رقم ( 1 ) : 1 ـ ( إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم )
القرآن الكريم كتاب الهداية

 

القرآن الكريم كتاب الهداية

1 ـ ( إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم )

القرآن الكريم كتاب الهداية.

القرآن الكريم ليس كتابا متخصصا فى العلم أو التاريخ أوالتشريع. ولكنه أساسا كتاب فى الهداية. ومن خلال دعوته للهداية يأتى القصص القرآنى لا يهتم بتفصيلات الحدث من الزمان والمكان وأسماء الأشخاص ، ولكن يركز على العبرة طلبا للهداية. ومن خلال الهداية تأتى بعض الاشارات العلمية لتؤكد سبق القرآن الكريم لعصره وكل عصر ، واستحالة أن يكون من تأليف بشر،ثم تتحدث هذه الاشارات العلمية القرآنية عن عظمة آلاء الخالق جل وعلا واستحالة أن يكون معه مثيل أو نظير أو شريك.وهناك نظام تشريعى فريد فى القرآن الكريم ولكنه موصول بالتقوى وهى أعظم دلائل الهداية. وبالتقوى يتميز التشريع القرآنى ويعلو عن كل تشريع بشرى. لأن التقوى فى آيات القرآن التشريعية تجعل الانسان حكما على نفسه ورقيبا عليها يخشى الله تعالى بالغيب ويحاسب نفسه قبل ان يحاسبه القانون.

وهداية القرآن الكريم جاءت فى آخر رسالة سماوية أصبح بها خاتم النبيين محمد عليه السلام نذيرا للعالمين ورحمة للعالمين. أى إنه مع موته ـ كأى بشر ـ إلا إن القرآن الكريم الذى أبلغه والذى يتولى الله تعالى حفظه سيظل رسالة الهداية الى قيام الساعة؛لذا يقول تعالى عن القرآن الكريم (إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا ) الاسراء 9 )وإذن لماذا لا يهتدى البشر ؟ الاجابة فى القرآن الكريم نفسه.

فالهداية لها طرفان: الانسان والقرآن. وهذه الهداية تبدأ باختيار الإنسان وهو الطرف الأول هنا،فالانسان يفكر بعقله مهتديا بفطرته السليمة يحاول الوصول الي الحق بموضوعية ،وعلي اساس هذا الاختيار الانساني للهداية يرشده الله تعالي الي الهداية ،أي تأتي مشيئة الله للهداية تالية ومؤكدة لمشيئة الانسان واختياره طريق الهداية ،وفي ذلك يقول الله تعالى ( ويزيد الله الذين اهتدوا هدى :مريم 76)ويقول(والذين اهتدوا زادهم هدي وآتاهم تقواهم :محمد 17)وفي المقابل فأن الذي يختار الضلال تأتي مشيئة الله تؤكد علي الذي اختاره من ضلال (قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا : مريم 75)(في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا :البقرة 10)وفي الحالتين فان من يشاء  الهداية يشاء الله هدايته  ،ومن يشاء الضلالة يشاء الله ضلالته ،يقول الله تعالي (فان الله يضل من يشاء، ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات :فاطر 8)(قل ان الله يضل من يشاء ويهدي اليه من اناب :الرعد 27 ).

باختصار فان الهداية تتوقف علي مشيئة الانسان وارادته الحرة .الانسان هو الذي يقرر ويشاء الهداية وتأتي مشيئة الله لتؤكد علي هذا القرار.وقد يستلزم هذا الاختيار جهادا ونضالا ،وتكون هداية الله قريبة من هذا الجهاد ،يقول تعالي ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين :العنكبوت69). لذا فإن من يشأ الهداية فأمامه القرآن الكريم شريطة أن يكون مخلصا فى أن يهتدى بالقرآن. أى يبدأ هو بالاستعداد المخلص والمطلق لاتباع ما يرضى الله تعالى ، عندها يكون القرآن الكريم هداية له، أو كما قال تعالى ( يهدى به الله من اتبع رضوانه )أى عليك اولا أن تنوى مخلصا رضى الله تعالى وتتوجه للقرآن ، عندها تأتيك الهداية من القرآن.

