رقم ( 3 )
ثانيا :حركة ناصر السعيد :

حياته :
قبل ان تنشب الثورة المصرية سنة 1952 وقبل ظهور جمال عبد الناصر ظهر ناصر السعيد يعارض ال سعود مدفوعا في ذلك بعاملين : نشأته وظروف عمله .
لقد ولد ناصر السعيد بعد سقوط حائل في يد عبد العزيز بعام واحد أي سنة 1923 حيث كانت كراهية اهل حائل لابن سعود علي اشدها الي درجة انهم كانوا يطلقون علي المواليد الذين يولدون بعد سقوط حائل اولاد السقوط ،يقول ناصر انهم نظروا اليه حين مولده نظرة عدم استحسان (وكأنهم لا يريدون ان لا يولد احد بعد سقوط حائل بيد الاعداء ).
وفي هذا المناخ تربي ناصر السعيد علي كراهية ال سعود ،حيث كانت جدته حسنا السعيد تجمع النساء كل يوم خميس ،وتلقي فيهن محاضرات عن كراهية آل سعود وتدعوعليهم ، وقد ذكر ناصر السعيد اسماء بعض ضحايا اسرته في الدفاع عن حائل ومنهم عبد الله العيسي السعيد وعيسي السعيد وسليمان السعيد وفهد السعيد .
ويذكر ناصر انه دخل السجن مع جدته حين كان صبيا ، اذ رفضت جدته صدقة ارسلها اليهم والي حائل مساعد بن جلوي مع احد الخدم ،فما كان من الجدة العجوز الا ان ضربت الخادم ،فقبض عليها ،وقبل الافراج عنها بواسطة اهل حائل حرص الوالي ابن مساعد الجلوي علي شتمها ،وكان ذلك سنة 1930 ..
نضاله :
وفي هذا الجو المفعم بكراهية ال سعود نشأ ناصر السعيد .ثم حين شب عن الطوق التحق بالعمل في شركة ارامكو وجمع حوله تنظيما من العمال .
وفي 17/9/1947 قاد بهم مظاهرة فيما اسماه بيوم فلسطين ،في مدينة رحيمة ، وطالب برفض تقسيم فلسطين وقطع النفط عن امريكا وبريطانيا ،واسرع امير رأس تنورة الامير تركي بن عطشان بتهدئة المتظاهرين ،ورفض ناصر ، فأمر ابن عطشان باعتقالهم وحملهم الي سعود ابن جلوي حاكم الاحساء ،فاطلق الامير سراحهم .وفي نفس العام 1947 اصدرت ارامكو قانون تنظيم العمل والعمال في ستين مادة يضع نظام تصاريح العمل ويحظر انشاء نقابات او جمعيات عمالية لذلك قام ناصر سنة 1952 بتكوين لجنة لتمثيل العمال والمطالبة بحقوقهم فاعتقلتهم السلطات لولا الاضراب الذي قام به جميع العمال في اكتوبر 1952 احتجاجا علي سجنهم ،ولقيت الشركة خسارة فادحة ،فاضطرت السلطات الي اطلاق سراحهم ،وتم نفيه الي مسقط رأسة حائل .
ثم عاد الي العمل في الشركة سنة 1953 بضغط كبير من العمال ليقود اخطر اضراب تزعمته اللجنه التي انشأها ناصر في الظهران وكانت تمثل 6500 عامل ،وطالبوا بزيادة الخدمات الاجتماعية وزيادة الاجور والحق في تشكيل نقابة عمالية ،وقدموا طلبا بذلك لولي العهد الامير سعود فرفض طلبهم وامر باعتقال ناصر واعضاء اللجنة ،وتشكيل لجنة تحريات لتقصي اسباب مطالبة العمال بتشكيل نقابة لهم . وادي اعتقال ناصر وزملائه لاستنفار العمال لاضراب اشد اشترك فيه 13 الفا من عمال ارامكوا في كل مناطق الانتاج في الظهران وراس تنورة ،اعلنوا استعدادهم للاستشهاد في سبيل حقوقهم ،فاضطرت السلطات السعودية لارسال قوات مسلحة في المنطقة الشرقية ،وامر ولي العهد العمال بالعودة للعمل تحت التهديد بالطرد والفصل فلم يسمع له العمال، فامر باعتقال المزيد منهم . وتم تدارك الامر بالعفو عن ناصر ورفاقه المسجونين في سجن العبيد بالاحساء ،مع اخذ تعهد عليه بالاقامة الجبرية في حائل ،و ادخلت ارامكو اصلاحات اقتصادية مع دعم للغذاء والكساء ،وانشأت اول مدرسة لأطفال العمال ،وتخفيض ساعات العمل ،وتشكيل لجنة اتصال بين العمال والادارة .
اما ناصر فقد اطلق سراحه ،وفي الطريق علم بوفاة الملك عبد العزيز واستعداد الامارة لاستقبال الملك الجديد سعود ومبايعته ،وطلب منه امير حائل ان يلقي خطاب ترحيب بالملك ،فالقي امام الملك الجديد خطابا وضع فيه مطالب الشعب ،مما جعل الملك سعود يخرج غاضبا عازما علي قتله ،وارغم العمال شركة ارامكو علي عودة ناصر السعيد الي عمله في الشركة ،فظل عبئا عليهم .
وفي عام 1956 اتسعت حركة ناصر السعيد لتعبر عن الحركة الناصرية ،فقاموا باضراب شامل بمطالب سياسية ، فأمر الملك سعود باعتقال قيادات العمال ،واصدر مرسوما ملكيا في 11/6/1956يجرم الاضراب ويعاقب القائمين به بالسجن .كما امر سعود باغتيال ناصر السعيد ،فأشعره صديق له من الحرس الملكي بذلك فهرب الي بيروت .
وبعد خروجه من السعودية وخصوصا خلال الستينيات اصبح ناصر السعيد معارضا للسعودية من الخارج ينشر البيانات ويحرض ضد النظام ،وانشأ ما اسماه (اتحاد شعب الجزيرة العربية ) ذات التوجه الناصري الاسلامي .
وبعد انفصال سوريا عن مصر سنة 1961 م لوحق ناصر السعيد من قبل الانفصاليين و السعوديين، فغادر دمشق الي بيروت ومنها الي القاهرة حيث اشرف علي برنامج (صوت الامة العربية ) من برج القاهرة ،وكانت اذاعة سرية موجهة ضد السعودية وضد الانفصال في دمشق وضد حكام الخليج (الرجعيين )حسب قوله.
وفي 1962 افتتح من صوت العرب برنامج (اعداء الله ) الموجه ضد السعودية ،واشتعلت ثورة اليمن سنة 1962 فانتقل ناصر السعيد الي اليمن حيث افتتح مكتبا للمعارضة واشرف علي برنامج اذاعي تحت اسم اولياء الشيطان، كما قاد الكفاح المسلح من الحدود اليمنية .
وجاءت هزيمة 1967 لتقضي علي نشاطه السياسي ،اذ حوصر بعد مؤتمر الخرطوم وعودة العلاقات بين عبد الناصر والملك فيصل، واضطر ناصر السعيد للتنقل متخفيا بين (العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا )وبعد مقتل الملك فيصل واعلان الملك خالد العفو عن السجناء السياسيين في الخارج عاد الجميع الا ناصر السعيد ،حيث ظل في الخارج .
مطالب ناصر السعيد :
والمطالب التي ناضل من اجلها ناصر السعيد ضمنها خطابه الذي القاه امام الملك سعود في مدرسة حائل في 11|12|1953 وذكرها في كتابه (تاريخ آل سعود )[15]ثم شرح هذه المطالب وفصلها في الرسالة التي بعثها الي الملك سعود من القاهرة ضمن منشورات الاحرار ،وقد اعتمدنا علي الطبعة الثانية من هذه الرسالة التي صدرت في 1|7|1958 .ومن الخطاب والرسالة تتحدد مطالب ناصر السعيد في الاتي :
1- اقامة مجلس شعبي (برلمان )حر ينتخب الشعب اعضاءه ،ويقوم بتمثيل ابناء الشعب كافة.
2- يضع مجلس الشعب بعد انتخابه دستورا مستمدا من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة وروح العدل التي دعا اليها الرسل ،ويكون الدستور عصريا يتضمن حقوق الشعب ويحدد مهام السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية .
3- يقوم مجلس الشعب باصدار قوانين تمنع تجارة الرقيق التي لا توجد (وقتها ) الا في المملكة ،وتحرم قطع الايادي والارجل وجلد المواطنين ،وتؤكد علي حرية الصحافة وحرية العقيدة وحرية المبدأ والتعبير والاجتماع ،وقوانين تفرض التعليم الاجباري علي كل ذكر وانثي ،وتفرض التجنيد الاجباري ،واصدار قوانين تمنع التعذيب في السجون ،وتمنع اسقاط الجنسية ،وقوانين تمنع اخذ الزكاة من الفقراء البدو والفلاحين ،وقوانين لاصلاح حال العمال باقامة انتخابات عمال لاتحاد عمال نزيه يدافع عن حقوق العمال ويمثلهم امام الحكومة ،ويقيم لهم نقابات ،ويكون هذا القانون بديلا عن القانون الجائر التي تستخدمه ارامكو ضد العمال ، واصدار قانون اخر بأنشاء محاكم عمالية تتولي قضايا العمال ،ويراعي قانون العمال مساواة العمال السعوديين في الحكومة بغيرهم من العمال الامريكيين و الاجانب ، وقوانين تمنع تسريح العمال وتدفع اجورهم اثناء الاجازات .وقوانين اخري لاصلاح حال الفلاحين بانشاء الاصلاح الزراعي، و قوانين بتخفيض الرسوم الجمركية وللاصلاح الاقتصادي ،وكما يقوم البرلمان بسن قوانين لمواجهة نفوذ ارامكو والنفوذ الامريكي مثل الغاء الاتفاقية الخاصة بالقاعدة الامريكية في الظهران ،وتعديل اتفاقية البترول مع ارامكو والغاء المرسوم الملكي رقم 2639 |2|223 الصادر في عام 1357 هـ والذي يطلق يد ارامكو في العسف بالعمال ،والزام ارامكو بدفع تعويضات و للعمال والضحايا .
