامى ) . الغرب يؤمن أن الوهابية هى الاسلام ، والوهابيون يؤكدون أنهم الاسلاميون الحقيقيون . وحين نقول نحن إن الاسلام لا صلة له بأفعال المسلمين سواء كانت خيرا أو شرا فلا يسمع لنا أحد ، وإذا قلنا إن الاسلام يرفض الاستبداد والفساد والارهاب والظلم نظر الغرب الينا بإستهزاء ، وأصدر الوهابيون ضدنا فتاوى التكفير والقتل .

5 ـ الوهابيون شأنهم شأن بقية المحمديين يؤمنون بالاله المصنوع الذى أسموه ( محمدا ) ويؤمنون بما أسموه (سُنّة محمد ) و (السيرة النبوية ) و ( الأحاديث النبوية ) وبالحج الى الوثن الرجسى إيّاه . ومع الاختلافات فيما بينهم  ــ والتى تصل الى الاقتتال ـ إلا إنهم جميعا يتحدون ضدنا ويتمسكون بعبادة الاههم المصنوع ، ويحجون الى الوثن الرجسى إياه ويتهموننا بالخروج عن الاسلام وإزدراء الأديان . 

 

 

 

 

 

 

هذا الحج فى سبيل الشيطان وليس الى بيت الرحمن

مقدمة :

1 ـ جاءنى هذا السؤال : ( يذكر القران الكريم أن الكعبة بنيت منذ زمن ابراهيم عليه السلام و دعا الناس للحج إليها و نحن نعرف بأن اليهود و النصارى و أنبيائهم موسى و عيسى يؤمنون بابراهيم , و السؤال هنا لماذا انفرد المسلمون بتقديس البيت الحرام و لم نسمع مرة أن اليهود و النصارى يقدسونه و يرغبون بالحج إليه بينما اتفق اصحاب الديانات الثلاث على قدسية مدينة القدس في فلسطين ؟ )

2 ـ فى البداية أرجو أن تقرأ كتاب (الحج بين الاسلام والمسلمين ) , ومع هذا أقول سريعا :  

أولا :

1 ـ الكعبة بيت الله الحرام هى أول بيت لرب العزة وضعه الله جل وعلا للناس ، منذ أن كان هناك على كوكب الأرض ناس ، أى منذ الجيل الأول من أبناء آدم . لذا هو (البيت العتيق ): (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) الحج  ) . ( العتيق ) أى القديم. فهو البيت العتيق الذى جعله الله جل وعلا قياما للناس منذ كان هناك (ناس )، يقول جل وعلا : ( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ) (97) المائدة )

2 ـ وقبل ابراهيم عليه السلام مرت على البيت الحرام عصور غطته الأوثان والأصنام والقبور المقدسة ، ثم أوضح الله جل وعلا لابراهيم مكان البيت : (:( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) 26 الحج   ) وأمره وابنه اسماعيل برفع قواعده: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) البقرة  ) ، وتطهيره مما أحاط به من أوثان : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة ). ( وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج ). ثم أمره بالدعوة العامة  الى الحج الي البيت الحرام من كل فج عميق ،وجعل البيت الحرام سواء للناس جميعا ، المقيم فى مكة والذى يقطع البوادى حجا اليه  يقول جل وعلا :( وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي  )  (25) الحج ) الشرط فى الحج هو الأمن للجميع داخل بيت الله الحرام ، فقد فرض الله جل وعلا الأمن لمن يدخل  في بيته (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً  ) (97) آل عمران   ) بل والأمن للمسافر اليه والأمن لما يكون معه من حيوانات الهدى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً  ) (2) المائدة  )، وجعل الحج اليه للناس جميعا المسالمين منهم الذين يحترمون كون البيت الحرام مثابة للناس وأمنا ، يقول جل وعلا (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ). وفى حرم الرحمن حيث الأمن والطمأنينة ينسون فيه خلافاتهم وشقاقاتهم ويتفرغون أياما يتطهرون فيها من المعاصى .

