رقم ( 24 )
ج 3 ف 4 انعكاسات الانحلال الخلقى فى المجتمع المملوكى:الفُحش فى الكلام

ج3 / ف 4 : انعكاسات الانحلال الخلقى فى المجتمع المملوكى:الفُحش فى الكلام 

   كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

الجزء الثالث : أثر التصوف فى الانحلال الأخلاقى فى مصر المملوكية 

الفصل الرابع: انعكاسات الانحلال الخلقى الجسدى فى المجتمع المملوكى

ــ الفحش فى الكلام :  ــ ( الأولياء ، المماليك ، فى الشعر ، العامة، وبعد العصر المملوكى .)

انعكاسات للانحلال الخلقى

 لم يكن لهذا الكم الهائل من الانحلال من الزنا وأنواع الشذوذ والخمر والحشيش ــ أن تكون مجردة من التأثير فى نواح مختلفة فى السلوكيات المنحلة فى اللفظ والنطق وفى الجرائم وفى اتجاه الفن وأنواع الزى .

  الفحش فى الكلام :

 نقصد هنا الألفاظ الجنسية الفاحشة التى يستحى الانسان العادى من النطق بها ومن سماعها .

فإدمان الفاحشة جعلها تعايش اللسان فى العصر المملوكى نطقا وكلاما، فتعود الناس على الفحش فى الكلام ، ولم يعد عيبا يتحرج أحد منه .

الفحش لدى الأولياء الصوفية والفقهاء :

1 ــ الأولياء الصوفية ــ قدوة العصر ــ كانوا أول من جرأ الناس على الفحش فى الكلام تبعا لانهماكهم فى الفاحشة ، فالشيخ علاء الدين بن موسى شيخ التصوف الأشرفية برسباى( كانت به جرأة بلسانه على مالا يليق ، وفحش فى مخاطبته عند البحث معه)[1]. وكان الشيخ أبو نافع كان من أعيان الصوفية فى القرن التاسع . قال عنه المؤرخ السخاوى ( شيخ مسن من صوفية البيبرسية ، كان كثير المماجنة والدعابة ،غير متحرز فى ألفاظه وحكاياته . سمعت من ذلك جملة بباب البيبرسية [2].

ويقول السخاوى عن البدر المناوى( لم ينفك عن ملازمة المزاح والكلمات اليابسة)[3]. ووصف البقاعى زعيم الطريقة الفارضية فى عهده بأن ( له وقاحة زائدة، واجتراء على الجلوس فوق من هو أفضل منه ، وأنه لايستحى من شىء.[4]

2 ــ  وعلى نفس الوتيرة كان الفقهاء والقضاة وقد رأينا طرفا من ذلك . ويقول ابن حجر فى شمس الدين القبارى الحنبلى وكان من قدماء الحنابلة ومشايخهم أنه ( كان يبتذل ويتكلم بكلام العامة) وقد أنكر عليه ابن حجر أكثرة من مرة [5].

 3 ــ وفى عصر الشعرانى كان المجاذيب طائفة كبيرة متميزة يتمتعون باعتقاد الناس فيهم مهما فعلوا ومهما قالوا، ويقول الشعرانى فى ترجمة الشيخ عبدالقادر السبكى ( كان لايصبر على معاشرته إلا أكابر الفقراء) أى أن كبار الصوفية أنفسهم لا يستطيعون"_ftnref7" title="">[7].

2 ــ  ووصف السلطان المؤيد شيخ (ت824) بأنه(كان فاحشا سبابا) [8].

وفى سنة 849 سقطت منارة المدرسة الفخرية وأصابت الكثيرين فاغتاظ السلطان جقمق وطلب الناظر على المدرسة وشتمه بأقبح الألفاظ[9]. ويقول أبو المحاسن فى نفس الموضوع أن السلطان استدعى ناظر الوقف ونائب الشافعى ورسم بتوسيطه، بعد أن سبه ولعنه ، ثم التفت السلطان إلى القاضى الشافعى ( فخاطبه بمخاطبات مُنكية يُستحى من ذكرها وعزله )[10]. أى كان يُستحى من ذكرها فى عصر الفُحش نفسه .!

  3 ــ  ويبدو أن إفحاش السلاطين فى القول كان عادة تعود الناس عليها منهم ، لذا مدح االمؤرخ أبوالمحاسن السلطان الأشرف إينال ت 865 بأنه ( كان غير سباب ولا فحاش فى لفظه)[11]. هذا بينما وصف أبوالمحاسن طائفة من الأمراء المماليك بالأفحاش فى اللفظ مثل سيف الدين فخرى بردى[14].

 5 ــ ولم يتخلف كبار الدولة المملوكية عن الركب ، فكان عز الدين البكرى فحاشا ( لم يسلم الناس من لسانه)[15]. والوزير البباوى 866( كان به قلة أدب وفحش فى ألفاظه فى مخاطبة الرؤساء والأعيان  )[16] .

6 ــ وأتت البذاءة المفحشة ــ أحيانا ــ بمصائب سياسية ،فالأمير بردبك العجمى كان نائبا على حماة فافحش القول لأهلها فنفرت قلوبهم عنه فقاتلهم ، فغضب السلطان عليه ، فخرج عليه ، ثم انتهى به الأمر بالاستسلام للسلطان فاعتقله بالاسكندرية[17].

الفحش فى الشعر والأدب والفن والمؤلفات :

1 ــ  وأبرز مظاهر الإفحاش اللفظى كان فى الشعر المملوكى خصوصا ماكان منه ساخرا هاجيا ، فالبوصيرى الشاعر الصوفى المشهور يقول عنه المقريزى ( كان ممقوتا لإطلاقه لسانه فى الناس بكل قبيح)[18]. وفى مجال السخرية والهزل اشتهر الكثير من الشعراء مثل الأسعردى(ت656) وقد روى الصفدى له أبياتا خارجة مكشوفة نستحى من ذ كرها. ويقول عنه ( له ديوان شعر مشهور ، وقد أفرد هزلياته وسمى ذلك سلافة الزرجون فى الخلاعة والمجون)[19]

 2 ــ    وبعض القضاة وجد مجاله فى الشعر يتنفس به فُحشا، فالسراج البلقينى 805( كان يتعانى نظم الشعر فيأتى بما يستحى منه، وقال البدر البشتكى أن الشيطان وجد طرقه عند البلقينى مسدودة فحسن له نظم الشعر )[20].

 3 ــ  وتكاثرت هذه النوعية من الشعر والشعراء فى القرن التاسع ، فيقول أبوالمحاسن أن الشيخ الحلاوى كان يضرب بلحيته المثل فى الطول ، وفيها قال الدجوى قصيدة أنشدها لأبى المحاسن وقال عنها المؤرخ ( اضربت عن ذكرها لفحش ألفاظها )[21] ومع ذلك فإن أبا المحاسن أنشد شعرا فظيعا لشاعر البلاليق أبوالفياح السعدى[22].لانستطيع ذكره ، وكان فى الشذوذ الجنسى ، ويظهر إلى أى حد كان ذلك الوباء منتشرا وعاديا لايستوجب الإمتعاض.

         وواضح أن الانحلال الخلقى الذى ادمنه العصر المملوكى جعل الناس يعتادون التعبير عنه بالألفاظ الصريحة الفاحشة ، وتكاثر ذلك فى المصادر التاريخية والصوفية وقد أرغمنا ذلك على الاستشهاد ببعضها من الذى ورد فى مصنفات أعلام المؤرخين والصوفية مثل المقريزى والشعرانى وغيرهما ، وكنا نقدم الإعتذار عنها، ولازلنا.

 وأشد منه أفحاشا ما كان شعرا ماجنا فى الجنس والشذوذ ، وقد أورد الصفدى ( 696 ـ 764 ) بعضه فى شرح لامية العجم[23].  ولانستطيع الإتيان بشىء منه . وهذا الكتاب ( شرح لامية العجم ) يعبّر عن الذوق الهابط الفاحش للعصر المملوكى ، وبعض هذا الشعر للصفدى والآخر لغيره . ويحوى الكتاب على نثر غاية فى الفُحش أيضا . وابن ايبك الصفدى كمؤرخ لم يتورع أن ينثر فى موسوعته التاريخية ( الوافى بالوفيات )( 30 جزءا ) أشعارا ونثرا فى الشذوذ الجنسى وغيره ، بعضه له وبعضه لمعاصريه ، ولا نستطيع الاستشهاد بها هنا لفرط فُحشها . وواضح أنه كان مفتونا بهذا الفٌحش ، وقد كتب موسوعته التاريخية ( الوافى بالوفيات ) عام 742 وفقا لما قاله بنفسه فى هذا الكتاب ( 2 / 336 ) . ولقد ذكر فيه بعض من تخصّص فى الأدب الفاحش مثل النور الأسعردى المتوفى عام 656 ، وقال إنه صاحب كتاب ( سلافة الزرجون ) ولقد إصطفاه السلطان الناصر ، وأن له شعرا غاية فى الفُحش. ( الوافى 1 / 188 : 189 ).

والأفظع ماأورده ابن دانيال فى مسرحياته الثلاثة (طيف الخيال ، وعجيب وغريب ، والمتيم والضائع المتيم) ، ففى الأولى تناثرت بعض الكلمات العامية مع كلمات أخرى فاحشة بذيئة وغيرها عريانة متهتكة أوصافا لخواطر جنسية شاذة وغير شاذة ، وفيها يأخذ الأمير وصال فى تذكر لياليه الجنسية الصاخبة ويصفها بدقة فى كلمات فاحشة ، وفى الثانية يأتى غريب بأبيات فاحشة تتعرض للشذوذ والدعارة الشاذة فى الفاظ صريحة سوقية جارحة للذوق والحس الخلقى ولايمكن إثبات بعضها أو التلميح إليها أوإبدال بعض حروفها ، وفى الثالثة تتطور العلاقة بين المتيم والمتيم الضائع إلىمواقف غزلية منحطة قذرة شكلا ومضمومنا مما يثير الإشمئزاز والغثيان[24]

وقد كانت المسرحيات أو ( البابات) تلقى على مسامع الناس ويقبلون على مشاهدتها وقراءاتها وبذلك اكتسبت شهرة حتى عصرنا واكتسب صاحبها ابن دانيال نفس الشهرة.