4- ويواكب هذا الاصلاح التشريعي اصلاح اقتصادي وعمالي وتعميري ..اذ يطالب بشق وتعبيد الطرق في البلاد وتسهيل المواصلات ،وبناء مدن عماليه صحية ،وانشاء صناعة خفيفة وثقيلة ترتبط بالبحث عن معادن ،ويعمل فيها البدو الذين يمثلون 60 % من السكان ،ويلتفت للفلاحين والزراعة ،فينادي برفع مستوي الفلاح وحماية انتاجهم واراضيهم من سيطرة المرابين ،وانشاء بنوك زراعية لاقراضهم وتوجيههم واستيراد الالات والخبرة الزراعية لهم ،والعمل علي تحضير البوادي والقري ،واستصلاح اراضي البدووتسليمها للفلاحين ..ويركز اهتمامه علي اصلاح حال العمال ،فيطالب باعادة العمال المسرحين ،ورفع الغلاء عن العمال .
5- وهذا الاصلاح المادي في الصناعة والزراعة والبنية الاساسية استهدف غرضا اسمي كان يظهر بين سطور ناصر السعيد ،هو التنمية البشرية ،او رقي المواطن السعودي ،ويبدو هذا من حرصه علي تعليم المرأة ووجوب التجنيد وتحضير البدو والقري ،أي تحويل البوادي والقري الي مجتمعات حضارية متعلمة ،والحاق البدو والفلاحين بالمزارع والمصانع والجيش ،يقول مثلا عن التعليم (اصدار قانون يفرض التعليم الاجباري علي كل ذكر وانثي في كل مراحل التعليم، فهذا ما فرضه علينا النبي محمد فرضا [طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة ]) ويقول عن التجنيد الاجباري (اصدار قانون يفرض التجنيد الاجباري علي كل فرد ،ولا اقول كل مواطن ومواطنة لأن هذا الوضع سابق لأوانه في مثل وضعنا الحالي ،ليصبح الشعب كله مسلحا ضد الاعداء ،وليس في هذا ما يخالف تعاليم النبي ،كما يفتي البعض ،وهذا ما فرضه علينا الدين ) وما قاله في خطابه كرره في رسالته حين يقول (توسيع برامج التعليم ونشره في انحاء البلاد كافة ، وتذليل العقبات التي وضعت في طريقه، وارسال البحوث العلمية بصورة واسعة للتخصص في مجالات مختلفة في البلاد المتقدمة علميا وزراعيا ،واباحة تعليم النساء وايجاد مدارس لهم اسوة بالبنين اتباعا لقوله عليه السلام ).
وحين يدعو في الرسالة الي التجنيد فانه يري في التجنيد لهم تنمية بشرية ،يقول (تدريب جيش الاخوان البدو عسكريا وضمه الي الجيش النظامي …ورفع مستوي الجيش عسكريا وثقافيا واجتماعيا وسن قانون التجنيد الاجباري ،كذلك رفع مستوي الشرطة الثقافي والاجتماعي ).
ويلتفت الي المساجين فيطالب بتحويل السجون الي اداة تعليم وتهذيب، واطلاق سراح السجناء السياسيين ،وارجاعهم الي عملهم وتعويضهم وتعويض اسر شهدائهم ،ومعني هذا اطلاق حرية النخبة المثقفة في بناء وعي المواطنين و احداث تنمية بشرية .
6- ويرتبط بالتنمية البشرية والاصلاح السياسي والتشريعي والعمراني محاربة الفساد .ومن وجهة نظره يتركز الفساد في الاستعمار الامريكي وعملائه داخل المملكة .ولم يكتف بأن يجعل للقوانين المقترحة دورا في مطاردة الفساد والمفسدين من الامريكيين واتباعهم ،وانما طالب بأجراءات اخري ،منها الغاء ما اسماه (مكاتب التجسس اللعينة ضد الجيش والشعب )و(ابعاد) مدير سكة الحديد الجاسوس الامريكي الملقب بالشيخ قلدي ..)و(الغاء اوكار التجسس الامريكية التي يشرف عليها امثال المستشرقيين العالميين )وذكر اسماءهم واماكن تواجدهم ،والحق بذلك المطالبة بابعاد الباكستانيين والعمال الاجانب وغيرهم (من خونة العرب )الذين تجلبهم ارامكو .
ومن وجهة نظره يرتبط بملاحقة الفساد (ايجاد ميزانية للمصروفات والواردات في كافة انحاء الدولة تتماشي مع حفظ ثروة الشعب وتعمير البلاد ،ووضع حد للتبذير ووسائل الترف والتصرفات الشخصية في ميزانية الدولة واموال الشعب .كبناء القصورو استيراد السيارات والكماليات ،وانواع الرقيق ،والزواج بالمئات من النساء ،وصرف الاموال في سبيل الشهوات والهبات والصداقات والعادات السنوية والرشوات ،والرحلات الملكية التي تنفق فيها الملايين بلا حساب ).. 
وفي موضع اخر يطالب بتطهير جهاز الدولة من جميع الدخلاء والخونة والحكام المرتزقة والجهلاء والظلمة ومحاسبة اللصوص الكبار الذين سرقوا مال الشعب مهما كانت مراكزهم وقرابتهم للبلاط الملكي ،واسترداد اموال الشعب المسروقة ليعاد استخدامها في سبيل المرافق العامة، وتأمين حاجات العجزة والمتسولين من ضحايا الظلم كمقطوعي اليد والارجل ومنكوبي السيول والحرائق .
وبالتالي فان ناصر السعيد لا يري ان اجهزة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بواجبها الشرعي ،لذلك نراه يطالب ليس فقط بألغائها ولكن بألغاء نفوذ آل الشيخ ،يقول (تحطيم الطغيان الديني المزيف الممثل بأفراد من آل الشيخ الذين استغلوا الدين (البرئ من دين محمد )لأغراضهم الشخصية وايذاء الشعب ،والغاء هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لأنها بعكس اسمها تأمر بالمنكر وتنهي عن المعروف ،وتوظيف افراد هذه الجماعات في اعمال اخري نافعة للشعب ولا يضار بها الشعب ،فالشعب ليس بحاجة الي توجيه وارشاد من حكومة فاسدة ).
7- ومن الطبيعي ان تلك النظرة للسلطة الدينية المتمثلة في آل الشيخ والهيئات الدينية كانت تعبر عنها لمحات اخري سبقت يخالف فيها الاراء الدينية التقليدية ،مثل دعوته للتعليم (المدني ) وتعليم المرأة ،وعدم تطبيق الحدود، والمبادرة بتحريم الرق ،و قدر عددهم وقتها في المملكة بحوالي ستمائة الف من الذكور والاناث .وهناك مطالب اخري في هذا السياق تعتبر تحديا للموروث السلفي، مثل مطالبته بحرية الاعتقاد للشيعة ،يقول (اطلاق الحريات لأخواننا المواطنين من ابناء الشيعة لممارسة شعائرهم الدينية ومساواتهم في جميع مرافق الحياة العامة ،والغاء الطائفية الممقوتة).
ويرتبط بهذه النظرة رأيه في حرية الفكر والرأي ومطالبته باطلاق سراح السجناء السياسيين ،وحتي مع كراهيته للعاملين في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومطالبته بالغائها ،فانه يطالب بان يعملوا في مهن اخري مفيدة ولا يطالب بمصادرة حقهم في العمل .
8- ولم يكتف ناصر السعيد بالاصلاح الداخلي وانما التفت الي اصلاح السياسة الخارجية للمملكة ،فطالب ليس فقط بالابتعاد عن التبعية لامريكا ،بل بالتمسك بسياسة الحياد الايجابي والسير في قافلة التحرر العربي (بقيادة جمال عبد الناصر ،وتجنب مبدأ ايزنهاور اللعين ، وعدم التدخل في شئون البلاد الاخري ) (والتعامل مع البلاد الاخري اقتصاديا وسياسيا بما فيها الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية وبقية الدول الشرقية الاخري بصرف النظر عن انظمة الحكم فيها ،علي ان تضمن الحكومة سيادة البلاد واستقلالها ..)

تحليل الخطاب الايدولوجي لناصر السعيد :

في نظرة عامة لكتاب ناصر السعيد عن تاريخ ال سعود نراه يتبني وجهة نظر أحادية لا تري خيرا علي الاطلاق في تاريخ آل سعود ،وبالتالي احترسنا في النقل عنه في التأريخ للملك عبد العزيز ،الا فيما اتفق فيه مع المؤرخين الاخرين .وقد تحققنا من عدم امانته في نقل وتفسير بعض الاحداث التاريخية .هذا بالاضافة الي لغته الخطابية وعباراته التي لا تخلو من شتائم والفاظ نابية ،وعليه فانه من الافضل ان يقال عن كتابه( تاريخ آل سعود )انه منشورات للدعاية ضد آل سعود .