2 ـ ( يهدى به الله من اتبع رضوانه )

شرط الهداية القرآنية.

الهداية ليست سهلة فى عصر سيطرت عليه الغواية ولبس فيه الباطل ثوب الحق وأصبح الحق فيه خفيا مطاردا ، لذا ارتبط التواصى بالحق مع التواصى بالصبر فى سورة العصر ، وهى أصغر سورة قرآنية ومع ذلك أوجزت الاسلام والجهاد فى سبيله وجزاء من جاهد ومن عاند. قد يكون الوصول للحق صعبا ولكن التمسك به هو الأصعب الذى لا بد فيه من الصبر، والوصول للحق القرآنى والتمسك به هو الهداية.

هناك جزءمن الهداية يقع تحت سيطرة الانسان إن أراد. واذا توفر هذا الجزء فقد ضمن أن تأتى هداية الله تعالى مؤكدة لمن ملأ قلبه رغبة مخلصة فى الهداية. أى إن المشكلة داخلنا. هل نقبل التضحية بمعتقدات موروثة تخالف القرآن أم أن نقوم بتحريف معانى القرآن والتلاعب بآياته وتجاهل بعضها تمسكا بتلك الموروثات والعقائد ؟

البحث فى القرآن العزيز لا بد له من التأهل علميا وايمانيا. .التأهل ايمانيا بالاعتقاد الجازم بأنه القرآن وكفى فى مجال الاسلام وما يختص به عقيدة وشريعة. لا يمكن أن ينفع فى البحث القرآنى من يجعل بينه وبين القرآن حجابا من كلام ما يسمى بالتفسير وأحكام الفقه والنسخ والتأويل وسائر التراث الذى اكتسب قداسة على حساب القرآن الكريم. التاهل ايمانيا لدراسة القرآن يعنى أن تكون مستعدا لتغيير كل حياتك وفكرك ومعتقداتك وعلاقاتك إذا تعارضت مع آية قرآنية واحدة. وأن تضحى بكل المتوارث من العقائد والأفكار والثوابت طالما تعارض آية واحدة فى القرآن ، وأن تقبل على القرآن تطلب الهداية بدون أى فكرة مسبقة ودون أى نية إلا معرفة ما يقوله رب العزة فى القرآن  طالبا الهداية به وحده. ما عدا ذلك فأنت فى ضلال. وأشد الضلال أن تستخدم القرآن نفسه فى إضلال الناس. وأنت حرّ بين أن تختار بين هذا وذاك. والآخرة تنتظرك.

3 ـ ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا )

الباحث فى القرآن بين الهداية والضلال.

نحن ـ المسلمين ـ ندعو الله تعالى سبع عشرة مرة يوميا فى الصلاة قائلين ( اهدنا الصراط المستقيم ) ومعظمنا يعبد الأضرحة ويعتبر ذلك الصراط المستقيم ، وبعضنا يقدس البشر والحجر والأسفار التراثية ويعتبر ذلك تمام الهداية. واذا قرأ ما جاء فى هذا الكتاب من آيات قرآنية تخالف ما وجدنا عليه آباءنا ثار وتمسك بالتراث المخالف لكتاب الله تعالى . وأكثرية السابقين واللاحقين دخلوا على القرآن الكريم باهوائهم ينتقون منه ما يوافق أهواءهم ومذاهبهم ، وبدلا من أن يضعوا القرآن إماما لهم أخضعوه لآراء مسبقة ولأحاديث بشرية ملفقة ، وما لم يوافقهم فى القرآن تجاهلوه أو حرفوا معناه بزعم التفسير والتأويل أو  قالوا إنه منسوخ بمعنى باطل الحكم ملغى العمل به ، وجعلوا من القرآن ما يلغى بعضه بعضا ، ثم جعلوا من كلامهم الذى نسبوه ظلما لخاتم النبيين محمد عليه السلام ما يلغى أحكام القرآن الكريم  فزعموا أن السنة تنسخ القرآن !!.