 وتسربت مؤلفات تخصصت فى الفحش يكتبها علماء مشهورون لا يجدون فى الفُحش عيبا بسبب هبوط ذوق العصر ( الخالى من الذوق ) .السيوطى مثلا لم يتورع أن يجعل هذا العنوان لكتابه ( نواضر الأيك فى معرفة النيك ) لأن هذا الكتاب متخصص فى موضوعه . والسيوطى كعادته يسرق كتب الآخرين ويلخصها . وكتابه الفاحش هذا بعنوانه الفاحش هو تلخيص لكتاب ( الوشاح فى فوائد النكاح ) . وقد ملأه السيوطى بألفاظ فاحشة للعملية الجنسية والأعضاء الجنسية ،والجديد الذى قام به السيوطى هو تغيير العنوان من ( الوشاح فى فوائد النكاح ) الى ( نواضر الأيك فى معرفة النيك ).  وله كتاب جنسى آخر بدون عنوان فاحش هو ( رشف الحلال الزلال ) عن تفاصيل العملية الجنسية ليلة الزفاف،  وكتابه ( رقائق الأترج فى دقائق الغنج ) عن ( غنج الحور العين ) كما لو كان عارفا به .

ومع هذا ، فإن بعض المخطوطات المكتوبة فى العصر المملوكى أفظع مما كتبه السيوطى ، وهى لا تجد من يحققها وينشرها بسبب ما فيها من كلام فاحش شديد الفُحش ، تخجل منه أفلام البورنو .

 فُحش العامة  :

1 ــ من أخلاق العوام عموما الفُحش فى القول بدون حاجة الى دين أرضى يعلمهم هذا . ولأنهم عوام فلم يهتم بهم المؤرخون فى العصر المملوكى الذين يدورون حول السلطان ورجال الدولة، ولا يهتمون بالعوام إلا إذا إقتربوا من بؤرة الأحداث حول السلطان . ومن المنتظر أن يتعاظم تأثر العوام بالتصوف فى العصر المملوكى ، فمارسوا الفحش فى الكلام بأعلى صوت . يقول عنهم السخاوى وقد تظاهروا وقت الغلاء ( اجتمع منهم خلق من داخل باب زويلة إلى تحت القلعة ، واكثروا الاستغاثة والصياح والشنعة مع السب واللعن والتهديد والتصريح بالعيب الذى ليس له مزيد من غير إفصاح بمراد ولا  إيضاح بشىء مستقر فى الفؤاد، لكثرة غوغائهم ولغطهم ودعائهم إلى أن اجتاز بهم المحتسب .. فأخذوه بتلك الألسنة وأوسعوه من الإساءة المعلنة ولم يتحاشوا عن القذف بالتصريح والإيماء .. إلى أن طلع القلعة بعد أن ملأ من السوء سمعه)[25].

والتطور الذى أدخله التصوف فى العصر المملوكى هو أنه أضفى على فحش العامة سمة الشرعية فكان الأولياء الصوفية يمارسونه دون تحرج ثم كان المماليك ،وعليه فلا حرج على العامة إذا صاحوا به فى وجه الحكام .

2 ــ  وورث المصريون بعد العصر المملوكى ذلك الفحش فى الكلام ضمن ما ورثوه من انحلال خلقى ، وحافظوا على ذلك التقليد بعد العصر المملوكى ، يقول كلوت بك عن المصريين العوام ( وفى أحاديثهم الماجنة قلما يحرصون على الآداب أو يتصونون عن القبائح ، إذ يعبرون بفاحش القول عن الآراء التى يجفل من الإنصات إليها السمع الكريم ، ونادرا ما تجد بين النساء حتى الفضليات منهن من يتحاشين تلويث كلامهن بالألفاظ القذرة ذات المعانى المعيبة )[26].

وفى عصرنا الحديث قال أحمد أمين عن المصريين وسبابهم( وبعض أنواع السباب فاحش يخجل منها المثقف)[27]

ولو عاش الأستاذ العميد ( أحمد أمين ) عصرنا البائس ودخل قسم البوليس فى دولة عربية لرأى أهوالا وسمع أهوالا .

 

 

 

  ج3 / ف 4 :انعكاسات الانحلال الخلقى فى المجتمع المملوكى : فى الجرائم والقتل 

   كتاب ( التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

الجزء الثالث : أثر التصوف فى الانحلال الأخلاقى فى مصر المملوكية 

الفصل الرابع: انعكاسات الانحلال الخلقى الجسدى فى المجتمع المملوكى

فى الجرائم والقتل :

   ( فى أماكن المجون ومناسباته ، بنات الخطا ،بسبب الخيانة الزوجية ، بسبب تعرض المماليك للنساء غير المحترفات ، مقتل الشيخ عبدالكريم شيخ مقام البدوى، هواية السلطان ابن قايتباى ، قتل الأطفال بعد اغتصابهم ، مشاجرة وقتل بسبب طفل.)

 فى أماكن المجون ومناسباته:

        1 ــ كانت أماكن المجون ومناسباته كثيرا ماتكون ظروفا مهيأة لارتكاب جرائم القتل . ويذكر المقريزى قوله عن هذه الأماكن ( وقد دخلت الخليج الذى بين القاهرة ومصر ..فرأيت فيه من العجائب وربما وقع قتل فيه بسبب السكر ، وهو ضيق، عليه فى الجهتين مناظر كثيرة العمارة فيه بعالم الطرب والتهكم والمخالفة)[28]. ورأينا ماكان يحدث لأهل الكتاب إذا ضبط أحدهم يزنى بمسلمة ، وكان يحدث اقتتال بين الجند والعبيد فى مناسبة دوران المحمل حين يحاول الجنود اغتصاب النساء والصبيان . ويقول المقريزى عن عيد الشهيد( ويخرج عامة أهل القاهرة ومصر .. ولايبقى مغن ولامغنية ولاصاحب لهو ولا رب ملعون ولا بغى ولا مخنث ولا ماجن ولا خليع ولا فاتك ولا فاسق إلا ويخرج لهذا العيد ، فيجتمع عالم عظيم لايحصيهم إلا خالقهم ، وتصرف أموال لاتنحصر ، ويتجاهر هناك بما لايحتمل من المعاصى والفسوق ، وتثور فتن ويقتل ناس)[29]. وفى عيد النوروز يقول ابن إياس " يتجاهرون فى ذلك اليوم بشرب الخمور وكثرة الفسوق فى أماكن المفترجات حتى يخرجون فى ذلك عن الحد، وربما كان يقتل فى ذلك جماعة ممن يعربدون على بعضهم فى السكر ، ولاينكر ذلك بين الناس"[30].

2 ــ وقد ذكرت المصادر التاريخية بعض النماذج الفردية لهذه الجرائم المرتبطة بالانحلال الخلقى من زنا وشذوذ.

*بنات الخطا:

1 ـ  فوجود بنات الخطا(البغايا) ومايجمعنه من أموال جعلهن فرصة سهلة للقتل وهن ينتقلن من يد إلى يد ويرتدين افخر الثياب والمصوغات . ففى سنة 857 يقول أبو المحاسن أن السلطان وسط ثلاثة بعد أن أمر بتسميرهم على الجمال منهم يلبان الزينى عبدالباسط الذى ( كان يطلب المرأة الجميلة من الخواطىء فيفعل فيها، ثم يقتلها ويأخذ ماعليها، ويستعين باللذين وُسّطا معه)[31]. والتوسيط هو القتل بقطع الجسد نصفين .

وفى نفس الموضوع يقول ابن اياس ( وُسّط مملوك يقال له يلبان واثنان من اصحابه ، لأنهم كانوا يحضرون عندهم بنات الخطا فإذا بتن عندهم يقتلونهن ويأخذون ماعليهن من القماش)[32].

وفى سنة 876 استمال رجل امرأة من بنات الخطا ومعها أمها وأمرأة عجوز قوادة وأخذهن إلى قاعة مظلمة بالقرب من بيت الشيخ الفقيه ابن حجر ، وبعد ذلك قتلهن وأخذ حليهن وهرب، وعثر على النسوة عرايا مخنوقات وإلى جانبهن آلات الخمر [33] .

 2 ــ  وقبيل العصر المملوكى سنة 622 حدث العكس يقول المقريزى ( وكثر فى هذه السنة قتل الناس فى الخليج وفقد جماعة ، والتبس الأمر فى ذلك ، ثم ظهر بعد شهر ان امرأة جميلة يقال لها غازية كانت تخرج بزينتها ومعها عجوز، فإذا تعرض لها أحد قالت له العجوز لايمكنها المسير إلى أحد ولكن من أرادها فليأت منزلنا) ( فإذا وافى الرجل إليها خرج إليه رجال فقتلوه وأخذوا مامعه). واكتشف أن رفاقها فى الجريمة كانوا إذا قتلوا أحدا ألقوا بجثته فى قمين لإحراق الطوب حتى تحترق عظامه، وأظهروا من الدار خفائر وقد ملئت بالقتلى، يقول المقريزى( ثم عملت الدار التى كانوا بها مسجدا وهو المعروف بمسجد الخناقة)[34]. وهذا قريب من حكاية رية وسكينة فى عصرنا الحديث .

  3 ــ       وكانت تحدث فتن بسب المحترفات ، فيذكر ابن اياس أن فتنة حدثت بين أنصباى حاجب الحجاب والأمير نوروز سنة 914 والسبب أن هناك محلا لبنات الخطأ بالقرب من بيت نوروز( يعملون الفاحشة) قصد إليه أعوان انصباى ليكبسه، فثارت عليه غلمان نوروز ، وضربوا منهم جماعة ، ومنعوهم فسار إليهم انصباى بنفسه وضرب النسوة وأشهرن فى القاهرة فاشتكى نوروز للسلطان ( فحط عليه السلطان)[35].

ويذكر ابن اياس أن الوالى قبض على امرأة قبيحة السيرة تجمع عندها بنات الخطا( وكانت تسكن الأزبكية ، فهربت إلى قليوب ، فأرسل السلطان من قبض عليها ثم أمر بتغريقها فيقال أنها أفدت نفسها بخمسمائة دينار ورسم بنفيها)[36].