اما فيما يخص تأريخه لعلاقاته الشخصية مع الشخصيات التي تعامل معها ،فقد كان يحرص علي ذكر الاسماء للشخصيات المعاصرة لتاريخ الحدث ،ومن الطبيعي ان العهدة عليه فيما يرويه عن نفسه وعلاقاته بمن حوله من المعاصرين له ،وقد كتب كتابه في حياته وحياتهم ،ومع ذلك فاننا ننقل عنه وفق هذا التحفظ .ان العهدة عليه فيما يرويه ،ومن حق الاخرين تكذيب او تصديق ما يقوله عنهم في تاريخه وسيرته الذاتية .وينطبق هذا علي واقعة خطابه الذي واجه به الملك سعود في مدرسة حائل ..هذا مع ان ناصر السعيد قد دخل التاريخ فعلا في حركته الثورية ضد ارامكو واضرابات العمال المتلاحقة للافراج عنه ،واضطرار الحكومة السعودية وشركة ارامكو لتنفيذ طلبات العمال …بل لقد اصدرت هوليود فيلما سينمائيا دراميا عن حركته العمالية قام ببطولته الممثل الاصلع يول براينر في الستينيات ،أي انه فرض نفسه علي تاريخ المنطقة في الخمسينيات وبداية الستينيات كمناضل ظل يعاني في سبيل ارائه حتي موته الغامض في بيروت اثناء حركة جهيمان العتيبي .
وبغض النظر عن تحفظنا في تأريخه لسيرته التي كتبها بنفسه ،فأنه قد كان صادقا في مطالبه الاصلاحية ،ليس فقط لأنه عاني في سبيل تمسكه بهذه المطالب وارتضي السجن والتشريد والنفي والموت في سبيلها ،ولكن لأنه ايضا اكدها في خطابه وفصلها في رسالته اللاحقة ،ولم يتنازل عنها بينما سارع الاخرون من المناضلين لتلبية نداء العفو والعودة الذي اطلقه الملك خالد بعد رحيل الملك فيصل ،فعادوا وبقي ناصر السعيد مخلصا لمطالبه ومبادئه حتي نهايته .
ويمكن تحليل الخطاب الايدولولجي لناصر السعيد من خلال الاصالة والمعاصرة والتقدمية .
فالاصالة حيث استقي رؤيته الفكرية والسياسية من منابع اسلامية ،أي كان اصوليا في جذوره الفكرية ،والمعاصرة حيث اخذ من هذه المنابع الاسلامية الفكرية ما ينفع عصره، واستفادبالمناخ الثقافي السائد في عصره .اماالتقدمية فقد سبق الفكر الاصولي السنى التقليدي باجتهاد ديني ،وسبق ايضا الفكر العلماني وتقدم خطوات علي هذا وذاك ..
ونأتي الي التفصيل ..

الاصولية الدينية الاسلامية في رؤية ناصر السعيد :

تبدو هذهالاصولية السنية الاسلامية في الافتتاح وفي الاستشهاد وفي الاجتهاد

في الافتتاح : يفتتح خطابه (بأسم الله الحق )ثم يخاطب الملك قائلا (يا سعود ابن عبد العزيز دعني اناديك باسمك المجرد من الجلال والجلالة (فزخرف القول غرورا ..ولن يرضي الله تعالي عمن لا يرضي عليه شعبه ).
وهذه مقدمة فريدة في خطاب الملوك ،واذا صح انه فعلا واجه الملك بهذا الكلام علي الملأ ،فأنها شجاعة تقترب من الجنون ،واذا كان قد تخيل هذا وكتبه فهو صادق في تعبيره عن ذاته وعقيدته الاسلامية حيث يكون التحميد والاجلال لله تعالي وحده ..
الاستشهاد : ويتجلي انتماؤه الاسلامي الاصولي السنى اكثر حين يستشهد بالايات القرآنية والاحاديث المنسوبة للنبى والسيرة النبوية وتاريخ الخلفاء الراشدين في تأكيده علي مطالبه السياسية وارائه الاصلاحية، ونعطي بعض الامثلة:
في دعوته لالغاء الرق في المملكة …يقول (يسن هذا البرلمان الشعبي كل القوانين والمراسيم والتشريعات التي ستلغي بموجبها جريمة بيع وشراء الانسان للانسان ،جريمة تجارة الرقيق الذي لا يوجد في أي بلد من بلدان العالم الحر كما يوجد في بلاد كان شعبها فيما مضي حرر الانسان من عبودية الاوباش في ثلاثة ارباع العالم …انها بلادنا وشعبنا يا طويل العمر )!!
ونري ناصر السعيد هنا لا يدخل في جدل فقهي حول موقف الفقه التراثي من الرقيق ،ولكن يدخل بسرعة الي اثر الاسلام في تحرير الانسان ،فكيف تنتهي تجارة الرقيق في العالم كله وتبقي في ارض النبي عليه السلام الذي حرر العالم من الرق من قبل ؟ الواضح ان الاستشهاد هنا رائع في بساطته ودلالته معا .
وفي نهاية خطابه : يحذر الملك من عواقب الظلم مقتبسا قوله تعالي (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا عن بينة: الانفال42 )،ثم يقول في الخاتمة (كما تقول الاية :وان ليس للانسان الا ما سعي وان سعيه سوف يري ،ثم يجزيه الجزاء الاوفي )ثم يقول لسعود (السلام علي من اتبع الهدي ) أي انه يتبع الطريقةالاصولية السنية في الاستشهاد وفي الوعظ والترهيب .
وفي رسالته الي الملك سعود اكثر فيها من الاستشهادات ،حيث بدأها بالاستنكار علي سعود لاستخدامه اسم الاسلام في الحكم ،واستشهد بقصص الانبياء وتاريخ المصلحين ،حيث أوذوا باسم الدين ،والدين برئ من الظلم ،ورد علي مقولة الملك سعود في ان الاسلام يحرم حرية الرأي ،فاستشهد بالايات القرانية الدالة علي حرية الرأي في الاسلام ،واكد بالقرآن ان الحكم في الاسلام حكم جمهوري وليس ملكيا وانما يقوم علي الشوري الحقيقية ،واستشهد بالقرآن والاحاديث والسيرة وتاريخ الراشدين علي ان الاسلام ضد النظام الملكي وضد الترف والظلم والطغيان،ونعي علي سعود اعتبار مالية الدولة ملكا له ،ورد عليه بمآثر عمر بن الخطاب المشهورة في تقشفه وعدله وحرصه علي اموال المسلمين وقارن ذلك بما يحدث من سعود ،ويدخل في علاقة سعود بالامريكان مستشهدا بالايات القرآنية علي ان ذلك خيانة لله تعالي ورسوله ،ثم يختم رسالته بآيات القرآن الكريم والاحاديث التي تدعو للعدل والديمقراطية وتفرض العلم علي الرجل والمرأة ،وتندد بالظلم والفقر ،وينهي سعود عن استخدام الدين فيما اسماه بالدجل السياسي .
الاجتهاد :
ومن عجب ان يأتي الاجتهاد الديني من انسان بسيط تعلم تعليما متوسطا أعطى نموذجا رائعا لكل مفكر مدني. انه ناصر السعيد ،والاعجب ان يصل الي رؤية اجتهادية لم يصل اليها الشيوخ المحترفون، المطالبون بالاجتهادالذي يؤكد ان شريعةالاسلام صالحة لكل زمان ومكان ..
والواضح ان شيوخ السلف قنعوا بالتقليد وربطوا عقلهم وحياتهم بأجتهاد الائمة السابقين الذين اجتهدوا لعصرهم ،ولكن تغيّر العصر واحتاج الي اجتهاد يواكب هذا التغيّر فما كان من هؤلاء الشيوخ الا ان تمسكوا بالقديم وارادوا حمل عصرهم علي العيش وفق ما قاله الفقهاء السابقون. ومن هنا وقف الفقهاء التقليديون مع التفصيلات الفقهية القديمةالتي اندثرت بأندثار عصرها ،وجاء عصرنا بظروف جديده تستدعي اجتهادا جديدا ،ليس بأمكان الفقهاء التقليديين ان يقوموا به .
ومن هنا اضطرت الادارة السعوديه الى استحداث كيانات قضائيه جديده عمادها الخبراء المدنيون.وهذا دليل ناصع على تقاعس علماء الدين عن الاجتهاد لعصرهم حتى فيما يمليه عليهم واجبهم الوظيفي في المجالات التي كانوا يحتكرونها مثل القضاء والتعليم.
اما ناصر السعيد المسلم العادي الثائر سياسيا فقد تحرر من هذا الارتباط بالتراث الفقهي ونظر في النصوص والادلة الشرعية من القرآن الكريم وما يختاره من الاحاديث والسيرة وتاريخ الراشدين ،ووضع نصب عينيه المقاصد والاهداف التشريعية ،واهمها العدل ،واحتكم الي العدل واستدل عليه بالادلة الشرعية وهو يحاكم الواقع ويحتج عليه ويطالب بتغييره سلميا ليكون اقرب الي حقائق الاسلام ..وهو بذلك يجمع مع العدل –اهم مقاصد التشريع الاسلامي –مقاصد اخري اهمها المصلحة للدين والمسلمين، ويربط العدل والمصلحة بفهم الواقع والتعايش معه بعقلية مرنة لا تمانع من التدرج في التطبيق لمراعاة المناخ السائد المثقل بأوزار اربعة هي المرض والفقر والجهل والظلم .