اذن فالقرآن الكريم معنا ، ومع ذلك فلم نزدد به الا ضلالا. تلاعبنا بآياته طبقا لأهوائنا فازددنا ضلالا بالقرآن الذى ما قدرناه حق قدره.

أنزل الله تعالى القرآن ليهدى للتى هى أقوم، ولم ينزل معه ملائكة ترغم الناس على الايمان به والعمل بمقتضاه ، بل تركهم أحرارا فمن شاء فليؤمن به ومن شاء فليكفر به ، وهناك من يلحد به ، ومن يتخذ آياته هزوا . والله تعالى تحدث عن كل أولئك سلفا ، وأوضح ما ينتظرهم من عذاب الاخرة. إلا إن أفظع ظلم للقرآن هو استخدمه ـ وهو كتاب الهداية ـ  فى الاضلال. لا يكتفى الضال بأن يكون ضالا بل يستخدم آيات الله تعالى فىاضلال الغير ، مستخدما براعته فى التاليف وفى التلاعب بالآيات وخلط الأوراق ـ ويضل الناس قائلا ( قال الله تعالى )!!

هذا الصنف الظالم يزداد بالقرآن خسارة ، يقول تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا ) ( الاسراء 82 ) أى فهم فى الأصل والبداية ظالمون ، ودخلوا على القرآن الكريم وهم يحتفظون فى قلوبهم بهذا الظلم، وبهذا الظلم قرءوا آياته ، وبه أخرجوا دراساتهم وأبحاثهم وكتبوا أسفارهم لكى ينشئوا مشروعية لعقائدهم و موروثاتهم باسم الاسلام وباستخدام القرآن . وأفظع انواع الظلم هو الظلم لله تعالى ، ( إن الشرك لظلم عظيم ) ( لقمان 13 ) وهكذا بينما يدخل المؤمن على القرآن طالبا الهداية حريصا عليها فيكون القرآن له شفاء وهدى فان الآخر يظل محتفظا بحجاب سميك بينه وبين القرآن ، يتمثل فى تلك الأكاذيب المتوارثة وما وجدنا عليه آباءنا، والتى من أجلها يلوى عنق الآيات و يتلاعب بها بين نسخ وتأويل وتفسير وحديث . لا ننتظر منه الا ما قاله رب العزة جل وعلا ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء، والذين لا يؤمنون فى آذانهم وقر وهو عليهم عمى  ) ( فصلت 44 ).

يدخل ظالما على القرآن فيزداد به ظلما وخسارة.

ولا يزيد الظالمين الا خسارا

هذا الصنف الظالم لله تعالى الذى يحترف إضلال الناس لا يمكن أن يهتدى مطلقا لأن له تاريخا فى الاضلال ومكانة اكتسبها من سعيه فى اضلال الناس وصده عن سبيل الله ، وهو يستنكف أن يغير رأيه أو أن يتوب أو أن يعترف بجهله، بل على العكس يحسب أنه يحسن صنعا ، فقد زين له الشيطان سوء عمله فرآه حسنا. وهذا الصنف ممن يسعى فى آيات الله تعالى ويريدها عوجا كان موجودا فى عصر النبى محمد عليه السلام ، وقد نهى الله تعالى النبى محمدا عن التحسر عليهم والحرص على هدايتهم لأنهم اختاروا الضلالة فلا بد أن يمدد لهم الرحمن فى الضلال مدا ( مريم 75 ). يقول تعالى للنبى محمد عليه السلام ( إن تحرص على هداهم فان الله لا يهدى من يضل ) ( النحل 37 ) فالذى يتخصص فى إضلال الناس لا يمكن أن يهديه الله تعالى ، مهما كان حرص النبى محمد على هدايته ، ويقول له (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) ( فاطر 8 ) وقد كان عليه السلام يتحسر على هذا الصنف من المضلّين المضللين فأكّد رب العزة أنه لا سبيل لهدايتهم فقد زين الشيطان لهم سوء عملهم فانقلبت المعايير لديهم فرءوا الباطل حقا و الحق باطلا، ومن يصل الى تلك المرحلة لا سبيل الى إصلاحه.