*بسبب الخيانة الزوجية:

1 ــ وكما سبق فلم يكن الانحلال الخلقى مقصورا على (بنات الخطا) وإنما امتد إلى النساء الأخريات خصوصا المتزوجات ، فكان يحدث قتل بسبب الخيانة الزوجية ، وذكرت المصادر التاريخية طرفا من ذلك. فقد حدث أن زوجة هى بنت أمير عشقت عبدا أسود واحتالت فى ادخاله البيت متنكرا فى زى احدى الخواندات ( الأميرات ) ، فعاش فى البيت . ثم اتفقت مع عشيقها على قتل الزوج فضرب العشيق الزوج بسكين إلا أن الضربة لم تقتله ، فاستغاث الزوج، وقبضوا على العبد فاعترف تحت التعذيب وقتل ، أما الزوجة فحلفت لزوجها أنها وصديقتها باتتا معا تلك الليلة وماعلمتا بقصة ذلك العبد أصلا ، فصدقها زوجها ، واستمر معها[37].

وكان من أسباب نكبة الأمير ابن الطبلاوى أن خوند بنت صرف كانت زوجة للسلطان فرج بن برقوق وقد طلقها، فاتصلت بابن الطبلاوى وكانت بينهما علاقة ، وتحقق من ذلك السلطان ، فقتلهما[38]

 ويذكر ابن حجر أن زوجة بزاز ( تاجر حرير وأقمشة ) عشقت عبدا أسود واتفقت معه على قتل زوجها فأخفق ونجا الزوج[39]. وهى نفس القصة السابقة عن الزوجة بنت الأمير وعبدها الأسود .

2 ــ وقد أصبحت الجرائم ( الأخلاقية) ظاهرة فى الربع الأخير من القرن التاسع ، فيذكر الصيرفى حوادث متتابعة ، منها : أن رجلا أخذ زوجته إلى الجبل فقتلها ، ووجدت امرأة وبنت مقتولتين فى الأزبكية ولم يعلم لهما قاتل ولا وارث ، وقتل أحدهم زوجته لأنه كان يتهمها بغلام،( وذبح شخص كان بلاَنَا بأرض الطبالة بالجنينة وبيفحصوا عن قاتله)[40]

وفى تاريخ البقاعى يذكر حادثتين سنة 874 يقول ( قتل أحد نواب ــــ أى قضاة ــــ الحنفية ، ورميت جثته فى بئر . وكان القاتل جنديا يحب امراة ، فاتهم الفقيه فى تغييرها عليه)[41]. ويحكى أن امراة من الحسينية كانت زوجة ( لبعض المشهورين قد خرجت على طاعته فعجز عن ضبطها وانهمكت فى لهوها ، فقتلها بمعونة ثلاثة، ومثّل بها ) . ويذكر فى حوادث سنة 880 أن شخصا من القاهرة قتل أمه واخته وابنى اخته( لأنهم استحسنوا عليه زوجته فجلبوا لها أجنبيا ليتعشقها ).!. وقد وسّطه السلطان[42]

*بسبب تعرض المماليك للنساء غير المحترفات:

       وكانت تحدث فتن قتل بسبب تعرض الحكام والمماليك للنساء من غير المحترفات ففى سنة 795 شكى الفلاحون للسلطان من الأمير ابن أقبعا آص( لأنه يأخذ نساءهم وأولادهم ويفجر بهم، وحاققوه فى وجهه على ذلك ، فضرب بالمقارع)[43].

وفى دمياط اختلف الحال فقد قتل أهلها الوالى السراخورى لأنه( كان كثير الظلم والفسق والتسلط على نساء الناس وأولادهم) وذلك ماأورده كبارالمؤرخين العينى[44]. وابن حجر[45]. والمقريزى[46]   .

 ويذكر ابن اياس أن ثلاثة من المماليك اغتصوا  بعض النسوة فى طريق المقس فهربت منهن واحدة واشتكت للوالى ،فقبض عليهم ، فأمر السلطان الغورى بضرب المماليك حتى أشرفوا على الهلاك وسجنهم ، وعوض النسوة بالمال فى نظير ماحدث لهن( فعُدّ ذلك من النوادر الغريبة)[47].

 *مقتل الشيخ عبدالكريم شيخ مقام البدوى

 1 ــ ومن الحوادث الغامضة مقتل الشيخ عبدالكريم شيخ مقام البدوى  وذلك بالقاهرة سنة 862 يقول ابن اياس( مات عبدالكريم خليفة البدوى قتيلا ولايعلم قاتله، وكان غير مشكور فى سيرته ، ولى خلافة البدوى مدة طويلة ، فلما مات ولى بعده صبى من أقاربه اسمه عبدالمجيد)[48].

2 ــ   ويقول أبوالمحاسن فى مقتل عبدالكريم ( توفى الشيخ عبدالكريم شيخ مقام البدوى بظاهر القاهرة ، قيل أنه تردى من سطح وهو ثمل، ومنهم من قيل دس عليه شيخ العرب حسن بن بغداد من قتله، وأنا أقول قتله سر الشيخ أحمد البدوى لانهماكه على المعاصى وسوء سيرته فأراح الله الشيخ أحمد البدوى منه ولله الحمد، وتولى عوضه شيخ المقام صبى من أقاربه دون البلوغ)[49]

  وفى موضع آخر يقول أبوالمحاسن ( وكان عبدالكريم غير لائق للمشيخة وروى القاضى شمس الدين الطنتدانى أنه رأى فى منامه الشيخ البدوى يقول من داخل القبر: لاتدعوا هذا الصبى يجى إلى عندى اقتلوه . وكان عبدالكريم هذا قد حضر إلى القاهرة : فلم تمض بعد ذلك إلا أيام يسيرة وقتل ،  ولما قتل أمسك السلطان جماعة ممن كان عبدالكريم هذا نزل عندهم وضربهم بالمقارع فلم يعترف أحد بقتله)[50].

والمنامات الصوفية تشير بأصبع الإتهام إلى أنها مؤامرة نفذها صوفية الأحمدية ، وواضح أنهم استفادوا فى مؤامراتهم بما أشيع عن عبدالكريم من انحلال خلقى .

*هواية السلطان ابن قيتباى:

 وقد اشتهر السلطان الناصر محمد بن قايتباى هواية غريبة لم يسمع بها وتقشعر لها الأبدان فقيل فيه( شرع فى مخالطة الأوباش وارتكاب الفواحش ، وتحكى عنه أمور قبيحة منها أنه سمع بامرأة حسناء هجم عليها وقطع رأس فرجها ونظمه فى سلك أعده لذلك ، وقد زفت إليه جارية فربطها وسلخها، ولم يستطع أحد انقاذها منه)[51].

* قتل الأطفال بعد اغتصابهم:

1  ــ وفى مجال الشذوذ الجنسى حدثت جرائم فظيعة كان ضحاياها من الأطفال الصغار الأبرياء .

ففى سنة 917 يعد ابن إياس من الوقاع المضحكة أن فلاحا فى طاحونة فعل الفاحشة بابن صاحب الطاحونة ، وكان طفلا فى السادسة ، فمات الصبى، وعوقب الجانى بالموت على الخازوق.

والمؤسف أن ابن أياس وهو يعبر عن ذوق عصره ـــ المُنحطّ  ــ يعُدُّ هذه الجريمة الفظيعة واقعة مضحكة . وحتى نتعرف على ذوق العصر الذى انحط إلى الحضيض فإننا مضطرون ــ مع الأسف ــ للإتيان بألفاظ ابن إياس  وتعبيراته يقول عن الصبى الضحية :( فما طاق الصبى من ذلك، وانغرز من ثلاثة مواضع فى دبره ، فمات بعد مضى ثلاثة أيام) . ثم يأتى ابن إياس بشعر ماجن خليع ساخر معلقا على هذه الحادثة ( وفى مثل هذه الواقعة يقول المعمار:

            صــغير نام على وجـهـه       وقال حكمك قلت لا فــائدة

        هل أدخل العامـود ياســيدى       فقــال لاتنخرم القاعدة[52].

        ومعنى قوله ( وفى مثل هذه الواقعة يقول المعمار..) أن الاعتداء على الأطفال الصغار كان أمرا مألوفا فى ذلك الوقت وأن ذلك لم يكن عيبا بل كان يتندر به فى الشعر ، وأن المصادر التاريخية لم تكن تذكر وقائع من هذا النوع إلا حينما يموت الطفل وينتشر الخبر. والعادة أن الشذوذ يبدأ بالتعامل مع الأطفال ويكونون من ضحاياه.

 2 ـ ـوابن إياس ذكر جريمة أخرى من نفس النوع بعد الجريمة السابقة بثلاث سنوات تؤكد اعتياد العصر على جريمة الاعتداء على الأطفال الصغار، فيذكر أن خياطا فعل الفاحشة بصبى فى العاشرة فاستغاث الصبى ، فذبحه الخياط ورماه فى بئر، فلما اكتشف أمره قبض عليه واعترف ، فأمر السلطان الغورى بشنقه فى المكان الذى قتل فيه الصبى ( وأن تقطع محاشمه وتعلق فى عنقه وهو مشنوق ففعلوا به ذلك)[53].

 3 ــ  أى أن الاجراءات القاسية فى القتل مثل الخازوق لم تفلح فى منع استمرار هذه الجريمة فبعد صبى الطاحونة تكررت الفعلة مع صبى آخر.

   4 ــــ وقبل ذلك فى سنة 794  قبض السلطان برقوق على ستة من المماليك عند خانقاه سرياقوس وحملهم فى الحديد إلى القاهرة لأنهم ( أمسكوا صبيا فعلوا فيه الفاحشة حتى مات)[54]. وفى تعبير المقريزى ( من أجل أنهم ارتكبوا الفاحشة بصبى حتى مات)[55].

 5 ــ  وفى أحيان كثيرة كان الجانى لايعرف وبالتالى يفلت من العقاب . ففى سنة 875 قتل شخص رومى أمرد فى الصحراء بجوار ضريح الشيخ المقانعى ( ولايعلم له قاتل)[56] . وتلك مجرد نماذج حدثت فى القاهرة ، فذكرتها المصادر التاريخية ، ,وماخفى أعظم .. وأفظع.. ــ

*مشاجرة وقتل بسبب طفل:

   وأحيانا كان ينجو المفعول به وتقع الجرائم بسببه كما حدث سنة 834 حين جرت مشاجرة بين شخص وبين مملوك له فاغتاله بسكين ( وذلك بسبب صبى تغايرا عليه )[57]. وذلك ما يذكره ابن حجر ، وقد ذكر فى حوادث سنة 825 أن صوفيا  ( جبّ ) أى قطع ( مذاكيره بسبب أمرد كان يعشقه ولايقدر عليه ، فاتفق أنه أمكنه من نفسه فلم ينتشر ذكره فقطعه ، فحمل إلى المارستان فمات )[58].

         وفى سنة 915 هرب صبى أمرد من طائفة من المماليك والتجأ إلى بيت الأمير إينال باى فأحرق المماليك بيت إينال باى[59].

         *مشاجرة وقتل بسبب طفل:

        وقد تظهر حوادث القتل فى الحوليات التاريخية متتابعة ، منها ما يكون بسب الانحلال الخلقى ومنها ما يكون بسبب تافه ، ففى ذى القعدة سنة 913 نجد الحوادث التالية فى عدة صفحات من تاريخ ابن إياس : أنه تحاسد جماعة من عبيد السلطان فقتلوا واحدا منهم مقربا للسلطان فوسط منهم أربعة وهرب جماعة ، ووجدت امرأة مقطوعة نصفين كل نصف منها مرمى فى حارة ولا يُعلم من فعل بها ذلك ، وغمز على فران أنه قتل صبيا كان عنده ورماه فى الفرن ، وقتل بعض الغلمان بائع لبن لأجل شقفة لبن لم يبعها له اللبان يقول ابن إياس ( فوسّط السلطان الغلام الذى قتل اللبان فراح هذان الرجلان لأجل شقفة لبن فلا  حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم)[60].

       وفى سنة 915 قتل بركات ــ وهو فراش الأمير طومان باى ـ ( صبيا من صبيانه جميل الصورة صغيرا ) فدفعه السلطان إلى القاضى المالكى ليحكم عليه فحبسه القاضى ــ عندما عرف أنه فراش الأمير طومان باى ــ حتى تقام عليه البينة ، وبعدها بقليل قتل ساعى الدودار أيضا قتيلا مسنا شيخا فدفعوه للقاضى أيضا فأطلقوا سراحه ولم يأت أحد يشهد عليه بأنه قتل وكان قتله بالنهار بعد العصر ، ويقول ابن إياس معلقا( وراح أمر القتيلين على أقاربهما وأولادهما والأمر لله تعالى)[61].

         وهكذا كان القتل يحدث بأى سبب ،وذلك ما يذكرنا بأحداث ذكرها ابن حجر متتابعة فى صفحة واحدة لسنة 836 فى شهر رمضان ، فقد تخاصم رجلان على نصف فضة فخنق أحدهما الآخر ، وتخاصم اثنان من المسحرين ( المسحراتية) فضرب أحدهما الآخر فسقط ميتا ،وطلق أعجمى ــ صوفى زوجته ثم ندم فتتبعها فى زقاق فضربها بسكين فماتت[62] .

 

 

  ج3 / ف 4 :ــ انعكاسات الانحلال الخلقى فى المجتمع المملوكى :فى الرقص الشرقى

     كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

الجزء الثالث : أثر التصوف فى الانحلال الأخلاقى فى مصر المملوكية 

الفصل الرابع: انعكاسات الانحلال الخلقى الجسدى فى المجتمع المملوكى

ــ فى الرقص الشرقى :

( ـ ارتباط الرقص الشرقى بالانحلال الخلقى .ـ  ارتباط الرقص الشرقى بالتصوف.ــ وصف الرقص الشرقى فى العصر المملوكى.ــ رقص المردان .ــ بعد العصر المملوكى.)

فى الرقص الشرقى:

ارتباط الرقص الشرقى بالانحلال الخلقى:

         1 ـ كان ارتباط الفن ـ من غناء ورقص ـ بالانحلال الخلقى شديدا فى العصر المملوكى ، ونسترجع ماقاله المقريزى عن الانحلال الخلقى عند الخليج ( وقد دخلت الخليج الذى بين القاهرة ومصر.. فرأيت من العجائب وربما وقع قتل فيه بسبب السكر ، وهو ضيق، عليه فى الجهتين مناظر كثيرة العمارة بعالم الطرب والتهتك والمخالفة )[63]. أى اشتملت أماكن المجون على( الطرب والتهتك) ويقول عن عيد الشهيد ( ويخرج عامة أهل القاهرة ومصر .. ولايبقى مغن ولامغنية ولاصاحب لهو ولا  ملعوب ولا بغى ولا مخنث ولا ماجن ولا خليع ولا فاتك ولا فاسق إلا ويخرج لهذا العيد، فيجتمع عالم عظيم لايحصيهم إلا خالقهم وتصرف أموال لاتنحصر)[64]. فذلك الجمهور الهائل ينفق أمواله فى شرب الخمر والاستماع إلى الطرب والاستمتاع بالراقصات ويمارس الزنا والشذوذ.

وفى بركة الرطلى المشهورة بالانحلال الخلقى  اشتهرت المغانى . وحين افرج السلطان عن الزينى بركات وكان من سكان بركة الرطلى أقامت له البركة حفلا بهيجا فزغردت له النساء( ولاقته الطبول والزمور ومغانى النساء)[65] . وكان ذلك يتكرر كثيرا كما فى تاريخ ابن إياس [66]. كما أسلفنا أن المغانى كن يدفعن ضمان المغانى أسوة بالعاهرات ، وأن هذه الضريبة كانت الشيخات يدفعنها أيضا حين يقمن حفلات الذكر.

ارتباط الرقص الشرقى بالتصوف:

 2 ــ ومن ناحية أخرى كان ارتباط التصوف بالغناء والرقص عضويا، فالسماع الصوفى يعنى إقامة حفلات الذكر الصوفى من غناء ووجد ورقص، وابن الحاج يصف المغنى فى السماع الصوفى فكأننا نرى مغنيا معاصرا يقول ( والمغنى يبتدىء فى الغناء بالهيبة والوقار وحسن السمت فينصت له الناس ، فإذا دب معه الطرب حرك رأسه قليلا، ثم إذا تمكن منه الطرب ذهب حياؤه ووقاره فيقوم ويرقص وينادى ويبكى ويتباكى ويتخشع ويدخل ويخرج ويبسط يده ويرفع رأسه نحو السماء ، وكأنه جاءه المدد ويخرج الزبد من فمه، وربما خرق بعض ثيابه وعبث بلحيته ، ويزعم أنه سلب عقله )[67] .أى بنفس مايفعله مجانين الغناء الغربى الآن.   إذن فالمغنى الصوفى فى السماع يخلط الغناء بالرقص بالوجد.

وكما وصف ابن الحاج طريقة الغناء الصوفى يقول عن طريقة الرقص الصوفى( والرقص بضرب الأرض بالأقدام أو بالأكمام عند سماع الأصوات الحسان من المرد والنسوان ، وضرب الطار والشبابة، ويسجد الفقير للشيخ حين قيامه للرقص وبعده كعادة فى السماع)[68]. أى أنهم اتخذوا السماع دينا ففى حضرة الشيخ يسجدون له قبل الرقص وبعده.. ثم يقوم النساء والشباب الجميل بالرقص فيدخل الصوفية فى حمأة الرقص المجنون.

وفى موضع آخر يقول ابن الحاج أن الغالب على الصوفية حضور السماع والرقص فيه حتى كان ذلك من شروط السلوك عندهم( وبعضهم يدعى أنه ُيفتح عليهم فى حال رقصهم وتأخذهم الأحوال) أى تزيد درجته فى دينه الصوفى كلما ازداد فى الرقص ( وبعضهم يتعاطى السماع فى المسجد ويرقصون فيه وكذلك يفعلونه فى الربط والمدارس)[69].أى لأنه دين فلابأس من أن يمارس فى البيوت الدينية.

وكانت النساء يحضرن حفلات السماع الصوفى مما آثار عليهم ابن الحاج فقال عن حفلات السماع( قلَ أن تسلم من حضور النساء فى المواضع المشرفة على الحفل من سطح أو غيره ، مع سماعهن للأشعار المهيجة للفتنة والشهوات والملذوذات ، فإن ذلك يحرك عليهن ساكنا لما ورد أن الغناء رقية الزنا، وهن ناقصات عقل ودين سيما إذا انضاف إليه كون المغنى شابا حسن الصورة والصوت ويسلك مسلك المغنيات فى تكسيرهن وسوء تقلباتهن مع ماهو عليه من الزينة بلباس الحرير والرفيع )[70] .

  وكانت السماعات وسيلة للإيقاع بالنساء خصوصا وأن بعضهم كما يقول ابن الحاج ( حتموا بأن يكون المغنى شابا نظيف الصورة حسن الكسوة والهيئة أو أحدا من الجماعة الذين يتصنعون فى رقصهم بل يخطبونهم للحضور ، فمن لم يحضر منهم ربما عادوه ووجدوا فى أنفسهم عليه)[71] . وتواجد النساء فى تلك الحفلات التى يحضرها الرجال حتى لو كان السماع لقراءة كتب الوعظ لا للغناء والرقص فيقول ابن الحاج ( يجتمع الناس فى المسجد لسماع الكتب فيه ، ثم تأتى النساء أيضا لسماعها فيقعد الرجال بمكان والنساء بمقابلتهم،  وبعض النساء يأخذهن الحال علىما يزعمن فتقوم المرأة وتقعد وتصيح بصوت ندى وتظهر منها عورات ، ولو كانت فى بيتها لمنعت ، فكيف بها فى الجامع بحضرة الرجال ،فنشأ عن هذا مفاسد جملة )[72] . وإذا كان الولى امرأة فالنساء الحاضرات عندها يرقصن جماعة ( ويرفعن عقيرتهن بالقراءة والذكر، ويقمن يرقصن ويبكين ، وتأخذهن الأحوال على زعمهن)[73].

  والمرأة إذا ذهبت للرقص فى الموالد خرجت ( فى أحسن الثياب والطيب والزينة والحلى ويكون ذلك بحضور شيخة)[74]. وأحيانا كن يذهبن للسماعات المشتركة مع الرجال ، وهنا تكون الزينة على أشدها خصوصا وأنهن كن يرقصن مع الرجال ، يقول ابن الحاج : ( يرقص بعضهم مع بعض نساء ورجالا وشبانا)[75].

 3 ــ وملخص ماسبق أن السماع الصوفى كان مظهرا جمع فى داخله الرقص مع الغناء مع الانحلال الخلقى ، وقد انعكس ذلك على نوعية الرقص الذى تؤديه النساء فكان أكثر تعبيرا عن الغرائز الجنسية ، ولايزال الرقص الشرقى الذى توارثناه من العصر المملوكى يحمل هذه السمة الجنسية الفاضحة حتى الآن ـ فى مجتمع يعلن انتماءه للإسلام ـ بينما تستنكف منه مجتمعات أوربا ( الكافرة المنحلة) كما يقال .

وصف الرقص الشرقى فى العصر المملوكى :

1 ــ ولم يرد ـ حسب علمنا ـ فى المصادر التاريخية نص يصف الرقص الشرقى فى العصر المملوكى .

ولكن أسعفنا الشعر بذلك[76] .

يقول الفارقى يصف إحدى الراقصات.

          لله راقصـــة تمـيس كـأنهــا          ظل القضيب إذا تمايل مــزهرا

           تزهو وترجع  كالخيال فلا تــرى           حـركـاتهـا إلا كطارقة الكـرى

           لانت معـاطفهــا فكيف تلفتـت          وتلفتت لايســـتطاع بأن تـرى

فالشاعر يصور الحركات السريعة للراقصة حين تتثنى وتتراجع  وتتلفت وتنفلت شأن راقصات هز البطن الآن.

2 ــ ويقول صفى الدين الحلى يصف راقصات من نفس الفصيلة:

 والراقصات وقدشدت مآزرهــا           على الخصور كأوساط  الزنـابير

              يخفى الردى ســقمهـا عنـا            عـقـد البنـود وشـدات الزنابير

              فــيفــضــحــهــــا  موار   وغصن               من الكثبان  معطور

              إذا انثين باعطاف يجـاذبهــا             فى لج بحر بماء الحسن مسجور

              رأيت أمواج أرداف قد التطـمت            مقســومة بين تأنيث وتذكيـر

              من كل مائسة الأعطاف من مرح           صبح تغلغل فيه قلب ديجـــور

 فهنا يصور الشاعر الراقصات بنفس احوالهن اليوم من شد الوسط والانثناء  بالأعطاف وهز الأعجاز والأرداف، وارتداء الراقصة لزى الغلمان ، واستخدامهن الصنوج الخشبية السمراء ( الصاجات ) لذا عبر عنها وهى فى كفها البيضاء ، وكأن قطعة من الليل تغلغلت فى قلب الصبح..واستعمال الصنوج ( الصاجات ) لايزال إلى الآن من أهم مظاهر الرقص الشرقى والرقص الصوفى أيضا فى الموالد، حين يقوم به الشباب الصغير.. 

         3 ــ ويقول الحلى أيضا:

              ترعى الضروب بأيديها وأرجلها            وتحفظ الأصل من نقص وتغيير

              وتعرب الرقص من لحن فتلحقه              مايلحق النحو من حذف وتقدير

          فالراقصات ــ كن فى العصرالمملوكى يضبطن حركة الأيدى والأرجل على اللحن والموسيقى ، وذلك الالتزام بالايقاع لازال مرعيا حتى الآن لدى ربات المهنة فى الرقص الشرقى.

* رقص المردان :

         وكان المردان يقومون بالرقص ، وقد شهدنا ابن الحاج يقول( يرقص بعضهم مع بعض نساء ورجالا وشبانا) .

       وقد أفتى ابن تيمية بمنع ( الأمرد من الرقص بين الرجال مما فيه فتنة للناس والنظر إليه لذلك)[77].

     وضاعت صيحة ابن تيمية فى الفضاء لأن الانحلال الخلقى هو أساس الرقص والسماع الصوفى.

          ويقول صفى الدين الحلى فى أمرد يرقص :

         جـــاء وفى قــده اعتــدال           مــهــفـهـف مــاله عديل

         قد خفقت لطفه الشمــــــال         وثقلت جفنـــه الشـــمــول

         ثم انثنى رقصـــــا بعـــد          خف به اللطــــف والنحــول

        وفى نهاية العصر المملوكى كانت النساء يُعلقن على الأحداث الجارية بتأليف أغنية يرقصن عليها

     وفى الأجزاء الأخيرة من تايخ ابن اياس حيث كان شاهدا على العصر يتكرر قوله إن النساء أو العوام

    ( صنّفوا رقصة يقولون فيها كذا )، أو ( صنعوا غنوة يقولون فيها كذا ).

    وهذا كان يحدث حتى فى المجاعات .!! ففى مجاعة محرم 892 إضطر المصريون الى أكل دقيق الذرة المخصّص للبهائم وقتها ، ( ولم يكن يباع من قبل .. حتى صنّف العوام رقصة :

زويجى ذى المسخرة    يطعمنى خبز الذرة ) ( تاريخ ابن اياس 3 / 238 ).

   وواضح أن المقصود بالعوام هم النساء . ومفهوم أنهن لم يكنّ يرقصن ( باليه ) بل الرقص الشرقى بهز البطن والأرداف .  

 

 

*بعد العصر المملوكى : واستمر الرقص الشرقى بنوعيه رقص النساء ورقص المردان .

1 ــ يقول كلوت بك يقارن بين الرقص الأوربى والرقص الشرقى ( الصوفى): ( الرقص فى أوربا رياضة عملية تتلخص فى أداء أشواط من الحركات موقعة إيقاعا متناسقا، وتحريك الساقين تحريكا تراعى فيه الإقتران والتوفيق على وجه الدقة والضبط ، أما فى مصر فما هو إلا تتابع أوضاع وتعاقب حركات يلتوى فيها الجسم تارة وينعطف تارة أخرى ، يرمى بذلك إلى غرض واحد هو استثارة كوامن الشوق إلى اللذة الجنسية ، والغرائز فى مصر من حيث ارتباطها بالآداب النفسية أكثر انفعالا بعوامل الفساد منها فى سائر الأقطار العثمانية ، والرقص مسموح به للغوازى اللائى لايقصرن فى عرض حركاتهن الشهوية على المنازل الخاصة، بل يتجاوزنها إلى الطرقات والميادين العامة على ملأ من الجمهور، ومنذ سنوات قليلة صدرت أوامر الشرطة فى مصر بمنع تلك الراقصات من التجوال فى طرقات القاهرة والإسكندرية) ( وتتعود الفتيات فى المنازل على آداء حركات العوالم ورقصهن، ومع أن هذه الحركات فى غاية القبح وسوء الأدب فإن الأهالى لايستقبحونها).

 والسبب طبعا فى أن التصوف المنحل قد عود العين المصرية على ذلك الرقص الفاحش فلم تعد تراه عيبا.

وعن الرقص الشرقى المصرى يقول احمد أمين ( الرقص المصرى أو البلدى أكثر تحريكا للشهوة .. وهو على العموم رقص فظيع لما تثيره حركات المرأة من الشهوة ، والمصريون إذا نظروا إلى هذا الرقص لايخجلون منه ولايستحيون ، ويعدونه من وسائل الفرح والابتهاج ، وهو منتشر فى البيوت فتتعلم بعض الفتيات الرقص ثم يرقصن وحدهم مع صواحبهن من غير أن يكون معهن زوج أو أب أو أخ).

 2 ــ ثم يتحدث أحمد أمين عن صلة ذلك الرقص بالجنس الصريح فيقول( وفى المحلات العامة بعد أن يرقصن يجلسن مع الرجال أو على حجورهن ويناغشنهن، ويبلغ بعضهم بالرقص إلى أنواع الفجور ، وهن يلبسن ألبسة خاصة كثيرا ماتحلى بالترتر ليلمع فى ضوء الليل ، وتتميز ملابسهن بأنها تظهر جسم المرأة على حقيقته.. وهن فى العادة يحتفظن بثبات السيقان وتحريك الوسط أو الأرداف ، وأحيانا يحركن أذرعهن على شكل دائرة ، وهناك نوع من الرقص يسمى ( رقص النحلة) فتزعم الراقصة أن هناك نحلة دخلت ملابسها، وتتحرك حركات كأنها باحثة عن النحلة، وهى ليست إلا فى مخيلتها، فإذا لم تجدها خلعت ملابسها شيئا فشيئا بدعوى أنها تبحث عن النحلة حتى تتعرى تماما ولا يسترها إلا ستار بسيط، والنساء حولها يصفقن ويقلن : النحل ياهو ).

 وبعد هذا التوضيح للانحلال الخلقى فى الرقص الشرقى يقول أحمد أمين ( ومن الرقص رقصة تسمى رقصة الصلاة ، فتبدأ كبيرة الراقصات بأن تقول الصلوات ، وتزعم الراقصة أنها تصلى وتتشبه بالمصلين والمصليات ، وهى إذ ترقص تقول بأصلّى بصلّى ..صبح بأصلّى ..ظهر بأصلّى .. عصر بأصلّى  ..والنبى بأصلّى.. ياخويا بأصلّى . إلى أن تنتهى الرقصة).

 أى لم يسكت الشيطان حتى حوّل الانحلال الخلقى إلى السخرية من الصلاة التى أسقطها الصوفية واعتبروها حجابا يمنع الوصول إلى نهاية الطريق الصوفى ـ

ثم يقول أحمد أمين ( وفى عهد محمد على كانت الغوازى يرقصن فى الشوارع فيثرن شهوات المارة ، فصدر أمر بمنعهن من الرقص فى الشوارع ، فحُبّا فى الرقص كان يرقص بدلهن الخولات ، وهم طائفة من الرجال فقدوا رجولتهم وتأنثوا فى كلامهم وحركاتهم ، فكان البلوى أفظع والمنظر أسمج)[78].

وعن أولئك المردان يقول كلوت بك ونعتذر عن صراحته ( فى مصر طائفة من الرجال تحترف الرقص وتعرف باسم الخولات، وهم يتزينون عادة بزى النساء، والخول المصرى إذا رقص لايترك فى نفس من يشاهده إلا التقزز والاستنكار، وحينئذ فما يعتبره الناقدون غير ملائم للأدب فى رقص العوالم يصير ممقوتا ومخجلا فى رقص الخولات . ومنذ أن صدرت الأوامر بمنع رقص الغوازى على قوارع الطريق ازداد عدد أولئك الراقصين المخنثين زيادة يندى منها جبين الإنسانية ، وإنى لأرجو من الحكومة المصرية أن تعجل باقتلاع جذور هذا الخزى الذى يدنس أرض مصر)[79] .

         ولم يعرف كلوت بك أن جذور ذلك دينية ترجع للتصوف.