وفي كل ما طرحه ناصر السعيد من قضايا سياسية واجتماعية مرتبطة بالواقع لم يحاول مطلقا ان يستشهد بأقوال الائمة من ابن حنبل او ابن تيمية او ابن عبد الوهاب ،بل علي العكس اعلن رفضه لمن يمثلون هذا الاتجاه ,وهم ابناء الشيخ وجماعات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ورفض طريقتهم وطريقة الحكومة في تطبيق الحدود علي الفقراء المحرومين دون كبار السارقين لأن ذلك ينافي العدل القيمة العليا في التشريع الاسلامي واهم مقاصده .
والعدل او القسط دارت حوله شريعة الاسلام وتؤكده عشرات من ايات القرآن الكريم ،ويمثله نبي الله عليه السلام في حياته وسيرته..ومن هنا اصاب ناصر السعيد في اجتهاده حين احتضن العدل الاسلامي واحتكم اليه في النصوص والتطبيقات الشرعية واكتفي به بديلا دون الدخول في المتاهات الفقهية ،ومن هنا ايضا وزن مطالبه السياسية والتشريعية بميزان العدل ،ولم يتردد من الهجوم على تطبيقات الحدود التشريعية والعقوبات وتكريس الرق طالما تنافي العدل ،وهو المقصود الاعظم من تشريع الاسلام .
واذا راجعنا مطالبه السابقة وجدناها متسقة مع قيمة العدل ،الا انه لم يكتف بذلك ،بل كان يشير الي قيمة العدل بين سطور مطالبه تأكيدا علي اهميته كمرجعية اسلامية يحتكم اليها . يقول مثلا ناصر السعيد في احدي القواعد التي على اساسها يمنح الشعب الثقة للحاكم: ايمانه( بالمثل العليا والمبادئ الانسانية العادلةالتي جاء بها الرسل والانبياء)ويقول عن الدستور المقترح (ولن يشذ هذا الدستور عما جاء به القرآن الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة وروح العدل التي دعا بها الرسل للحرية والانسانية )فالانبياء والرسل يراهم رسلا للحرية والعدل والمثل العليا ،وتلك هي وظيفة التدين الحق ،ان يكون قائما مع العدل وبالعدل .
وفي نهاية خطابه للملك يتمني مستقبلا جديدا للبلاد (لتعيش في جنة المستقبل ،جنة المساواة ،جنة الكفاية والعدل ،جنة يتساوي فيها الناس في خيرات بلادهم ،في كل ما في الارض وما عليها وما فوقها )
ومن خلال قيمة العدل وجه نقدا للمظالم ،واعتبر الظلم احد اهم الاوزار التي تثقل كاهل البلاد ،ولذلك يقول عن قطع الايادي والارجل (…فهذه جريمة لا تطبق الا في حق العمال والفلاحين والجنود والعاطلين عن العمل من ابناء البادية المعذبين ومن لا يجدون لقمة عيشهم ،والمضحك ان الذي يطبقها هم الذين نص القرآن الكريم علي ان تطبق بحقهم ..انهم اللصوص الكبار الذين اصبحوا حكاما )ومن الواضح انه ليس ضد تطبيق الشرع ولكنه ضد سوء تطبيق الشرع .
ويقول ايضا (تلغي عقوبة جلد المواطنين .وتستبدل بالاعمال والتعليم والتهذيب مكان التعذيب ، وتحال السجون الى مدارس لا يدخلها الا من تثبت تهمته بعد مذكرة توقيف عدلية، وبعد التأكدات اللازمة والتحقيق النزيه بانه يستحق حكم القضاء )فهنا تأكيد علي مراعاة العدل في الاعتقال وفي المحاكمة وفي معاملة المسجون .ونفس الموقف حين يطالب بمنع اخذ الزكاة من اهل البوادي والقري لأنهم (يقتاتون بها وينفقونها في الوجه الذي يرونه ،لأنها في الوقت الحاضر تؤخذ من الفقير وتنفق علي الفساد والافساد بعد ان ينفق منها الجابي ما تيسر طبعا ).
وكما نظر بعين العدل الي نواحي القصور في تطبيق بعض مظاهر الشريعة نجده يراعي نظرة العدل في باقي المطالب ،حتي في التعامل مع الاجانب،حين يطلب مساواة العامل الوطني بالعامل الاجنبي داخل المملكة في نفس العمل والمهنة ..
الفهم الواقعي :
ونظرة العدل هذه ارتبطت بالفهم الواقعي ،وقد شهدنا امثلة لذلك مستمدة من الواقع التطبيقي في تنفيذ الحدود، ومن هنا كان رفضه لتطبيقها في هذه المرحلة ،وهنا تتجلي مع الواقعية رؤية عقلية تنحاز للتدرج في التطبيق ،بالرفض كما شهدنا موقفه من تطبيق الحدود ،او بالايجاب ،كما نري موقفه في حق المرأة في التجنيد وبايمانه بأن الاسلام لا يمنع ذلك، الا انه برؤية عقلية مستنيرة يرى ان الوقت لم يحن بعد لتطبيق ذلك ،يقول (اصدار قانون يفرض التجنيد الاجباري فرضا علي كل المواطنين، ولا اقول كل مواطن ومواطنة لان هذا القول سابق لأوانه في مثل وضعنا الحالي ،ليصبح الشعب كله مسلحا امام الاعداء ،وليس في هذا ما يخالف تعاليم النبي محمد بن عبد الله كما يفتي البعض ،وهذا ما فرضه علينا الدين )
علي ان أهم مظهر للواقعية في اجتهاد ناصر السعيد يتجلي في نظرته للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فمع انه لم يستعمل لفظي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يستعمل اسلوب الفقهاء الا انه من السهل تقسيم مطالب ناصر السعيد الي معروف يطالب به ويأمر به الملك سعود ،ومنكر ينهي عنه ويحذر منه الملك سعود .فالمعروف يندرج تحته الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والتشريعية ،والمنكر المنهي عنه يتمثل في تحذيره من ارامكو وامريكا وعملائها والمفسدين ،ويضاف للمنكر ما يطالب بالغائه من الترف والاسراف والظلم والرق والفساد .واجتهاده هنا هو تحويله للمفاهيم الفقهية النظرية الي كيانات حية واقعية ،منها ما يدخل تحت مفهوم المعروف ،وما يدخل تحت مفهوم المنكر ، ثم ان ذلك الاجتهاد العصري الواقعي يدور في اطار العدل الاسلامي ومصلحة المسلمين .

قضية الثروة والثورة :

ونعطي نموذجين من القضايا السياسية والفقهية التي تعامل معها ناصر السعيد باجتهاده العصري .وهما الثروة والثورة ..
هل طرح ناصر السعيد تغيير الحكم السعودي بالسلاح ؟او بمجرد الدعوة السلمية ؟ هل طرح ناصر السعيد في عهد الاشتراكيه تقسيم الثروة البتروليه بالثوره الحمراء التي كانت نمطا سائدا في عصره ؟
نبدأ برأيه في الثوره المسلحه ..
لقد فرضت هذه القضية نفسها علي ناصر السعيد تحت عنوان (البيعة ) التي جاء سعود يطلبها من الناس .وهب ناصر السعيد بعد خروجه من السجن ليتكلم باسم اهل حائل ،وهو كما ذكر يعلم ان اهل حائل –في كراهيتهم المتوارثة لال سعود – كارهون للبيعة ،ولم يبايعه الا طائفة معينة من المتزلقين كما يقول ،وفي غمرة بهجة اهل حائل بالافراج عنه انبرىليتكلم باسمها في حفل مبايعة سعود .وكانت تلك فرصته ليواجه الملك الجديد بمطالب الشعب ،والتي نتج عنها –كما يقول ناصر – غضب الملك سعود وتركه للمكان بسرعة قائلا (الحفل زين لكن خّربه ابن سعيد )
وكانت معضلة خطابه هي البيعة ،وقد جعلها ناصر السعيد ثقة مشروطة بتنفيذ مطالبه التي رفعها بأعلي صوته في حضرة الملك ،لذلك يقول انه يرجو ان يكون عهد سعود مزدهرا ولا يمكن ان يكون مزدهرا الا بأن يقر بكل حقوق الشعب ،ويتسلم الشعب ادارة بلاده بنفسه ،وبهذا يمنح الشعب الثقة في الملك وليس البيعة له ،لأن البيعة عادة لا تأتي الا عن طريق البيع والشراء ،والبيع والشراء يعني العبودية ،والمال خراب الذمم (اما الثقة فيمنحها الشعب بناءا علي :1- شهادة حسن السيرة والسلوك القويم للشخص الذي يمنحه الشعب ليكون اهلا للثقة ،2- ايمان ذلك الشخص الممنوح للثقة بالمثل العليا والمبادئ الانسانية العادلة التي جاء بها الرسل والانبياء ) وبعدها طرح ناصر السعيد مطالب الشعب (وبعد هذا نطرح فيما يلي مطالب شعبنا التي بموجبها يمنح الثقة لمن هو اهل لها ليكون الشعب وحده هو المسئول عن حكم نفسه بنفسه ).
