رقم ( 4 )
ثالثاً: اضطهاد الأقباط فى العصر الأموى

ثالثاً: اضطهاد الأقباط فى العصر الأموى

الأمويين عارضوا الإسلام وحاربوه حرصاً على مصالحهم التجارية، ثم انضموا إليه وآزروه حرصاً أيضاً على مصالحهم التجارية حيث كانوا قادة قريش فى رحلتى الشتاء والصيف، وعن طريقها وثقوا علاقاتهم بالقبائل العربية النصرانية على طريق الشام التجارى ثم بعد أن دخلوا الإسلام أثمر تعاونهم مع تلك القبائل فى إخضاع الشام فى الفتوحات الإسلامية، ثم ساعدتهم تلك القبائل على توطيد دولتهم الأموية.

مقالات متعلقة :

لذلك لم يضطهد الأمويون نصارى العرب بل عاملوهم على قاعدة المساواة ، فالوالى فى العراق خالد القسرى أقام كنيسة لأمه النصرانية، والأخطل الشاعر العربى النصرانى كان نديم الخلفاء الأمويين يدخل عليهم وفى عنقه الصليب، والخليفة عمر بن عبد العزيز دفنوه فى دير سمعان بجوار دمشق..

إلا أن الأمويين- خلا عمر بن عبد العزيز- اشتهروا بالتعصب العنصرى ضد الأجناس غير العربية، فاضطهدوا الفرس والعراقيين، وألجأوهم للثورة المتكررة وتأييد كل ثائر شيعى أو علوى على الأمويين.. كما اضطهدوا المصريين لمجرد أنهم مصريون ومواطنون رعايا من الدرجة الثانية أو الثالثة، واعتبروهم بقرة حلوباً تدر لهم الخير، ولا بأس بأن يمتصوا لبنها ودمها إذا أمكن..

وأدى العسف فى جباية الجزية والخراج إلى ثورة المصريين، وهم أقدر شعوب الدنيا على احتمال الصبر، ولكن العسف الأموى كان فوق طاقة المصريون أنفسهم.!!

ونرجع للمقريزى فى الخطط..

يذكر أن الأقباط صاروا عوناً لعمرو على الروم حتى انتصر عليهم، وإن عمراً كتب أماناً لبطرك القبط سنة عشرين من الهجرة فأتى إلى عمرو وجلس على كرسى البطريركية بعد غياب ثلاثة عشر سنة. واحتمل المصريون جشع عمرو بسبب موقفه من البطرك بنيامين الذى كان له النفوذ الأكبر على قلوب المصريين. وتبدل الحال بعد تحكم الأمويين من أولاد مروان بن الحكم، ووصل الاضطهاد إلى البطاركة الأقباط والرهبان أنفسهم..

ففى ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر صودر البطرك مرتين، وأمر عبد العزيز- وهو بالمناسبة والد الخليفة عمر بن عبد العزيز- بإحصاء الرهبان وأخذ منهم الجزية، وهى أول جزية أخذت من الرهبان.

وتولى مصر عبد الله ابن الخليفة عبد الملك بن مروان فاشتد على النصارى، واقتدى به الوالى التالى قرة بن شريك فأنزل بالنصارى شدائد لم يبتلوا بمثلها من قبل على حد قول المقريزى. وأقام الأمويون مذبحة للأقباط سنة 107 هجرية حين ثاروا فى شرق الدلتا بسبب جشع الوالى عبد الله بن الحبحاب..

وفى خلافة يزيد بن عبد الملك تطرف الوالى أسامة بن زيد التنوخى فى اضطهاد الأقباط، فصادر أموالهم ووسم أيدى الرهبان بحلقة من حديد، وكل من وجده منهم بغير وسم قطع يده، وفرض غرامات على الأقباط، وصادر الأموال من الأديرة، ومن وجده من الرهبان فى تلك الأديرة بلا وسم ضرب عنقه أو عذبه، وهدم الكنائس وكسر الصلبان.

وفى خلافة هشام بن عبد الملك تشدد الوالى حنطلة بن صفوان فى زيادة الخراج، وأحصى الأقباط وجعل على كل نصرانى وشماً فيه صورة أسد ومن وجده بلا وشم على يده قطع يده.

وثار العرب المسلمون سنة 117 بسبب قيام الأقباط ببناء كنيسة يوحنا، وكان ذلك فى ولاية الوليد بن رفاعة.

وأدت زيادة المظالم إلى قيام الأقباط بثورة عارمة فى الصعيد سنة 121 هجرية، وانتقلت الثورة إلى سمنود سنة 132 وإلى رشيد فى نفس العام وتولى الأمويون إخمادها بالعنف الشديد، وفى هذا العام انهزم مروان بن محمد آخر خليفة أموى أمام العباسيين فهرب إلى مصر فوجدها ثائرة على مظالم الأمويين، ومع ظروفه السيئة إلا أن الخليفة الأموى الهارب استنفذ ما بقى من قوته وعدته فى القضاء على ثورات الأقباط حتى قضى عليها، ثم واصل هروبه فى مصر أمام الجيش العباسى إلى أن لقى حتفه فى أبو صير، وكان يحتجز عنده البطرك القبطى ومجموعة من كبار الرهبان وزعماء الأقباط فأفرج عنهم الجيش العباسى .

ودخلت مصر فى العصر العباسى.. أو فى الاضطهاد العباسى..

إضطهاد الأقباط فى مصر بعد الفتح ( الاسلامى )
بحث يتناول إضطهاد الأقباط فى مصر بعد الفتح العربى أو ما يسمى بالاسلامى ، من عصر الخلفاء ( الراشدين ) الى نهاية العصر المملوكى فى لمحة تاريخية ، ورؤية قرآنية اسلامية .
more