          أخيرا     

          ذهب رافع الطهطاوى الى فرنسا يحمل ثقافته المصرية ففوجىء بالرقص الفرنسى مهذبا ومخالفا لما تعوده من رقص النساء المصريات الجنسى ، فقال عن رقص الفرنسيين : ( الرقص عندهم فنُّ من الفنون ..فهو نظير المصارعة فى موازنة الأعضاء ودفع قوى بعضها الى بعض .. وظهر أن الرقص والمصارعة مرجعهما شىء واحد يعرف بالتأمل . ويتعلق بالرقص فى فرنسا كل الناس ، وكأنه نوع من العياقة والشبلنة ، لا من الفسق ، فلذلك كان دائما غير خارج عن قوانين الحياء ، بخلاف الرقص فى أرض مصر ، فإنه من خصوصيات النساء لأنه لتهييج الشهوات ، وأما فى باريس فإنه نطُّ مخصوص لا يُشمُّ منه رائحة العُهر أبدا . ) ( تخليص الابريز 2 / 213 )        

 

 

 

ج3 / ف 4:انعكاسات الانحلال الخلقى فى المجتمع المملوكى:فى الزى(النقاب والموضة )

كتاب (التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية )

الجزء الثالث : أثر التصوف فى الانحلال الأخلاقى فى مصر المملوكية 

الفصل الرابع: انعكاسات الانحلال الخلقى فى المجتمع المملوكى

فى الزى ( النقاب والموضة ):

ــ ( الزى والتصوف ، الحجاب والنقاب والانحلال ،الحجاب والموضة ، زى البغايا ، زى المرأة والشذوذ.)                                                                    

*الزى والتصوف :

 1 ــ الأديان الأرضية تُعوّل كثيرا على الزّى ، ورجال كهنوتها لهم زى خاص يتميزون به عن باقى الناس . تجد زيا خاصا لارباب الديانات الأرضية المسيحية والمحمدية أيضا ، خصوصا الشيعة والصوفية .وللتصوف اهتمام زائد بالزى عموما حتى أن من شعائر الدخول فى دين التصوف ( لبس الخرقة) فأصبحت الخرقة علامة التصوف .وأصبح لكل طريقة خرقتها المميزة التى يعرف بها أتباع الطريقة عن غيرهم.

2 ــ  وحين جنح التصوف فى بدايته للانحلال الخلقى والايقاع بالنساء كان الزى الصوفى الملون من وسائله ، ويقول ابن الجوزى فى القرن السادس( وعولوا على الترقع المعتمد به التحسين تلميعا والمشاوذ بألوان مخصوصة أوقع فى نفوس العوام والنسوة من تلميع السلاقطون بألوان الحرير ، واستمالوا النسوة والمردان بتصنع الصور واللباس، فما دخلوا بيتا فيه نسوة فخرجوا إلا فساد قلوب النسوة على أزواجهن).. (ويستصحبون المردان فى السماعات يجملونهم فى الجموع مع ضوء الشموع، ويخالطون النسوة الأجانب يتصنعون لذلك حجة الباسهن الخرقة)[80].

 3 ـ وعندما تسيد التصوف العصر المملوكى أصبح الزى زينة أساسية من مظاهر الانحلال الخلقى خصوصا ماكان منه متصلا بالتصوف اتصالا مباشرا. فالمغنى فى السماع الصوفى يجب أن يكون حسن الوجه حسن الزى حسن الحركات ليوقع بالنساء الحاضرات( وهن ناقصات عقل ودين، سيما إذا انضاف إليه كون المغنى شابا حسن الصورة والصوت ويسلك مسلك المغنيات فى تكسيرهن وسوء تقلباتهن، مع ماهو عليه من الزينة بلباس الحرير والرفيع). لذا حتموا أن يكون المغنى ( شابا نظيف الصورة حسن الكسوة والهيئة) والمرأة إذا ذهبت للسماع خرجت(فى أحسن الثياب والطيب والزينة والحلى )[81]

 4 ــ وفى مواسم الانحلال العادية كان ( التزخرف ) فى الزى مظهرا أساسيا ففى حوادث 865( خرج الناس عن الحد فى الفتك والقصف بسبب الفرجة فى بولاق ، ونصبوا هناك الخيام حتى سدوا رؤية البحر، يقيمون فى الرمل ليلا ونهارا من نساء ورجال وهم فى غاية التزخرف )[82]. وفى الخليج كانت النساء يركبن المراكب مع الرجال ( مكشوفات الوجه بكوافى الذهب على رؤوسهن)[83]

* النقاب وسيلة الانحلال:

   1 ــ وحين انتشر التصوف وتسيد كان الناس قد تعودوا من قبل إلزام المرأة بالنقاب وألا تكشف وجهها. حتى أصبح كشف المرأة وجهها حدثا خطيرا لايحدث إلا فى :

1 / 1 : الفواجع والطوارىء كالزلازل ، ففى زلزال 886( ترك النساء منازلهن وهن سافرات الوجوه) [84].

1 / 2 : أو حين تزول الحواجز بين المرأة والرجل كما لو كانا زوجين يكون التعبير عن ذلك (باختلاط النساء بالرجال) أو( كشفت له عن وجهها) فكانت زوجة الشيخ عثمان البريمى تخرج سافرة الوجه على الشيخ عثمان الحطاب وكذلك زوجة الآخر مع الآخر ويأتى كل واحد منهما إلى دارالآخر( فيختلى بزوجة الآخر وتخرج له ما يأكل وما يشرب فى غيبة الآخر)[85].

1 / 3 : ماكانت النسوة يفعلنه حين يتأهبن للذهاب للقرافة بما تعنيه القرافة من حرية فى الاختلاط بالرجال ، يقول ابن الحاج عن هيئة النساء حين يخرجن للقرافة( وفى القرافة تختلط النساء بالرجال فى سماع الواعظ او الواعظة فى الغناء والسماع، فإذا وصلن البلد تنقبن واستترن، وصار ذلك عادة تستتر المرأة فى البلد ولا تستتر فى القبور أو الطريق إليها) [86]. ويقال عن النساء فى هذا الحال أنهن ( تبرجن).

 1 / 4 : ولم يكن ذلك منكورا حين تكون المرأة المتبرجة من العاهرات الواقفات على قارعة الطرق تُعلن عن نفسها وحرفتها : ( ولايُنكر فيها إظهار أوانى الخمر ، ولا آلات الطرب ذوات الأوتار ، ولاتبرج النساء العواهر) [87]   . فالعاهرة تكون ( مكشوفة الوجه) فى العادة ، وغيرها تتنقّب .

2 ــ  وفى مناسبات الانحلال الخلقى من الذهاب للقرافة أو للنزهة فى النيل كان الفارق ينمحى بين العاهرات المحترفات والنسوة الأخريات فى كشف الوجه والتصرف مع الرجال بحرية . وفى النيل كانت المراكب تخرج ( ويحصل) فيها من ( الفساد والتظاهر بالمنكرات وتبرج النساء فى المراكب وجلوسهن مع الرجال مكشوفات الوجوه بكوافى الذهب على رؤسهن وتعاطيهن الخمر)[88] .

وقد أبطل بيبرس الجاشنكير هذه العادة.

 3 ــ  وإلزام المرأة بالنقاب ليس من الإسلام فى شىء فوجه المرأة ليس عورة ، إذ كانت المرأة المسلمة فى عصر الرسول مكشوفة الوجه وقد قال تعالى للنبى : ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ  (52) الأحزاب ) .والحُسن فى الوجه الذى كان سافرا. والحجاب الذى ورد فى قوله تعالى عن أمهات المؤمنين (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) (53)  الأحزاب  ) ذلك الحجاب مقصود به الساتر الذى يحول بين الداخلين لبيت النبى وبين أمهات المؤمنين . ولم يرد فى آيتى زى النساء(النور 31، الأحزاب 59)، مايفيد تغطية الوجه وإنما تغطية ماعدا الصدر . وعليه فإن النقاب مزايدة على شرع الله وتشريع ماأنزل الله به من سلطان . إلا أن تراث المسلمين الفكرى قد أوجب النقاب على وجه المرأة الحُرّة فقط ، بينما كان جسد المرأة الجارية مستباحا للنظر والفحص فى أسواق الجوارى ، وفى بيوت أسيادهن أيضا . نقاب المرأة الحُرّة ارتبط بدخولها عصر الانحراف الخلقى ، تنافست فيه الحرائر والجوارى منذ العصر العباسى الثانى . على أن عفة المرأة لاترتبط بقطعة قماش تغطى بها وجهها وإنما ترتبط بعقيدة صحيحة وتقوى لله وسلوك إسلامى صحيح ، وقد ازدادت كثافة النقاب مع ازدياد ابتعاد عقيدة المسلمين عن القرآن النص الوحيد المعبر عن الإسلام الحقيقى.

 4 ــ على أن وجود النقاب فى عصر التصوف والانحلال الخلقى يعبّر بصدق عن التدين السطحى المُنافق أو التمسك المظهرى بالتدين والاكتفاء بالمظهر دون المضمون . وتحت شعار النقاب انتشر الانحلال ، بل كان النقاب أكبر مشجع على الانحلال إذ أخفى شخصية المرأة  وأتاح لها حرية التنقل هنا وهناك دون أن يتعرف عليها أحد.  وهكذا أصبح ـ النقاب ـ مجرد مظهر سطحى للتقوى تختفى تحته أجساد أدمنت الانحلال ، بل أن الحجاب أو تغطية الوجه ـ أتاح فى الماضى ـ ويتيح فى الحاضر ـ للمرأة أن تمارس  انحرافها كما تشاء فطالما سارت منقبة  فى الشارع ودخلت أى مكان فلن تعرف شخصيتها، وذلك ماهو شائع فى بيئات لاتزال تحافظ على النقاب دون تربية إسلامية صحيحة .

5 ــ  وفى العصر المملوكى كانت النساء يخرجن من الحمامات متنكرات فى ملاحف الخدامات وقد جهزت القوادات لهن الثياب والحلى [89]. وبعد انتهاء المهمة يعدن للبيت وهن يرتدين النقاب الذى خرجن به وكأن شيئا لم يكن.