وفي نهاية خطابه بعد ان عرض المطالب قال (وعلي مثل هذه المثل المشروعة في الشريعة العادلة ووثيقة حقوق الانسان يمنح الشعب ثقة الشعب، لا يبيعها للحاكم الذي يحافظ عليها ولا يبيعها هو ايضا )
وفي رسالته التي وجهها فيما بعد الي سعود ينتقد سياسته الداخلية والخارجية ويطالب بحكم دستوري يكون فيه ملكا دستوريا مصونا عن المساءلة، ويترك الحكم والتنفيذ لحكومة مسئولة امام مجلس الشعب الذي يكون حرا منتخبا، ويذكره بما قاله في خطابه امامه في حائل من قبل ويدعوه لتطبيق هذا الاقتراح.
وعليه فان ناصر السعيد لم يدع الي ثورة مسلحة لتغيير النظام بالقوة ،بالرغم مما عاناه في سجون المملكة وخارج السجون من نفي وتشريد وتهديد بالقتل حسبما ذكر في كتابه ..بل ظل مصمما طيلة حياته علي الدعوة السلمية لتغيير نظام الحكم السعودي ليكون اكثر ديمقراطية واكثر عدالة، لم يطالب بنزع الحكم من ال سعود ،وانما اراد تحويل النظام السعودي الحاكم الى نظام ديموقراطي عادل وبطريقة سلمية .
ومن ناحية اخرى فان ناصر السعيد لا يريد البيعة لأنها تعني التسليم غير المشروط للملك بالتحكم في شعبه ،ولكنه يريدها ثقة يمنحها الشعب لحاكمه ،او بمعني اخر يؤكد علي ان الشعب هو مصدر السلطات، وهو الذي يحكم نفسه بنفسه، وهو الذي يختار الحاكم بناء علي حسن سيرته وسلوكه وايمانه بالمثل العليا والعدل وتنفيذه لمطالب الشعب ..
وما ذكره ناصر السعيد في ان الشعب هو مصدر السلطة يؤكد علي انه اجتهد في فهم حقيقة اساسية من حقائق الاسلام ،وهي الشورى الاسلامية التي كان محمد صلي الله عليه وسلم مأمورا بها، وهو الذي ينزل عليه الوحي .والاية القرآنية التي قررت هذه الحقيقة قررت معها ان الامة مصدر السلطات ،يقول تعالي للنبي (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ،فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل علي الله :آل عمران 159 )أي بسبب رحمة من الله جعلك يا محمد لينا معهم ،ولوكنت فظا غليظ القلب لتركوك وانفضوا من حولك ،واذا انفضوا من حولك فلن تكون لك دولة او حكم او سلطان،لأنه باجتماعهم حولك صار لك الحكم والسلطان ، اذن فهم مصدر الحكم والسلطة حين اجتمعوا حولك وناصروك وعزروك ،ولولا ذلك لاستمرت قصة الاضطهاد القرشي التي كانت قبل الهجرة ..ولأنهم مصدر السلطات فلذلك فاعفو عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر ،فاذا عزمت علي التنفيذ فتوكل علي الله تعالي …أي ان الايه تؤكد علي ان النبي عليه سلام الله تعالى - وهو الذي يتلقي الوحي من الله تعالي- لم يكن يستمد سلطته السياسية من الله وانما من الناس ،ولذلك امتن الله تعالي عليه انه الف بين قلوب الناس المحيطين حوله ،و لو انفق ما في الارض جميعا ما الف بين قلوبهم (الانفال : 63)
ونعود الي ناصر السعيد لنقرر انه باجتهاده الديني في موضوع الشوري الاسلامية ونظام الحكم قد اصاب كبد الحقيقة حين غفل عنها الكثير من علماء المسلمين ،ولذلك اكثرمن الاستدلال بأدلة اسلامية في رسالته الي الملك سعود لكي يؤكد ان الاسلام ضد النظام الملكي ومع النظام الجمهوري الذي يختار الشعب فيه الحاكم ويملك مساءلته وعزله .ويكون بذلك متفقا ايضا مع قيمة العدل الاسلامية التي تؤكد علي المساواة بين البشر في الحقوق والواجبات وما يترتب علي ذلك من عدل في الحساب يوم الحساب، والتي تستنكر ان يحتكر شخص او اسرة او طائفة.. السلطة.. والثروة.. دون بقية الامة ..
والخلاصة ان ناصر السعيد لم يدع الي القوة المسلحة .وانما دعا الي ثورة بيضاء يقوم بها الملك سعود نفسه وليس غيره ،ليقضي علي ماكانت عليه البلاد من فقر وظلم وجهل ومرض ،يقول للملك في خطابه( انه لا طريق للقضاء علي هذه الامراض اللعينة ومسببها الا السيف …أي الثورة علي هذه الادواء …وادعوك يا سعود ان شئت ان تقوم بهذه الثورة انت ..)
وكان تحقيق مطالبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو مضمون تلك الثورة البيضاء..وهذا هو موقف ناصر السعيد من الثورة .
فماذا كان موقفه من الثروة ؟
لقد نظر ناصر السعيد اليها بنفس النظرة التي نظر بها الي الثورة ..رآها ملكا للشعب ،ومن هنا كان احتكامه للعدل في الاستفادة منها ،لذلك تمني في خطابه (ان تعيش الدولة في جنة المستقبل …جنة المساواة ..جنة الكفاية والعدل ،،جنة يتساوي فيها الناس في خيرات بلادهم ..في كل ما في بطن الارض وما فوقها وما عليها ..) وفي رسالته اكثر من الاستشهاد علي ان الاسلام ضد الترف وضد الظلم وضد ان يعتبر الحاكم ثروة البلاد من جيبه الخاص وان الشعب والارض من املاكه الخاصة ،وكما احتج بذلك علي سعود فأنه طالبه بتطهير جهاز الدولة من اللصوص الكبار (الذين سرقوا اموال الشعب) واسترداد الاموال المسروقة في خدمة ابناء الشعب، خصوصا المحرومين والمظلومين، واستنكر اسراف سعود في ميزانية الدولة (واموال الشعب ) ومن هنا كانت كراهيته المطلقة لارامكو التي استغلت بترول الشعب وثروته، واضطهدت العمال من ابناء الشعب العاملين في استخراجه ..ومن هنا ايصا كانت دعوته لوقف تطبيق الحدود الشرعية علي الفقراء الذين لا يجدون القوت لأن من حقهم ان ينالوا نصيبامن ثروة بلادهم ..وهو بذلك يتفق مع القرآن الذي يجعل حقا معلوما من الثروة للسائل والمحروم والفقراء والمساكين وابناء السبيل (المعارج 24،25 الذاريات 19 ،الروم 38،الاسراء 26 ،الانعام 141 )ويتفق مع القرآن الكريم الذي يجعل ثروة المجتمع حقا للأمة،عليها ان تحسن القيام عليها بحيث تحجر علي السفية طالما يبدد ثروته التي ورثها ،وحينئذ لا يكون له من ثروته الا ما يكفي نفقته الخاصة ،يقول تعالي (ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم :النساء :5)
وهكذا يبدو لنا ناصر السعيد اصوليا مستنيرا يجمع مابين الاصالة الاسلامية ومعيشة العصر ،او المعاصرة .الا ان المعاصرة القت عليه بثقافتها وظلالها فتلون بها خطابه السياسي والديني الاصولي السنى .

المعاصرة في خطاب ناصر السعيد :

كان عصر سعود يموج بالتيارات الوطنية والقومية والاشتراكية ،وتجمع اغلبها في الفكر الناصري الذي ازدهر فيما بين 1955 :1967 وتجاوب ناصر السعيد برؤيته الاسلامية مع هذه التيارات بحيث غطت سطحيا علي اجتهاده الديني الاصولي السنى ..مع عدم وجود تناقض بين رؤيته الاشتراكية واصوليته الدينية ..
ان انحيازه للفقراء من العمال والفلاحين والبدو في مقابل الظلم والترف والاسراف كان متفقا مع شريعة الاسلام ومع الهدف الاشتراكي ،والعدل هو الاساس.
إلا ان ناصر السعيد مزج هذه الرؤي العقلية والفقهية احيانا باسلوب وجداني عبر فيه عن مشاعره الوطنية للشعب والارض .،يقول في خطابه عن العمال معبرا عن حبه وتقديره لهم وتعاطفه معهم بعد حادث التسمم الذي رواه في خطابه امام سعود (فهذا جزء مما يلاقيه عصب الحياة واشرف خلق الله ..العمال الذين هم الشعب كله …العمال الذين اخرجوا هذا البترول وما يتبع هذا النعيم لينعم به غيرهم ،اما هم فلهم السم الزعاف )ولذلك كان نضاله في سبيل العمال ضد ارامكو حتي دخل السجن، وفصلوه عشرات المرات، وكان ايضا اضراب العمال من اجله واتحادهم معه ،وقد حاولت ارامكو ان تشتريه بأن تجعله من المقاولين المتعاملين معها ،فرفض، كما رفض ان يأخذ من امير حائل ثمنا لخطبته امام الملك سعود قبل ان يخطبها ،يقول (ولقد عجبت عندما نودي علي اول امس لقصر الامارة ليدفع لي مبلغ 500 ريال سعودي ،ويدفع للخطباء الاخرين 200 ريال سعودي ،ولما سألت عن السبب في دفع هذه المبالغ قيل لي انها ثمن الخطب ،اما انا فرفضت بالطبع ..وقلت :ان كلام الشعب لا يباع ولا يشتري وانما ينفذ بالقول والعمل ،ولو اردنا الدراهم لعشنا كما يعيش اصحاب الملايين كما عرض علينا من مقاولات شركة ارامكو ،لكننا كنا ننفق مرتباتنا كلها علي الحركة ولمصلحة العمال ،وكنا نبقي بلا طعام الا ما يتفضل به اخواننا العمال علينا ليطعمونا مما يأكلون )
بل ان ناصر السعيد بدأ خطابه قائلا ( باسم الله الحق ..باسم العمال المعذبين باسم الفلاحين الذين اصبحوا فريسة للمرابين ،باسم الجنود الظافرين ..باسم البدو المشردين …باسم الشعب العظيم، الشعب الذي حرم من نور العلم طويلا يا طويل العمر..)وسبق عرض مطالبه لتحسين اوضاع الفلاحين والفقراء والبدو .