3 ـ ومعلوم أن هذه هى أوامر الله جل وعلا . ومعروف أن تنفيذها يقع على البشر ، وهم مسئولون عن هذا التطبيق يوم الدين ، ومعروف أيضا أن اكثرية البشر ضالون مُضلون  عُصاة فاسقون: (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) (116) الانعام   ) . ويظهر هذا فى تطبيق شرع الرحمن جل وعلا سواء فى العبادات أو فى السلوكيات . منهم من لا يؤدى العبادات أصلا ، ومنهم من يؤديها بخلاف شرع الرحمن جل وعلا .

4 ـ لقد تلاعب الشيطان بالبشر قبل ابراهيم ثم تلاعب بذرية ابراهيم وغيرهم . منهم من إستمر يحج الى البيت الحرام من العرب وأهل الكتاب ، ولكن مع تحريف وتقديس للبشر والحجر . النتيجة المؤسفة أنه لم يعد حجا للبيت الحرام بل حجا فى سبيل الشيطان .

5 ـ الدليل الساطع أنه لا يمكن لأحدهم  أن يتصور  نفسه يحج للبيت الحرام  دون زيارة (الحبيب ) و ( الروضة الشريفة ). هنا يكون حجه هذا فى سبيل الشيطان ، لأنه يقدس رجسا من عمل الشيطان .!!

ثانيا :

1 ـ نزل القرآن الكريم فى إصلاح ما أفسده العرب وأهل الكتاب فى ملة ابراهيم . كان العرب يحجون طيلة الشهر الحرم ولكن مع ابتداعات وإعتداءات ونسىء ومظالم وانتهاك لحُرمة البيت الحرام ، و الحج للأوثان والقبور المقدسة وملء البيت الحرام بأوثانهم وما كان يعرف بطواف العراة وإستغلال قريش للبيت الحرام وسيطرتها على مناسك الجج فى سلب العرب أموالهم . نزل القرآن الكريم فى إصلاح ملة ابراهيم ومنها فريضة الحج . ولكن ما لبث أن عادت التحريفات القديمة وتحصنت بأحاديث شيطانية ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان ، وبتشريعات شيطانية تنسب نفسها للاسلام بالزور والبهتان . وبها تتم مناسك الحج اليوم ، ويعود منها (الحاج ) يحمل لقب (الحاج ) يختال به يفخر بأنه (زار الحبيب ) و شاهد الروضة ووضع يده على شباك النبى ، وأن النبى شعر به وإستعرض أعماله فأصبح مغفورا له، فرجع (عاريا ) من الذنوب كيوم ولدته أمُّه . والحقيقة أنه رجع جالسا على خازوق أكبر من برج أيفل .!! .

2 ـ يكفى من سخرية الشيطان بهم أنه جعلهم يعتقدون أن الاحرام للرجال هو فى لبس لباس يكشف عوراتهم ويظهر مؤخراتهم . ولو قيل لهم غير ذلك ثاروا وغضبوا . إن الاحرام  هو نية التبتل لرب العزة طيلة تأدية المناسك ، حيث يجتمع وقتها ( الحرم المكانى والحرم الزمانى والحرم القلبى الايمانى ) ، ونرى هذا فى الحج الى البيت الحرام ( الحرم المكانى )  الذى شرعه الله جل وعلا لنؤديه فى الأشهر الحُرُم ( الحرم الزمانى )( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) البقرة ) ، ويكون الاحرام بتطهير القلب من الشرور وإخلاص العبادة وتأدية المناسك وقت الحج ( وهذا هو معنى الإحرام ، وهو إجتماع الحُرُمات الثلاث : القلب المؤمن الخاشع الذى يؤدى المناسك فى ( الزمان ) الحرام أو الشهر الحرام ، وفى (المكان الحرام ـ) البيت الحرام ). لو قلت لأحدهم إن الاحرام ليس مجرد لباس للرجال يكشف العورة، لاتهمك بالكفر مصمما على كشف عورته فى البيت الحرام . ناسيا إن رب العزة جل وعلا يقول : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (31) الاعراف  ) ، فإذا كان التزين واجبا عند كل مسجد ، فكيف بالمسجد الحرام ؟ لو قلت له إنه يمكنه أن يحج خلال الأشهر الأربعة الحُرم من ذى الحجة الى ربيع الأول وقرأت له قول رب العزة :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) لاتهمك بالكفر لأن هذا يخالف ما وجد عليه آباءه .   ثم إبتداع آخر أفظع وهو ذكر ابليس فى الحرم الالهى بزعم رجمه ، وإقامة أنصاب على ذكرى ابليس ، والتصارع فى رجم هذه الأنصاب . أى إصرار على ذكر ابليس فى المسجد الحرام . ومن يخالف هذا فهو مرتد حلال الدم . ثم إستغلال البيت الحرام للأغراض السياسية ، والصّد عنه ، وتحويله الى ساحات حرب وقتال ، وهو الذى جعله رب العزة مثابة للناس وأمنا . ولنتذكر أن الله جل وعلا توعّد صاحب الارادة السيئة القلبية ـ فى الحرم ـ  بالعذاب الأليم ، يقول جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ) .