6 ــ  وهكذا ترسب فى شعور الشرقيات أن أهم الالتزامات الخلقية هو إخفاء الوجه دون تقيد كبير بعفة الجسد أو حتى بتغطيته، وظل ذلك سائدا حتى العصر العثمانى ، فقد زار كارستن نيبور مصر فى القرن الثانى عشر الهجرى وسجل ملاحظاته يقول ( ويبدو أن النساء المسلمات لايعلقن على قطعة أخرى من ملابسهن أهمية أكثر من تلك التى يعلقنها على القطعة التى يغطين بها وجوههن إذا اقترب منهن رجل.  وقد فاجأ أحد الإنجليز ذات مرة امرأة كانت تستحم فى الفرات قرب البصرة فوضعت يدها على وجهها ولم تهتم بغيره مما أتيح للغريب رؤيته.. وقد حكت لى إحدى الآنسات الأجنبيات فى القسطنطنية أنها كانت بباب حجرة الاستقبال فى الحمام وأتت صاحبة الحمام لاستقبالها وإذا برجل يظهر فجأة فما كان من المرأة التركية إلا أن أخفت وجهها بالإحرام ، والفلاحون فى مصر نادرا مايلبّسون بناتهم قبل السابعة أو الثامنة من عمرهن قميصا ولكنهم يعطونهن دائما منديلا طويلا ضيقا يلففنه حول رؤوسهن ويسحبنه على وجوههن إذا اقترب منهن رجل غريب، ولقد رأيت بنفسى فى مصر بنات فلاحات أقبلن نحونا ليروننا وكن عاريات تماما ، ولكنهن غطين وجوههن قبل أن يأتين)[90]. إذن فالمهم هو تغطية الوجه وإخفاء الشخصية وتعرية الجسد!!

*النقاب والموضـــة:

         1 ــ وذلك النقاب الذى حرصت عليه المرأة المملوكية لم يمنعها من الإسراف فى تغيير شكل الزى الخارجى( حسب الموضة) أى كانت امرأة متحررة بكل ماتعنيه الكلمة ، وخروجها المستمر للشارع وأماكن اللهو والعبادة الصوفية كان يعنى الحرص على زينتها واتباعها ( الموضة).

2 ــ  وكان تطرف المرأة المملوكية فى اختراع هذه( الموضات) غالبا مايواجه بإنكار من السلطة المملوكية خصوصا فى أوقات الأزمات كالشأن فى الإنكار على كل مظاهر الانحلال الخلقى.

ففى سنة 751  انتشرت موضة الأزياء الواسعة بين النساء يقول المقريزى( كانت النساء قد أسرفن فى عمل القمصان والبغالطيق حتى يفضل من القميص كثير على الأرض ، وسعة الكم ثلاثة أذرع وتسميته البهطلة، وكان يغرم على القميص ألف درهم وأكثر ، وبلغ إزار المرأة إلى ألف درهم، وبلغ الخف والسرموزة خمسمائة درهم وما دونهما إلى مائة درهم ، فأمر الوزير منجك بقطع أكمام النساء وأخرق بهن ، وأمر الوالى بتتبع ذلك ونودى بمنع النساء من عمل ذلك ، وقبض على جماعة منهن ، وركّب على سور القاهرة صور نساء عليهن تلك القمصان بهيئة نساء قد قتلن عقوبة على ذلك ، فانكففن عن لبسها ومنع الأساكفة من عمل الأخفاف الثمينة)[91].

  3ــ  وفى سنة 793 انتشرت موضة أخرى هى الأكمام الواسعة( حتى أن الواحدة منهن تفصل القميص من اثنين وتسعين ذراعا من البندقى الذى عرضه ثلاثة أذرع ونصف ، وتشمر أكمامها فيصير جميع بدنها من الداخل مرئيا) على حد قول الصيرفى[92] .

ويقول المقريزى( نودى بالقاهرة أن لاتلبس امرأة قميصا واسعا لاتزيد على تفصيل من أربعة عشر ذراعا ، وكان النساء قد بالغن فى سعة القمصان حتى كان يفصل القميص الواحد من اثنين وتسعين ذراعا من البندقى الذى عرضه ثلاثة أذرع ونصف فيكون مساحة القميص زيادة على ثلاثمائة وعشرين ذراعا. وفحش هذا حتى تشبه عوام النساء فى اللبس بنساء الملوك والأعيان)[93].

أى انتشرت الموضة لتشمل كل المستويات . ونزل الأمير كمشبغا نائب الغيبة بجماعته إلى الأسواق والشوارع ( وقطعوا أكمام النساء الواسعة فامتنع النساء من يومئذ أن يمشين بقمصان واسعة مدة نيابة الأمير كمشبغا ، ثم عدن إلى ذلك بعد عودة السلطان)[94] .

4 ــ ويقول العينى عن القمصان التى حيكت طبقا لأوامر كمشبغا : ( ومن ذلك اليوم أخرج النساء قمصان ضيقة للأكمام وسموها قميص كمشبغا إلى الآن)[95] أى عاشت  هذه الموضة من سنة 793 إلى منتصف القرن التاسع ، بينما عادت الأكمام الطويلة سريعا حتى أنه فى العام التالى سنة 794 نادى نائب الغيبة ( بألا تخرج امرأة من بيتها ولايذهب أحد إلى أماكن المتنزهات وألا تلبس امرأة قميصا بأكمام كبار  وكان قد أفحشن فى ذلك حتى خرجن عن الحد)[96].

 5 ــ أى إنّ من سمات الموضة  أنها تتغير حسب الهوى ، ففى القرن الثامن عرفت النسوة الزى الضيق الملتصق بالجسد مما أثار الفقيه الصوفى ابن الحاج على ذلك: ( الإزار الرفيع الذى لو عمل على عود لأفتن بعض الرجال فى الغالب لحسن منظره وصقالته ورقة قماشه) [97] . وخصوصا تلك الملابس القصيرة جدا والضيقة المحبوكة على الجسد وكانت تلبس أساسا للخروج للقرافة وتخلع بداخل البيت [98].

6 ــ  وفى عصر ابن الحاج انتشرت موضة الشاش ( وهو شىء اقترحته النساء على رؤسهن مثل سنم الجمل ، طوله نحو ذراع وارتفاعه نحو ربع ذراع ، ويرخونه على ظهورهن ويزخرفنه بالذهب واللؤلؤ، وبالغن فىذلك غاية المبالغة، وكانت هذه بدعة سيئة من النساء)[99].

7 ــ وقد أحدثت النساء هذه البدعة على حد قول المقريزى سنة780 .

ولأنها تشبه البخت كما جاء فى حديث يعتبر ذلك من علامات القيامة فإن الإشاعة انتشرت فى القاهرة سنة 787 بأن الرسول جاء فى المنام لإحدى النساء ينهاها عن لبس الشاش فلم تنته فجاءها مرة ثانية يقول( قد نهيتك عن لبس الشاش فلم تسمعى ولبستيه، ماتموتى إلا نصرانية) وماتت على النصرانية حسب الأسطورة ، يقول المقريزى معلقا ( نعوذ بالله من سوء عاقبة القضاء)[100].

 أى أن السلطة المملوكية حين تهاونت فى مقاومة موضة " الشاش" هب الفقهاء لتخويف النساء بهذه المنامات . وتلك عادة حنبلية نشأت فى القرن الثانى الهجرى حين ألّف الفقهاء صُنّاع الأحاديث أحاديث تنهى عن تسريحة النساء شعورهن لتشبه أسنمة البُخت ، ولعن من يقمن بعمل ( المكياج ) ولبس الشعر المستعار أو الباروكة ، واتهامهن بتغيير خلق الله .!!.

8 ــ  وكما يحدث فى عصرنا من تأثر الموضة بالأحداث الهامة كان مثله فى العصر المملوكى ، فقد وجد عمودان من الصوان فى آثار قصر الزمرد الفاطمى فأمر السلطان بسحبهما إلى عمارته ( وكان لهما يوم مشهود ، قال فيه الشعراء عدة مقاطيع ، واقترحوا بالاسكندرية قماشا للنساء من الحرير ، سموه جرّ العمود )[101].

زى البغايا:

1 ــ  وكان لبعض البغايا زى خاص يعرفن به حين يقفن فى الطرقات والأسواق ، يقول المقريزى ( وأدركت سوق الشماعين من الجانبين معمور بالحوانيت .. وكان يجلس به فى الليل بغايا يقال لهن زعيرات الشماعين لهن سيماء يعرفن بها ، وزى يتميزن به ، وهو لبس الملاءات والطرح وفى أرجلهن سراويل من أديم أحمر )[102].

2 ــ ومن الطبيعى ألا تتقيد بقية العاهرات بزى بغايا الشماعين ، وفى مناقب الفرغل مر بعضهم ( على النساء الفاجرات وهن مزينات مكشوفات الوجوه..) [103]. وطبعا هناك فرق بين بغايا سوق الشماعين بالقاهرة وبغايا أبوتيج فى الصعيد.

*زى المرأة والشذوذ:

        1 ــ وأدى انتشار الشذوذ الجنسى إلى تشبه النساء بزى الصبيان لإغراء الرجال. وكان الظاهر بيبرس جادا فى محاربة كل انحلال لذا نودى بالقاهرة ومصر ، (إن امرأة لاتعمم بعمامة ولا تتزيا بزى الرجال . ومن فعلت بعد ذلك بثلاثة أيام سلبت ماعليها من كسوة .)[104] . وكان ذلك سنة 662 

2 ــ وكالعادة استمرت النساء فى عادتهن بعد فترة توقف ، وكان اختراع موضة الشاش ـــ  وهو أشبه شىء بعمامة الرجال ـــ  عودة لذلك التشبه بالرجال ـ

وبعد انقراض موضة الشاش عادت موضة العصائب المقنزعة التى تشبه عمامة الرجال ، ففى سنة 876 أمر السلطان قايتباى ( بألا يلبس النساء عصائب مقنزعة ولاسراقوس )[105].

  3 ــ  وبإنتشار الشذوذ الجنسى ظهر اختراع زى جديد للرجال يقترب من مظهر النسوة اللائى يحاولن من جانبهن التشبه بالرجال ، وذلك الصلح الجديد بين الرجال والنساء تمثل فى الطواقى التى اخترعت فى الدولة الشركسية وأقيمت لها حوانيت يقول عنها المقريزى ( معدة لبيع الكوافى والطواقى التى تلبسها الصبيان والبنات). أى أن الذكور والإناث لبسوا معا هذه الطواقى . ثم مالبث أن لبسها رجال الدولة يقول المقريزى: ( وقد كثر لبس رجال الدولة من الأمراء والمماليك والأجناد ومن يتشبه بهم للطواقى فى الدولة الشركسية ، وصاروا يلبسون الطاقية على رؤوسهم بغير عمامة ، ويمرون كذلك فى الشوارع والأسواق والجوامع والمواكب ، لايرون بذلك بأسا بعد ماكان نزع العمامة عن الرأس عارا وفضيحة ) .

