رقم ( 4 )
الفصل الثالث : نقد مع إستمرار الأمل

 

الفصل الثالث : نقد مع إستمرار الأمل

 

السيسى يسير فى الطريق الخطأ : (1 ) ( فى إصلاح الأزهر )

 

 الأحد 26 اكتوبر 2014

مقالات متعلقة :

مقدمة

1 ــ ناشدنا الرئيس السيسى ـ بناء على دعوته لتجديد الخطاب الدينى ـ أن يقوم باصدار تشريع لاصلاح الأزهرعلى مستوى قانون الأزهر نفسه ( القانون 103 لسنة 1961 ،  والذى تعرض لكثير من الشرح والتعديل أضاعت ما فيه من مزايا وزادت ما فيه من مثالب ) وعلى مستوى المناهج الأزهرية لتواكب العصر ، بدلا من تلك المناهج الدينية المتطرفة المخالفة للاسلام والتى أنتجت جيلا من المتطرفين داخل الأزهر نفسه  . كان هذا فى إطار دعوتنا الاصلاحية ومنها أن مواجهة الفكر الوهابى المتطرف يستلزم إصلاحات تشريعية تُنقى التشريع المصرى من كل القوانين التى تمنع حرية الفكر والحرية الدينية لكل فرد مصرى .

 

2 ـ كنت مستبشرا ببعض خطوات تمت للسيسى فى إصلاح مادة التربية الدينية فى التعليم العام ،وببعض ما تناثر فى أجهزة الاعلام من نقد للبخارى ( الإله الأكبر للسلفية والوهابية السنية ) ، ولكن بعدها ارتفعت أصوات الشيوخ فى المنابر تمدح فى السيسى وتخترع له أكاذيب بمثل ما كانوا يفعلون للرئيس السابق محمد مرسى ، ومنذ أيام أصدر الرئيس السيسى تعديلا لقانون الأزهر ، وسبقه منح الضبطية القضائية لشيوخ الأوقاف . وهذا القراران أعتبرهما نكسة هائلة ، أخشى أن يدفع ثمنها السيسى شخصيا والدولة المصرية معها . ونتوقف فى هذا المقال مع بعض الشرح :

أولا : ( "السيسى" يصدر قراراً بتعديل بعض أحكام قانون إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها(

 هذا هو العنوان الذى ظهر يوم 23 اكتوبر عام 2014 . وأبرزت الصحف قرارات الرئيس السيسى فى تعديل القانون ، وهى : ( يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة ( 72 ) من القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار اليه النّصّ الآتى : * ويعاقب بالعزل المنصوص عليه فى البندين ( 4 ، 5 ) من هذه المادة عضو هيئة التدريس الذى يرتكب أيّا من المخالفات الآتية :

1 ـ الاشتراك فى مظاهرات تعرقل العملية التعليمية ، أو تعطل الدراسة أو تمنع أداء الامتحانات ، أو تؤثر عليها ، أوالتحريض أو المساعدة على ذلك 2 ـ إدخال اسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو اية أدوات من شأنها أن تستعمل فى إثارة الشغب والتخريب 3 ـ الاضرار العمدى بالمنشئات الجامعية أو المبانى التابعة لها أو ممتلكات الجامعة 4 ـ التعامل فى الدروس الخصوصية بمقابل أو بغير مقابل 5 ـ كل فعل يُخلُّ بشرف عضو هيئة التدريس أو يُزرى بصفته كعالم مسلم أو يتعارض مع حقائق الاسلام الثابتة أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو يمس نزاهته . وتسرى أحكام هذه المادة على العاملين بالجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس عند ارتكابهم المخالفات الواردة بالبنود ( 1 ، 2 ، 3 ) من هذه المادة .)

وتبع هذا تعديل آخر يعطى رئيس الجامعة الحق فى فصل الطلاب بتهمة إلحاق ضرر جسيم  بالعملية التعليمية والنيل من هيبة جامعة الأزهر الشريف وعرقلة أداء رسالتها التعليمية. )

ثانيا : قراءة نقدية لهذه التعديلات :

1 ــ المادة رقم 72 التى جرى تعديلها كانت فى الأصل تقول : (  العقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها على اعضاء هيئة التدريس هى :1- الانذار ، 2 - توجيه اللوم .3 - توجيه اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة .4 - العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش او المكافأة .5 - العزل مع الحرمان من كل او بعض المعاش او المكافأة ، وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها فى هذا الشأن .وكل فعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس اولا يلائم صفته كعالم مسلم ، او يتعارض مع حقائق الاسلام ،او يمس دينه ونزاهته يكون جزاؤه العزل . ) جاءت التعديلات أكثر قسوة فى تنويع أسباب العزل من الوظيفة ، وأكثر إنحيازا لسلطة الشيوخ فى الأزهر فى الانتقام ممن يخالفهم فى الرأى ، وأكثر تأكيدا فى المحافظة على مناهج الأزهر المُخزية الارهابية المتطرفة ، حيث أصافت ضمن الاتهامات الموجبة للعزل من الوظيفة أن يقول ما يتعارض مع المعلوم ( لديهم ) من الدين بالضرورة . وهى تعنى عندهم ما يعرفونه من التراث المتطرف وما يقومون بتدريسه .

ثم إنها عبارة واسعة مطاطة ، إذ لا توجد قائمة معروفة ومتفق عليها فى تحديد هذا المعلوم من الدين بالضرورة . والأصح أن يقال فيه ( المجهول من الدين بالضرورة ).!!

2ـ وبالتالى ، تتجلى في هذا التعديل  العادة السيئة فى صياغة قوانين العقوبات فى التشريع المصرى ، وهى عدم التحديد الدقيق للإتهام ، بل تعمد جعله مطّاطا يمكن تطبيقه حسب الهوى . صياغة القوانين فى العالم المتحضر صناعة راقية ، وهى كذلك فى التشريع القرآنى ، تأتى الصياغة محددة باسلوب علمى لا يحتمل سوى معنى واحدا . ولكن فى هذه التعديلات نرى تعبيرات هلامية مطاطة واسعة ، منها : فى موضوع المظاهرات : (، أوالتحريض أو المساعدة على ذلك  )  كيف يمكن تحديد هذه العبارة ؟ وما هى حدود التحريض ؟ والمساعدة ؟. ومنها (  بتهمة إلحاق ضرر جسيم  بالعملية التعليمية والنيل من هيبة جامعة الأزهر الشريف وعرقلة أداء رسالتها التعليمية.).

2 ــ ثم هذا البند بأكمله ، والذى بسببه عوقبت فى جامعة الأزهر بسبب إجتهادى فى أيراد حقائق الاسلام ، وقد أبقى عليه تعديل السيسى وزاد عليه كما قلنا ، يقول هذا البند الكارثى  (ـ كل فعل يُخلُّ بشرف عضو هيئة التدريس أو يُزرى بصفته كعالم مسلم أو يتعارض مع حقائق الاسلام الثابتة أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو يمس نزاهته )، تركها هنا مفتوحة تنتظر تفسير صاحب السلطة ليعاقب بها من يراه فعل ما يُخلُّ بالشرف أو يُزرى بصفته كعالم مسلم ،أو يمسُّ نزاهته ، أو ما يراه متعارضا مع حقائق الاسلام والمعلوم من الدين بالضرورة. وعندهم فإن كل مناهج الأزهر المليئة بالتطرف والارهاب والخرافات هى حقائق الاسلام والمعلوم من الدين بالضرورة .

3 ــ وأتذكر هنا انهم كانوا يحاكموننى فى عامى 1985 : 1986 بسبب إجتهادى فى تأليف خمس كتب دفعة واحدة أُجلّى وأوضح فيها حقائق الاسلام ، وكانت التهمة قبل التعديل السيساوى تقول :( وكل فعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس اولا يلائم صفته كعالم مسلم ، او يتعارض مع حقائق الاسلام ، او يمس دينه ونزاهته يكون جزاؤه العزل . )، وقد جعلوا إجتهادى فى تقرير حقائق الاسلام بالقرآن إخلالا بالشرف وماسّا بالدين ومتعارضا مع حقائق الاسلام .