لكى ينجو الباحث فى القرآن من هذا المصير عليه أن يبدأ مخلصا بالهداية مستعدا لتبعاتها والجهاد فى سبيلها باعلان الحق القرآنى والتمسك به مهما ناله من أذى ، وإلاّ فلعنة الله تلاحقه إن كتم الحق الذى وصل اليه بهداية القرآن وآياته البينات، ( إن الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ، إلا الذين تابوا واصلحوا وبينوا ) ( البقرة 159 ـ ) أى أن مجرد كتم الحق وعدم اعلانه يستحق اللعنة ، فما بالك بالذى يقوم بتحريف معانى القرآن والتلاعب بآياته ليضل الناس بغير علم ؟

إن الأسوأ حالا هو من احترف الاضلال مستخدما كتاب الله تعالى يشترى بآياته جل وعلا ثمنا قليلا. أولئك يأتون يوم القيامة يحملون أوزرارهم وأوزار الذين أضلوهم بغير علم ( النحل 25 ) ويلعنهم فى جهنم أتباعهم الذين ضلوا بهم، ( يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا, وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا. ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ) ( الأحزاب 66 ـ )

هؤلاء الذين يشترون بآيات الله تعالى ثمنا قليلا ويضلون الناس بالقرآن ، يكون الله تعالى ـ وهو القاضى الأعظم يوم القيامة ـ خصما لهم، ويعجب الله تعالى من صبرهم على أشد العذاب . يقول تعالى فيهم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) هذه هى أفظع أنواع الخسارة. ثم تاتى الآية التالية باعجاز يستشرف المستقبل وينبىء بما سيحدث حين يتمخض  التلاعب بآيات الله تعالى عن شقاق بعيد واختلاف فى النسخ وفى الأحاديث وفى الفقه أنتج  مذاهب وطوائف ومللا ونحلا ، كل منها يستخدم آيات الله تعالى فى الدفاع عن مذهبه وفى الهجوم على الآخرين ، يقول تعالى ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ) ( البقرة 174 ـ )

كل منهم يدخل على القرآن لينتقى منه ما يوافق هواه وما يستطيع أن يشترى به ثمنا قليلا من متاع الدنيا الزائل. ومنذ فترة وصف بعض العلمانيين القرآن الكريم بأنه ( سوبر ماركت) فهاجوا عليه. ومع سوء أدبه فى التهكم بكتاب الله تعالى فان المسئول الأول هم أولئك الذين جعلوا القرآن عضين ( الحجر 91) يتلاعبون بآياته حسب اهوائهم ، واشتروا لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله تعالى بغير علم ( لقمان 6 ).

ومع أنهم جميعا ينسبون أحاديثهم ظلما وزرا للنبى محمد عليه السلام ويزعمون اتّباعه إلا إن الله تعالى فى لمحة إعجازية أخرى أمر رسوله عليه السلام أن يتبرأ منهم مقدما ، فبعد أن جعل الله تعالى  الوصية الأخيرة من الوصايا العشر فى التمسك بالقرآن الصراط المستقيم دون غيره (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) أمر النبى محمدا بالابتعاد عمن يضل عن القرآن ويتبع السبل والطرق الأخرى فيقع فى التفرق والاختلاف والهوى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) ( الأنعام 153 ، 159 ) وجاء للمؤمنين نفس النهى عن التفرق فى الدين لأنه أبرز علامات الشرك العقيدى (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ( الروم 31 ـ ) وينطبق هذا الاعجاز القرآنى على مسلمى اليوم فليس هناك أكثر منهم فى اختلافهم واقتتالهم ، وتحت رايات تترصع بآيات القرآن الكريم يقتتلون ، وتحمل وكالات الأنباء ما يفعلونه بأنفسهم وبما يفعلونه بالاسلام العظيم وبالقرآن الكريم. أى ضلوا بالقرآن وازدادوا به خسارا فى الدنيا والآخرة.. والسبب أنهم اخضعوا القرآن الكريم لأهوائهم بدلا من أن يجعلوه نبراسا لعقولهم وإماما لقلوبهم واصلاحا لعقائدهم وسلوكهم.

