لماذا تقدمت اليابان وتخلفت مصر؟

خالد منتصر Ýí 2012-03-02


وصلتنى رسالة من د. رشا ماضى، خبير تنمية الموارد البشرية وتطوير المؤسسات بأدنبره - إنجلترا، تقول فيها:

«تهاوت اليابان مرتين، مرة عندما عصفت بها نيران الحرب العالمية الثانية، والمرة الأخرى عندما عصفت بها رياح تسونامى، لكن فى كل مرة أبهرت القيادات اليابانية العالم بقدرتها على أن ترفع قامتها عالياً بعد أن قصمتها الكوارث، لم يكن لليابان سوى مواردها البشرية التى تفانت فى ابتكار أدوات قياسية عالية الجودة تدير هذه الموارد بفاعلية تستغل كل طاقاتها وتسعى لإطلاق مواهبها، فانطلق معها الاقتصاد اليابانى وتقدمت اليابان.. كيف تخلفنا وتقدمت اليابان؟ تخلفنا عندما افتقرنا لخبرات صدَّرناها للخارج واستبدلنا المنهج العلمى بعشوائية الحداقة والفهلوة فتحولت إدارة مؤسساتنا لأزمات متكررة متراكمة.

تخلفنا عندما عمل بكل مجال من لا يفهم فيه، بل أدار أقسامه وإداراته استنادا إلى محسوبيات التوظيف وتوريث الوظائف، فهمشت الكفاءات وتصدّر العمل المؤسسى قيادات شكلية بلا مضمون، فاعتمدت أساليب إدارتهم على تطبيق سياسات (فرق تسد) و(ضرب الأسافين) و(سيادة الصوت العالى)، تخلفنا عندما تركزت هياكل الأجور فى يد المعارف والمحاسيب فتوحشت جماعات المصالح التى اعتبرت الموارد المالية للمؤسسات غنائم قبلية يقتسمونها وفق الأهواء الشخصية، فترى من يتقاضى آلافاً على عمل يقوم به آخرون ويتقاضون بضع مئات لا تقى من جوع ولا تعين على عيش.

تخلفنا عندما تمسكنا بشيخوخة الإدارات فكبتنا نمو القيادات الحديثة، وانفرد التسلط الإدارى بقتل المبادرات الابتكارية لحل المشكلات، فندرت المقترحات والأفكار الجديدة وسادت الحلول الوسطية على حساب القرارات الاستراتيجية اللازمة للتغيير.

تخلفنا وتقدمت اليابان، فتدهورت مؤسساتنا وتكدست هياكلها التنظيمية وأهدرت مواردها البشرية والمالية وتدنى أداؤها الوظيفى والخدمى وخرج موظفوها للشوارع يطالبون بحقوق حرموا منها لسنوات.

ونقتبس من الكاتب شاكر النابلسى إجابة عن السؤال نفسه لماذا تقدمت اليابان؟.. يقول النابلسى: (الجانب المادىّ والعقلانىّ فى الثقافة اليابانية أكبر من الجانب الروحىّ. فبوذا نفسه واقع مادىّ مُجسَّم فى كلّ معبد، كانت اليابان تعيش فى جزيرة معزولة عن التيارات الثقافية العالمية ولم تنفتح اليابان على العالم إلا قبيل الحرب العالمية الأولى، وبالتالى لم ينشأ لدى هذه الثقافة رد فعل من جرّاء غزو الثقافات الأخرى لها، ولم تتشكّل على سطحها طبقة كلسية سميكة، تحول بينها وبين التلاقح مع الثقافات، بل هى أخذت من الجميع، ثم سارت وحدها بخطواتها الخاصّة، كانت الثقافة اليابانية معنيّة بما فى الغرب من صناعات وعلوم، ولم تكن تعنيها قيم الغرب الأخلاقية بقدر ما كانت تعنيها قيم الغرب العلمية وإنجازاته العلمية، والثقافة اليابانية لم تعتبر الغرب كافراً وتمتنع عن الأخذ عنه، بل هى أخذت عنه الكثير وتركت القليل، اعتبرت الثقافة اليابانية نفسها أنثى وليست ذكراً وأنّ عليها لكى تُنجب أن تتلاقح مع الآخرين ولكن بعقد زواج يابانىّ وليس غربيّا، ومن هنا استطاعت اليابان أن تأخذ الكثير عن الغرب وتُبقى على لباس «الكومينو»).

