رقم ( 7 )
الفصل السادس : مذبحة نيوزلنده ومشارف حرب عالمية مختلفة . ندعو الله جل وعلا ألّا تحدث

الفصل السادس : مذبحة نيوزلندهومشارف حرب عالمية مختلفة .

ندعو الله جل وعلا ألّا تحدث :

( 1 ) عن الحرب الدينية والحرب العلمانية 

( 2 ) الفوارق بين الحرب الارهابية والحروب التقليدية

مقالات متعلقة :

( 3 ) سفاح نيوزلنده والارهابيون بين قوة الضعف وضعف القوة

( 4 ) فى القضاء سلميا على ثقافة الارهاب الوهابى والصليبى

 

 

 

  عن الحرب الدينية والحرب العلمانية 

أولا :

بين الدين الالهى والدين الأرضى

1 ـ الدين الالهى ينزل لاحلال السلام ( البقرة 208 ) ( النساء 91 : 92 ) وإقامة العدل والقسط ( الحديد 25 ) والنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى ( النحل 90 ). لذا تكون فيه الحروب دفاعية ولإقرار السلام . وقد فصلنا كثيرا فى هذا .

2 ـ ولكن البشر يؤسسون اديانا أرضية شيطانية تعبر عن أهوائهم. إذا كانت طبيعتهم متعدية أنتجوا دينا متعديا يجعل إعتداءهم على الغير فريضة دينية ، أو ( جهادا دينيا) يصفه رب العزة جل وعلا بأنه قتال فى سبيل الشيطان وليس قتالا دفاعيا فى سبيل الله (النساء 75 : 76) . وهذا ما فعله الخلفاء العرب والعثمانيون . 

ثانيا :

 هناك حروب لا دينية تهدف للتوسع فقط دون ايدلوجية دينية . مثل :

1 : حروب ( تحتمس الثالث (1425 ق.م.) والذى استمرت امبراطوريته حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد حتى عهد رمسيس الحادي عشر

2 : رمسيس الثانى ( 1303 : 1213 ق. م )

3 : الإسكندر الأكبر: الذى إمتدت امبراطوريته من اليونان الى حدود الهند.

4 : يوليوس قيصر المقتول عام 100 ق م ) .

5 : جنكيزخان الذى توسعت امبراطوريته فى الصين وأواسط آسيا .

6 :  تيمورلنك الأوزبكى وامتدت امبراطوريته من أواسط آسيا الى الهند ووصلت جيوشه الى دمشق . واستمرت امبراطوريته بعده من مماته 1405 الى 1506 م .

7 ـ ولأنها حروب لا دينية وبلا دوافع دينية فقد :

7 / 1 تجرى بين دولتين تدينان بنفس الدين مثل  حرب المائة ( 1337 : 1453 )  بين فرنسا وإنجلترا.

7 / 2 : بل قد تتحالف انجلترة المسيحية مع دول اسلامية ضد روسيا المسيحية مثل حرب القرم والتى قامت بين روسيا والدولة العثمانية وانضمت الى الدولة العثمانية بريطانيا ومصر وتونس . واستمرت عشرة أعوام ( 1853 : 1854 ) . كانت روسيا تريد أن تلتهم الامبراطورية العثمانية فوقفت لها إنجلترة بالمرصاد ، ليس حبا بالدولة العثمانية ولكن حفاظا عليها مريضة الى الوقت المناسب الذى تستحوذ عليها بريطانيا لنفسها.

7 / 3 ـ وينقلب العداء الى تصالح ثم الى تحالف، كما حدث فى الاتفاق الودى بين أنجلترة وفرنسا فى 8 ابريل عام 1904  ، وعلى اساسه سلمت فرنسا لانجلترة بحقها فى إحتلال مصر مقابل تسليم انجلترة لفرنسا فى أطماعها فى المغرب ، ثم ما لبث أن تحول التصالح الى تحالف فى الحرب العالمية الأولى ثم فى الثانية .  

ثالثا:

أهم الفوارق بين الحروب الدينية والحروب اللادينية :

1 ـ بعض الحروب اللادينية إستغرقت قرنا من الزمان أو عقودا طويلة مثل حرب المائة عام وحروب المغول ، وبعضها وصلت الضحايا فيها الى حوالى مائة مليون من القتلى والجرحى كالحربين العالميتين الأولى والثانية . ومع ذلك فإنها تنتهى وتصبح ذكرى ، بل يصبح الأعداء السابقون حلفاء. لم تظهر فى اليونان دعوة للرجوع الى عصر الاسكندر الأكبر بإعتباره ( السلف الصالح) . ولم يحدث هذا فى ألمانيا مع هتلر ولا فى أيطاليا مع موسولينى ولا فى مصر عن تحتمس ورمسيس ولا فى الصين ومنغوليا عن جنكيزخان . تلك شخصيات ماتت وامبراطوريات إندثرت.

2 ـ يختلف الحال مع الحروب الدينية المؤسسة على ايدلوجية دينية ، يموت القادة فيتحولون الى آلهة مقدسة ، وبإستمرار الدين الأرضى مسيطرا تستمر تلك الحروب مع الخارج والداخل . هذا هو حال العرب الذين يقدسون الخلفاء الفاتحين ويجعلون عصرهم ( السلف الصالح ) وهو الملىء بالظلم والاستبداد والفساد وحمامات الدم . وحاليا توجد أنظمة إستبدادية لها كهنوتها الذى يجعل ثقافة تلك الحروب الدينية فريضة دينية . مات الفاتحون اللادينيون من الاسكندر الى جنكيزخان ، ولكن لا يظل حيا مقدسا فى قلوب السنيين والصوفية المحمديين أبو بكر وعمر وعثمان .. والآن يجرى فى تركيا العلمانية عودا حثيثا الى العثمانية ودولتها الدينية وثقافة الحروب الدينية .

3 ـ هو نفس الحال مع الغرب وأمريكا بعد تغلغل الوهابية بين الأقليات المسلمة فيها ، فيجرى إسترجاع ثقافة الحروب الصليبية وإجترار مآسى الصراع الحربى بين العرب والغرب ، وخصوصا ما يحمل منها إنتصارا للغرب فى تصديه للغزو العربى والتركى .

4 ـ  انتهى  الخلفاء الفاسقون من القرشيين والعثمانيين وظل جهادهم ساريا لانه اصبح دينا وبه تحولوا من سفاحين الى الهة. ونفس الحال مع الجهاد الصليبى للاسبان والاوربيين الذى اعتمد على الابادة حين كانت كشوفها الجغرافية تحمل راية الصليب ثم خفّ هذا عندما تخلصت اوربا من سيطرة الكنيسة وأصبحت علمانية فأصبح استعمارها اكثر انسانية. ومع إنه قد إندثر الوجود الصليبى فى الشرق الأوسط ولكن ظلت  بقايا للصليبية الجهادية ، يتم الآن احياؤها  وهذا ما ظهر جليا فى الشعارات التى كتبها السفاح الاسترالى على أسلحته التى قتل بها مسلمين فى مسجدين فى نيوزلنده.

4 ـ ولأن الحروب الدينية قائمة على التعصب ضد ( الآخر ) فى الخارج فإنها تعتمد التعصب ضد ( الآخر ) فى الداخل. أى ترتبط الحروب الدينية الخارجية بمعارك داخلية ضد المخالف فى المذهب والدين ، وتزدهر المحاكمات الدينية ومحاكم التفتيش ، ويجرى تكفير المخالف سياسيا أو فكريا ، وقد يفقد حياته . حدث هذا فى تاريخ أوربا وتاريخ الخلفاء فى العصور الوسطى . وبإزدهار الوهابية الحنبلية السنية تعرض منتقدوها الى اضطهاد. ونحن ( اهل القرآن ) أبرز الضحايا . أما تاريخ الكنيسة الكاثولوكية فى المحاكم التفتيش فهو عار هائل.   

رابعا :

 أنواع القادة فى الحروب الدينية

لأنها حروب ايدلوجية فلا بد لها من دُعاة دينيين وقادة ميدانيين نشطين ، وقد يوجد من يجمع بين صفة الدعوة والعمل الميدانى مقاتلا . ونعطى أمثلة :

فى تاريخ (الخلفاء ) :

الخلفاء الأوائل كانوا الدعاة الدينين لما اسموه بالجهاد . بينما تولى القيادة الميدانية آخرون . الذى يهمنا هنا هو جذور الوهابية ولنا فى بحثها كتاب منشور هنا هو ( الحنبلية ـ  أم الوهابية ـ وتدمير العراق فى العصر العباسى الثانى ) . ونلتقط منه الآتى عن الحركة الحنبلية :

1 ـ كان  أحمد بن حنبل فقيها سنيا متطرفا يقوم كغيره بإختراع الأحاديث ونسبتها للنبى محمد لتصبح دينا ووحيا إلاهيا . وقد إخترعوا حديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره.. ) وتغيير المنكر أصبح دستور الحنابلة فى السيطرة على الشارع ، وتزعم أحمد بن بن نصر الخزاعى حركة لتغيير المنكر فقتله الخليفة الواثق العباسى عام 231 ، وسبق هذا وواكبه إضطهاد لابن حنبل ، ثم تولى الخليفة المتوكل الذى إنحاز للحنابلة وفرض مذهبهم السنى دينا رسميا للدولة ، وسمح للحنابلة بالسيطرة على الشارع فتكاثر الحنابلة وإضطهدوا مخالفيهم تحت رعاية الخلافة العباسية. هنا كان ابن حنبل المتوفى عام 241 هو الداعية ، بينما كان أحمد بن نصر هو القائد الميدانى.

2 ـ أدت القلاقل التى أحدثها الحنابلة الى إشاعة الفوضى ، فقد إضطهدوا الشيعة والصوفية وأهل الكتاب والمعتزلة ، بل أنتهى على أيديهم الطبرى أكبر واشهر فقيه ومؤرخ سنى ، لأنه كان سنيا معتدلا ولم يكن حنبليا متشددا.

3 ـ جاء الأتراك السلاجقة الى المنطقة وسيطروا على الدولة العباسية والخلافة العباسية ، وإعتنقوا الحنبلية السنية على انها الاسلام. أصبحوا حنابلة مسلحين وحكاما يسيطرون على مفاصل الدولة العباسية .  لكن الأتراك السلاجقة كانوا السبب فى مجىء الحملات الصليبية وقت ضعف الخلافة العباسية. تعصب الأتراك السلاجقة ضد الحجاج الأوربيين القادمين الى القدس . وكانوا يجتازون آسيا الصغرى الى القدس ، وكلها تحت السيطرة السلجوقية من أمراء مختلفين متشاكسين . تعاظمت شكوى الحجاج الأوربيين ، وكان منهم بطرس الناسك فكانت الحرب الصليبية نتيجة للتشدد الحنبلى .

فى تاريخ الحملة الصليبية :

1 ـ طاف بطرس الراهب أوربا داعيا لتحرير القدس من (الكفار المسلمين ) زاعما ان المسيح عينه للقيام بهذه المهمة . وتبعه كثيرون فتزعم الحملة الصليبية الأولى المعروفة بحملة الفقراء أو حملة الشعوب ، والتى أباد الأتراك السلاجقة معظمها وفر بطرس ناجيا بحياته. كان بطرس الناسك هنا داعية وقائدا مقاتلا .

