رقم ( 5 )
الفصل الرابع : من أنواع الاسترقاق فى العصور الوسطى

الفصل الرابع  : من أنواع الاسترقاق فى العصور الوسطى

ملك اليمين فى الغناء :

مقدمة

1 ـ بالاضافة الى التجنيد كانت لملك اليمين مهام أخرى فى المتعة وفى الخدمة . وفى عصرنا ـ المُتخم بالوان التسلية ومختلف الفنون البصرية والسمعية والعقلية ـ يتمتع المطربون بالشهرة اكثر من العلماء الذين بهم تتقدم الانسانية فى الاختراع والاكتشاف . فى العصرين الأموى والعباسى كان الغناء مع الشعر أهم أنواع التسلية والمُتع ، لم يوجد تليفزيزن ولا صحف ولا انترنت . لذا إشتهرت الجوارى القيان الحسناوات الحاذقات بالغناء وإستعمال الآلات الموسيقية . ووجدن طريقهن الى التسجيل فى كتب الأدب وكتب التاريخ أيضا . ونعطى تفصيلات عن الجوارى القينات أو القيان المغنيات .

مقالات متعلقة :

أولا : جدل حول الغناء والقينات

1 ـ ووقف الفقهاء المتزمتون ضد هذا ، وتصدى لهم المفكرون الليبراليون كالجاحظ ، وقد  عرضنا لرسالته فى ( القيان ) ، وفيها يستشهد بأعلام التابعين الذين يقدسهم الفقهاء المتزمتون ، يقول ( وسمع يزيد بن معاوية الغناء‏.‏ واتَّخذ يزيد بن عبد الملك " حبابة " و" سلاَّمة " ، وأدخل الرجال عليهنَّ للسَّماع ، فقال الشاعر :

 إذا ما حنَّ مزهرها إليها  وحنَّتْ  دونه أُذن الكرامِ

وأصغوا نحوه الآذان حتَّى   كأنّهم وما ناموا نيامِ

وقال في سلاَّمة‏:‏

ألم ترها والله يكفيك شرَّها إذا  طرَّبتْ في صوتها كيف تصنعُ

تردُّ نظام القول حتَّى تردَّه       إلى صُلصُلٍ من حلقها يترجَّعُ .

وكان يسمع فإذا طرب شقَّ برُده ثم يقول‏:‏ أطير‏!‏ فتقول حبابة‏:‏ لا تطير فإنَّ بنا إليك حاجة‏.‏

ثم كان الوليد بن يزيد المتقدِّم في اللَّهو والغزل . والملوك بعد ذلك يسلكون على هذا المنهاج وعلى هذا السبيل الأوّل‏.‏ وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قبل أن تناله الخلافة يتغنَّى‏.‏ فممّا يعرف من غنائه‏:‏ أمَّا صاحبيَّ      نزُرْ سعادا

 لقرب مزارها  ودعا البعادا

وله‏:‏ عاود القلب سعادا   فقلا الطَّرف السُّهادا

ولا نرى بالغناء بأساً إذا كان أصله شعراً مكسوّاً نغماً‏:‏ فما كان منه صدقاً فحسنٌ وما كان منه كذباً فقبيح‏.‏ ) ‏.

2 ـ ولقد إستنكر المعارضون السياسيون للأموييين مجون بعض الخلفاء ، فأنكروا على ( يزيد بن معاوية ) كما أنكروا على ( يزيد بن عبد الملك ) تعلقه بالجاريتين المغنيتين ( حبابة وسلامة )  ، وكانت قد وصلتا إلى النهاية في الشهرة فى الحجاز ، فبعث الخليفة من اشتراهما له ، وسافرت سلامة إلى دمشق وحظيت مع حبابة لدى الخليفة الشاب ، وبينما ماتت حبابة في عهد الخليفة فإن سلامة عاشت بعده ، ويذكر المؤرخون أن الخليفة الأموي  اشترى سلامة من مولاها بعشرين ألف دينار.  وهو يجلس بين الجاريتين المشهورتين سلامة وحبابة ، وهما تغنيان له وتسقيانه الخمر ، فكان إذا غلبه السكر يقول : أريد أن أطير ، ويلقي بنفسه في بركة ماء أو حمام السباحة ، وانتشرت هذه الأخبار عن الخليفة في أرجاء الدولة الأموية ، واستغلها أعداء الدولة في الدعاية ضدها ، فكان أبو حمزة الخارجي الثائر على الأمويين يخطب في مكة ويقول عن الخليفة يزيد بن عبد الملك "أنه أجلس حبابة عن يمينه وسلامة عن يساره ، ثم قال: أريد أن أطير ، فطار إلى لعنة الله وأليم عذابه". ويذكر المؤرخون أن ابن الخليفة يزيد بن عبد الملك قد تولى الخلافة بعد عمه سليمان ، وذلك الابن الذي تولى الخلافة اسمه الوليد بن يزيد ، وكان مثل أبيه في حب المجون حتى أنهم ثاروا عليه وقتلوه ، ويذكر الطبري في تاريخه أنهم اتهموه بأنه كانت له علاقة شائنة بجواري أبيه ، ويذكر المؤرخ الصفدي أنهم اتهموه بأن له علاقة بسلامة.  

3 ـ مع هذا كان المجون بسيطا فى العصر الأموى ، لأن الخلفاء كانوا عربا حديثى عهد بالحضارة المترفة ، فلما جاء العصر العباسى بالنفوذ الفارسى والحضارة الفارسية ومعها هامش من الحضارة الرومانية تنوعت فنون الترف وتعدت المتعة الجنسية الى المتعة العقلية والفكرية . ولم يعد الجمال هو الشرط الوحيد للجارية ، بل يزيد فى قيمتها إقتران الجمال بالصوت المُطرب والمهارة فى الموسيقى وإستعمال الآلات الموسيقية ، مع الثقافة المتنوعة فى العلم بالأدب وإنشاد الشعر ، وفنّ المحادثة ( اللباقة / الأتيكيت ) بل ومعرفة علوم الحديث والفقه . وكلما زاد علمها وزادت ثقافتها وجمالها ولباقتها زاد سعرها وإرتفعت قيمتها ، ووجدت طريقها سريعا الى قصر الخليفة العباسى ..وفراشه ايضا . وابراهيم الموصلى ت 188 الذى عاصر الرشيد ونال جوائزه ، تخصص فى شراء الجوارى ثم تعليمهن ثم كان يبيعهن بأعلى سعر للخليفة وكبار القوم . وعند موته ترك أربعة وعشرين ألف ألف درهم ‏.‏  وتوارث ابنه إسحاق هذه التجارة .

ثانيا : تراجع الانكار الفقهى عن الغناء والقيان بمرور القرون

1 ـ وترتب على هذا التطور ( العباسى ) المزيد من شهرة الجوارى والمزيد من تخلف الحرائر ، كما ترتب عليه بمرور الزمن تراجع الانكار الحنبلى على الغناء وفيما يخص التعامل مع الجوارى. وقد  شهدنا رد الجاحظ على المتزمتين فى القرن الثالث ، حتى إذا جئنا للقرن السادس وجدنا الفقيه المؤرخ المحدث الحنبلى ( ابن الجوزى ت 597 ) يعتنى بالتأريخ للجوارى ، بل ويؤتى بأخبار لم يسجلها الطبرى فى القرن الثالث .

2 ـ ونقرأ فى تاريخ المنتظم فى عام سنة 73  : ( كان عبد الملك ( يعنى الخليفة عبد الملك بن مروان ـ وهو الذى أعاد إقامة الدولة الأموية وأكّد سلطانها ) يجلس في كل أسبوع يومين جلوسًا عامًا ( أى للنظر فى شكاوى الناس ) فبينا هو جالس في مستشرف له ( يعنى بلكونة ) وقد أدخلت عليه القصص ( أى الشكاوى ) إذ وقعت في يده قصة غير مترجمة ( يعنى  شكوى لم يكتب صاحبها اسمه فيها ) فيها‏:‏ " إن رأى أمير المؤمنين أن يأمرجاريته تغنينى  ثلاثة أصوات ( يعنى ثلاثة ألحان ) ثم ينفذ فىّ ما يشاء من حكمه."  فاستشاط ( عبد الملك ) من ذلك غضبًا ، وقال‏:‏ " يا رباح ( صاحب الشرطة ) عليّ  بصاحب هذه القصة."  فخرج الناس جميعًا، وأدخل عليه غلام كما أعذر ( يعنى حديث العمر ـ مراهق ) كأهنأ الصبيان وأحسنهم ، فقال له عبد الملك‏:‏ يا غلام هذه قصتك ؟ ( أى هذه شكواك ؟ ) قال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين . قال‏:‏ وما الذي غرك مني ؟ ( أى جعلك جريئا على سلطانى ) والله لأمثلن بك ( أى لأجعلنك أمثولة يرتدع بها الاخرون ) ولأردعن بك نظرائك من أهل الجسارة، عليّ بالجارية.  فجيء بجارية كأنها فلقة قمر وبيدها عود. فطرح ( أى وضعوا  ) لها كرسي وجلست، فقال عبد الملك‏:‏ مرها يا غلام ، فقال‏:‏ غني لي يا جارية بشعر قيس بن ذريح‏:‏

لقد كنت حسب النفس لو دام أو دنا          ولكنما الدنيا متاع غرور

وكنا جميعًا قبل أن يظهر الهوى            بأنعم حالي غبطة وسرور

فما برح الواشون حتى بدت لنا             بطون الهوى مقلوبة بظهور

فغنته وأجادت ،  فخرج الغلام من جميع ما كان عليه من الثياب تخريقًا ( أى قام بتقطيع ثيابه من شدة النشوة ) ، ثم قال له عبد الملك‏:‏ مرها تغنيك الصوت الثاني ، فقال‏:‏ غني بشعر جميل‏ ( وهو جميل بن معمر بن الحارث بن ظبيان ، الذى اشتهر بحب بثينة ، وقد كان شاعرا وهب شعره فى حب بثينة ، ومات سنة 65 ):‏

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة                  بوادي القرى إني إذًا لسعيد

إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي                   من الحب قالت ثابت ويزيد

وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به         مع الناس قالت ذاك منك بعيد

فلا أنا مردود بما جئت طالبًا                ولا حبها فيما     يبيد      يبيد

يموت الهوى منى إذا ما  لقيتها            ويحيا إذا فارقتها         فيعود

فغنته الجارية.  وسقط مغشيًا عليه ساعة ثم أفاق ،  فقال له عبد الملك‏:‏ مرها فلتغنك الصوت الثالث‏.‏

فقال‏:‏ يا جارية غني بشعر قيس بن الملوح‏:‏

وفي الجيرة الغادين من بطن وجزة              غزال غضيض المقلتين ربيب

فلا تحسبي أن الغريب الذب نأى                  ولكن من تنأين عنه غريب

فغنته الجارية، فطرح ( أى ألقى ) الغلام نفسه من المستشرف ( الشرفة / البلكونة ) فلم يصل إلى الأرض حتى تقطع‏.‏

فقال عبد الملك‏:‏ ويحه لقد عجل على نفسه ولقد كان تقديري فيه غير الذي فعل.  وأمر فأخرجت الجارية من قصره . ثم سأل عن الغلام فقالوا‏:‏ غريب لا يعرف إلا أنه منذ ثلاث ينادي في السوق ويده على رأسه‏:‏

غدًا يكثر الباكون منا ومنكم     وتزداد داري من دياركم بعدا) . إنتهى .

  3 ـ هذه القصة الرائعة فى رومانسيتها هى كاذبة ولم تحدث . لقد كان ابن الجوزى من كبار الوعاظ ومن كبار القصّاصين الذين يخترعون الحكايات. ومفردات هذه القصة من الطرب المجنون أو (الوجد ) والموت عند سماع الأغانى  و تقطيع الثياب عند الغناء لم يكن معروفا فى العصر الأموى ، ولكنه انتشر فى القصص اللاحقة فى كتب الصوفية وخصوصا احياء علوم الدين للغزالى.  وأصبح تقطيع الثياب بحجة الطرب الشديد ـ أى الوجد الصوفى ـ عادة فى أواخر العصر العباسى منذ حياة ابن الجوزى فى القرن السادس الهجرى الى أن استشرت فى العصر المملوكى فى القرن السابع وما بعده. ابن الجوزى فى كتابه ( تلبيس ابليس ) عاب على الصوفية فى عهده اختراعهم لتقطيع الثياب عند سماعهم للأغانى, أى لم يكن ذلك معروفا من قبل.المهم أنه اخترع اسنادا لهذه الحكاية الخيالية ، أى قال : حدثنى فلان عن فلان عن فلان.. وأتى بهذه القصة الخيالية التى لم يذكرها المؤرخون السابقون لابن الجوزى. لم يذكرها ابن سعد فى الطبقات الكبرى ولا  الطبرى مما يدل على أنه اخترعها ونسبها كذبا لرواة موتى ماتوا دون ان يعرفوا ما اسنده اليهم ابن الجوزى فيما بعد . وكما كان ابن الجوزى يكذب فى الأحاديث فهو يكذب فى التاريخ. ولكن مع كذب ابن الجوزى فى هذه الرواية ومع إختراعه لها فإنه كان صادقا فى التعبير عن ثقافة عصره . اصبح عصره متعلقا بالجوارى القينات ، لا يرى بأسا من أن ينتحر عاشق لهن ، ولا يرى بأسا بأن يتعاطف مع هذا الفتى الولهان خليفة حجرى الفؤاد غليظ القلب سفّاك للدماء مثل عبد الملك بن مروان . صاغ الفقيه الحنبلى ابن الجوزى هذه الحكاية الخيالية وسجلها فى تاريخه على أنه واقعة تاريخية ، وهو بذلك صادق فى التعبير عن ثقافة عصره ونظرته الى الجوارى .

4 ـ وللمزيد من رصد هذا التحول فى النظرة للقيان فإننا لن نستشهد بروايات أبى الفرج الأصفهانى فى كتابه المشهور ( الأغانى ) وهو العمدة فى موضوعه ، ونرى أنه أكثر صدقا من كثير من المصادر التاريخية ، ومنها ( المنتظم لابن الجوزى ) . سنستشهد بتاريخ المنتظم لابن الجوزى ، مع وجود الشك فى رواياته لأن رواياته تعبر بصدق هائل عن ثقافة القرن السادس الهجرى .

القيان فى عصر الرشيد :

1 ـ كانت هناك صداقة متينة بين جعفر البرمكى  وإبراهيم الموصلي وابنه اسحق. وحدث- كما يروى ابن الجوزى- أن جعفر البرمكى أدى فريضة الحج مع الخليفة هارون الرشيد,وذهب معه إبراهيم الموصلي , وكانت المدينة المنورة مشهورة في ذلك الوقت بالجواري الممتازات في العزف والغناء, وقد طلب جعفر من إبراهيم الموصلي أن يعثر له على جارية غاية في الحذق بالغناء والعزف والظرف والجمال..ونزل إبراهيم الموصلي إلى سوق الجواري فى المدينة المنورة وسأل وعرف من السماسرة أن هناك مطلبه, ولكن ليست معروضة في السوق وإنما هي في بيت صاحبها الذي يحتاج إلى بيعها بسبب ظروف فقر طارئ. ودخل إبراهيم الموصلي على الرجل في داره فرأى آثار النعمة .. وخرجت إليه الجارية فلم ير إبراهيم الموصلي أجمل منها ولا أصبح وجها, ثم أمرها سيدها فغنت من الحان إبراهيم الموصلي فرآها إبراهيم ممتازة في الغناء والعزف,ثم ساوم إبراهيم صاحبها في شرائها, فطلب منه الرجل أربعين ألف دينار, فرضى إبراهيم الموصلي على شرط أن يعطيه مهلة للتفكير, واتفقا على ذلك, ثم عاد إبراهيم إلى الوزير جعفر البرمكى وأخبره بالخبر ومدح له الجارية حتى ازداد جعفر بها شغفا, وصحبه جعفر إلى البيت مستخفيا كأنه أحد الخدم .. ومعهما المال , فأعطى إبراهيم المال لصاحب الجارية, وحين علمت الجارية بكت, فاعتذر لها سيدها بالفقر.. فانخرطت في بكاء أشد وهى تقول له إنها لو ملكت الدنيا وما فيها في نظير أن تفارقه ما تركته, وبكى الرجل,وأعلن أمام الحاضرين أنها حرة وأنه قد تزوجها وأعطاها داره صداقا ومهرا.. وضاعت الصفقة .

2 ـ  تعددت الأسباب في نكبة البرامكة في عهد الرشيد.ويقال إن من ضمن الأسباب أن الخليفة هارون الرشيد طمع في الجارية فتينة التي كانت في  ملك جعفر البرمكى, وكانت مشهورة بالجمال وحسن الصوت ولكن فوجىء الرشيد برفض جعفر التنازل عنها للخليفة فغضب، وكان ذلك من أسباب نكبة جعفر وآله من البرامكة. يؤيد هذا الرأى  أن هارون الرشيد كان مشهورا بحب امتلاك الجوارى اللاتى يملكهن غيره ، ولا يرضى حتى ينتزع الجارية من صاحبها ليستحوذ عليها الرشيد وحده!..ولقد ذكرنا فى مقال سابق كيف أن الجارية ( فتينة ) بعد قتل الرشيد لجعفر وإستيلاء الرشيد عليها أنها رفضت أن تغنى للرشيد ، وحين غنت مضطرة  قامت برثاء حبيبها جعفر تحديا للرشيد ، فقتلها الرشيد .