4 ــ ومن المؤسف أنه فى وقت محاكمتى ذهبت طالبة فى كلية البنات الاسلامية فرع جامعة الأزهر فى مدينة نصر الى قسم شرطة مدينة نصر وهى ( حُبلى ) تتهم إستاذا بأنه أحبلها فى علاقة غير شرعية  ويرفض الزواج منها وينكر مسئوليته عن حملها . هذا الاستاذ كان يدرس مادة التفسير ، وكان متزوجا وله أسرة وبنات فى نفس عُمر الطالبة وكان يبلغ عمره وقتها ة 55 عاما وملتحيا ويرتدى الزى الأزهرى. أبلغ مأمور قسم مدينة نصر رئيس جامعة الأزهر ـ د محمد السعدى فرهود وقتها ـ بالبلاغ . وجرى التكتم على الأمر حرصا على سُمعة الأزهر ، ولم تتم إحالة هذا الشيخ الزانى الى المحاكمة كما فعلوا معى .

5 ــ ومنتظر من شيوخ اليوم أن يعاقبوا بالعزل أى عضو فى هيئة التدريس يقول شيئا فى الاصلاح ، لأنهم ضد الاصلاح ، ولأن الاصلاح ينافى المعلوم عندهم من دينهم بالضرورة .!

ثالثا : لماذا جامعة الأزهر بالذات

1 ــ  لماذا معاقبة جامعة الأزهر بالذات بهذه القوانين ؟ لماذا لا يتم تطبيق نفس القوانين فى عزل أعضاء هيئة التدريس وفصل الطلاب على الجامعات الأخرى حين يقومون بنفس الأفعال مثل : ( الاشتراك فى مظاهرات تعرقل العملية التعليمية ، أو تعطل الدراسة أو تمنع أداء الامتحانات ، أو تؤثر عليها ، أو التحريض أو المساعدة على ذلك و إدخال اسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو اية أدوات من شأنها أن تستعمل فى إثارة الشغب والتخريب والاضرار العمدى بالمنشئات الجامعية أو المبانى التابعة لها أو ممتلكات الجامعة و التعامل فى الدروس الخصوصية بمقابل أو بغير مقابل ). هل هذا حرام على الأزهريين وحدهم ومُباح لغيرهم ؟

2 ـ الواضح إنه تعديل قانونى عوقبت به جامعة الأزهر لأن أعضاء من هيئة تدريسها وجماهير من طلابها قد تطرفوا فى المظاهرات وفى إستعمال العنف وفى التصدى للأمن وفى التخريب . لذا كان الأسهل هو تخصيصهم بهذه العقوبات دون غيرهم من الجامعات الأخرى .

3 ـ  لن نتوقف عند العادة المصرية السيئة فى ( الاسهال التشريعى ) فما أسهل إصدار القوانين خصوصا فى موضوعات العقوبات وخصوصا أيضا  فى غيبة المجلس التشريعى المنوط به هذه المهمة ( مجلس الشعب ). ولكن نتوقف مع مأساة هذا التعديل . قلنا إن إصلاح الأزهر يستلزم إرادة سياسية ، وهى موجودة عند الرئيس السيسى ، وهى فعلا موجودة عنده ، ولكنه يستخدمها فى الطريق الخطأ ، بدليل هذا التعديل المأساوى .

4 ــ  بدلا من أن يُصدر قرارات جمهورية باصلاح الأزهر وإصلاح التشريعات العقابية فى القانون المصرى نراه فى هذا التشريع يقوم بعملين متناقضين فى قانون الأزهر بالذات : ( 1 ) التأكيد على أن مناهج الأزهر هى المعلوم من الدين بالضرورة وهى حقائق الاسلام . وبالتالى فإن من الواجب تدريسها والعمل بها ، ( 2 ) وحين يعمل بها أعضاء هيئة التدريس وحين يجتهد الطلبة الأزهريون فى تطبيقها يتم عزلهم وفصلهم . هل هو كمين للإيقاع بهؤلاء البؤساء الضحايا ؟ نقنعهم بأن هذا الاسلام ثم حين يطبقونه نعاقبهم ؟!!

5 ــ إنّ كل ما تقوله داعش والاخوان والقاعدة هو الدين الذى يحافظ عليه الأزهر ، وكل ما يفعله طلبة الأزهر ضد السيسى هو الجهاد الذى يوجبه الأزهر وتقوم عليه مناهج الفقه والحديث والتفسير والتوحيد، وتتخصص فيه كليات ( أصول الدين ) و ( الشريعة ) و ( الدراسات الاسلامية ) و ( الدعوة ) ، وهى الكليات الأوسع انتشارا فى العمران المصرى من القاهرة الى المدن وحتى فى الريف ، علاوة على التعليم الأزهرى قبل الجامعى . الطالب فى بعض القرى يتعلم فى قريته فى المعهد الأزهرى الاعدادى والثانوى الأزهرى ثم يلتحق بكلية أصول الدين وغيرها فى قريته أو فى القرية القريبة أو المدينة القريبة ، ويتخرج فيها قنبلة موقوته جاهزة لأن تنفجر فى وجه مصر . ثم يعمل خطيبا فى الأوقاف . وندخل معه على مصيبة أخرى ، وهى :

رابعا  :منح شيوخ الأوقاف الضبطية القضائية ، اى القبض على من يخطب فى مسجد من غير ترخيص

1 ــ قال أهل الطبل والزمر فى الاعلام المصرى : ( في إطار جهود وزارة الأوقاف لضبط المشهد الدعوي ومواجهة غير المتخصصين، تلقى الدكتور محمد مختار جمعة - وزير الأوقاف – قرار المستشار محفوظ صابر - وزير العدل - الخاص بمنح صفة مأموري الضبط القضائي للدفعة الأولى من قيادات ومفتشي الأوقاف وعددهم مائة، وذلك بالنسبة للجرائم التي تقع  بالمخالفة لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 2014، بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وقصرها على الأزهريين. ) شيوخ المعلوم من الدين بالضرورة هم أصحاب الضبطية القضائية لمنع خطباء السلفية من خارج الأزهر من إعتلاء المنابر . الواضح أنه لمنع السلفيين المعارضين للسيسى من الخطابة ، وتركيز الخطابة فى السلفيين الأزهريين المؤيدين للسيسى والمعارضين للإخوان .

2 ــ هذا كلام جميل . ولكن ماذا إذا وقف خطيب يتكلم فى الاصلاح ؟ ينتقد المعلوم لدى الشيوخ بالضرورة ويُثبت تناقضه مع القرآن الكريم ؟ ماذا سيكون مصيره طبقا ( للجرائم التي تقع  بالمخالفة لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 2014، بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وقصرها على الأزهريين. ) ؟

ختاما

تعرضت للوم ولاتهام بأننى سارعت بتأييد بعض الملامح الاصلاحية للرئيس السيسى . ولكن لا يزال عندى الكثير من الأمل والكثير من الخوف على مصر وأهلها .!..  

 

 

السيسى يسير فى الطريق الخطأ:(2 ) عدم إصلاح قانون المظاهرات

 

في الإثنين 27 اكتوبر 2014

أولا ـ قانون المظاهرات الحالى ينذر بحرب أهلية فى مصر .

1 ـ قد يحدث هذا مع تأجيل الاصلاح التشريعى وإستمرار المعاناة الإقتصادية التى يتحملها أغلبية المصريين ، وهم الذين يفترسهم التصاعد المستمر فى الأسعار . حين ينعدم الأمل ستخرج هذه الجماهير فى ثورة جياع وستجد أمامها قانون التظاهر الحالى و تطبيقه بالجيش والأمن ، عندها ستحدث مذابح ،  وتنجم مواجهة بين الشعب من ناحية والجيش والأمن من ناحية أخرى فى حرب وجود ، نرجو الا تحدث .

2 ـ يزيد فى هذا الاحتمال البغيض حماية الفكر الوهابى واعتباره سُنّة نبوية وشريعة إسلامية وحقائق إسلامية . مواجهة الارهابيين بالأمن فقط يزيد من إنتشار هذا الفكر ويشحذ الهمم فى الانتقام من نظام السيسى . تصاعد المواجهة وسقوط الضحايا مع إستمرار نفس الفكر متسيدا باعتباره دينا ـ يؤمن به معظم أفراد الجيش والشرطة ــ سيؤدى الى خروج الرتب الصغرى والوسطى  فى الأمن والجيش على القادة وإنضمامهم الى المعارضة المسلحة .

3 ــ خلال أربعين عاما وبالتعليم الدينى الفاسد وعبر الاعلام و المساجد تربى جيل مصرى كامل من سن الطفولة الى سن الخمسين على أن الفكر الوهابى هو ( صحيح الاسلام ) . ويضم هذا الجيل الطلاب فى مراحل التعليم من الاعدادى والثانوى الى الدراسات العليا ، وصغار وكبار الموظفين ، والرتب الصغرى والمتوسطة ، وحتى نرى فى الرئيس السيسى نفسه تأثرا بهذه النوعية من التدين السلفى . الفارق هنا بين السلفيين داخل النظام وخارجه هو المصالح . المتوقع أن تحدث إنشقاقات داخل الجيش والأمن إذا وجد سلفيو النظام ( من الرتب الوسطى والصغيرة ) داخل الجيش والشرطة  أنهم الذين يدفعون الثمن دفاعا عن الكبار أصحاب السلطة والثروة دون مقابل سوى قتل المعارضين السلفيين الذين يشاركونهم فى نفس الدين السلفى.

4 ـ وهذا الانشقاق يحدث الآن بصورة بسيطة ، والنظام وأهل الطبل والزمر فى أجهزة أعلامه يطلقون عليهم أنهم ( خلايا إخوانية نائمة ) ، وهى تسمية مضحكة تنمُّ على إستخفاف هائل بالمصريين ، فهل لديهم علم بالاخوان الظاهرين ( الصاحيين ) وبقية الاخوان ( النائمين ). التفسير الوحيد أن هؤلاء يعتنقون نفس دين الاخوان الوهابى السلفى ، شأن معظم هذا الجيل ، ورأوا أن واجبهم الدينى يحتم عليهم الجهاد علنا أو سرأ ، وبما أنهم داخل النظام وأجهزته الخدمية ( التعليم ، الكهرباء ، الخ .. ) وأجهزته الأمنية والعسكرية فهم يستغلون مواقعهم الوظيفية فى الجهاد ضد النظام الذى يعتبرونه كافرا . هذه حالات قليلة الان . ولكن مع استمرار الأحوال كما هى ، وبقاء قانون التظاهر كما هو فمصر مُقبلة على حرب وجود . ومن ضمن النجاة منها إصلاح قانون التظاهر ضمن منظومة إصلاحية حتمية ..وإلّا .. فالثمن باهظ ..  

ثانيا : الحل فى الشريعة الاسلامية الحقيقية

1 ــ فى الدولة الاسلامية التى أقامها خاتم المرسلين ــ  عليه وعليهم السلام ـ كان علاج الأمن الداخلى والخارجى  ليس بالتضحية بالحرية ، ولكنه بالحرية المطلقة فى الدين وبالعدل للجميع والأمن والسلام للجميع . ولقد كتبنا فى هذا كثيرا ، ونعتذر إذا نضطر للتذكير ببعضه هنا .

2 ـ دولة النبى محمد عليه السلام كانت فى حالة حصار مستمر إستمر الى قبيل موت النبى عليه السلام . كان هناك المشركون المعتدون فى الخارج من قريش والقبائل الأخرى ، وحول المدينة هناك الأعراب الموصوفون بأنهم الأشد كفرا ونفاقا ، يزعم بعضهم الدخول فى الاسلام ودخل المدينة ليتعرف على تحصناتها ، وليتصل بالطابور الخامس من المنافقين ، ثم كان هناك قبائل اليهود على أطراف المدينة ( بنو قينقاع والنضير وقريظة ) وهم كالمشركين فى إعتداءاتهم ، ثم فى داخل المدينة هناك المنافقون .

3 ـ  كل هذا يدفع أعتى دولة ديمقراطية حديثة لأن تتمسك بقانون الطوارىء وهى فى حالة حرب فى الداخل وفى الخارج . وتكون الضحية الأولى لهذه الحرب هى الحرية حفاظا على الأمن . وهى عادة سيئة يتمسك بها أى مستبد ،ولكن دولة الاسلام فى عهد النبى عليه الاسلام وبالتشريع الاسلامى أوجدت الحل السحرى ، وهو أن الحرية مع العدل والسلام هما اساس الأمن .

3 ـ  أروع تطبيق لمبدأ ( الدين لله والوطن للجميع ) كان فى دولة الرسول الاسلامية ،( فالوطن للجميع) أى على قدم المساواة ، والدخول فى دولة الاسلام يتم فرديا عبر عقد أو بيعة ، وهى من حق النساء ايضا ( الممتحنة 12 ) وهؤلاء المواطنون هم مصدر السلطة السياسية حتى فى دولة يقودها النبى عليه السلام ( آل عمران 195 ) . و(الدين لله ) بمعنى أن الله جل وعلا هو الذى يحكم يوم الدين فى إختلافات البشر الدينية ، وهو الذى خلقهم أحرارا ، وجعلهم مسئولين عن إختيارهم العقيدى يوم الحساب ، والهداية مسئولية شخصية ومن أهتدى فلنفسه ومن ضل فعلى نفسه ، ومهمة الدولة الاسلامية ليس إدخال لناس الجنة ، بل تأكيد هذه الحرية الدينية لكل فرد يعيش فى ظلها حتى لا يكون لديه عُذر يتحجج به يوم الدين . هذا مع القيام بواجب الدعوة والنصيحة للدين الحق دون إكراه فى الدين . مئات الآيات القرآنية تؤكد ما سبق. والتطبيق الفعلى لهذه الشريعة القرآنية جاء فى صٌلب القرآن الكريمة نفسه ، سواء بالمصطلحات القرآنية التى تم تجاهلها وتكذيبها فيما بعد ، او بالتشريعات القرآنية الواضحة ، والتى ايضا تم تجاهلها وتكذيبها فيما بعد  . ونعطى أمثلة :

3 / 1 :مصطلح الكفر والشرك فى التعامل البشرى يعنى الاعتداء الحربى على المسالمين سواء كانوا أفرادا كما كانت تفعل قريش مع المؤمنين فى مكة ، او كانوا دولة مسالمة كما كانت تفعل قريش مع دولة النبى الاسلامية فى المدينة . هذا هو الكفر أو الشرك السلوكى الذى يمكن للبشر التعامل معه .

 وهناك الكفر القلبى فى الاعتقاد وفى العبادة ، وهذا ليس للبشر أن يتعاملوا معه ، إنما مرجعه لله جل وعلا يوم الدين .

ومقابل ذلك فإن مصطلح الايمان والاسلام يعنيان الأمن والسلام فى التعامل الظاهرى السلوكى . أما فى المصطلح القلبى فالايمان بالله جل وعلا وكتبه ورسله ـ لا نفرق بين أحد من رسله والايمان باليوم الآخر. وهذا هو معنى الايمان القلبى الذى مرجعه لله جل وعلا وحده يوم الدين .

والاسلام القلبى هو الاستسلام والطاعة القلبية والسلوكية لله جل وعلا ، وان تكون لله جل وعلا وحده صلاتنا ونُسُكنا ومحيانا ومماتنا لا شريك له . وليس لأحد سوى رب العالمين الحكم على هذا الاسلام القلبى .

بإختصار فإن حقوق العباد مجالها هذه الدنيا لحفظ حق الحياة وحق المال والعرض والأمن لكل فرد . اما حقوق الله جل وعلا فيما يخص الأيمان به وحده وعبادته وحده فمجالها الحرية المطلقة ، والحكم فيها  مؤجل  ليوم الدين، حيث سيحكم فيه جل وعلا بين البشر فيما كانوا فيه يختلفون .