2 ـ البابا أوربان الثانى دعا عام 1095 الأمراء والملوك الأوربيين الى تحرير القدس ، فكانت حملة الأمراء التى أسست الامارات الصليبية ومملكة بيت المقدس. هنا نرى داعية فقط لا يشارك فى الخرب الميدانية.

فى تاريخ الوهابية فى العصر الحديث

1 ـ محمد بن عبد الوهاب كان داعية وكان قائدا ميدانيا أيضا . نشاطه فى تنفيذ ما يؤمن به أثار خصومه فى موطنه ، وحاول بعضهم قتله فاضطر الي ترك موطنه ورحل الي العينية فرحب به اميرها عثمان بن محمد من آل معمر الذي اصبح من اتباعه ، وانضم الي الشيخ الكثيرون مما اسفر عن حركة جماعية لهدم القباب والاضرحة ، ومن بينها قبر زيد بن الخطاب ، اشهرها وكان في منطقة الجبلية ،وقد تولي الشيخ هدمه بنفسه. وفي العينية قام الشيخ بتطبيق حد الرجم علي زانية زعم انها اعترفت له بذنبها. لم يكن تطبيق عقوبة الردة معروفة من قبل .كان مجرد سطور فى كتب الفقه . أدى هذا الى ذيوع شهرته وتعاظم المواجهة بينه وبين خصومه. وفى النهاية تحالف مع ابن سعود. ولم يقتصر على كونه داعية بل كان يشارك بنفسه فى القتال. نحن هنا أمام داعية مقاتل .

2 ـ تأثر ابن عبد الوهاية بالفقيه الحنبلى ابن تيمية الذى عاش فى العصر المملوكى. وكان داعية وقائدا ميدانيا أيضا .

3 ـ بانتشار الوهابية تحت مسمى الاسلام تعددت حركاتها وتنظيماتها وقادتها . منها ما يخدم السلطان القائم . ومنها ما يعمل لقلب نظام حكم السلطان القائم كالآخوان ، ومنهم من نجح فى إقامة دولة مؤقتة مثل داعش . ولكن نرى من قادتهم : دعاة فقط ، مثل دعاة الفضائيات الذين كانوا يروجون لداعش فى حربها ضد بشار الأسد ويروجون لجهاد المناكحة. ومنهم قادة ميدانيون كابن لادن والزرقاوى ، ومنهم من يجمع بين هذا وذاك مثل الظواهرى .

أخيرا

هناك داعية فقط ، ومقاتل ميدانى فقط . ثم هناك داعية مقاتل .

سفاح نيوزلنده ما هو تصنيفه. ؟ وما تأثر ذلك فى سيناريو الهلاك الذى ندعو الله جل وعلا ألّا يحدث ؟ 

 

التعليقات

سعيد على

الوجه القبيح للإنتخابات الديمقراطية

سلك الغرب أسلوب حكم ديموقرطي و أصبح لكل مواطن بالغ حق التصويت و هذا جيد و لكن يبقى الأسلوب الدعائي الإنتخابي هو المشكل ! وضع ترامب شعار ( أميركا أولا ) و بدء في تحريك المياه الآسنة في العقل الأميركي تحديدا و هي العرق الأبيض و أن أميركا للبيض حصراً مستقلا التراجع الحاد للإقتصاد و نقص الوظائف التي شغلها ( المهاجرون ) الذين ليسوا بيضاً !! ثم أخذ يسوق لنفسه أهمية مساهمة الدول الأوروبية و العربية في تمويل القضاء على الإرهاب مستغلا وضع أميركا القوي في الناتو و الحماية التي تقدمها لدول الخليج و الشرق الأقصى ( كوريا و اليابان ) كل هذا التنمر أوجد بيئة خصبة لتتفتح بذور العنصرية لدى الغرب الأميركي تحديدا و كل من هو ( أبيض ). اليوم ليس صعبا دراسة التاريخ .. اليوم و بفعل الأنترنت يستطيع أي إنسان ( أبيض ) أن يقرأ و يعرف التاريخ لا سيما تاريخ البلاد التي أتى منها المهاجرون و بالتالي فإن نار الكراهية ستشتعل في عقولهم لا سيما و أن هؤلاء المهاجرين أخذوا فرص العمل برواتب زهيدة و مستوى معيشي أقل من المواطن الأميريكي و بالتالي كثرت أعداد العاطلين عن العمل في الغرب و هو ما يولد الشعور بالحقد و بهذا الشعور يخرج أمثال هذا الأسترالي السفاح . العلمانية الغربية أمام إختبار حقيقي ..

 

Ben Levante

تعددت الأسباب والقتل واحد

السلام عليكم
لا أحد ينكر أن الحروب أو النزاعات بصورة عامة تختلف أسبابها، لكن نتائج هذه الحروب تبقى نفسها، الدمار والقتل. وآلة الدمار والقتل هذه بدأت منذ عهد آدم وما زالت قائمة في حاضرنا وستبقى، أغلب الظن، إلى يوم القيامة. سأستعمل كلمة نزاع بدل كلمة حرب لأنها شاملة، فمنشأ الحروب كلها هو نزاع قائم، لكنه ليس من المفترض أن يصل النزاع دائما إلى حرب.
النزاعات الدينية هي نزاعات اديولوجية، بين المسلم والمسيحي، بين المسلم والمسلم، بين المسيحي والمسيحي أو بين الشيوعي والرأسمالي. حرب فيتنام وكوريا كانت بين الرأسمالية والشيوعية، والنزاع بين هتين الاديولوجيتين كادت تودي بالعالم بأسره، ولم تنتهي إلا بعد انتهاء الشيوعية. ما يميز النزاعات الدينية هو الاعتماد على مبدأ "أن الله لا يخطئ". لكن الفطرة السليمة تفترض أيضا امكانية الخطأ في فهم الانسان لله. هذه الفطرة ينتهي مفعولها عندما يهيمن التعصب على موقف الانسان. سواء كان هذا التعصب دينيا اديولوجيا أو عرقيا أو قوميا، فالنتيجة واحدة.
القول "ونفس الحال مع الجهاد الصليبى للاسبان والاوربيين الذى اعتمد على الابادة حين كانت كشوفها الجغرافية تحمل راية الصليب ثم خفّ هذا عندما تخلصت اوربا من سيطرة الكنيسة وأصبحت علمانية فأصبح استعمارها اكثر انسانية" لا أستطيع هضمه. صحيح أن الاسبان كانوا في حروبهم في امريكا يحملون الصليب، لكن هذا لا ينطبق على الاوروبيين الذي غزو أمريكا الشمالية، ومن الواضح أن عدد السكان الاصليين (المتبقي) في المناطق التي دخل عليها الاسبان أكثر بكثير من عددهم في امريكا الشمالية. لم تلعب الاديولوجية الدينية أي دور في غزو الاوربيين لأمريكا الشمالية (أمريكا الشمالية أوت جماعات دينية كانت مضطهدة في اوربا). لا أستطيع هنا قياس ما فعل "الخلفاء الفاسقون" بالشعوب الاخرى مع ما فعل البيض بالسكان الاصلين في أمريكا الشمالية. ربما يقول قائل أن هذه الحرب في أمريكا قد انتهت. هذا صحيح طبعا (ومضحك) وذلك لأن السبب لم يعد عمليا موجودا، فالسكان الاصليون لم يعد لهم وجود كشعوب هنا. هذا ما حاولت الصهيونية عمله في فلسطين، بواسطة التهجير وليس الابادة، ولم ينجحوا حتى الآن.
في الحروب الدينية والاديولوجية عموما يكون بمقدور الانسان الفرد في كثير من الاحيان تجنب عواقبها بقبوله الاديولوجية الغازية، فيصبح في الخندق الآخر في لمحة بصر. هل كان ممكنا في ألمانيا النازية لغير الآري (اليهودي مثلا) أن يصبح من العنصر الآري، لكي يدرأ عنه عذاب المحرقة؟ أليست الحرب الدينية هنا أرحم من حرب عنصرية الطابع؟
ماأريد قوله باختصار هو أولا أن للحروب والنزاعات أسباب، وهي تبقى قائمة طيلة وجود الاسباب وتنتهي بانتهائها لتبدأ حرب اخرى لسبب آخر. تعددت الاسباب والقتل واحد...ثانيا يزعجني اتخاذ فترة تاريخية محددة وبحالها أو بأحداث تاريخة معينة للوصول إلى هدف معين، إما بأن "المسلمين" هم السبب الوحيد لما يحصل الآن من إرهاب في العالم أو أن الغرب هو السبب في ذلك.

من الحكمة أن يقيم الانسان نفسه ويصحح أخطاءه، فهو لا يستطيع تصحيح أخطاء الآخرين وأن يلقي اللوم عليهم، لكنه من الحكمة أيضا أن يراعي هذا التقييم العوامل الخارجية المحيطة به ليدرأ عن نفسه المخاطر ويصل إلى تقييم صحيح.

مصطفى اسماعيل حماد

شكرا بن ليفانت

كلما أحجمت عن التعليق إيثارا للسلامة وجدت العزيز بن ليفانت يدلى بما كنت أود قوله   شكرا بن ليفانت.وأنا واثق أن لديك الكثير مما لم تذكره وأسأل الله أن يعينك على إظهاره

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  الفوارق بين الحرب الارهابية والحروب التقليدية

مقدمة :

1 ـ بدأت أول حرب عالمية بين إبنى آدم فى حياة والديهما. وشهد العالم فى القرن العشرين حربين عالميتين ، وهذا عدا آلاف الحروب العسكرية التقليدية غير العالمية : حروب بين دولتين وحروب بين مجموعات دولية ، وحروب أهلية داخل الدولة الواحدة . وشهد القرن الماضى حربا من نوع جديد ، هى ما عُرف بالارهاب الذى لا يزال مستمرا ، وأحدث وقائعه  مذبحة السفاح الاسترالى فى نيوزلنده .

2 ـ نعطى لمحة سريعة عن الفوارق بين الحروب التقليدية والحروب الارهابية.

 أولا : فى الحرب العسكرية التقليدية

أول حرب عالمية بين إبنى آدم كان فيها معظم ملامح الحروب التقليدية . كانت مواجهة بين جانبين ، سبقتها مقدمات للصراع . وانتهت بمصرع طرف على يد الطرف الآخر . كان أحد الطرفين مسالما لا يرغب فى الحرب بينما كان الطرف الآخر متعديا ظالما . فى الحروب التالية قد تتأجج الحرب نزاعا حول النفوذ والحدود ، وقد يوجد طرف معتدى متعد وطرف مُعتدى عليه . وحدث هذا فى كل الحروب التى قام بها كبار السفاحين ممّن يتمتعون بلقب ( الفاتحين ) ويحتلون بلاد الآخرين ، ويحتلون أيضا عناوين رئيسة فى كتب التاريخ . منهم من تستر بالدين فإستمرت الحروب بعده ، ومنها من لم يتمسح بالدين فانتهت اسطورته بموته. فى الحرب العسكرية التقليدية سواء كانت محلية أو عالمية نراها :

   1 : مواجهة سياسية وكلامية تعقبها المواجهة العسكرية .

  2 : يكون لكل طرف جيش جرى تجنيده وتدريبه وتسليحه بسلطة الدولة وسيادتها .

  3 : يجرى الحشد العسكرى هنا وهناك إستعداد للحرب التى يتوقعها الجميع .