3 ـ  وخلال قرون طويلة كان الاعراب يهاجمون قوافل الحجاج ، بل وكان الأشراف المسيطرون على مكة ينهبون الحجاج ويقتلونهم . على أن إستمرار الهجوم على قوافل الحج حتّم تسيير جيش مع القوافل وحصر الحج فى موسم بداية الحج فى الاسبوع الأول من شهر ذى الحجة ، وصار هذا شريعة أرضية مستمرة حتى اليوم . بالاضافة الى الحج الى الرجس المنسوب للنبى وإعتبار زيارة (الحبيب ) أهم من الحج للبيت الحرام ، وإعتبار الكعبة نفسها وثنا والصراع حول لمسها عند الطواف وتقديس ما يسمى بالحجر الأسود .

4 ـ هذه لمحة عن العصيان والابتداع فى الحج ممّن لا يزالون يقومون بالحج . إن ما يحدث الآن فى الحج هو عصيان للخالق جل وعلا ، و مخالف لشرع الرحمن فى عبادة الحج . وكل هذا التحريف والعصيان والقتل والقتال يجعل الحج الذى يقومون به ليس الى بيت الرحمن  ولكن فى سبيل الشيطان ،

ثالثا :

1 ـ كان أهل الكتاب فى المنطقة يحجون الى البيت الحرام ضمن معرفتهم بملة ابراهيم ـ مع تحريفهم فى ملة ابراهيم . ونتوقف مع قوله جل وعلا : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)آل عمران )  هنا دليل على وجود التوراة الحقيقية لدى بنى اسرائيل وقتها ، حيث تحداهم ب العزة جل وعلا أن يتلوها . وفى الآية التالية يقول جل وعلا :  ( فَمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (94) آل عمران ) هنا تحذير لهم من الافتراء على الله كذبا . وهو تحذير يعنى معرفتهم بالله جل وعلا .  وفى الآية التالية يقول جل وعلا : ( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95) آل عمران ). هنا دعوة لهم للتمسك بملة ابراهيم التى تعنى أنه لا إله إلا الله . وفى الآية التالية يقول جل وعلا : ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران ) هنا تذكير لهم ولغيرهم بالحج الى البيت الحرام .

2 ـ إستغلت قريش البيت الحرام وفريضة الحج للإستفادة السياسية والاقتصادية ، ومن أجل مصالحها عارضت الاسلام ثم دخلت فى الاسلام . ثم إقترفت الفتوحات العربية من عهد أبى بكر وعمر ومن جاء بعدهم .  ومن البداية قام عمر بن الخطاب بطرد أهل الكتاب من الجزيرة العربية ومنعهم من الحج ،  فتوالت أجيال تناست الحج الى البيت الحرام . وتقع المسئولية على ( عمر بن الخطاب ) ومن جاء بعده . هذا بالنسبة لأهل الكتاب من غير الأوربيين . بالنسبة للأوربيين تقع المسئولية أيضا على قريش ، بالفتوحات التى بدأها العرب إنقسم العالم الى معسكرين متحاربين كل منهما يرمى الآخر بالكفر ، ويشن عليه حربا دينية . ولم يكن منتظرا فى هذه الحالة والتى إستمرت قرونا أن يحج الأوربيون الى البيت الحرام  فى مكة .

3 ـ على أنه حتى بدون هذه الحرب بين العرب والأوربيين فلم يكن منتظرا أن يحج الأوربيون الى الكعبة . إن الروم البيزنطيين قد صنعوا من البداية (مسيحية ) تتفق مع تراثهم الأوربى بقدر ما تخلو من ملامح ملة ابراهيم التى كانت تتجلى لدى العرب وأهل الكتاب فى الجزيرة العربية وما يعرف الآن بالشرق الأوسط . وبينما عرف أهل الكتاب فى الجزيرة العربية الانجيل الحقيقى والتوراة الحقيقية فإن البيزنطيين كانوا قد حرموا الانجيل الحقيقى وأناجيل أخرى وأقروا أناجيل مصنوعة تكرّس الثالوث المعتمد لديهم . ثم لا ننسى مشاعر الاستعلاء الأوربى البيزنطى نحو العرب ، وقد كان البيزنطيون إحدى القوتين العظميين قبل نزول القرآن ، ثم إستمروا فى مواجهة العرب بعد سقوط القوة العظمى الفارسية .

4 ـ ولكن تستمر مسئولية العرب القرشيين فى تحريف مناسك الحج فى ناحية أخرى . لقد جعل الخلفاء القرشيون العالم معسكرين : ( معسكر السلام : دار السلام ) مقابل ) معسكر الحرب والكفر ) أى معسكر اوربا والبيزنطيين خصوصا . وبينما دارت الحرب بين المعسكرين فإن الحرب لم تتوقف ولم تهدأ بين ( المسلمين ) داخل (دار السلام أو معسكر السلام ) ,هذا ما نشرحه فى مقالات كتاب عن مسلسل الدماء فى عصر الخلفاء . وقبله سبق أن توقفنا  مع (الفتنة الكبرى ) الثانية بعد مقتل الحسين الى مقتل عبد الله بن الزبير .  وأشرنا الى أن عبد الملك بن مروان قد أسّس المسجد الأقصى حين سيطر خصمه عبد الله بن الزبير على مكة والكعبة وتحكم فى الحج وإستغله فى الدعاية ضد الأمويين وفى إثارة الحجاج من أهل الشام على عبد الملك بن مروان . لذا دعا عبد الملك الى الحج الى المسجد الأقصى بديلا عن المسجد الحرام . وبعد القضاء على ابن الزبير إستمر تقديس ما اسموه بالمسجد الأقصى ، وزعموا أنه المشار اليه فى أول سورة الاسراء . وقد كتبنا فى كتاب ( ليلة الاسراء هى ليلة القدر ) أن المسجد الأقصى هو المقصود هو ما كان فى جبل الطور فى سيناء .

 5 ـ ومع دخول أبناء أهل الكتاب فى (الاسلام ) فقد دخلوا فيه بثقافتهم المتوارثة ، وبعضها مختلط بكراهية الاسلام نفسه والرغبة فى تدميره من الداخل ، فهم لم يعرفوا عن الاسلام إلا ما عاناه أجدادهم من الفتوحات العربية من سلب ونهب وسبى واسترقاق ومذابح وإحتلال . الاسلام الحقيقى فى القرآن الكريم وجدوه مهجورا بالأحاديث التى إفتراها أئمة السنيين العرب ( مالك والشافعى ) فإتسعت الساحة لهم لكى ينشئوا هم أيضا  مصانع أخرى لافتراء الأحاديث تحمل الثقافات الدينية المنتشرة والسائدة ، لذا تضاعف عدد الأحاديث منذ القرن الثالث الهجرى ، مع إتساع دخول القاعدة العريضة الى (الاسلام ) فى نفس التوقيت .