3 ـ كان ( زلزل ) ت 174 ، يمتلك جارية تعلمت الغناء ، وكان اسحاق بن ابراهيم الموصلى  يريدها ويستحى من زلزل ، فلما مات زلزل عام 174 عرض الورثة الجوارى للبيع ، ورآها اسحاق الموصلى فرصة فذهب ليشتريها ، يقول الموصلى ( فلما توفي زلزل بلغني أن ورثته يعرضون الجارية ، فصرت إليهم فأخرجوها ، فإذا هي جارية كاد الهزال يكويها لولا ما تم منها ونقص منه ، فقلت لها‏:‏ غنّي فغنَّت وعيناها تذرفان ،  ثم شهقت ظننت أن نفسها قد خرجت ‏.‏ فركبت من ساعتي فدخلت على أمير المؤمنين  ( الرشيد ) فأخبرته خبرها فأمر بإحضارها ، فلما دخلت عليه قال‏:‏ غنّي ‏.‏فغنَّت وجعلت تريد البكاء فتمنعها هيبة أمير المؤمنين ، فرحمها وأعجب بها.  وقال‏:‏ أتحبين أن أشتريك فقالت‏:‏ " يا سيدي أما إذ خيرتني فقد وجب نصحك عليّ والله لا يشتريني أحد بعد زلزل فينتفع بي  . " ‏.‏ فأمر بشرائها وأعتقها وأجرى عليها رزقًا ‏.‏ )  

4 ـ (  قال ابن الموصلي‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ أتيت يحيى بن خالد بن برمك فشكوت إليه ضيقة فقال‏:‏ ويحك‏!‏ ما أصنِع بك ليس عندنا في هذا الوقت شيء ولكن ها هنا أمر أدلك عليه فكن فيه رجلًا قد جاءني خليفة صاحب مصر يسألني أن أستهدي صاحبه شيئًَا وقد أبيت ذلك فألح عليّ وقد بلغني أنك أعطيت بجاريتك فلانة آلاف دنانير فهو ذا أستهديه إياها وأخبره أنها قد أعجبتني فإياك أن تنقصها من ثلاثين ألف دينار وانظر كيف يكون ‏.‏قال‏:‏ فوالله ما شعرت إلا بالرجل قد وافاني فساومني بالجارية ‏.‏فقلت‏:‏ لا أنقصها من ثلاثين ألف دينار فلم يزل يساومني حتى بذل لي عشرين ألف دينار فلما سمعتها ضعف قلبي عن ردها فبعتها وقبضت العشرين ألفًا وصرت إلى يحيى بن خالد فقال لي‏:‏ كيف صنعت في بيع جاريتك ‏.‏فأخبرته وقلت‏:‏ والله ما ملكت نفسي أن أجبت إلى العشرين ألفًا حين سمعتها ‏.‏فقال‏:‏ إنك لخسيس وهذا خليفة فارس قد جاءني في مثل هذا فخذ جاريتك فإذا ساومك بها فلا تنقصها من خمسين ألف دينار فإنه لا بد أن يشتريها منك بذلك ‏.‏قال‏:‏ فجاءني الرجل فأسمت عليه خمسين ألف دينار فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار فضعف قلبي عن ردها ولم أصدق بها فأوجبتها له بها ثم صرت إلى يحيى بن خالد فقال لي‏:‏ بكم بعت الجارية ‏.‏فأخبرته فقال‏:‏ ويحك‏!‏ أما تؤدبك الأولى عن الثانية ‏.‏قلت‏:‏ والله ضعف قلبي عن رد شيء لم أطمع فيه ‏.‏فقال‏:‏ هذه جاريتك فخذها إليك ‏.‏قال‏:‏ جارية أفدت بها خمسين ألف دينار ثم أملكها أشهدك أنها حرة وأني قد تزوجتها ‏.‏ )

5 ـ عن ثقافة الجوارى نقرأ رواية الأصمعي قال‏:‏  ( أمر الرشيد بحملي إليه فحملت فأدخلني عليه الفضل بن الربيع وهو منفرد فسلمت فاستدناني وأمرني بالجلوس فجلست فقال لي‏:‏ يا عبد الملك وجهت إليك بسبب جاريتين أهديتا إليَّ وقد أخذتا طرفًا من الأدب فأحببت أن تُبَوِّر ما عندهما وأن تشير عليَ فيهما بما هو الصواب عندك ثم قال‏:‏ ليُمْضَ إلى عاتكة فيقال لها‏:‏ أحضري الجاريتين فحضرت جاريتان ما رأيت مثلهما قط فقلت لإحداهما‏:‏ ما اسمك قالت‏:‏ فلانة ‏.‏قلت‏:‏ ما عندك من العلم قالت‏:‏ ما أمر الله به في كتابه ثم ما ينظر الناس فيه من الأشعار والآداب والأخبار فسألتها عن حرف من القرآن فأجابتني كأنها تقرأ الجواب من كتاب وسألتها عن النحو والعروض والأخَبار فما قصرت فقلت‏:‏ بارك الله فيك فما قصرت في جوابي في كل فن أخذت فيه فإن كنت تقرضين شيئًا من الشعر فأنشدينا شيئًا فاندفعتَ في هذا الشعر‏:‏ يا غياث العباد في كل محل ما يريد العباد إلا رضاكا لا ومن شرف الإمام وأعلى ما أطاع الإله عبد عصاكا ومرت في الشعر إلى آخره ‏.‏فقلت‏:‏ يا أمير المؤمنين ما رأيت امرأة في مسك رجل مثلها وسألت الأخرى فوجدتها دونها ما تبلغ منزلتها ‏.‏إلا أنها إن وُوُظِبَ عليها لحقت ‏.‏قال‏:‏ يا عباسي فقال الفضل‏:‏ لبيك يا أمير المؤمنين فقال‏:‏ ليردا إلى عاتكة ويقال لها تصنع هذه التي وصفت بالكمال لتحمل إلي الليلة ‏.‏) وأمضى الاصمعى ليلة فى تسلية الرشيد ، وأمر الرشيد بمكافأته ، يقول ( فقال‏:‏ يا عباسي أعط عبد الملك مائة ألف درهم وردّه إلى مدينة السلام فانصرفت فإذا خادم يحمل شيئًا ومعه جارية تحمل شيئًا فقال‏:‏ أنا رسول بنتك - يعني الجارية التي وصفتها - وهذه جاريتها وهي تقرأ عليك السلام وتقول لك‏:‏ إن أمير المؤمنين أمر لي بمال وثياب وهذا نصيبك منهما ‏.‏فإذا المال ألف دينار وهي تقول‏:‏ لن نخليك من المواصلة بالبر فلم تزل تتعهدني بالبر الواسع حتى كانت فتنة محمد فانقطعت أخبارها عني ‏.‏وأمر لي الفضل ابن الربيع من ماله بعشرة آلاف درهم ‏.‏  ) 

 

التعليقات (1)

1   تعليق بواسطة  الشيخ احمد درامى     في   الإثنين 15 اغسطس 2016

[82845]

ما زال هناك يا أستاذي رأي يفرض نفسه عليّ وهو حرمة شراء الجواري للامتلاك على المؤمنين. لأنني أضع المنتج والمستهلك في نفس سلة. لوجود العلاقة الجدلية بينهما. أي لولا الإنتاج لما يوجد الاستهلاك؛ ولولا الاستهلاك لتوقف الإنتاج. وهي العلاقة بين العرض والطلب. ينطلق الأمر من العرض، لكنه ويستمر ويدوم بالطلب.قد يطلب مشتر (مثلا) جارية بمواصفات معية، وعرض لها ثمنا طائلا. فإن لم يكن في حوزة البائع جارية تلبي بالمطلوب، قد يذهب لطابها. وقد يقطفها من ذويها. وبذلك يكون شراء السلعة سببا في توريد مزيد منها.

فالمشتري شريك البائع في الصفقة. فحرمة تجارة البشر تقع على البائع والمشتري بالسوية. وأرى حرمة ذلك على المؤمنين.لا يجوز للمؤمن أن يتخذ عبدا من عباد الله عبدا لنفسه. ويجعل نفسه شريك الله سبحانه وتعالى في عبده. وعليه، لا يجوز للمؤمن شراء عبد إلا لسبب واحد فقط. العتق.ولا يجوز له شراء أمة إلا لسببين اثنين فقط: العتق، أو التزوج بها من الوطء "بملك يمين" فديننا هذا جاء رحمة للعالمين. ينتفع برحمته الدنيوية المؤمن والكافر. وهكذا أمر، جل وعلا، بتحرير رقبة مؤمنة حينا، أو غير مؤمنة حينا آخر.أما قضية إضمار " إلا ما قد سلف" عند تحرم ملك اليمين، فلأنني أعتبرها قاعدة قرآنية في التحريم. لقد تعلمت منك يا أستاذ أحمد دروسا أصولية قيمة جدا للغاية؛ وتمكنت بها حل قضايا شرعية كثيرة كانت تؤرقني. ومن بين تلك الدروس، الدرس التالي وهو:" أن الأحكام الشرعية تخضع لقواعد التشريع، وقواعد التشريع تخضع لمقاصد الشرع."

فبمنظار هذه القاعدة القيمة ارتأى لي أن عبارة: " إلا ما قد سلف" قاعدة من قواعد التحريم في القرآن. فإذا فُهمت فلا الداعي لتكرارها في كل مرة. مثل قاعدة: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد...) وهي من قواعد تحريم الأطعمة.وقد وردت في تحريم أكل الميتة والدم ولحم الخنزير. غير أنها تتعداها وتحلّ لمضطر غير باغ ولا عاد قبول طعام مسروق، مع سبق العلم. أو شرب ماء مسروق، أو تداوي بثمن المخدرات، أو بمال من السحت قدمه إياه أخ أو عم له مثلا. إذن فالقاعدة لها تطبيقات تتعدى القضايا الثلاثة التي وردت لمعالجتها. القاعدة إذن لعموم دلالاتها وليس لخصوص مناسبة النزول.  والله أعلم

بالنسبة لتحريم السبي والرق في القرآن:

ربنا سبحانه وتعالى قصص، في كتابه العزيز، سورة كاملة لإدانة الذين يبغون في الأرض بغير الحق، ويغيرون على الناس صبحا ويقتلون الرجال ثم يجمعون في وسط القرية المنكوبة جمعا من السبايا للقسمة.(فالمغيرات صبحا؛ فأثرن به نقعا؛ فوسطن به جمعا.) ثم أضاف، جل وعلا، مؤكدا: (إن الإنسان لربه لكنود! وإنه على ذلك لشهيد! وإنه لحب الخير لشديد.). أي لحب المالتدبروا معي السورة:

( والعاديات ضبحا؛ فالموريات قدحا؛ فالمغيرات صبحا؛ فأثرن به نقعا؛ فوسطن به جمعا. إن الإنسان لربه لكنود! وإنه على ذلك لشهيد! وإنه لحب الخير لشديد.... أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور، إن ربهم بهم يومئذ لخبير.)أي يفضحهم ويخبرهم أو، بالتعبير القرآني، ينبئهم بمغبة ما كانوا يعملون.  صدق الله العظيم. 

 

 

 

 

 

 

 

ملك اليمين فى فراش السلطان

مقدمة

قام الفقه بتشريع السبى ، واصبح الجوارى والرقيق ظاهرة طاغية فى عصر التدوين ـ العصر العباسى ـ سواء كان تدوينا فى التشريع أو الأدب أو التاريخ . وبينما توارت ـ تحت الحجاب  ثم النقاب ــ الحرائر من النساء فقد إلتفت التدوين الفقهى والأدبى والتاريخى للجوارى . ومن الطريف أن التأريخ للعصر العباسى أهمل ذكر أميرات الدولة العباسية الحرائر ، من بنات الخليفة وأخواته وعماته ، بل ومعظم أفراد البيت العباسى من الذكور بينما أفسح صفحاته لحظايا الخليفة من الجوارى اللائى فتحن سيقانهن له فى سرير العشق فانفتح الطريق لهن للتحكم فى سرير العرش . نبدا بهنّ فى فراش السلطان  ، ثم بعده فى أريكة الحكم والسلطان . وطبقا لمنهجنا فهى لمحة كاشفة ، تفتح الطريق لدراسات تالية أكثر تعمقا .

 1 ـ تبدأ الدولة بملوك أشداء يوطدون سلطانهم ولا وقت لديهم للحب وإنما للقتل والعزل وسفك الدماء ، ثم تتوطد أركان الدولة ويأتي ملوك يجدون الوقت للحب واللعب وسماع الغناء واللهو والمجونينطبق ذلك على كل الدول التي قامت في التاريخ بغض النظر عن اللافتة التي ترفعها سواء كانت الإمبراطورية الفارسية أو البيزنطية أو الخلافة الأموية  والخلافة العباسية والفاطمية والعثمانية !! الجميع كانوا يهدفون للحكم والسيطرة ويتصارعون على حطام الدنيا  وشهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة  والخيل المسومة والأنعام والحرث . وإن كان مؤسس الدولة لم يجد الوقت للتمتع بشهوات الدنيا فإنه كان يدخر ذلك لأحفاده الذين اتسع وقتهم للنساء والمجون.

2 ـ بعد تأسيس الدولة الأموية على يد معاوية ثم مروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان جاء الخلفاء الماجنون من بني عبد الملك ، وقد اشتهروا بالفسق والعصيان ،  وكان منهم يزيد بن الوليد والوليد بن يزيد.كان الوليد بن يزيد "فاسقاً شريباً للخمر  منتهكاً حرمات الله  أراد الحج ليشرب الخمر فوق ظهر الكعبة،" ولما قتلوه وجئ برأسه لأخيه  سليمان قال : أشهد أنه كان شروباً للخمر ماجناً فاسقاً  ولقد راودني على نفسي. !! . واتهموه بالاتصال الجنسي بأمهات أولاد أبيه ، أي أنه نكح ما نكح أبوه  وهن من المحرمات عليه.

3 ـ  وأسس الخلافة العباسية  الخليفة ( السفاح ) ثم توطدت في خلافة المنصور بعد مقتل مئات الألوف . واستقرت أمورها في عصر المهدي  الذي قتل آلاف المعارضين بتهمة الزندقة والردة.وجاء ابنه الخليفة الهادي  فاتسع وقته للتمتع بالنساء. وفي ذلك الوقت راجت تجارة الجواري وتعليمهن الغناء والطرب بالعود وتثقيفهن بالشعر  والأدب واللباقة في الحديث  والمسامرة ، وتخصص بعضهم مثل إسحاق وأبيه ابراهيم الموصلي  في شراء الجواري الحسان  الساذجات بالرخيص من المال  ثم تعليمهن وتثقيفهن ثم بيعهن لقصر الخلافة  بأضعاف أضعاف ثمنهن . وكان الخليفة يختبر البضاعة جسدا وعقلاً، ثم إذا أعجبه جمالها  وراقه حديثها اشتراها ولا يبالي بالثمن.

 4 ـ  وحدث أن المهدي عرضوا عليه الخيزران وكانت رائعة الجمال ، وبعد أن فحص جسدها فلم يعجب بساقيها ، فقال لها: يا جارية إنكِ لعلى غاية المُنى والجمال لولا دقة ساقيك وحموشتهما – أي خشونة جلدهما – فقالت له : يا أمير المؤمنين إنك حين تكون أحوج إليهما  لا تراهما.. !! فأعجبه جوابها ، واشتراها وحظيت عنده ، وولدت له الهادي والرشيد ، وكلاهما تولى الخلافة.

وحين تولى الهادي الخلافة استولت على قلبه إحدى جواريه واسمها غادر ، وقد خطر للخليفة الهادى  أنه سيموت ويتركها ويأخذها من بعده أخوه  هارون (الرشيد ) حين يتولى الخلافة ، وقوى هذا الخاطر في نفسه إلى درجة أنه استحلف أخاه هارون بالأيمان المغلظة من الطلاق والعتاق  والحج ماشياً حافياً ألا يأخذها بعده ، ثم استحلف الجارية نفس الأيمان المغلظة، وبعد موت الهادي طلبها الرشيد لنفسه فقالت له : كيف وقد حلفنا تلك الأيمان المغلظة ؟ فقال لها الرشيد: أنا أُكفّر عن تلك الأيمان ، وصارت له.

5 ـ هارون الرشيد اشهر الخلفاء فى الغرام بالنساء . كان للرشيد أربعة آلاف جارية من أجمل النساء ، ذكر الطبرى وابن عساكر أنه  ( كان في دار الرشيد من الجواري والحظايا وخدمهن وخدم زوجته وأخواته أربعة آلاف جارية، وأنهن حضرن يوماً بين يديه فغنته المطربات منهن فطرب جداً، وأمر بمال فنثر عليهن‏.  وكان مبلغ ما حصل لكل واحدة منهن ثلاثة آلاف درهم في ذلك اليوم ) وتقول الرواية : ( وأما الحظايا من الجوارى فكثير جداً . حتى قال بعضهم‏:‏ إنه كان في داره أربعة آلاف جارية سراري حسان‏.). 

6 ـ ومع ذلك كانت تصبو نفس الرشيد لما ليس في يده . تقول رواية فى تاريخ ( المنتظم ) : ( دخل هارون الرشيد على عمه (سليمان بن أبي جعفر المنصور) ( ت 199 )  وكان عليلًا فرأى عنده جارية تسمى ضعيفة في غاية الحسن والجمال والشكل فوقعت بقلبه فقال هارون‏:‏ هبها لي فقال‏:‏ هي لك يا أمير المؤمنين ‏. فلما أخذها مرض سليمان من شدة حبه لها فقال‏:

 أشكو إلى ذي العرش ما لاقيت من أمر الخليفة

يسع البرية عدله        ويريد ظلمي في ضعيفة "

 فبلغ ذلك هارون الرشيد فردّها عليه ‏.) طبعا بعد أن قضى أربه منها وملّ منها .

ودخل  الرشيد دار خالد البرمكي فرأى فيه جارية أعجبته وقد استوقفته الجارية وقالت له : أما لنا فيك من نصيب ؟ فقال لها : وكيف ؟ استوهبني من هذا الشيخ ، فأعطاها له  خالد البرمكي ، وكانت اسمها هيلانة.

7 ـ  ثم كان يحلو للرشيد الزنا مستخدما التشريع أو التسويغ الذى يفتريه له قاضى القضاة أبو يوسف .    وقد هوى الرشيد جارية لأبيه ( المهدى )  فامتنعت عليه وقالت له : (إن أباك قد طاف بى ) أى نام معها ، وبالتالى تحرم على أولاده ومنهم الرشيد . كانت جارية تخاف الله جل وعلا ، ولكن الرشيد لم يكن كذلك ، إذ اشتدت رغبة الرشيد فيها وبحث عن حيلة شرعية ، يتجاوز فيها قول الله جل وعلا (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22) النساء  ) . ولا ريب أن هذه الاية الكريمة يعرفها شيخ الفقه الحنفى وقاضى القضاة وقتها الفقيه أبو يوسف، ولكن أبا يوسف أفتى للخليفة الفاسق باستحلالها مستعملا أسلوب التحايل الفقهى الذى إشتهر به الفقه الحنفى . ، قال ابو يوسف للخليفة هارون الرشيد : " كيف نأخذ بشهادة جارية ؟ !، " . يعنى يجعل شهادة الجارية غير معتمدة ، ولم يأخذ بصدق شهادتها  فيما تحكيه عن نفسها أن والد الرشيد ـ قد نالها من قبل.!. أى كان أبو يوسف يعمل مُشرّعا بالزنا طبقا لما يهوى الرشيد .

ويحكي أبو يوسف نفسه أنه جئ به من بيته ليلاً إلى الخليفة الرشيد فوجد عنده عيسى بن جعفر، فقال الرشيد لأبي يوسف يستفتيه أنه طلب جارية مغنية من عيسى بن جعفر وأنه رفض أن يعطيها له ، وأنه إن لم يفعل سيقتله،  وقال عيسى أنه كان قد أقسم بالطلاق و العتاق  أنه لن يبيع هذه الجارية ولن يهبها لأحد  وأنه لا يعرف كيف يخرج من هذا القسم ، فأفتى له أبو يوسف أن يبيع للرشيد نصفها وأن يهبه النصف الآخر ، ففعل وصارت الجارية ملكاً للرشيد بالبيع وبالهبة . وأحضروها له في المجلس فلما رآها الرشيد أثاره جمالها ، وأرادها سريعا فى الفراش ، فقال الرشيد لأبي يوسف: هل من سبيل إليها الليلة ؟ . يعنى أن ينام معها فى هذه الليلة بلا إنتظار العدة ( ثلاثة أشهر ) فقال أبو يوسف إنها مملوكة ولابد من استبرائها فلابد أن تعتقها وتتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ . فأعتقها الرشيد ، وتزوجها ، ودخل بها فى ليلته . وأعطى أبا يوسف مائتي ألف درهم  وعشرين ثمناً عن الثياب ، وأرسلت له الجارية عشرة آلاف درهم!!. وقد أخطأ أبو يوسف في إفتائه للرشيد بأن ينال الجارية بعد زواجها بلا استبراء ، لأن العدة بالنسبة للمرأة لا تختلف إن كانت المرأة جارية أو حرة ، ففى كل الأحوال لا بد من مراعاة العدة حتى تتيقن من خلوها من الحمل ، ولكن كان العباسيون يملكون فقهاء الشرع  يحكمون لهم بالهوى وبغير ما أنزل الله تعالى.وقبل أن نترك هذه القصص  نشير أنه لولا الجوارى ما عرفنا إسم ( عيسى بن جعفر المنصور ) و (عيسى بن جعفر المنصور ) وهما أعمام الرشيد .!.