  4 : يتصادم الجيشان أو الجيوش فى مكان محدد ، وزمان محدد ، فمهما طالت حروب الدول فهى لا تستمر ، لأن السياسيين يحددون لها أهدافا سياسية ، وتنتهى بهزيمة وهدنة ومفاوضات .

  5 : لا توجد حرب لأجل الحرب وإنما لتحقيق هدف سياسى ومكسب سياسى .

  6 : على هامش الحرب التقليدية يكون الضحايا عسكريين اساسا ، ولكن يموت ملايين المدنيين ، ولكن المدنيين ليسوا مقصودين فى الحرب .

  7 : الطرف الآخر فى هذه الحرب معلوم ومعروف ومحدد ، وليس الهدف من الحرب القضاء عليه وإبادته ، وبعد الحرب قد تتحول العداوة الى صداقة .

8 ـ هناك اسرى من الطرفين أو من أحدهما ، وهناك الآن قوانين لحمايتهم .

ثانيا : فى الحرب الارهابية

1 ـ القائمون بها ليسوا دولة وإنما تنظيمات سرية أو علنية تتظاهر بأنها غير ارهابية .

2 ـ لها أهداف سياسية تعلنها جماعات دعوية. ولكن الأغلب أن يكون الهدف مجرد الانتقام .

3 ـ  الآخر فى الحرب الارهابية هم المدنيون العُزّل أساسا ، وهذا عجزا عن مواجهة الجنود المسلحين . وليس هنا أسرى بل القتل العشوائى للجميع وبلا تمييز.

4 ـ المكان مفتوح . ميادين الارهاب حيث يعيش الناس وحيث يزدحمون ، فى الشوارع والأسواق وبيوت العبادة ووسائل المواصلات . 

5 ـ على عكس الحشد فى الحروب العسكرية التقليدية فإن الحروب الارهابية لا حشد فيها ، ولا توقع بنشوبها . ممكن أن تضرب فى أى زمان وفى أى مكان .

ثالثا : التجنيد فى الحروب الارهابية

1 ـ كان باللقاءات الشخصية بين المنظمة الارهابية وأشخاص تجندهم وتدربهم وترسلهم ل ( الجهاد ) . أصبح الانترنت هو الوسيلة الأفضل ، وهو السبيل الذى اتخذه سفاح نيوزلنده . وهو الذى جعل حروب الارهاب عالمية . داعش خبيرة فى استعمال الانترنت . تصل الدعوة التحريضية الى ملايين الأشخاص غير المعرفين عبر مواقع الانترنت. ويجرى فيها تعليم كيفية صناعة المتفجرات ، وربما توجيهات أخرى الى المكان والزمان .  يمكن للاجهزة الأمنية إكتشاف الجماعات الارهابية وتحييدها قبل أن تضرب ولكن التجنيد عبر الانترنت يستجلب أفرادا عاديين غير معروفين أجهزة الأمن . مجرد شخص عادى تحول الى قنبلة موقوتة تسير على قدمين جاهزة للإنفجار .

2 ـ قد يكون شخصا :

2 / 1 : مهاجرا محبطا يعانى من مشاكل عدم التأقلم . ييأس ويتحول يأسه الى إنتحار يعتقد أنه به يدخل الجنة  ( بما فيها من حور عين يرفعن سيقانهن إنتظارا لمن يفجر نفسه مجاهدا ــ على زعمهم ) .

2 / 2 : ليس مهاجرا ، بل مولودا فى نفس الدولة الغربية من أقلية عربية ولكن يعانى فى دولته من عدم المساواة وقلة الفرص فى التعليم والتوظيف . وهذا يحدث غالبا فى فرنسا ، حيث يعيش العرب الفرنسيون فى حال لا يقارن بغيرهم من الفرنسيين. إذا فقدوا الأمل فى تحسين أوضاعهم فى الدنيا تصبح الجنة هى البديل ( بما فيها من حور عين يرفعن سيقانهن إنتظارا لمن يقتل نفسه والآخرين مجاهدا ــ على زعمهم ) .

2 / 3 : شخصا متدينا بالوهابية ، مؤمنا بتقسيم العالم الى معسكر السلام والايمان ومعسكر الكفر والحرب ، يكتم إيمانه فى قلبه فيأتيه التشجيع من الانترنت أو من إمام مسجد وهابى ، يكون سهلا إقناعه بتفجير نفسه ـ إذ تصبح أمنيته الجنة ( بما فيها من حور عين يرفعن سيقانهن إنتظارا لمن يقتل نفسه والآخرين مجاهدا ــ على زعمهم ) . 

2 / 4 : شخصا يعيش الحياة الغربية بإنطلاقها ومتكيفا معها ، ولكن حدثت له أزمة نفسية جعلته يتدين ويذهب الى المسجد ، فيجد هناك إماما وهابيا يستغل حالته فيحول من متدين الى إرهابى ، يقتل نفسه والناس عشوائيا ليدخل الجنة : ( بما فيها من حور عين يرفعن سيقانهن إنتظارا لمن يقتل مجاهدا ــ على زعمهم ) .  فى عام 2003 حسبما أتذكر جاء فى الأنباء أن شابا مغربيا مسلما كان يعيش مع صديقه المغربى اليهودى فى لوس إنجليس ، كانا كأى شابين يعيشان كما يحلو لهما . حدثت أزمة نفسيه للشاب المغربى ( المسلم ) ، فذهب الى المسجد. ما لبث أن تغير حاله ، وانتهى به الأمر الى قتل صديقه اليهودى. هذا الشاب القاتل ضحية للإمام الوهابى الذى أضلّه .

3 ـ يساعد على تجنيد الأقليات العربية وجود المراكز والمساجد الوهابية فى الغرب وأمريكا ، ونفوذها الهائل وتمويلها الضخم ، وما تنشئه من مدارس ( إسلامية ) ومراكز فقهية ودعوية وفكرية تروج للجهاد الوهابى ، وتتمتع بحماية القوانين الغربية والأمريكية ، والتى صيغت قبل أن تواجه أمريكا والغرب ( العلمانى ) هذه الثقافة الوهابية .

4 ـ كان مفترضا من هذه الأقليات أن تساهم فى إصلاح أهاليهم فى الشرق الأوسط ، تنشر الوعى بالديموقراطية لتتحول بلادهم الأصلية الى الديمقراطية . وليس هذا صعبا بوسائل الاتصال وثورة المعلومات. ولكن حدث العكس ، أن صار أئمة الأقليات السنيين تابعين لرءوس التطرف والارهاب فى الشرق الأوسط.

5 ـ بهذا إختلفت الأقليات العربية السنية عن غيرها من الأقليات . للهندوس ولليهود وللبوذيين والسيخ والماسونيين بيوت عبادة ومراكز دعوية ومعاهد علمية وتثقيفية . وهذه الأقليات من اليهود والهنود والأفارقة لم يقوموا بأى عمل إرهابى . بل :

5 / 1 : لا تجد الشيعة ولا الصوفية ( المحمديين ) يرتكبون أعمالا أرهابية ـ مع أنهم بالملايين ولهم آلاف المساجد والمراكز الدعوية والفكرية.

5 / 2 : تجد سنيا جاء مهاجرا أو لاجئا هاربا من الإضطهاد فى بلده فيحتضنه الغرب وتنهال عليه المساعدات ، ثم فى أول فرصة تُتاح له يتمرد على الغرب الذى أكرمه ، وفى أول فرصة تأتيه ليقوم بعمل إرهابى لا يتوانى عن إرتكابها . لأن هذه الارهاب مؤسس على دين أرضى ( السنة الوهابية )

رابعا : يساعد على نجاح الحروب الأرهابية التى يقوم بها السنيون فى الغرب 

1 ـ إيمان الأقلية العربية السنية بالخلفية التاريخية للصراع بين العرب والغرب ، وإيمانها بنظرية أن الغرب يتآمر على العرب وأن الغرب كافر وعدو للإسلام.

2 ـ هناك من المحمديين المهاجرين من يؤمن بجواز أو وجوب خداع الآخر المخالف فى الدين ، كما كان يفعل عصاة اهل الكتاب فى عهد النبى (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٧٥﴾ بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴿٧٦﴾ آل عمران 75 ـ ) وهو إستحلال سبق به الخلفاء الفاسقون فى فتوحاتهم ، وأصبح تشريعا. وهناك أيضا الاتجاه الآخر من المتعصبين البيض الذين يظلمون الأقليات ويستغلونهم . طبعا لا يجوز التعميم كما لا يجوز التقليل من هذا الخطر وهذا الظلم.
3 ـ خبرة الوهابيين السنيين فى حروب الارهاب فى صراعهم مع المستبدين فى بلادهم وصراعهم ضد الشيعة .

4 ـ عجزهم عن مواجهة  جيوش عدوهم الغربى فى حرب مباشرة ، فليس لديهم سوى العمليات الارهابية.

5 ـ سهولة التجنيد للذئاب المنفردة ، وسهولة القيام بالعملية الارهابية فهى لا تحتاج إلا الى شخص أرهابى مقتنع بالانتحار ليدخل الجنة : ( بما فيها من حور عين يرفعن سيقانهن إنتظارا لمن يقتل مجاهدا ــ على زعمهم ) .

 6 ـ  يعجز الجيش العسكرى عن التعامل مع الحروب الارهابية . يتركها للأجهزة الأمنية .   وهى تتصرف غالبا بعد نجاح التفجير الارهابي ورد فعل لها .

7 ـ ليس للغرب خبرة فى المواجهة الفكرية التى تسبق المواجهة الأمنية ، فى الوقت الذى تشن فيه داعش وأمثالها حربا فكرية تستخدم الاسلام ( ضد الغرب الكافر عدو الاسلام ). بل إن الغرب يساعدهم ، إذ يعتبرهم ( إسلاميين ) ، أى يعتبرهم من البداية إسلاميين ويجعل الغرب نفسه فى وقوفه ضدهم أنه ( عدو الاسلام ). 

8 ـ تساعد سياسة الغرب و ( أمريكا ) على نجاح العمليات الإرهابية :

1 ـ يبيع السلاح الى المستبدين ويتغاضى عن مظالمهم ، وبمظالمهم وسياستهم التعليمية  تنتشر الوهابية المتمردة . وفى سبيل علاقاته بأولئك المستبدين يترك الغرب المصلحين فريسة .

2 ـ يحتفظ الغرب بالمودة مع كهنوت الوهابية الموالى للمستبدين ، وهم الحراس على الدين الوهابى .

3 ـ السعودية منبع الوهابية لها لوبى قوى فى أمريكا والغرب . تعطى بعض المعلومات عن أعدائها الوهابيين لتحافظ على نفوذها ومراكزها ومساجدها الوهابية فى الغرب وأمريكا .

أخيرا : الارهاب السنى هو الذى سينتصر على الارهاب الأبيض المتعصب

1 ـ الانتحار فى سبيل الجنة ليس ثقافة غربية . فى المواجهة بين الارهاب الوهابى السنى والارهاب الأبيض المتعصب فإن الذى يكسب هو الارهاب السنى الوهابى . غاية ما يفعله المتعصب من نوعية سفاح إستراليا أن يقتل الأبرياء ويستسلم للسلطات دون أن يقتل نفسه وتنهال عليه اللعنات. أما الارهابى الوهابى فإنه يفجّر نفسه ويحظى بالرحمات.!

2 ـ  لا يمكن هزيمة ذلك الذى قرر الانتحار ليدخل الجنة : ( بما فيها من حور عين يرفعن سيقانهن إنتظارا لمن يقتل مجاهدا ــ على زعمهم ).

3 ـ يمكن إنقاذه وإنقاذ ضحاياه إذا عرف أنه بما يفعل يكون أعدى أعداء الاسلام ، وليس كما يقول عنه الغرب ( إسلاميا ).

التعليقات

سعيد على

المواجهة الفكرية هي الحل الآمن و ( الأرخص ) لتجنيب البشرية من كل هذا العبث 


أقتبس من المقال هذه الفقرة : ( ليس للغرب خبرة فى المواجهة الفكرية التى تسبق المواجهة الأمنية ، فى الوقت الذى تشن فيه داعش وأمثالها حربا فكرية تستخدم الاسلام ( ضد الغرب الكافر عدو الاسلام ). بل إن الغرب يساعدهم ، إذ يعتبرهم ( إسلاميين ) ، أى يعتبرهم من البداية إسلاميين ويجعل الغرب نفسه فى وقوفه ضدهم أنه ( عدو الاسلام ) .
جاء الإسلام بالقرءان كتابا عقليا الأصل فيه ( البلاغ ) و التبليغ بهذه الآيات العظيمة التي فيه و في القرءان الكريم ( أساليب للحوار و الجدال ) و خلاصة هذا الأسلوب الرباني الراقي هو أن يكون الحوار محترما و يبقى في حدود الإطار الحواري الكلامي و بالحجة و لا يتطور ليصبح دمويا أو استقصائيا بل بالعكس تظل المودة و الاحترام للآخر و يبقى الحوار هو الأسلوب الراقي لحل أي مشكلة .
ما أعظم هذا الدين العظيم النازل من رب غفور كريم حليم رؤوف و تبقى معظلة القبول بفكرة المواجهة الفكرية هي بداية لهدم جبال من الموروث التاريخي المنسوب للإسلام و الإسلام العظيم منه برئ .. هي ثقافة الحوار التي نفتقدها بل نرفضها أحيانا ! إن جبال الفقة و الآراء القديمة و التي تسيطر على مناهج التعليم و يتفوه بها خطباء الجمع و تنشرها فيديوهاتهم و بالوسائل الحديثة أصبحت تصل لكل الناس الباحثين عن الإسلام و لكن من أسف أنه إسلام آخر لا صلة به بإسلام رب السلام .
هو جهاد حقيقي ما تقوم به و الملاحظ أنه أيضا بدأ ينتشر و التيار الفكري القرءاني أو على الأقل يرفض ما لا يوافق القرءان بدء في الإنتشار بأفكار الراسخين في العلم كالدكتور أحمد و هناك الكثير ممن يسيرون في هذا النهج و توفرت لهم وسائل إعلام أكثر إنتشارا كالدكتور محمد شحرور و تبقى الآراء و الاجتهادات وجهات نظر و الباحث الحقيقي الذي يريد تنظيف عقله من ( التراث و ما فيه ) عليه الجد و الاجتهاد و التدبر و هذا في حد ذاته بداية لتلمس طريق النور و البعد عن ظلام الدين الأرضي أو قل الأديان الأرضية . و الله جل و علا هو المستعان.

احمد صبحى منصور

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، وأقول :

لا زلنا نبشر بمواجهة الارهاب الوهابى من داخل الاسلام لانقاذ ما يمكن إنقاذه . ولا يزال التعتيم علينا مفروضا . ولما يدخل اليأس فى قلوبنا.لقد شارفت نهاية العمر ولم يتحقق هذا الأمل ، وإذا فارقت الحياة فأرجو من أحبتى أهل القرآن متابعة المسيرة والإصرار عليها.

يكفينا شرفا أننا نظهر الاسلام الذى جرى طمسه من الفتوحات الظالمة التى قام بها الخلفاء الفاسقون. يكفينا فخرا أننا نناضل بسواعد عارية فى سبيل السلام والعدل والاحسان والحرية وكرامة الانسان وحريته. يكفينا فخرا أننا نضع المستضعفين فى الأرض فى قلوبنا ونواجه قوى الاستكبار غير مبالين بالموت.إن ضاع حقنا فى هذه الدنيا فإن الله جل وعلا لا يضيع فى الآخرة أجر من أحسن عملا
الله جل وعلا هو المستعان ، وكفى به جل وعلا وليا ونصيرا

 

 

  سفاح نيوزلنده والارهابيون بين قوة الضعف وضعف القوة

 

أولا :

1 ـ إستعمل سفاح نيوزلنده أقصى المتاح له من قوة وهاجم ضعفاء مسالمين فقتل منهم وجرح ما إستطاع. ثم تغلبت عليه قوة أكبر منه فإعتقلته. الضعفاء حازوا التأييد . هنا : ثلاثة عناصر : ضعيف أصبح بضعفه قويا معنويا . قوى إستخدم أقصى ما لديه من قوة. ثم هناك من هو أقوى منه.

2 ـ المستفاد هو ما نسميه ضعف القوة وقوة الضعف.

ثانيا :

1 ـ اضعف البشر هم أقوى البشر . الطفل المولود أضعف البشر ، لديه غريزة البكاء وبها يكون اقوى البشر . يكفى للضعيف أن يُظهر ضعفه ليكون قويا بعطف الناس وتأييدهم. تخيل شيخا طاعنا فى السن يبكى ، تتجمع حوله القلوب متعاطفة معه فيصبح بها قويا. المرأة بغريزتها هى الأقوى بدموعها ، وبدموعها تسيطر على الرجل الأقوى منها ( ظاهريا ).

2 ـ القوة فى البشر نسبية . القوى هو قوى بالنسبة لمن هو أقل منه قوة ، وهو ضعيف مقارنة بمن هو أقوى منه.

3 ـ سفاح نيوزلندة إستخدم أقصى ما لديه من قوة ضد ضعفاء ، فغلبه من هو أقوى منه ، وترتب على عمله أن أصبح الضعفاء المُعتدى عليهم أقوياء بالتأييد المعنوى. هم كسبوا وهو خسر. وهذا ما لا يفهمه الارهابيون من الغرب ومن الشرق الأوسط .

ثالثا :

1 ـ فهم هذا وقام بتطبيقه نبلاء عصرنا : ( غاندى ). ( 1869 : 1948 ) ومارتن لوثر كينج ( 1929 : 1968 ) ومانديلا ( 1918 : 2013 ). كل منهم إستخدم قوة الضعف يخاطب بها جانب الخير فى عدوه القوى . كان فى عدوه القوى قدر لا بأس به من الخير ، لذا نجح كل منهم سلميا وبدون عنف فى الحصول على ما تمنى ، وسجل إسمه فى أنصع صفحات التاريخ .

2 ـ لم يفهم هذا ولم يطبقه ثوار ايرلنده . فى ضعفهم أمام انجلترة إستخدموا العمليات الارهابية ضد المدنيين ، فخسروا قضيتهم وغلبتهم أنجلترة العجوز .

3 ـ لم يفهم هذا ولم يطبقه هتلر الذى إستخدم أقصى قوته ضد خصومه الأقوياء والضعفاء على حد سواء . أهلك ملايين اليهود الذين لا حول لهم ولا قوة. وفى النهاية تغلب عليه من هو أقوى منه ، وهلك تتبعه لعنات . وهو مصير من يسير على سُنّته من المتعصبين البيض ، ومنهم ذلك السفاح الاسترالى.

4 ـ فى منطقتنا يكفى مثال فرعون موسى ، وهو مذكور فى العهد القديم ، ومذكور بأروع ما يكون فى القرآن الكريم . وهو المثل لكل مستبد يصل به غرور القوة الى قتل المستضعفين ، فتكون عاقبته أسوأ ما يكون . ولكن المحمدييين لا يتعظون .

رابعا :

المستبد العربى يضرب بأقصى قوته عندما يشعر بالخطر. المستبد العربى وخصمه الوهابى كل منهما يستخدم أقصى ما لديه من قوة ضد الشعب الأعزل المنزوع السلاح .

1  : فى الصراع بين النظام العسكرى فى الجزائر والوهابيين الطامعين فى الحكم إستعمل الطرفان أقصى ما لديهما من قوة ضد المدنيين ، وخصوصا سكان القرى للإستيلاء على أراضيهم . لم تكن المذابح تميز بين ذكر أو انثى أو بين طفل رضيع أو شيخ طاعن في السن , وأصبحت وصمة عار تلك التى تُسمى بالعشرية السوداء والتى إستمرت من عام 1992 الى عام 2002 . وبلغ ضحاياها حوالى 200 الف قتيل ..!

2 : تعرض صدام حسين لاطلاق نار عشوائى فى يولية 1982 فكانت مذبحة الدجيل .  قاومه الأكراد فقتلهم أطفالا ونساءا وشيوخا بالسلاح الكيماوى فى حلبجة فى مارس 1988 ، وقتل 5500 ، وفى نفس العام كانت مذبحة الأنفال . واجه صدام قوة اكبر منه أسرته وحاكمته وأعدمته.

3 : إرتكب حافظ الأسد مجازر ضد شعبه السورى فى حلب عام 1980 : 1981 قتل الآلاف ، وفى حماة عام 1982 ووصل عدد الضحايا من 17 ألفا الى 40 ألفا . وابنه بشار أفظع حالا من ابيه . حافظ الأسد عاش معزولا ، وجاء إبنه فدمر سوريا وتسبب فى قتل وتشريد الملايين . وهو الآن فى يد روسيا رهين .

  4 : الرئيس البشير فى السودان إستخدم أقصى طاقته فى حرب إبادة ضد مسلمى دارفور . بدأت فى فبراير عام 2003 . وصل عدد الخسائر البشرية عدة مئات آلاف من القتلى، إما بسبب القتال أو الجوع والمرضأصبح مجرما عالميا ، وينتظره مصير سفاح صربيا .

  5 : السيسى فى مصر إستخدم أقصى قوته فى فض إعتصام رابعة ، في تقرير  منظمة  هيومن راتيس ووتش  فى اغسطس عام 2014 واستغرق إعداده سنة كاملة، وصفت المنظمة الفاجعة بأنها إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث. وقالت إن ما حصل "لم يكن مجرد حالة من حالات القوة المفرطة أو ضعف التدريب، بل كانت حملة قمعية عنيفة مدبرة من جانب أعلى مستويات الحكومة المصرية". وصل السيسى الى الحكم على أكتاف المصريين الكارهين للإخوان. كان بإمكانه التخلص من إعتصام مؤيدى الرئيس الإخوانى محمد مرسى بأيسر طريق. كان عملاء السيسى داخل الاعتصام وبإمكانهم التخلص من قادة الاخوان وسط ضجيج الاعتصام . كان بإمكانه التضييق على مداخل الطرق ومحاصرة المعتصمين لارغامهم على الاستسلام وحقن دمائهم . ولكن السيسى فضّل إستعمال القوة المفرطة بدون اى داع وبعد مرور 45 يوما من الاعتصام لاتاحة الفرصة لتجميع اكبر عدد من مناصرى الاخوان . وهاجمتهم قواته في صباح الأربعاء 14 أغسطس 2013  . تضاربت الأقوال فى عدد الضحايا من 120 شخصا قتيلا وألاف الجرحى الى 2200 قتيل وأربعة آلاف جريح . واصبحت مذبحة رابعة نقطة سوداء فى تاريخ السيسى ، جعلت أمامه طريقا وحيدا هو المُضى فى سلاح القوة الى نهايته. ليحمى نفسه من الإنتقام القادم وكوابيس الرعب التى تهاجمه أصبح يترصد أى كلمة ، ويتزايد عدد السجناء لتفترسهم آلات التعذيب . وفى نفس الوقت يستقوى بالغرب يشترى سلاحا لا حاجة له بها سوى إستمالة الغرب وملء خزائنه بالعمولات . 