3 / 2 : بالتالى فقد كانت ( المواطنة ) فى دولة النبى محمد عليه الاسلامية للفرد المُسالم  المؤمن ظاهريا بغض النظر عن عقيدته ، كانت تعنى ( الذين آمنوا ) ، ليس بالمعنى القلبى بل بالمعنى السلوكى ، أى ( آمن ب ) بمعنى وثق وإطمأنّ ، فالمؤمنون هم المُسالمون المسلمون ظاهريا الذين لا يعتدون على أحد حربيا وسلوكيا . يؤكد هذا أن الله جل وعلا أنزل آيات تعظ ( الذين آمنوا ) سلوكيا بأن يكملوا إيمانهم السلوكى المُسالم بإيمان قلبى يجعلهم يؤمنون بالله جل وعلا وكتبه ورسله ويحذرهم من الكفر القلبى بالله جل وعلا وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر : ( النساء  (136) ، وأنزل الله جل وعلا آيات تعظهم بهجر عبادة الأوثان التى كانوا يعكفون عليها فى المدينة، ( الحج 30 ) ، ولم يجتنبها بعض الصحابة فى عهد الدولة الاسلامية فى حياة النبى عليه السلام ، فظلوا يعكفون عليها وعلى ما توارثوه من عادات وعبادات الجاهلية فى مكة ، من شُرب الخمر ولعب الميسر والقسم بالأزلام وعبادة الأنصاب أى القبور المقدسة ، فكان من أواخر ما نزل فى القرآن الكريم لهؤلاء الذين آمنوا ( سلوكيا وليس قلبيا ) قوله جل وعلا فى خطاب مباشر لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة ). الله جل وعلا بعد أن وعظهم قال لهم (  فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ) ، واكّد أن مهمة الرسول لا تتعدى التبليغ (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ  )، وهو عليه السلام ممنوع من أن يُكره أحدا فى الدين ( يونس 99 ).هؤلاء هم المؤمنون المواطنون طبقا لمصطلح القرآن الكريم . المواطن هو الفرد المسالم  سلوكيا فى الدولة بغض النظر عن دينه وعقيدته .

3 / 3 : على أن هناك من كان من حيث الظاهر مُسالما ، ولكنه كان متآمرا فى سلوكه . وفى عهد نزول القرآن الكريم بالمدينة إختار رب العزة جل وعلا لهم وصف ( المنافقين ) ونزلت فى الصحابة المنافقين عشرات الآيات ، تصف تآمرهم وأنهم كانوا يحلفون بالباطل تبريرا لجرائمهم . ومن القرآن الكريم نعرف أنه كانت لهم الحرية فى إيذاء النبى عليه السلام نفسه ، وفى القعود عن الجهاد وفى التحريض على القعود عن الجهاد ونشر الاشاعات وقت الحروب والامتناع عن دفع الزكاة المالية والسخرية من المؤمنين المتطوعين ،وفى الاحتكام القضائى خارج سلطة الدولة ورفض الاحتكام للنبى ، أكثر من هذا ، كانوا يتحالفون مع العدو ويقيمون مسجدا ( للضرار ) للتآمر ، وقد إنخدع به النبى فكان يُصلى فيه الى أن جاءه النهى عن الاقامة فيه . هذا أقصى مدى من الحرية القولية والفعلية والحركية التى كان المنافقون يتمتعون بها كمعارضة السياسية، بالاضافة الى حريتهم الدينية فى الكذب على الرسول والتقول عليه وتكذيب القرآن الكريم .

ومع كل هذه الجرائم ومع كون الدولة الاسلامية فى حالة حصار مستمر سبقت الاشارة اليه فإن العلاج  كان أساسا بضمان حريتهم فى القول والفعل طالما لا يرفعون سلاحا . أى طالما لا يرفعون سلاحا فالتعامل معهم حسب الظاهر ، مثلهم مثل باقى المؤمنين ظاهريا .

3 / 4 :الذى يحمل السلاح على الدولة الاسلامية المسالمة لا يكون مؤمنا سلوكيا بل هو كافر بسلوكه العدوانى ويجب قتاله قتالا دفاعيا حتى ينتهى عدوانه . وهذا هو تشريع القتال فى الاسلام ( البقرة 190 : 194 ، 217 ) ( الأنفال 38 : 40 ) ( التوبة 1 ــ ).

 وبهذا جاء التهديد للمنافقين إذا تطورت معاضتهم وتحولت الى حمل السلاح واصطدموا مع المؤمنين فى حرب ، او بالتعبير القرآنى ( الثقف ) فيتعين قتالهم ( الأحزاب 60 : 62 ).

 نفس الحال مع المنافقين من الأعراب الذين هم أشد الناس كفرا ونفاقا ، والذين كانوا يدخلون المدينة للتآمر ثم يهاجمونها ، اولئك أوجب الله جل وعلا قتالهم إن لم يتوبوا ( النساء 88 : 91 ).

ونفس الحال فى أواخر ما نزل من القرآن ، فى عقوبة من يحارب الله جل وعلا ورسوله بالاعتداء الحربى على المسلمين فى الداخل ، أو ما يعرف تراثيا بحد الحرابة . هى عقوبة فظيعة تساوى الجريمة ، تخيل ( داعش ) وهى تهاجم آمنين مسالمين تقتل وتسبى وتغتصب وتسبى ، هذه الجرائم تستحق العقوبات المنصوص عليها فى سورة المائدة :( 33: 34 ) .

ثالثا : كيفية تطبيق هذه الشريعة فى عصر السيسى

1 ـ تمتعت المعارضة السلمية بالحرية المطلقة  فى دولة النبى عليه السلام ، وهى الدولة القائمة على العدل والسلام والحرية المطلقة فى الرأى والدين . يهمنا هنا ( فى موضوع المظاهرات ) أنهم كانوا أن يقيموا مظاهرات من الرجال والنساء يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف خلافا للتشريع الاسلامى ، فعل هذا المنافقون والمنافقات ، وكان الرد عليهم ليس بقوانين إستثنائية وبالأمن المركزى وتلفيق القضايا و القبض العشوائى و التعذيب ، ولكن بأن تقوم من المؤمنين والمؤمنات مظاهرات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ( التوبة 67 : 72 ).

2 ـ هناك نبرة وطنية مصرية ودينية فى خطابات السيسى ، ولا يُنكر مُنصف إخلاصه ، إذ يواجه المشكلات المتراكمة بحلول جذرية صعبة وكان يمكنه تأجيلها الى أن تنتهى رئاسته كالمعهود من قبل .  ومن منطلق ولائه لمصر وخوفه عليها ، ولمحات التدين التى تبدو فى خطابه وإستمرار ذكره لرب العزة جل وعلا ـ خلافا لمن سبقه من الرؤساء المصريين فى العصر الحديث ، نعظه بأن يسير على الشريعة الاسلامية الحقة ، بإصلاح شامل لمنظومة التشريع ومنظومة القضاء فى مصرلارساء العدل ، على أن يبدأ هذا بإصلاح سريع لقانون التظاهر .

3 ـ وهذا مجرد إقتراح : السماح بالتظاهر بمجرد أن يقدم القائمون على المظاهرة تعهدا بحفظ النظام فيها وألّا تتحول الى شغب وفوضى وعنف ، وان تخلو تماما من حمل السلاح ، وأن يتم تحديد ساحات معينة فى كل مدينة للتظاهر فيها ، مع تحديد وقت المظاهرة ، ثم تكون فى حراسة الشرطة ، لحمايتها وليس للإعتداء عليها أو رصد القائمين عليها تمهيدا لتلفيق التهم لهم .

4 ـ يستتبع هذا التعديل أوامر جازمة للشرطة بالتخلى عن العنف والتعذيب وتلفيق القضايا ، وأن تلتزم بحُسن معاملة الجماهير ، وإحترام آدمية المتهمين ، والأهم من ذلك وقبله العفو وإطلاق سراح المسجونين ظلما من النشطاء والصحفيين وكافة أصحاب الرأى .

5 ـ يبقى بعد هذا حق الدولة المصرية فى معاقبة من يحمل السلاح باغيا معتديا بالتظاهر الباغى العنيف المسلح ، أو بالهجوم على الجيش والشرطة وأفراد المصريين وممتلكاتهم .