وتبدو وطنيتة ايضا في حب المكان بعد الانسان ..اذ يتردد فخره ببلاده التي شهدت بزوغ الاسلام الذي حرر العالم من عبادة الاوباش (انها بلادنا وشعبنا يا طويل العمر )الي ان يقول فخورا باسم بلده حائل مخاطبا الملك (واخيرا مرحبا بك في بلد الكرم المضياف،حائل الجميلة العظيمة ،حائل بلد الشجعان ،حائل الجزء الذي يلاقي ما يلاقيه غيره من اجزاء الوطن من مظالم وفقر وجهل ومرض عم انحاء الجزيرة العربية بأكملها …)
وبسبب شدة انتمائه لوطنه في الجزيرة العربية فانه يتحاشي في كتابه وفي خطابه امام سعود وفي رسالته الي سعود ان يصفها بالسعودية ،ويكتفي بترديد (شعب الجزيرة) ،(بلادنا) (شعبنا) (في كذا) ، وهو هنا يعبر عن رؤيته في ان الشعب هو مصدر السلطة ،ويستنكف ان يحمل الشعب او الارض اسم اسرة معينة بعينها ،كما يستنكف انفراد هذه الاسرة بالثروة والسلطة او ان يكون من حقها سلب الجنسية من احد المواطنين .بل انه يتحاشي ان يصف شخصا ماخارج الاسرة السعودية بأنه سعودي، ويحرص علي وصفه بالمواطن ..ووصف المواطن يحمل في داخلة الانتماء للارض والشعب ..كما يحمل ايضا المساواة بين الجميع في المواطنة، ولذلك نراه يقول عن الشيعة مثلا (اطلاق الحريات لاخواننا المواطنين من ابناء الشيعة لممارسة شعائرهم الدينية ومساواتهم في جميع مرافق الحياة ،والغاء الطائفية الممقوتة ) .
أي انه سبق غيره في الجزيرة العربية في الدعوة لثقافة المواطنة التي تعلو فوق الانتماءات القبلية العرقية والدينية والمذهبية .
وربما نفهم سبب حرصه علي دعوته السلمية من خلال ثقافة المواطنة .
فمع كراهيته الشديدة التي عبر عنهالآل سعود الا انهم في نهاية الامر من ابناء الوطن ،وهو لا يريد ان يدخل ابناء الوطن في صراع عسكري او ثورة دموية لذلك يدعو الملك سعود نفسه الي ان يقوم بثورة بيضاء ينفذ فيها الاصلاحات ليقطع الطريق علي ثورة قادمة ،وكان عصر ناصر السعيد هو عصر الثورات الملتهبة التي تحيط بالمملكة ،وكانت الثورات ترفع لواء التحرر من الاستعمار والامبريالية والرجعية،وهناك قواعد امريكية يتحدث عنها ناصر السعيد ومصالح امريكية في المملكة، والظروف مهيأة مع علو المد الثوري الناصري لتفجير ثورة حمراء ،وناصر السعيد باخلاصه لوطنه يريد اصلاحا داخليا يجنب الوطن سفك الدماء ،وحين رفض سعود مطالبه الاولى ورد عليها بمحاولات الاغتيال لناصر السعيد فان الاخير لم يتنازل عن دعوته ومطالبه السلمية فكرر نفس الدعوة لسعود من خلال رسالته التي بعث بها من القاهرة.
ولأن وطنه هو مهد الاسلام والعروبة فقد ارتبطت اصوليته الاسلامية مع قوميته العربية متفقا بذلك مع عبد الناصر ،بل انه سبق عبد الناصر والثورة المصريه في تضامنه مع العرب في فلسطين اثناء النكبة ،وقد وجد في وصف العربي بديلا مناسبا لكلمة السعودي التي يتحاشاها ،فانشأ اتحاد شعب الجزيرة العربية ،واعتاد ان يقول (شعبنا العربي في كذا ) وكان من الطبيعي بعد نجاح الثورة المصرية ان يسارع في تأييد توجهها العربي وان يحمل خطابها القومي ،خصوصا وصف اعدائها بالرجعية ،ومن الطريف ان ناصر السعيد حين مدح جدته الحاقدة علي أل سعود .. قال عنها (انها لم تهادن الرجعية ولو مرة،ولم تقبل من الرجعية أي عون )ويري ان موقفها (اشرف من مواقف جامعة الدول العربية في محاربة الرجعية والاستعمار )[16] .
ومن خلال نظرته القومية العربية الناصرية كانت كراهيته لعملاء ارامكو من الباكستانيين وغيرهم، وكانت دعوته لخصومة امريكا و التعامل مع المعسكر الشرقي والاتحاد السوفيتي ..وهو هنا لم يبتعد عن خطابه الديني الاصولي السنى ،الذي يتبني الموالاة ،موالاة الاصدقاء ضد الاعداء .وكانت دعوته للملك سعود في اصلاح سياسته الخارجية نابعة من هذه الموالاة ..
التقدمية في خطاب ناصر السعيد :
المقصود بالتقدمية هنا ان ناصر السعيد سبق تفكير عصره وتقدم عليه ..
سبق تفكير علماء الدين ،برغم انه ليس منهم ،وقدم اجتهادا اسلاميا فكريا يحتاج الي البناء عليه والنقاش حوله.
سبق غيره من ابناء الجزيرة العربية والاقطار العربية في الترويج لثقافة المواطنة التي تعلو فوق الانتماءات الطائفية والقبلية ،ولا يزال العرب والمسلمون يعانون من مشكلات الاقليات الطائفية الاثنية والعرقية والدينية والمذهبية والثقافية.
بل انه سبق عبد الناصر في الدعوة العملية للانتماء العربي القومي ومواجهة الاحتكارات الامريكية،وسبق الجميع في ثقافة اخري قدر لها ان تسود بعد موت ناصر السعيد بعقدين من الزمان،وهي ثقافة حقوق الانسان .
لقد اشرنا لدعوته لالغاء الرق في المملكة والغاء العقوبات الشرعية بالقطع والجلد،ودعوته الى اصلاح حال السجون واطلاق سراح المساجين السياسيين ،وتحويل السجون الي مدارس اصلاحية،ومراعاة الالتزام بالعدل والقانون في القبض علي المتهم ،ومنع كل وسال التعذيب .ورأينا كيف كان يدعو الي حرية الفكر والاعتقاد وعقد الاجتماعات ،وحرية الكلمة وحريةالصحافة وحرية الشيعة في اقامة شعائرهم .
وهنا نؤكد علي عدة حقائق في سبقه في المطالبة بحقوق الانسان :
1- انه سبق المناخ السائد في المملكة بهذه الدعوة ،يكفي انه كان لايزال هناك ستمائة الف من الرقيق فيها من الذكور والاناث بينما يدعو ناصر السعيد الي ثقافة غاية في التقدمية بمقياس المناخ الثقافي لعصره وبلده .
2- انه سبق الجميع في الربط بين ثقافة حقوق الانسان وحقائق الاسلام ،واعلن بجرأة ان تطبيق الحدود يجب وقفه لسوء التطبيق .ومشكلة تطبيق الحدود لاتزال ازمة راهنة بين سلطات المملكة وجمعيات حقوق الانسان .. ويتجلي هذا السبق لناصر السعيد حين نقارن بين اجتهاده الاسلامي المستنير واجتهاد المسعري المعارض السني السعودي في عصرنا الراهن بعد موت ناصر السعيد بعشرين عاما . فالمسعري ورفاقه يتشبثون في خصومتهم للنظام السعودي بحقوق الانسان ،مع انهم ينكرون علي الشيعة مثلا خصوصياتهم الدينية والمذهبية والثقافية أي يأخذون من حقوق الانسان ما يساعدهم وينكرون منها ما لا يتماشي مع منهجهم التراثي .
3- ويركز المثقفون العرب علي حقوق الا نسان (المثقف ) أي حرية الفكر والاعتقاد والمشاركة السياسية –هذا اذ كانوا من مثقفي اليمين.ويركز مثقفو اليسار علي حقوق الانسان في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية .بينما يركز فريق اخر علي حقوق الاقليات او حقوق المرأة .ويحدث هذا في مطلع القرن الحادي والعشرين،بينما نجد ناصر السعيد يسبق كل منظمات حقوق الانسان العربية التي تتنافس في الحصول علي التمويل الاجنبي، يسبقها ليس في الحصول علي التمويل ،إذ لم يكن يجني في وقته الا المعاناة والتشرد ،ولكن يسبقها في وضع منظومة متكاملة وموجزة لحقوق الانسان ، تشمل الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية،ويقرن كل ذلك بثقافة المواطنة واجتهاد اسلامي مستنير .
تأثير دعوة ناصر السعيد :
بدايته المبكرة والضوضاء التي اثارها حوله بالاضرابات في ارامكو واستمراره في النضال داخل وخارج المملكة وتحالفه مع عبد الناصر ،كل ذلك جعل ناصر السعيد يحرك المياه الراكدة،لتتبلورعنها عدة نتائج،اهمها :
1- ظهور حركات معارضة متنوعة :
اولا :معارضة عسكرية :
كان عبد الرحمن الشمراني علي صلة تنظيمية بناصر السعيد فقد تعرف عليه في 7/11/1957، وهو الذي أخبر ناصر السعيد ان الملك سعود أمر بأغتياله،فهرب ناصر السعيد الى بيروت،وقد اعترف عبد الرحمن الشمراني ضابط الحرس السعودي لناصر السعيد ان هناك اعوام غيرت حياته وحولته من ضابط عادي الي ضابط ثائر ،هي هزيمة فلسطين ،وسوء احوال الشعب في المملكة ،ولقاؤه بقيادة ثورة 1952 في مصر وعلاقته بعبد الناصر حيث كان ضابط الاتصال السعودي بعبد الناصرحين جاء للملكة لأول مرة ،ثم استمرت اتصالاته به حين جاءالشمراني الي مصر ،ويذكر الشمراني انه ظل يشكو لعبد الناصر من سوء الاحوال فقال له عبد الناصر :كفي بكاءا المسألة عايزة تنظيم وعمل .فانتقل الي الدعوة الثورية وتنظيم اخوانه فكان في ذلك نهايته.
وبعدها تم اعتقال عدد من الضباط وطياري القوات الجوية بشبهة الاشتراك فى مؤامرة اغتيال الملك سعود في اعقاب الثورة العراقية 17يولية 1958 .
وفي عام 1962 تم اعتقال ستة ضباط لاتصالهم بزمرة الامراء الاحرار في القاهرة ،وفي عام 1969 اكتشفت محاولة انقلابية اخري ،واعتقل فيها مائة شخصية عسكرية ،وآثر هذا المناخ علي بعض الامراء السعوديين فاصبحوا (الامراء الاحرار).
ثانيا الامراء الاحرار :
يذكر ناصر السعيد انه بعد ان خطب خطبته المشهورة امام الملك سعود في حائل أحدث خطابه تأثيرا في الامراء ،ومنهم الامير محمد بن عبد العزيز الذي أعلن تأييده لناصر لكل من قابله من اهالي حائل ،مما شجع ناصر علي زيارة الامير محمد في قصره ،حيث كان هناك عدد من الامراء،وقد طالب منه الامير ان يكتب له تقريرا عن كل ما يريده الشعب ،وقدم له الامير محمد الورقة والقلم فكتب ناصر السعيد مطالب الجيش والشعب،وقدمها له واحتفظ بصورة منها ،وقرأها عليه قبل ان يسلمها اليه ،فقال له الامير انه سيسافر الي الملك وسيقدمها اليه وسيقف الي جانب هذه المطالب، ويقول ناصر انه اكتشف ان ذلك كله كان مجرد دعاية . 
واعتبر ناصر السعيد الامراء الاحرار تجار كلام يتظاهرون بالعطف علي الوطنيين.وحكي ناصر ايضا انه ذهب لمقابلة الامير عبد الله الفيصل- المشهور بالامير المحروم- حين كان وزيرا للداخلية ،وقد استنكر الامير عبد الله الفيصل الظلم الذي يلاقيه العمال ،وطلب من ناصر السعيد والعمال ان يحنوا رؤوسهم للعاصفة الي ان يأتي ابوه فيصل الي الحكم ،بل طلب منهم اغتيال الملك سعود ،واعطاه كتاب فيلبي وطلب منه ان يكتب عنه تقريراً ،وذكر ناصر السعيد ان الامير عبد الله الفيصل قال له :انا اعرف انكم تعملون للثورة ،وان الثورة قادمة لا محالة ،مهما اخذنا احتياطاتنا ضدها ،ولكن المؤسف لن يميزوا بين سعود و بين الوطني المخلص عبد الله الفيصل ووالده فيصل ،وهذه مشكلة الثوار .
وذكر ناصر السعيد ايضا انه قابل الامير سلطان وزير الدفاع وعرض عليه مطالب العمال ،وذكر ان الامير سلطان اركبه معه سيارته ،وانه لفت نظر ناصر السعيد الي الفوارق الهائلة بين قصور الامراء واكواخ الفقراء ،وان ذلك ليس من الاسلام في شئ ،وان من يطالب بالعدل يتهمه الملك سعود بالشيوعية ، أي انه بادر بتأييد ناصر ودعوته ،ولما طالبه ناصر بان يعمل علي تحقيق ما يقول قال له الامير سلطان (انني مثلك ليس بيدي تحقيق شئ مما قلت )ولما رد عليه ناصر بانه ليس اميرا ولكن مجرد شخص عادي لا حصانة له و نفوذ ومع ذلك يواجه ارامكو واجهزة الحكم، وحينها قال الامير سلطان :( هل تعلم انني اتهمت بالشيوعية وانهم يقولون عني الامير الاحمر وانني موضوع في القائمة السوداء ) واعتبر ناصر السعيد اقوال الامراء الاحرار مجرد تهريج .
واذا كان لنا ان نصدق ناصر السعيد في حواراته التي ينقلها عن اولئك الامراء فالمعني واضح ،وهو ان الدعاية الناصرية اخذت تؤثر علي العرش السعودي وتثير الجميع عليه مما اوقع اولئك الامراء في خوف من المستقبل، فارادوا الاحتياط مقدما بالكلام المعسول بمن اشتهر امره او اسمه بانه من الثوار ،وهو مجرد كلام لا يسفر عن شئ .
والملاحظ ان ناصر السعيد لم يذكر انه قابل او تحدث مع الامير طلال بن عبد العزيز اشهر الامراء الاحراروقتها،او الامير عبد المحسن اخيه،بينما ذكر حديثه مع الامير مشعل الذي كان خصما للثورة والمعارضة والذي قال لناصر السعيد (ان احسن شئ للوطن هو تقطيع رؤوسكم )وحين ذكر الامراء الاحرار قال عنهم (وكان هناك دعاية وهمية يرددها السذج انذاك عن طيبة وديمقراطية هؤلاء الامراء امثال الامير محمد وسلطان وفيصل واولاده وطلال ومشتقاته ،لأن هؤلاء الامراء التجار اعتبروا الكلام بضاعة لا يصدقها الا الشعب المستهلك الوحيد لبضاعتهم الفاسدة بأظهار عطفهم الزائف علي الوطن والوطنيين ).
وطبقا لمنهجه في تجريد ال سعود من أي ايجابيات فان ناصر السعيد تجاهل في كتابه حركة الامراء الاحرار التي ترأسها الامير طلال وضمت اربع امراء ،وهم الذين تقدموا بطلب اقامة دستور وتشكيل مجلس تشريعي في عام 1962،وقد رفض رئيس الوزراء الامير فيصل هذا الطلب ،ثم استقال فيصل ،وعين الملك سعود مجلسا اخر للوزارة قام برئاسته واسند منصبي وزير المالية والاقتصاد للامير طلال ،كما اسند وزارة البترول والثروة المعدنية لعبد الله التريكي احد القوميين العرب ،وقصد من ذلك استغلال الامراء الاحرار ،الا انهم عندما طلبوا اقامة مجلس وطني منتخب لاعداد الدستور زادت حدة التوتر بينهم وبين سعود ،وبدأ الامير طلال ينتقد حكم سعود علنا ،فعزله سعود من مجلس الوزراء ،فاستقال معه الامير عبد المحسن،وتنازل طلال عن لقبه الملكي سنة 1969 ولجأالي القاهرة حيث كان يعيش ناصر السعيد . وكون الامير طلال في القاهرة لجنة لتحرير السعودية ،ولم تكن مصدر تهديد حقيقي للنظام السعودي ،ولم تكن لها شعبية او ايدولوجية ،وبعد انتهاء نفوذ الناصرية بعد كارثة 1967 عاد طلال الي السعودية واستعاد لقبه الملكي .
ثالثا :المعارضة اليسارية والقومية( الشيوعية والبعثية ):
لا يمكن تجاهل اثر ناصر السعيد في نشأة المعارضة اليسارية ،وان تأثر بعضها بالحركات الثورية اليسارية والقومية في الشام والعراق واليمن ،الا ان ناصر السعيد هو الذي قام بتجهيز التربة منذ اواخر الاربعينيات ،واطلق صوت المعارضة عاليا في الخمسينيات ،فبدأ اليسار والقوميون ينسجون علي منواله .
الاحزاب البعثية :حين سيطر البعثيون علي العراق وسوريا حاولوا مد نفوذهم الي الجزيرة العربية ،وفي عام 1958 نشأ الفرع السعودي لحزب البعث ،واصبح في عام 1963 اكبر جماعة معارضة ،وفي اعقاب الانفصال بين البعث السوري والبعث العراقي في منتصف الستينيات استقال معظم الاعضاء السعوديون،وانقسم الاخرون الي بعث عراقي واخر سوري .
فالحزب الذي يوالي البعث العراقي عاش انصاره في العراق ،واصدروا مجلة صوت الطليعة سنة1978 واصبح اكثر تأثيرا خصوصا بين الطلبة الدارسين في امريكا والخارج ونشروا كتيبات ودراسات تنتقد ال سعود دون ان تكون لهم ايدولوجية واضحة.
اما حزب البعث الموالي لبعث دمشق فقد اصدر من دمشق مجلة باسم صوت الجزيرة العربية لتنطق باسم رابطة ابناء الجزيرة العربية ،ووسعت من دائرته لتضم بعض القوميين الاخرين .
الحزب الديمقراطي الشعبي :انشئ سنة 1970 ويضم في عضويته ماركسيين وقوميين بايدولوجية ماركسية وتوجه نحو النضال المسلح لتحرير الجزيرة العربية والوطن العربي كله،وكان اقرب الي فكر ماو تسي تونج ،واتخذ من اليمن الجنوبي مركزا لنشاطه،واصدر مجلة الجزيرة الجديدة وكان يتمكن من تهريبها الي داخل المملكة العربية السعودية .
وبرغم راديكاليته الشديدة فقد تفكك وانفصلت عنه جبهة النضال الشعبي سنة 1971 واصدرت مجلتها النضال، واقتصرت مجهودات الجبهة علي اصدار المنشورات.ثم ظهر حزب اخر صغير ليرث الحزب الديمقراطي الشعبي كما ظهر حزب اخر جديد ليتحدث بالايدولوجية اللينية الستالينية .
وفي غمرة التشكيلات المختلفة للمعارضة اليسارية ظهر المجلس السعودي للسلم والتضامن الذي اصدر بيانا في 26/9/1977 في جريدة (طريق الشعب ) يقول : ان الملك فهد لم ينجز ما وعد به بعد اغتيال الملك فيصل سنة 1975 من اقامة مجلس شورى وحكومة ديمقراطية ذات سياسة ليبرالية ،والافراج عن بعض السجناء ،بل استمرت حملة الاعتقالات وبدأت تصفية المعارضة سنة 1977،وطالب المجلس باعلان دستور وتكوين احزاب سياسية ونقابات عمالية ومنظمات اجتماعية وثقافية و تأميم النفط السعودي .
جبهة التحرير الوطني :في عام 1956 شكل بعض الشيوعيين والعمال جبهة الاصلاح الوطني ، ثم انسحب منها الشيوعيون وكونوا جبهة التحرير الوطني ،وكان من اهدافها التغيير الشامل لكل ملامح الحياة في السعودية واقامة نظام دولة يعبر عن مصالح الشعب من دستور ديمقراطي يكفل كافة الحقوق السياسية والعمالية ،والنضال ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية ،والغاء القواعد الاجنبية والمعاهدات العسكرية ،ومراجعة عقود الامتيازات الاجنبية وتوثيق العلاقة مع الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية ، وفي نهاية 1975 تغير اسم الجبهة الي الحزب الشيوعي السعودي العربي واصبح محدود الفاعلية .
تدهورالمعارضة اليسارية :
باعلان الملك خالد العفو العام بعد اغتيال فيصل ،حيث وعد ولي العهد الامير فهد –وقتها – ترحيبه بالمنفيين السياسيين من الشيوعيين والقوميين وغيرهم .فتسابق اغلبيتهم للعودة واعلان الولاء للنظام. وعمل بعضهم بعد رجوعه للوطن في الاستثمارات واصبحوا ضمن الطبقة الطفيلية المستغلة،حتي ان بعضهم تنكر لتاريخه وألحق العسف بالعمال مما اضطر السلطات السعودية للتدخل لمنعه . 
ويفسر البعض ترحيبهم بالعودة والنكوص عن استمرار الجهاد بسوء الاحوال المعيشية في الخارج،حيث لم تكن مرتباتهم تكفيهم كلاجئين سياسيين في وقت ارتفعت فيه الاحوال المعيشية في الداخل، هذا مع الوقت الذي انحسرت فيه ايدولوجية اليسار وفقد مصداقيته ليحتل اليمين الساحة مكانه .
والواقع انها ضريبة الترف،اذ تعود اولئك علي رغد العيش ،ومارسوا معارضة الفنادق والغرف المكيفة في وقت الرواج لايدولوجية اليسار،فلما انحسرت تلك الايدولوجية وتبدلت الاوضاع السياسية في المنطقة بعد سقوط الناصرية وهزيمة عبد الناصر وعلو النفوذ السعودي ادي ذلك كله الي انكماش التأييد للمعارضين اللاجئين في الدول العربية،واصبح الافضل لهم استغلال فرصة العفو العام فسارعوا الي وطنهم يعلنون التوبة[17] .
هذا يشير الي مفارقة طريفة بين معارضة الاخوان في العشرينيات ،ومعارضة اليساريين والقوميين فيما بين الخمسينيات والسبعينيات ،باستثناء ناصر السعيد باعتباره حالة خاصة .فالاخوان بسبب الضنك الذي اعتادوه كانوا يقذفون بانفسهم في الموت أملا في الجنة وهي افضل .وحين عارضوا عبد العزيز تطورت معارضتهم من القول الي الفعل الي حمل السلاح ،اذ ليس لديهم في الحياة ما يستحق الخوف عليه.أما هذا الجيل الذي ارهقه الترف فقد سارع بترك موطنه في اقرب فرصة ليضع نفسه في خدمة انظمة استبدادية اخري ،وسمح بان تستغله هذه الانظمة في سياساتها وحساباتها مع الحكم السعودي، وبالتالي تعرض للكثير من العنت ،ومن هنا سارع الي العودة للمملكة حين واتته الفرصة .
الوحيد الذي عاش مخلصا لمبدئه وعاني من اجله داخل المملكة وخارجها هو ناصر السعيد ،الذي رفض العودة وفضل استمرار النضال،ولم يكن ذلك الامتياز الوحيد الذي تحلي به تاريخه، اذ انه مع جرأته وشجاعته الذي شابه فيها الاخوان فانه يتميز عن الجميع بايدولوجية في المعارضة السلمية تمزج بين العدل الاسلامي وثقافة العصر في صيغة مبتكرة .

2-النتيجه الثانيه لحركة ناصر السعيد:عزل سعود وتنفيذ بعض الاصلاحات التي طالب بها ناصر السعيد:
في محاولة لتجنب ثورة شعبية تم نقل وظائف الملك سعود التنفيذية الي الملك فيصل سنة 1958 ولكنه استعادها سنة 1960 مع استمرارالامير فيصل ولي العهد في نفوذه الي ان تم خلع سعود وتعيين فيصل ملكا سنة 1964.
كان فيصل قد اعلن في سنة 1962 برنامجه الاصلاحي المتأثر في نقاطه العشر بمطالب ناصر السعيد ،ويقول البرنامج في بدايته (الاصلاح بهدف تحقيق نظام موحد قائم علي مبادئ الشريعة ،فالقانون الاساسي (أي الدستور) سيتم نشره ومستمد من القرآن والسنة النبوية واجتهاد الخلفاء الراشدين واهل السنة من السلف الصالح ،وسيتم اعلان المبادئ الاساسية للحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكومين )أي ارجأ اعلان الدستور والمبادئ الاساسية لوقت لاحق ،ثم اعلن النقاط العشر وهي :اعادة تأكيد التزام الدولة بالقانون الاسلامي والوعد بأصدار دستور واقامة مجلس شوري ،تنفيذ النظم التي علي اساسها يتم تشكيل حكومات اقليمية في كافة مناطق المملكة،اعلان استقلال النظام القضائي ويعد باقامة مجلس اعلي للقضاء ووزارة العدل ،اعلان تشكيل مجالس القضاء ،من عشرين عضوا يختارون من بين القضاة علمانيي التعليم وعلماء الدين ،فرض تطبيق الاعلام الاسلامي والدعوة ،اعلان اصلاح لجنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ،تبني الحكومة لتنمية اجتماعية وتحقيق رفاهية للمواطنين والسيطرة علي الاسعار وتخصيص دعم حكومي لطلاب المدارس ،وتقديم نظم رعاية وامن اجتماعي ،وسن قانون لحماية العمال من اصحاب العمل،والاستعداد لاعادة تنشئة وتدريب وتشغيل العاطلين ، اعلان تقديم تشريعات ملائمة لتنظيم الانشطة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار المالي ،التعهد بدعم جهود تطوير البلاد والبنية التحتية الاساسية ،واخيرا الغاء العبودية والرق في المملكة.
وبالطبع لم يتم تنفيذ الاصلاحات السياسية الديمقراطية ولكن قامت الدولة السعودية باصلاح البنية الاساسية في الطرق والمواصلات والمساكن والكهرباء والرعاية الصحية [18] وساعدها تطور انتاج البترول علي تحقيق رفاهية المواطنين ، وتحقيق احد مطالب ناصر السعيد .
لقد عاش ناصر السعيد حتي رأي تحقيق بعض مطالبه ،ومع ان التآمر علي حياته لم ينقطع الا ان ناصر السعيد عاش حتي رأي عزل الملك سعود وعاش حتي رأي لجوء سعود الي القاهرة ،ورأي موت سعود في القاهرة سنة 1969 ،وعاش ليشهد اغتيال الملك فيصل سنة 1975 وظل حيا يتفادي محاولات اغتياله حتي سمع باقتحام الاخوان للحرم المكي سنة 1979 ،فخرج ناصر السعيد من مخبئه ليدلي برأيه في بيروت في الحادث ،فكان في ذلك نهايته الغامضة.
 

ناصر السعيد ( 1923 : 1977 ) أعظم رجل أنجبته الجزيرة العربية خلال ألف عام
بحث يحلل شخصية المعارض العربى للدولة السعودية ناصر السعيد ، كما يحلل إنتاجه الفكرى الاصلاحى والسياسى
more