  6 : تمكنت داعش أو ما يسمى بالدولة الاسلامية فى العراق والشام من السيطرة على عدة مناطق على حدود سوريا والعراق . وحرصت على إذاعة ونشر الإعدامات التى تقوم بها ، وأبرز ضحاياها كانوا من الشيعة والمسيحيين والأيزيدية ، وأجنحة داعش فى مصر وليبيا تواصل قتلها للمدنيين ، وأبرز ضحاياها أقباط مصريون كانوا يعملون فى ليبيا لا حول لهم ولا قوة ، ومئات من المصلين فى جامع فى سيناء . المشهور من جهادهم ما يعرف بمجزرة سبايكر ، وقد اسروا طلاب القوة الجوية في  قاعدة سبايكر الجوية العراقية يوم 12 يونية 2014 ، بعد سيطرتهم على مدينة تكريت . وصل عدد الأسرى ما بين 2000 الى 2200 . وأعدموهم جميعا.  ودفنوا بعضهم وهم أحياء.وحشية الجهاد الوهابى لدى داعش تسبب فى قتل عشوائى لمئات الآلاف والى تدمير سوريا ، وأدى فى النهاية الى القضاء تقريبا على دولة داعش ، وإن بقى فكر داعش يدافع عنه الوهابيون بل إن شيخ الازهر فى مصر  يرفض تكفير داعش ويعتبرهم مسلمين . داعش إستخدمت أقصى قوتها ضد المستضعفين فووجهت بقوة أكبر قضت عليها . نفس ما حدث للسفاح الاسترالى الداعشى الذى إستخدم أقصى قوته فى قتل المسالمين فإنهزم امام قوة أكبر منه.

 خامسا :

1 ـ ظهر فى الغرب وفى الشرق غاندى ومارن لوثر كينج ونيلسون مانديلا يواجهون القوة بسلاح الضعف ، فنجحوا . هو نفس التشريع القرآنى الذى يوجب على الضعيف أن يكف يده عن المواجهة بالعنف ، ولا يرد الإعتداء إلا عندما يكون لديه الاستعداد بالقوة التى تردع المعتدى مقدما . الفرد المؤمن إذا تعرض للتعذيب لإكراهه فى الدين فإنه يباح له أن ينطق بالكفر ، ولا عليه مؤاخذه طالما مطمئن قلبه بالايمان ( النحل 106 ) . بل يُباح له أن يوالى هذا العدو المعتدى ليتقى شره ( آل عمران 28 : 29 ). وعليه أن يهاجر ما إستطاع لينجو ممن شر هذا النظام المعتدى الجائر ( النساء 97 : 99 ، 75 ). ولكن فى كل الأحوال فلا يجوز أن يقاوم عدوا قويا حتى لا تكون المقاومة إنتحارا .

2 ـ لم يفعل ذلك الفلسطينيون وهم يواجهون قوة أكبر من طاقتهم . لم يستعملوا السلاح السلمى كما فعل غاندى ومارتن لوثر كينج ومانديلا . ليس لهم جيش يستطيع مواجهة الجيش الاسرائيلى ، وثقافتهم المتوارثة لا تعترف بالجهاد السلمى . لذا قاتلوا بما إصطلح العالم على تعريفه بالارهاب ، والذى يدفع ثمنه الأبرياء .

2 / 1 : بدأوا نضالهم بخطف الطائرات وتعريض ركابها الى الخطر ، هؤلاء الركاب مدنيون بلا سلاح ولا حول لهم ولا قوة ، ولا ناقة لهم ولا جمل فى القضية الفلسطينية .

2 ـ ثم حين كانت لهم بعض القوة تحت رعاية الملك حسين تمردوا عليه وتآمروا على قتله وأقاموا لهم دولة داخل الدولة ، وكانت النتيجة إجلاؤهم من الأردن .

2 / 3 : وفعلوا نفس الشىء فى لبنان فتسببوا فى الحرب الأهلية فيها والتى استمرت من عام 1975 الى عام 1990 ، وقضت على حوالى 120 ألف شخص . وبها خرج المسلحون الفلسطينيون من لبنان.

2 / 4 : وصلت حماس الى السلطة فتغنى بمدحها كثيرون ، كتبنا نحذر من حماس ودينها الوهابى فهوجمنا أعنف هجوم . تحقق ما تنبأنا به من خطورة حماس إذ أسرعت فسيطرت على غزة وإستقلت بها وقتلت جنودا مصريين ، ومارست جهادها الوهابى ضد إسرائيل بإستراتيجية تعتمد على التفجيرات ، وأن تطلق صواريخ ثم تختبىء فى العُمق السكانى فى غزة ، حيث يوجد اكبر تكاثف للسكان. أى تطبق المبدا التشريعى السنى المعروف بالتترس ، أى الاحتماء بالمدنيين وإهلاكهم لإحداث خسائر فى العدو. 

سادسا :

1 ـ نحن أهل القرآن فقط الذين ندعو الى الحل السلمى . ولهذا يتهمنا الوهابيون بالكفر ، وتعرضنا الى السجن والاضطهاد .

2 ـ أذكر وأنا فى معتقل طرة ( فى نوفمبر / ديسمبر 1987 ) أن كان زميلا لنا فى الزنزانة  ينتمى الى منظمة التحرير الفلسطينية ، وقتها نشبت إنتفاضة الحجارة، وكان يتابعها بهوس يحمل راديو ترانسستور يطوف به فى الزنزانة . قلت له : أتمنى لو كان أطفال فلسطين يتظاهرون سلميا يحملون ورودا يقدمونها الى جنود الاحتلال وهم يرفعون مطالبهم . بهذا تنتصرون . رفض ما أقول .

3 ـ كتبت كثيرا ناصحا للفلسطينيين بأن يسلكوا النضال السلمى. أوضحت لهم بالثقافة العصرية الفارق بين ( الحق ) و ( الاستحقاق ). الصهاينة يؤمنون بأن لهم حقا فى فلسطين . تسلحوا لهذا الحق بالإستحقاق ، أى الاستعداد العسكرى والسياسى ، وتكونت دولتهم بالسلاح وبإطار قانونى من الأمم المتحدة. الفلسطينيون يؤمنون أن لهم حقا لكنهم لم يقوموا بواجب الاستحقاق ، بل دمروه بعملياتهم الارهابية .

4 ـ ملامح ( الحق ) و ( الاستحقاق ) نراها فى :

4 / 1 : قصة موسى عليه السلام . كان معه ( الحق ) ولكن لم تكن معه إمكانات الاستحقاق بينما إحتكر خصمه فرعون كل إمكانات الاستحقاق . لذا أمر الله جل وعلا موسى وهارون أن يتعاملا مع فرعون بالقول اللين : (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿٤٣﴾ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴿٤٤﴾ طه ) . 

4 / 2 : فيما جاء عن خاتم النبيين واصحابه . كانت قريش تتابعهم بهجمات عسكرية وهم فى بداية مقامهم بالمدينة ( البقرة 217  ). وكانوا مأمورين بكف اليد وعدم مقاومة الهجوم . ونزل لهم الآمر بالاستعداد العسكرى لارهاب العدو المعتدى ( الأنفال 60 ) . وبعد تمام الاستعداد الحربى جاءهم الإذن برد العدوان ( الحج 39 : 40 ) ، وعندها إحتج بعض المؤمنين المسالمين وطلبوا تأجيل المقاومة المسلحة جاء الرد عليهم فى القرآن الكريم ( النساء 77 ـ ،  البقرة 216 ) .

5 ـ نحن نواجه الوهابية والاستبداد ، وهما أكبر قوتين فى الشرق الأوسط ودول المحمديين. المستبد الشرقى السُّنّى يدافع عن الوهابية وله كهنوت وهابى يسبح بحمده . المعارضة السياسية والعسكرية للمستبد هى الأخرى وهابية ولها شيوخها . مع أنهما ضد بعضهما سياسيا وعسكريا إلا إنهم يتحدون معا ضدنا . فنحن ضد الاستبداد والفساد والظلم ، ونحن مع المستضعفين فى الأرض ومع الشريعة الاسلامية الحقيقية التى تقوم على الحرية والعدل والاحسان والرحمة والسلام والإخاء بين المسالمين وحقوق الانسان . فى نشرنا لهذه الثقافة الإسلامية نتعرض للإضطهاد والتهميش لأن لخصومنا مصلحة فى نشر ثقافة الكراهية للغرب . تلك الثقافة التى تتعيش عليها داعش وأخواتها ، والتى أظهرت تعصب الرجل الأبيض فى الغرب ، وسببت إعتداءات على المسلمين فى الغرب ، لن يكون آخرها ما حدث فى نيوزلنده. 

4 ـ نجح غاندى ومارتن لوثر كينج ومانديلا لأنهم ظهروا فى غير مجتمعات المحمديين وكانوا يخاطبون الجانب الطيب لدى الغربيين . لو ظهر غاندى فى مصر الآن لتعرض لتعذيب تقشعر منه الأبدان .

5 ـ فارق هائل بين المستبد الشرقى والاستعمار الغربى. هذا يستحق وقفة.

التعليقات

Ben Levante

ضعف القوة وقوة ( القوة )

السلام عليكم. عندي وجهات نظر لبعض ما جاء في هذا المقال هنا وهناك.
أولا عن استعمال القوة أو عدم استعمالها، ومع التسليم بأن استعمال القوة لايذاء الآخر بدون سبب هو عمل غير أخلاقي، أؤمن بأنه من الجنون استخدام القوة، التي لا تملكها أو الغير كافية، لتصل إلى حق لك. أما إذا كانت لديك القوة الكافية لاسترجاع حقك الذي سلب منك بالقوة، فلم لا؟ المسلمون عندما أصبحت لديهم القوة الكافية في المدينة استعملوها ضد المشركين (لاسترداد حقوقهم). في حالة الضعف فالفطرة السليمة تستوجب استغلال الضعف بحكمة لكسب التأييد العالمي - ما يفترض استعمال العقل (جهاز التفكير) وليس القوة. هذا بالضبط ما يفتقده العرب – ليتهم يستعملون هذا الجهاز (العقل) كما يستعملون أجهزة أخرى (الجهاز التناسلي مثلا).
ثانيا عن " ظهر فى الغرب وفى الشرق غاندى ومارن لوثر كينج ونيلسون مانديلا يواجهون القوة بسلاح الضعف ، فنجحوا ": نيلسون مانديلا لم يبقى مسالما طيلة صراعه مع نظام الحكم، وكان له رأي آخر فيما يخص اللاعنف، واورد هنا قولا عنه (مترجم عن الالمانية) "أنا لم أعتبر اللاعنف وفقًا للنموذج الغاندي مبدأً لا يمكن انتهاكه ، ولكن كتكتيك يمكن استخدامه اعتمادًا على الموقف. لم يكن هذا المبدأ مهمًا لدرجة أنه يجب على المرء أن يتبع الاستراتيجية حتى لو كانت مدمرة ذاتيًا ، كما يعتقد غاندي". مانديلا ومعه المؤتمر الوطني الافريقي (
ANC) استعملوا القوة بعد سنة 1960 وبعد مذبحة شاربفيل وذلك لفشل المحاولات السلمية للوصول إلى الحقوق المسلوبة.
ثالثا القول " لم يفعل ذلك الفلسطينيون وهم يواجهون قوة أكبر من طاقتهم . لم يستعملوا السلاح السلمى كما فعل غاندى ومارتن لوثر كينج ومانديلا . ليس لهم جيش يستطيع مواجهة الجيش الاسرائيلى ، وثقافتهم المتوارثة لا تعترف بالجهاد السلمى": أولا ليس الفلسطينيون هم من قام بتلك الاعمال المذكورة في المقال، وإنما المنظمات الفلسطينية. ثانيا ليس كل الفلسطينيين يؤمنون باستعمال القوة، فصاحبنا أبو مازن ومعه فتح لا يترك فرصة للادلاء بتصريحاته بأنه مع الحل السلمي قلبا وقالبا وأنه ضد أي عمليات تستعمل القوة. صاحبنا، وكما يقول البعض (شلح بنطلونه)، فهل سمع الضمير العالمي له "إنك لا تسمع الموتى..". ليس معنى هذا أني موافق على ماتقوم به حماس أو ما تؤمن به في موضوع استعمال المقاومة للعنف أو للقوة. قد ناقشنا هذا الموضوع طويلا ًووصلنا إلى طريق مسدود.
رابعا خاتمة المقال "فارق هائل بين المستبد الشرقى والاستعمار الغربى" أقول: كلاهما يستعمل العنف في أيذاء الغير من غير حق وهذا وفاق هائل بين الاثنين...، إنه عمل لا أخلاقي ويستوجب الرد عليه، لكن كما تسنح الظروف.

أحمد صبحى منصور

شكرا استاذ بن ليفينت على إضافاتك القيمة

الاسلام دين السلام ، ومع هذا فالحرب الدفاعية فيه إستثناء يؤكد القاعدة.

الفلسطينيون المستضعفون فى الأرض هم فى قلبى ، وعرفت بعض الشعب الفلسطينى فى رحلتى الى الضفة الغربية ، لم أجدهم مختلفين عن بسطاء المصريين . أتحدث عن المستكبرين فى الأرض فى فلسطين وإسرائيل والغرب والشرق

أكرمك الله جل وعلا ايها ال بن ليفانت..

 نفسى أعرف إسمك الحقيقى.!!

Ben Levante

إسمى الحقيقى

سلام الله عليك استاذ منصور أو أخ أحمد. أنت تعرف اسمي، فأنا بعثت لك ميل للتوضيح في سنة 2016 على ما اعتقد . إذا ضاعت الاوليات من الذاكرة ، أبعث لك نسخة عن هذا الميل بالتفاصيل . ومع تحياتي .

د اسماعيل مصطفى حماد

قوة العدم

أسأل د صبحى متى استعمل مسلموالروهينجا ومسلمو الإيجور أى شكل من أشكال العنف؟ألم يقوم البوذيون فى بورما بذبحهم جهارا نهارا بلاشفقة ولارحمة ودون أى سبب سوى أنهم مسلمون؟وهل أجداهم ضعفهم فتيلا أمام الضمير العالمى اليقظ!؟ماذافعل مسلمو الإيجور حتى يُجبروا على تغيير أسمائهم وعلى أن يشربوا الخمور ويأكلوا لحم الخنزير؟ياسيدى ما تقوله ربما ينطبق على جميع الأديان والأجناس عدا العرب والمسلمين.بضعة آلاف مسيحى تقام لهم دولة مستقلة فى إندونيسيا تحت اسم تيمور الشرقية وأكثر من مائة مليون مسلم تحت النير الهندوسى فى كشمير،والأمثلة كثيرة وماذا فعل الضمير العالمى اليقظ والعادل أمام الإبادة الصامتة التى يمارسها الهندوس على مسلمى سيلان تحت سمع وبصر العالم كله ،نصف مليون مسلم قتلهم جواهر لال نهرو فى الهند أوائل الستينات بمباركة زعيمنا الخالد ،مائة ألف مسلم قام نظام أنديرا غاندى بإخصائهم ،ولما كان بينهم عددا قليلا من السيخ اغتالها -مشكورا -أحدهم،ثم بعد هذا نُتهم بالوقوع ضحايا نظرية المؤامرة!!!يا دأحمد هل أنت مقتنع فعلا بأن الضعف سيجدى المسلمين فتيلا؟ ألم تقرأ رسائل التقريظ والمدح التى انهالت على سفاح نيوزيلندا من عشرات الألوف شرقا وغربا؟والله إنى لأضن بك وأنت الدارس المتعمق للتاريخ أن تغيب عنك الحقائق الساطعة بل والصارخة،يا سيدى ليس للمسلمين أصدقاء،ليس للمسلمين أعوان ،ليس مع المسلمين متعاطفون،ليس للمسلمين من نصير سوى الله هذا إذا أطاعوه إيمانا وعملا .

أحمد صبحى منصور

نحن مع المستضعفين وضد المستكبرين بغض النظر عن الجنس واللون

لا زلنا نكتب فى الموضوع ، وهى وجهة نظر لنا بعد أن تحررنا من ثقافة الكيل بمكيالين . القسط أن تحكم على هذا وذاك بما يفعل . وقد كان الرهبان البوذيون يحرقون أنفسهم إنتحارا فى شوارع أوربا إحتجاجا على التجبر الأمريكى فى فيتنام. لم يلجأوا الى عمليات ارهابية إنتحارية . فكسبوا عطف العالم وشبت المظاهرات فى أمريكا إحتجاجا على جرائم قادة أمريكا فى فيتنام. والآن أصبحت فيتنام صديقة لأمريكا ، والجالية الفيتنامية تعيش فى سلام مع الجميع. حين سيطر الكهنوت البوذى على لاوس أصبح مثل داعش ، إنه تحالف مع الاستبداد وما يؤدى اليه من تحكم الدمار والفساد.نحن ضد الاستبداد والكهنوت وإستخدام الدين (أى دين ) فى حروب وإضطهادات دينية . فما البال بالاسلام دين الرحمة والسلام ؟
عملنا الاصلاحى هو للذين يزعمون الايمان بالقرآن . ولا بأس بأن نشير الى الآخرين من المستكبرين المفسدين . ورأينا إن فساد المحمديين أشد فى الماضى وفى الحاضر ، خصوصا وأن معهم كتاب الهداية فإزدادوا به خسارا. جهادنا الاصلاحى هو الاحتكام الى القرآن الكريم فى إصلاح ( المسلمين ). لا ننسى أن المستضعفين المسلمين فى الصين وبورما وغيرها يدفعون ثمن وحشية الوهابيين الذين يحملون وصف ( الاسلاميين).

د مصطفى اسماعيل حماد

الكيل بمكيالين

أتمنى أن يقتدى بك الجميع  بتجنب سياسة الكيل بمكيالين والتى يدين بها ويتقنها جميع أعدائنا ،أما نحن فلا أعتقد أن لدينا القدرة على الكيل أصلا لا بمكيال واحد ولا بمكيالين ،ومن ذا يسمع لنا؟.كما أن الوهابية -مع مقتى لهم -لاأذكر أنهم أساءوايوما للبوذيين والهندوس مع التأكيد على أن اضطهاد الهندوس والبوذيين للمسلمين سابق على ظهور الجماعات الإرهابية الوهابية صنيعة المخابرات الأمريكية.ذكرت الفائدة التى جناها الفيتناميون من ضعفهم وتعاطف العالم معهم ولكن هذا لم يكن السبب فى جلاء الأمريكيين-الذين لايؤمنون بغير القوة-عن بلادهم ،السبب الحقيقى هوالخسائر الفادحة التى تكبدها الأمريكان هناك مماحدا بدافع الضرائب الأمريكى أن يحتج ويعترض،وقد اعتبرواقيام نيكسون بإنهاء الحرب والهروب من المستنقع الفيتنامى نصرا كبيرا،أما هذه المظاهرات والإحتجاجات لو كانت تفيد لما استمرت أمريكا تدمر فى منطقة جنوب شرق آسيا من 1954 حتى نهاية الحرب فى أوائل السبعينات.وعلى أى حال أنا أكدت أن ماتقوله أنت قد يسرى ويفيد مع أى شعب شرط ألا يكون مسلما أو عربيا.

 

 

 

 

 

 

  فى القضاء سلميا على ثقافة الارهاب الوهابى والصليبى

مقدمة : أى مرض له مسببات ، لو أمكن علاجها كان الشفاء . نوجز مسببات مرض الارهاب ثم نضع العلاج . ونؤكد أنه مع خطورة مرض الارهاب إلا إن مسبباته طارئة وليست أصيلة . بالتالى يمكن إسئصالها.

أولا : المسببات :

معسكر الشّر إستثناء فى مجتمعات الغرب ومجتمعات المسلمين

1 ـ فى البداية لا بد أن نشيد بموقف بابا الكنيسة الكاثولوكية وحرصه على السلام ودعوته للمحبة ، ونرى أن شيوخ المحمديين فى مصر والسعودية والخليج ليسوا فى موقع المقارنة به ، بل هم على النقيض منه فى تعصبهم وإيمانهم بدين الوهابية الدموى . كما نشيد بموقف الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ، وشعب وحكومة نيوزلنده ورئيسة وزرائها وبقية معسكر الخير فى الغرب وأمريكا. ونرى أن معسكر الشّر فى الغرب هو إستثناء من القاعدة العريضة المؤمنة بالتسامح والسلام .

2 ـ  وإنصافا نقول أيضا إن القاعدة العريضة من المنتمين الى الاسلام يؤمنون بالسلام ولا يدينون بالتعصب ، ومعظمهم من المستضعفين فى الأرض . نحن نتحدث عن أغلبية مسلمة مسالمة يتجاوز عددهم البليون ونصف البليون ـ معظمهم فى جنوب شرق آسيا وشرقها . هذه الأغلبية المسلمة المسالمة تتعرض لقهر المستبدين وأجهزتهم القمعية ، لا فارق إن كانوا أغلبية كما فى الشرق الأوسط أو كانوا أقلية كما فى الصين ومينامار .

3 ـ مقابل هذه الأغلبية المسلمة المسالمة المقهورة الصامتة فهناك المستبدون وأعوانهم من الكهنوت الدينى الوهابى ، هم وأتباعهم مجرد بضعة ألوف من البشر،ولكنهم الأكثر قوة وتنظيما ودعاية ، وهم الأكثر تأثيرا فى صنع الأحداث محليا وإقليميا بل وعالميا. هم جميعا أصحاب مطامع سياسية ، إما هم فى الحكم متشبثون به أو معارضون للمستبد القائم يسعون لخلعه .

مسئولية السياسة الغربية فى دعم معسكر الشّر فى الشرق الأوسط

1 ـ ومن أسف أن سياسة الغرب تصب فى مصلحة المستبدين . أمريكا هى التى ساعدت فى خلق القاعدة ، وهى التى ساعدت ضمنيا فى تكوين داعش .

2 ـ صناعة السلاح فى الغرب تعتمد على مكاسبها فى إشعال حروب فى الشرق الأوسط ، وليس هناك أكثر من الوهابيين تشوقا لحمل السلاح. بهذا السلاح تم تدمير الصومال والعراق ثم سوريا واليمن وليبيا ، والدائرة تقترب من مصر والأردن والخليج وشمال أفريقيا .

3 ـ بهذه الحروب وأسلحتها يجنى المستبد عمولات ضخمة ، ويودعها فى بنوك الغرب ثم لا يستطيع إستردادها. وبهذه الحرب يمتص الغرب عوائد النفط ويبيع للمستبد الشرقى اسلحة فائضة لديه إنتهى عمرها الافتراضى ويبيع له اسلحة لا تزال فى دور التجريب وتحتاج الى ضحايا بشرية ، والمستبد الشرقى يقدم هذا وذاك خدمة للغرب . وفى قهره للشعب يحتاج المستبد الشرقى الى أحدث آلات الغرب فى التعذيب .

4 ـ لا مثيل لقسوة المستبد الشرقى فى التعامل مع خصومه حتى من المعارضين المسالمين . وهذه القسوة فى التعذيب والقهر تجعل الثورات مجرد هبّات تقوم وتفشل ليس فقط فى أن المستبد وبدولته العميقة يحتكر القوة والسلاح ولكن أيضا لأن الشعوب ليست جاهزة للديمقراطية بعد ، فالاعلام والتعليم والمساجد الوهابية بتخلفها فى دول المستبد لا تنتج سوى شعب فاقد الوعى يعتقد أن العدو ليس المستبد وكهنوته الدينى بل الغرب وإسرائيل. تؤدى الثورات الفاشلة والحروب الأهلية الى هجرات للغرب وخصوصا أوربا .

5 ـ كما أن الغرب فى تحالفه مع السعودية ووهابيتها سمح لمساجدها ولمعاهدها ومراكزها ومدارسها أن تنتشر فى ربوع الغرب ، تسيطر على عقول الأقليات المسلمة فيه وتجهزهم ليكونوا إرهابيين. ثم تطلق عليهم لقب ( إسلاميين ) فى الوقت الذى يتجاهل فيه المصلحين المسلمين الذين يدعون الى ثقافة السلام والحرية والعدل والاحسان وحقوق الانسان.

  الوهابية هى السبب المباشر فى إحياء التطرف الصليبى فى الغرب

1 ـ هؤلاء الوهابيون أنتجتهم الوهابية السعودية . تنتمى الوهابية الى الدين الأرضى السنى الحنبلى المتشدد الذى ساد العراق فى العصر العباسى الثانى ، وأسهم فى تخريبه بالفوضى ، ثم إنقشع وحل محله التصوف السنى دينا أرضيا ، هو مزيج من السنة المعتدلة والتصوف المعتدل ، وهو الأقرب للمسالمة والاعتراف بالحرية الدينية . ظهر ابن عبد الوهاب فأحيا الحنبلية من مرقدها وتكونت بها الدولة السعودية الأولى ، ثم سقطت ثم أعيد تأسيسها ثم سقطت ، ثم أعيد تأسيسها فيما بين 1901 : 1932 ، وأدى إكتشاف البترول فيها وتحالفها مع أمريكا الى إنتشار الوهابية تحمل إسم الاسلام وتنشر القتل والدمار . كان العرب مؤهلين للتحول الديمقراطى ولكن أرست الوهابية المعززة بالبترودولار النظم الاستبدادية بمباركة الغرب .

2 ـ مذابح الوهابية فى الغرب هى التى أحيت التعصب الصليبى.إستيقظ الغرب على تفجيرات إرهابية فى أوطانه تتبناها القاعدة وما تفرع عنها . لو إقتصرت عملياتهم الارهابية على الشرق الأوسط بعيدا عن الغرب لم يكن للغرب أن يهتم بها . هناك عمليات ارهابية جرت فى اليابان تحمل شعارا دينيا ، لم تجعل الغرب يتخذ موقفا عدائيا من اليابان . وهناك عمليات ارهابية إرتكبها مسيحيون متطرفون من جيش الرب فى أوغنده لم تحظ بتأييد الغرب. وهناك عمليات قتل شنيعة ضد الروهينجا المسلمين فى مانيمار لم تنل من الغرب سوى بعض الرثاء والشجب والاستنكار . نفس الحال حين قتل جيش باكستان عدة ملايين من سكان البنغال ، لم يهتم الغرب . إشتدّ إهتمام الغرب حين وصلت العمليات الارهابية الى شوارعه ووسائل ومحطات مواصلاته ومسارحه . وهو هجوم جديد يتبناها دين مخالف لدينهم ، ويزعم أنه الاسلام . هذا أثار التاريخ القديم الكامن فى هامش الشعور الغربى . عاش الغرب حوالى ثلاثة قرون من العلمانية ، إستعمر فيها بلاد المسلمين إستعمارا علمانيا وليس دينيا ، وبعد الجلاء واصل إستغلال المستبدين ( المسلمين ) إستغلالا علمانيا وليس دينيا. العمليات الارهابية الانتحارية جعلته يسترجع تاريخ ومحطات فى الصراع بين أوربا والمسلمين .  وهذا ما ظهر فى ثقافة سفاح نيوزلنده.

3 ـ ثم هذه الهجمات الانتحارية التى تقتل الناس عشوائيا هى حرب لم يألفها الغرب . ليس هجوما عسكريا يواجه فيها جيش جيشا آخر ، وليست مثل تفجيرات ثوار ايرلنده أو حتى مثل هجوم سفاح نيوزلنده . هو هجوم جديد إنتحارى يضحى فيه المجرم بنفسه وهو يهتف (الله أكبر ) معتقدا أن الحور العين فى إستقباله يرفعن له سيقانهن ترحيبا . ثم هو هجوم عشوائى غير متوقع ، يمكن أن يحدث فى أى مكان وأى زمان ومن أى إنسان عادى . هى حرب جديدة عليهم أقضّت مضاجعهم وحرمتهم الإحساس بالأمن .

4 ـ  ثم هم يرون أن معظم المساجد السنية فى بلادهم مسئولة عن هذا ، لا تقوم بواجبها فى إدماج الأقليات المسلمة الوافدة فى محيطها الغربى ، بل تربى فيهم الشعور بالتعالى وأنهم وحدهم أصحاب الجنة وأن غيرهم من المواطنين أصحاب البلد أصحاب الجحيم ، وبالتالى فلا يجوز لهم الاندماج مع من هم أعداء الله .! . ثم يرى الغرب الأوربى مظاهرات المتطرفين تجوب شوارعهم تدعو الى تطبيق شريعتهم ، ويرون الزى المرتبط لديهم بهذا الدين المخالف يغزو شوارعهم . ثم ــ وهذا هو الأهم ـ يرون الهجرات تتقاطر عليهم من لجوء وهروب وهجرات شرعية وغير شرعية كما لو كانت غزوا بلا سلاح . وهذه الهجرات  تأخذ مساعدات وتنافسهم فى فرص العمل . وهذا يدخل بنا على العوامل الداخلية التى ساعدت فى نشأة التطرف الصليبى.

أوربا بعد سقوط الشيوعية والاتحاد السوفيتى

1 ـ الاتحاد السوفيتى هو العامل الغائب الحاضر هنا . غزا الفكر الشيوعى معاقل الغرب فى اوربا وفى أمريكا فى الخمسينيات والستينيات ، وتكونت أحزاب شيوعية سرية وعلنية ومنها أحزاب يسارية ، وحركات (إرهابية ) ، منها حركة بادر ماينهوف ( الجيش الأحمر ) فى ألمانيا الغربية عام 1970 ، ومنظمات شيوعية أخرى فى أيطاليا وأسبانيا وغيرها ، وتشابهت فى مواجهتها للرأسمالية الغربية وتحالفها مع الحركات التحررية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . واجه الغرب هذا الهجوم الشيوعى الايدولوجى بحرب باردة ، وما لبث أن تحولت الى حرب ساخنة مشتعلة بإحتلال الاتحاد السوفيتى لأفغانستان.  ولأن أفغانستان دولة ( مسلمة ) إختارت أمريكا أن تستخدم ( الاسلام ) ضد الماركسية الشيوعية فى أفغانستان . الاسلام كما تفهمه أمريكا هو الوهابية التى تنشرها السعودية الحليفة الكبرى لها.إنتهى الأمر بتكوين القاعدة وتفجيراتها .

2 ـ غاب الاتحاد السوفيتى وتفكك ، ودخلت أوربا الشيوعية سابقا الى العالم الرأسمالى ، وتم إتحاد ألمانيا . ووجد شباب تلك الدولة وضعا جديدا ، كان صعبا عليهم التكيف مع الرأسمالية ، لم تعد الدولة مسئولة عن توظيف الشباب كما كان الوضع فى الشيوعية . وأصبح التنافس شرسا فى الحصول على وظيفة ، زاد من صعوبة الوضع أن الدولة العميقة فى الدول الشيوعية الأوربية ظلت تحكم فى الوضع الجديد تسيطر على الأمن وعلى الجيش ، وأتاحت لها الرأسمالية آفاقا جديدة من الفساد ، كان الشباب فى مقدمة الضحايا . كان محتما أن يوجهوا غضبهم نحو حائط مبكى . وكانت الأقليات المسلمة هى الضحية المناسبة ، خصوصا وأن سقوط الاتحاد السوفيتى واكبه تمدد القاعدة بعملياتها فى الغرب . وفى ألمانيا مثلا : ساعد المهاجرون الأتراك فى تعمير ألمانيا ( الغربية ) بعد الدمار الذى حاق بها فى الخرب العالمية الثانية. عاش الأتراك ( الألمان ) فى مجتمعات خاصة بهم يتكلمون اللسان التركى يترفعون عن الاندماج فى المجتمع الألمانى . وفى عهد تضاءلت فيه القوة العاملة الألمانية قام الأتراك بملأ الفراغ . وبمرور الزمن اصبح لهم حضور قوى فى العمالة الألمانية . بأتحاد ألمانيا ( الديمقراطية والاتحادية ) هاجر شباب ألمانيا الشرقية لألمانيا الغربية يبحثون عن فرص عمل فوجدوا حضور الأتراك ( المسلمين ) فى سوق العمل . ثم قدوم هجرات من الشرق الأوسط ومن شمال أفريقيا هربا من الاستبداد والحروب الأهلية مع التفجيرات الانتحارية الوهابية أحيا ما كان مستورا فى هامش الشعور من التعصب الصليبى. 

3ـ ولا ننسى بقايا النازية والتطرف اليمينى فى أوربا وأمريكا . ربما كان تأثيرهم محدودا ، ولكن الأوضاع المشار اليها سابقا أعطت زخما لهذه الايدلوجيات لكى تتحرك وتتحول الى جمعيات وجماعات ومنظمات لها قادة وأنصار ، تستعمل الانترنت فى التواصل ، بل ومراكزها البحثية تدرس تكتيك داعش وتستفيد منه ، وتستثمر الرأى العام الغربى المعادى للتفجيرات ، ويستفيد من وصف أصحابها بالاسلاميين ليجعلها حربا ضد الاسلام كدين .

التحامل على الاسلام :

1 ـ من التحامل على الاسلام أن ننسب خطايا ( المسلمين ) لدين الاسلام . الاسلام يمثله ما جاء فى القرآن من أوامر ونواهى ، هى التى تشكل شريعة الاسلام الحقيقية ، وممكن أن نتعرف عليها بسهولة إذا قرآنا القرآن وفق مفاهيمه ومصطلحاته قراءة موضوعية ، وليس بتحريفات ائمة الأديان الأرضية ل ( المسلمين ). من القرآن نفسه نعرف أن النبى محمدا نفسه كان يتعرض الى اللوم والتأنيب فى حياته ، وسيكون مُساءلا يوم القيامة شأن البشر جميعا ، أى فليس النبى محمد نفسه مجسدا للإسلام ، فكيف بمن تناقضت وتتناقض أعماله مع القيم العليا فى القرآن من العدل والاحسان والحرية وحقوق الانسان. ألا يكفى أن الله جل وعلا أرسل رسوله بالقرآن الكريم ليكون رحمة للعالمين ( الأنبياء 107 ) وليس لارهاب العالمين؟

2 ـ  من التحامل على الاسلام نسبة خطايا ( المسلمين ) لدين الاسلام ، بينما لا ينسبون الى المسيحية تلك المذابح التى كان يقوم بها المسيحيون ، فى نفس الوقت لو عطس شخص مسلم فتلوث الجو أسرعوا ينسبون ذلك الى الاسلام .

3 ـ ينسون أن هناك فارق بين أى دين وتطبيقه ، من حيث التطبيق فهناك مسيحية صابرة مسالمة مثل القبطية ، وكانت المسيحية الرومانية تضطهد الأقباط المسيحيين المصريين . المسيحيون الرومان كانوا يرون ان مسيحيتهم تفرض عليهم إضطهاد المسيحيين المصريين بينما يرى المسيحيون المصريون أن مسيحيتهم تفرض عليهم الرضى بالقتل حبا فى المسيح . وفى العصور الوسطى كان يرى البابوات أن مسيحيتهم تحتم عليه حرق معارضيهم بمحاكم التفتيش وفى قتل وإفناء غير المسيحيين الكفرة سواء من المسلمين ومن شعوب أمريكا. وحاليا يرى البابا الحالى فرنسيس أن المسيحية هى السلام  ، ومن عدة أيام رأيناه وهو يركع لكى يقبل أقدام زعماء جنوب السودان  من أجل السلام ومنع الحرب بينهم ، فى موقف غير مسبوق من رجل دين . وهو بذلك يختلف عن سلفه ( بندكت السادس عشر ) والذى إشتهر بتعصبه . هذا البابا بيندكت السادس عشر كان يرى مسيحيته فى التعصب والتطرف اليمينى وفى إخلاصه لرؤيته المسيحية المتطرفة إستقال فى 28 فبراير 2013 .

4 ـ لا بد من التفريق بين الاسلام والمسلمين . هذا هو جوهر دعوتنا نحن ( اهل القرآن ).

أخيرا : حلول القضاء على الارهاب

كل تلك المسببات سطحية وطارئة ، وأخطاء يمكن القضاء عليها سلميا ، كالآتى :

1 ـ يمكن القضاء علي الوهابية الطارئة بسهولة من داخل الاسلام . الارهاب قنبلة أساس التدمير فيها هو ( المفجر ) إذا نزعته أصبحت القنبلة قطعة حديد محايدة . الوهابية دين مبنى على الكذب ، ولكن الذى يعطيه قوة هو إنتسابه ظلما وزورا للإسلام . إذا إقتنع المسلمون بأن الوهابية عدو للإسلام أصبحت بلا تأثير.  بالتالى : لا بد من تعضيد المصلحين المسلمين فى  دعوتهم الى السلام وحرية الدين والعدل والاحسان والتسامح الدينى . هم يدعون مواطنيهم المسلمين بإصلاح داخلى من خلال القرآن الذى يؤمنون به . لا يمكن أن تقنع مسلما فى بنجلاديش أو المغرب بأن تقول له : (  قال جان جاك روسو .. قال فولتير ) ولكن تقنعه إذا قلت له : ( قال الله جل وعلا فى القرآن ). عندها سيقول ( صدق الله العظيم ) .! .وبهذا الخطاب ننجح نحن ( اهل القرآن ) برغم قلة امكاناتنا وقوة التعتيم المفروض علينا.

2 ـ أن تكون الأمم المتحدة هى الوصية على الشعوب الخاضعة للإستبداد بديلا عن المستبد الذى يتحكم فى شعبه ويعتبر نفسه مالكا لهذا الشعب ووطنه ، ويرفض التدخل الخارجى لانقاذ المواطنين ، يعتبر ذلك تدخلا فى أملاكه. هو مجرد شخص واحد فكيف يمتلك شعبا ووطنا ؟ . هذا المستبد يخاف شعبه وهو يستقوى على شعبه بالغرب. ولو تخلى عنه الغرب والمجتمع الدولى سقط جيفة ميتة . يستوجب هذا تغييرا فى عمل الأمم المتحدة ، بحيث تتخصص فى تطهير منطقة الشرق الأوسط  من الاستبداد والفساد وتحييد الجهات الخارجية  الغربية التى تتعامل مع هذا المستبد ، وتعرض مواطنيها لخطر الارهاب الذى يتم تصديره من دول الاستبداد الى الغرب. يتأتى هذا بقطع العلاقات بالمستبدين وإحالتهم الى محكمة الجنايات الدولية ، طبقا لتقارير المنظمات الدولية والمحلية لحقوق الانسان وسائر المنظمات الدولية الأخرى عن الشفافية والاشراف على الانتخابات ، مع تجميد أرصدتهم الى حين عودتها للشعوب حين تجتاز تلك الشعوب التحول الديمقراطى تحت إشراف الأمم المتحدة بدون مذابح .

4 ـ  هذا كله فى إطار الممكن وليس المستحيل . وحتى لو كان يبدو هذا عسيرا فهو يهون أمام خطر الارهاب العشوائى الذى يحصد حياة الأبرياء . السكوت عن هذا الحل يعنى المزيد من الضحايا الأبرياء والمزيد من قهر البلايين من البشر المستضعفين فى سبيل إرضاء بضعة عشرات من البشر الفاسدين .

التعليقات

 د مصطفى اسماعيل حماد

بل هو هذا المستحيل بعينه


يؤكد د.صبحى أن القضاء على الوهابية أمر ميسورإذا أثبتنا قيامها على الكذب !! وأنا أسأل د.صبحى كيف يتسنى لنا ذلك؟كى نثبت تأسيسها على الكذب لابد أن نؤكد للناس مجوسية البخارى وضيق أفق وغباء ابن حنبل وكذلك نفاق ابن تيمية ،كى تدحض الوهابية لابد أولا أن تدحض أكذوبة الوحيين،فهل تستطيع بسهولة إقناع العوام ببطلان أصح كتاب بعد كتاب الله ؟ -تعالى الله عن إفكهم- أنت نفسك لك مقال رائع فى استحالة تسليم سدنة الأزهر ببطلان رواية واحدة مما يعج به البخارى من أكاذيب! فكيف ترى الأمرسهلا؟ناهيك عن وقوف الحاكم المستبد بالمرصاد لأى تطبيق حقيقى للمنهج الإلهى فى الحكم لأنه ببساطة سيجتث نظامه من جذوره ،فهل تُراه سيسمح بذلك؟ لا أظن.
ثم إنك تقترح تبعية الدول المحتلَّة ببعض المجرمين من أبنائها للأمم المتحدة!! دعنا من طوباويتك يا د.صبحى وهل قامت الأمم المتحدة فى الأساس إلا لتنظيم سيطرة الدول القوية على الضعيفة؟ماذا يعنى حق الفيتوبرأيك؟ألم يصف ريتشارد نيكسون الحكام العرب والمسلمين بأنهم(وكلاء لنا فى السيطرة على بلادهم)؟أو بتعبير أدق (نُظَّار عزب)هل ترى الدول القوية ستوافق على تغيير ميثاق الأمم المتحدة من أجل شعوب لاتملك مجردالرغبة فى النهوض بنفسها؟

جاء فى المقال نفوذ مافيا السلاح وهى ضلع واحد فى مثلث الهيمنة على كوكب الأرض، أما الضلعان الآخران فهما يمثلان مافياتجارة المخدرات ومافيا صناعة الدواء،هذه الهيئات الثلاث هى التى تحكم وتتحكم فى مقدرات كل الدول بما فيها الدول الغربية .فهى تصنع الرؤساء وتقوم بتنصيبهم وتستثمرهم وإن تمردوا تغتالهم(جون كينيدى) أو تسقطهم(نيكسون) ففى عالم محكوم بمجموعة من الأفاقين لن ينهض أى شعب إلابتضحيات ودماء أبنائه، وكما قال الداهية تشرشل (كل شعب يستحق الحكومة التى تحكمه)

أحمد صبحى منصور

نحن نصرخ فى البرية ، وإن لم تتحقق الاستجابة اليوم فقد تحدث غدا:

1 ـ المصلح الحقيقى لا يعرف اليأس ، ومهما تكاثفت الظلام يظل يرى نورا يخترق ذلك الظلام . بعض أحلام المصلحين تحققت فى حياتهم وبعضها تحقق بعد موتهم.
2
ـ المصلح الذى يؤمن بالله جل وعلا وباليوم الآخر يظل يكتب بالاصلاح متمسكا بسيرة الأنبياء ولسان حاله يقول ( إن أريد إلا الاصلاح ما إستطعت) هود 88 ) ، وإن لم ينجح سعيه فى الدنيا حاضرا ومستقبلا فالأمل فى أن يفوز يوم الحساب ويؤتى به شاهدا على قومه فى صحبة الأنبياء كما جاء فى سورة الزمر ( آية 69)
3
ـ لا بد أن يأتى شخص يقول هذا . ومعظم ما أقوله لم يقله أحد قبلى . هل أتوقف ؟
4 ـ أرجو أن أظل أكتب حتى الرمق الأخير ، ثم يأتى الموت لى بالراحة من هذا العالم.
5
ـ يكفينى أننى أرجو لقاء ربى جل وعلا لأجد عنده الإنصاف  الذى لم أعرفه فى حياتى فى هذه الدنيا..!!

تابع : ثم إن ما نطلبه يقع فى إطار الممكن وليس المستحيل

وضمن الفصل الخامس من القسم الأول فى كتابنا عن ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين ) قمنا بتحليل سياسة عبد العزيز بن سعود فى ضوء الممكن والمستحيل.  :
ق 1 ف 5 بحث فى ( فن السياسة بين الممكن والمستحيل)
http://ahl-alquran.com/arabic/chapter.php?main_id=470

د مصطفى اسماعيل حماد

لم أقصد التثبيط أبدا يا د.صبحى ولكن لك أن تعتبرها زفرة مكلوم محبَط خاب أمله فى بنى قومه ،الذين استمرأواالذل وتلذذوا بالعبودية، وبدَّدوا الفرصة تلو الفرصةكى يكونوا أحرارا فصاروا موطئا ليِّنا لنعال الأمم.    استمر فى نهجك وأعانك الله.

مذبحة مسجدى نيوزلنده : فى رؤية إسلامية
هذا الكتاب
نعتبر هذه المذبحة إرهاصا بحرب عالمية جديدة ومختلفة ، لذا كتبنا مقالات تحللها وتحذر من إستمرار الدخان تحت الرماد . قمنا بتجميع المقالات فى هذا الكتاب أملا فى الاصلاح السلمى للمسلمين وإنقاذا لهم من ثقافة الارهاب الدينية التى تتناقض مع حقائق الاسلام. .
more




مقالات من الارشيف
more