انكبَّت الثقافة اليابانية على استخدام جوانب مفيدة من التراث فى الصناعة والإدارة، وفى هذا يقول ألبرت أليكس: (إن اليابان لم تستطع أن تتفوق هذا التفوق الاقتصادى المذهل دون أن تكون قد استلهمت الكثير من مبادئ وأفكار الشرق القديم والحديث، ودون أن تكون قد تمسَّكت بالجوانب الروحية الكثيرة التى كانت سائدة فيها والتى أفادت اليابان فى أن تضع لنفسها دستوراً اقتصادياً حكيماً، أفادها فى مسيرتها الاقتصادية الحالية الظافرة.

لم تكن الثقافة اليابانية أسيرة مفاهيم ثقافية كالتى كانت فى الثقافة العربية، وهى توصف بأنها ثقافة متحركة. كانت الثقافة اليابانية ثقافة متواضعة تواضع الشعب اليابانى، تطلب المعرفة فى كل زمان ومن كل مكان، ولم تقف موقف المُعلِّم بقدر ما وقفت دائماً موقف التلميذ النجيب، كان همُّ الثقافة اليابانية أن تُعلِّم الفرد اليابانى كيف يصنع أدقّ الأدوات وأجودها بأرخص الأسعار، وكيف يغزو أسواق العالم»

اجمالي القراءات 15631

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   الجمعة ٠٢ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[64870]

تخلفنا وتقدمت اليابان لأن الوهابية لم تصل إلى هناك

رغم أن مصر و اليابان بدأتا معا عملية الاصلاح والديمقراطية وذلك بعد الثورة المصري في عام 1952م ، وبعد الحرب العالمية الثانية لليابان ، لكن اليابان بدأت بداية صحيحة وسليمة وركزت على الأخذ بمفاتيح العمل والتطور والتكنولوجيا الغربية دون النظر لسلبيات وأخطاء الغرب أو تكفيرهم ، فكان كل هم اليابان أن تنشيء نهضة علمية تكنولوجية تثبت بها جدارتها ووجودها وقد حدث ، اما نحن في مصر فخلطنا كل شيء وبدلا من أن نفعل مثل اليابان بدأنا ننظر للغرب على أنهم كفرة ولا يجوز ان نأخذ عنهم التكنولوجيا والعلم والمعرفة ، ورجع الفضل لهذا التخلف الى الفكر الوهابي الذي حاول بقدر المستطاع أن يوقف التحول الديمقراطي في مصر وأن يوقف مصر محلك سر ويثبط كل محاولة لبناء نهضةة  تكنولوجية حقيقية وتم التركيز والاهتمام بالتدين الشكلي المظهري وشغل الناس بتوافه الامور والنتيجة تخريب الوعي المصري وتخريب الثقافة المصرية وتجريف العقل المصري ومؤسسات التعليم وما نحن فيه اليوم أكبر دليل ..


2   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الجمعة ٠٢ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[64871]

أخذت عن الغرب واعترفت بفضله

لقد أخذت اليابان عن الغرب الذي يكفره المسلمون المتشددون ،.


ولم تكفره بل اعترفت بفضله وأرسلت البعثات إليه لتتعلم سبل  الحضارة ، وتعلم  ما ينقصها من مهارات في التصنيع . والتقنيات المختلفة  وخاصة تصنيع معدات حربية حديثة ، كانت اليابان في الماضي تعتمد على الطرق البدائية في الحروب .