8 ـ  وقد جاء الخلفاء العباسيون اللاحقون من ذرية هارون الرشيد، وكان أغلبهم على شيمة الرشيد  في الغرام بملك اليمين من الجوارى سوى ابنه الأمين الذي هوى الصبيان المماليك  !! .

حفيد الرشيد وهو الخليفة الواثق  كان  مسرفا ومدمنا على الجماع. ويروى ابن الجوزى سبب موته المبكر فى شبابه ، يقول إنه إستدعى  ميخائيل الطبيب  ( فدعا به ، فدخل عليه وهو نائم في مشرفة له وعليه قطيفة خز ( حرير ) ، فوقف بين يديه فقال‏:‏ : " يا ميخائيل أبغني دواء للباه " ( القدرة الجنسية ) فقال‏:‏ " يا أمير المؤمنين بدنك ، فلا تهده بالجماع ، فإن كثرة الجماع تهد البدن ، ولا سيما إذا تكلّف الرجل ذلك ، فاتق الله في بدنك وأبق عليه ،  فليس لك من بدنك عوض . ! "  فقال له‏:‏  " لا بد منه " . ثم رفع القطيفة عنه ، فإذا بين فخذيه وصيفة ( جارية ) قد ضمها إليه ، ذكر من جمالها وهيئتها أمرًا عجيبًا.  فقال‏:‏ " من يصبر عن مثل هذه ؟ " قال‏:‏ " فإن كان ولا بد فعليك بلحم السبع . " )  . وذكر له وصفة مركبة من لحم السبع .   ‏. وأسرف الواثق فى إستعمال هذه الوصفة فمات فى ذي الحجة سنة ا232   وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة.!! .   

9 ـ وتولى بعد الواثق أخوه الخليفة المتوكل ، وكان له ـ مثل جده الرشيد ـ أربعة آلاف جارية حسناء ، ويقال أنه  استمتع بهن جميعاً ..!!وهذا ما قاله المسعودى فى تاريخه ( مروج الذهب).

10 ـ  أما الخليفة المعتضد ت 289 هـ فقد مات أيضا بسبب إفراطه في الجماع !! ومع كثرة نسائه وجواريه فقد كان يهوى جاريته دريرة ،  وقد أنشا لها بستاناً سماه البحيرة  وأنفق عليه ستين ألف دينار ، وكان يخلو فيه بمحبوبته دريرة وباقي جواريه للغناء واللهو ، فقال فيه الشاعر ابن بسام : ـ

   تـــــرك الناس في حيــرة        وتخلى في البحــــيرة

   قاعــــداً يضرب بالطـبل        علـــــى (....)  دريـــــــرة

وما بين النقط  نستحى من ذكره!!!

11 ـ والخليفة  المستعصم أخر خليفة عباسى فى بغداد ، إستحضره هولاكو . والمؤرخ الهمذاني يروى ذلك اللقاء بين هولاكو والخليفة المستعصم فى قصر الخلافة فيقول :"إن هولاكو أمر باحصاء نساء الخليفة فبلغن سبعمائة زوجة وسرية و ألف خادمة.. وتضرع له الخليفة قائلا : مُنّ علىّ بأهل حرمي اللائي لم تطلع عليهن الشمس و القمر .."أى تضرع له أن يترك له نساءه اللواتى حبسهن فى قصوره بحيث لم تكن تراهن الشمس ولا يراهن القمر. وبالطبع فقد فرقهن هولاكو على جنده وقادته، بعد ان أمر جنوده بقتل الخليفة المستعصم رفسا بالأقدام .!! لأنه عندهم أحقر من أن يقتلوه بالسيف كما يقتلون الرجال..!!

12 ـ وهذه الأخبار وغيرها أوردتها كتب التاريخ المتخصصة ، وأما ما ورد في الأغاني والعقد الفريد  وكتب الشعر عن جوارى الخلفاء  فإننا نعفُّ عن ذكره..

13 ــ ومن ملك اليمين فى سرير العشق سنتّجه اليهن فى سرير المُلك ..

 

التعليقات (1)

1   تعليق بواسطة  سعيد علي    في   الثلاثاء 16 اغسطس 2016

[82864]


قمة الانحطاط و هل بعد هذا الانحطاط من انحطاط!


تزخر كتب التاريخ في مدارس الدول العربية بتبجيل و ( تقديس ) لهارون ( الرشيد ) و أمراء بنو أمية و العباس مشفوعة أسمائهم برضي الله عنه !! الانحطاط الأكبر هو تدريس تاريخ هؤلاء و اتخاذهم أسوة حسنة ! يقص خطباء الجمع بشئ من العزة تاريخ هؤلاء و يقول : أين نحن من تاريخ هؤلاء الأبطال !! ثم يخرج المصلون وهم يحملون في آذانهم تلك الصورة الكاذبة لتصبح دينا !! و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

 

 

 

 

 

ملك اليمين :أنواع الاسترقاق : السخرة  والخازوق  

 

مقدمة :

1 ـ الاسترقاق بالغزو والخطف لم يكن النوع الوحيد . كان هناك إسترقاق مؤقت للأحرار بارهابهم وإرغامهم على العمل سخرة فى بناء مشاريع وقصور . والسخرة تعنى الإكراه على العمل بلا أجر إلا ما يقيم الأود. سادت هذه السخرة فى العصور الوسطى ،ولا تزال موجودة بصور مختلفة . فى ألمانيا النازية فى الحرب العالمية الثانية كان هتلر يستخدم الأسرى سخرة ، كما كان يفعل ستالين نفس الشىء مع الأسرى الألمان .

2 ــ وعادة ما كان يتم العمل فى السخرة تحت لهيب السياط وحفلات التعذيب . ولكن تفنن العثمانيون فى إبتداع طريقة رهيبة فى الارغام على السخرة ، هى الموت تعذيبا للضحية بالخازوق . ويرى الناس الضحية يموت ببطء معلقا بالخازوق فلا يسعهم إلا العمل وبإخلاص .

3 ــ ونعطى مثلا لاستعمال السخرة فى بناء اعظم جسر ( كوبرى ) فى البوسنة فى الدولة  العثمانية فى القرن السادس عشر .

أولا :

1 ـ الصدر الأعظم ـ الوزير الأكبر ـ فى الدولة العثمانية ، وُلد فى قرية بوسنية قرب مدينة فيشيجراد . إختطفته عصابة وبيع طفلا فى تركيا ، وفيها أصبح من الانكشارية ، وبذكائه ترقى ضابطا ثم وزيرا كبيرا .

2 ـ  ولكى يرد الجميل للمنطقة البوسنية التى ولد وعاش طفولته فيها أراد أن يبنى جسرا على نهر درينا قرب مدينة فيشجراد . فأمر اعظم معمارى عثمانيا وقتها ، وهو معمار قوجه سنان ببناء هذا الجسر ، فأنشأه ليصبح ذروة الهندسة المعمارية العثمانية، إذ يتالف من 11 قنطرة معمارية يتراوح عرضها بين 11 و 15 مترا ، ومن رصيف متعامد مع اربع قناطر على الضفة اليسرى للنهر ، ويبلغ طول الجسر 179،5 مترا .

3 ـ هذا الإنجاز الضخم الرائع كان اساسه السخرة طبقا للمعتاد وقتها. الإكراه على السخرة جاء بالقتل ببطء بالخازوق أمام الناس فى عام 1571. سجل هذا الأديب البوسنى إيفو أندريتش فى روايته الشهيرة ( جسر على نهر درينا ).

4 ـ ولد  إيفو أندريتش لعائلة صربية عام 1892 ، حين كانت الصرب والبوسنة دولة واحدة . ومات عام 1975 ، وحصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1961 . وروايته ( جسر على نهر درينا ) أعظم ما كتب ، وتُرجمت الى العديد من لغات العالم ، ونال عنها أرفع الجوائز من يوغوسلافيا . وترجمها الى العربية الدكتور سامي الدروبي ، وراجعها د . يوسف مراد . ونشرتها وزارة الثقافة والإرشاد القومي الإدارة العامة للثقافة .

5 ـ نقتطف من الرواية ما سجله المؤلف عن خوزقة ضحية أُتهم بمحاولة تخريب البناء فى جسر نهر درينا . ونعتذر مقدما عن بشاعة الوصف فى خوزقة الضحية  "راديسلاف "..

 

ثانيا  : ( ننقل من الفصل الثالث من الكتاب من ص 54 إلى ص 60  ) 

1 ـ ( ... ومن على مئذنة الجامع الرئيسي في مركز المدينة ، دوى صوت الخجا حادا واضحا ، فانتشر القلق  في صفوف الناس المتجمعين ، وما هى إلا لحظة حتى فتح باب الزريبة ، واصطف عشرة من رجال الدرك صفين يضم كل منهما خمسة ، وبينهم راديسلاف ، عاري القدمين عاري الرأس . ها هو ذا يتقدم سريعا منحنيا على عادته ، لكنه لا يباعد ساقيه ، ولا يبدو عليه أنه ينخل دقيقا . إنه يمشي بخطى قصيرة ، مشيا غريبا ، يكاد يقفز بساقيه الجريحتين قفزا ، والدم يخرج من حفر في أصابع قدميه محل الأظافر ، وهو يحمل على كتفه خازوقا طويلا أبيض حادا . ووراءه يسير مرجان ، وغجريان آخران سيساعدانه في تنفيذ الحكم . وفجأة ظهر المأمور ( لا يدري أحد من أين  نبع) ممتطيا صهوة حصانه الأحمر الضارب إلى سمرة ، وسار في طليعة هذا الموكب الذي كان عليه أن يقطع مائة خطوة حتى يصل إلى أولى السقالات .

مد الناس أعناقهم ، ونهضوا على رءوس أصابعهم ليروا الرجل الذي دبر المؤامرة ونظم المقاومة وأحدث تخريبا في البناء . فما كان أشد دهشتهم حين رأوا المظهر البائس التافه لهذا الرجل الذي كانوا يتخيلونه على صورة أخرى . ما من أحد منهم كان يعرف لماذا يتواثب الرجل هذا التواثب المضحك ، ولماذا يسير هذا السير المتقطع . فما من أحد منهم كان يرى تلك الحروق التي أحدثتها السلاسل في جسمه ، فنفذت في صدره كأحزمة كبيرة ، وغطيت الآن بقميصه وفروته المصنوعة من جلد الخروف . لذلك بدا لهم جميعا أبأس وأتفه من أن يقوم بتلك المأثرة التي تقوده الآن إلى الموت . وكان الخازوق الأبيض وحده يضفي على المشهد روعة مشئومة ، ويلفت إليه جميع الأنظار .)

2 ـ ( فلما وصلوا إلى المكان الذي تبدأ عنده أعمال ركم الأرض ، نزل المأمور عن حصانه ، وأسلم خادمه اللجام بحركة متعاظمة مسرحية ، ثم اختفى بين الآخرين في الطريق الموحل المنحدر الذي يهبط نحو الماء . وبعد قليل ، أصبح في وسع الناس أن يروهم مرة أخرى يظهرون على ذلك النظام نفسه فوق السقالات ، ويصعدون في بطء وحذر . وعلى الممرات الضيقة المصنوعة من أوتاد وألواح ، كان رجال الدرك يحيطون براديسلاف إحاطة تامة ، ويحاصرونه محاصرة كاملة ، حتى لا يقذف بنفسه إلى النهر . كانوا يسيرون على هذا النحو سيرا بطيئا ، وما زالوا يصعدون حتى وصلوا أخيرا إلى القمة . وهناك كانت تمتد فوق الماء فسحة من ألواح الخشب بحجم غرفة متوسطة ، فعلى هذا المكان ، فوق مسرح مرتفع ، وقف راديسلاف ، والمأمور، والغجر الثلاثة ، بينما ظل رجال الدرك الآخرون مبعثرين حوله خلال السقالات .)

3 ـ ( كان الناس يتحركون على السفح ويبدلون أمكنتهم . إن مائة خطوة تفصلهم عن هذه الألواح ، ففي وسعهم إذن أن يروا كل شخص وكل حركة ، ولكنهم لا يستطيعون أن يسمعوا الكلام ولا أن يميزوا التفاصيل . وكان الجمهور والعمال على الضفة اليسرى أبعد من ذلك على المسرح ثلاث مرات ، وكانوا يتحركون ما استطاعوا إلى الحركة سبيلا ، ويبذلون مزيدا من الجهد ليرهفوا السمع وينعموا النظر . غير أنهم كانوا لا يستطيعون أن يسمعوا شيئا ، حتى إن ما كانوا يرونه بدا في أول الأمر تافها لا يشوق ، لكن المشهد بلغ من الفظاعة في النهاية أنهم أشاحوا بوجوههم جميعا ، وهرع كثيرا منهم يعودون إلى بيوتهم نادمين على أنهم جاءوا . )

4 ـ ( حين أمر راديسلاف بأن يستلقي ، تردد لحظة في أو الأمر ، لكنه لم يلبث أن تقدم من المأمور دون أن ينظر إلى الدرك ، كأنهم لا وجود لهم ، تقدم من المأمور فيما يشبه المسارة ، كأنه واحد من ذويه ، وقال له بصوت خافت أصم : " ـ أسمع ، أستحلفك بحياتك و آخرتك أن تقدم لي هذا المعروف : أخرقني بحيث لا أتألم ككلب ..! " . فأنتفض المأمور ، وصرخ في وجهه كأنه يدفع عن نفسه هذه المحادثة المسرفة في المسارة : " امش أيها النصراني .. أأنت يا أيها الشجاع الذي  يخرب بناء السلطان ، تأتي فتصرع كامرأة .. سوف يتم كل شيء كما امرنا وكما استحققت  .." . فزاد راديسلاف خفض رأسه ، بينما أقترب الغجريان منه ، وأخذا ينضوان عنه فروته وقميصه . وظهرت في صدره الجروح التي أحدثتها السلاسل ، حمراء متورمة . فلم يزد الفلاح على ما قال شيئا ، بل رقد كما أمر ، متجها بوجهه إلى الأرض . ) .

5 ـ ( فتقدم الغجريان وشدا يديه إلى ظهره أولا ، ثم ربطا كل ساق بحبل ، وأخذ كل منهما يشد الحبل إلى جهته ، فتباعد ساقاه تباعدا كبيرا ، بينما كان مرجان يضع الخازوق على قطعتين قصيرتين من الخشب بحيث يصبح رأس الخازوق بين ساقي الفلاح . وبعد ذلك أخرج مرجان من جيبه سكينا عريضة قصيرة ، وركع قرب الرجل الممتد ، ومال عليه ليقطع قماش سرواله بين الفخذين ، وليوسع الفتحة التي ينفذ منها الخازوق للجسم . ومن حسن الحظ أن هذا الجزء الرهيب من عمل الجلاد لم يستطيع أن يراه المتفرجون . وإنما رأوا الجسم الموثق يرتعش تحت الطعنة السريعة القصيرة ، ويرتفع بعض الارتفاع كأنه يريد أن ينهض ، ولكنه ما لبث أن سقط فجأة ، فطرق الألواح طرقا أصم  . حتى إذا فرغ الغجري من عمله هذا   نهض واثبا ، فتناول مطرقة الخشب من الأرض ، وأخذ يدق بها الطرف الأدنى المدور من الخازوق طرقا بطيئا محسوبا . وكان يتوقف قليلا بين كل طرقة وطرقة فينظر أولا في الجسم الذي ينفذ فيه الخازوق ، وينظر ثانيا إلى الغجريين الآخرين ، فيحضهما على أن يشدا الحبلين شدا رفيقا بلا هز ، وكان جسم الفلاح يتشنج تشنجا غريزيا وقد تباعد ساقاه ، فكلما نزلت المطرقة بضربة جديدة ، انحنى عموده الفقري وتقوس ، لكن الحبلين يشدانه ويعيدانه إلى وضعه . ).

6 ـ ( كان الصمت على الصفين قد بلغ من العمق أن الناس يسمعون الطرقات ويسمعون صداها يتراجع في مكان ما على الضفة الصخرية المنحدرة . وكان أقربهم يستطيعون أن يسمعوا الفلاح وهو يضرب الأرض بجبينه ، وأن يسمعوا صوتا آخر ليس بالأنين ولا بالنحيب ولا بالحشرجة ، ولا هو أي صوت من أصوات البشر كائنا ما كان نوعها . لقد كان يخرج من الجسم الممتد المعذب صريرا أو صريف كأنه صوت سياج من الأوتاد بقرع بالأرجل ، أو كان صوت شجرة يكسر . والغجري يمضي إلى الجسد الممتد بين كل ضربة وأخرى فيميل عليه ، ليرى هل يتقدم الخازوق في الاتجاه الصحيح ، حتى إذا تأكد من أنه لم يجرح أي عضو من أعضاء الحياة ، عاد إلى مكانه يتم عمله .كل هذا كان يسمع ويرى من على الضفة ضعيفا ، ولكن الأرجل كلها كانت ترتعد ، والوجوه كلها كانت تشحب ، والأصابع كلها كانت تتجمد .).