وإذن كيف المخرج ؟ وكيف نتعامل مع كتاب الله تعالى ؟ ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ

4 ـ الهداية بين القرآن الكريم والبحث العلمى

البحث العلمى واحد فى أساسياته ، سواء كان فى القرآن أم فى العلوم الانسانية أو الطبيعية. فالهدف واحد هو الوصول للحقيقة. والوصول للحقيقة يستلزم أن يكون الباحث محايدا ـ أى ليست لديه أحكام مسبقة أو رؤى يريد إثباتها. ثم عليه أن يلتزم بالوسائل التى تعينه على البحث من مناهج وأدوات. مثلا فى البحث فى العلوم الانسانية والفلسفية لا بد من الالتزام بالمصطلحات المستعملة، فاذا كنت تبحث عصرا تاريخيا معينا لا بد ات تتعرف على مصطلحاته اللغوية ومفرداته الحضارية ، واذا كنت تقرأ كتابا لمؤلف وقد وضع المؤلف مصطلحات يدور عليها كتابه لا بد لك من التقيد بتلك المصطلحات كى تفهم كتابه و كى تحكم عليه.

أصول البحث العلمى ومناهجه هى جزء اصيل من قيمة أخلاقية عليا هى الأمانة العلمية والعدل فى التقدير والحكم والتحليل.

ومن هنا تاتى صلة القرآن بأخلاقيات البحث العلمى النزيه والموضوعى العادل. فتلك القيم هى أبز ملامح الهداية القرآنية القائمة على التقوى. فالباحث الذى يتقى الله تعالى لا بد أن يحسن عمله ولا بد أن يتحرى الموضوعية فى التحليل أو العدل فى الأحكام.

حقيقة الأمر إن الهداية القرآنية هى جوهر البحث العلمى و أساس فهم القرآن الكريم.

 

5 ـ نوعا الهداية كأساس لفهم القرآن الكريم:

هداية معرفية وهداية ايمانية.

طبقا للقرآن الكريم فالهداية نوعان : هداية طبيعية لكل الكاتنات تأتى مرتبطة بالخلق واستمرارية الحياة، مثل هداية الرضيع الى كيفية الرضاعة ، وهداية الحيوانات المنوية الى البويضة ، وهداية كل الكائنات البرية والبحرية لما يؤهلها للبقاء والغذاء والحماية. وفى هذه الهداية الطبيعية يقول تعالى ( قال ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى ) ( طه 50) ( سبح اسم ربك الأعلى الذى خلق فسوى والذى قدّر فهدى ) النوع الآخر هو هداية الايمان التى تستلزم من الباحث القرآنى تصحيح عقيدته إذا تعارضت مع القرآن وأن يضحى بها وبكل متاع دنيوى فى سبيل نصرة القرآن ، ويبدأ صفحة جديدة من التقوى فى التعامل مع الناس ورب الناس جل وعلا ،عندها يصبح القرآن له فرقانا يكشف له الحق من الباطل ( الأنفال 29 ) ونورا يمشى به بين الناس ( الأنعام  122 ).

 ونتتبع بالتفصيل عناصر الهداية الايمانية والهداية المعرفية فى البحث القرآنى وفهم الكتاب العزيز. لنرى كيف ظلم السابقون القرآن العظيم  .

كيف نفهم القرآن الكريم
كيف نفهم القرآن الكريم ؟
تحريف الاسلام زاد و انتشر ثم تسيد تحت مسمى الحديث و السنة و النسخ التراثى. وبسبب هذا التسيد للحديث و السنة و النسخ التراثى فقد وقر فى أذهان المسلمين مفاهيم خاطئة عن القرآن ، وترسب عبر قرون من الزمان معتقدات زائفة عن كتاب الله تعالى. وعلى اساس هذا الزيف قامت أديان المسلمين الأرضية. ولكى نجلى الحقيقة لا بد أن نتوقف مع كيفية فهم القرآن ، بالتعرض للموضوعات الآتية .
( إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم ) القرآن الكريم كتاب الهداية.

عناصر الهداية الايمانية بالقرآن الكريم والنبى والرسول

: عناصر الهداية المعرفية لفهم القرآن الكريم:


more