 

 

 

 

فلاح وشيخ و... حمار

 الثلاثاء 18 نوفمبر 2014

 

1 ــ كان الفلاح يعيش مع زوجته وأولاده وبناته فى حجرة ضيقة يتكدسون فيها ، لا يكادون يتنفسون هواءا نقيا . إشتكى الفلاح الى شيخ المسجد من معاناته طالبا منه ان يجد له حلا ، فأمره الشيخ بأن يجعل الحمار الذى يملكه الفلاح يعيش معهم فى نفس الغرفة الضيقة . وأذعن الفلاح فليس له أن يخالف رأى الشيخ . وأصبحت حال الفلاح وأسرته أسوأ والحمار معهم فى الغرفة يبيت معهم ويتبول عليهم ، ولم يعد بإستطاعة الفلاح التحمل فولّى وجهه شطر الشيخ يقول له : إغثنى ياشيخى وإرحمنى من وجود الحمار معنا فى الغرفة. فسمح له الشيخ بإخراج الحمار من الغرفة ، وتنفس الفلاح الصعداء مستريحا . وزاره الشيخ فى غرفته فوجد الفلاح راضيا قانعا ، يتذكر بكل سوء الأيام التى عاش معهم فيها الحمار فى الغرفة .

2 ـ هذه قصة رمزية تنطبق على الحالة المصرية . ضجّ المصريون من إستبداد مبارك وفساده وحكم العسكر ، وثاروا عليه ، واستبدلوه بالاخوان ، فكانوا الأسوأ ، فعادوا الى حكم العسكر راضين به ، وطردوا الحمار الاخوانى خارج الغرفة . إكتشف المصريون أن عليهم الاختيار بين السىء ( حكم العسكر ) والأسوأ ( حكم الاخوان ) . فرضوا بالسىء ( أفضل ) لهم من ( الأسوأ ).

3 ــوما أتعس أن يكون الأفضل لك هو السىء .!!

4 ـ لماذا يظل المصريون محصورين بين إختيار السىء والأسوأ ؟ لأن المصريين رهنوا عقلهم لدى الشيخ ، أو القسيس . رهنوا عقولهم لدى أرباب الدين الأرضى . أرباب الدين الأرضى ( شيوخ وقساوسة ) يركبون المصريين ، والحاكم المستبد يركب هؤلاء الشيوخ والقساوسة . مشكلة المصريين الحقيقية هى فى خضوعهم لأرباب أديانهم الأرضية ، وجعل الدين الأرضى فاعلا ومؤثرا ومتحكما فى حياتهم اليومية ، فأصبح كل أمر محتاجا الى فتوى من الشيخ والى مباركة من القسيس .

5 ــ الغرب تقدم حين حصر دينه الأرضى داخل الكنيسة ، وأبعدها عن التدخل السياسى والاجتماعى ، وجعل لها دورا ترفيهيا ثانويا فى مناسبات قليلة لمن شاء أن يذهب ولمن شاء أن ( يكفر ). وإنفتح المجال واسعا أمام أهل الغرب للسخرية من رجال الدين ومن الدين الأرضى نفسه ، واصبح رجال الدين فى كنائسهم ( يتسولون ) إهتمام الناس ، وإنخرطوا فى الأعمال الخيرية فإبتدعوا طريقا جديدا يحظون فيه على بعض الاحترام من الناس ، وهو قيادة العمل الخيرى داخليا وخارجيا .

6 ـ الغرب حين إسترد عقله من الكنيسة ودينها الأرضى إنطلق يسير فى الأرض يعمرها ، وإنطلق ينظم حياته مسترشدا بالفطرة السليمة التى تهتدى بالعدل والحرية المسئولة فى التعامل بين الناس والحرية المطلقة فى الدين وبكرامة الانسان وحقوقه ، فأرسى الديمقراطية وحقق نوعا من العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعى ، واصبح العيش فى مجتمعات الغرب حُلما للبشر الذين يعيشون فى الجانب الآخر أسرى لأديانهم الأرضية ، خصوصا الأديان الأرضية للمحمديين من سنة وتصوف وتشيع ، حيث ينحصر الاختيار بين السىء ( حكم العسكر أو القبيلة ) والأسوا ( حكم رجال الدين الأرضى كالاخوان المسلمين أو داعش ) . ولا سبيل أمامهم إلا بأن يستردوا عقولهم من هذه الطائفة الضالة المُضلة ( رجال الدين الأرضى ) .

6 ــ لو إسترد المصريون عقولهم ( أو ما تبقى من عقولهم ) من الشيخ والقسيس لانفتحت أمامهم سُبُل الاختيار ، لن تكون محصورة بين السىء والأسوا ، أو بين ( إمّا وإمّا ) ولكن ستتعدد أمامهم الاختيارات طالما يُمسكون مصيرهم بأيديهم بإختيارهم الحُر ، ولديهم الاستعداد للتضحية فى سبيل حريتهم فى إختيار ما يريدون . عندما يقومون بتغيير ما بأنفسهم من خضوع وذلّة وعندما يصممون على إختيار الحرية والحياة الكريمة ، عندها لا يمكن أن تقف أمامهم قوة . ولكن عندما تنحنى رأس المصرى أمام شيخ أو قسيس فستظل تركع وتسجد أمام الحاكم لأن هذا الحاكم هو الذى يدور فى فلكه شيخ الأزهر والبابا  .  

7 ـ الذى لا يعرفه المحمديون أن رجال الدين هم شياطين الانس ، هم أقذر المخلوقات البشرية ، إذ جعلوا حرفتهم الكذب على الله جل وعلا وإضلال الناس .

الذى لا يعرفه المحمديون أن الاسلام الذى هجروه هو ( دين علمانى ) لا مكان فيه لكهنوت الأديان الأرضية ، وليس فيه ( ازهر ) أو ( قم ) أو ( كنيسة ). وليس فيه مؤسسة دينية تتوسط بين الناس ورب الناس ، لأن الهداية أو الضلال إختيار بشرى ومسئولية شخصية سيكون الفرد مسئولا عنها يوم الدين.

الذى لا يعرفه المحمديون أن العلاقة مباشرة بين الفرد وخالقه جل وعلا ، ولا مجال فيها لواسطة ، وانه ليس فى الاسلام فرد بشرى مقدس.

الذى لا يعرفه المحمديون أن الاسلام يمنع خلط الدين بالتنافس الدنيوى سياسيا أو إقتصاديا ، بل يجعل الدعوة الى الاسلام ليس لإقامة دولة بل للهداية الى أنه ( لا إله إلا الله ) والايمان بالله جل وعلا وحده إلاها وباليوم الآخر موعدا للحساب ، أى دعوة للتقوى . وبالتقوى يكون الفرد حسن الخُلق فى التعامل مع الناس ، سواء كان عاملا فى المجال السياسى أو غيره .

9 ـ  الذى لا يعرفه المحمديون أن الغرب حين تحرر من دينه الأرضى أصبح أقرب بفطرته وعقليته الى التشريع الاسلامى المؤسس على الحرية والعدل والتيسير وكرامة الانسان وحقوقه . ترك المحمديون الاسلام ، وإعتنقوا بديلا عنه أديانا أرضية ، اشدها شراسة الدين السُّنى الحنبلى الوهابى الذى أنتج الاخوان والقاعدة  وداعش.

الذى لا يعرفه المحمديون أن الله جل وعلا أعطى كل إنسان وقتا محددا يعيشه فى هذا الكوكب الأرضى فى هذه الحياة الدنيا ، وفى الأجل المحدد يموت ، وانه خلال هذا العُمر المحدد الذى ينتهى بالموت يمكنه أن يختار أن يعيش ذليلا محشورا فى غرفة ضيقة قذرة يتحكم فيه وفيها الحمار والحاكم الذى يركب الحمار، أو أن يختار أن يعيش حرا يترك هذه الزنزانة يضرب فى الأرض مهاجرا مستمتعا بحريته لا يقدّس إلّا الخالق جل وعلا . المحمديون لا يفقهون قوله جل وعلا : ( يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) العنكبوت ) . الأرض واسعة ، الكرة الأرضية لا نهائية لأنها دائرية ، تخيل نملة تسير فوق بطيخة ، هل يمكن أن تصل الى نهايتها ؟ كذلك هى الأرض ، هى لا نهائية لمن يسير فيها . الأرض واسعة لا محدودة ، ولكن العمر الذى يقضيه الانسان فى هذه الأرض محدد وقصير . لماذا تقضيه وتضيعه ذليلا يتحكم فيك الحمار وراكب الحمار ؟

( وبالمناسبة فالحمار هو الوصف التمثيلى القرآنى لأرباب الديانات الأرضية سواء من يخدم منهم السلطان أو من يطمح للوصول الى السلطان مستخدما دينه الأرضى الذى يحمل أسفاره ولا يفقه منها شيئا (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة ))

10 ــ الذى لا يعرفه المحمديون أن وقت الوفاة محدد سلفا ، و لايستطيع بشر إنقاذك حين يحل موعد موتك ، ولا يستطيع بشر أن يميتك قبل موعد موتك . كل ذلك بيد الرحمن جل وعلا وحده ؟ فلماذا تخشى الموت وأنت محكوم عليك سلفا بالموت ؟ لماذا تخشى الاعدام وأنت لا محالة ستلقى الاعدام فى الوقت المحدد سلفا؟ ثم ، لماذ تخشى الحمار وراكب الحمار وكلاهما بشر مثلك محكوم عليهما مثلك بالاعدام ؟

( وبالمناسبة فالحمار هو الوصف التمثيلى القرآنى لأرباب الديانات الأرضية سواء من يخدم منهم السلطان أو من يطمح للوصول الى السلطان مستخدما دينه الأرضى الذى يحمل أسفاره ولا يفقه منها شيئا (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة ))

11ـ مساحة مصر  حوال مليون كيلومتر مربع . يزدحم المصريون فى 5% منها ، يتكدسون فى غرفة ضيقة تحت إستبداد العسكر والحمار الذى يركبه العسكر ، وهو نفس الحمار الذى يركب المصريين . ماذا لو طبّق المصريون أمر الله جل وعلا  بالمشى فى مناكب الأرض المصرية (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) (الملك 15 )؟ أمامهم فضاء واسع خال مهجور حول بحيرة ناصر وجنوب البحر الأحمر وجوانب سيناء وحلايب وشلاتين والواحات والصحروات ؟ لماذا لا يهاجرون اليها ويعمرونها بعيدا عن العسكر وحمار العسكر ؟

( وبالمناسبة فالحمار هو الوصف التمثيلى القرآنى لأرباب الديانات الأرضية سواء من يخدم منهم السلطان أو من يطمح للوصول الى السلطان مستخدما دينه الأرضى الذى يحمل أسفاره ولا يفقه منها شيئا (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة ))

12 ــ عندها ستتغير القصة وتكون كالآتى : ( كان الفلاح يعيش مع زوجته وأولاده وبناته فى حجرة ضيقة ، يتكدسون فيها ، لا يكادون يتنفسون هواءا نقيا . قرر الفلاح أن يترك غرفته الضيقة ، توكل على الله جل وعلا ، وارتحل فى أرض الله الواسعة . وجد آلاف الأماكن الصالحة للسكن والزراعة الاستثمار ، لكنها تحتاج الى عمل شاق ، ووجد أن العمل الشاق وهو حُرُ أفضل من العيش فقيرا محكوما بالحمار وصاحب الحمار . بنى الفلاح لنفسه بيتا ، وأسّس لنفسه وأولاده مستقبلا  حُرّا كريما . وأصبح هو الذى يركب الحمار ، ولا يركبه الحمار ) .

توتة توتة .. خلصت الحدوتة ..

أخيرا

( وبالمناسبة فالحمار هو الوصف التمثيلى القرآنى لأرباب الديانات الأرضية سواء من يخدم منهم السلطان أو من يطمح للوصول الى السلطان مستخدما دينه الأرضى الذى يحمل أسفاره ولا يفقه منها شيئا (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) الجمعة ))

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حول دعوة الرئيس السيسى الى ثورة دينية

  

في الأحد 04 يناير 2015

أهل القرآن بدءوا ( الثورة الدينية ) من عام 1977 ولا يزالون يحملون شعلتها

تفعيل الثورة الدينية فى مصر لا يمكن بدون مشاركة أهل القرآن

مقدمة

1 ــ يلفت النظر فى خطاب الرئيس السيسى الأخير فى مناسبة المولد النبوى أنه واجه شيوخ الأزهر بالدعوة الى ثورة دينية . جاء هذا الخطاب المباشر لهم فى حضورهم وأمام أجهزة الاعلام ليتوج بذلك دعوات سابقة له لهم بتجديد الفكر الدينى ، وقد ردّ عليها شيوخ الأزهر بالتمسك بعدم الهجوم على ( داعش ) . 

 2 ــ ويلفت النظر فى خطابات الرئيس السيسى عموما تلك النبرة الدينية والايمان بالمسئولية أمام الله جل وعلا يوم القيامة ، وقد زادت هذه النبرة الدينية فى خطابه الأخير فى قوله إنه سيحاجج شيوخ الأزهر يوم القيامة أمام رب العزة جل وعلا ، أى سيكون لهم خصما .

وأقول :

1 ــ إن الله جل وعلا لا يكلف نفسا إلّا وسعها . فهل قام الرئيس بما فى وسعه لتجديد الفكر الدينى ؟ وماذا سيدافع السيسى عن نفسه يوم الحساب أمام رب العزة ، وقد كان فى إمكانه أن يفعل الكثير ؟

نحن نتحدث هنا عن الممكن الميسور فى إصلاح الأزهر وفى تجديد الخطاب الدينى . وقد كتبنا هنا فى هذا كثيرا ، ووجهنا له رسائل بهذا . وواضح أنه يعرف كاتب هذه السطور ، فقد إستشهد ببعض مؤلفاتى فى ورقة بحثية كتبها حين كان طالبا فى الدراسات العليا العسكرية فى أمريكا . ولا يمكن لمسئول عمل فى المخابرات أن يجهل ( القرآنيين ) وجهادهم ومعاناتهم ، وهم مرصودون من أجهزة الدولة حتى الآن بعد أربع موجات من الاعتقال ، وهذا مع إستمرار منع فكرهم من الظهور فى الاعلام المصرى . وهو الفكر الحقيقى الذى يمثل ( ثورة دينية ) فى مجال إصلاح وتجديد وتطهير الفكر الدينى . إستمرار هذا الوضع فى اضطهاد أهل القرآن وتجاهل كتاباتهم الاصلاحية ( الثورية )فى عصر الرئيس السيسى يتناقض مع دعوته لتجديد الفكر الدينى .

ويصل التناقض الى قمته حين يضع الرئيس السيسى مسئولية تجديد الفكر الدينى مسئولية فى عنق أعداء أهل القرآن ، المعارضين لإصلاح المسلمين سلميا بالقرآن الكريم . هؤلاء هم من أسميتهم فى مقالات سابقة بشيوخ داعش داخل الأزهر. لن يسمح أولئك الشيوخ بتجديد الفكر الدينى وهم المدافعون عن الثعبان الأقرع وحد الردة وحد الرجم وحديث ( أمرت أن أقاتل الناس .. ) وحديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره .. ) وفقه تحقير المرأة وقتل الأسرى و إضطهاد الآخر المختلف فى المذهب والدين وأنصار الإكراه فى الدين ، وهم الذين يطاردوننا بالتكفير والتحريض والمصادرة والقوانين المصرية التى تصادر حرية الدين والرأى والفكر ، وأهمها ( إزدراء الدين ) .

إن وضع الرئيس السيسى هذه المسئولية فى أعناق شيوخ داعش الأزهريين  ينطبق عليها المثل الشعبى المصرى ( حُطّها فى رقبة عالم وإطلع سالم ) ، مع إنه لم يضعها فى رقبة عالم بل شيوخ تمكّن منهم الجهل . يكفى أنهم يدافعون بكل ضراروة عن ( صحيح البخارى ) دون قراءة له ، وقد أصبح ( صحيح البخارى ) مادة للسخرية على الانترنت ، من الشباب الذى يقرأونه ويسخرون منه ، بسبب وضوح تناقضه مع العقل والقرآن . ولكن شيوخ الجهل لم يصلوا الى درجة الوعى عند شباب الانترنت .

ثم هذا الذى أفنى عمره متمسكا بالتقليد مدافعا عن خرافات وأكاذيب التراث يعتبرها دينا  ، هل تنتظر منه مرة واحدة أن يقفز فى أرذل العمر من حضيض التقليد والجهل الى قمة الاجتهاد والعقل ؟ حتى لو أراد ذلك فلن يستطيع . وهناك من الشيوخ المطيعين الموظفين الطامعين فى الترقى من سيستجيب ، ولكنه فاقد للأهلية العلمية ، فقد أمضى عمره فى إستجلاب رضى الحاكم ، ولم يكن ولن يكون لديه وقت للبحث والاجتهاد . أى سيكتفى فى إصلاحه المزعوم ببعض القشور .

2 ـ الرئيس السيسى ــ  وهو أقوى رجل فى مصر الآن ـــ  حتى الآن لم يفعل ما فى وسعه وما فى إمكاناته فى تجديد وتطوير الخطاب الدينى ليعبر عن القيم العليا للإسلام الذى هو دين السلام والعدل والحرية والرحمة وكرامة الانسان .  فى وسعه تحقيق ما طلبناه منه ، وهو الآتى :

2/ 1 : رفع الحظر عن أهل القرآن ونشر مؤلفاتهم التى تمثل ثورة دينية حقيقية وفتح الطريق أمامهم للمشاركة فى الاصلاح الدينى السلمى .

2 / 2 : محو القوانين التى تكبل حرية الرأى والفكر والتظاهر السلمى ، والعفو عن المعتقلين السياسيين وأهل الرأى .

2 / 3 : عزل شيخ الأزهر وبقية شيوخ داعش . طبقا لقانون الأزهر هم يستحقون العزل لأنهم برفضهم تجديد الفكر الدينى ينكرون حقائق الاسلام فى الحرية والسلام والعدل والرحمة، ويسلكون مسلكا يُزرى بمكانتهم كعلماء فى الأزهر .  

2 / 4 : تعيين اساتذة من الجامعة الأزهرية ذوى ميول إصلاحية محل الشيوخ الدواعش . وتكوين لجنة متخصصة لاصلاح قانون الأزهر ومناهجه . ولدينا تصور كامل فى هذا سبق نشر بعض ملامحه أكثر من مرة .

3 ـ لم أكن يوما فى منصب تنفيذى . يعلم الرئيس السيسى أننى كنت عض"RTL"> 7 ــ يقول الله جل وعلا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (19) أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الأَخْسَرُونَ (22) هود )

ودائما : صدق الله العظيم ..وكذب دواعش الأزهر ..

 

 

 

 

لو كنت .. مكان السيسى

 

في السبت 07 فبراير 2015

أولا :

1 ــ المصريون ـ وغيرهم ـ فى الشرق الأوسط بين خيارين السىء أوالأسوا ، الحضيض أوأسفل السافلين ، حكم العسكر والمستبد العادى الفاسد  أوالحكم الوهابى ( من الاخوان الى داعش ). قام المصريون بثورة إستثنائية اسقطوا بها حاكما مستبدا فاسدا يمثل حكم العسكر الذى يحكم مصر من عام 1952 . أسقطوا الرأس وظل الجسد العسكرى الحاكم قائما وحكم مصر خلال المجلس العسكرى .

كتبت هنا من قبل أن العسكر تراجعوا للوراء وأعطوا الفرصة للإخوان كى يحكموا لفضحهم ، فالاخوان ظلوا يتآمرون ثمانين عاما للوصول للحكم ولم يتوقفوا ثمانين دقيقة للتفكير فى كيفية الحكم . كان حتما أن يفشل الاخوان .ورأى المصريون بأنفسهم أنهم وقعوا ضحية للأسوأ ،، فإستغاثوا بالسىء ، وظهر السيسى رئيس العسكر مختلفا ، يجيد المعسول من القول متواضعا متدينا إستجار بالشعب فأيده الشعب بما أصبح معروفا بثورة 30 يونية . وعاد العسكر الى صدارة الحكم بقيادة السيسى .

 2 ــ التأييد الساحق الذى حصل عليه السيسى فى 30 يونية تآكل قليلا بسبب رفضه الافصاح عن برنامجه السياسى ووقوفه ضد الحرية وضد الشباب الثائر ، لذا كان الاقبال ضعيفا على إنتخابات الرئاسة .  أصبح السيسى رئيسا ، وقد بذل خلال الأشهر الماضية جهدا شاقا حتى أوصل شعبيته الآن ( 7 فبراير 2015 ) الى الحضيض . الفساد إستشرى أكثر ، و الاستبداد طغى وفاض ، ووحشية البوليس فاقت الحدود ، وقمع الحريات لا يوازيها سوى تطرف القضاء فى الظلم بإصدار أحكام عشوائية بإعدام المئات ، والمؤبد على رموز الثورة المصرية . إستخدم السيسى كل أذرعه فى الجيش والبوليس والنيابة والقضاء والاعلام وترزية القوانين ليقمع مناوئيه ، ليس الاخوان فحسب بل الشباب اليائس والثائر . خلال أشهر نجح السيسى فى التفوق على مبارك ( 30 عاما ) . هذا كله وخارطة الطريق لم تكتمل لأنها خارطة طريق لاستبداد العسكر وليس لاصلاح مصر . خلال أقل من شهر أطلق السيسى سراح مبارك وولديه لينعموا بالبلايين التى سرقوها من دماء الشعب ، وحكم قاضى ( السيسى ) على دومة و ( ست البنات ) الثائرة بالمؤبد ، وأطلق بوليس السيسى النار على شيماء الصباغ لأنها ضمن مسيرة سلمية كانت تحمل الزهور . من وقت وصول المجلس العسكرى للحكم وحتى الآن إرتكب العسكر عدة مذابح للمصريين يتحمل مسئوليتها السيسى داخل المجلس أو قائدا للعسكر ، من فضيحة ( كشف العذرية ) للثائرات المصريات الى ماسبيرو ورابعة ، وأخيرا مقتل شيماء الصباغ . واضح هذا الاصرار على تعقب وإغتيال زعماء الثوار ، أى تم الانتقام لمبارك من الاخوان ومن الثوار معا . هذا هو الانجاز الذى قام به السيسى ، وهذه هى خارطته للطريق . وهى خارطة واضحة المعالم يتبقى منها إستنساخ مجلس شعب على شاكلة مجلس الشعب الأخير فى حكم مبارك والذى صنعه الفاسد أحمد عز ، ولقد تم إطلاق سراح أحمد عز للإستفادة من خبرته .

3 ــ إستبشرت خيرا بالسيسى حين تكلم عن الاصلاح ، وعن إصلاح المادة الدينية فى التعليم ، وعن إصلاح الخطاب الدينى . إن مهمة الكاتب المُصلح أن يتخصص فى السيئات ، يُظهرها ويفضحها طلبا لاصلاحها . ومع هذا فإذا ظهر فى الأفق أمل فى حاكم ما أن يكون مصلحا فعلى الكاتب أن يشجع ويؤيد ويطلب التنفيذ والمزيد .

فعلت هذا مع القذافى ، قرأت الكتاب الأخضر وديمقراطيته الشعبية المباشرة ، وبرغم ما فيه من مضحكات فقد رأيت فيه أملا فى تدعيم ثقافة الديمقراطية لأن الديمقراطية تحتاج الى تأسيس وتجذير ثقافتها ومؤسساتها حتى تتوطد سلوكا شعبيا وأخلاقيا . ثم أن القذافى وقتها أعلن إنكاره للسنة ، فتقاربت بيننا المسافة . وحضرت زائرا بعض مناسباته فرأيت فى الواقع إستبدادا مُمٍلّلا . وفى آخر زيارة لى كان مطلوبا أن نوافق مقدما على بيان فرفضته وقمت بإعداد بيان بديل ، وخاف بعض الأحبة من المصريين المرافقين من إنتقام محتمل . وعدت الى مصر ولم أذهب بعدها الى مؤتمرات القذافى . وهاجمته ، وأنتهى القذافى، ونظامه مدين لى بألفي جنيه ثمن مؤلفاتى التى نشروها .

حين تولى الملك السعودى عبد الله وجرى حديث عن ميوله الاصلاحية كتبت أدعوه الى تبنى مشروع الثائر ناصر السعيد للنهوض بالمملكة السعودية . وانتهى الأمر باليأس والهجوم عليه وعلى أسرته ودولته . ونفس الحال مع السيسى إستبشرت به خيرا ، ثم إتضح أنه يجيد الكلام المعسول الذى لم يعد يُجدى نفعا والبلد على يديه على وشك الانفجار.

4 ــ كتبت كثيرا أدعو السيسى الى إصلاح تشريعى ودينى ، وكتب غيرى فى نفس الدعوة الى الاصلاح . والسيسى يرد بأنه يطلب من مفسدى الأزهر إصلاح الأزهر ، وإلا سيحاججهم عند الله جل وعلا ، السيسى بيده مقاليد السلطة وهو المسئول سياسيا وجنائيا عما يحدث فى مصر طوال فترة حكمه ، وبالتالى سيكون مُساءلا يوم القيامة عن كل الظلم الذى أوقعه بالمصريين ، وبكل المذابح التى ارتكبها جنوده ، وكل السلب والنهب الذى يتنعم فيه كبار ضباطه . ملايين المصريين المظلومين سيكونون خصوما للسيسى أمام الله جل وعلا ، وستكون أعماله شاهدة عليه ، وحينئذ لن تُغنى عنه موهبته فى التلاعب بالألفاظ .  

5 ــ فى هذه الحياة الدنيا سيكون السيسى مُساءلا أمام الأجيال القادة فى أنه خيّب أمل المصريين الغلابة فيه ، وانه ــ طبقا للواضح حتى الآن ـ يمهّد الطريق أمام ثورة مصرية قادمة ساحقة ماحقة ، قد تتحول الى حرب أهلية ، فيها يواجه الشعب المصرى بصدره العارى أسلحة العسكر( المصريين ) تلك الأسلحة التى إشتراها العسكر بأموال المصريين ليقتلوا بها المصريين .!!. فى ثورة 25 يناير 2011 عاد الثوار الى بيوتهم أملا فى العسكر وتصديقا لوعودهم ، فخاب أملهم . فى ثورة 30 يونية أوصل الشعب السيسى الى موقع الزعامة ، ثم خاب أملهم فيه وفى العسكر .

6 ــ  الثورة الشعبية القادمة ستكون صراع وجود : إما الشعب وإما العسكر . ( الشعب ) وقتها ستكون الأغلبية الجائعة التى يقتلها كل يوم إرتفاع الأسعار والدولار ، وهى بين الموت جوعا أو الموت ثورة وشرفا . ( العسكر ) هم قادة الجيش من الرتب العليا التى ترقّت فى دولة مبارك وتنافست فى خدمته والاخلاص اليه ، وبعد أن اسقطه الشعب كانت تلك الرتب العليا هى التى عاقبت الثوار والاخوان معا .  الصراع بين الشعب الثائر الجائع وقواد العسكر معروف و محسوم . سيسصدر قادة العسكر أوامرهم للضباط الصغار وصف الضباط والجنود من الأمن المركزى والشرطة والجيش بضرب الشعب ومظاهراته المليونية ، وسيسقط  آلاف من الشعب الذى لا خيار أمامه إلا الموت الفورى أو الموت البطىء الذليل . باستمرار سقوط القتلى من الشعب أمام أعين العالم سيشعر الضباط الصغار وصف الضباط والجنود بالخزى والعار ، لأن مهمتهم هى الدفاع عن الشعب وليس قتل الشعب . سيوجهون أسلحتهم نحو قادتهم من العسكر .بعد أن خاب أمل المصريين فى السيسى ومؤسسته العسكرية يبدو فى الأفق أنه لا بد لمصر فى تحولها الديمقراطى من مواجهة ثورية ضد العسكر بعد أن تخلصت من الاخوان . 

7 ـ قبل أن تصل مصر الى هذا الاختيار المرير أدعو السيسى الى إصلاح تشريعى يحقق الحرية الفكرية والدينية والسياسية التى يستحقها المصريون ، وأن يقوم باصلاح الأزهر والتعليم والقضاء والشرطة والاقتصاد ، وأن يسترد الأموال المنهوبة والأراضى المنهوبة التى سرقها مبارك وأسرته وزبانيته وأباطرة الفساد فى الجيش وفى طبقة رجال الأعمال، وتقديم مبارك وأعمدة نظامه الى محاكمة سياسية إستثنائية تكون عبرة لأى مسئول فى الأيام القادمة ، وأن يكون الجيش خاضعا للسلطة المدنية ممثلة فى مجلس الشعب والرئاسة ، وأن يكون مجلس الشعب مختصا بالحرص على مالية الدولة ويحاسب المسئولين وتتبعه أجهزة الرقابة كلها ، وهذا فى ظل إعلام حُرّ يكشف الفساد ويتعقب المفسدين فى دولة قانون يتم تطبيقه ـــ  بقضاء مستقل نزيه ــ على الجميع على قدم المساواة ، وبدلا من أن يكون الجيش محتلا لمصر وحاكما لها على طريقة الحكم المملوكى يعود الجيش الى ثكناته حاميا لمصر ، ويتعلم البوليس أن يكون خادما للشعب وليس سيدا على الشعب قاهرا للشعب .

أخيرا

1 ـ لو كنت مكان السيسى لأعلنت هذا من البداية برنامجا سياسيا لى أواجه به برنامج حمدين صباحى ، ثم أقوم بتنفيذه معتمدا على التأييد الشعبى الذى حدث فى 30 يونية . التأييد الشعبى الذى حصل عليه السيسى يوم 30 يونيه كان سيعطيه قوة التصدى لكل المفسدين والقوة الكافية لتنفيذ الاصلاح ، وبهذا التأييد الشعبى تزدهر مصر سريعا ولا تكون فى حاجة للتسول من شيوخ البترول .

2 ــ لو كنت مكان السيسى ووقعت فى إخطائه السابقة لتداركت الموقف قبل أن تقع الواقعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ولخطبت فى المصريين أعتذر اليهم ، وأبدأ بداية صحيحة أصلح فيها ما فات ، و أنفذ فيها الاصلاحات السابقة .  عندها ستعود مصر الى زعامتها ، فمن العار أن تعيش أعرق دولة فى العالم ( مصر ) عالة على مشيخات البترول من السعودية الى الامارات والكويت . من العار أن تظل السعودية الشقيقة الكبرى لمصر وهذه السعودية تمت ولادتها عام 1932 كأكبر خطيئة للقرن العشرين .

3 ـ السيسى مقضى عليه بالهلاك إن لم يقم بإصلاح حقيقى وسريع . 

شاهد على بضعة أشهر من حُكم السيسى
بدأ مقالا أستبشر فيه بالسيسى أملا فى إصلاح شامل يوفر على مصر تكلفة باهظة فى تحولها الديمقراطي ة فى وقت تشتعل فيه حروب أهلية فى دول الجوار . لكن السيسى خيّب الأمال ، فكتبت أنقده على أمل موضحا أُسُس الاصلاح المطلوب التى يتجاهلها مع قدرته عليها . ثم كتبت أنقده بعد فقدان الأمل ، أكتب بأساليب مختلفة أصولية وتاريخية واستراتيجي ة وفكاهية ساخرة فى تحليل الاستبداد المصرى الفرعونى ، أكتب للعظة ولإبراء الذمة ولتنوير جيل الشباب المصرى ليكون مختلفا عن هذا الجيل الذى أرهق معظمه الدين الوهابى السلفى الحنبلى السُّنى .
أهدى هذا الكتاب للجيل المصرى الواعد الذى سيقوم بالتغيير الى الأفضل ، داعيا الله جل وعلا أن يتم
more