7 ـ ( وتوقفت الضربات خلال لحظة . لقد لاحظ مرجان أن مشط الكتف الأيمن قد تورمت عضلاته وارتفع جلده . فاقترب بسرعة ، وأحدث في موضع الانتفاخ شقا على صورة صليب ، فخرج من الجرح دم شاحب ، وكان قليلا في أول الأمر ، ثم ما انفك يتزايد ، وما هى إلا ضربتان أو ثلاث ضربات خفيفة محاذرة ، إذا برأس الخازوق يبدأ في الظهور من الموضع المشقوق . وظل مرجان يدق المطرقة إلى أن أصبح رأس الخازوق في مستوى الأذن اليمنى علوا . )

8 ـ ( لقد دخل الخازوق في الرجل كما يدخل السيخ في الخروف لا فرق بين الأمرين إلا في أن الخازوق لم يخرج من الفم ، بل خرج من الظهر ، كما أنه لم يصب الأمعاء ولا القلب ولا الرئتين بكبير أذى ، وعندئذ  رمى مرجان المطرقة ، واقترب ، ففحص الجسد الساكن ، ودار حول الدم الذي كان يتساقط قطرة قطرة من موضعي دخول الخازوق وخروجه ويتجمع  بركا صغيرة على ألواح الخشب . وقلب الغجريان الجسم المتخدر فصار على ظهره على الأرض ، وأخذا يربطان الساقين إلى أسفل الخازوق ، وفى أثناء ذلك كان مرجان يفحص الرجل ليرى ألا يزال حيا وينعم النظر في الوجه الذي زاد  حجمه على حين فجأة فأصبح أعرض واكبر ... كانت العينان جاحظتين ، قلقتين ، غير أن الحاجبين ما يزالان ساكنين ، وكان الفم فاغرا ، والشفتان متصلبتين متقبضتين ، والأسنان البيضاء ملزوزة . لقد أصبح الرجل لا يستطيع التحكم ببعض عضلات وجهه ، لذلك كان وجهه يبدو أشبه بقناع . لكن قلبه ما يزال يخفق خفقانا أصم ، وما تزال تخرج من رئتيه أنفاس قصيرة متسارعة . وأخذ الغجريان ينهضانه كما ينهض خروف في سفود ، وكان مرجان يصيح بهما أن انتبها ولا تهزا الجسم ، وساعدهما هو نفسه في ذلك ، فوضعوا الطرف الأسفل الغليظ من الخازوق بين وتدين ، وثبتا ذلك كله بمسامير كبيرة ، ثم دعماه من الخلف على ذلك المستوى نفسه بقطعة قصيرة من الخشب سمروها بالخازوق وبأوتاد السقالات .)

9 ـ ( فلما انتهى الغجر من مهمتهم ، تراجعوا قليلا إلى الوراء ، وانضموا إلى رجال الدرك ، ولم يبق على تلك الفسحة الخالية إلا الرجل المخوزق ، عاليا مقدار ذراعين ، منتصبا ، بارز الصدر عاريه  إلى الحزام . وكان الرائي يستطيع من بعيد أن يرى الخازوق داخلا في جسمه ، وقد ربطت به ساقاه ، بينما شدت يداه إلى الظهر . لذلك كان يبدو للناس أشبه بتمثال محلق في الهواء على ظهر السقالات  فوق قمة عالية مطلة على النهر ...وتراكضت دمدمات على الصفين ، وماجت  في صفوف الجمهور حركة مضطربة . بعض الناس خفض بصره ، وبعضهم أسرع يعود إلى بيته دون أن يتلفت . وأكثرهم ظل ينظر ، دون أن ينطق بكلمة واحدة ، إلى هذه القامة الإنسانية ، المعروضة في الفضاء وقد تصلبت وانتصبت على نحو غير طبيعي . لقد جمد الذعر أحشاءهم وكانت سيقانهم تترنح تحتهم ، لكنهم لم يستطيعوا أن ينتزعوا أنفسهم من هذا المشهد ، ولا أن يحولوا عنه أبصارهم .... )

10 ـ   واقترب المأمور ومرجان واثنان من رجال الدرك ، من الرجل مرة أخرى ، وأخذوا يفحصونه عن كثب . كان يسيل على الخازوق خيط نحيل من دم . أما الرجل فما يزال حيا ، ولم يُغم عليه : جنباه يرتفعان ويهبطان ، وشرايينه على رقبته ، وعيناه تستديران ببط لكنهما لا تثبتان ، ومن بين أسنانه الملزوزة تخرج دمدمة يميز سامعها في شيء من العناء بكلمات متقطعة : ـ أتراك ...أتراك .... أتراك على الجسر ...أفطسوا كالكلاب ..موتوا كالكلاب . .".

.كذلك كان يئن الرجل وهو في أعلى الخازوق . )

11ـ ( وجمع الغجر أدواتهم ، وهبطوا نحو الشاطئ على السقالات . ونزل في الوقت نفسه الدرك ورئيسهم .. فتراجع الناس أمامهم وأخذوا يتفرقون ، ولم يبق ثمة إلا الصبية الصغار ، حطوا على كتل الصخر أو على الأشجار ، ينتظرون شيئا آخر ولا يدركون أن الأمر قد انتهى ، وان كل امرىء قد نال جزاءه ، ويتساءلون عما سيحدث لهذا الرجل الغريب الذي يحلق فوق الماء ،كأنما أوقف وهو يهُمُّ أن يثب إلى النهر .)

12 ـ ( اقترب المأمور من عابد أغا ، وأنبأه أن كل شيء قد تم على ما يرام  وانتهى إلى ما كان يقدر له، وأن السجين ما يزال حيا ، وسيظل حيا ، لآن أعضاءه لم تمس . فلم يجب عابد أغا بشيء  ، حتى ولا بنظرة ، وإنما أومأ بيده أن يؤتى له بحصانه ، وأخذ يودع طوسون أفندي والمعلم أنطوان ، وأخذ الناس يتفرقون ، وكان صوت المنادي يعلن في أرجاء المدينة أن الحكم قد نفذ ، ويهدد بعقاب كهذا ، بل بعقاب أشد من هذا العقاب ، وكل من تسول له نفسه أن يفعل ما فعله الجاني . )

13 ـ ( ووقف المأمور مضطربا على السفح الذي خلا من الناس فجأة . إن خادمه يمسك حصانه من لجامه ، ورجاله ينتظرون أوامره . أحس أن عليه أن يقول شيئا لكنه لم يستطع أن ينبس بكلمة ، لأن انفعالا قويا قد نشب في نفسه وملأ جوانب قلبه . ففي هذه اللحظة فقط تذكر كل ما لم يستطع أن يتذكره قبل ذلك لانصرافه إلى إعداد تنفيذ الحكم .... في هذه اللحظة فقط تذكر تهديد عابد آغا له بأن يخوزقه حيا إذا هو لم يستطع القبض على الجاني . صحيح أنه نجا من هذه الكارثة ، ولكن لم يكن بينه وبينها إلا قيد شعرة ، وقد نجا منها في آخر لحظة . )

 

 أخيرا : هنا إجرام فى القتل بالخازوق ، وإحسان فى بناء جسر فيه الخير للناس ..وبين هذا وذاك تساؤل : ..ألم تكن هناك طريقة اخرى لإنشاء هذا العمل النافع بدون هذا الظلم ؟ 

 


التعليقات (2)

1   تعليق بواسطة  Ben Levante    في   الأربعاء 03 اغسطس 2016

[82665]

 

الخازوق



السلام عليكم
الاعدام بالخازوق كان معروفا منذ زمن حمورابي (البابليين)، ثم الآشوريين، وكان معروفا في اوربا في العصور الوسطى بجانب الاعدام بالدفن حياً، وكان الخازوق مدببا لكي لا يجرح أعضاء هامة في الجسم لابقاء المحكوم علية أطول مدة على الحياة وفي العذاب. أنا لا أعلم ماهي جريمة راديسلاف في القصة حتى يكون جزاؤها الموت بالخازوق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هناك جريمة تستحق القصاص (العذاب) بها الشكل البشع؟ من البديهي أن ضخامة الجريمة تحدد مدى القصاص، لكن هل يمكننا أن نستخدم هذه العلاقة طرديا؟ إذاً سنصل إلى الخازوق وأكثر من الخازوق، وسيصبح الجزاء بشعا مثل الجريمة.  هذا التساؤل موجود لدي أيضاً عندما اقرأ الآية (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿المائدة: ٣٣﴾). من البديهي أن تقطيع الايدي والارجل والصلب قصاص بشع، فهل هو معقول كقصاص، وبغض النظر عن الجريمة. شيء يحيرني هنا في الآية، فهي تحتوي (تقريبيا) على مترادفات: يُقَتَّلُوا،يُصَلَّبُوا،تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ، ثم يأتي المترادف الاخير (أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ). شتان بين تقطيع الارجل أو الايدي والنفي. فما العبرة في ذلك؟ هذا سؤال من جملة اسئلة تأرقني منذ زمن بعيد. 

 

2   تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور    في   الأربعاء 03 اغسطس 2016

[82670]


شكرا أخى بن ليفانت ، وأقول عن عقوبة ( الحرابة ) والاعدام بالخازوق



1 ـ  الاعدام بالخازوق هو إسراف فى القتل ، يقول جل وعلا: ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً (33)  الاسراء ). المتهم لم يرتكب جريمة قتل فلا يصح قتله. ومن يرتكب جريمة قتل فعقابه موكول لولى امر القتيل الضحية المظلوم ، إن شاء القصاص أو الدية . وفى حالة القصاص فلا إسراف فى القتل بمعنى لا تعذيب فى القتل ـ كالاعدام بالخازوق
2
ـ أية 33 من سورة المائدة تتحدث عن دولة إسلامية اساسها السلام وتضمن حياة سكانها الآمنين وتضمن لهم حرية الدين والعدل والكفالة الاجتماعية : ( المثال دول شمال غرب أوربا وكندا الآن ) . ثم تظهر فيها عصابة مثل ( داعش )  .هنا قتل لأفراد كثيرين ، وسلب لأموالهم وهتك لأعراضهم وترويع لهم . الواجب قتالهم . إن تابوا قبل الحرب سقطت عنهم العقوبة . والتوبة تعنى إرجاع المسلوبات ودفع ديات القتلى . إن حاربوا وإنهزموا يتم عقابهم حسب جناية كل منهم . من قتل كثيرين وإغتصب وسلب ( كل الجرائم ) فجزاؤه القتل صلبا . من قتل واحدا فقط فقط يُقتل. من إرتكب كل الجرائم ما عدا القتل تُقطع أطرافه . من إقتصر إجرامه على التخويف والارهاب ومساعدة أولئك المجرمين عقوبته النفى.   

 

 

 

 

 

 

 ملك اليمين : أنواع الاسترقاق : السخرة فى مصر

مقدمة :

1 ـ السخرة  إسترقاق بشع للأحرار ، أو المفترض أنهم أحرار ، وهى نوعان : سُخرة مؤقتة ، وفيها يتم إكراههم على العمل بأجر زهيد أو مجرد طعام يبقيهم على قيد الحياة حيث يعملون فى تشييد مشروع ضخم للدولة أو بناء قصور ومعابد لأولى الحكم ،ثم يتم الافراج عنهم ــ الى حين . وهناك سُخرة دائمة كان يعيشها الفلاحون فى القرى ، حيث يكدحون فى إنتاج الخير ــ للغير . وعند الحصاد يأتى أعوان السلطان ليسلبوا حصاد الفلاح ، وليعاقبوه إذا أخفى شيئا لقوت أولاده.

2 ــ عرفت القرون الوسطى هذين النوعين من السخرة . وخصوصا السخرة الدائمة فى التعامل مع الفلاحين المزروعين فى الأرض المسجونين فيها لا فارق بينهم وبين الأنعام .

وفى الفتوحات العربية كان يتم قتل الجنود المدافعين عن بلادهم وسبى نسائهم وذريتهم بينما يتم إبقاء الفلاحين مسخرين للعمل حيوانات إنتاج للفاتحين الجدد . كانوا من قبل مسخرين للحكام السابقين فأصبحوا مسخرين فى خدمة الحكام الجدد ، ولا جديد تحت الشمس ، سوى أن الحكام السابقين من الفرس والروم كانوا (علمانيين ) لا يستخدمون إسم الله جل وعلا فى تبرير وتويغ وتشريع ظلمهم ، ولكن  الخلفاء القرشيين فعلوا هذا ، فظلموا الناس وظلموا رب الناس .

3 ـ نعطى لمحة عن نوعى السخرة فى مصر العصور الوسطى ، من مقتطفات مما نشرناه سابقا .

أولا :

قراقوش وابن مماتى : السخرة بين صراع السيف والقلم :

1 ـ فى عام 1975 كنت أعايش المخطوطات فى دار الكتب المصرية أنقل منها المادة العلمية لبحث الدكتوراة عن ( أثر التصوف فى مصر العصر المملوكى ) وهالنى كثرة الرسائل المخطوطة التى كتبها السيوطى ، وتبين لى أن السيوطى فى معظم كتبه ورسائله كان يسرق مؤلفات السابقين وينسبها الى نفسه ، ومنها رسالة صغيرة عن ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) تتبعت أصل الكتاب فاكتشفت أن مؤلفه الأصلى هو ابن مماتى كبير الكتاب فى عصر صلاح الدين الأيوبى .

2 ـ فى أوائل التسعينيات نشرت مقالا فى الأحرار فى تحليل ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) فى معرض فكرة أن الصراع مستمر بين (القلم ) و ( السيف ) وأن الانتصار هو للقلم . كان المقال يعبر ضمنيا عن حالى ، وأنا لا أملك سوى قلم ينشر فكرا مستنيرا فى مواجهة نظام حكم عسكرى يملك القوات المسلحة ما ظهر منها وما بطن . أشهر خصومى وقتها ـ وكان جمال بدوى رئيس تحرير جريدة الوفد ـ إقتبس المعلومات التاريخية التى تعبت فى جمعها وتأليفها ، وقام ـ بجرأة عجيبة ـ بإعادة صياغة لها وحولها الى مقال مجرد حكاية للتسلية بلا هدف ، وطبعا بدون أن يشير الى الباحث الأصلى . وكوفىء وقتها جمال بدوى على مقاله المنشور فى جريدة الأخبار ـ وليس الوفد ـ بعبارات الاعجاب عن سعة وعمق معلوماته التاريخية .

3 ـ فى مقالى عرضت للشخصية العسكرية الحازمة ( بهاء الدين قراقوش ) الخادم الأمين للناصر صلاح الدين الأيوبى ، والذى أنشأ له أشهر المنشئات الدفاعية فى القاهرة ( والشام ) ومنها قلعة الجبل عام 572  وسور القاهرة وقت أن كانت الحملات الصليبية تستهدف مصر . وعرضت لخصمه الكاتب المصرى إبن مماتى ، هذا يمثل السيف وذاك يمثل القلم . زكيف أسفر الصراع بينهما عن إنتصار للقلم .

4 ـ كان ابن مماتى (أبو المكارم الأسعد بن المُهذَّب ) ( 544  : 606 ) كاتبا وشاعرا ومؤرخا ، جاء من أسرة مصرية عريقة ، إعتنقت الاسلام فى العصر الفاطمى  وترقت فى وظائف رسمية ، وورث ابن مماتى هذا الميراث الوظيفى ، وزاد عليه تمكنا فى الكتابة ، فكان من مؤلفاته : ( حجة الحق على الخلق في التحذير من سوء عاقبة الظلم)، (نظم السيرة الصلاحية) في سيرة صلاح الدين الأيوبي.و ( الفاشوش في حكم قراقوش.) ( الشئ بالشئ يُذكر.) ( باعث الجلد عند حادث الولد.) ( شرح حديث : بني الإسلام على خمس.) ( سر الشعر.) ( موسوعة قوانين الدواوين ) . كان ابن مماتى يقابل بقلمه الأمير بهاء الدين قراقوش الذى كان يمثل السيف . وحدث بينهما تنافس معتاد إنقلب الى خصومة . سيف قراقوش العسكرى ـ أو القوة العسكرية إنتصرت مؤقتا على القلم فانتهى الحال بابن مماتى بعد نفوذه الى الهرب فقيرا الى حلب عام  604 حيث مات فيها عام 606  . ولكن قلم ابن مماتى هو الذى إنتصر فى النهاية ، فإنجازات قراقوش المعمارية والحربية وولاءه لصلاح الدين الأيوبى وابنه العزيز عثمان ضاعت كلها بسبب الاشاعات الى نشرها ابن مماتى عن قراقوش فى كتابه الساخر ( الفاشوش فى حكم قراقوش )

5 ــ فى هذا الكتاب إستغل ابن مماتى قلمه وطبيعته المصرية الساخرة فكتب  يتندر على ( قراقوش ) القائد العسكرى الفظّ ـ وبأسلوب جديد فى الفكاهة . إذ صنع حكايات ساخرة مضحكة بطلها قرقوش ، وفيها صوّر قراقوش غاية فى الحمق والجهل والغفلة والسطوة .

6 ــ  ولأن قراقوش كان فى حياته مكروها من شعب القاهرة فقد تداول القاهريون ـ ثم المصريون ـ كتاب ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) ، وصار عماد سخريتهم فى مجالسهم . إن الظلم يعايش المصريين الغلابة ـ وهم يرون عبر تاريخ ممتد لعشرات القرون ـ أصنافا من الحكام الظالمين ، وهم يكتفون بالمقاومة السلمية بالتنكيت والسخرية ، فأصبح (قراقوش ) رمزا لكل الظالمين ، ومتنفسا للمصريين المظلومين فى التندر عليه والسخرية منه .  تحول كتاب ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) الى أدب شعبى شفوى يتداوله المصريون عبر القرون ، بل أصبح مثلا شعبيا مصريا يقول ( ولا حكم قراقوش ) . وبلغت سيطرة ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) الى حد ان السيوطى ـ فى اواخر العصر المملوكى  قام بإعادة كتابته ونسب الكتاب الجديد لنفسه كما فعل الراحل الصحفى ( جمال بدوى ) مع مقالى فى جريدة الأحرار. 

 7 ـ هذه مقدمة طويلة ـ لا أعتذر عنها ، لموضوع السُّخرة فى مصر . لقد كره المصريون قراقوش لأنه  فى كل منشئاته المعمارية كان يسخّر المصريين فى بنائها . كرهه المصريون وإحتفلوا بكتاب ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) وجعلوا قراقوش رمزا لكل حاكم ظالم . فمصر ـ حتى الآن ـ هى المستقر والمستودع للحاكم الظالم . ومن ملامح هذا الظلم السخرة المؤقتة للعمال المصريين  والسخرة الدائمة فى إستعباد الفلاحين المصرىين .

8 ـ والمرأة المصرية لا تزال تدعو لابنها فتقول ( ربنا يكفيك شر الحاكم الظالم .! )

ثانيا : 

لمحة عن السخرة المؤقتة فى العصر المملوكى

1 ـ  فى كتابنا ( اثر التصوف السياسى ) وفى كتابنا ( اثر التصوف المعمارى ) تكلمنا عن أثر التصوف فى بناء العمائر الدينية ، حيث كان بناؤها مقترنا بالظلم . ومنه تسخير الناس فى البناء . وقد بنى الأمير أقبغا المدرسة الأقبغوية وجعل فيها صوفية . يقول فيها المقريزي ( وهى مدرسة مظلمة ليس عليها من بهجة المساجد ولا أنس بيوت العبادة شيء البتة) وذلك لأن أقبغا ـ حسبما يصفه المقريزي ـ ( كان من الظلم والطمع والتعاظم على جانب كبير) وقد سخر في عمارة مدرسته كل صانع بالقاهرة ومصر( وأقام بها أعواناً لم ير أظلم منهم ، كانوا يضربون العمال ، وحمل لها الأصناف من الناس ، فكانت بين غصب وسرقة.  ومع ذلك فإنه ما نزلها قط إلا وضرب فيها من الصناع عدة ضرباً مؤلماً , ويعبر ذلك الضرب زيادة على شدة عسف مملوكه الذي أقامه شاهداً بها ... فلما تمت جمع بها القضاة والفقراء ـ يعني الصوفية

2 ـ وقاسى العمال المصريون من السخرة والضرب في بناء تلك المنشئات الدينية  كما نلمح من النص السابق حتى أن شدة الأمير قان بردى الأشرف في تسخيرهم دفعت المؤرخ المملوكي الارستقراطى أبا المحاسن إلى الاحتجاج الذي نحسه من النص التالي ( ابتدأ الأمير سيف الدين قان بردى الأشرف في عمارة تربة عظيمة عند الريدانية (العباسية ) وشرع في ذلك أيام يسيرة ، ومع هذا ظلم في تلك الأيام الظلم الزائد وعسف الصناع وأبادهم بالضرب وباستعمالهم بغير أجرة،  فما عفّ ولا كفّ  ،إلى أن أخذه الله أخذ عزيز مقتدر . ).!

3 ـ كانت تلك السخرة تحدث فى القاهرة أمام أعين المؤرخين فسجلوها. أما السخرة فى الريف فكانت أظلم وأضل سبيلا . ووصل منها الى علم المؤرخين قدر يسير .

ثالثا :

 لمحة عن السخرة الدائمة فى العصر المملوكى للفلاحين المصريين

1 ـ فى كتابنا المنشور مقالاته هنا عن المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر السلطان قايتباى عرضنا بين سطورة الى السخرة الرسمية فى الريف المصرى وقتها .

2 ــ  كان الفلاح قد هبط إلى رتبة الرقيق في عصر المماليك، فصار لا يستطيع مفارقة الأرض أو ما يعبر عنه بالفلاح القرارى أى المستقر في الأرض مثل الدواب، وكان الفلاح في الاقطاعات المملوكية عبداً لصاحب الإقطاع إلا أنه لم يكن يباع أو يشترى بل هو رهين الأرض هو وأولاده، ومن كان يهرب من الفلاحين من الأرض كانت السلطات تعيده إلى الفلاحه ويلزم "بشد الفلاحة"، اى عقوبة الهرب ، هو من سهل له الفرار أو أواه.

3 ـ وكان المماليك يتفننون في إرهاب الفلاحين بالتعذيب ليضمنوا تسخيرهم في الأرض بلا شكوى، يقول المقريزي عن الأمير أيدمر الشمسي سنة 702 الذى تولى الشرقية والغربية أنه كان يعذب بأنواع قبيحة من العذاب منها أنه كان يغرس خازوقاً ويجعل رأسه قائماً وبجانبه صار كبير يعلق فيه الرجل ثم يسقطه فيسقط على الخازوق فيدخل فيه الخازوق ويخرج منه، ولم يجرؤ أحد من الفلاحين بالغربية والشرقية في أيامه أن يلبس مئزراً أسود ولا يركب فرساً ولا يتقلد سيفاً ولا يحمل عصا مجلبة بحديد.

4 ـ  وكان  ( الكاشف ، أو كاشف التراب ) أى الوالى المملوكى على الأقاليم المصرية مطلق السراح فى تسخير الفلاحين وتعذيبهم ،ومنهم والى الغربية فى عصر قايتباى ( ابن زوين ) . ويذكر المؤرخ ابن الصيرفى فى كتابه ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) فى أحداث يوم السبت 17 جمادى الآخرة 876 أن وقف جماعة من فلاحى المحلة للسلطان يشكون له من ظلم ابن زوين، يقول مؤرخنا المملوكي عنهم: ( وتكلموا ما لا يليق وطلب منهم بينة فأجابوا أن ما لهم بينة ، فضُربوا على أكتافهم وانصرفوا..! ) .  كانوا فلاحين غلابة لا يعرفون الاتيكيت في خطاب الملوك ولا يعرفون أصول النفاق في الحديث فتكلموا بصراحة عن أوجاعهم، ولم يعجب ذلك مؤرخنا فقال عنهم أنهم تكلموا بما لا يليق، وهل هناك متسع في صدر المظلوم لكى يشدو بألحان سارة أمام الظلمة ليسعدهم بما يليق. ولأنهم فلاحون قليلو الحيلة فلم يجدواً من يشهد معهم أو ينصرهم أو يعطيهم بينة، وكيف لهم أن يحصلوا على بينة وهم أميون لا يعرفون القراءة والكتابة، لذا استحقوا في النهاية أن يأخذوا طريحة على أكتافهم وينصرفوا بالسلامة. !!

5 ـ وتفنّن المؤرخون عن إصلاحات المماليك فى الرى والصرف وبناء الجسور والسدود ، والمسكوت عنه دائما هو تسخير الفلاحين . كان صراخهم يضيع وسط قصائد النفاق للسطان .

6 ـ  وكان السلطان قايتباى المشهور بالورع وقيام الليل وتلاوة الأوراد لا يختلف فى ظلمه عمّن سبقه من السلاطين ، وكان يعلم أن أرباب الوظائف في الريف يعيشون على ظلم الفلاحين، وتسخيرهم . وكان هذا شيئا عاديا ، من المعلوم لديهم بالضرورة ولا إعتراض عليه . بل كان الضرب مصير المعترض من الفلاحين ، كما ذكرنا سابقا عن فلاحى المحلة .

7 ـ وإقترن بالسخرة تعذيب الفلاح عند الحصاد للإقرار بما يخبئه من المحصول لقوته عياله . وكان الفلاحون مع هذا يتنافسون فى تخبئة بعض المحصول عن أعين زبانية السلطة ، وكانوا يتفاخرون فى مجالسهم بقدرة تحملهم العذاب وضرب السياط حتى الاعتراف ببعض ما خبأوه .

8 ـ وكانت السلطة التى تسخرهم تعرف هذا ، فكانت تسبقهم مقدما بتقرير غرامات عليهم ومصادرة ما ( لا ) يملكون ، ووضعهم فى السجن بناءا على ذلك . وكانت هناك سجون عامة وأخرى خاصة بكبار المماليك  . ذكر المؤرخ ابن الصيرفى مدحا فى الأمير يشبك من مهدى وتزلفا له أنه في يوم الخميس 22 رمضان 875 أطلق من حبسه 170 من الفلاحين المصادرين. ومعناه أن الداودار الكبير كان له حبس خاص يضع فيه الفلاحين في الأقطاع التابع له إذا عجزوا عن دفع الضريبة المقررة عليهم، ونحن نعلم من كتاب ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) كيف كان ذلك الداودار شديد القسوة الأمر الذى يجعلنا نتحسر على المسجونين لديه في الحبس وكل جريمتهم أنهم عجزوا عن سداد الضرائب الظالمة التى قررها هو عليهم .

9 ــ أفظع من هذا أن السلطان الورع الأشرف قايتباى كان يرمى الفلاحين العاجزين عن الضريبة في سجن المقشرة أبشع السجون في عصره وأسوأها سمعة. وفي يوم الاثنين 15 ربيع الأول 877 نقرأ الآتي: (   ضرب السلطان عدة من أهل بحطيط بالمقارع . ) لأنهم لم يدفعوا المقرر عليهم . وفى نفس اليوم أورد المؤرخ القاضى ابن الصيرفى خبرا عن فلاحين مساجين فى سجن المقشرة مدة ثلاث سنين بسبب عجزهم عن دفع الغرامات المقررة عليهم ، وقد تجرأوا ورفعوا شكوى للسلطان الورع الأشرف قايتباى فإقتضت عدالة السلطان إعدام أربعة منهم بالسلخ أمام رفاقهم .. يقول ابن الصيرفى عنهم  ( .. وانكسر عليهم أموال جمة ولهم ثلاث سنين بالسجن في المقشرة ، وشكوا له ــ نصره الله ــ أنهم قُتلوا ، فرسم بسلخ أربعة منهم بحضور الباقين ، فسلخوا ، وأرسلوا إلى البلاد ، فأشهروا بها ،  ليرتدع بها أمثالهم . فنصره الله نصراً عزيزاً.  ) . السلطان الورع يسلخ ، والمؤرخ القاضى يدعو له بالنصر .!!

10 ـ  ..وهكذا .. فلكى تستمر مسيرة السخرة لا بد من الارهاب ، وتنوع الارهاب المملوكى من الخازوق الى السلخ .

11 ــ ومع وجود العقوبات الغليظة على من يهرب من الفلاحين من بلده فقد كانوا يهربون من السخرة  ( الدائمة ) فيجد نفسه أسيرا للسخرة المؤقتة فى القاهرة . 

في نفس الشهر ربيع الأول 877 جاء مؤرخنا بالخبر التالي : ( وفي هذه الأيام قبضوا على جمع كثير بالقاهرة من المنسين والفلاحين والأرياف وأودعوهم الحديد، ) أى إعتقلوهم بلا ذنب ( وأرسلوهم إلى المقر الأشرفي الأتابكي (أزبك) بسبب ما يعمّره من القناطر بالجيزة ) أى ليعملوا عنده سُخرة  فى مشروع للرّى فى منطقة الجيزة . وقد إحتاجوا للمزيد من الأيدى العاملة فلم يجدوها ،  ففكروا فى حيلة شيطانية ، يقول مؤرخنا : ( وإنهم احتاجوا مع ذلك إلى الرجال فدبروا حيلة. وسمّروا شخصاً ونادوا عليه ببولاق: هذا جزاء من يقتل النفس التى حرمها الله، فاجتمع الخلائق للتفرج عليه وصاروا خلفه فقبضوا عليه ورموهم الحديد وجهزوهم إلى العمل . فهذه من العجائب. والسلام.).!.هذا المسكين الذى سمّروه ، أى صلبوه بالمسامير على خشبة وطافوا به فى القاهرة بلا ذنب لم يستحق عبارة عزاء من مؤرخنا إبن الصيرفى ، سوى أنه قال متعجبا ( فهذه من العجائب. والسلام.).!. يا سلام ..!!

أخيرا

1 ـ فى عصر العسكر المملوكى : هرب(الواد عكاشة) من( بلدهم) بسبب السخرة والسلطة والمشدّ فوجد السخرة في انتظاره في القاهرة .!!

(الواد عكاشة) لم يكن يعرف أنه إذا سار في الهيصة والزيطة سينتهي به الأمر إلى الفحير والفأس والكدح والسوط على ظهره. مسكين يا عكاشة.!!

2 ـ فى عصر العسكر الحالى : ( الواد عكاشة ) عاش مجندا فى الجيش فى سُخرة يخدم فيها الباشوات الضباط . سُخرة مؤقتة . بعدها سافر الى الخليج ليعمل بإختياره سخرة مؤقتة تحت شعار الكفيل .

3 ـ مسكين يا عكاشة ..!!

4 ـ من قال إن الاسترقاق إنتهى .!!

 


التعليقات (4)

1   تعليق بواسطة  Ben Levante    في   الخميس 04 اغسطس 2016

[82672]

هل كانت الدولة الرومانية (الشرقية) دولة علمانية؟

 

السلام عليكم

قراقوش يستعمل في مثل شامي عن حكم غير منطقي فيقال (حكم أراؤوش). قراقوش موجود منذ الازل وإلى الابد، وهو يستغل أي فكر (اسلام، قومية، شيوعية وحتى ديموقراطية).

قفزة إلى الوراء كالعادة: هذه القفزات استعملها لتحاشي تكرار التعليق في المقال الواحد. جوابكم على سؤالي في مقالكم الأخير بما يخص الآية 33 من سورة التوبة قد نشرتموه في مقال سابق، وأنا قرأته ولم أنساه. لم يكن هذا هو المقصود من السؤال. سأحاول الآن شرح مقصد السؤال بشكل آخر أعتمد فيه على وجهات نظر لا تصب كلها في اتجاه واحد، وهو ما يعكس عدم تمكني حتى الآن ايجاد علاقة بين العقل والقرآن في هذه المسألة:

أولاً: أنا أتكلم عن عقوبات نص عليها القانون (القرآن) وبغض النظر عن الجريمة التي تفرض هذه العقوبة.

ثانيا: أنا عندي مشكلة مع قطع الايدي والارجل، فهذا المجرم الذي قطعت يداه أو رجلاه أصبح عالة على المجتمع، وهذا بغض النظر عما يترتب عن هذا العقاب على الشخص نفسه
ثالثا: أنتم وزعتم في الآية الجِزاء حسب الجريمة (مثلا من قتل كثيرين وإغتصب وسلب فجزاؤه القتل صلبا) فمن أين توصلتم إلى هذا التوزيع؟ من القرآن أم هو العقل والمنطق، فإذا كان هذا الأخير، فهو إذا نسبي، ربما يصل آخر إلى توزيع مختلف.

رابعا: عقوبة الاعدام لكثير من الناس لاتردع المجرم ويعتمدون في هذا على أن نسبة الجريمة في الولايات الامريكية التي ألغت عقوبة الاعدام أقل منها في الولايات التي تمارسمها.


خامسا: لا جدال أن القرآن ذكر هذه العقوبات وسمح بها، حتى ولو أنه قيدها بشروط قاسية. فهل تسمح لنا هذه الشروط القاسية في الواقع الانساني الحالي أن نلغي تطبيق هذه العقوبات (ليس الغاء العقوبة)؟ (التفصيل في سادسا)  

سادسا: الحكم على انسان بعقوبة مثل الصلب أو قطع اليد، أو حتى الموت، يجب أن يستند على اثباتات صحيحة مئة بالمئة، وهذا غير ممكن عمليا، وبهذا يُترَك الحكم لبشر، امكانية الخطأ عندهم واردة، فهل من العدل أن يُترك (الاعتراف بتطبيق هذه العقوبة) إذا كان الحال واقعا تحت رحمة البشر؟ أنا افضل أن يبقى مجرم على قيد الحياة من أن يُقتل بريء على طريق الخطأ.

سابعا: أما قولكم بأن الآية وبما فيها من العقوبات تتحدث عن دولة إسلامية اساسها السلام و... والكفالة الاجتماعية، فهذه الدولة ليست موجودة ولن توجد. 

اوربا ألغت عقوبة الاعدام (القتل)، أما قطع الايدي والارجل فهذه تدخل بمفهومهم تحت مصطلح التعذيب، وهذا مرفوض عندهم جملة وتفصيلا. أنا أتكلم هنا عن الرأي الاوربي المدني، وليس عن رأي أصحاب النفوذ ذوي الاوجه المتعددة.

2   تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور    في   الخميس 04 اغسطس 2016

[82673]


شكرا أخى بن ليفانت مجددا ، وأقول



1 ـ الدولة الرومانية فى القسطينية ـ فى تقديرى ـ كانت إمبراطورية علمانية تدير كنيسة فى تحقيق هيمنتها ، هذا طبعا بعد انفصالها عن روما . ونتذكر أن روما ( الامبراطورية الرومانية الأصيلة ) كانت وثنية ، وهى التى إحتلت مصر وهزمت كليوباترة ، واضطهدت المسيحيين المصريين . الدولة الدينية تجلت بمفهومها الفعلى فى الامبراطورية العربية القرشية وفتوحاتها حين كانت تصف الآخر بالكفر وتهاجمه وتحتل أرضه لأنه كافر
2
ـ موضوع ما يعرف ب ( حد الحرابة ) من رؤيتى القرآنية:
2 / 1 :
أن العقوبة ليست للإنتقام ، ولكن للتهديد والاصلاح والمنع مقدما ، ثم موضوع التوبة . الانتقام الحقيقى هو يوم الدين . وهذا لمن مات بلا توبة وجاء ربه جل وعلا يحمل ظلما ، ولا بد من معاقبته عليه
2 / 2 :
هى أيضا رؤيتى فى ترتيب العقوبة على قدر الجُرم . ولأولى الأمر فيما يجتهدون فى وضع قوانين تنفيذية فى هذا ( الأمر) . 
2 / 3 :
التشريع الاسلامى سبق أوربا فى منع القصاص ( الكلى ) ووضع بدائل له ( الدية ) وحصره فى المساواة بين القاتل والقتيل وفق الآية 178 من سورة البقرة وهو تشريع يخالف النفس بالنفس الموجود فى التوراة ( المائدة 45 ). ولو رضى ولى الدم بالدية فلا قتل قصاصا.
2 / 4 :
أرى أن دول الغرب ـ بدرجات مختلفة ـ عى الأقرب الى مفهوم وتشريعات الدولة الاسلامية ، كما أرى أن المواثيق الدولية لحقوق الانسان هى أقرب كتابة بشرية للتشريع الاسلامى الحقيقى


3   تعليق بواسطة  مكتب حاسوب    في   الخميس 04 اغسطس 2016

[82674]


ااالسلام عليكم

أعتقد أن تدخل الأستاذBen Levante تمس مشكلة التشريع الإسلامي في جوهرها، هل ايات التشريع في النص القراني نهائية أم نسبية؟ سواء تلك التي تخص الجانب الجزائي سواء تلك التي تمس الجانب الإجرائي سواء تلك التي تمس القيم؟ هل هي حية، دينامكية أم ساكنة راكدة شبه ميتة؟
بمعني اخر، لنسلم جدلا أنه قامت دولة إسلامية كاملة متكاملة شكلا و مضمونا،
هل يحق لهذه الدولة، حسب ظروف تطورها و إمكانياتها المادية، أن تأخذ أو تترك أو تغير من الجزاءات الواردة في النص القراني؟ مثلا هل يمكن تعويض عقوبة الجلد إلى السجن أو التغريم المالي، أو إلغاء العقوبة من أصلها؟
هل يحق لهذه الدولة، حسب ظروف و تطور المجتمع الذي ترعاه، أن تأخذ أو تترك أو تغير من الإجراءات الواردة في النص القراني؟ مثلا هل يمكن المساوات في الشهادة في حالة الدين بين المرأة و الرجل، كون المرأة صارت لها المعرفة الكافية في الأمور المالية و الحسابية؟ هل يمكن المس في نسب الورث مع تغير النمط المعيشي ؟
هل يحق لهذه الدولة، حسب منظومات القيم الإجتماعية المختلفة بين المجتمعات البشرية المتعددة، أن تمس أي قيمة واردة في النص القراني إيجابا أو سلبا؟ مثلا في كثير من المجتمعات العصرية صار شرب الخمر و التعامل بالعلاقات الجنسية المحرمة "الزنا" من الأمور الطبيعية و لا يُعاقب عليها و تدخل فيما يسمى الحرية الشخصية للفرد، هل يحق لهذه الدولة أن تقبل أو تسكت على إنتشار هذه القيم "المحرمة" في مجتمعها أو عليها محاربتها؟
إذا كان الرد إيجابي، ألا يدخل هذا في تحريف الكتاب "يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ "، و التبعيض "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ"، و إتباع للهوى "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {5/49}"؟
و إذا كان الرد سلبي، كيف يمكن إعتبار قدرة آيات التشريع على مواكبة التغير و تطور المجتمع البشري في الزمان و المكان؟

4   تعليق بواسطة  مكتب حاسوب    في   الخميس 04 اغسطس 2016

[82675]



بالنسبة لمختلف مواضيع الرق التي اثارها الأستاذ الدكتور، فهي تؤكد بأن الإستعباد كان مرتبطا إرتباطا عضويا مع مشكلة اليد العاملة بأقل تكلفة

أما حول موضوع الدولة الدينية و الدولة اللاكية، فأعتقد بأنه يصعب القول بوجود دولة غير دينية قبل ان تتولد الدولة الحديثة منذ القرن 18، فسومر حكمتها دولة دينية، و مصر القديمة كذلك، و بابل و الصين و الهند و اليابان كذلك، و الفرس و أشور و الإغريق و الرومان و البيزنطيين و العرب و الأنكا و الأزتاك و الغرب إلخ كلها حكمتهم دول دينية

الدين أقدم ظهورا من الدولة، و أقدم النصوص هي النصوص الدينية، و منظومة القيم صقلتها المعتقدات الدينية، و الأخلاق و التشريعات هي من مكونات الدين "صحيح ثانوية و لكنها من مكوناته"

و بالنسبة إلينا كمسلمين، فالنص القراني مليئ بالآيات التشريعية التي تخص الدولة، فلا أرى كيف يمكن التنصل منها

و الله أعلم

 

 

 

 

 

ملك اليمين : أنواع الاسترقاق : السخرة فى حفر قناة السويس

مقدمة :

1 ـ المملوك العادى ـ فى الأغلب ـ افضل حالا من الحُرّ الذى يتم تسخيره موقتا أو دائما . هذا الحُرّ يتم إكراهه بالتعذيب والارهاب لأن يكون عبدا يعمل مسخرا تحت لهيب السياط . الرقيق العادى ـ يشتريه المالك ، ويعيش معه فى البيت ويعمل عنده فى البيت أو الحقل ، وتنشأ بينهما علاقة شخصية ومعايشة يومية ، لا يكون أغلبها مبالغة فى القسوة . هذا عكس الاسترقاق بالسخرة ، حيث تتم معملة هؤلاء ( الرقيق السخرة / الأحرار ) بأقصى قسوة ممكنة لينسوا أنهم أحرار ، وليذعنوا الى العمل بأقصى ما يستطيعون خوف التعذيب والاعدام بالخازوق أو بالسلخ . والمتحكمون فيهم ليسوا شخصا بل نظام حكم بموظفين ، من الذى يمسك بالسوط الى الحاكم المتسلط . دائرة جهنمية من الظلم .!!

2 ـ  ومن اسف أن يتعامى من يهمهم الأمر عن السخرة كأبشع أنواع الاسترقاق ، وأن يركزوا على نوع أخف من الاسترقاق ( العادى ) ملك اليمين ، وأن يتغنوا بإلغاء سطحى له فى اوربا وأمريكا ، بينما توجد أنواع أبشع من الاسترقاق  لاتزال موجودة ، منها السخرة التى بها تم حفر قناة السويس . والتى إستمرت عذابا للفلاح المصرى عشر سنوات :( 1859 : 1869 ) .

3 ـ صدرت قوانين السخرة فى حفر قناة السويس قبل عام من فوز لينكولن برئاسة امريكا وتحريم الرق فيها . ومورست السخرة خلال عشر سنوات فى حفر قناة السويس بعد إعلان أمريكا تحريم الاسترقاق. ولم يقل أحد أن تسخير الفلاحين المصريين فى حفر قناة السويس أبشع أنواع الاسترقاق للأحرار . وبدأ تحرير الرق فى اوربا بدءا من عام 1792 ، ولكن ديليسبس الفرنسى المحمل بثقافة الثورة الفرنسية فى المساواة والحرية هو الذى عقد إمتياز حفر قناة السويس وبمقتضاه كان تسخير الأحرار المصريين لمصلحته هو وقومه ، وليس لمصلحة مصر والفلاحين المصريين . 

ونعطى بعض النفصيلات :

 أولا :

 (قناة السويس )من التفكير الى عقد الامتياز 

1 ـ بعد فشل حملة نابليون فى مصر أرسل نابليون دبلوماسيا لمصر يرقب أحوالها ويساعد فى إختيار حاكم يكون مواليا لفرنسا. وتعرف هذا الديبلوماسى الفرنسى ( ماثيو ديليسبس ) على الضابط الألبانى ( محمد على ) وقوى طموحه وساعده فى الوصول الى أن يكون واليا على مصر بإرادة شعبية قادها علماء الأزهر . وردّ الوالى محمد على الجميل لابن ماثيو ديليسبس ( فيرناند ) حين قدم لمصر فقيرا يبحث عن عمل ، فعينه محمد على مربيا لابنه ( سعيد ). وتوثقت (الصلة) بين الأمير ( الصغير السمين ) سعيد بن محمد على والمعلم الفرنسى ( الشاب ) فريناند ديليسبس . وبعضهم يتهم ديليسبس بإغواء الطفل سعيد بن محمد على ، فجعله مصابا بالشذوذ الجنسى السلبى ، وعليه ـ لوصحّ هذا الأمر يكون الفلاحون المصريون هم الذين دفعوا الفاتورة  .!

2 ـ كان فريناند ديليسبس (  1805 : 1894) من ( السان سيمونيون ) ـ أتباع الفيلسوف الفرنسى ( سان سيمون ) ( 1760 : 1825 ) ، وهم أول من دعا لانشاء قناة السويس . أنشأوا بباريس جمعية لدراسات قناة السويس وقد رأوا فى ولاية محمد على باشا فرصة فى تحقيق هذا المشروع فسافر بعضهم الى مصر للدعوة للمشروع ، وقد رفضه محمد على خشية أن يكون سبيلا لعودة الاحتلال الفرنسى لمصر . ثم جاء  ديليسبس  وقابل تلميذه القديم الخديوى سعيد باشا ، وأقنعه بمشروع حفر قناة السويس . وحصل منه على فرمان عقد الامتياز الأول و كان مكونا من 12 بنداً أهمها حفر قناة تصل بين البحرين ، و مدة الامتياز 99 عاما من تاريخ فتح القناة.وفي 5 يناير عام 1856  صدر  عقد الامتياز الثاني و قانون الشركة الأساسي . وكان من أهم بنوده هو قيام الشركة بكافة أعمال الحفر وأن حجم العمالة المصرية أربعة أخماس العمالة الكلية المستخدمة في الحفر.وكان عقد الامتياز مُجحفا بحق مصر ( بإمتياز ) وفيه إستغل ديليسبس ( علاقته ) القديمة وتأثيره على ( سعيد ) فى إرغام (سعيد ) على الموافقة على كل طلباته على حساب مصر والفلاحين المصريين.

ثانيا :

نبذة عن السخرة فى حفر قناة السويس :

1 ـ أهم بنود العقد هو الذي نص على أن يكون عدد العمال المصريين في الشركة 4/5 من مجموع العمال،هذه المادة كانت هي الأساس لنظام السخر الذي وضعه ديلسبس في حفر القناة، في لائحة استصدرها من سعيد باشا وسميت "لائحة استخدام العمال المصريين في أشغال قناة السويس"، وهي اللائحة اتي تسببت في إكراه حوالي ربع مليون مصري كأكبر حشد آدمي في تاريخ الشركة على العمل في حفر القناة، حين كان تعداد سكان مصر وقتها : 4.8 مليون نسمة، في عام 1862.وهكذا أجبر الخديوى سعيد حوالى مليون فلاح مصرى ــ خلال مدة الحفر ــ على ترك بيوتهم وعائلاتهم وحقولهم ليعملوا سخرة فى حفر القناة بوسائل يدوية بدائية ـ بدون ماكينات حفر.  مات من المصريين أكثر من 120 ألفا من التعب والجوع والعطش والتعذيب والأوبئة ، ومعظمهم ضاعت جثثهم فى طيات الحفر .

2 ـ أُنشئت مدينة الزقازيق وسط بركة من المياة إشتهرت بسمك الزقزوق. وصارت المدينة الجديدة معسكر إستقبال للفلاحين القادمين من شتى ربوع مصر من اسوان الى الاسكندرية . وفى الزقازيق كان يتم فرز العمال لإختيار الشبان الأقوياء، الذين يرسلون إلى منطقة القناة سيراً على الأقدام في أربعة أيام وهم مقيدين بالحبال يحمل كل منهم قلة ماء وكيس خبز جاف، فيصلون إلى ساحات الحفر منهكي القوى.

3 ـ  وكانت عمليات الحفر من المشاهد المثيرة التي يحرص على رؤيتها السائحون الأجانب في هذا العصر. أى صار الفلاحون المصريون وقتها مثار تسلية للسياح الأجانب .

4 ـ ولحاجة ( السُّخرة ) الى الارهاب والتعذيب فقد أنشأت معتقل تعذيب يُرسل إليه من يسيء السلوك، ، وكثر تمرد العمال وهروبهم وأظهر  الصعايدة منهم تحدياً سافراً للشركة مما اضطر الشركة للاستعانة بالشرطة لإخماد تمرد العمال ومطاردتهم وتعذيبهم .

5 ـ و أنشأت إدارة طبية ومركزاً لإسعاف المرضى لرعاية العمال، ولكن صدرت الأوامر بأن تركز هذه الإدارة جهودها فقط في رعاية العمال والموظفين الأجانب. ولذا عصفت الأوبئة والأمراض بآلاف الفلاحين المُسخرين ، وكان أكثر الأمراض انتشاراً بين العمال هي النزلات الشعبية والأمراض الصدرية والرمد والاسهال والدوسنتاريا والكبد والجدرىوالسُّل . ثم إنتشر وباء الكوليرا فى صيف عام 1865 فقتل الآلاف منهم الى درجة العجز عن دفن الضحايا ، فكانوا يلقون بهم فى الصحراء . وتلاها ظهور مأساة تعرض العمال خلال الحفر لمادة طينية سائلة كانت تحتوي على فوسفور حارق مما أدى إلى إصابة الآلاف بالأمراض الغامضة التي أدت إلى وفاتهم على الفور.!

5 ـ وإستجابة لأوامر ديليسبس وفي شهر ديسمبر 1861 ذهب سعيد باشا بنفسه إلى منطقة الحفر، وأمر بحشد 20 ألف شاب لزيادة معدلات الحفر، فشهدت بذلك سنوات الحفر الأولى للقناة أكبر عملية حشد للعمال بلغت في عام 1862 ما بين 20 ألف و22 ألف عامل يساقون لساحات الحفر في الشهر الواحد، قادمين من الوجهين القبلي والبحري.

ثالثا :

السخرة فى حفر قناة السويس فى بحث علمى للدكتور عبد العزيز الشناوى ( ت 1986 ).

1 ـ كان الدكتور عبد العزيز الشناوى إستاذا لى فى قسم التاريخ بجامعة الأزهر فى السنة النهائية ، ثم فى الدراسات العليا ( 1973 ، 1974 ). كان عالما باحثا تاريخيا من الطراز الأول ، وتدل على ذلك مؤلفاته فى تاريخ أوربا وتاريخ الدولة العثمانية وتاريخ الأزهر ، وقبلها : رسالته العلمية عن السخرة فى قناة السويس .

2 ـ كان رحمه الله سريع الغضب حاد الخلق لا يسلم أحد من لسانه . وأعتقد أن هذا كان يرجع لسببين : أنه كان عالما وباحثا حقيقيا فى التاريخ وسط أساتذة من الأزهريين غاية فى الجهل ، ولكن كانوا أعلى منه مقاما بإعتبارهم شيوخا أزهريين بينما هو وافد على الأزهر وليس أزهريا صميما ، ثم المأساة التى تعرض لها بسبب رسالته العلمية الرائعة عن السخرة فى حفر قناة السويس ، والتى إعتمد فيها على وثائق هامة جمعها من محفوظات قصر عابدين في 12 عاما بين عامي 1940-1952 من محافظ "المعية السنية" و"دفاتر الوارد والصادر ودفاتر الأقاليم والبرقيات التي كان يتلقاها قصر عابدين، وكذلك الصادرة عنه، والمكاتبات التي تم تبادلها بين الحكومة التركية وولاة مصر من أسرة محمد علي، وهو أمر استلزم جهدا ووقتا كبيرين من الباحث استلزما كل هذه الفترة.صدرت وشاية لأولى الأمر تفيد بأهمية وثائق عثر عليها عبد العزيز الشناوى، فإعتقله صلاح نصر وقام بتعذيبه بنفسه ليقدم هذه الوثائق . ثم أفرجوا عنه بعدها فعاش يحمل داخله إهانة لم ينسها .

رابعا : 

عرض لكتاب :( السخرة في  حفر قناة السويس ) .تأليف الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي ، أستاذ التاريخ الحديث و المعاصر بجامعة الأزهر ، الطبعة الثالثة 1966 ، الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية  )

1 ـ  ( محتويات الكتاب  : مقدمة . الفصل الأول : عهد التسلط القنصلي في مصر ، الفصل الثاني : الصديقان يعالجان مشكلة الأيدي العاملة ، الفصل الثالث: البدء في تنفيذ المشروع وتعطيل لائحة العمال ، الفصل الرابع : دعاية الشركة في مصر لجمع العمال وفشلها ،  الفصل الخامس : دعاية الشركة في الشام لجمع العمال وفشلها ، الفصل السادس :السخرة المقنعة ، الفصل السابع :السخرة السافرة ،  الفصل الثامن :الإسراف في استخدام السخرة، الفصل التاسع : النفاق الإنجيلزي ، الفصل العاشر : الفلاح المصري في مجلس العموم . الفصل الحادي عشر : موت العمال عطشا في ساحات الحفر ، الفصل الثاني عشر : تفشى الأوبئة والأمراض بين العمال في ساحات الحفر ، الفصل الثالث عشر : أجور العمال . الفصل الرابع عشر : جناية سعيد والشركة على الاقتصاد المصري ، الفصل الخامس عشر : الشركة مدينة بحفر القناة لنظام السخرة ).

2 ـ مقطفات من الكتاب لوصف معاناة المصريين المسخرين :

(  واحتفظت الشركة لنفسها بحق حجز أجر خمسة عشر يوما من كل عامل كضمان لعدم تركه العمل ، ثم يستمر صرف الأجور له بعد ذلك كاملة . فإذا أنجز كافة الأعمال تناول العامل قيمة المبلغ المحفوظ له بخزانة الشركة . وقد أرادت الشركة بهذا النص معالجة حالة كانت تتوقعها وهى هروب العمال من ساحات الحفر قبل انتهاء المدة المقررة لبقائهم فيها . وسنرى أنها قامت بنفس المحاولة للمرة الثانية في هذه اللائحة حين فرضت المادة الخامسة عقوبات على العمال الذين يحاولون الهرب . ونستخلص من هذا الاهتمام المتعدد في اللائحة لمنع العمال من الهرب حقيقتين الحقيقة الأولى : هي وجود عنصر الإكراه في استخدام المصريين في حفر القناة  فهم لا يستطيعون ترك أعمالهم في الحفر ، بل أكثر من ذلك تفرض عليهم حراسة شديدة أثناء سفرهم من قراهم إلى منطقة القناة لمنعهم من الهرب في الطريق ، ثم تفرض عليهم مراقبة دقيقة في ساحات الحفر منعا للتراخي في العمل أو الإخلال بالنظام أو الهرب من منطقة القناة . والحقيقة الثانية هى أن الشركة كانت تشعر من أول الأمر بأن المصريين سينفرون من العمل في حفر القناة بسب تفاهة الأجور وقسوة الظروف التي سيعملون فيها وأنهم لن يجدوا ما يغريهم على المضي في حفر القناة ."ص 38 ، 39 بالكتاب الفصل الثاني  )

2 ـ  ( " وإزاء هذه الظروف غير المواتية استمرت الشركة تجميع العمال المصريين بوسائلها الخاصة وتزيد من عددهم قدر الاستطاعة ، وكونت لجنة عهدت إليها بالطواف في قرى الوجه البحري والعمل على استمالة العمال المصريين للالتحاق بخدمة الشركة . وضمت هذه اللجنة مستخدما في الشركة يتكلم العربية بطلاقة وهو يوسف فرنوني vernoniومندوبا من قبل المقاول العام كما ضمنت عاملين بارزين من العمال المصريين للمساعدة في تنظيم جمع العمال وإرسالهم إلى منطقة البرزخ ."   ص 66 الفصل الثالث  ) ( " وهناك فرنسي آخر وهو اوليفيه ريت  Olivier ritt  كان أحد رؤساء العمل في شركة القناة وأقام في  منطقة البرزخ في ذلك الوقت . وقد ذكر في سياق خطاب بعث به من البرزخ في النصف الأول من عام 1861 أن " الحكومة المصرية أرسلت عددا كبيرا من المصريين لحفر ترعة الماء العذب وهم يؤدون أعمالهم على أكمل وجه " وواضح من هذه العبارة أن الحكومة المصرية هى التي تولت جمعهم وإرسالهم وأنهم لم يذهبوا استجابة للإعلانات التي وزعتها الشركة بين المصريين ."  ص 111 ، 112  الفصل السادس  )

3 ـ ( " وتجلى مرة أخرى اهتمام سعيد بتقديم عمليات الحفر على حساب مصالح الشعب المصري ، ولجأ إلى العنف لكبح جماح العمال الثائرين ، فأمر باتخاذ " تدابير حازمة جدا " وأرسل في الحال سفينة بحرية سريعة إلى الوجه القبلي تأخذ من كل مديرية مشايخ البلاد ، وجعل كل شيخ منهم مسئولا عن العمال الذين يفدون من ناحيته ، فيراقب إنتاج العمال في ساحات الحفر أثناء النهار ويحول دون هربهم أثناء الليل . ووضع سعيد ضباط البوليس في خدمة الشركة من يناير 1862 فأمر بأن يصحب عمال السخرة في سفرهم أحد ضباط البوليس من المديرية التي يفد منها الفوج . وكانت مهمة الضابط ويطلق عليه معاون البوليس ، وتنتهي في الزقازيق بتسليم الأنفار إلى مندوب الشركة ." ص 135 بالكتاب  الفصل السابع  )

4 ـ ( " وأخذ إسماعيل حمدي يقوم بجولات تفتيشية متكررة أثناء النهار ، فكان يركب حصانا ويتبعه ضابطان على جواديهما ثم عدد من الجنود على ظهور الخيل . وكان يحرص على أن يثير موكبه الرعب في نفوس العمال .  وكان لا يتحدث إليهم إلا وهو على ظهر جواده . لاحظ في احدي جولاته تقصيرا في عمل اثنين من رؤساء العمال ، فأمر بتنزيلهما فورا إلى رتبة " نفر" من أنفار السخرة ، وحمل كل منهما  الفأس والقفة ، وهبطا إلى قاع القناة ينزعان الرمال ويملآن القفف ليصعدا بها إلى جسر القناة لتفريغها ثم يهبطان مرة أخرى وهكذا . وقد علق أحد الفرنسيين على هذا الحادث فوصف إسماعيل حمدي بالعدل والشدة . وقد انعكست شدة إسماعيل حمدي على المشايخ من رؤساء العمال خوفا من أن ينزل عليهم غضب " البك " . فكان " الشيخ " يقسو على العمال الذين تحت إمرته إذا لاح له أن تقصيرا بدا منهم . وقد أراد إسماعيل حمدي أن تكون عقوبة الضرب علنية وأن يشهد عذاب العمال طائفة منهم . فكانت عقوبة الجلد أو الضرب تتم في الحي العربي في عتبة الجسر ، فتفرش على الأرض قطعة كبيرة من جلد البقر ، ويجلس عليها العامل " المذنب" وينهال الشيخ عليه ضربا بالكرباج أو العصا . ويتهكم أحد الفرنسيين على هذا الأسلوب في توقيع العقوبات ، وقد شاهده بنفسه ، فيطلق على قطعة جلد البقر أنها محل العدالة العربية themis arabe    le lit de    justice    de la   وفى هذا القول مجانبة للحق والواقع ." ص 137،138 بالكتاب  الفصل السابع )

5 ـ ( " وكان هناك قلة من العمال يستسلمون لقضاء الله وقدره ، لا يبرحون ساحات الحفر يحدوهم الأمل في وصول القافلة التي تحمل  ماء الشرب . وكان يطول انتظارهم ويلفظون أنفاسهم قبل أن تدركهم قافلة الجمال . أما العمال الذين قدرت لهم النجاة فقد قاسوا كثيرا من جراء هذه المشكلة . إذا كان بعضهم يشرب من آبار يميل ماؤها للملوحة ..."    تلك الفقرة ص 233 بالكتاب الفصل الحادي عشر  )

6 ــ  ( " وقد نشر كبير أطباء الشركة الإحصائية التالية عن عدد العمال المصريين وإصابتهم ووفياتهم ، وذلك في تقريره بتاريخ أول يوليو 1864 :

 

الشهر                         عدد العمال           عدد المرضى     عدد الوفيات

يناير 1864

فبراير

مارس

ابريل

مايو

 

 

المجموع 

10,907

11,420

10،563

6,022

8,868

 

 

47,780

470

237

315

321

200

 

 

1,480

24

45

41

38

26

 

 

174

 

 

ص 266 بالكتاب الفصل الثاني عشر )

7 ـ ( " انتشار الأوبئة بين العمال في ساحات الحفر  :

تجمعت على العمال المصريين الكوارث من كل نوع وصوب . فإلى جانب أهوال أزمة ماء الشرب ومجانية العمل والإرهاق فيه والضرب بالكرباج والزج بهم في السجن جاءت الأوبئة فعصفت بالعمال في غير هوادة أو شفقة . وكان من بين هذه الأوبئة حسب ترتيب ظهورها : التيفود والتيفوس والجدري والكوليرا والحمى الراجعة . وكانت بعض الأوبئة تختفي لتعود مرة أخرى بعد سنة أو سنتين أكثر عنفا وأشد فتكا من المرة السابقة ."  ) ( ص 266 بالكتاب الفصل الثاني عشر )

8 ـ " وقد أعترف فوزان بك مدير عام أشغال حفر القناة بضآلة أجور عمال السخرة ، وأنها لم تف بنفقات طعامهم ، كما قرر أن ضآلة تلك الأجور كانت السبب الرئيسي الذي حمل الفلاحين على الهرب من ساحات الحفر . ولكنه يبرر مركز الشركة فيقول إنه كان في مقدور الفلاح لو كانت لديه الخبرة والمران الكافيان أن يزيد إنتاجه فيحفر في اليوم الواحد أجزاء من الأرض أكبر من الأجزاء التي كان يحفرها الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أجره . وهذا القول دفاع هزيل عن الشركة من جانب مدير عام الأشغال فيها . فالفلاح المصري كان يبذل جهدا لا يستطيع أن يبذله فيه غيره من العمال الأجانب ، وكان إنتاجه في العمل يفوق إنتاج أي فرد آخر . وقد أجمع كل من شاهد المصريين وهم يحفرون القناة على نشاطهم وحميتهم وصبرهم على تحمل المتاعب . ويضاف إلى ذلك أنهم كانوا يعملون في جو قاري عنيف . وقد قرر أحد الزوار الفرنسيين عقب عودته من ساحات الحفر أن المصرين كانوا " يحفرون القناة من شروق الشمس إلى غروبها ، وكثيرا ما كانوا يواصلون العمل إلى وقت متأخر من الليل في الليالي القمرية " . فلا يمكن مطالبة الفلاحين بأن يعملوا فوق طاقتهم البشرية وقد تجاوزوها فعلا وسقط كثير منهم صرعى من الإعياء . " ص 290 من الكتاب الفصل الثالث عشر  )

9 ـ ( " في أحيان كثيرة كانت الشركة تمتنع تماما عن دفع أجور نقدية للعمال وتكتفي بتقديم (الجراية )وتوزيع ماء الشرب عليهم . نخرج مما سبق بحقيقة لا مراء فيها وهى أن الشركة  لم تكن تدفع دائما الأجور للعمال المصريين . وسواء كان هذا التوقف عن الدفع ناجما عن امتناع صريح منها أو ناتجا عن تحايل منها بطريقة أو أخرى فقد تراكمت عليها ديون كبيرة لهم بلغت أربعة ملايين وخمسمائة ألف فرنك أي ما يوازي مائة وثلاثة وسبعين ألف ومائتين وخمسين جنيها مصريا ، وقد حاولت الشركة التهرب من دفع هذا المبلغ ولم تسدده إلا بحكم ملزم لها لم يكن قابلا للاستئناف . وكان تسديدها للمبلغ بطريق غير مباشر وهو الخصم من قيمة التعويض الذي فرضه الإمبراطور نابليون الثالث على مصر في مقابل إلغاء السخرة في حفر القناة ." ) ص 296 بالكتاب الفصل الثالث عشر ).

أخيرا :

من قال إن الاسترقاق قد إنتهى من العالم ؟ !!

 

 


التعليقات (8)

1   تعليق بواسطة  Ben Levante    في   الجمعة 05 اغسطس 2016

[82689]


استغلال البشر عبر التاريخ


السلام عليكم

سواء سميناة استرقاقا أو استعبادا أو ملك لليمين فهو في نهاية الامر استغلال للبشر لصالح بشر آخرين، وهذا كان موجودا في جميع أنحاء العالم، وخفت وطأته في اوربا والعالم الجديد, وفي كثير من الاحيان لبس ثوبا آخر، بينما بقي يراوح في مكانه في العالم الثالث. في منتصف القرن التاسع عشر، أي عند حفر قناة السويس، كان معدل ساعات العمل اليومية في اوربا (ألمانيا، انكلترا) يتراوح بين 12 و 16 ساعة. اجرة العامل في المصانع لم تكن تكفي لمعيشة العائلة، فتتضطر الزوجة ويضطر الاولاد العمل في المصنع أيضا.

في اوربا حصلت تطورات في القرنين الاخيرين دفع الناس لها ثمنا باهظا حتى وصلوا إلى ماوصلوا إليه اليوم، فهل يتعظ سكان العالم الثالث من هذه التجربة المكلفة. كل ماعليهم هو أن يستعملوا عقلهم، يحركوه، يطلقوا له العنان. لقد مُنحنا نحن البشر هذا العقل، لكن كثير منا عَلّبه (علبة سردين، كي لا يتلف...).

أخ أحمد، شيء خارج عن الموضوع: قبل دقائق انتهى برنامج في تلفزيون فرانس 24 (عربي) واسمه "في فلك الممنوع" عن الارتداد عن الدين (البرنامج حسب ظني معاد). وكان ضمن المدعويين الاعلامي المغربي رشيد (حمامي) – لقد كنت أنت ضيفا عنده في برنامج له، وهو مسلم اعتنق المسيحية. من المؤسف أن هذه الاذاعة الشهيرة وفي هكذا برنامج لا يُسأل انسان مثلكم عن رأيه (فهل هذا ذنب الاذاعة فقط أم ذنبكم أيضا؟). ثم ما يزعجني مهاجمة فكر استنادا على تطبيق هذا الفكر بغض النظر عما إذا كان التطبيق موافقا لهذا الفكر أم لا. ,أخيرا مايزعجني أيضا هو أن (المسلمين) لم يعرفوا حتى الآن أن مشاكلهم موجودة فيهم وليس بينهم وبين الفكر الآخر. أنا اشبههم بانسان مضى عليه اشهر لم ير جسمه فيها الماء والصابون، وتزعجه الرائحة الكريهة التي يشمها أينما ذهب.

 

  تعليق بواسطة  الشيخ احمد درامى     في   الجمعة 05 اغسطس 2016

[82704]

تعليق بواسطة الشيخ أحمد درامي


استرقاق الأحرار موجود حتى الآن في السعودية. هناك حاليا بنت من بلادي (السنغال، غرب إفريقيا) اسمها "مبايانغ جوب" ذُهبت بها إلى السعودية لتخدم هناك. وهي الآن مهددة بالإعدام لأنها قتلت التي هي في بيتها، بتاريخ 16 juin / 2016. وهي الآن مسجونة في السعودية تنتظر المحاكمة. وهناك حاليا جهود ديبلوماسية مكشفة بين السنغال والسعودية بشأن الآنسة "مبايانغ جوب".

ما في حد يطرح سؤال: ما الذي دفعتها على قتل ربة البيت؟!.

وهناك بنات محتجزات في ديور سعودية: (إفريقيات، واندونيسيات وغيرهن)، يعانين العبودية الإجبارية. لقد حكت إحدى سنغالية أفلتت من هناك. أنها كانت تعمل إلى ساعة متأخرة جدا من الليل، فإذا أنهت شغلها وأرادت أن تستريح يأتي أحد جيران "سيدها" يستعيرها إلى بيته كي تنظف له كذا وكذا. فأذهبت إلى منزل ذلك الجار. وأرغمت إلى تنظيف المراحيض، والمطبخ، وتنظيف آنية كثيرة. ولا تستريح إلا بعد الساعة الثالثة أو أعلى من الليل.

وأين هؤلاء والإسلام؟

  تعليق بواسطة  محمد شعلان    في   السبت 06 اغسطس 2016

[82712]

 

رحلة البحث عن كتاب


 أذكر أنه منذ أكثر من عشر سنوات قد كلفنا أستاذنا العزيز ، دكتور / احمد صبحي منصور ، بشراء نسخة من كتاب الدكتور الفاضل الراحل/ عبدالعزيز الشناوي، عنوان الكتاب" السخرة في حفر قناة السويس"  وارسالها له في بلد المهجر، الولايات المتحدة، وقد لبينا الطلب ونزلنا الى مكتبات القاهرة نبحث عن هذا الكتاب الذي هو موضوع المقال والبحث الذي بين  أيدينا الآن،  شهورا كاملة أبحث في مكتبات القاهرة من أول الهيئة العامة للكتاب بفروعها المختلفة،  ومكتبة الأنجلو وهى صرح كبير للكتب القيمة في  وسط البلد لكبار المؤلفين والمؤرخين وكانت هى الناشر لكثير من كبار مؤرخي مصر ، ومكتبة دار  الشروق  ومكتبات وفروع دار المعارف بالفجالة ووسط اليلد،  ومكتبات الغد العربي بعباس العقاد ومكتبة مدبولي بالقاهرة بميدان طلعت حرب بوسط البلد،  ولم استطع الحصول على نسخة من الكتاب!

 ورحت ابحث في مكتبات شارع الازهر، ومكتبات خلف الجامع الأزهر كثير جدا مهتمة بطباعة المناهج الجامعية والكتب التراثية والتاريخية، عساني  أن أجد الكتاب ، وفشلت ويأست ، وذهبت لمعرض الكتاب،  ودرنا على كل دور النشر المصرية والعربية المشاركة  فيه لمدة عامين متواصلين للحصول على نسخة من الكتاب، ولم أجده أيضاً؟

 واستسلمت للأمر الواقع  وحزنت لمدي ضعفي وفشلي في الحصول على الكتاب، وعندما كنت اسافر شهرياَ للعمل بالواحات، كنت أسأل كل مكتبة صغيرة أمر بها لعلني اجد نسخة قديمة منسية، ولم أنجح في ذلك أيضاً!


وصار  هناك توق واشتياق لإقتناء نسخة من هذا الكتاب،  وصارت هناك حميمية ومعرفة  بيني وبين اسم المؤلف الراحل الدكتور /عبدالعزيز الشناوي، معرفة يشبوها الغموض الشديد!   والتقدير الشديد  وفشلت ايضا.

 ولكن استاذنا الدكتور صبحي منصور تصرف بمعرفته، وبمعارفة وبثقله وهو خارح مصر  وجاء الفرج، من أحد المعارف وقد طلب لقاء الأخ الأصغر للدكتور /صبحي منصور ،، المهندس/ عبداللطيف،  وراح وجاء بالكتاب بعد مقابلة مع أحد المعارف القدامى للدكتور منصور.

 وكانت فرحة عامرة غامرة وتملت عيوننا بنسخة من الكتاب، نسخة واحدة وحيدة، كان المطلوب أن نرسلها لأستاذنا في الولايات المتحدة مع أحد المسافرين،  وقمت قبل ذلك بتصوير الكتاب في أحد أماكن  التصوير، وتغليف النسخة المصورة، والاحتفاظ بها حتى الآن.

 

  تعليق بواسطة  محمد شعلان    في   السبت 06 اغسطس 2016

[82713]


كيف تقيم كتاب؟


 وعرفنا كيف نقَيِّم كتاب ، من رحلة البحث والطلاع على عشرات العناوين في موضوع حفر قناة السوسي  والسخرة التي تمت للمصريين قديما ،  وحديثارفي المرات الثلاث التي تمت فيهم حفر القناة فيب عهد سعيد والتوسيع في عهد السادات والمرة الاخيرة في التفريعة الحديثة في عصررنا الراهن.

 في رحلة البحث هذه عن كتاب مفقود ومصادر بدأنا نتعرف على تاريخ  ونصال العالم الارحل دكتور عبدالعزيز الشناوي، قرأنا الكثير من الكتب الآخرة لشفي الغليل والتعويض  الكتاب المصادر ولم يحظث ما تمنياه،

 وخصوصا عندما رأينا ولمسنا اصرار الدكتور صبحي منصور ، على اقتناء هذا الكنز الثمين والحصول عليه كتاب " السخرة في حفر قناة السويس"

 ازددنا خبرة في تقييم الكتب في  المحال الذي تبحث فيه، بفضل هذا الكتاب الذي لم نكن قد قرأنه بعد لأننا لم نفلح في الحصول عليه

  تعليق بواسطة  محمد شعلان    في   السبت 06 اغسطس 2016

[82714]


تابع كيف تقيم كتاب


 وعرفنا أنه يمكنك أيضا أن تقيم كتابا  وتعرف قدره من قبل أن تقرأه،    بأن يكون كتاباً يتناول موضوعاَ حساسا يمس كرامة الشعب والتاريخ الأسود المشين في السخرة والاستعباد، ويصادر الكتاب من السوق ومن جميع المكتبات، هنا تعرف قدر هذا المؤلف المؤرخ  ومنزلته العلمية.

  عرفنا أيضا ان هناك باعة كتب مخضرمين، وأبدوا رأيهم في أن الحصول على هذه النسخة  لن يتم الا بالسفر إلى الاسكندرية، حيث مقر دار النشر التي نشرت الكتاب في الطبعة الاولى الوحيدة.، وعقدت العزم على السفر الى الاسكندرية. ولكن الإمداد كان قد وصل ووصل لنا الكتاب. بعون من الله تعالى!

  تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور    في   السبت 06 اغسطس 2016

[82715]


شكرا أحبتى .. أكرمكم الله جل وعلا ، واقول:


أخى بن ليفانت : سأتعرض للاسترقاق فى العصر الحديث فى مقال قادم بعون الله جل وعلا . ولقد سجلت عدة حلقات مع رشيد ـ نسيت عددها ، وأحدثت أثرا هائلا ، وهذه إجابة على تساؤلك ، فالمسلمون فى تقديسهم للخرافات ـ أو الوساخات ـ ينزعجون ممّن يحاول تنظيفهم منها. ولقد أصدرت القاعدة على الانترنت فتاوى تحرض على قتلى ، وسبقتها  فتاوى أخرى توالت بسبب مقالات عن ابى هريرة والكلاب ، والمسكوت عنه من تاريخ عمر بن الخطاب . وبعدها إزدادت مقالاتى عددا وهجوما على الخلفاء الراشدين ومعتقدات السنيين ، ولكن توقفت حدة الاتهامات وتوقفت فتاوى القتل . وهذا نجاح أسعد به . وما يأتى الىّ من رسائل أصبح الشكر فيها أكثر كثيرا من الذم ، بل إن الذم اصبح معتدلا
أخى شيخ الدرامى : سأتعرض أيضا للاسترقاق فى عصرنا الحديث وإلغائه شكليا مع بقائه فى دول الخليج تحت اسماء أخرى . أرجو أن تكتب لنا عن أحوال المسلمين فى السنغال
إبنى الحبيب د محمد شعلان .. أكرمك الله جل وعلا وجزاك خيرا .. فلقد وقفت الى جانب عمك أحمد صبحى منصور بكل إخلاص وحُبّ . ولم تخذلنى أبدا..!
أدعو الله جل وعلا أن يجزيك واسرتك خير الجزاء.


  تعليق بواسطة  محمد شعلان    في   السبت 06 اغسطس 2016

[82722]


الدولة العثمانية للدكتور / عبدالعزيز محمد الشناوي!



تنويه واجب،  ومعى حبي وتقديري للعالم الراحل دكتور / عبدالعزيز الشناوي ،زوفي رحلة شراء واقتناء الكتب، وجدت مرجعا عظيما من مؤلفات الدكتور / الشناوي . في مكتبة الانجلو بعنوان "الدولة العثمانية المفترى عليها" في حدود الف صفحة، وعليه تخفيض في السعر لأنه كان آخر نسخة في مكتبة الأنجلو المصرية ، وكان بخمسة عشرة جنيها مصريا فقط لا غير،  واشتريته على الفور، هذا للعلم إذا أراد أستاذنا العزيز الحبيب دكتور /أحمد صبحي،  اقتنائه فهو عندي  أرسله لك مع حبي واعزازي.

 


 

  تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور    في   الأحد 07 اغسطس 2016

[82728]


شكرا ابنى الحبيب د محمد شعلان



وعندى هذا الكتاب فى مكتبتى

 

 

 

 

ملك اليمين : أنواع الرقيق : الخصيان :( لمحة عامة  )

مقدمة :

1 ـ من أبشع أنواع الظلم تحويل الصبي الحر الذكر إلى عبد خصي لينشأ إنسانا مطحون الهوية ليس بالذكر ولا بالأنثى ، وذلك ما كان عليه الخصيان في العصور الوسطى ، قبل نزول القرآن الكريم من الصين  شرقا الى الى البيزنطيين غربا .

2 ـ والخصاء كان على نوعين ، احدهما خصاء كلى باستئصال عضو الذكورة والخصيتين ، والخصاء الجزئي وهو استئصال الخصيتين فقط .. والصبيان الذين كانت تجري لهم عمليات الخصاء كان يموت أغلبهم ولذلك كان من يبقي منهم على قيد الحياة غالى الثمن ، وحين يكبر تحدث له تغيرات جسمية ونفسية إذ تطول القامة وتطول الأصابع وتتدلي شفاههم السفلي وتتأثر قوة الأبصار ، ويميل الخصي إلى الانطواء والحزن والبكاء ، وإذا ولى منصبا كان شديد الجبروت .

3 ـ وفى العصور الوسطى شارك المسلمون والنصارى واليهود في جرائم الخصاء  ..كان الأسري من السلاف يؤتي بهم إلى فردان بفرنسا حيث يقوم التجار اليهود بخصيهم ويباعون للمسلمين في الأندلس .. وكان في الأندلس مراكز أخري للخصاء بالقرب من قرطبة وفي مناطق التخوم مع فرنسا ، واعترف المقرى  في كتابه " نفح الطيب " بأن المسلمين كانوا يقومون بالخصاء في تلك المناطق .. أما الخصيان السود فكان مركزهم في مصر .. إذ كانت قوافل العبيد يؤتي بها من دارفور وكردفان في رحلة تستغرق أربعين يوما حتى أسيوط . وكانت القافلة تضم حوالي خمسة ألاف من العبيد . ويجرى للصغار المتميزين منهم عملية الاخصاء فيموت أغلبهم ، وبعد أن يتم شفاء الباقين يرسلون إلى الآستانة العثمانية . وكان الأقباط المصريون يقومون بمهمة الاخصاء هذه في اثنين من الأديرة في أسيوط . وخارج بلاد المسلمين كان الخصاء معروفا في بلاد الروم والصين .. 

4 ـ والأئمة والفقهاء  فى أديان المسلمين الأرضية  لم يحتج أحدهم على تلك الظاهرة ولم نسمع أن أحدهم وقف ضد هذا المنكر أو كتب يستنكره ، ولم يستشعر الخزي في أن يفقد الطفل حريته ، ثم تقطع أعضاؤه التناسلية ليعيش بعدها – أن عاش – وهو مسحوق الآدمية منتهك الحرمات يعبث به السادة والسلاطين الذين يحظون بنفاق الفقهاء وتبجيل العلماء .

أولا :

الخصيان قبل نزول القرآن :

1 ـ إشتهرت به الصين والامبراطورية البيزنطية . وعكست ذلك الكتابات الدينية .

2 ـ وجاء فى سفر  دانيال فى الاصجاح الأول : (  1: 6 و كان بينهم من بني يهوذا دانيال و حننيا و ميشائيل و عزريا 1: 7 فجعل لهم رئيس الخصيان اسماء فسمى دانيال بلطشاصر و حننيا شدرخ و ميشائيل ميشخ و عزريا عبد نغو 1: 8 اما دانيال فجعل في قلبه انه لا يتنجس باطايب الملك و لا بخمر مشروبه فطلب من رئيس الخصيان ان لا يتنجس 1: 9 و اعطى الله دانيال نعمة و رحمة عند رئيس الخصيان 1: 10 فقال رئيس الخصيان لدانيال اني اخاف سيدي الملك الذي عين طعامكم و شرابكم فلماذا يرى وجوهكم اهزل من الفتيان الذين من جيلكم فتدينون راسي للملك 1: 11 فقال دانيال لرئيس السقاة الذي ولاه رئيس الخصيان على دانيال و حننيا و ميشائيل و عزريا 1. ). وفى سفر التثنية : (  لا يدخل خصي أو مجبوب في جماعة الرب (تثنية 23: 1) .

3 ـ ويرى باحث أن هناك ( العديد من الخصيان في الكنيسة و كانوا محتقرين. و وجب على بولس أن يرد وضعهم و يجعله شرعياً و إعطائهم قانون اجتماعي مثلا ليستعدوا لملكوت الله. كان بولس إذن يعالج قضية نفسية. أعطي لهم القدرة في أن يختصوا بالله و الحصول على المكانة الاجتماعية، التي يجب أن تكون على الأقل كبيرة كالذين لهم القدرة على أن يصبحوا آباء. هناك الخصيان بعملية الإخصاء و هناك أيضا النساء الخصيان اللاتى لا يستطعن الحمل. يحتاجون المكانة الاجتماعية في التساوي في الكنيسة و أعطى لهم بولس ما في كورنثوس 7.   إن موقف المسيح من الزواج موجود و واضح في حديثه مع المرأة السامرية في يوحنا 4: 16-18. )

ثانيا :

الخصيان فى العصر الأموى :

1ـ  لم ترد أى إشارة قرآنية للخصيان أو الإخصاء . ولكن صيغت احاديث فى أواخر العصر العباسى وأوائل العصر المملوكى ورد فيها ذكر الخصيان ، وقد إحتج عليها ابن القيم وعدها من الموضوعات ، قال فى كتابه : ( المنار المنيف )  (  ومنها أحاديث ذم الترك وأحاديث ذم الخصيان وأحاديث ذم المماليك 190 كحديث لوعلم الله في ‏الخصيان خيرا لأخرج من أصلابهم ذرية يعبدون الله 191 وحديث شر المالفي آخر الزمان المماليك‏. )
2 ـ وأول إشارة لوجود ( خصى ) وردت فى تاريخ معاوية ، جاء فى ترجمة معاوية فى تاريخ ابن كثير ، قال عن زوجة معاوية  (ميسون بنت بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة الكلبي  ) أم ابنه يزيد :  ( وكانت حازمة عظيمة الشأن جمالاً ورياسة وعقلاً وديناً، دخل عليها معاوية يوماً ومعه خادم خصي ، فاستترت منه ، وقالت‏:‏ ما هذا الرجل معك‏؟‏ فقال‏:‏ إنه خصي فأظهري عليه‏.‏ فقالت‏:‏ ما كانت المثلة لتحل له ما حرم الله عليه، وحجبته عنها‏.‏ ). أى إعتبرت الخصاء ( مُثلة ) بآدمى حىّ . ومنتظر وجود الخصيان فى بلاط معاوية لأنه سار على ماإعتاده البيزنطيون ، ولقد إستغربت زوجته ميسون الكلبية الاعرابية ،لأنه لم تألفه فى مضارب قومها من قبيلة ( كلب ) .

3 ـ ومالبث أن اصبح وجود الخصيان أمرا مألوفا . وأول رواية  عن حدوث الخصاء في تاريخ المسلمين جاءت في تاريخ الخليفة سليمان بن عبد الملك الأموي ـ وكان مشهورا بالغيرة ـ وقد  جاء  عنه فى ( المنتظم ) لابن الجوزى : ( كان سليمان بن عبد الملك في نادية له فسمر ليلة على ظهر سطح ثم تفرق عنه جلساؤه ، فدعا بوضوء فجاءت به جارية له ، فبينا هي تصب عليه إذا استمدها بيده وأشار إليها ، فإذا هي ساهية مصغية بسمعها مائلة بجسدها كله إلى صوت غناء تسمعه في ناحية العسكر . فأمرها فتنحت واستمع هو الصوت فإذا صوت رجل يغني  ، فأنصت له حتى إذا فهم ما يغني من الشعر، ثم دعا جارية من جواريه غيرها فتوضأ‏. فلما أصبح أذن للناس إذنًا عامًا فلما أخذوا مجالسهم أجرى ذكر الغناء ومن كان يسمعه ولين فيه حتى ظن القوم أنه يشتهيه ، فأفاضوا في ذلك التليين والتحليل والتسهيل ، وذكروا ما كان يسمعه من أهل المروءات وسروات الناس. ثم قال‏:‏ " هل بقي أحد يسمع منه ؟ " قال رجل من القوم‏:‏ " عندي رجلان من أهل أيلة حاذقان . " فقال‏:‏ " أين منزلك من العسكر ؟"  فأوما إلى الناحية التي كان فيها الغناء.  فقال سليمان‏:‏"  يبعث إليهما . " . فوجد الرسول احدهما فأقبل به حتى أدخله على سليمان فقال له‏:‏ " ما اسمك ؟ قال : " سمير " ...‏ فسأله عن الغناء كيف هو فيه ؟  قال‏:‏ " حاذق محكم" .  قال‏:‏ " فمتى عهدك به ؟ " قال‏:‏ " في ليلتي هذه الماضية " قال‏:‏ " وفي أي نواحي العسكر كنت؟ ،  فذكر له الناحية التي سمع فيها الصوت . قال‏:‏ " فما غنيت ؟ ...‏ فذكر الشعر الذي سمع سليمان.  فاقبل سليمان يقول‏:‏ " هدر الجمل فضبعت الناقة ، وهب التيس فشكرت الشاة ، وهدر الحمام فرافت،  وغنى الرجل فطربت المرأة . "  ثم أمر به فخصي . وسأل عن الغناء أين أصله وأكثر ما يكون قالوا‏:‏ بالمدينة وهو في المخنثين وهم الحذاق به والأئمة فيه . فكتب إلى عامله في المدينة وهو أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم أن : أخص من قبلك من المخنثين‏.‏ )

  رابعا :

الخصيان فى العصر العباسى :

1 ـ مع إنتشار الذوذ الجنسى فى العصر العباسى تكاثرت أعداد الخصيان ، واصبح وجودهم ظاهرا فى قصور الخلافة العباسية .

2 ـ واشتهر الخليفة الأمين على حد قول الطبري بأنه طلب الخصيان واشتراهم وصيرهم لخلوته في ليله ونهاره ورفض النساء في سبيلهم حتى اتهموه بهم ، وحتى قال فيه أبو نواس ساخرا :

احمدوا الله جميعا يا جميع المسلمينا   ثم قولوا ( لا تملوا ) ربنا ابق الأمينا

صير الخصيان حتى صير التعنين دينا       فاقتدى الناس جميعا بأمير المؤمنينا

3 ـ ولم يعد عيبا التغزل فى الخصيان وإستخدامهم فى الشذوذ الجنسى . ومع إزدهار تجارة الرقيق فقد كان الخصيان هم الأعلى أجرا ،  واقتدى السادة بالخليفة الأمين ، فكانوا يفضلون شراء العبيد الخصيان ،لاستعمالهم جنسيا وفى الجندية والحرب .

ولم يعد عيبا أن تشيع مقولة عن الخصيان ذكرها الثعالبي في كتابه " اللطائف والطرائف" وهي أنهم : ( بالنهار فوارس وبالليل عرائس  )!! وقيل عن الخصي إنه " يصلح للفراش والهراش " ..أي للمتعة والحرب .. ويقول الشاعر فيهم :

 هم نساء لمطمئن مقيم .. ورجال أن كانت الأسفار.

4 ـ وفى رسالته (مُفاخرة الجواريوالغلمان ) يقول الجاحظ : (  وذكرت الخصْيان وحُسن قدودهم ونعمة أبشارهم والتلذُّذ بهم وأنَّ ذلكشيءٌ لا تعرفه الأوائل فألجأْتنا إلى نصف ما في الخصيان وإن لم يكن لذلك معنىً فيكتابنا إذ كنّا إنمّا نقول في الجواري والغلمان‏.‏

والخصيُّ - رحمك الله - في الجملة ممثَّل به ليس برجل ولا امرأة، وأخلاقه مُقسَّمة بين أخلاق النساء وأخلاق الصِّبيان ، وفيه من العيوب التي لو كانتفي حوْراء كان حقيقاً أن يُزهد فيها منه ، لأن الخصيَّ سريع التبدُّل والتنقُّل منحدّ البضاضة وملاسة الجلد وصفاء اللَّون ورقَّته وكثرة الماء وبريقه إلى التكسُّروالجمود والكمود والتقبُّض والتجمُّد والتحدُّب وإلى الهزال وسوء الحال‏.‏لأنّك ترى الخصيَّ وكأنَّ السيوف تلمع في وجهه وكأنه مرآةٌ صينيَّةوكأنّه جُمارة وكأنّه قضيب فضّةٍ قد مسَّه ذهب وكأنّ في وجناته الورد‏.‏ فإن مرض مرْضةً أو طعن في السنِّ ذهب ذهاباً لا يعود‏.‏وقال بعض العلماء‏:‏ إنّ الخصيَّ إذا قُطع ذلك العضو منه قويتْشهوته وقويتْ معدته ولانت جلدته وانجردت شعرته وكثرتْ دمعته واتَّسعت فقْحته ( الفقحة : فتحة الشرج ) ويصيركالبغل الذي ليس هو حماراً ولا فرساً لأنّه ليس برجلٍ ولا امرأة‏.‏فهو مذبذبٌ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء‏.‏ويعرض للخصيّ سُرعة الدَّمعة والغضب وذلك من أخلاق النساءوالصِّبيان‏.‏ويعرض له حبُّ النميمة وضيقُ الصَّدر بما أُودع من السِّرِّ‏.‏ويعرض لهم البول في الفراش ولا سيَّما إذا بات أحدهم ممتلئاً منالنَّبيذ‏.‏ومما ناله من الحسرة والأسف لما فاتهم من النّكاح مع شدّة حبِّهمللنساء أبغضوا الفحول أشدَّ من تباغض الأعداء فأبغضوا الفحول بُغض الحاسد لذويالنِّعمة‏.‏وزعم بعض أهل التجربة من الشُّيوخ المعَّمرين أنَّهم اعتبروا أعمارضروب الناس فوجدوا طول أعمار الخصيان أعمَّ من جميع أجناس الرجال وأنهم لم يجدوالذلك عِلّةً إلاَّ عدم النّكاح‏.‏وكذلك طول أعمار البغال لقلة النَّزْو‏.‏ووجدوا أقل الأعمار أعمار العصافير لكثرة سفادها‏.‏ثم الخصيُّ مع الرِّجال امرأة ومع النِّساء رجل‏.‏ ) .

وبعدها تكلم عن الشذوذ الجنسى بكلام نستحى منه ، إلا إنه ـ مثل كلامه ـ عن الخصيان يعكس ثقافة عصره .

 


التعليقات (3)

1   تعليق بواسطة  Ben Levante    في   الأحد 07 اغسطس 2016

[82730]

 

عادات المجتمعات وقت التنزيل



السلام عليكم

عند نزول القرآن كانت هناك عدة عادات معروفة في المجتمعات التي واكبت ذلك العصر مثل الخصاء والشذوذ الجنسي والختان وقتل الاولاد خشية املاق وملك اليمين، ولا أظن أن الخصاء لم يكن معروفا للعرب في ذلك الزمان فقريش كانت تجارتها مع الدولة البيزنطية (رحلة الشتاء والصيف)، وبما أن الرسول والرسالة جاء رحمة للعالمين وليس للعرب فقط، كان من المفترض التطرق لهذه العادات. القرآن ذكر قتل الاولاد (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ)، ثم إلى الشذوذ الجنسي بين الرجال (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)، لكنه لم يذكره بين النساء. الختان لم يأت أمر به، لذلك لا يدخل ضمن تشريع القرآن (حسب ظني)، وهو عادة اجتماعية لا دخل للقرآن بها. ملك اليمين تكلمنا عنه ما فيه الكفاية. أما الخصاء فلم يأت شي به (حسبما اعرف)، مع أنه عمل اجرامي يعجز الخيال عن التنديد به، عمل لا يخطر على بال ابليس.  

  
  تعليق بواسطة  فتحى احمد ماضى    في   الإثنين 08 اغسطس 2016

[82733]

 

نقطة على حرف تقرر المصير



لا احد يا دكتور من الحكام وعلمائهم يريد للحقيقة ان تصل للشعوب حتى لا يعرفوهم على حقيقتهم الظالمة وخاصة خلفاء المسلمين المعصومين والمختارون من الله ليحكموا في الارض حسب اقوال السلف ..يذكر ان احد خلفاء بني امية في القرن السابع الميلادي كما ذكر الاصفهاني امر والي المدينة ب احصاء المخنثين من المطربين فراى الوالي نقطة على الحاء تركتها ذبابة لتتحول الكلمة الى اخصاء بدلا من احصاء فامر الوالي باخصائهم جميعا فكانت الكارثة  ان صح الخبر كارثة في العقل البشري لهذا الوالي الذي يطبق امر الخليفة ويعصي الله فيغير خلق الله امتثالا لامر الخليفة وطمعا في رضاه وماله وينسى امر الله ورضاه فيكون من الخاسرين فلو فكر هذا الوالي للحظة لسال على الاقل قبل ان يرتكب هذا العمل الاجرامي وهذا تماما ما يفعله انصار داعش والقوى التكفيرية في البلاد العربية حاليا يقتل وينكل ويقطع الرؤوس امتثالا لاوامر شيخة ورئيسة الضال الظالم وينسى اوامر خالقة ويقول لك انا اطبق شرع الله  لا حول ولا قوة الا بالله

 

  تعليق بواسطة  آحمد صبحي منصور    في   الإثنين 08 اغسطس 2016

[82739]


شكرا أحبتى ، وندعو الله جل وعلا أن يعيننا على الاستمرار



أخى الحبيب بن ليفانت : يكفى ان ربك جل وعلا حرّم الظلم ـ قليله وكثيره . العرب فى جزيرتهم الصحراوية لم يعرفوا الشذوذ ولم يعرفوا الخصاء . كان العرب قبائل رُحّلا ، أو مقيمين فى مدن فى مكة والطائف والمدينة ومدن اليمن . وكان منهم من عاش قرب الفرس والروم وكونوا إمارات كالغساسنة فى الشام والمناذرة جنوب العراق . ولم يكن هناك إتصال على مستوى يسمح للعرب بنقل عادة الخصاء الذى كان موجودا فى قصور السادة الفرس والروم . إقتصرت العلاقة بين قريش والبيزنطيين على التبادل التجارى فى الشام الذى إحتله البيزنطيون وقتها
أخى الحييب استاذ فتحى ماضى : شكرا على حضورك المتألق فى الموقع ، وأتمنى أن يستمر متألقا مثل أخى بن ليفانت الذى يقوم بتفتيح موضوعات يشغلنى بها باستمرار . موضوع الخصيان أكتب فيه كأنما أغمس القلم فى قلبى وأحشائى .. أكره الظلم وأنتمى للمستضعفين . وليس هناك من المستضعفين مثل صبى خطفوه ثم مثّلوا بجسده بهذه البشاعة . إذا مات إستراح وإذا عاش ظل يحمل هذا الظلم فى جسده وفى قلبه
ومن اسف أن ( أئمة ) الفقه لم يستنكروا هذا الظلم . وحتى من إبتغى الاصلاج فى داخل دينه السنى وكتب محتجا على ما يفعله عصره لم يكتب محتجا منددا بهذه الجريمة الشنعاء . لم يفعل هذا الغزالى وابن الجوزى وابن تيميه وابن القيم وابن الحاج العبدرى والشعرانى فيما كتبوه من (فقه وعظى ). عموما فإن الظلم كان مسكوتا عنه من أولئك الفقهاء . وليس هذا مستغربا .. فقد ظلموا رب العزة جل وعلا قبل أن يظلموا الناس.

( ملك اليمين : لمحة أصولية تاريخية )
فكرة عن الكتاب
لأن التشريع القرآنى تعرض لموضوع ( ملك اليمين ) فإن بعضهم يتهم الاسلام بالاعتراف بالرق وتسويغه بينما حرمته اوربا وأمريكا . هؤلاء يتناسون أن الاسترقاق لا يزال قائما حتى اليوم ولم تفلح اوربا وامريكا فى منعه بل فاقمت مشكلته ، وأن الحل الاسلامى فى علاج الاسترقاق هو الأفضل . التفاصيل فى هذا الكتاب ، الذى بدأ مقالات ، أحدثت الكثير من الردود والتعليقات ، ولأهميتها ننشرها مع المقالات فى هذا الكتاب . وروعى فى تقسيم المقالات أن تتناغم مع عناوين الفصول .
والله جل وعلا هو المستعان .
أحمد صبحى منصور
أغسطس 25 / 2016 .
more