رقم ( 6 )
ليس هناك توسط بين الجنة أوالنار :

** يقول تعالى عن مصير البشر " فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ " (الشورى : 7 )، والمقصود أن مصير البشر ينحصر بين شيئين لا ثالث ولا توسط بينهما إما جنة وإما نار ..

**وبعد أن تنطوى صفحة أعمال الإنسان عند الاحتضار تأتيه ملائكة الموت تبشره إن كان من أصحاب الجنة وتنذره إن كان من أصحاب النار ، أى يكون المحتضر بين بشرى بالخلود فى الجنة أو الخلود فى الجحيم ولا توسط بين المنزلتين ، يقول تعالى " الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ فادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " ( النحل : 28 : 29 ) والآية لم تتحدث عنهم بصفتهم كافرين فلم تقل الذين تتوفاهم الملائكة كافرين وإنما تحدثت عن ظلم النفس بالعقيدة السيئة والعمل السئ فقالت " الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ " لتنطبق على عصاة المسلمين الذين ظلموا أنفسهم بالكبائر ولم يتوبوا ، وحين الاحتضار يحاولون الاعتذار بالكذب قائلين " مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ " وترد عليهم ملائكة الموت " بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " فالقضية الأساسية عمل سئ أدى بصاحبه للخلود فى النار " فادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا " .

**وعند الحشر تتلون الوجوه إلى لونين لا ثالث لها، يقول تعالى " يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ "(آل عمران : 106 ) وليس هناك لون آخر للصنف المزعوم الذى يتأرجح بين الجنة والنار .

**ويقول تعالى " لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ". لم تقل آمنوا ، وإنما قالت " أحسنوا الحسنى " أى أحسنوا الإيمان وأحسنوا العمل وجزاؤهم الخلود فى الجنة . وفى المقابل " وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " (يونس : 26 : 27 ) لم تقل الآية الذين كفروا وإنما قالت " الذين كسبوا السيئات " ومصيرهم النار هم فيها خالدون .

**وعند الحساب يتحدد البشر إلى صنفين فقط ، صنف يأخذ كتابه بيمينه وصنف يأخذ كتابه بشماله ، يقول تعالى " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ اِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ " ..."وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ." ( الحاقة : 19 ـ 29 ).

ومن يزعم بأن هناك صنف ثالث يتأرجح بين الجنة والنار لم يقل لنا كيف يتلقى كتاب أعماله ، هل هناك يد ثالثة غير اليمين والشمال؟

**وعند دخول الجنة أو النار يساق أهل النار إلى أبوابها فريقا واحدا يدخلها خالدا فيها دون أدنى أمل فى الخروج منها ، يقول تعالى " وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا " وتقول لهم الملائكة" ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فيها " .وفى المقابل يقول تعالى " وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ " ( الزمر 71 ـ 73 ) لم تقل الآية وسيق الذين آمنوا أو الذين أسلموا وإنما قالت الذين " الَّذِينَ اتَّقَوْا " لأن التقوى معناها الإيمان مع العمل الصالح والتوبة والخوف من الله . ومن آمن دون طاعة أصبح إيمانه يساوى صفرا أو كفرا ، لا فارق بينه وبين باقى الكفرة ..

والمؤمنون من أصحاب الجنة استحقوها بالعمل الصالح وليس بمجرد الإيمان بدون عمل ، يقول تعالى " لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " ( الإنعام : 127) ويقول الله تعالى عنهم وهم فى الجنة " وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ " ( الأعراف :43) .

ومن الطبيعى أن يتفاوت أصحاب الجنة حسب درجة تقواهم وطاعتهم ، وتوقيت التوبة لديهم ، ولذا ينقسم أصحاب الجنة إلى فريقين ، الأعلى مقاما وهم السابقون المقربون ثم أصحاب اليمين ، أى يكون التقسيم ثلاثيا ، قسمان يدخلان الجنة بالترتيب وهم السابقون بالطاعة والتوبة ثم أصحاب اليمين ثم قسم يدخل النار وهم أصحاب الشمال ، يقول تعالى " وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ " وبعد وصف النعيم الذى يتمتع به السابقون تقول الآيات عن الصنف الثانى من أصحاب الجنة " وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ وَمَاء مَّسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ "ثم تقول عن أصحاب النار " وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ" ( الواقعة : 7 : 44 ) .

ومن الحمق أن يدعى بعضهم أن نفرا من أصحاب الشمال يقدم استقالته ليلتحق بالجنة .

 

المسلم العاصى
هل يخرج من النار ليدخل الجنة؟
يعت قد معظم الناس أن المسلم العاصى الذى مات بلا توبة مقبولة سيخرج من النار ويدخل الجنة .
فما هو رأى القرآن فى ذلك ؟
يتتبع هذا الكتاب جذور هذه القضية قبل نزول القرآن ثم بعد انتشار الإسلام ثم يناقشها من خلال آيات القرآن الكريم لتظهر الحقيقة واضحة .
more