6 ـ  ومن وقتها بدأ معروفا تقسيم (المسلمين ) الى شيعة وسُنّة و صوفية ، ولكل منهم أئمته وأسفاره المقدسة . ومع إختلافاتهم فى كل شىء إلا أنهم يتفقون فى عداء الاسلام الحق وفى إتخاذ القرآن مهجورا .

 7 ـ والله جل وعلا يجعل التفرق ملمحا اساسا من ملامح الكفر والشرك العقيدى ، قال جل وعلا يأمر المؤمنين بالاعتصام بالقرآن الكريم وحده ( حبل الله ) وينهاهم عن التفرق فى الدين : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا )(103) آل عمران )  ثم ينهاهم ثانيا عن التفرق فى الدين كما حدث لأهل الكتاب من قبلهم : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) آل عمران ). وقال جل وعلا أيضا يأمرهم بإتباع القرآن الكريم الصراط المستقيم وينهاهم عن إتباع السُّبُل :  (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الانعام  ) . وقال جل وعلا ينهاهم عن الشرك وأنه التفرق فى الدين : (  وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)  الروم  ) . وقال جل وعلا لرسوله بالبراءة ممّن فرّق دينه :  ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) الانعام  ). الرسول محمد عليه السلام برىء من أولئك الذين فرقوا دينهم الى سنة و شيعة وصوفية وإتخذوا القرآن مهجورا . الرسول محمد عليه السلام برىء من أولئك ( المحمديين ) .!!

أخيرا

1 ـ إستشهدنا بهذه الآيات الكريمة لصلتها الوثيقة بموضوع الحج لدى المحمديين . ففى العصور الوسطى كان الحجاج ينقسمون شيعا وأحزابا ، ليس فقط بين السنة والشيعة والصوفية ، وليس فقط بين حجاج بلد كذا وبلد كذا ، ولكن على مستوى المذاهب . فقد كان للحجاج الشافعية إمام وللمالكية إمام وللحنفية إمام وللحنابلة إمام ، ويصلى أتباع كل مذهب بإمامهم حول الكعبة . وكان العداء بينهم شديدا وكان الخلاف بينهم حول هيئات الصلاة مثل رفع اليد عند التكبير أو وضع اليد أو عدم وضعها ، أو رفع الصوت بالبسملة أو عدم قولها .. وبالتالى كانت مناسك الحج مناسبة للجدل الفقهى مع أن الجدال محرم فى الحج . نقصد الحج فى الاسلام وليس فى أديانهم الأرضية .

2 ـ وليس ما يحدث اليوم منفصلا عن الأمس . الأسرة السعودية تسيطر على البيت الحرام  وتفرض إتاوة على من يحج ، والايرانيون غاضبون من هذا بسبب المنافسة السياسية ، ولقد تحول الحج والبيت الحرام الى ساحة للصراع السياسى على هامش المعارك الحربية بين السنة والشيعة من اليمن الى الشام والعراق وووو..

لمحات من هجص الامام مالك فى (الموطأ )
( هجص ) تعبير مصرى ساخر ، يدل على معانى مركبة ، فى الكلام الذى يُقصد به أن يكون محترما وهو فى الحقيقة ( هجص ) أى كلام متخم بالخرافة والافتراء و مستحق للسخرية والاستهزاء . لذا يقول المصريون عن الشخص المشهور بالكلام (الفارغ ) إنه ( هجّاص ) ، يعنى يتكلم فى موضوعات جادة بكلام ساقط لا يُعتدُّ به . وإذا كانت شريعة الاسلام فى القرآن الكريم قمة الحضارة ومستحقة للتقديس فإن أئمة الأديان الأرضية من ( المسلمين ) أسسوا لهم شريعة أرضية يضاهئون بها شريعة الرحمن ، ومن أجلها يحكمون على تشريعات الرحمن بالحذف والإلغاء والتعطيل بزعم ( النسخ ) مع أن النسخ قرآنيا وعربيا يعنى الإثبات والكتابة وليس الحذف والإبطال والالغاء . ولنا كتاب منشور
more