ثم يتحدث عن زخرفة تلك الطاقية لتكتسب المظهر الأنثوى( ونوعوا هذه الطواقى مابين أخضر وأحمر وأزرق وغيره من الألوان ، وكانت ترتفع نحو سدس ذراع ، ويعمل أعلاها مدورا مسطحا . فحدث فى أيام الناصر فرج منها شىء عرف بالطواقى الجركسية ، يكون ارتفاع عصابة الطاقية منها نحو ثلثى ذراع وأعلاها مدور مغيب، وبالغوا فى تبطين الطاقية بالورق والكثيرة فيما بين البطانة المباشرة للرأس والوجه الظاهر للناس ، وجعلوا من أسفل العصابة المذكورة زيقا من فرو القرص الأسود يقال له القدنس فى عرض نحو ثمن ذراع ، يصير دائرا بجبهة الرجل وأعلى عنقه، وهم على استعمال هذا الزى إلى اليوم، وهو اسمج ماعانوه .!! ).

4 ــ  ونصل الى هدفنا ، فالمقريزى يقول عن سبب انتشار ذلك الزى : ( ويشبه الرجال فى لبس ذلك النساء، لمعنيين أحدهما أنه فشا فى أهل الدولة محبة الذكران فقصد نساؤهم التشبه بالذكران ليستملن قلوب رجالهن ، فاقتدى  بفعلهن فى ذلك عامة نساء البلد، وثانيهما ماحدث بالناس من الفقر ونزل بهم من الفاقه فاضطر حال نساء أهل مصر إلى ترك ما أدركنا عليه النساء من لبس الذهب والحرير وغيره وتواصين على لبسها. )[106]. فالمقريزى يشير إلى أن النساء والرجال لبسوا معا تلك الطواقى، ويعلل ارتداء النسوة لها بانتشار الشذوذ الجنسى فى أهل الدولة ، وينسى أن التصوف هو الأصل فى ذلك فهو الدين الحقيقى لأهل الدولة وشعبها.

 

 

 

 



[1]
ـ السلوك ج4/3/1062

[2]ـ الضوء اللامع ج1/306، ج3/17

[3]ـ تاريخ البقاعى 152 أ.

[4]ـ تاريخ البقاعى 152 أ.

[5]ـ إنباء الغمر ج3/322.

[6]ـ الطبقات الكبرى ج2/166.

[7]ـ المنهل الصافى ج5/592.

[8]ـ النجوم الزاهرة ج4/110

[9]ـ التبر المسبوك 115.

[10]ـ حوادث الدهور جـ1/16، جـ3/561.

[11]ـ حوادث الدهور جـ1/16، ج3/561

[12]النجوم الزاهرة جـ 15 / 497 .

[13]التبر المسبوك 49، 55 .

[14]التبر المسبوك 49، 55 .

[15]التبر المسبوك 49، 55 .

[16]حوادث الدهور جـ3 /580 .

[17]التبر المسبوك 94 .

[18]المقفى مخطوط لوجة رقم 250  رقم المخطوط 5372 بدار الكتب .

[19]ـ الصفدى. العميان 255، 256.

[20]ـ البدر الطالع ج1/507.

[21]ـ النجوم الزاهرة ج15/208.

[22]ـ المنهل الصافى ج4/122.

[23]شرح لامية العجم جـ2/ 3:5 ،212 /227 .

[24]ـ طيف الخيال لابن دانيال . تحقيق ابراهيم حمادة 149 ، 156 ، 189 ، 244 .

[25]التبر المسبوك 260 .

[26]لمحة عامة إلى مصر جـ 1/ 557 ،597 .

[27]قاموس العادات والتقاليد 227 .

[28]خطط المقريزى جـ 2/ 55 .

[29]خطط المقريزى جـ1 / 125 : 126.

[30]تاريخ ابن إياس جـ /2 /363 :364 .

[31]حوادث الدهور جـ 2 / 182 ، 183 .

[32]تاريخ ابن إياس جـ 2 / 311  تحقيق محمد مصطفى

[33]إنباء الهصر 369 .

[34]السلوك جـ1 /2 / 531 .

[35]تاريخ ابن إياس جـ 4 / 148 ، 161

[36]تاريخ ابن إياس جـ 4 / 148 ، 161

[37]دررالفرايد جـ / 298 ، 299 .

[38]نزهة النفوس جـ 2 /301

[39]إنباء الغمر جـ 3 / 500

[40]انباء الهصر 215 / ، 379 ، 475 ، 238 .

[41]تاريخ البقاعى 16 ، 6 ب ، 148 .

[42]تاريخ البقاعى ، 6 ب ، 148

[43]السلوك ج ـ 3 / 2 / 874 : 875

[44]عقد الجمان لوحة 452 ، 820 .

[45]ابناء الغمر جـ3 / 144

[46]السلوك جـ 4 / 1 / 429 .

[47]تاريخ ابن إياس جـ 4 / 187 ، 188 .

[48]تاريخ ابن إياس جـ / 344 .

[49]النجوم الزاهرة جـ 16 / 191 ، حوادث الدهور جـ 2 / 379 .

[50]النجوم الزاهرة جـ 16 / 191 ، حوادث الدهور جـ 2 / 379

[51]اخبار القرن العاشر 36 .

[52]ـ تاريخ ابن أياس جـ 4 /237 ، 378                          

[53]-  تاريخ ابن أياس جـ 4 /237 ،378

[54]الصيرفى . نزهة النفوس جـ 1/35

[55]- السلوك جـ 3/2 /773

[56]   إنباء  الهصر 290.

[57] إنباء الغمر جـ 8/230، جـ7/458. ط الهند

[58] إنباء الغمر جـ 8/230، جـ7/458. ط الهند

[59] تاريخ ابن اياس جـ 4/156.

[60]  تاريخ ابن اياس جـ 4/130 : 139، 168 .

[61]ـ تاريخ ابن إياس جـ 4/130: 139 ، 168

[62]ـ إنباء الغمر ج 3/500.

[63]ـ خطط المقريزى جـ 2/55.

[64]ـ  خطط المقريزى جـ1 /125

[65]ـ تاريخ ابن إياس جـ4 / 274 ، 333 : 334.

[66]ـ تاريخ ابن إياس جـ4 / 274 ، 333 : 334.

[67]ـ المدخل جـ1/ 155.

[68]ـالمدخل جـ2/ 151 : 152 .

[69]ـالمدخل جـ2 / 151 ، 154 .

[70]ـ نفس المرجع جـ2/ 165.

[71]ـ نفس المرجع جـ 1/ 155.

[72]ـ نفس المرجع جـ2/ 50 ، 11:12 .

[73]ـ نفس المرجع جـ2/ 50 ، 11:12 .

[74]ـ نفس المرجع جـ1/ 158 .

[75]ـنفس المرجع جـ2/ 204 .

[76]ـ الشعر من كتاب الأدب فى العصر المملوكى محمد زغلول سلام : جـ1/ 289 : 290 .

[77]ـ التنفير من الأمرد 251

[78]ـ أحمد أمين . قاموس العادات 210 : 212  .                  

[79]ـ كلوت بك . لمحة عامة إلى مصر جـ 2 / 127 ، 135 .

[80]ـ تلبس ابليس 360 .

[81]ـ ابن الحاج . المدخل جـ 2 / 165 ، جـ 1 / 155 ، 158 .

[82]ـ تاريخ ابن اياس جـ 2 / 373 : 374  .

[83]ـ السلوك جـ 2/1 / 29 .

[84]ـ تاريخ ابن اياس جـ 3 / 173 .

[85]ـ لواقح الأنوار للشعرانى 180 ، 360 .

[86]ـ المدخل جـ1 / 151 ، 160 : 161

[87]ـ خطط المقريزى جـ2 / 55 .

[88]ـ السلوك جـ 2 / 1 / 29 .

[89]ـطيف الخيال 161 .

[90]ـ رحلة كارسن نيبور إلى مصر . ترجمة مصطفىماهر ط 1977 ، 297 : 298

[91]ـ خطط المقريزى جـ3 / 243 .

[92]ـ نزهة النفوس جـ1 / 335 .

[93]ـ. السلوك ج3/2/750 : 751.

[94]ـ السلوك ج3/2/750 : 751.

[95]ـ عقد الجمان لوحة 436 سنة 793.

[96]ـ تاريخ ابن اياس ج1/2/448 :449

[97]ـ. المدخل جـ 2 / 25 ، جـ 1 / 200 ، 201 .

[98]ـ المدخل جـ 2 / 25 ، جـ 1 / 200 ، 201 .

[99]ـ تاريخ ابن اياس ج1/2/362.

[100]. السلوك ج3/2/534 : 535

[101]تاريخ ابن اياس ج1/2/154.

[102]ـ. خطط المقريزى ج2/462.

[103]ـ مناقب الفرغل مخطوط :26

[104]ـ السلوك جـ 1 / 2 / 503 .

[105]ـ أنباء الهصر 388

[106]ـ خطط المقريزى جـ 2 / 476 : 477 

كتاب ( التصوف والحياة الدينية فى مصر المملوكية
يقع فى ثلاثة أجزاء تتناول بعد التمهيد أثر التصوف فى العقائد الدينية والعبادات الدينية والحياة الأخلاقية فى مصر العصر المملوكى . تعطى مقدمة الكتاب لمحة عن أصل هذا الكتاب ، وأنه كان ضمن الأجزاء المحذوفة من رسالة الدكتوراة التى قدمها المؤلف للمناقشة حين كان مدرسا مساعدا فى قسم التاريخ الاسلامى بجامعة الأزهر عام ذ977 ، ورفضوها وبعد إضطهاد دام ثلاث سنوات تم الاتفاق على حذف ثلثى الرسالة ، ونوقش ثلثها فقط ، وحصل به الباحث على درجة الدكتوراة بمرتبة الشرق الأولى فى اكتوبر 1980 . من الأجزاء المحذوفة من الرسالة ينشر المؤلف هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة ، يوضخ فيه أثر التصوف فى مصر المملوكية ويعرض فيه عقائد التصوف
more