3   تعليق بواسطة   خليل ابوتايه     في   السبت ١٠ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65025]

ليس صحيح ان ان الحضارة اليابانية هي مادية اكثر مما هي روحية. البوديه ليست ديانتها ولكن دخيله عليها

بسم الله الرحمن الرحيم


اخي الكريم خالد منتصر بارك الله فيك


اقتباسا من كتاب السيد النابلسي نقلت الاتي:


"فبوذا نفسه واقع مادىّ مُجسَّم فى كلّ معبد، كانت اليابان تعيش فى جزيرة معزولة عن التيارات الثقافية العالمية..."


الديانة الاصلية لليابان لم تكن البودية وانما كانت الـ شينتو او shinto ومن ثم دخلت عليها البودية في القرن السادس بعد الميلاد . وما بين الـ 600 والـ 900 ميلادي ظهرت ديانة او شبه ديانه جديدة عبارة عن خليط من الاولتين وتسمى بي الـ Confucianesim.


ثانيا، اليابان هي ليست جزيرة معزولة عن العالم وانما عدة جزر كبيرة وصغيره حيث الجزر الكبير او الاساسية تعد باربع جزر يتبعها جزر اصغر من ذلك وعددها لا يستهان به قطعا ويساوي 3000 جزيرة.. فكيف تكون جزيرة معزولة حسب النابلسي؟!!


ثالثا، لا اتفق ان اليابان كبلد متعلق او يعتمد على الجسد والمادة كديانه بالرغم انه الديانة الاصليه له السنتو كانت مكونة من عبادة الطبيعة


 اساسا، لكن الشعب الياباني شعب روحاني جدا متعلق بتمثيل الروح والقيم بشكل كبير جدا والذي اوصله الى بر الامان من ناحية التقدم الصناعي والتغلب على كوارث الحرب العالمية الثانية خاصة بعد قنبلتين ذريتين القيتا عليه، وثم حادثة التسونامي الحيدثة العهد. وفي هذا الباب حتى يتم نقض ما يقوله النابسلي عن مدى التصاق الشعب الياباني بالروحانية اكثر من المادنية ما يقوله الكاتب الاجنبي الذي تم نقله ونسخه في الموضوع اعلاه، البرت اليكس :


"يقول ألبرت أليكس: (إن اليابان لم تستطع أن تتفوق هذا التفوق الاقتصادى المذهل دون أن تكون قد استلهمت الكثير من مبادئ وأفكار الشرق القديم والحديث، ودون أن تكون قد تمسَّكت بالجوانب الروحية الكثيرة التى كانت سائدة فيها والتى أفادت اليابان فى أن تضع لنفسها دستوراً اقتصادياً حكيماً، أفادها فى مسيرتها الاقتصادية الحالية الظافرة."


اذن شكرا ايضا وفوق كل شي لتمسك الشعب الياباني بالجوانب الروحية الكثيرة وهذا ما اتفق معه تماما واخالف كليا الكاتب النابلسي وطبعا لا اتفق ايضا مع  اخي خالد اذا يشاطره الراي نفسه.


رابعا، اليابان كبلد يفوق بلدان غربية متققدمة كثيرة منها فرنسا وايطاالي واسبانيا وغيرهم من الدول بارغم من ان هذه الدول اتصالها الجغرافي والحضاري والدين متوصال وممتد في جذور القارة العجوز نفسها اوروبا ولكت هي هات حيث التقدم في هذه البلدان موجود صحيح ولكن لا يضاهي تقدم اليابان وقوته الصناعية لانهه كما نقول " المعدن" هو الاساس واليابانيون لديه ممعدن نظيف وخالص وقل من الشوائب وليس على غرار العشوب الاوروبية التي ذكرتها بالتحديد.


بالنهياة كل شعب له قصته وصعوده ومن ثم هاويته.. وبصراحة العرب تاريخيا ليس لديهم ما يذكر ولكن هي الحضارة الاسلامية التي وضعت كل شعوب المنطقة من عرب وفرس وعجم في بوتق واحد وصهرتها ومن ثم اخرجت ما اخرجت من تقدم وحضارة نراها  حتى ايامنا هذه.


طبعا كل الشكر لاخي الكريم خالد وبارك الله فيه مرة اخرى على الموضوع هذا.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-12
مقالات منشورة : 438
اجمالي القراءات : 3,182,791
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 400
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt