رقم ( 7 )
الفصل الخامس : نزول الأقدار ليلة القدر

الفصل الخامس :  نزول الأقدار ليلة القدر  

 (إنَّآ أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ ﴿١﴾ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ ﴿٢﴾ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌۭ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍۢ﴿٣﴾ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍۢ ﴿٤﴾ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ﴿٥﴾   )

 

 أولا : الانسان بين الاختيار والإختبار

1 ـ قلنا أن الله تعالى خلق العالم من اجل اختبار الإنسان , والملائكة عنصر أساسي فى تجهيز ذلك الاختبار . وليلة القدر هي الموعد السنوي لنزول الملائكة بالأقدار , كما كانت موعدا لنزول القرآن .

2 ـ وفلسفة الاختبار تقوم على أساسين : حرية الاختيار بين الطاعة والمعصية والإيمان والشرك .. ثم: حتميات مقدرة سلفا على الإنسان التعرض لها دون اختيار , أو الأقدار الحتمية التي لا يحاسب عليها الإنسان مثلما يحاسب على نتائج حريته فى الاختيار . وهذه الأقدار الحتمية تبدأ بتحديد الميلاد ومن هم الآباء وتنتهي بتجديد موعد ومكان الموت . وبين الميلاد والممات هناك حتميات أخرى فى العمر , مثل الرزق والمصائب التي لا دخل للإنسان بها . أي انه منذ هبوط آدم للأرض ،  فإن الله تعالى قد عين لكل إنسان موعد ميلاده وحدد له آباءه , وضمن له رزقه , وكتب علبه المصائب التي سيقابلها والرزق الذي سيدخل جوفه , ونهاية عمره , ومقدار عمره , وكيفية وتوقيت هذا العمر وذلك الموت . والإنسان يتقلب بين هذه الأقدار الحتمية ويمارس حريته فى الإرادة والاختيار إلى أن يموت . وبعد أن يدخل فى الاختبار كل نفس بشرية ترتدى جسدها ثم تتركه وتموت ، وبعد أن يدخل فى ذلك الاختبار كل إنسان ، عندها تقوم القيامة , ويأتي يوم الحساب , ويأتي لقاء الله تعالى , حيث تأتى كل نفس بشرية يصحبها اثنان من الملائكة اللذان رافقاه فى رحلة عمره " سائق وشهيد " ليحاسبه ربه على الاختبار الدنيوي. لا حساب على الانسان فى الحتميات المقدرة سلفا ، ولكنه سيحاسب على ما يفعله بإرادته الحرة من إيمان أو كفر ، ومن طاعة أو معصية .

3 ـ إذن فالروح جبريل نزل ليلة القدر بشيئين .. الوحي القرآني ( وهذا إنتهى ) , وأقدار الناس ( وهذا مستمر بإستمرار هذه الدنيا ، وينتهى بإنتهاء العالم وقيام الساعة ) . وبينما يتمتع الناس بالحرية فى التمسك بالشرع الالهى وتكمن مسئوليتهم على ذلك يوم الحساب ، فإن  الناس ليست لهم حرية الاختيار فى تحديد الآباء والميلاد والموت والرزق والمصائب وبينما انتهى الوحي السماوي للأنبياء بنزول القرآن على خاتم النبيين فإن المهمة الباقية لجبريل هي النزول بأقدار الناس الحتمية . وتظل هذه مهمته كل ليلة قدر ، كل عام إلى انتهاء العالم .

 ثانيا : الحتميات موجودة فى علم الله تعالى الأزلي :ـ

1 ــ يؤكد رب العزة على أنه تعالى يعلم ما تحمل كل أنثى وما تنقص الأرحام وما تزداد , وكل شيء عنده تعالى بمقدار (الرعد  : 8) اى أن حمل الأنثى للجنين وولادتها له يكون بعلم سابق وأزلي عند الله تعالى .

2 ــ وفى نفس المعنى يؤكد رب العزة انه ما من أنثى تحمل ولا تضع حملها إلا بعلمه , كما أن العد التنازلي للمولود يبدأ من لحظة الميلاد , إذا أن عمره مقدر سلفا وموعد موته مقدر مع موعد ميلاده قبل أن يوجد إلى المستوى الحسي. لذلك فإن كل دقيقة يمضيها من عمره يتناقص بها عمره المحدد .لأن العمر هو الشيء الوحيد الذي إذا طال قصر المتبقي منه . وذلك معنى قوله تعالى " وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ.. فاطر : 11 ".

3 ـ وفى نفس الكتاب المكتوب عند الله تعالى نجد الرزق الذي ضمنه الله تعالى لكل دابة على الأرض , ويقع هذا الرزق المضمون مع أشياء أخرى مسجلة أزلا فى علمه تعالى , يقول رب العزة "  وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا ، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ، كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ .. هود : 6 " أي أن مستقر الدابة على الأرض ومستودعها النهائي فيها مسجل سلفا مع الرزق فى علم الله تعالى , وكل المستقبل الموعود من رزق وغيره نجده فى علم الله تعالى  " وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ،  فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ : الذاريات 22 , 23 ".

4 ـ والإنسان العادي يخشى الموت , ولكن القرآن يقول " قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ .. الجمعة :8 ". لأنه لابد أن يلاقيك فى لحظة مقدرة سلفا لا تستأخر عنها أو تستقدم ساعة . ولذلك فإنه عندما قال بعض المنافقين بعد غزوة أحد متحسرا على القتلى " لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا " وكان الرد من الله تعالى " قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ : آل عمران : 154 ". أي أن الذي جاء أجله سيذهب إلى المكان المحدد له الموت فيه فى اللحظة المحددة لموته سلفا . ويلقى اجله بالموت أو بالقتل .وهذا معنى تسمية الموت " بالأجل ". أي أنه بالوقت المحدد الذي ستسير إليه حتما .

5 ـ والإنسان العادي يتحاشى المصائب , ولكن المؤمن يعلم أن المصائب مقررة سلفا على كل إنسان . طبقا لقوله تعالى " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ : الأنبياء : 35 " . ولذلك فإن المؤمن يقول  " قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا : التوبة : 51 " . أي من بين كل احتمالات الخير والسوء مما لا دخل لك به فلن يصيبك إلا ما كتبه الله سلفا لك  أو عليك من ابتلاء بالخير أو بالشر .

والتزاوج مستمر بين الشر والخير , والأمر فيهما نسبى , لذلك فالمؤمن يعلم أن كل ما يقع فى الأرض من حتميات لا يستطيع التحكم فيها إنما هو مقدر سلفا فى كتاب الله تعالى قبل خلق الأرض والبشر . يقول تعالى " مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ  الحديد 22, 23" .

6 ـ إذن هو تسجيل سابق فى علم الله يحتوى على حتميات يتعين على كل إنسان أن يواجهها فى ميلاده وفى حياته وفى موته . ولكن هذا التسجيل السابق الغيبي يلحق به فى مسيرة كل إنسان تسجيل لاحق يحصى عليه كل أعماله وخطراته وأقواله , ويأتي الحساب على حريته فى الإرادة , وليس على الخطأ والنسيان والإكراه والإجبار والنوم والجنون فيما قال وفعل . وفى هذا التسجيل للكتاب اللاحق يقول تعالى " وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا .اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ، مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ ، وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا : الإسراء : 13: 15" .  أي أن ما يطير عنك إلى عالم البرزخ من أعمال وأقوال يتم تسجيلها وحفظها , وتتجمع فى كتاب يحوى تاريخك يتم قفله عند الموت وتراه عند البعث والحساب منشورا يوم القيامة .

7 ــ إذن هناك تسجيلان لك . تسجيل مستقبلى بالحتميات التي ستقابلها فى حياتك الدنيوية ولن تحاسب عليها . وتسجيل مستمر بأعمالك أولا بأول , وهو محل الاختيار والاختبار والمساءلة يوم الحساب .

والتسجيل السابق فى علم الله تعالى الأزلي يظل علما مكتوبا , ولكنه يتحول إلى دائرة الفعل والتطبيق عن طريق الملائكة . تتلقاه الملائكة وتنزل به إلى الأرض  والبشر فى موعد محدد كل عام , هو ليلة القدر .

ثالثا : الملائكة وانتقال الحتميات من دائرة العلم إلى دائرة الفعل :ـ

1 ــ الزمن هو الحاضر الغائب هنا .

2 ـ كما تعلم فإن الزمن هو الضلع الرابع للمادة . وحيث توجد المادة يوجد الزمن , والإنسان بجسده ونفسه ، يعيش فى إطار الزمن , فإذا نام وتحررت نفسه من أسر الجسد تحرر أيضا من أسر الزمن . فإذا استيقظ عاد للجسد والزمن  معا . و( نفس ) الإنسان فى النوم تدخل مؤقتا الى البرزخ ، وفى الموت تدخل فيه نهائيا ، لا تخرج منه إلا بالبعث ، حيث يأتى الانسان الى اليوم الآخر يحمل عمله الدنيوى .  وفى الحالتين معا فإن الإنسان حين يعود لليقظة أو عند البعث فلا يحس بالزمن الذي انقضى عليه وهو البرزخ . يعتقد فى كل الأحوال انه نام أو مات يوما أو بعض يوم . قالها الرجل الذي أماته الله مئة عام ثم بعثه ( البقرة 259 ) وقالها أصحاب الكهف (الكهف 19) وسيقولها المجرمون عند البعث (الروم 55 ـ) أي أن البرزخ ليس فيه زمن . أو أن زمنه معكوس أو مختلف .. علم ذلك فى غيب الله تعالى .

3 ــ ـ ولكن الله تعالى يخبرنا فى كتابه العزيز باختلاف الأزمنة فيما يتعلق باختلاف المستويات والأوامر .

فالله تعالى يقول " أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ . النحل : 1". أي أن أمر الله تعالى بقيام الساعة قد صدر فعلا طبقا للمستوى الالهى فى الأمر . ولكن تطبيق هذا الأمر بقيام الساعة يستلزم أن نصل نحن إلى الزمن المناسب المقدر سلفا , لذلك يقول الله تعالى " أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ . " .( أتى ) بالزمن الماضى ، أما ( فلا تستعجلوه ) فبالزمن المضارع .

 4 ـ واختلاف الزمن بين عالمنا الارضى وبين العوالم الأخرى يقول عنه رب العزة " وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ، وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ . الحج 47 " . ويقول تعالى فى سرعة تردد الأمر بين السماء والأرض  " يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ:  السجدة 5 " .

5 ــ وهذا الاختلاف الزمني يستلزم نقطة زمنية للالتقاء , هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر . وحيث يتكرر شهر رمضان ألف مرة كل عام فان ذلك اليوم الالهى الذي تتلقى فيه الملائكة أوامر الله تعالى وأقداره للبشر وتنزل به للبشر يساوى هو الآخر ألف سنة فى حساب الزمن الارضى .

6 ـ وحتى نزيد الأمر وضوحا فإننا نعطى مثلا بحياة نفس بشرية هي ( فلان ).

فلان هذا خلق الله تعالى نفسه البشرية فى نفس الوقت الذي خلق فيه كل الأنفس البشرية معا من ( آدم ) الى آخر فرد بشرى ، لأن الله تعالى خلق الأنفس البشرية كلها معا . وذلك فى عالم البرزخ , ويقول تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ :  النساء : 1" , " وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ " الأنعام : 98 ". أي من نفس واحدة خرجت كل الأنفس البشرية , فى كل منها مستقر الأنفس السابقة التي تسلسلت عنها , وفيها مستودع الأنفس اللاحقة التي سـتـتـسـلـسل عنها  . وعند البعث يحدث الأمر ولكن بصورة عكسية , حيث ترجع الأنفس إلى الأصل الواحد الذي صدرت عنه , يقول تعالى "  مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ  لقمان : 28 " .  والمهم ونحن نرجع الآن إلى نفس ( فلان ) التي خلقت مع جميع الأنفس البشرية فى وقت واحد . تظل فى البرزخ ميتة إلى أن يأتي دورها المقدر لتدخل اختبار الحياة ، و وفى الموعد المحدد يتم نفخها فى الجنين وقد تم الإختيار الإلهي لموقعها فى التسلسل بين آبائها وذريتها . وحين ترتدي النفس زى الجسد تخضع للزمن الأرضي وتخرج للحياة بجسدها لتواجه اختبار الدنيا بحريتها فى الإرادة ولتواجه الحتميات الأخرى ومنها الرزق والمصائب وتحديد موعد ومكان الموت . ثم يأتيها الموت وترى عنده ملائكة الموت وتعلم مصيرها وتعود إلى البرزخ .وفى هذا البرزخ توجد الأنفس الأخرى التي أخذت تجربتها فى الحياة , والأنفس الأخرى التي لم تأخذ تجربتها بعد . ولكن الأنفس التي أخذت تجربتا فى الحياة تصطحب معها  عملها ثمرة ونتيجة التجربة . حدث هذا مع الآباء وسيحدث مع الأحفاد الذين لا تزال نفوسهم ميتة فى عالم البرزخ لم تدخل تجربة الحياة بعد .  وما حدث مع نفس فلان . سيحدث مع كل فلان إلى أن تأخذ كل نفس تجربتها واختبارها وبعدها تقوم الساعة .

7 ـ ولكن ما دور الملائكة هنا ؟ وما موقع ليلة القدر فى قصة نفس فلان هذا ؟.

إن نفس فلان فى موتتها الأول قبل أن تدخل تجربة أو اختبار الحياة لا تعلم عنها الملائكة شيئا . أنها رقم مستقر فى علم الله تعالى لم يدخل بعد فى دائرة الفعل والتنفيذ . وحين ياتى الأمر الالهى بتوقيته وتحقيقه وإدخاله الاختبار تتلقى الملائكة والروح رقمه ضمن أرقام المواليد المقرر ولادتهم فى العام القادم . ويحدث ذلك ليلة القدر , ويشمل الأمر كل ما تحمله الملائكة فى هذه الليلة من علم الله تعالى الذي سيتحقق فى العام القادم من مصائب وأرزاق ومواليد ووفيات . إذن فى ليلة القدر يأتي الأمر الالهى بولادة فلان فى الوقت المحدد لولادته , وفى ليلة القدر فى العالم التالي ياتى ما يتعرض له من أقدار . وهكذا كل عام مقدر له أن يحياه فى هذه الدنيا ، إلى أن تأتى ليلة القدر الأخيرة فى عمره برقمه بين وفيات العام القادم .

 هذا ما يحدث لفلان الذي هو أنا وأنت وهو و هي .. فأنا مثلا قبل موعد ميلادي بخمس سنوات كنت مجرد رقم ثم تحول هذا الرقم إلى حادث يوم أن تم نفخ نفس فى قطعة لحم حية فى رحم والدتي .  ثم خرجت إلى الحياة بالميلاد . وفى كل ( ليلة قدر ) تنزل فيها أقداري للعام المقبل .. والله تعالى هو الأعلم متى ستأتي ليلة القدر التي تحمل فيها الملائكة بموعد موتى فى العام التالي .

8 ـ وبالتأكيد فإن هناك ملائكة الموت الذين يتسلمون الأوامر الإلهية من الروح والملائكة أصحاب " الملأ الأعلى " الذين يتنزلون بالأوامر الإلهية وأقدار البشر ليلة القدر .

9 ــ  اى أن هناك إلى جانب الروح والملائكة ملائكة أخرى تقوم بتحويل الأوامر إلى أعمال . وأبرزهم ملائكة الموت الذين يقبضون النفس عند انتهاء أجلها . وملائكة الموت يتبعون ملك الموت . ولهذا فان حديث القرآن عن الموت له مستويات ثلاثة : المستوى الالهى بالأمر الذي تنزل به الملائكة والروح "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا  الزمر : 42 " , ومستوى التنفيذ العلوي لملك الموت " قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ  السجدة : 11 ". ثم أتباع ملك الموت من رسل الموت " حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ : الأنعام 61 ", وما ينطبق على الموت ينطبق على غيره من الحتميات ..

ليلة القدر هى ليلة الإسراء
فكرة عن الكتاب : يثبت لأول مرة الحقائق التالية : أن ليلة الاسراء هى ليلة القدر فى شهر رمضان ، وينفى اسطورة المعراج ، و أن الإسراء هو لجبل الطور فى سيناء حيث المسجد الأقصى الحقيقى ، وليس ما يعرف الان بالمسجد الأقصى فى القدس ، والذى بناه الوليد بن عبد الملك الأموى . وأن القرآن الكريم نزل كتابا مرة واحدة ليلة الاسراء ، ثم كان نزوله متفرقا على لسان الرسول عليه السلام ، هذا عدا لمحة عن: ليلة القدر بين القرآن والعلم الحديث .
more